منتدي المركز الدولى


تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )  Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )  1110
تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )  Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )  61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى


تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )  Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )  1110
تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )  Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )  61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي المركز الدولى،منتدي مختص بتقديم ونشر كل ما هو جديد وهادف لجميع مستخدمي الإنترنت فى كل مكان
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
Awesome Orange 
Sharp Pointer
منتدى المركز الدولى يرحب بكم أجمل الترحيب و يتمنى لك اسعد الاوقات فى هذا الصرح الثقافى

اللهم يا الله إجعلنا لك كما تريد وكن لنا يا الله فوق ما نريد واعنا يارب العالمين ان نفهم مرادك من كل لحظة مرت علينا أو ستمر علينا يا الله

 

 تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ايهاب المصرى
مراقبة
مراقبة
ايهاب المصرى


العضو المميز

وسام الابداع

عدد المساهمات : 61
تاريخ التسجيل : 01/02/2014

تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )  Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )    تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )  Icon_minitime1السبت 1 فبراير - 11:50

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )
فضائل سورة الفاتحة كثيرة، منها: أنها أعظم سورة في القرآن، وقد احتوت على أنواع التوحيد الثلاثة، ولم ينزل في التوراة ولا الإنجيل مثلها، ولا تجزئ العبد صلاته إلا بقراءتها، ولها فوائد وأحكام ومعان عظيمة جعلتها هي السبع المثاني والقرآن العظيم.
مسائل تتعلق بسورة الفاتحة

  نزول سورة الفاتحة
سورة الفاتحة مكية، ويدل على ذلك قوله تعالى في سورة الحجر: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعَاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الحجر:87]، والسبع المثاني والقرآن العظيم بتفسير النبي صلى الله عليه وسلم: هي فاتحة الكتاب ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاتحة الكتاب هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته).وقوله تعالى في سورة الحجر: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الحجر:87] وسورة الحجر مكية بالإجماع، فدل ذلك على أن سورة الفاتحة مكية أيضاً، ويؤيد القول بأنها مكية أيضاً بأن الصلاة فرضت بمكة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب).فهذان دليلان يدلان على أن السورة مكية.
  أسماء سورة الفاتحة
لسورة الفاتحة عدة أسماء:-منها: الفاتحة.-ومنها: أم الكتاب.-ومنها: أم القرآن.-ومنها: الشافية.-ومنها: الرُّقْية.-وثَمَّ أسماء أخر لهذه السورة الكريمة.
  فضائل سورة الفاتحة
لقد ثبت في فضلها جملة من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.منها: ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً مع أصحابه، إذ سمع نقيضاً، فقال له جبريل: يا محمد، هذا ملك نزل من السماء لم ينزل قبل اليوم، فقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي من الأنبياء قبلك: سورة الفاتحة، وخواتيم سورة البقرة).وهذا الحديث: أفاد أن ملكاً نزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه البشارة.وقد حمل بعض أهل العلم القول بأن الملك هو الذي نزل بالفاتحة وخواتيم البقرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينزل بهما جبريل.لكن هذا القول مدفوع، فإن الملك نزل مبشراً بفضل سورة الفاتحة ولم ينزل بأصل سورة الفاتحة، وإلا فالكتاب العزيز كله نزل به الروح الأمين، كما قال الله سبحانه: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:193-195].فالفاتحة شأنها شأن غيرها في هذا.- ومن فضائلها كذلك: ما أخرجه البخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى قال: (كنت أصلي، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فأقبلت على صلاتي، ثم انصرفت منها، فأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي: ما منعك أن تأتي إذ دعوتك؟ قلت: يا رسول الله! إني كنت في صلاة، قال: ألم يقل الله: اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ [الأنفال:24] ، ثم قال: لأعلمنك أعظم سورة في كتاب الله، ثم انصرف ولم يخبرني، فتبعته، فقلت: يا رسول الله! قلت: لتعلمنني أعظم سورة في كتاب الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فاتحة الكتاب هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته)، وهي أعظم سورة في كتاب الله. - وورد في فضلها كذلك: قول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي الذي أخرجه مسلم : (قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي قسمين، ولعبدي ما سأل: إذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3] قال: أثنى عليَّ عبدي، فإذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:3] قال: مجدني عبدي، فإذا قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:6] قال الله: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل).فقوله: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي)، المراد بالصلاة هنا: الفاتحة، فأحياناً الصلاة تأتي ويراد بها معناها المعهود الذي هو افتتاحها بالتكبير، وانتهاؤها بالتسليم. وأحياناً تأتي كلمة (الصلاة) ويراد بها الدعاء، وأحياناً تأتي كلمة الصلاة ويراد بها تلاوة القرآن، كما قال الله سبحانه: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ [الإسراء:110] أي: لا تجهر بقراءتك وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً [الإسراء:110]، وهنا أريد بالصلاة الفاتحة. أعني في قوله سبحانه في الحديث القدسي: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي قسمين).- ومما ورد في فضلها كذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب).فهذه الأدلة تدل على فضل هذه السورة الكريمة، ومن ثَمَّ افتُتِح بها كتاب الله عزَّ وجلَّ.
  تفاضل بعض السور على بعض
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لأعلمنك أعظم سورة في كتاب الله) يدل على تفاضل بعض السور على بعض، أو على فضل بعض السور على بعض، وإن كان القرآن كله من عند الله سبحانه إلا أن بعضَ الآيات تفضُل بعضاً، وبعضَ السور تفضُل بعضاً.قال النبي صلى الله عليه وسلم لـأبُي بن كعب : (يا أبُي ! أتدري أي آية في كتاب الله معك أعظم؟ قال: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255] وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده في صدره، وقال: ليهنك العلم أبا المنذر ).فدل هذا على فضل آية الكرسي على غيرها.ودل حديث أبي سعيد بن المعلَّى على فضل سورة الفاتحة على غيرها.وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه كما في صحيح مسلم: (احشدوا، فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن، فاجتمعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج فقرأ عليهم سورة الإخلاص: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وقال: والذي نفسي بيده! إنها لتعدل ثلث القرآن).فدل هذا على تفاضل بعض السور، وعلى فضل بعض الآيات على بعض، وإن كان الكل من عند الله سبحانه وتعالى.
  قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية
هل تجب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية أم لا تجب؟هذه المسألة من المسائل التي وردت فيها أقوالٌ لأهل العلم، حاصلها:أن جمهور أهل العلم يقولون: أن قراءة الإمام قراءةٌ لمن خلفه، واستدلوا بحديث: (من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة)، وهذا الحديث في كل طرقه مقال، إلا أن بعض أهل العلم يقويه بمجموع طرقه، والبعض يبقيه على حاله من الضعف، واستؤنس لهذا القول أيضاً بأن أبا بكرة رضي الله عنه قَدِم والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فكان راكعاً فركع خلف الصف ثم دخل في الصف، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: (زادك الله حرصاً ولا تعد) قالوا: ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإتيان بركعة جديدة.أما الإمام البخاري رحمه الله تعالى وطائفة من أهل العلم فقد روَوا أنه لا بد من قراءة الفاتحة، مستدلين بالحديث الثابت الصحيح: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب).وبحديث: (أيما رجل صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج فهي خداج فهي خداج) أي: فهي ناقصة فهي ناقصة.وعلى كلٍ فللعلماء القولان المشهوران في هذا الباب، وبأيهما أخذ الشخصٌ وسعه ذلك.
أحكام تتعلق بالبسملة

