منتدي المركز الدولى


 تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
 تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله 1110
 تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا  تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله 61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى


 تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
 تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله 1110
 تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا  تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله 61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي المركز الدولى،منتدي مختص بتقديم ونشر كل ما هو جديد وهادف لجميع مستخدمي الإنترنت فى كل مكان
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
Awesome Orange 
Sharp Pointer
منتدى المركز الدولى يرحب بكم أجمل الترحيب و يتمنى لك اسعد الاوقات فى هذا الصرح الثقافى

اللهم يا الله إجعلنا لك كما تريد وكن لنا يا الله فوق ما نريد واعنا يارب العالمين ان نفهم مرادك من كل لحظة مرت علينا أو ستمر علينا يا الله

 

  تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
HOUWIROU
برونزى
HOUWIROU


عدد المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 06/03/2015

 تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله    تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله Icon_minitime1الأحد 19 أغسطس - 3:12




تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله
تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله
تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله


ثم نتطرق الآن لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية ومن تبعه في مسألة إيقاف العذاب الأخروي على إرسال الرسل

إن ابن تيمية يقطع أن المشرك سيدخل النار ولكنه لما قال أن من وقع له الاختبار في الآخرة فإن الأمر بدخول النار كانت بردا وسلاما ومن عصى دخل النار
لم يقل أن من المشركين من سيطيع
وتحرير مذهبه أنه أراد نفي حجتهم بتنصيب النار لهم وأن يكلفوا بدخولها ولم ينص على أن منهم من سينجو
وذلك يتخرج على وجهين :
الأول أنه يجب حمل كلامه على ماذكرنا حتى لا تتعارض النصوص سواء (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) وحديث الاختبار على القول بصحته لأنه ضعيف

وهو حديث الأسود بن سريع مع قول الله (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة)وهذا نص محكم والأية ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) متشابه لأن العلماء مختلفين هل هو عذاب الدنيا أو الآخرة
ومن قال بخلاف هذا الجمع فقد زعم تضارب النصوص وقدم المتشابه على المحكم
وهذا الجمع نعيده للمرة الثانية :
هو أن ابن تيمية قصد أنهم سيختبرون أي أهل الشرك من أهل الفترة حتى تنقطع حجتهم بإرسال الرسول الذي يأمرهم بدخول النار فإن دخلوها كانت بردا وسلاما وإن لم يدخلوها كانت لهم النار بأن هذا لقطع الحجة وليس هناك تنصيص منه ولا تحريرا لكلامه أن منهم من سينجو ويدخل الجنة أو حتى أنه لن يدخل النار
..
الوجه الثاني الذي جعلنا نحمل كلامه على هذا هو:
الإجماع المنقول أن أهل الجاهلية الذين ماتوا على الشرك أنهم مخلدون في النيران

كما نقل الإجماع على ذلك ابن أمير الحاج والقرافي كما ذكرنا وكذلك ابن تيمية نقل الإجماع أن الشرك يضرصاحبه ولا يغفره الله لصاحبه
منهاج السنة النبوية (5 / 74):
"وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ وَعُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الشِّرْكَ يَضُرُّ صَاحِبَهُ وَلَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ ، وَلَوْ أَحَبَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ; فَإِنَّ أَبَاهُ أَبَا طَالِبٍ كَانَ يُحِبُّهُ وَقَدْ ضَرَّهُ الشِّرْكُ حَتَّى دَخَلَ النَّارَ، وَالْغَالِيَةُ يَقُولُونَ إِنَّهُمْ يُحِبُّونَهُ وَهُمْ كُفَّارٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ".انتهى
انظر حكم على أهل الشرك أنه يضرهم ويكون سببا في دخولهم النار ومعلوم أن الإجماع قطعي الدلالة لا يقبل التخصيص مطلقا
ولو لم يحمل كلام ابن تيمية على ماذكرناه من الجمع لأدى ذلك لمخالفته للإجماع بل حتى للإجماع الذي نقله هو .
ثم إليك كلامه بتمامه في أكثر المواضع إيضاحا.
قال ابن تيمية في جامع المسائل (3/ 230)
فأما قوله (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15)) (5) ونحو ذلك، فإنما يتناول من لا يَعقِل من الأطفال والمجانين، فأما الصبي المميِّز فتكليفُه ممكنٌ في الجملة، ولهذا يصحح أكثر الفقهاء تصرفاتِه تارةً مستقلاًّ كإيمانِه، وتارةً بالإذن كمعاوضاتِه الكبيرة.
واختلفوا في وجوب الصلاة على ابن عشرٍ، وفي وجوب الصوم على من أطاقَه. والخلاف فيه معروفٌ في مذهب أحمد، حتى اختُلِف في صحة شهادته وأمانه وإمامتِه وولايتِه في النكاح وعتقِه.

وهنا مسائل:

المسألةالأولى
______

أن من نتائج التكليف: العقاب والثواب، عقاب العاصي وثواب المطيع.
فأما العقاب: فما علمتُ أحدًا من أهلِ القبلةِ خالفَ في أن الكافر مُعذَّبٌ في الجملة، وإن اختلفوا في تفاصيل عذابه. ونصوصُ القرآن متظاهرة بعذاب الكافرين، وكذلك الذي عليه عامة المسلمين من جميع الطوائف عقوبةُ فُجَّارِ أهل القبلة

في الجملة: إمّا في الدنيا بالمصائب والحدود؟ وإما في الآخرة. وأما غلاة المرجئة فرُوِيَ عنها أنها نَفَتْ ذلك، كما أن الخوارج والمعتزلة جَزَمتْ بوقوع ذلك على جميع الفاسقين وخلودِهم في النار.
وأما الثواب: فاتفقت الأمة على ثواب الإنس على طاعتهم.
واختلفوا في الجن هل يُثَابُون أو لا ثوابَ لهم إلا النجاة من العذاب؟ على قولين: الأول قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنبلية وأبي يوسف ومحمد وغيرهم. والثاني مأثورٌ عن طائفة، منهم أبو حنيفة.
وقد اختُلِف في أصولِ الفقه: هل من شرطِ الوجوب العقابُ على الترك؟ على قولين. وأما الثواب على الفعل فهو واجب، إمّا بالسمع، وإما بمجرد الإيجاب.

المسألةالثانية
______

أن مَن لا تكليفَ عليه هل يُبعَثُ يومَ القيامة؟
فأما الإنس والجن فيُبعَثون جميعًا باتفاق الأمة، ولم يختلفوا -فيما علمتُ- إلا فيمن لم يُنفَخْ فيه الروحُ: هل يُبعَث؟ على قولين. وبَعْثُه اختيارُ القاضي وكثير من الفقهاء، وذكر أنه ظاهر كلام أحمد رضي الله عنه.
وأما البهائم فهي مبعوثةٌ بالكتاب والسنة، قال الله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)) (1) ، وقال تعالى: (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) (2) ، والحديثُ في قول الكافر (يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (40)) (3) معروف (4) . وما أعلمُ فيه خلافًا.
لكن اختلف بنو آدم في مَعَاد الآدميين على أربعة أقوال:
أحدها -وهو قولُ جماهير من المسلمين أهل السنة والجماعة، وجماهير متكلميهم، وجماهير اليهود والنصارى والمجوس وجمهور غيرهم- أن المعاد للروح والبدن، وأنهما يُنَعَّمان ويُعذَّبان.
والثاني -وهو قول طائفة من متكلمي المسلمين من الأشعرية وغيرهم- أن المعاد للبدن، وأن الروح لا معنى لها إلا حياة البدن، فيحيا البدن ويُنعَّم ويُعذَّب. وأما معادُ روع قائمةٍ بنفسِها ونعيمها وعذابها فينكرونه.
والثالث: ضدّ هذا، وهو قول الإلهيين من الفلاسفة وطائفة ممن يُبطِن مذهبهم من بعض متكلمي أهل القبلة ومتصوفتهم، أنّ المعاد للروح دون البدن.
الرابع: أنه لا معادَ أصلاً، لا لروع ولا لبدنٍ، وهو قولُ أكثر مشركي العرب، وكثيرٍ من الطبائعيين والمنجِّمين وبعض الإلهيين من الفلاسفة.
فعلى هذين القولين يُنكَر حَشْرُ البهائم، وعلى القول الأول يقبل الخلاف.

المسألةالثالثة
______

أن من لا تكليفَ عليه -بل قد رُفِع عنه القلم- هل يُعذب في الآخرة؟
وهنا مسألة أطفال المشركين، فمن قال من أصحابنا وغيرِهم: إنهم يُعذَّبون تبعًا لآبائهم، قال بعذاب غيرِ المكلَّف تبعًا؟ ومن قال: يدخلون الجنة من أصحابنا وغيرهم، قَال بتنعيمهم.

والصواب الذي دل عليه الكتاب والسنة أنهم لا يُعذَّبون جميعُهم ولا يُنعَّمُون جميعُهم، بل فريق منهم في الجنة وفريقٌ في السعير كالبُلَّغ. وهذا مقتضى نصوص أحمد، فإن أكثر نصوصِه على الوقف فيهم، بمعنى أنه لا يُحكَم لأحدٍ منهم لا بجنة ولا بنارٍ، فدلَّ على جواز الأمرين عنده في حقّ المعيَّن منهم. وأما تجويز الأمرين في حقّ مجموعهم فلا يلزمه، وهذا قول الأشعري وغيره.
وبهذا أجاب رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما سُئِل عنهم فقال: "الله أعلم بما كانوا عاملين" ، فبيَّن أن الأمرَ مردودٌ إلى علمِ الله بما كانوا يعملون لو بلغوا.
وقد ثبتَ عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في البخاري أنه رأى حول إبراهيم عند الجنّةِ أطفال المسلمين والمشركين. وثبت عنه في صحيح مسلم أن الغلام الذي قتله الخضر طُبعَ يومَ طُبعَ كافرًا، مع أنه قُتِلَ قبل الاحتلام. قال ابن عباس لنَجْدَةَ الحَروري لما سأله عن قتل الغلمان، فقال: إن كنتَ تَعلَم منهم ما علمه الخضر من الغلام الذي قتلَه فاقتُلْهم، وإلاّ فلا تقتلهم. هذا مع أن أبويه كانا مؤمنين. وفي الصحيحين عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه سُئِل عن أهل الدار من المشركين يُبَيَّتون لِيُصاب من صبيانهم، فقال: "هم منهم".
ويجوز قتل الصبي إذا قاتلَ، وإذا صالَ ولم تندفعْ صولتُه إلاّ بالقتل، وكذلك المجنون والبهيمة. فقد يجوز قتلُ الصبي في بعض المواضع. وحديث عائشة في قولها: عصفورٌ من عصافير الجنة، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أو غيرَ ذلك يا عائشة؟! فإن الله خَلَق للجنة أهلاً، خَلَقَها لهم وهم في أصلابِ آبائهم، وخَلَقَ للنار أهلاً، خَلَقَها لهم وهم في أصلاب آبائهم".
ولهذا قال أصحابنا: لا يُشهَد لأحدٍ بعينِه من أطفالِ المؤمنين أنه في الجنة، ولكن يُطلَق القولُ: إن أطفال المؤمنين في الجنة.
وقد رُوِي بأحاديثَ حسانٍ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن من لم يُكلّف في الدنيا من الصبيان والمجانين، ومن مات في الفترة- يُمتَحنون يومَ القيامة، فمن أطاعَ دخلَ الجنة، ومن عَصَى دخلَ النار. وهذا التفصيل هو الصواب، فإن الله قال في

(لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ، فأقسم سبحانَه أنه لابدّ أن يملأ جهنم من إبليسَ وأتباعِه، وأتباعُه هم العصاةُ، ولا معصيةَ إلا بعد التكليف، فلو دخلَها الصبي والمجنون لدخَلَها مَن هو من غير أتباعِه، فلم تَمتلئْ منهم.
وأيضًا فقد قال سبحانه: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (3) ، وقال سبحانه: (كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (Cool قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ) الآية (4) ، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أن الله لا يُعذب إلا من جاءه نذير وأتاه رسولٌ، والطفلُ والمجنون ليسا كذلك كالبهائم.
وقال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) إلى قوله (إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) (5) .
فأخبر سبحانه أنه استخرج ذرياتهم، وأشهدَهم على أنفسِهم، لئلاّ يقولوا: أتُهلِكنا بما فعل المبطلون، فعُلِم أنه لا يُعاقِبُهم بذنبِ غيرِهم.
وأما البهائم فعامةُ المسلمين على أنه لا عقابَ عليها، إلا ما يُحكَى عن التناسخية بأنهم مكلَّفون، فيستحقون العقابَ، وهذا نظيرُ قولِ من يقول: لا تُحشَر. لكن هنا:

المسألةالرابعة
______

وهو ما يُشرَع في الدنيا من عقوبة الصبيان والمجانين والبهائم على الذنوب، مثل ضرب الصبي على ترك الصلاة لعشرٍ، وما يفعلُه من قبيح؛ وكذلك ضرب المجنونِ لكَفِّ عدوانِه؛ وضرب البهائم حضا على الانتفاع بها كالسَّوْق، ودفعًا لمضرَّتها كقتلِ صائلِها، وما جاء في الحديث أنه يُقتَصُّ في الآخرة للجمَّاءِ من القَرناءِ. فهذه الأمورُ عقوبات لغير المكلفين، وهي نوعان: أحدهما ما كان عقوبةً في الدنيا لمصلحة، والثاني ما كان لأجل حق غيرِه.
فأما النوع الأول فمشروعٌ في حق الصبي والمجنون، فإنه يُضرَب الصبي على ترك الصلاة ليفعلها ويَعتادَها، ويُضرَب المجنونُ إذا أَخَذَ يُؤذِيْ نفسَه، ليَكُفَّ عن إيذاءِ نفسِه. ويجوز أيضًا مثلُ هذا في حق البهائم: أن تُضرَب لمصلحتها، وهذا غير الضرب لحقّ الغير، وذلك أن العقوبة لمنفعة المعاقب هي بمنزلة سَقْي الدواءِ للمريض، فإن المطلوبَ دفعُ ما هو أعظمُ مَضَرَّةً من الدواء.
النوع الثاني: العقوبة لأجل حق الغير، وهذا قسمان:
قسم لاستيفاءِ المنفعةِ المباحةِ منه، كذَبْحِ البهائم للأكل وضَربِها للمشي، فإن مالا يَتمُّ المباحُ إلا به فهو مباحٌ.

والقسم الثاني: العقوبة لأجل العدوان على الغير، مثل قَتْل الصائل من المحاربين والبهائم، وضرب المجانين والصبيان والبهائم إذا اعتدى بعضهم على بعض، أو اعتدوا على العقلاء في أنفسهم وأموالِهم.
فهذا النوع إن كان لدفع ضررهم جاز بلا خلاف، مثل قتل الصائل لدفع صوله، وقَتْل الكلب العَقُور الذي يُخَافُ من ضَررِه في المستقبل، وقَتْل الفواسقِ الخمس في الحِل والحرم.
وأما إن كان على وجه الاقتصاص، مثل أن يَظلم صبيٌّ صبيًّا، أو مجنون مجنونًا، أو بهيمةٌ بهيمة، فيُقتَصّ للمظلوم من الظالم. وإن لم يكن في ذلك زجرٌ عن المستقبل، لكن لاستيفاءِ المظلوم وأخذِ حقَّه، فهذا الذي جاء فيه حديثُ الاقتصاص للجمّاء من القرناء، كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَتُؤَدَّى الحقوقُ إلى أهلها حتى يُستَوفَى للجَمَّاءِ من القَرْنَاءِ"
وهذا موافق لأصول الشريعة، فإن القصاصَ بين غير المكلفين ثابتٌ في الأموال باتفاق المسلمين، فمن أتلفَ منهم مالاً أو غَصَبَ مالاً أُخِذَ من مالِه مثلُه، سواءٌ في ذلك الصبي والمجنون، والناسي والمخطئ. وكذلك في النفوس، فإن الله تعالى أوجبَ دية الخطأ، وهي من أنواع القصاص بحسب الإمكان، فإن القَوَدَ لم يُمكِن إيجابُه، لأنه لا يكون إلا ممن فَعَلَ المحرَّم، وهؤلاء ليسوا مكلفين، ولا يُخاطَبون بالتحريم، بخلاف ما كان من باب دفع الظلم وأخذِ الحقّ، فإنه لا يُشتَرط فيه الإثمُ. ولهذا تُقَاتَلُ البُغَاةُ وإن كانوا متأوّلين مغفورًا لهم، ويُجلَد شاربُ النبيذ وإن كان متأوِّلاً مغفورًا له.
فتبيَّنَ بذلك أن الظلْم والعدوان يُؤدِّى فيه حقُّ المظلومِ، مع الإثم والتكليف ومع عدمِ ذلك، فإنه من باب العدل الذي كتبه الله تعالى على نفسِه، وحَرَّمَ الظلمَ على نفسِه وجَعَلَه محرَّمًا بين عباده.
.
المسألةالخامسة
_______

دار التكليف
فالدنيا دارُ تكليفٍ بلا خلافٍ، وكذلك البرزخُ وعَرصةُ القيامة، وإنما ينقطع التكليف بدخولِ دار الجزاء، وهي الجنة أو النار، كما صَرَّح بذلك مَن صَرَّح من أصحابنا وغيرِهم، مستدلِّين بامتحانِ منكرٍ ونكرٍ للناس في قبورِهم وفتنتهِم إيَّاهم؟ وبأنّ الناسَ يوم القيامة يُدعَون إلى السجود، فمنهم من يستطيع، ومنهم من لا يستطيع؟ وبأن من لم يُكلّف في الدنيا يُكلَّفُ في عرصاتِ القيامة
وهذا ظاهر المناسبة، فإن دار الجزاء لا امتحانَ فيها، وأما الامتحان قبل دار الجزاء فممكن لا محذورَ فيه، والامتحان في البرزخ لمن كان مكلَّفًا في الدنيا، إلا النبيين، ففيهم قولان لأصحابنا وغيرهم.
وأما امتحانُ غيرِ المكلفينَ في الدنيا -كالصبيان والمجانين- ففيهم قولان لأصحابنا وغيرهم:
أحدهما: لا يُمتَحنون، وعلى هذا فلا يُلَقَّنون. وهذا قول القاضي وابن عقيل.
والثاني: يُمتَحنون في قبورِهم ويُلَقَّنون. وهو قول أكثرِهم، حكاه ابن عبدوس" عن الأصحاب، وذكره أبو حكيمِ وغيره، وهو أصحُّ، كما ثبتَ عن أبي هريرة، ورُوِي مرفوعًا أنه صفى على طفلٍ لم يَعملْ خطيئةً قَطُّ، فقال: "اللهمَّ قِهِ عذابَ القبر وفتنةَ القبر" .
وهذا الاختلاف في امتحانهم في البرزخ يُشبه الاختلاف في امتحانهم في العرصة، وقولُ من يقول بامتحانهم أقرَبُ إلى النصوص والقياس من قولِ مَن يقول: يُعاقَبون بلا امتحان.
.
المسألةالسادسة
________

أن غير المكلَّف قد يُرحَم، فإن أطفالَ المؤمنين مع آبائهم في الجنة، كما دلَّ عليه قوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ) الآية ، وكما في الصحيحين من حديث أبي هريرة وأنس عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "احتجَّت الجنَّةُ والنارُ، فقالتِ الجنةُ: لا يدخلني إلا الضعفاء والمساكين؛ وقالت النار: يدخلني الجبّارون المتكبرون. فقال الله للجنة: إنما أنتِ رحمتي أرحمُ بكِ مَن شِئتُ، وقال للنار: إنما أنتِ عذابي أعذِّبُ بكِ من شِئتُ، ولكلِّ واحدة منكما مِلْؤُها". فأما النار فلا يزال يُلقَى فيها وتقول: "هل من مزيد"، حتى يضع ربُّ العزَّة فيها -وفي روايةٍ: عليها- قَدَمَه، فيَنزوي بعضُها إلى بعضٍ وتقولُ: قَط! قَط. وأما الجنَّة فيَفضُل فيها فَضْلٌ، فيُنشِئُ اللهُ لها خلفا آخر". فهذا الحديث المستفيض المتلقَّى بالقبولِ نصٌّ في أنَّ الجنَّة يُنْشَأُ لها في الدار الآخرة خَلْق يدخلونَها بلا عمل، وأنّ النارَ لا يدخلُها أحدٌ بلا عملٍ.
وقد غَلِطَ في هذا الحديث المعطلةُ الذين أوَّلوا قوله "قدمه" بنوع من الخلق، كما قالوا: الذين تقدَّم في علمِه أنهم أهل النار. حتى قالوا في قوله "رجله": كما يقال: رِجْل من جَرادٍ. وغَلَطُهم من وجوهٍ:
فإنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "حتى يضع"، ولم يقل: حتى يُلقي، كما قال في قوله: "لا يَزَال يُلقَى فيها".
الثاني: أن قوله "قدمه" لا يُفْهَم منه هذا، لا حقيقةً ولا مجازًا، كما تَدُلُّ عليه الإضافة.
الثالث: أن أولئك المؤخرين إن كانوا من أصاغر المعذَّبين فلا وجهَ لانزوائِها واكتفائها بهم، فإنّ ذلك إنما يكون بأمرٍ عظيمٍ، وإن كانوا من أكابر المجرمين فهم في الدرك الأسفلِ، وفي أوّلِ المعذَّبين لا في أواخرِهم.
الرابع: أن قوله "فينزوي بعضُها إلى بعض" دليلٌ على أنها تَنضمُّ على من فيها، فتضيقُ بهم من غيرِ أن يُلقَى فيها شيء.
الخامس: أن قوله "لا يزال يُلقَى فيها، وتقول: هل من مزيد؟ حتى يَضَعَ فيها قدمَه" جَعَلَ الوضعَ الغايةَ التي إليها ينتهي الإلقاءُ، ويكون عندها الانزواءُ، فيقتضي ذلك أن تكون الغايةُ أعظمَ مما قبلَها.
وليس في قول المعطِّلةِ معنًى للفظ "قدمه" إلا وقد اشترك فيه الأول والآخر، والأوّل أحقُّ به من الآخر.
وقد يَغْلَط في الحديث قومٌ آخرون مُمثِّلةٌ أو غيرُهم، فيتوهَّمون أن "قَدمَ الربِّ" تَدخُلُ جَهنَّم. وقد توهَّم ذلك على أهل الإثبات قومٌ من المعطِّلة، حتى قالوا: كيف يَدخُل بعضُ الربِّ النَّارَ واللهُ تعالى يقول: (لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا) ؟.
وهذا جهل ممن توهَّمه أو نَقَلَه عن أهل السنة والحديث، فإنّ الحديث: "حتى يضع ربُّ العزّة عليها -وفي رواية: فيها-، فينزوي بعضُها إلى بعضٍ، وتقول: قط قط وعزَّتِك"، فدلَّ ذلك على أنها تضايقت على من كان فيها فامتلأتْ بهم، كما أقسم على نفسه إنّه ليملأنَّها من الجثة والناس أجمعين، فكيف تمتلئ بشيء غيرِ ذلك من خالقٍ أو مَخلوق؟. وإنما المعنى أنه تُوضَع القدمُ المضافُ إلى الربِّ تعالى، فتَنزوي وتَضِيقُ بمن فيها. والواحدُ من الخلق قد يَركُضُ متحركًا من الأجسام فيسكن، أو ساكنًا فيتحرك، ويَركضُ جبلاً فيتفجَّر منه ماءٌ، كما قال تعالى: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ،
وقد يضع يَدَه على المريض فيبرأ، وعلى الغضبان فيرضى.
.
المسألةالسابعة
________

أنَّ التكليفَ بالأمر والنهي ثابت بالشرع باتفاق المسلمين، وفي ثبوته بالعقل اختلافٌ بين العلماء من أصحابنا وغيرِهم، والمسألة مشهورة، مسألة التحسين والتقبيح ووجوب الواجبات وتحريم المحرمات، هل ثبتتْ بالعقل؟ ومسألة وجوب معرفة الله وشكره، ومسألة الأعيان قبل السَّمع. وفي المسألة تفصيل كتبته في غير هذا الموضع، إذ المقصود هنا النكت المستغربة.انتهى

وهذا يوضح أنه لم ينص على أن هناك مشركا سيدخل عنده الجنة
والله الموفق . انتهي
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏
شبهات وردود shobohat wa rodod
٢٠ أبريل ٢٠١٧ ·

تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم نتطرق الآن لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية ومن تبعه في مسألة إيقاف العذاب الأخروي على إرسال الرسل

إن ابن تيمية يقطع أن المشرك سيدخل النار ولكنه لما قال أن من وقع له الاختبار في الآخرة فإن الأمر بدخول النار كانت بردا وسلاما ومن عصى دخل النار
لم يقل أن من المشركين من سيطيع
وتحرير مذهبه أنه أراد نفي حجتهم بتنصيب النار لهم وأن يكلفوا بدخولها ولم ينص على أن منهم من سينجو
وذلك يتخرج على وجهين :
الأول أنه يجب حمل كلامه على ماذكرنا حتى لا تتعارض النصوص سواء (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) وحديث الاختبار على القول بصحته لأنه ضعيف

وهو حديث الأسود بن سريع مع قول الله (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة)وهذا نص محكم والأية ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) متشابه لأن العلماء مختلفين هل هو عذاب الدنيا أو الآخرة
ومن قال بخلاف هذا الجمع فقد زعم تضارب النصوص وقدم المتشابه على المحكم
وهذا الجمع نعيده للمرة الثانية :
هو أن ابن تيمية قصد أنهم سيختبرون أي أهل الشرك من أهل الفترة حتى تنقطع حجتهم بإرسال الرسول الذي يأمرهم بدخول النار فإن دخلوها كانت بردا وسلاما وإن لم يدخلوها كانت لهم النار بأن هذا لقطع الحجة وليس هناك تنصيص منه ولا تحريرا لكلامه أن منهم من سينجو ويدخل الجنة أو حتى أنه لن يدخل النار
..
الوجه الثاني الذي جعلنا نحمل كلامه على هذا هو:
الإجماع المنقول أن أهل الجاهلية الذين ماتوا على الشرك أنهم مخلدون في النيران

كما نقل الإجماع على ذلك ابن أمير الحاج والقرافي كما ذكرنا وكذلك ابن تيمية نقل الإجماع أن الشرك يضرصاحبه ولا يغفره الله لصاحبه
منهاج السنة النبوية (5 / 74):
"وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ وَعُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الشِّرْكَ يَضُرُّ صَاحِبَهُ وَلَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ ، وَلَوْ أَحَبَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ; فَإِنَّ أَبَاهُ أَبَا طَالِبٍ كَانَ يُحِبُّهُ وَقَدْ ضَرَّهُ الشِّرْكُ حَتَّى دَخَلَ النَّارَ، وَالْغَالِيَةُ يَقُولُونَ إِنَّهُمْ يُحِبُّونَهُ وَهُمْ كُفَّارٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ".انتهى
انظر حكم على أهل الشرك أنه يضرهم ويكون سببا في دخولهم النار ومعلوم أن الإجماع قطعي الدلالة لا يقبل التخصيص مطلقا
ولو لم يحمل كلام ابن تيمية على ماذكرناه من الجمع لأدى ذلك لمخالفته للإجماع بل حتى للإجماع الذي نقله هو .
ثم إليك كلامه بتمامه في أكثر المواضع إيضاحا.
قال ابن تيمية في جامع المسائل (3/ 230)
فأما قوله (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15)) (5) ونحو ذلك، فإنما يتناول من لا يَعقِل من الأطفال والمجانين، فأما الصبي المميِّز فتكليفُه ممكنٌ في الجملة، ولهذا يصحح أكثر الفقهاء تصرفاتِه تارةً مستقلاًّ كإيمانِه، وتارةً بالإذن كمعاوضاتِه الكبيرة.
واختلفوا في وجوب الصلاة على ابن عشرٍ، وفي وجوب الصوم على من أطاقَه. والخلاف فيه معروفٌ في مذهب أحمد، حتى اختُلِف في صحة شهادته وأمانه وإمامتِه وولايتِه في النكاح وعتقِه.

وهنا مسائل:

المسألةالأولى
______

أن من نتائج التكليف: العقاب والثواب، عقاب العاصي وثواب المطيع.
فأما العقاب: فما علمتُ أحدًا من أهلِ القبلةِ خالفَ في أن الكافر مُعذَّبٌ في الجملة، وإن اختلفوا في تفاصيل عذابه. ونصوصُ القرآن متظاهرة بعذاب الكافرين، وكذلك الذي عليه عامة المسلمين من جميع الطوائف عقوبةُ فُجَّارِ أهل القبلة

في الجملة: إمّا في الدنيا بالمصائب والحدود؟ وإما في الآخرة. وأما غلاة المرجئة فرُوِيَ عنها أنها نَفَتْ ذلك، كما أن الخوارج والمعتزلة جَزَمتْ بوقوع ذلك على جميع الفاسقين وخلودِهم في النار.
وأما الثواب: فاتفقت الأمة على ثواب الإنس على طاعتهم.
واختلفوا في الجن هل يُثَابُون أو لا ثوابَ لهم إلا النجاة من العذاب؟ على قولين: الأول قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنبلية وأبي يوسف ومحمد وغيرهم. والثاني مأثورٌ عن طائفة، منهم أبو حنيفة.
وقد اختُلِف في أصولِ الفقه: هل من شرطِ الوجوب العقابُ على الترك؟ على قولين. وأما الثواب على الفعل فهو واجب، إمّا بالسمع، وإما بمجرد الإيجاب.

المسألةالثانية
______

أن مَن لا تكليفَ عليه هل يُبعَثُ يومَ القيامة؟
فأما الإنس والجن فيُبعَثون جميعًا باتفاق الأمة، ولم يختلفوا -فيما علمتُ- إلا فيمن لم يُنفَخْ فيه الروحُ: هل يُبعَث؟ على قولين. وبَعْثُه اختيارُ القاضي وكثير من الفقهاء، وذكر أنه ظاهر كلام أحمد رضي الله عنه.
وأما البهائم فهي مبعوثةٌ بالكتاب والسنة، قال الله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)) (1) ، وقال تعالى: (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) (2) ، والحديثُ في قول الكافر (يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (40)) (3) معروف (4) . وما أعلمُ فيه خلافًا.
لكن اختلف بنو آدم في مَعَاد الآدميين على أربعة أقوال:
أحدها -وهو قولُ جماهير من المسلمين أهل السنة والجماعة، وجماهير متكلميهم، وجماهير اليهود والنصارى والمجوس وجمهور غيرهم- أن المعاد للروح والبدن، وأنهما يُنَعَّمان ويُعذَّبان.
والثاني -وهو قول طائفة من متكلمي المسلمين من الأشعرية وغيرهم- أن المعاد للبدن، وأن الروح لا معنى لها إلا حياة البدن، فيحيا البدن ويُنعَّم ويُعذَّب. وأما معادُ روع قائمةٍ بنفسِها ونعيمها وعذابها فينكرونه.
والثالث: ضدّ هذا، وهو قول الإلهيين من الفلاسفة وطائفة ممن يُبطِن مذهبهم من بعض متكلمي أهل القبلة ومتصوفتهم، أنّ المعاد للروح دون البدن.
الرابع: أنه لا معادَ أصلاً، لا لروع ولا لبدنٍ، وهو قولُ أكثر مشركي العرب، وكثيرٍ من الطبائعيين والمنجِّمين وبعض الإلهيين من الفلاسفة.
فعلى هذين القولين يُنكَر حَشْرُ البهائم، وعلى القول الأول يقبل الخلاف.

المسألةالثالثة
______

أن من لا تكليفَ عليه -بل قد رُفِع عنه القلم- هل يُعذب في الآخرة؟
وهنا مسألة أطفال المشركين، فمن قال من أصحابنا وغيرِهم: إنهم يُعذَّبون تبعًا لآبائهم، قال بعذاب غيرِ المكلَّف تبعًا؟ ومن قال: يدخلون الجنة من أصحابنا وغيرهم، قَال بتنعيمهم.

والصواب الذي دل عليه الكتاب والسنة أنهم لا يُعذَّبون جميعُهم ولا يُنعَّمُون جميعُهم، بل فريق منهم في الجنة وفريقٌ في السعير كالبُلَّغ. وهذا مقتضى نصوص أحمد، فإن أكثر نصوصِه على الوقف فيهم، بمعنى أنه لا يُحكَم لأحدٍ منهم لا بجنة ولا بنارٍ، فدلَّ على جواز الأمرين عنده في حقّ المعيَّن منهم. وأما تجويز الأمرين في حقّ مجموعهم فلا يلزمه، وهذا قول الأشعري وغيره.
وبهذا أجاب رسولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما سُئِل عنهم فقال: "الله أعلم بما كانوا عاملين" ، فبيَّن أن الأمرَ مردودٌ إلى علمِ الله بما كانوا يعملون لو بلغوا.
وقد ثبتَ عنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في البخاري أنه رأى حول إبراهيم عند الجنّةِ أطفال المسلمين والمشركين. وثبت عنه في صحيح مسلم أن الغلام الذي قتله الخضر طُبعَ يومَ طُبعَ كافرًا، مع أنه قُتِلَ قبل الاحتلام. قال ابن عباس لنَجْدَةَ الحَروري لما سأله عن قتل الغلمان، فقال: إن كنتَ تَعلَم منهم ما علمه الخضر من الغلام الذي قتلَه فاقتُلْهم، وإلاّ فلا تقتلهم. هذا مع أن أبويه كانا مؤمنين. وفي الصحيحين عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه سُئِل عن أهل الدار من المشركين يُبَيَّتون لِيُصاب من صبيانهم، فقال: "هم منهم".
ويجوز قتل الصبي إذا قاتلَ، وإذا صالَ ولم تندفعْ صولتُه إلاّ بالقتل، وكذلك المجنون والبهيمة. فقد يجوز قتلُ الصبي في بعض المواضع. وحديث عائشة في قولها: عصفورٌ من عصافير الجنة، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أو غيرَ ذلك يا عائشة؟! فإن الله خَلَق للجنة أهلاً، خَلَقَها لهم وهم في أصلابِ آبائهم، وخَلَقَ للنار أهلاً، خَلَقَها لهم وهم في أصلاب آبائهم".
ولهذا قال أصحابنا: لا يُشهَد لأحدٍ بعينِه من أطفالِ المؤمنين أنه في الجنة، ولكن يُطلَق القولُ: إن أطفال المؤمنين في الجنة.
وقد رُوِي بأحاديثَ حسانٍ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن من لم يُكلّف في الدنيا من الصبيان والمجانين، ومن مات في الفترة- يُمتَحنون يومَ القيامة، فمن أطاعَ دخلَ الجنة، ومن عَصَى دخلَ النار. وهذا التفصيل هو الصواب، فإن الله قال في

(لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ، فأقسم سبحانَه أنه لابدّ أن يملأ جهنم من إبليسَ وأتباعِه، وأتباعُه هم العصاةُ، ولا معصيةَ إلا بعد التكليف، فلو دخلَها الصبي والمجنون لدخَلَها مَن هو من غير أتباعِه، فلم تَمتلئْ منهم.
وأيضًا فقد قال سبحانه: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (3) ، وقال سبحانه: (كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (Cool قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ) الآية (4) ، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أن الله لا يُعذب إلا من جاءه نذير وأتاه رسولٌ، والطفلُ والمجنون ليسا كذلك كالبهائم.
وقال تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) إلى قوله (إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ) (5) .
فأخبر سبحانه أنه استخرج ذرياتهم، وأشهدَهم على أنفسِهم، لئلاّ يقولوا: أتُهلِكنا بما فعل المبطلون، فعُلِم أنه لا يُعاقِبُهم بذنبِ غيرِهم.
وأما البهائم فعامةُ المسلمين على أنه لا عقابَ عليها، إلا ما يُحكَى عن التناسخية بأنهم مكلَّفون، فيستحقون العقابَ، وهذا نظيرُ قولِ من يقول: لا تُحشَر. لكن هنا:

المسألةالرابعة
______

وهو ما يُشرَع في الدنيا من عقوبة الصبيان والمجانين والبهائم على الذنوب، مثل ضرب الصبي على ترك الصلاة لعشرٍ، وما يفعلُه من قبيح؛ وكذلك ضرب المجنونِ لكَفِّ عدوانِه؛ وضرب البهائم حضا على الانتفاع بها كالسَّوْق، ودفعًا لمضرَّتها كقتلِ صائلِها، وما جاء في الحديث أنه يُقتَصُّ في الآخرة للجمَّاءِ من القَرناءِ. فهذه الأمورُ عقوبات لغير المكلفين، وهي نوعان: أحدهما ما كان عقوبةً في الدنيا لمصلحة، والثاني ما كان لأجل حق غيرِه.
فأما النوع الأول فمشروعٌ في حق الصبي والمجنون، فإنه يُضرَب الصبي على ترك الصلاة ليفعلها ويَعتادَها، ويُضرَب المجنونُ إذا أَخَذَ يُؤذِيْ نفسَه، ليَكُفَّ عن إيذاءِ نفسِه. ويجوز أيضًا مثلُ هذا في حق البهائم: أن تُضرَب لمصلحتها، وهذا غير الضرب لحقّ الغير، وذلك أن العقوبة لمنفعة المعاقب هي بمنزلة سَقْي الدواءِ للمريض، فإن المطلوبَ دفعُ ما هو أعظمُ مَضَرَّةً من الدواء.
النوع الثاني: العقوبة لأجل حق الغير، وهذا قسمان:
قسم لاستيفاءِ المنفعةِ المباحةِ منه، كذَبْحِ البهائم للأكل وضَربِها للمشي، فإن مالا يَتمُّ المباحُ إلا به فهو مباحٌ.

والقسم الثاني: العقوبة لأجل العدوان على الغير، مثل قَتْل الصائل من المحاربين والبهائم، وضرب المجانين والصبيان والبهائم إذا اعتدى بعضهم على بعض، أو اعتدوا على العقلاء في أنفسهم وأموالِهم.
فهذا النوع إن كان لدفع ضررهم جاز بلا خلاف، مثل قتل الصائل لدفع صوله، وقَتْل الكلب العَقُور الذي يُخَافُ من ضَررِه في المستقبل، وقَتْل الفواسقِ الخمس في الحِل والحرم.
وأما إن كان على وجه الاقتصاص، مثل أن يَظلم صبيٌّ صبيًّا، أو مجنون مجنونًا، أو بهيمةٌ بهيمة، فيُقتَصّ للمظلوم من الظالم. وإن لم يكن في ذلك زجرٌ عن المستقبل، لكن لاستيفاءِ المظلوم وأخذِ حقَّه، فهذا الذي جاء فيه حديثُ الاقتصاص للجمّاء من القرناء، كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَتُؤَدَّى الحقوقُ إلى أهلها حتى يُستَوفَى للجَمَّاءِ من القَرْنَاءِ"
وهذا موافق لأصول الشريعة، فإن القصاصَ بين غير المكلفين ثابتٌ في الأموال باتفاق المسلمين، فمن أتلفَ منهم مالاً أو غَصَبَ مالاً أُخِذَ من مالِه مثلُه، سواءٌ في ذلك الصبي والمجنون، والناسي والمخطئ. وكذلك في النفوس، فإن الله تعالى أوجبَ دية الخطأ، وهي من أنواع القصاص بحسب الإمكان، فإن القَوَدَ لم يُمكِن إيجابُه، لأنه لا يكون إلا ممن فَعَلَ المحرَّم، وهؤلاء ليسوا مكلفين، ولا يُخاطَبون بالتحريم، بخلاف ما كان من باب دفع الظلم وأخذِ الحقّ، فإنه لا يُشتَرط فيه الإثمُ. ولهذا تُقَاتَلُ البُغَاةُ وإن كانوا متأوّلين مغفورًا لهم، ويُجلَد شاربُ النبيذ وإن كان متأوِّلاً مغفورًا له.
فتبيَّنَ بذلك أن الظلْم والعدوان يُؤدِّى فيه حقُّ المظلومِ، مع الإثم والتكليف ومع عدمِ ذلك، فإنه من باب العدل الذي كتبه الله تعالى على نفسِه، وحَرَّمَ الظلمَ على نفسِه وجَعَلَه محرَّمًا بين عباده.
.
المسألةالخامسة
_______

دار التكليف
فالدنيا دارُ تكليفٍ بلا خلافٍ، وكذلك البرزخُ وعَرصةُ القيامة، وإنما ينقطع التكليف بدخولِ دار الجزاء، وهي الجنة أو النار، كما صَرَّح بذلك مَن صَرَّح من أصحابنا وغيرِهم، مستدلِّين بامتحانِ منكرٍ ونكرٍ للناس في قبورِهم وفتنتهِم إيَّاهم؟ وبأنّ الناسَ يوم القيامة يُدعَون إلى السجود، فمنهم من يستطيع، ومنهم من لا يستطيع؟ وبأن من لم يُكلّف في الدنيا يُكلَّفُ في عرصاتِ القيامة
وهذا ظاهر المناسبة، فإن دار الجزاء لا امتحانَ فيها، وأما الامتحان قبل دار الجزاء فممكن لا محذورَ فيه، والامتحان في البرزخ لمن كان مكلَّفًا في الدنيا، إلا النبيين، ففيهم قولان لأصحابنا وغيرهم.
وأما امتحانُ غيرِ المكلفينَ في الدنيا -كالصبيان والمجانين- ففيهم قولان لأصحابنا وغيرهم:
أحدهما: لا يُمتَحنون، وعلى هذا فلا يُلَقَّنون. وهذا قول القاضي وابن عقيل.
والثاني: يُمتَحنون في قبورِهم ويُلَقَّنون. وهو قول أكثرِهم، حكاه ابن عبدوس" عن الأصحاب، وذكره أبو حكيمِ وغيره، وهو أصحُّ، كما ثبتَ عن أبي هريرة، ورُوِي مرفوعًا أنه صفى على طفلٍ لم يَعملْ خطيئةً قَطُّ، فقال: "اللهمَّ قِهِ عذابَ القبر وفتنةَ القبر" .
وهذا الاختلاف في امتحانهم في البرزخ يُشبه الاختلاف في امتحانهم في العرصة، وقولُ من يقول بامتحانهم أقرَبُ إلى النصوص والقياس من قولِ مَن يقول: يُعاقَبون بلا امتحان.
.
المسألةالسادسة
________

أن غير المكلَّف قد يُرحَم، فإن أطفالَ المؤمنين مع آبائهم في الجنة، كما دلَّ عليه قوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ) الآية ، وكما في الصحيحين من حديث أبي هريرة وأنس عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "احتجَّت الجنَّةُ والنارُ، فقالتِ الجنةُ: لا يدخلني إلا الضعفاء والمساكين؛ وقالت النار: يدخلني الجبّارون المتكبرون. فقال الله للجنة: إنما أنتِ رحمتي أرحمُ بكِ مَن شِئتُ، وقال للنار: إنما أنتِ عذابي أعذِّبُ بكِ من شِئتُ، ولكلِّ واحدة منكما مِلْؤُها". فأما النار فلا يزال يُلقَى فيها وتقول: "هل من مزيد"، حتى يضع ربُّ العزَّة فيها -وفي روايةٍ: عليها- قَدَمَه، فيَنزوي بعضُها إلى بعضٍ وتقولُ: قَط! قَط. وأما الجنَّة فيَفضُل فيها فَضْلٌ، فيُنشِئُ اللهُ لها خلفا آخر". فهذا الحديث المستفيض المتلقَّى بالقبولِ نصٌّ في أنَّ الجنَّة يُنْشَأُ لها في الدار الآخرة خَلْق يدخلونَها بلا عمل، وأنّ النارَ لا يدخلُها أحدٌ بلا عملٍ.
وقد غَلِطَ في هذا الحديث المعطلةُ الذين أوَّلوا قوله "قدمه" بنوع من الخلق، كما قالوا: الذين تقدَّم في علمِه أنهم أهل النار. حتى قالوا في قوله "رجله": كما يقال: رِجْل من جَرادٍ. وغَلَطُهم من وجوهٍ:
فإنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "حتى يضع"، ولم يقل: حتى يُلقي، كما قال في قوله: "لا يَزَال يُلقَى فيها".
الثاني: أن قوله "قدمه" لا يُفْهَم منه هذا، لا حقيقةً ولا مجازًا، كما تَدُلُّ عليه الإضافة.
الثالث: أن أولئك المؤخرين إن كانوا من أصاغر المعذَّبين فلا وجهَ لانزوائِها واكتفائها بهم، فإنّ ذلك إنما يكون بأمرٍ عظيمٍ، وإن كانوا من أكابر المجرمين فهم في الدرك الأسفلِ، وفي أوّلِ المعذَّبين لا في أواخرِهم.
الرابع: أن قوله "فينزوي بعضُها إلى بعض" دليلٌ على أنها تَنضمُّ على من فيها، فتضيقُ بهم من غيرِ أن يُلقَى فيها شيء.
الخامس: أن قوله "لا يزال يُلقَى فيها، وتقول: هل من مزيد؟ حتى يَضَعَ فيها قدمَه" جَعَلَ الوضعَ الغايةَ التي إليها ينتهي الإلقاءُ، ويكون عندها الانزواءُ، فيقتضي ذلك أن تكون الغايةُ أعظمَ مما قبلَها.
وليس في قول المعطِّلةِ معنًى للفظ "قدمه" إلا وقد اشترك فيه الأول والآخر، والأوّل أحقُّ به من الآخر.
وقد يَغْلَط في الحديث قومٌ آخرون مُمثِّلةٌ أو غيرُهم، فيتوهَّمون أن "قَدمَ الربِّ" تَدخُلُ جَهنَّم. وقد توهَّم ذلك على أهل الإثبات قومٌ من المعطِّلة، حتى قالوا: كيف يَدخُل بعضُ الربِّ النَّارَ واللهُ تعالى يقول: (لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا) ؟.
وهذا جهل ممن توهَّمه أو نَقَلَه عن أهل السنة والحديث، فإنّ الحديث: "حتى يضع ربُّ العزّة عليها -وفي رواية: فيها-، فينزوي بعضُها إلى بعضٍ، وتقول: قط قط وعزَّتِك"، فدلَّ ذلك على أنها تضايقت على من كان فيها فامتلأتْ بهم، كما أقسم على نفسه إنّه ليملأنَّها من الجثة والناس أجمعين، فكيف تمتلئ بشيء غيرِ ذلك من خالقٍ أو مَخلوق؟. وإنما المعنى أنه تُوضَع القدمُ المضافُ إلى الربِّ تعالى، فتَنزوي وتَضِيقُ بمن فيها. والواحدُ من الخلق قد يَركُضُ متحركًا من الأجسام فيسكن، أو ساكنًا فيتحرك، ويَركضُ جبلاً فيتفجَّر منه ماءٌ، كما قال تعالى: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ،
وقد يضع يَدَه على المريض فيبرأ، وعلى الغضبان فيرضى.
.
المسألةالسابعة
________

أنَّ التكليفَ بالأمر والنهي ثابت بالشرع باتفاق المسلمين، وفي ثبوته بالعقل اختلافٌ بين العلماء من أصحابنا وغيرِهم، والمسألة مشهورة، مسألة التحسين والتقبيح ووجوب الواجبات وتحريم المحرمات، هل ثبتتْ بالعقل؟ ومسألة وجوب معرفة الله وشكره، ومسألة الأعيان قبل السَّمع. وفي المسألة تفصيل كتبته في غير هذا الموضع، إذ المقصود هنا النكت المستغربة.انتهى

وهذا يوضح أنه لم ينص على أن هناك مشركا سيدخل عنده الجنة
والله الموفق . انتهي



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
HOUWIROU
برونزى
HOUWIROU


عدد المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 06/03/2015

 تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله    تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله Icon_minitime1الأحد 19 أغسطس - 3:14



لما صحح ابن تيمية وغيره حديث الاربعة ، وقالوا بالامتحان فى عرصات يوم القيامة ، لم يخالفوا اجماع المسلمين كما ذكرناه اعلاه ولم يخالفوا قول الله تعالى ( ان الله لايغفر ان يشرك به .. ) الايات ، بل قالوا فى احد الوجوه ، انه توقد له نار يوم القيامة ويرسل اليه ويؤمر ان يدخلها فان اطاع الرسول ودخلها اصبح موحدآ ، وقالوا ان هناك تكليف يوم القيامة لهؤلاء لتصحيحهم الحديث وان كان ضعيفا ،
فلما قيل لهم كيف يكون مشركآ فى الدنيا باجماع المسلمين وانتم تقولون انه يدخل الجنة ؟
قالوا ، لايدخل الجنة الا من كان موحدآ ، وهذا لما اطاع الرسول في عرصات يوم القيامة وأمر ان يدخل النار التى جعلها الله امتحانا وتكليفا له اصبح موحدآ بطاعته للرسول هناك وبذلك اصبح موحدآ ، وان كان هذا الكلام غير صحيح لضعف حديث الاربعة .
...
وممن قال بالامتحان ايضآ لتصحيحه الحديث ،فقال يمتحنون في عرصات القيامة بنار يأمرهم الله سبحانه وتعالى بدخولها، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً ومن لم يدخلها فقد عصى الله تعالى فهو من أهل النار ، قال به محمد بن نصر المروزي ( في كتابه الرد على ابن قتيبة ، ونقلا من احكام اهل الذمة 650/2 )
...
وقد اعترض معترض على قولهم بان الدار الاخرة دار جزاء لادار تكليف فقالوا

قال ابن تيمية (والتكليف إنما ينقطع بدخول دار الجزاء وهي الجنة والنار، وأما عرصات القيامة فيمتحنون فيها كما يمتحنون في البرزخ، فيقال لأحدهم: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ وقال تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ [القلم: 42-43]…) (مجموع الفتاوي وتفسير ابن كثير وفتح الباري )

وقال الطيبي: (لا يلزم من أن الدنيا دار بلاء والآخرة دار جزاء أن لا يقع في واحده منهما ما يخص الأخرى، فإن القبر أول منازل الآخرة، وفيه الابتلاء والفتنة بالسؤال وغيره) فتح الباري لابن حجر 451/11

ولخص ابن القيم الرد على ذلك فقال: (… فإن قيل: فالآخرة دار جزاء، وليست دار تكليف، فكيف يمتحنون في غير دار التكليف؟ فالجواب: أن التكليف إنما ينقطع بعد دخول دار القرار، وأما في البرزخ وعرصات القيامة فلا ينقطع، وهذا معلوم بالضرورة من الدين من وقوع التكليف بمسألة الملكين في البرزخ وهي تكليف، وأما في عرصة القيامة، فقال تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ فهذا صريح في أن الله يدعو الخلائق إلى السجود يوم القيامة، وأن الكفار يحال بينهم وبين السجود إذ ذاك)طريق الهجرتين ورد على ابن عبدالبر من تسعة عشر وجها ، وذكروا أحاديث على جواز التكليف في الآخرة ذكرها ابن القيم وابن كثير وغيرهم على حد تصحيحهم .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
HOUWIROU
برونزى
HOUWIROU


عدد المساهمات : 199
تاريخ التسجيل : 06/03/2015

 تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله Empty
مُساهمةموضوع: رد: تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله    تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله Icon_minitime1الأحد 19 أغسطس - 3:14


ورد ابن كثير على مثله فقال (وأجاب عن ذلك ببيان قوة الأحاديث الواردة في الباب ، كما نقلناه عنه سابقا ، ثم قال : وأما قوله : " إن الآخرة دار جزاء " : فلا شك أنها دار جزاء ، ولا ينافي التكليف في عرصاتها قبل دخول الجنة أو النار ، وقد قال الله تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ ) ن/42 ، وقد ثبتت السنَّة في الصحاح وغيرها : أن المؤمنين يسجدون لله يوم القيامة ، وأما المنافق : فلا يستطيع ذلك ، ويعود ظهره طبقاً واحداً ، كلما أراد السجود : خَرَّ لقفاه .
وفي الصحيحين في الرجل الذي يكون آخر أهل النار خروجاً منها : أن الله يأخذ عهوده ومواثيقه ألا يسأل غير ما هو فيه ، ويتكرر ذلك مراراً ، ويقول الله تعالى : ( يا ابن آدم ، ما أغدرك ! ) ثم يأذن له في دخول الجنة .
وأما قوله : " وكيف يكلفهم دخول النار وليس ذلك في وسعهم ؟ " : فليس هذا بمانع من صحة الحديث ؛ فإن الله يأمر العباد يوم القيامة بالجواز على الصراط ، وهو جسر على جهنم أحدّ من السيف ، وأدق من الشعرة ، ويمرُّ المؤمنون عليه بحسب أعمالهم ، كالبرق ، وكالريح ، وكأجاويد الخيل والرِّكاب ، ومنهم الساعي ، ومنهم الماشي ، ومنهم من يحبو حبواً ، ومنهم المكدوش على وجهه في النار ، وليس ما ورد في أولئك بأعظم من هذا ، بل هذا أطم ، وأعظم .
وأيضاً : فقد ثبتت السنَّة بأن الدجال يكون معه جنَّة ونار ، وقد أمر الشارع المؤمنين الذين يدركونه أن يشرب أحدهم من الذي يرى أنه نار ، فإنه يكون عليه برداً وسلاماً ، فهذا نظير ذلك .
وأيضاً : فإن الله تعالى قد أمر بني إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم ، فقتل بعضهم بعضاً ، حتى قتلوا ـ فيما قيل ـ في غداة واحدة : سبعين ألفاً ، يقتل الرجل أباه ، وأخاه ، وهم في عمايةِ غمامةٍ أرسلها الله عليهم ، وذلك عقوبة لهم على عبادتهم العجل ، وهذا أيضاً شاق على النفوس جدّاً ، لا يتقاصر عما ورد في الحديث المذكور ، والله أعلم . " تفسير ابن كثير " ( 5 / 58 ) .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تحرير مذهب ابن تيمية رحمه الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قرب المذاهب للسنة مذهب الإمام الشافعي رحمه الله
»  من عجائب ابن تيمية رحمه الله
» ماحيات الذنوب عند ابن تيمية رحمه الله
» مقارنة لطيفة بين الصدق والكذب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
» اكثر من 250 قائدة من فوائد شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-/ للنشر على مواقع (التواصل الاجتماعي) الفيس بوك -تويتر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي المركز الدولى :: ๑۩۞۩๑ (المنتديات الأسلامية๑۩۞۩๑(Islamic forums :: ๑۩۞۩๑نفحات اسلامية ๑۩۞۩๑Islamic Nfhat-
انتقل الى: