في السنة النبوية
وَأَخْرَجَ
الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إنَّ اللَّهَ
تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتْ الرَّحِمُ
فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِك مِنْ الْقَطِيعَةِ، قَالَ نَعَمْ
أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَك وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَك؟
قَالَتْ بَلَى، قَالَ فَذَاكَ لَك ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ
إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا
أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ
وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}). وَأخرج التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ
صَحِيحٌ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.


لا يدخل الجنة قاطع رحم كما ورد في الحديث
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ - أَيْ
أَحَقُّ - أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا
مَعَ مَا يَدَّخِرُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ
الرَّحِمِ).
وَالشَّيْخَانِ: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ). قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي قَاطِعَ رَحِمٍ.
وعن أبي
بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ - ثلاثاً - قلنا: بلى يا رسول الله، قال:
الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور
وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفقٌ عليه.

وَأخرج
الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ: (كَانَ ابْنُ
مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَالِسًا بَعْدَ الصُّبْحِ فِي حَلْقَةٍ
فَقَالَ: أَنْشُدُ اللَّهَ قَاطِعَ رَحِمٍ لَمَا قَامَ عَنْهُ فَإِنَّا
نُرِيدُ أَنْ نَدْعُوَ رَبَّنَا وَإِنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ مُرْتَجَةٌ -
أَيْ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ وَالْجِيمُ مُخَفَّفَةٌ - مُغْلَقَةٌ دُونَ قَاطِعِ
رَحِمٍ).
ورُوِيَ
عَنْ الْبَاقِرِ أَنَّ أَبَاهُ زَيْنَ الْعَابِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا قَالَ: لَا تُصَاحِبْ قَاطِعَ رَحِمٍ فَإِنِّي وَجَدْته
مَلْعُونًا فِي كِتَابِ اللَّهِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ وَذَكَرَ
الْآيَاتِ الثَّلَاثَ السَّابِقَةَ، آيَةَ الْقِتَالِ (سورة محمد)وَاللَّعْنُ فِيهَا صَرِيحٌ، وَ(سورة الرَّعْدَ) وَاللَّعْنُ فِيهَا بِطَرِيقِ الْعُمُومِ ؛ لِأَنَّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ يَشْمَلُ الْأَرْحَامَ وَغَيْرَهَا، و(َالْبَقَرَة)َ وَاللَّعْنُ فِيهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِلْزَامِ إذْ هُوَ مِنْ لَوَازِمِ الْخُسْرَانِ.

وَقَدْ نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ اتِّفَاقَ الْأُمَّةِ عَلَى وُجُوبِ صِلَةِ الرَّحِمِ وَحُرْمَةِ قَطْعِهَا.

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ بِالْحُقُوقِ، وَلَا تَجْفُوهَا بِالْعُقُوقِ.

وَقَالَ
بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: صِلُوا أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّهَا لَا تُبْلَى
عَلَيْهَا أُصُولُكُمْ، وَلَا تُهْضَمُ عَلَيْهَا فُرُوعُكُمْ.
وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: مَنْ لَمْ يَصْلُحْ لِأَهْلِهِ لَمْ يَصْلُحْ لَك، وَمَنْ لَمْ يَذُبَّ عَنْهُمْ لَمْ يَذُبَّ عَنْك.
وَقَالَ
بَعْضُ الْفُصَحَاءِ: مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ وَصَلَهُ اللَّهُ وَرَحِمَهُ،
وَمَنْ أَجَارَ جَارَهُ أَعَانَهُ اللَّهُ وَجَارَهُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ:
وَحَسْبُك مِنْ ذُلٍّ وَسُوءِ صَنِيعَةٍ *** مُنَاوَاةُ ذِي الْقُرْبَى وَإِنْ قِيلَ قَاطِعُ
وَلَكِنْ أُوَاسِيهِ وَأَنْسَى ذُنُوبَهُ *** لِتُرْجِعَهُ يَوْمًا إلَيَّ الرَّوَاجِعُ
وَلَا يَسْتَوِي فِي الْحُكْمِ عَبْدَانِ : *** وَاصِلٌ، وَعَبْدٌ لِأَرْحَامِ الْقَرَابَةِ قَاطِعُ