  الخلاف في كون البسملة آية من الفاتحة
قال تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ : هل هي آية من سورة الفاتحة أم ليست بآية منها؟أيضاً: نفس الخلاف دب بين العلماء:- فمن أهل العلم من اعتبرها آية من الفاتحة؛ مستدلاً بقول الله جل ذكره: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعَاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الحجر:87]، وتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم للسبع المثاني بأنها الفاتحة، قالوا: ولا تكمل سبعاً إلا إذا اعتبرنا البسملة آيةً منها.وكذلك استدلوا بأنها أثبتت في المصاحف في أول سورة الفاتحة، وفي أول كل سورة، فدل إثباتها من عهد الصحابة إلى الآن على كونها آيةً من سورة الفاتحة ومن غيرها.واستدلوا أيضاً: بأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه، فقال: (لقد أنزلت عليَّ سورة هي أحب إليَّ من كذا وكذا، ثم قال: بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ * إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ [الكوثر:1])، فأتى على السورة إلى آخرها.أما الذين قالوا: إنها ليست آية من الفاتحة؛ فقد استدلوا بقول الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي قسمين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] قال الله: حمدني عبدي)، ولم تُذْكر البسملة.واستدلوا كذلك بقول جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: (اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ، قال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ [العلق:1-2])، ولم تُذْكر البسملة في مطلع هذه السورة.قالوا: فدل ذلك على أنها ليست بآية.فهذان وجهان لأهل العلم في هذا الباب، والأمر في ذلك قريب، فأيُّ القولين قلدتَ فلا جناح عليك ولا تثريب، فقد شهدت لكل رأي أدلتُه، وعمل به من السلف عددٌ لا يحصيهم إلا الله سبحانه وتعالى، وإن كان الظاهر أن الرأي القائل باعتبارها آيةً رأيٌ له قوته؛ لقوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعَاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الحجر:87] والأدلة الأُخَر ليس فيها نفيٌ صريحٌ لذلك.والله أعلم.
  حكم الجهر بالبسملة في الصلاة
إذا ثبت أن البسملة آية فهل يُجْهَرُ بها في الصلاة، أم يُسَرُّ بها؟ورد في ذلك حديث أنس رضي الله تعالى عنه في صحيحي البخاري ومسلم، وفيه: (صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يفتتحون الصلاة بـالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]) وزاد مسلم : (... لا يذكرون بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ ) فاستدل بهذا من قال: يُسَرُّ بالبسملة ولا يجهر بها.أما الذين قالوا بالجهر بها، فأجابوا على ذلك: بأن مراد أنس رضي الله عنه: (كانوا يفتتحون القراءة بـالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2])، أي: يفتتحون القراءة بالفاتحة وليس فيه تعرُّضٌ لنفي البسملة أو إثباتها.أما قول القائل الوارد في صحيح مسلم: ( لا يذكرون بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ ) فهي زيادة مدرجة زادها بعض الرواة، وليست من قول أنس ، إنما زادها بعض الرواة توهماً منه أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يفتتح القراءة بـالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] أنه لا يذكر البسملة، قالوا: وقد أخطأ في هذا التوهم.واستدل القائلون بأن البسملة لا يُجْهَرُ بها: بما أخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن مغفل عندما سأله ابنه عن الجهر بالبسملة فقال: (يا بني! بدعة)، وهذا الحديث في إسناده رجل مجهول، والظاهر أنه ضعيف كذلك.أما الذين ذهبوا إلى مشروعية الجهر بـبِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ فمن أدلتهم:أولاً: إذا كانت آيةً فيُجْهَرُ بها كما يُجْهَرُ بسائر الآيات.ثانياً: (أن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه صلى صلاة فكان يكبر فيها عند كل خفض ورفع، وجَهَرَ فيها بـبِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ ، ولما انصرف قال: إني أشبهكم صلاةً بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم)؛ إلا أن فريقاً من أهل العلم قال: إن وجه الشبه انصب على التكبير الذي استُنْكر على أبي هريرة ، فقد صلى أبو هريرة رضي الله عنه وكان يكبر عند كل خفض ورفع، فقالوا له: (ما هذا التكبير يا أبا هريرة ؟ قال: إني أشبهكم صلاةً بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم).ثالثاً: أن عموم الأعمال تُبْتَدأ وتُفْتَتح بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)، فالطعام يُبْدأ بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)، ودخول البيت يُبْدأ بـ(باسم الله)، وأخذ المضجع يُبْدأ بـ(باسم الله)، وكذلك إتيان الرجل أهله يُبْدأ بـ(باسم الله)، وكذلك إرسال كلبك المعلَّم للصيد ترسله بـ(باسم الله)، وكذلك الرُّقْيَة تُبْدأ بـ(باسم الله): باسم الله أَرْقيك، -ثلاثاً-، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر -سبعاً-، وكذلك الرسائل تُسَطَّر بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)، وبنود المصالحات تُسَطَّر وتُقَدَّم بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)، فقالوا: يُبْدأ بها، وما دمنا نبدأ بها -وقد وجهنا حديث الإسرار بالتوجيه السابق- فعلى ذلك لا مانع من الجهر بها.والحاصل: أنك إذا جهرت أحياناً وأسررت أحياناً بها فلا غبار عليك ولا جناح، فمثلاً: إذا صليت مع قومٍ ولك قول من القولين ولهم هم القول الآخر، وتحاملوا عليك حتى تبدأ بها، فلك مستندك أيضاً.فالذي يظهر: أن الأمر في ذلك كله واسع.
  معنى البسملة
بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ أو (باسم الله) أو يطلق عليها (البَسْمَلَة)، وهي لغة مُوَلَّدَة، قال بعض أهل العلم: وهي مما اختُصَّت به لغة العرب، فتقول: (الحَمْدَلَة)، ويراد بها: (الحمد لله)، وتقول: (السَّبْحَلَة)، ويراد بها: (سبحان الله)، وتقول: (الحَسْبَلَة) ويراد بها: (حسبي الله ونعم الوكيل)، ويقولون: (الطَّبْقَلَة)، ويريدون بها: (أطال الله بقاءك)، وهكذا.فـ(باسم الله) إطلاق (البَسْمَلَة) عليها على أنها لغة مُوَلَّدَة.(باسم الله) من أهل العلم من قال: معناها: أبتدئ باسم الله، أو ابتدائي باسم الله.ثم منهم من قال: (اسم) هنا زائدة، وأوَّلَ ذلك تأويلاً، فقال: معناها: أبتدئ مستعيناً بالله، وقد استدل هذا القائل على مقولته ببيت من الشعر فيه:إلى الحول ثم اسم السلام عليكماومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذرواستنكر الطبري رحمه الله تعالى هذا التأويل، ووجه البيت الشعري بتوجيهين.وبيت الشعر مطلعه ابتداءً:تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما وهل أنا إلا من ربيعة أو مضرفقوما وقولا بالذي قد علمتما ولا تخدشا وجهاً ولا تحلقا شعر إلى أن قال:إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر فالرجل يقول لابنتيه: إذا كان ثم بكاء فلتبكياني إلى الحول، أي: إلى سنة، وبعد السنة قال:... ... ... اسم السلام عليكما ... ... ... ... ... ...فقال المؤوِّل الأول: ثم السلام عليكما.أما الطبري فقال:... ... ثم اسم السلام عليكما ... ... ... ... ... ...تحتمل احتمالين:- أي: سلام الله عليكما، فلا تبكياني، فقد أديتما الذي عليكما.- الوجه الآخر: ثم الزما ذكر الله سبحانه وتعالى بعد انقضاء الحول.الشاهد: أن معنى قوله تعالى: بِاسْمِ اللهِ أي: أبتدئ باسم الله، أو ابتدائي باسم الله.
  معنى (الرحمن)
أما الرَّحْمَنِ فهو اسم من أسماء الله سبحانه، أثبته الله لنفسه، وأثبته له أنبياؤه عليهم الصلاة والسلام.وكان أهل الشرك يستنكرون هذا الاسم، ومن ثم قال الله سبحانه: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيَّاً مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الإسراء:110].ومما يدل على استنكارهم له -أي: استنكار أهل الشرك له-: في صلح الحديبية لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لـعلي : (يا علي ! اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، فاعترض سهيل بن عمرو على ذلك، وقال: لا تكتب الرحمن، ولا تكتب الرحيم، فإنا لا ندري ما الرحمن، ولكن اكتب: باسمك اللهم) فكان أهل الجاهلية يستنكرون هذا الاسم، ويقولون: (لا نعرف إلا رحمان اليمامة)، ويعنون بذلك مسيلمة الكذاب ، ولقد وُسِم أنه كذاب -كما قال فريق من أهل العلم- لكونه لقب نفسه وسمى نفسه بهذا الاسم: الرحمن، فمع أن هناك من الكذابين الكثير، كـالعنسي صاحب صنعاء، وكـالمختار بن أبي عبيد ، وغيره من الكذابين، إلا أن أكثرهم لصوقاً بالكذب هو مسيلمة الكذاب ، فلا يقال له إلا: مسيلمة الكذاب ، فهذا بالنسبة لاسم الرحمن.ولذلك قال بعض أهل العلم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أحب الأسماء إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن)، وقد وردت في هذا الحديث زيادة نوزِع فيها، (وأصدقها: حارث وهمام).
  حكم التسمي بالرحمن
من أهل العلم من قال: إن (الرحمن) اسم خاص بالله سبحانه، لا يشاركه فيه غيره، فثَمَّ أسماء لله سبحانه وتعالى قد تطلق على أشخاص كألقاب أو صفات، فمثلاً:- اسم (العزيز): قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ [يوسف:51]، وقال الله سبحانه وتعالى عن نفسه: الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ [الحشر:23].- واسم (المؤمن): تَسَمَّى الله به، وسَمَّى عبادَه المؤمنين، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن من الشجر شجرة مَثَلُها مَثَلُ المؤمن).- واسم (الأعلى) قال الله سبحانه وتعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1]، وقال لموسى عليه السلام: قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى [طه:68].- واسم (العظيم)، قال سبحانه: وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ [الواقعة:46].لكن اسم (الرحمن) على وجه الخصوص لم يَتَسَمَّ به أحد، ولا يجوز لأحد أن يسمي نفسه بـ(الرحمن)، فهو من أسماء الله سبحانه وتعالى الذي لا يتسمى به إلا هو سبحانه وتعالى، فهو خاص في دلالته وواقع في معناه، فرحمته وسعت كل شيء في الدنيا.
  معنى (الرحيم)
أما الرَّحِيْمِ : فقد قال الله سبحانه وتعالى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]، وهذا في وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم.وقال النبي صلوات الله وسلامه عليه: (وأهل الجنة ثلاثة: رجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومؤمن) فـ(الرحيم) أعم في المدلول أخص في المعنى، فإن (الرحيم) -كما قال تعالى: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب:43]- فـ(الرحمة) خاصة بأهل الإيمان في الآخرة، وإن أطلقت في الدنيا وعمَّت، كما في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ [البقرة:143].
  الاختلاف في تحديد اسم الله الأعظم
قال تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ من أهل العلم من قال: إن اسم الله الأعظم هو (الله) سبحانه وتعالى، وليس هناك من الكتاب ولا السنة ما يدل على ذلك صراحةً؛ لكن قول القائل: إن لفظ الجلالة (الله) أُتْبِعَت به كل الأسماء، فمثلاً: يقول الله سبحانه: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ [الحشر:23] فكلها نسبت إلى الله.هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ [الحشر:24].كذلك: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255].كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعةً وتسعين اسماً).فكلها نسبت إلى الله سبحانه؛ ولكن هذا ليس بمستند كافٍ كي يُقَرر أن اسم الله الأعظم هو (الله)، صحيح أن اسم الله سبحانه وتعالى (الله) لا يشاركه فيه غيره، ولا يُثنى ولا يُجمع، فهذه حقائق وثوابت؛ لكنها ليست كافية للقطع بأن اسم الله الأعظم هو (الله)، أما الله سبحانه وتعالى فنسبت إليه كل صفات الكمال سبحانه وتعالى على ما تقدم.
تفسير قوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين)
قال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]: (الحمد لله) كما قال العلماء: كلمة كل شاكر، وهي كلمة رضيها الله سبحانه وتعالى وقبلها من عباده، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، وأن يشرب الشربة فيحمده عليها).
 مواطن الحمد
الحمدلة تقال في الابتداء وعند الانتهاء كذلك.في الابتداء: الحمد لله رب العالمين، بدئت بها السورة.وفي ختام المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك.وعند المنام: الحمد لله الذي كفانا وآوانا.وعند الاستيقاظ: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور.وعند الركوب: تذكر كذلك مُضَمَّنَةً في قوله تعالى: ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ [الزخرف:13].وفي شتى المواطن تذكر: وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [يونس:10].وكذلك: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ [الأعراف:43].
  التفريق بين الحمد والشكر
من أهل العلم من سوى بين الحمد والشكر، فيقولون: الحمد والشكر يأتيان بمعنىً واحد.ومنهم من فرَّق، فقال: (الحمدُ لله) حمدٌ لله سبحانه على صفاته اللازمة وأفعاله المتعدية إلى خلقه.وأما الشكر: فلا يكون إلا في الأفعال المتعدية إلى الخلق، ويكون باللسان وبالجنان وبالأركان، كما قال الشاعر:أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجباقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]: إذا قالها العبد، قال الله سبحانه وتعالى كما في الحديث القدسي: (حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3] قال الله: أثنى علي عبدي).
  تكرار الرحمن الرحيم في سورة الفاتحة
مِن أهل العلم مَن أورد هنا تساؤلاً فحواه: إن بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ صُدِّرَت بها السورة، فلماذا كُرِّر قوله تعالى: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3]؟فأجاب بعضهم على ذلك بما حاصلُه: أن ذلك من باب الترغيب والترهيب، فكلمة (رب العالمين) تتضمن ترهيباً وتخويفاً، فبعد هذا الترهيب والتخويف جيء بـالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3] التي تتضمن ترغيباً.وهذا سائد في كتاب الله ومنه: غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ [غافر:3].وقال تعالى: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ [الحجر:49-50].وقال تعالى: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:98].فيُمْزَج الترغيب بالترهيب في كتاب الله في عدة مواقف.وعلى هذا ينبغي للمذكِّر الذي يذكِّر الناس بربهم أن يمزج بين الترغيب فيما عند الله وبين الترهيب مما أعده الله سبحانه وتعالى للعصاة.هذا وجه ساقه بعض أهل العلم في ذلك.
  معاني (الرب)
قال تعالى: رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:1]: (الرب) لها جملة من معانٍ: - فـ(الرب) تطلق على المالك، ومنه قولهم: رب الدار، أي: صاحب الدار ومالك الدار.- و(الرب) تطلق على المعبود، ومنه قول الشاعر:أَرَبٌّ يبول الثعلبانُ برأسهفقد خاب من بالت عليه الثعالبُ- و(رب) كذلك تطلق على المربي والمصلح.- و(رب) كذلك تطلق على السيد الذي عنده أمة أو عنده عبد، كما قال الصدِّيق يوسف عليه السلام: إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ [يوسف:23]، وكما قال: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ [يوسف:50]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أن تلد الأمة ربتها).والله سبحانه وتعالى أعلم.
  معاني (العالمين)
أما الْعَالَمِينَ فتأتي وتحتمل عدة معانٍ: - فمنها: البشر، ومنه قول لوط عليه السلام: أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ [الشعراء:165] أي: من البشر.- وتأتي أحياناً كلمة (العالمين) ويراد بها: الإنس والجن، كما في قوله تعالى: تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان:1].- وتأتي كلمة (العالمين) ويراد بها: السماء والأرض وما بينهما، كما قال فرعون لموسى: وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إنْ كُنتُمْ مُوقِنِينَ [الشعراء:23-24].وعلى ذلك فيؤخذ من المعاني المعنى المناسب للسياق الذي وردت فيه الآية، وكما قدمنا فإن ضلال مَن ضل من الفرق كان بسبب إلباس كلمة معنىً غير معناها، وإن كان معناها يحتمل هذا المعنى؛ لكنها سيقت في موطن لا تتحمل إلَّا معنىً معيناً، فحملها البعض على معنىً آخر من المعاني، فضلُّوا كثيراً وأضلُّوا غيرهم وضلُّوا عن سواء السبيل.فالكلمة يكون لها عدة معانٍ، فإذا ألبستها في موطن ثوباً ومعنىً غير معناها الذي يليق بالسياق انحرفتَ وابتعدتَ، ككلمة (السيئة) وكلمة (الفسق) وكلمة (الكفر) ونحوها من الكلمات، فكلمة (الفسق) تتعدد معانيها، وكذلك (الكفر)، وكذلك (الظلم)، فإذا ألبستها في موطن معنىً غير معناها ضللتَ وما كنتَ من المهتدين، كما فعل الخوارج -مثلاً- عند قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)، وكما فعلوا عند قوله عليه الصلاة والسلام: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)، وكما فعلوا كذلك عند قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اثنتان في الناس هما بهم كفر: النياحة على الميت، والطعن في الأنساب).فهذا علم يجب أن يُنْتَبَه إليه ويُتَفَطَّن له.فكلمة (السيئة) -مثلاً-:- تأتي بمعنى الكفر.- وتأتي بمعنى الكبيرة.- وتأتي بمعنى الصغيرة.وكأمثلةٍ لذلك: قوله سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [يونس:27]، فالسيئات هنا بمعنى الكفر لدلالة قوله تعالى: هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [يونس:27].وتأتي بمعنى الكبيرة أحياناً، كما في قول ربنا سبحانه وتعالى في شأن قوم لوط: وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ [هود:78].وتأتي بمعنى الصغيرة أحياناً، كما في قوله تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31].
  ثناء الله تعالى على نفسه
قال الله سبحانه وتعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]: حمد ربنا سبحانه وتعالى نفسه، وهذا الظاهر المتبادر من الآية.ومن أهل العلم من قال: إنها آية خبرية تحمل معنى الأمر، أي: قولوا: الحمد لله رب العالمين، قالوا: وهذا كما في قوله تعالى: وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً [آل عمران:97] فمعناه: أمِّنوا أيها الناس مَن دَخَل الحرم.لكن أكثر أهل العلم على أن ربنا سبحانه وتعالى حمد نفسه؛ ولكن لا يجوز لنا نحن أن نحمد أنفسنا، ولا أن نزكي أنفسنا، فقد قال الله سبحانه وتعالى: فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [النجم:32]، وقال سبحانه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً [النساء:49]. فنحن ليس لنا أن نزكي أنفسنا، ولا أن نثني عليها إلا في موطن دعت إليه الحاجة والضرورة عند قومٍ يجحدون المعروف وينكرون الإحسان، كما قال عثمان رضي الله عنه لمن حاصره: (أناشدكم الله! ولا أناشد منكم إلا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم! هل سمعتم رسول الله يقول: مَن حفر بئر رومة فله الجنة، فحفرتُها؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أناشدكم الله! هل سمعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من جهَّز جيش العسرة فله الجنة فجهَّزتُه؟ قالوا: اللهم نعم).فهذه مواطن يجوز للشخص لعلة من العلل أن يثني على نفسه إذا كان هناك مفهوم قد خفي على المخاطَب، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام للأنصار: (ألم أجدكم عالةً؛ فأغناكم الله بي؟ ألم أجدكم متفرقين؛ فألفكم الله بي؟!) إلى غير ذلك.الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]: كلمة إذا قلتَها أُثِبت عليها وكُتبت لك بها صدقة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولك بكل تحميدة صدقة)، وكذلك رضيها الله سبحانه وتعالى منك، وزادك الله سبحانه وتعالى من فضله، فهي تتضمن معاني الشكر، والله يقول: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم:7].
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ايهاب المصرى
مراقبة
مراقبة
ايهاب المصرى


العضو المميز

وسام الابداع

عدد المساهمات : 61
تاريخ التسجيل : 01/02/2014

تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )    تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )  Icon_minitime1السبت 1 فبراير - 11:55

وتضمنت سورة الفاتحة إفراد الله تعالى بالعبادة والاستعانة، فلا يعبد إلا الله، ولا يستعان إلا بالله فيما لا يقدر عليه إلا الله، وهذه العبادة الخالصة هي الصراط المستقيم الذي يسأل العبد ربه أن يوفقه ويهديه إلى سلوكه في كل ركعة، والابتعاد عن صراط المغضوب عليهم والضالين.
تفسير قوله تعالى: (مالك يوم الدين)
قال تعالى: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4]: في قوله تعالى: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] قراءتان مشهورتان:إحداهما: مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:3]، بدون ألف.والأخرى: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4].ومن ناحية الشواهد العامة فـ: (ملك يوم الدين) تشهد لها: مَلِكِ النَّاسِ [الناس:2]، ومَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] تشهد لها: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ [آل عمران:26]، فالقراءتان صحيحتان. أما يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] فهو يوم الجزاء والحساب، فإن سأل سائل: كيف والله سبحانه وتعالى مالك الدنيا ومالك الآخرة، هو المالك الآن والمالك بالأمس والمالك في الغد، وهو مالك على الدوام وملك على الدوام، فكيف قيل: ملك يوم الدين؟أجاب فريق من أهل العلم على ذلك بما حاصله: أن الدنيا قد ينازع منازع ويدعي لنفسه الملك، كهذا العتل الجبار الذي قال: أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ [البقرة:258]، أو كالآخر الذي قال: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى [النازعات:24]، وقال: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38]، لكن كل هذا ينتهي يوم القيامة، ويقول الله سبحانه وتعالى: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16]، فلا منازع آنذاك ينازع، والله سبحانه وتعالى أعلم.قال تعالى: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:4-5]، كما تقدم أن العبد إذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] قال الله: مجدني عبدي.
تفسير قوله تعالى: (إياك نعبد وإياك نستعين)
قال تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة:5] قدم المفعول على الفاعل للاختصاص، أي: لا نعبد إلا إياك، ولا نستعين إلا بك، وكما قال أعرابي لرجل حليم عاقل جلس يسبه ويلعنه، والحليم العاقل هادئ وساكن، فقال له الأعرابي الجاهل: إياك أعني -أي: أنا أقصدك أنت بشخصك، لما وجده لا يرد- قال: وعنك أعرض.وقوله: (نَعْبُدُ) العبادة كما يقول كثير من أهل العلم: هي اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه. وقوله: وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] الاستعانة هي طلب العون على العبادة، فلماذا قدم العبادة على الاستعانة؟ نقول: معنى كلمة: (نستعين) أي: نطلب منك العون يا رب، فدخول السين والتاء على الفعل تعني الطلب، ومنه: (نستهديك) أي: نطلب هدايتك، (نستغفرك): نطلب مغفرتك. فمن أهل العلم من قال: إنها من باب عطف الخاص على العام؛ لبيان أهمية هذا الخاص، كما قال الله سبحانه وتعالى: وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ [التحريم:4] ، فالملائكة عطفوا على جبريل، لكن مع الفارق، هذا عطف عام على خاص، وكما قال تعالى: فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ [الرحمن:68] ، فعطف الرمان الذي هو من الفاكهة على الفاكهة من باب عطف الخاص على العام؛ لبيان أهمية هذا الخاص. ومنه قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ [الأحزاب:7] ونوح من النبيين، وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [الأحزاب:7]، وكما قال تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ [النساء:163]، فهذا وجه من الوجوه. قالوا: هذا من باب عطف الخاص على العام؛ لبيان أهمية هذا الخاص.والقول الآخر: أن الاصطلاحات في كتاب الله سبحانه وتعالى قد تتسع معانيها أحياناً وتضيق أحياناً، فمثلاً: اصطلاح البر والتقوى، واصطلاح الإثم والعدوان.فالبر إذا أفرد في السياق دخل في معناه التقوى: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة:177] ، فحمل البر معنى التقوى. لكن إذا جاء (البر) مع كلمة (التقوى) في سياق واحد، فالبر يحمل على أفعال الخير التي تقرب الشخص من الله، والتقوى تحمل على اتقاء المعاصي التي يرد بها الشخص النار -والعياذ بالله-، فالتقوى تحمل على الاتقاء، والبر يحمل على فعل المعروف، هذا إذا اشتركا في سياق واحد.وكذلك الإثم والعدوان، فالإثم يطلق على الآثام التي يرتكبها الشخص في حق نفسه، أما العدوان فهو التعدي على الآخرين. كما قال سبحانه وتعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، ولكن إذا جاء الإثم مفرداً دخل في معناه العدوان.وكذلك العبادة والاستعانة، فأحياناً تأتي العبادة ويراد بها معنى أخص، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة)، وأحياناً تأتي ويراد بها معنى أعم.ومن معاني كلمة (عبد) أي: خضع ودان وذل، وتأتي العبادة ومعها المحبة، فعبد الله خاضع لله، وذليل لله مع حبه لله سبحانه وتعالى:فهنا فرق بين العبادة التي تأتي للشخص عن كره ، فشخص مثلاً يعبد شخصاً، أي: يخضع له ويذل له ويدين له مع كراهيته، لكن آخر يخضع لشخص ويدين له ويذل له مع محبته، فيقدم أمره فوق كل أمر، ويجعل نهيه مقدماً على كل نهي.فالعبادة تتضمن محبته سبحانه وتعالى والخضوع له والانقياد.إذاً: معنى كلمة عبد: خضع ودان وذل، فقولنا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة:5] أي: يا رب، نحن نخضع لك، وندين لك، ونتذلل لك، ونقوم بين يديك، ونمتثل أمرك، وننتهي عما نهيتنا عنه، ولا حول لنا عن معاصيك إلا إذا أعنتنا عليها يا رب، فقوله تعالى: وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] أي: نستعين بك يا رب على عبادتك.ويتأيد هذا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معاذ ! لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) فهو خرج من الصلاة لكنه طلب من الله العون على الذكر والشكر وحسن العبادة.ويدخل في ذلك أيضاً قوله تعالى: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ [هود:88].ويدخل في هذا أيضاً قول يوسف عليه السلام: وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ [يوسف:33].فالشاهد: أننا أعلنا أننا نعبد الله ولا نعبد غيره، ولكن طلبنا عونه سبحانه وتعالى على عبادته، فهنا اتضح وجه الربط بين: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5].فإذا فهم الشخص هذا المعنى لم يغتر بعبادته لربه، فالذي أعانه على العبادة هو الله سبحانه وتعالى، فكما قال رسولنا:اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينافأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا.وكما قال أهل الإيمان: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ [الأعراف:43]،فإذاً كما قال العلماء: إن عبادتنا لربنا نعمة تحتاج إلى شكر منا لمن أسداها إلينا وهو الله سبحانه وتعالى.فقوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] كما أسلفنا أن العبادات أحياناً تأتي ومعناها قاصر على أشياء، كما نقول مثلاً: فقه العبادات، ونعني بها فقه الصلاة وفقه الصيام وفقه الزكاة وأبواب الطهارة ونحو ذلك، وأحياناً تأتي عامة، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5].
تفسير قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم)
بعد هذا التمهيد الذي يؤخذ منه فقه للدعاء، جاء قولنا: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6].فقدمنا الدعاء الذي هو: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] بحمد الله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2].وبالثناء على الله: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3].وبتمجيد الله: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4].وبسؤال الله العون، ثم بعد ذلك ندعو.
 من آداب الدعاء
أخذ العلماء من الآية أدباً من آداب الدعاء، وهو: أنك إذا دعوت ربك سبحانه وتعالى فينبغي أن تقدم بين يدي الدعاء مقدمات، فلا تقل مباشرة: يا رب افعل لي وافعل لي، بل تأدب بآداب الدعاء وإن كان الأخير جائزاً أحياناً، لكن الأكمل أن تقدم آداباً من آداب الدعاء ومقدمات بين يدي الدعاء. سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو ولم يحمد الله ولم يثنِ عليه، ولم يصل على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: (إذا دعا أحدكم فليبدأ بحمد الله، والثناء عليه، والصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه).كذلك في حديث الشفاعة الطويل: (عندما تدنو الشمس من رءوس الخلائق يوم القيامة، يبلغ بالناس من الهم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقولون: بمن نستشفع؟ فيقولون: اذهبوا إلى آدم فإنه أبو البشر، خلقه الله بيده، وأسجد له ملائكته، وعلمه أسماء كل شيء، فيأتون إليه، فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، نفسي نفسي! اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح..) الحديث.وفي نهايته تنتهي الشفاعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال النبي عليه الصلاة والسلام قبل أن يشفع: (فأخر لربي ساجداً، فيفتح الله عز وجل عليّ بأنواع المحامد والثناءات لا أحصيها الآن ثم يقال لي: يا محمد! ارفع رأسك، واشفع تشفع، وسل تعطه) فسؤاله الشفاعة جاء بعد حمد الله والثناء عليه.وكذلك في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام في دعائه بالليل: (اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك حق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد صلى الله عليه وسلم حق، والساعة حق، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت، أو: لا إله غيرك).فقوله: (اغفر لي ما قدمت وما أخرت) جاء بعد قوله: (اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن) إلى آخر الحديث.وكذلك في صلاة الاستخارة: (إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب) ثم بعد ذلك يأتي بالدعاء -والركعات حملت حمداً وتسبيحاً وتمجيداً وتهليلاً وتكبيراً-.فإذا أردت أن تدعو ربك فاحمد الله واثنِ عليه بين يدي الدعاء، ولذلك قال العلماء: إن هناك مناسبة في قول رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن -أي: جدير- أن يستجاب لكم)، حيث جاء الدعاء في السجود بعد تعظيم الرب وتمجيده وتسبيحه سبحانه وتعالى في الركوع.فعلى ذلك عليك أن تنظر إلى كتاب الله وتستخرج منه المقدمات التي تقدم بها دعاءك، وتتوسل بها إلى ربك سبحانه، كما قال زكريا عليه السلام متأدباً بآداب الدعاء: إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا [مريم:3] وبدأ يظهر حاله من الانكسار لله: قَالَ رَبِّ [مريم:4] أي: يا رب إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي [مريم:4] أي: ضعف عظمي، وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا [مريم:4] أي: ضعفت قوتي، ونحل جسمي، وشاب شعر رأسي، وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا [مريم:4] أي: ما أشقيتني أبداً يا رب بالرد والحرمان، فأنت كريم كلما دعوتك أجبت، وكلما سألتك أعطيت، ما تعودت منك المنع، فأنت الكريم. ثم برر أيضاً مسألته، قائلاً: وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي [مريم:5] أي: خفت من أقاربي وبني عمي ألا يقيموا الدين، فليس فيهم فيما أرى رجل من أهل الصلاح يحمل هذا الدين، ويسوس بني إسرائيل: وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا [مريم:5] وبعد هذه المقدمة كلها يقول: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا [مريم:5-6].فجدير بك أن تستنبط آداب الدعاء من كتاب الله ومن سنة رسول الله، وتمهد له تمهيدات، تخرج من بيتك قائلاً: يا رب! خرجت من بيتي ألتمس فضلك ورزقك، تركت أماً عجوزاً كبيرة ووالداً شيخاً كبيراً في حاجة إلى فضلك ورزقك، فيا رب ارزقني برفق هؤلاء الضعفة. فهذه المقدمات تقربك إلى الله سبحانه، وتحيي قلبك الذي قد علاه الران، هذه المقدمات والاستهلالات بها يستجاب الدعاء بإذن الله، قال الرسول عليه الصلاة والسلام لـسعد لما رأى لنفسه فضلاً: (ابغوني ضعفاءكم، فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم؟).فلتظهر حالك من الانكسار لله، كما قال موسى عليه السلام: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص:24]، وكما قال أيوب عليه السلام: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83].فقدم مقدمات تثني بها على الله، كما قال الله تعالى: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180] ولا تمل من السؤال والدعاء، فالذي يعطي هذا وذاك هو الله سبحانه، لا يشغله كبير عن صغير، ولا جليل عن حقير.
 أنواع الهداية
قال تعالى: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] (اهدنا) من الهداية ومن الهدية، ومدار النعمة فيها على الإمالة، ومنه أطلق على الهدية هدية؛ لأنها تمال من مال شخص إلى مال شخص آخر، أو تمال من سقف إلى سقف آخر، ومنه: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم يتهادى بين رجلين) أي: يتمايل بين رجلين صلى الله عليه وسلم.فقوله تعالى: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] أي: مل بقلوبنا إلى الصراط المستقيم، ومنه قوله تعالى: إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ [الأعراف:156]، أي: ملنا بقلوبنا إليك.والهداية تنقسم إلى قسمين، وكلاهما مراد هاهنا:1- هداية دلالة، كما قال تعالى: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52].2- هداية توفيق، ومنها قوله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [القصص:56] أي: لا توفق من أحببت.فطلبنا هنا للهداية بقسميها: أن يوجهنا للخير، وأن يميل بقلوبنا إليه، ويوفقنا للعمل به. وفي الآية الكريمة رد على القدرية الذين يزعمون أن لا قدر وأن الإنسان هو الذي يختار لنفسه ما شاء! فنقول لهم: إذا كان الإنسان يختار لنفسه ما شاء، فلماذا تقولون في كل صلاة: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]؟ولماذا قال أهل الإيمان: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ [الأعراف:43]؟ولماذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام:اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا؟فلنسأل الله الهداية.
 معنى الصراط المستقيم
وقوله: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6] فسر الصراط المستقيم بأنه: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] ففسر الصراط المستقيم بالآية التي بعدها.ومن أهل العلم من قال: إن الصراط المستقيم هو الإسلام، والمعنى كله قريب. وقد ورد: (أن النبي صلى الله عليه وسلم خط خطاً مستقيماً وخط خطوطاً عن يمينه وعن يساره أو عن شماله، فقال: هذا سبيل الله مستقيماً وهذه سبل، على كل سبيل منها شيطان).
تفسير قوله تعالى: (صراط الذين أنعمت عليهم..)
قال تعالى: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7] المنعم عليهم فسروا في سورة النساء بقوله تعالى: فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا [النساء:69].وقوله: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7] أي: بالهداية والتوفيق، وأنعمت عليهم بالهداية كذلك، وأنعمت عليهم بعموم نعمك.وقوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7] المغضوب عليهم هم اليهود، وقد قال الله سبحانه: قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ [المائدة:60].قال: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] وهم النصارى، وقد فسر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.قال بعض العلماء: لماذا اختص اليهود بأنهم مغضوب عليهم والنصارى بأنهم ضلال؟فأجيب على ذلك: أن الغضب جاء على اليهود؛ لكونهم عرفوا الحق وجحدوه، كما اتضح ذلك من مجيئهم إلى رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام برجل وامرأة منهم قد زنيا، فقال لهم الرسول عليه الصلاة والسلام: (ما تجدون حد الزنا في كتابكم؟ قالوا: نجد التحميم يا محمد -أي: نصبغ وجه هذا بالسواد ووجه هذه بالسواد- ويركبا على حمار ويطاف بهما في الأسواق، فقال لهم الرسول عليه الصلاة والسلام: أناشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تجدون هذا الحد في كتابكم؟ قالوا: أما وقد ناشدتنا فإن حد الزنا في كتابنا الرجم).وفيهم نزل قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44] وهم اليهود حين جحدوا حكم الله، أي: أنكروه وأظهروا خلافه وأوهموا الناس أن هذا هو حكم الله.وهنا تفهم الآية من خلال هذا المعنى، وهذا الذي اختاره الطبري رحمه الله تعالى في نهاية بحثه فيمن جحد، فاليهود أظهروا لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام أن حد الزنا في كتابهم هو التحميم، وأخفوا عليه أن حد الزنا في كتابهم هو الرجم، فجحدوا حكم الله الذي هو الرجم وأظهروا حكماً آخر وهو التحميم.فلذلك قال الطبري إنها فيمن جحد وإن الذي حكم بغير ما أنزل الله بلا جحود ولا استحلال فيخرج من هذا الحكم، وله تفصيل سيأتي.فالشاهد: أن اليهود مغضوب عليهم؛ لأنهم يعرفون الحق ويجحدونه. وأيضاً قد يطلق عليهم أنهم ضالون كذلك، فهم مغضوب عليهم وضالون، لكنهم اختصوا بالنصيب الأكبر من الغضب، والنصارى وإن كانوا مغضوباً عليهم لكنهم اختصوا بالنصيب الأكبر من الضلال. ففسر الرسول عليه الصلاة والسلام المغضوب عليهم باليهود، والضالين بالنصارى.ومن هنا يظهر ما تقدمت الإشارة إليه في سورة النور: لماذا اختصت المرأة في الملاعنة قوله تعالى: وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ [النور:9]؟ والجواب: لأنها تعرف وتوقن أكثر من زوجها ما الذي حدث؟ هل كانت مفاخذة أو كان هناك إيلاج، فهي أمور تتقنها أكثر من زوجها، فإذا أقسمت فإنها تقسم على علم، والله سبحانه وتعالى أعلم.وقد جاء زيد بن عمرو بن نفيل كما في صحيح البخاري لما خرج يبحث عن دين غير دين أهل الشرك الذي يتعبد به أهل مكة، فذهب إلى اليهود، وقال: إني أريد أن أدخل في دينكم، قالوا: لن تدخل في ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله، قال: أعوذ بالله من غضب الله، والله لا أحمل من غضب الله شيئاً أبداً، أنا فررت من غضب الله، فهل عندكم شيء آخر؟ قالوا: لا، إلا أن تكون حنيفاً، قال: وما الحنيف؟ قالوا: ملة إبراهيم عليه السلام؛ فانطلق إلى النصارى، وقال: إني أريد أن أدخل في دينكم، قالوا: لن تدخل في ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله، قال: أعوذ بالله من لعنة الله، والله لا أحمل منها شيئاً أبداً، فهل هناك شيء آخر؟ قالوا: لا، إلا أن تكون حنيفاً، قال: وما الحنيف؟ قالوا: ملة إبراهيم عليه السلام، فخرج وقال: اللهم إني أشهدك أني على ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام.وقد كان يفتخر الشعراء من أحفاده، فيقولون:وجدي الذي منع الوائدات وأحيا الوئيد فلم يوأدفكان ينقذ الموءودة، ويقول لأهل الجاهلية: أعطوني إياها أنا أكفيكموها، وإذا كبرت فأردتم أن تأخذوها فخذوها.
حكم قول: (آمين)
آمين كائنة بعد الفاتحة فليست من الفاتحة إجماعاً.أما معنى كلمة: آمين، فجمهور المفسرين على أن (آمين) معناها: اللهم استجب، فهي دعاء.
 الجهر بآمين بعد قراءة الفاتحة
هل نجهر بها أو نسر؟ من العلماء من قال: إن الدعاء في العموم يسر به؛ لقوله تعالى: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [الأعراف:55]، فرأى هذا الفريق أن (آمين) يسر بها.ورأى آخرون من أهل العلم: أنه يجهر بها وإن كانت دعاء؛ لأن من صور الدعاء ما يجهر به أحياناً، ومن الأدلة التي استدل بها على الجهر بآمين، قول أبي هريرة : (لا تفتني بآمين)، وصلى ابن الزبير صلاة فجهر فيها هو ومن معه بآمين حتى إن للمسجد ضجة، وقال عليه الصلاة والسلام: (ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على التأمين والسلام) فلا تحسدنا على شيء خاص وسري وإنما تحسدنا على شيء ظاهر.
 الرد على الشيعة في الجهر بآمين
أما قول الشيعة البعداء البغضاء: إن من قال: (آمين) فقد بطلت صلاته، فهذا جهل وتخريف منهم وبعد عن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام.وسندهم في ذلك أن هذا كلام ليس من القرآن، والكلام في الصلاة يبطلها؛ هكذا قالوا وزعموا، وهو قول باطل وزعم أبطل، فإن الدعاء مشروع في الصلاة، والنبي صلى الله عليه وسلم حث على الدعاء في السجود، وهو عليه الصلاة والسلام دعا في صلاته وقال: (اللهم انصر المستضعفين من المؤمنين)، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) ، وحث على ذلك بقوله: (إذا قال الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فقولوا: آمين).
 وقت قول المأموم: آمين
متى يقول المأموم: آمين: هل بعد أن يقولها الإمام، أم يقولها مع الإمام؟ففريق قال: يقولها إذا انتهى الإمام من مقولته؛ لأن الإمام إنما جعل ليؤتم به؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أمن فأمنوا) وهذا الحديث صحيح، لكن الاستدلال به ليس بصحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرواية الأخرى: (إذا قال الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فقولوا: آمين) فهي ثلاث موافقات كما قال العلماء: موافقة الإمام مع المأمومين مع الملائكة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) هذا والله أعلم.وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة الفاتحة للشيخ : ( الشيخ مصطفى العدوي )
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تأملات في سورة الطلاق للشيخ : ( مصطفى العدوي )
» فقه التعامل بين المسلمين للشيخ: مصطفى العدوي
» الحفلات المجودة و التسجيلات الخارجية للقارئ مصطفى اسماعيل برابط واحد مباشر
» ابتلاء العباد - للشيخ : ( مصطفى العدوي )
» ابتلاء الأنبياء - للشيخ : ( مصطفى العدوي )

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي المركز الدولى :: ๑۩۞۩๑ (المنتديات الأسلامية๑۩۞۩๑(Islamic forums :: ๑۩۞۩๑نفحات اسلامية ๑۩۞۩๑Islamic Nfhat-
انتقل الى: