منتدي المركز الدولى


القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) 1110
القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) 61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى


القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) 1110
القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) 61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي المركز الدولى،منتدي مختص بتقديم ونشر كل ما هو جديد وهادف لجميع مستخدمي الإنترنت فى كل مكان
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
Awesome Orange 
Sharp Pointer
منتدى المركز الدولى يرحب بكم أجمل الترحيب و يتمنى لك اسعد الاوقات فى هذا الصرح الثقافى

اللهم يا الله إجعلنا لك كما تريد وكن لنا يا الله فوق ما نريد واعنا يارب العالمين ان نفهم مرادك من كل لحظة مرت علينا أو ستمر علينا يا الله

 

 القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عسكر
عضو فضى
عضو فضى
عسكر


عدد المساهمات : 244
تاريخ التسجيل : 30/10/2010

القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Empty
مُساهمةموضوع: القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى)   القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Icon_minitime1الأحد 16 ديسمبر - 10:44


القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى)
القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى)
القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى)

القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) 004510

اولا::القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)

القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Aaa-aa10

لقد حثَّ الإسلام على الزَّواج، واهتمَّ به اهتمامًا عظيمًا، فجعله الله تعالى مِن آياته الدَّالَّة على عظمته وكمال قُدرته، فقال: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون﴾[الروم:21].

فمِن نِعمه تعالى على عباده أنْ جعل لهم مِن أنفسهم أزواجًا مِن جِنْسهم وشكلهم وزيِّهم، ولو جعل الأزواج مِن نوع آخر لما حصل ائتلاف ومودَّة ورحمة؛ ومِن رحمته خلق مِن بني آدم ذُكورًا وإناثًا، وجعل الإناث أزواجًا للذُّكور، فلا أُلفة بين زَوْجين أعظم ممَّا بين الزَّوجين؛ ولهذا ذَكر تعالى أنَّ السَّاحر ربَّما توصَّل بكيده إلى التَّفرقة بين المرء وزوجه(1).

وبالزَّواج يتكاثر النَّاس، ويَعْمُرُون الأرض، قال تعالى: ﴿وَالله جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً﴾[النحل:72].

وقد نبَّه الله تعالى على أنَّه خلق جميع النَّاس من آدم عليه السلام وخلق منه زوجه حوَّاء، ثمَّ بثَّ النَّاس منهما ونشرهم، فقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ الله أَتْقَاكُمْ﴾[الحُجُرات:13]، وقال ـ أيضًا ـ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء﴾[النساء:1]، أي: ذَرَأ مِن آدم وحـوَّاء رجالاً كثيرًا ونساءً عن طريق تزاوجهـم، ونَشَرهم في أقطار العالم على اختلاف أصنافهم وصفاتهم وألوانهم ولغاتهم(1).

والزَّواجُ سبيلٌ لإحصان النَّفس وإعفافها، وهو أََخْفَض وَأَدْفَع لِعَيْنِ الْمُتَزَوِّج عَن الأجْنَبِيَّة، وأَحْفَظ لِلْفَرْجِ عَن الْوُقُوع فِـي الْحَرَام، قال رسول الله ﷺ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَة(2) فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ(3)»(4).

خَصَّ هذا الحديث الشَّبَاب بِالْخِطَابِ؛ لأَنَّ الْغَالِب وُجُود قُوَّة الدَّاعِي فِيهِمْ إِلَى النِّكَاح بِخِلاَفِ الشُّيُوخ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى مُعْتَبَرًا إِذَا وُجِدَ السَّبَب فِي الْكُهُول وَالشُّيُوخ أَيْضًا(5).

ولابدَّ أنْ تُبنى العلاقة بين الزَّوجين على التَّقدير والاحترام، وأنْ يُرَاعِيَ كلُّ واحد منهما حقوقَ صاحبه، وبهذا تمتلئ القلوب محبّة ومودّة، وتَسُود حياتَهما السَّكينةُ والاطمئنانُ.

وقد وردت نصوصٌ كثيرةٌ مِن الكتاب والسُّنَّة تُبرز معالم العِشرة الحسنة، المبْنِيَّة علـى إحسان الزَّوج معاملة زوجته، وطاعة الزَّوجة لِبَعْلِهَا بالمعروف، وبتحقيق هذين الأصلين ـ مِن الحقوق الزَّوجيَّة ـ يعيش الزَّوجان حياة هادئة سعيدة مطمئنَّة.

وفي هذا المقال سأتطرَّق إلى الحديث عن حقوق كلٍّ مِن الزَّوجين، وأبدأ ـ في الجزء الأوَّل منه ـ بحقوق الزَّوجة، على أن يأتيَ الحديثُ عن حقوق الزَّوج في الجزء الثَّاني مِن هذا المقال ـ إن شاء الله تعالى ـ.

* حُقُوق الزّوجة:

للزّوجة حقوقٌ كثيرة مُقابل حقوق الزَّوج، فكلَّما زادت حقوقُ الزَّوج زادت بجانبها حقوق زوجته عليه، قال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَالله عَزِيزٌ حَكُيم﴾[البقرة:228]، ومعنى ذلك أنَّ للمرأة علـى الرَّجل مِن الحقِّ مثلَ ما للرَّجل عليها، لذا يتعيَّن أنْ يؤدِّيَ ما يجب عليه بالمعروف؛ وهذا باستثناء الدَّرجة الَّتي فضَّلـه الله بها، لكن لا يجوز للرَّجل أن يستغلَّ ما فضَّله الله به على المرأة مِن السِّيادة فيظلمها، ويهضمها حقَّها، ويعتدي عليها.

ـ فمِن حقِّ الزَّوجة على زوجها النَّفقة، وليس له ـ وهو في سعة ـ أنْ يأكل مِن طعام لا يأكل منه عِيالُـه، ويلبس ثيابًـا لا يكسوهم مِثْلها، ولا ينبغي أنْ يفحش مع المرأةِ، ولا يكثر مراجعتها، ولا يضرب وجهها؛ لأنَّه أشرف الأعضـاء وأظهرها، ومجمع أكثر الحواس كالسَّمع والبصر، ويشتمل على أجزاء شريفة ولطيفة، فربَّما أدَّى ذلك إلى ضرر فيها، وهو ما يدلُّ على وجوب اجتناب الوجه عند التَّأديب، كما لا يجوز للزَّوج أنْ ينشر سرَّ زوجته، ويكشف لغيره عيبها، ولا يقول لها قولاً قبيحًا، ولا يشتمها، ولا يُسمعها ما تكره؛ لأنَّ ديننا يُوجب على الزَّوج احترام زوجته، وينهـاه عن إهانتها بتوجيه كلمات نابية وقبيحة لها، لِمَا يترتَّب على ذلك من عواقب سيِّئة ووخيمة.

فعَنْ معاوية بن حيدة الْقُشَيْرِيِّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ ـ أَوْ اكْتَسَبْتَ ـ وَلاَ تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلاَ تُقَبِّحْ، وَلاَ تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ»(6).

ونَفقة الزَّوجة فرض على الزَّوج بالكتاب والسُّنَّة، وَانْعَقَدَ الإجْمَاع عَلَى وجوبها(7) وإنَّما وَجبت لها ـ مِنْ جِهَة الْمَعْنَى ـ؛ لأَنَّهَا مَحْبُوسَة عَنْ التَّكَسُّب لِحَقِّ الزَّوْج.

أمَّا الدَّليل مِن الكتاب: فلآيـات كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا﴾[البقرة:233] وتكون النَّفقة من غير إسراف ولا إقتار، بحسب حال الزَّوج ـ فقرًا وغنًى ـ و على قدر الميسرة، قال تعالى: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ الله لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾[الطلاق:7].

وأمَّا من السُّنَّة: فللحديث السَّابق، ولقوله ﷺ ـ أيضًا ـ: «وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ»(Cool.

وَلْيَعْلَمِ الزَّوجُ أنَّ ما يُنفقه مِن ماله على زوجته وأولاده، فهو صدقـة في ميزان حسناته، بل هذا معدود مِن أفضل الصَّدقات، كما قال النَّبيُّ ﷺ: «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ؛ أَعْظَمُهَا أَجْرًاالَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ»(9)، ووجه هذا: أنَّ النَّفقة على الأهل واجبة، وليس الواجب كالنَّفل(10).

قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: «بَدَأَ بِالْعِيَالِ، وَأَيُّ رَجُل أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ رَجُل يُنْفِق عَلَى عِيَاله، يُعِفُّهُمْ وَيَنْفَعُهُمْ اللَّهُ بِهِ؟»(11).

ومِن الإثم العظيم أنْ يُهْمِل الرَّجلُ الإنفاقَ على زوجته وولده ومَن تلزمه نفقته، ومِن الظُّلـم الشَّنيع أن يقتِّر عليهم حتَّى يضيِّعهم، قال رسول الله ﷺ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِس عَمَّنْ يَمْلِك قُوته»(12) وفي رواية: «كَفَـى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ»(13)، وهذا صريح في وجوب نفقة  مَن يَقُوت، لتعليقه الإثم على تركـه، فعلى القادر السَّعي على عيالـه لئلاَّ يُضيِّعهم، فإنْ ضيَّق الرَّجلُ على أهله، ومنع عِياله وزوجته النَّفقة الواجبة، فَلِزَوْجَتِه أنْ تأخذ مِن ماله ولو بغير علمه، ولكن مِن غير إسراف وتبذير بل بالمعروف، وهو ما يعرفه الشَّرع ويأمر به،  وهو الوسط العدل، وقيل: المراد بالمعروف القدر الَّذي عُرِف بالعادة أنَّه الكفاية(14).

فعَنْ أمِّ المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: قَالَتْ هِنْدٌ أُمُّ مُعَاوِيَةَ لِرَسُـولِ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ آخُذَ مِنْ مَالِهِ سِرًّا؟ قَالَ: «خُذِي أَنْتِ وَبَنُوكِ مَا يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ»(15).

ـ والمرأة أسيرة عند زوجها ومحبوسة، فمِن حُسن الخلق مجاملتها، والتَّوسعة عليهـا، والإحسان لها حتَّى يكون أحبّ النَّاس إليها، لذا خصَّها النَّبيُّ ﷺ ضِمن وصاياه في خطبة حجَّة الوداع فقال: «أَلاَ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَـوَانٍ(16) عِنْدَكُمْ، لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ(17) فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُـنّضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ(18) فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً، أَلاَ إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلاَ يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، أَلاَ وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِـي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ»(19).

ولَمَّا كانت المرأة ضعيفة ألحق النَّبيُّ ﷺ الحرج ـ وهو الإثم ـ بمَن ضيَّعها وهضمها حقَّها، وضيَّق ﷺ على مَن ظلمها، فحذَّره مِن ذلك تحذيرًا بليغًا، وزَجَره زَجْرًا أكيدًا، فقال: «إنِّي أحرّج عَلَيْكُمْ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: اليَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ»(20).

ـ والرَّجل الصَّالح هَو مَن يحسن عِشرة أهله ولا يعاملها بقَسوة، فقد كان النَّبيُّ ﷺ مِثالَ الزَّوج الصَّالح في احترام زوجاتـه، وكان أحسن النَّاس عِشرة لنسائـه، برًَّا ونفعًا، دِينًا ودُنيا، بل كان على الغاية القُصوى مِن حسن الخلق معهـنَّ، وكان يداعبهنَّ ويُباسطهنَّ، حتَّى إنَّه كان يرسل بنات الأنصار لعائشة رضي الله عنها يلعبن معها(21) وإذا شَرِبَتْ شَرِب مِن موضـع فمها(22) ويقبِّلها وهو صائم(23) وأراها الحبشة وهم يلعبون في المسجد، وهـي متَّكئة على منكبه(24) وسابقها فـي السَّفر مرَّتين فسبقته وسبقها، ثمَّ قال: «هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَة»(25) وهو القائل ﷺ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي»(26).

ولم يكن ـ عليه الصَّلاة والسَّلام ـ  ضرَّابًا للنِّساء، فعَنْ أمِّ المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَادِمًا لَهُ قَطُّ، وَ لاَ امْرَأَةً لَهُ قَطُّ، وَلاَ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَانْتَقَمَهُ مِنْ صَاحِبِهِ  إِلاَّ أَنْ تُنْتَهَكَ مَحَارِمُ اللَّهِ عز وجل فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ عز وجل وَمَا عُرِضَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَيْسَرُ مِنْ الآخَرِ إِلاَّ  أَخَذَ بِأَيْسَرِهِمَا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَأْثَمًا، فَإِنْ كَانَ مَأْثَمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ»(27).

وإذا كان خيرُ النَّاس هم خِيارهم لنسائهم، فمقتضاه أنَّ مَن كان على عكس ذلك فهو في الجانب الآخر، قال رسول الله ﷺ: «لَقَدْ طَافَ اللَّيْلَةَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ، كُلُّهنَّ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجهنَّ مِنَ الضَّرْبِ، وَايْمُ اللهِ لاَ تَجِدُونَ أُولَئِكَ خِيَارَكُمْ»(28).

ولقد قبَّح النَّبيُّ ﷺ صنيع الَّذين يُعامِلون زوجاتهم بقسوة، ثمَّ في المساء يطلبون حقَّهم منهنَّ، فقـال: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ فَيَجْلِـدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ»(29) وذلك أنَّ المضاجعة إنَّما تُستحسن مَع مَيل النَّفس والرَّغبة، والمضروب غالبًَا ينفر مِن ضاربه(30).

وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّه لا تعارض بين هذه الأحاديث التي فيها نهي النَّبيِّ ﷺ عن ضرب النِّساء، والنُّصوص الشَّرعيَّة الأخرى الَّتي بيَّنت السَّبيل القويم الَّذي على الزَّوج أن يسلكه إذا رأى ترفُّعًا من زوجته، نحو قوله تعالى: ﴿وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ الله كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾[النساء:34].

وكذا قول رسول الله ﷺ في الحديث السَّابق ـ مِن خُطبة حجَّة الوداع ـ: «...إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً...» الحديث.

والجمع بين هذه النُّصوص ـ الَّتي تبدو متعارضة لأوَّل وَهْلة ـ أنْ يُقال: إنَّ الضَّرب لا يُباح إلاَّ في أحوال خاصَّة، وهذا بعد فشل الطُّرق العلاجيَّة الأولى، مِن وعظٍ ونصحٍ وإرشادٍ، ثمَّ هجرٍ في المضجـع، ثمَّ إنْ كان ولابدَّ فليكن التَّأديب بالضـَّرب اليسير، الَّذي يؤثّر في النَّفس لا في الجسد، بحيث لا يحصل منه النُّفور التَّام بين الزَّوجين.

ومِن جهة أخرى يمكن أنْ يُقال: إنَّ للزَّوج أنْ يضرب زوجته تأديبًا إذا رأى منها ما يكـره، فيما يجب عليها فيه طاعته، فإنْ اكتفى بالتَّهديد ونحوه كان أفضل، ومهما أمكن الوصول إلى الغرض بالإيهام لا يعدل إلى الفعل، لما في وقوع ذلك مِن النُّفرة المضادَّة لحسن المعاشرة المطلوبة في الزَّوجية، إلاَّ إذا كان في أمر يتعلَّق بمعصية الله(31).

وقيل: يحتمل أنْ يكون النَّهي على الاختيار، والإذن فيه على الإباحة.

وقيل: النَّهي عن ضربهنَّ كان قبل أمره ﷺ به، وقبل نزول الآية بضربهنَّ، ثمَّ أذِن بعد نزولها فيه.

قال عليّ القاري: «والأظهر: أنَّ النَّهي مُقيَّد بالضَّرب الشَّديد، فلا ينافيه أمره بالضَّرب المطلق بل يخصُّه»(32).

ـ وإذا ما امتثلت المرأة لطاعة زوجها، وأتت كلّ ما يريده منها ممَّا أباحه الله تعالى لـه، فلا سبيل له عليها بعـد ذلك؛ لأنَّ ضرب المرأة إنَّما أُبيح مِن أجل عصيانها زوجَها فيما يجب مِن حقِّه عليها، وإلاَّ فليس له ضربُها ولا هجرُها؛ لأنَّ ذلك مِن الأذى، وقد حرَّم الله تعالى أذى المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا، فكذلك ضربهنَّ بغير ما اكتسبن ، لقوله تعالـى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾[الأحزاب:58] وسواء كان المضروب امرأةً وضاربها زوجُهـا، أو مملوكًا وضاربُه مولاه، أو صغيرًا وضاربُه والدُه؛ لأنَّ الله أباح لهؤلاء ضرب مَن ذُكِر بالمعروف على ما فيه صلاحُهم(33).

فإذا بغى الأزواج على النِّساء مِن غير سبب، فإنَّ الله العليَّ الكبير وليُّهنَّ، وهو مُنتقم ممَّن ظلمهنَّ وبغى عليهنََّ؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ الله كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾[النساء:34] فاحذروه فإنَّ قدرتَه سبحانه عليكم أعظمُ مِن قدرتكم على مَن تحت أيديكم منهنَّ، وأنَّه تعالى على علوِّ شأنه  وكمال ذاته يتجاوز عن سيِّئاتكم، فتجاوَزُوا أنتم عن سيِّئات أزواجكم، وأنَّه تعالى قادرٌ على الانتقام منكم، غير راضٍ بظلم أحد، وأنَّه سبحانه مع علوِّه المطلق وكبريائـه لم يكلِّفكم إلاَّ ما تطيقون، فكذلك لا تكلِّفوهنَّ إلاَّ ما يُطِقْن.

فإذا كنتَ ـ أيُّها الزَّوج ـ متعاليًا في نفسك، فاذكر علوَّ الله عز وجل؛ وإذا كنتَ عظيمًا في نفسك، فاذكر عظمة الله تعالى وإذا كنتَ كبيرًا في نفسك، فاذكر كبرياء الله تعالى(34).

وقد أرشد الله تعالى الرِّجال إلى الطَّريقة الحسنة الَّتي يجب عليهم أنْ يسلكوها في حال بُغْضِهِم لأزواجهم، فقال: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ الله فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾[النساء:19]، ومعنى ذلك أنْ يحسن الزَّوج صُحبتها ومُعاملتها، ويُسايرها فيما أحلَّه الله لا فيما حرَّم، لا سيما إذا كانت حديثة السِّنِّ، ويكفّ أذاه عنها، ويُظهـر لها البِشْر والطَّلاقة، وينبسط معها.

والمعاشرة بالمعروف تحوي جميع حقوق الزَّوجة على زوجها، ممَّا ذُكر سابقًا، وما سيأتي بعد هذا لاحقا ـ إن شاء الله تعالى ـ.

ـ وعلى الرَّجل أنْ يحرص على أداء حقِّ زوجته ويُعفّها عن الحرام، لا يُشغله عن ذلك صلاة تطوُّع ولا صيام نفل، فضلاً عن غير ذلك مِن أمور الدُّنيا؛ فعن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيّ ﷺ قَالَتْ: «دَخَلَتْ عَلَىَّ خُوَيْلَةُ بِنْتُ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ ابْنِ حَارِثَةَ بْنِ الأَوْقَصِ السُّلَمِيَّةُ، وَكَانَتْ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، قَالَتْ: فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَذَاذَةَ هَيْئَتِهَا(35) فَقَالَ لِى: «يَا عَائِشَةُ! مَا أَبَذَّ هَيْئَةَ خُوَيْلَةَ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! امْرَأَةٌ لاَ زَوْجَ لَهَا، يَصُومُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ، فَهِيَ كَمَنْ لاَ زَوْجَ لَهَا، فَتَرَكَتْ نَفْسَهَا وَأَضَاعَتْهَا ـ قَالَتْ ـ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ فَجَاءَهُ، فَقَالَ: «يَا عُثْمَانُ! أَرَغْبَةً عَنْ سُنَّتِي؟» قَالَ: فَقَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَ لَكِنْ سُنَّتَكَ أَطْلُبُ، قَالَ: «فَإِنِّي أَنَامُ وَأُصَلِّي وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأَنْكِحُ النِّسَاءَ، فَاتَّقِ اللَّهَ يَا عُثْمَانُ فَإِنَّ لأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَصُمْ وَأَفْطِرْ وَصَلِّ وَنَمْ»(36).

ـ وعلى الزَّوج أن يغضَّ طَرْفَه عن بعض أخطاء زوجته وهفواتها، ما لم يكن في ذلك إثم ومعصية، فإذا أبغض مِنها تصرُّفـا، أو كَرِه منها خُلقا معيَّنا، رضي منها آخر؛ لأنَّ الكمال لله تعالى وحده، ولله درُّ القائل:

ومَن ذا الذي تُرضَى سجاياه كلّها

كـفـى الـمرءَ نُبْلاً أنْ تُعدَّ معــايبـــه

وفي هذا المعنى يقول نبيُّنا ﷺ: «لاَ يَفْرَكْ(37) مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَـا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ ـأَوْ قَـالَ غَيْرَهُ ـ»(38).

أي: لا ينبغي للرَّجل أنْ يُبغضها لما يرى منها فيكرهه؛ لأنَّه إذا كره شيئًا رضي آخر، فَلْيُقَابِل هذا بذاك، فمثلاً إنْ كَرِه منها خُلُقًا حَمِد دينها وقناعتها وحفظها لماله وشفقتها عليه، وخدمتها له؛ فلا تخلو المؤمنة مِن خلّة حسنة يحمدها الزَّوج عليها.

والمراد مِن الحديث: أنَّ المؤمنة يحملها الإيمان على استعمال خِصال محمودة يحبُّها المؤمن، فيحمل ما لا يحبُّه لما يحبُّه، وفيه إشارة إلى أنَّ الصَّاحب لا يُوجد بدون عَيب، فإنْ أراد الشَّخصُ بريئًا مِن العيب يبقى بلا صاحِـب، ولا يخلو الإنسان سِيَما المؤمـن عن بعض خصال حميدة، فينبغي أنْ يراعيها، ويستر عيبها(39)، وقد أحسن مَن قال:

إذا كنت في كـلِّ الأمـور مُعَاتِـبًا

أَخًــا لـك لـم تَـلْـقَ الـذي  لا تُعاتبـه

فَعِـشْ واحدًا أو صِـلْ أخاك فــإنّـه

مُـقَـــارِفُ ذنـــبٍ مـــــرَّة ومــجـــانـبـه

إذا أنتَ لم تشرب مِرارًا علـى القذى

ظَمِئْتَ وأيُّ النَّاس تصفو مَشَارِبُه(40)

لذا يتعيّن على الزَّوجِ أنْ يتنازلَ عن كثيرٍ مِن محبوباته ورغباته مِن أجلِ استقرارِ أحـوالِ بيته أبنائه، وخاصَّة إذا كانت زوجتُه تقوم له بكلِّ حُقوقه، ولا تعصيه في معروف.

ـ وممَّا يجدر له التَّنبيه هنا إعلام الزَّوج أنَّ المرأة لم تُخلق كاملة، لذا يتعيَّن عليه مُداراتها وملاطفتها لاستمالة نفسهـا، وتأليف قلبها، وسياستها بأخذ العفو عنها، والصَّبر عليها؛ فإنَّه بذلك يبلغ ما يريده منها مِن الاستمتاع بها، وحُسن العِشرة معهـا الَّذي هو أهمُّ المعيشة، وإلاَّ فإنْ رام تقويمها فاته النَّفع بها، مع أنَّه لا غِنى له عن امرأة يسكن إليها.

قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ، فَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَبِهَا عِوَجٌ، وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا، وَكَسْرُهَا طَلاَقُهَا»(41).

وقال ﷺ ـ أيضًا ـ: «إِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ، وَإِنَّكَ إِنْ تُرِدْ إِقَامَةَ الضِّلَعِ تَكْسِرْهَا، فَدَارِهَا(42)تَعِشْ بِهَا»(43).

والمعنى: أنَّ النِّساء في خَلْقِهنَّ اعوجاج في الأصل، فلا يستطيع أحدٌ أنْ يغيِّرهنَّ عمَّا جُبِلْنَ عليه، فلو ذهب الرَّجـل يردُّها إلى الاستقامة، وبالغ في ذلك، وما سامحها في أمورها، وما تغافل عن بعض أفعالها كسرها، كما هو مُشاهد في المُعْوَجِّ الشَّديـد اليابس، وكسرها طلاقها، كما قال النَّبيُّ ﷺ.

وفي هذا إشعارٌ باستحالة تقويمها، أي: إنْ كان لابدَّ مِن الكسر، فكسرها طلاقها؛ لذا أرشد النَّبيُّ ﷺ ـ في هذا الحديث ـ ونصح بملاطفة النِّساء، وحَثَّ على الرِّفق بهنَّ، والإحسان إليهنَّ، والصَّبر على عِوَج أخلاقهنَّ، واحتمال ضعف عقولهنَّ وكراهة طلاقهنَّ بلا سبب شرعيٍّ، وأنَّه لا مَطْمَع في استقامتهنَّ الاستقامة التَّامَّة؛ وفيه رمز إلى التَّقويم برفق، بحيث لا يُبالغ فيه فيُكْسر، ولا يتركه على عوجه فيفسد؛ وإلى ذلك يُشير قوله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَ يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون﴾[التحريم:6] (44).

ويجوز للرَّجل في هذا الباب أن يُظهر لزوجته خلاف ما يُبطن، فيكذب عليها إرضاءً لخاطرها، وطلبًا للمودَّة والألفة بينهما.

ومعنى كذبه عليها هو أنْ يَعِدَها ويمنِّيها، ويُظهر لها مِن المحبَّة أكثر ممَّا في نفسه، يستديم بذلك صُحبتها، ويُصلح به خُلقها.

فعَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ قَالَتْ: «مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُرَخِّصُ في شَيْءٍ مِنْ الكَذِبِ إِلاَّ في ثَلاَثٍ، كَانَ رَسُـولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «لاَ أَعُدُّهُ كَاذِبًا: الرَّجُلُ يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، يَقُولُ الْقَوْلَ وَلاَ يُرِيدُ بِهِ إِلاَّ الإِصْلاَحَ، وَالرَّجُلُ يَقُولُ في الحَرْبِ، وَالرَّجُلُ يُحَدِّثُ امْرَأَتَهُ، وَالمَرْأَةُ تُحَدِّثُ زَوْجَهَا»(45).

على أنْ لا يكون كذبه عليها لإسقاط حقٍّ وجب عليه، وإنَّما يخبرها بالأمور المعنويَّة، الَّتي لا يمكن لها أن تكتشف كذبه فيها.

قال النَّووي: «وَأَمَّا كَذِبه لِزَوْجَتِهِ وَكَذِبهَا لَهُ، فَالْمُرَاد بِهِ في إِظْهَار الوُدِّ وَالوَعْد بمَا لاَ يَلْزَم وَنَحْو ذَلِكَ، فَأَمَّا الْمُخَادَعَة في مَنْع مَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا، أَوْ أَخْذ مَا لَيْسَ لَهُ أَوْ لَهَا، فَهُوَ حَرَام بِإِجْمَاعِ المُسْلِمِينَ، وَاَللَّه أَعْلَم»(46).

وإذا علمَ الزَّوجُ هذه الحقيقة، اقتنع بأنَّ الحِلم هو قِوام أسرته، واستمرار حياته مع زوجته، فيوطِّن نفسه على الصَّبر وتَحَمُّل كثيرٍ ممَّا يكره، وهذا هو الَّذي كان عليه النّبيّ ﷺ مع أزواجه ـ رضي الله عنهنَّ ـ مِن الحِلم والتَّجاوز، ففي حديث ابن عبَّاس رضي الله عنه الطَّويل، يحكي فيه قول عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه قال: «...وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصِحْتُ عَلَـى امْرَأَتِي، فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، فَقَالَتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ، فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ ﷺ لَيُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ الْيَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ...»(47).

قال الحافظ ابن حجر: «وفيه (أي: هذا الحديث) أنَّ شدَّة الوطأة على النِّساء مذموم؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ أخذ بسيرة الأنصار في نسائهم، وترك سيرة قومه»(48).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْـتِ عَلَيَّ غَضْبَى»، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَـالَ: «أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ»، قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُول اللَّهِ ﷺ، مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ»(49).

فما أروع هذا الموقف مِن النَّبيِّ ﷺ الَّذي إنْ أقامه الزَّوجان في بيتهما استمرّت حياتهما بسلام، فعلى الرَّجل أنْ يستقرئ حال المرأة مِن فعلها وقولها فيما يتعلّق بالميل إليه وعدمه، حيث إذا غضبت تعيَّن عليه أن يكون حليمًا صبورًا، ولا يقابل غضبهـا بمثله أو بأشدّ منه، فيقع ما ليس بالحسبان، وتنشأ العداوة، ويشتدُّ الخصام، وربَّما تهدَّمت أركان الأسرة، وتمزَّق شملها.

ولكن هذا لا يعني أنَّ الزَّوج يُطلق لزوجته الحبل فتسيء وتُفسد، أو يتركها على الاعوجاج إذا تعـدَّت ما طُبعت عليه مِـن النَّقص إلى تعاطي المعصية بمباشرتها، أو بترك الواجب، بل المراد تركها على عِوَجها في الأمور المباحة فقط(50).

وأمَّا إذا تعلَّق الأمر بالحرام ومواقعة المعصية، فعليه أنْ يعالج المخالفة برفق وحِكمة؛ لأنَّ المنكر لا يُعالَج بمنكر مثلِه بل بمعروف ثمَّ يغتنم فرصة هدوئها واستقرار بالها، فينصحها ويرشدها، فتعترف حينئذ وتستجيب.

قال ابن بطَّال: «قال الطَّبري: فيه الدّلالة الواضحـة على أنَّ الَّذي هو أصلح للمرء، وأحسن به الصَّبر على أذى أهلـه، والإغضاء عنهم، والصّفح عمَّا يناله منهنَّ مِن مكروه، في ذات نفسه، دون ما كان في ذات الله»(51).


[يـتـبـع]

القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) 004510
===========================
(1) انظر: «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (2 /206 و525) و(4 /586).

(2) الباءة: المنْزِلِ؛ لأنَّ مَن تزوَّج امْرأة بَوَّأها مَنْزلاً. قاله ابن الأثير في «النِّهاية في غريب الحديث» (1 /419). وقيل: هي مُؤْنة الزَّواج وتكاليفه.

(3) الوِجَاء: هُوَ رَضّ الخُصْيَتَيْنِ، وَقِيلَ: رَضّ عُرُوقِهِمَا، وَمَنْ يُفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ تَنْقَطِعُ شَهْوَته، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الصَّوْمَ قَامِع لِشَهْوَة النِّكَاح، وَيَقْطَع شَرّ الْمَنِيّ؛ انظر: «فتح الباري» لابن حجر (6 /146) و«شرح مسلم» للنّووي (5 /70).

(4) أخرجه البخاري (5066) ومسلم (3464).

(5) أفاده الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (14 /393).

(6) أخرجه أبو داود (2142) وهو في «صحيح سنن أبي داود» (1875).

(7) نقل الإجماع الحافظ ابن حجر في «الفتح» (15 /211) والنَّووي في «شرحه على مسلم» (4 /312).

(Cool رواه مسلم (3009).

(9) رواه مسلم (995).

(10) انظر: «كشف المشكل من حديث الصَّحيحين» لابن الجوزي (3 /555).

(11) انظر: «فتح الباري» (15 /210).

(12) رواه مسلم (996).

(13) أخرجه أحمد (6495) وأبو داود (1692) وهو في «صحيح سنن أبي داود» (1442).

(14) انظر: «فيض القدير شرح الجامع الصغير» للمُناوي (4 /552) و«عون المعبود شرح سنن أبي داود» للعظيم آبادي (9 /326).

(15) أخرجه البخاري (2211) ومسلم (4574).

(16) العواني: جَمْعُ عانيةٍ، وهي الأسيرة المحبوسة؛ انظر: «النِّهاية في غريب الحديث» (3 /598).

(17) الفاحشة المبيّنة: هي الفحش والقُبح، والمراد النُّشوز وشكاسة الخُلق، وإيذاء الزَّوج باللِّسان، لا الزِّنا إذْ لا يناسب.

انظر: «حاشية السِّندي على ابن ماجه» (4 /108).

(18) الضَّرب المبرِّح: هو الشَّديد والشَّاقّ والمؤثِّر؛ انظر: «شرح النَّووي على مسلم» (4 /312).

(19) رواه التِّرمذي (1163) وابن ماجه (1924) وهو في «صحيح سنن ابن ماجه» (1501).

(20) رواه أحمد (2 /439) وابن ماجه (3678)، وهو في «الصحيحة» (1015).

(21) البخاري (6130) ومسلم (6440).

(22) مسلم (718).

(23) البخاري (1927) ومسلم (2632).

(24) البخاري (435) ومسلم (1481).

(25) «صحيح سنن أبي داود» (2578).

(26) رواه التِّرمذي (4269) وابن ماجه (2053) وهو في «صحيح سنن التِّرمذي» (3057).

(27) رواه أحمد (24080) وقال شُعيب الأرنؤوط في «تعليقه على المسند» (6 /21): «حديث صحيح».

(28) أخرجه أبو داود (2146) والنّسائي في «الكبرى» (9167) وابن ماجه (1985) والحاكم (2765) وهو في «صحيح سنن أبي داود» (1863) و«صحيح سنن ابن ماجه» (1615).

(29) رواه البخاري (4942) ومسلم (2855).

(30) انظر: «عمدة القاري شرح صحيح البخاري» للعيني (20 /193).

(31) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (9 /204).

(32) «مرقاة المفاتيح شرح مِشكاة المصابيح» (10 /182).

(33) انظر: «شرح البخاري» لابن بطَّال (13 /308).

(34) انظر ـ في معنى الآية ـ: «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (2/296) و«روح المعاني» للآلوسـي (4 /45) و«تفسير القرآن الكريم» للعثيمين (5 /205).

(35) البَذَاذَة: هي رَثَاثَة الهيئة، وسوء الحال؛ انظر: «لسان العرب» (3 /477).

(36) رواه أحمد (27062) وهو في «صحيح الجامع» (7946).

(37) أي: لا يُبغض ويَكره.

(38) رواه مسلم (1469).

(39) انظر: «الدّيباج شرح صحيح مسلم بن الحجَّاج» للسّيوطي (4 /80)، و«مِرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» لعليّ القاري (10 /181) و«كشف المشكل مِن حديث الصَّحيحين» لابن الجوزي (3 /591).

(40) «طبقات الشُّعراء» لابن المعتز (1 /3).

(41) رواه مسلم (1468).

(42) أي: لايِنْها ولاَطِفْها.

(43) رواه أحمد (20105) وهو في «صحيح الجامع» (1944).

(44) انظر: «تحفة الأحوذي» للمباركفوري (3 /275)، و«شرح مسلم» للنّووي  (5 /207)، و«فيض القدير شرح الجامع الصّغير» للمُناوي (2 /491).

(45) رواه مسلم (6799) وأبو داود (4921) واللَّفظ له وهو في «السِّلسلة الصَّحيحة» (545).

(46) «شرح مسلم» (8 /426) .

(47) رواه البخاري (2468) ومسلم (3768).

(48) «فتح الباري» (14 /482).

(49) رواه البخاري (4930) ومسلم (2439).

(50) انظر: «فيض القدير شرح الجامع الصّغير» للمُناوي (2 /491).

(51) «فتح الباري» (13 /306).



* منقول من مجلة الإصلاح «العدد 11»

القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Uo_oao10

القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى)
القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى)
القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى)




‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) 4837alsh3er


عدل سابقا من قبل عسكر في الأحد 16 ديسمبر - 10:55 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عسكر
عضو فضى
عضو فضى
عسكر


عدد المساهمات : 244
تاريخ التسجيل : 30/10/2010

القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Empty
مُساهمةموضوع: ثانيا القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الثَّاني)    القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Icon_minitime1الأحد 16 ديسمبر - 10:52


ثانيا القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الثَّاني)

القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Aaa-aa10

هذا هو الجزء الثَّاني مِن مقال: «القول المبين في العِشرة بين الزَّوجين»، وكنتُ ذكرتُ في الجزء الأوَّل منه: «حقوق الزَّوجة»، وهذا خصَّصتُه للحديث عن:

* حُقُوق الزَّوج:

حَقُّ الزَّوج على زوجته عظيم، بل هو مِن أعظم الحقوق، «وليس على المرأة بعد حقِّ الله ورسوله أوجب مِن حقِّ الزَّوج»(1)، وقد أخبر الله تعالى أنَّ حقَّه عليها أعظم مِن حقِّها عليه، فقال سبحانه: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾[البقرة:228]، قال الجصَّاص: «أخبر الله تعالى في هذه الآية أنَّ لكلِّ واحد مِن الزَّوجين على صاحبـه حقًّا، وأنَّ الزَّوج مختصٌّ بحقٍّ له عليها، ليس لها عليه مثله»(2).

ورَفَعَ الله تعالى درجةَ الرَّجل على المرأة في المنزلة والفضيلة والخُلُق وطاعة الأمر والإنفاق والقيام بالمصالح، وفُضِّل عليها في الميراث، والغنيمة، والجماعة، والجُمُعة، والخِلافة، والإِمارة، والجهاد، وجُعل الطَّلاق بيده(3).

وجعل الله تعالى القِوامة للرَّجل على المرأة، فقال سبحانه: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾[النساء:34] أي: الرَّجل قَيِّم على المرأة، فهو رئيسها، وكبيرها، والحاكم عليها، وحُكْمُه نافذٌ في حقِّها، وهو مؤدِّبها إذا اعوجَّت، وهو خيرٌ منها، ولهذا كانت النُّبوَّة مختصَّة بالرِّجال، وكذلك المُلْك الأعظم، ومنصب القضاء  وغير ذلك.

والمراد: أنَّه يقوم بالذَّبِّ عنها، ويسعى لمصلحتها، ويمنعها عن مواقع الآفات، كما تقوم الحكَّام والأمراء بالذَّبِّ عن الرَّعيَّة، و جاء اللَّفظ بصيغة المبالغة ـ في قوله: ﴿قَوَّامُونَ﴾ ـ: ليدلَّ على أصالتهم في هذا الأمر، ثمَّ قال سبحانه  وتعالى: ﴿وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾[النساء:34] أي: وبما سَاقُوا لهنَّ مِن المهور، وصرفوا عليهنَّ مِن الأمـوال الَّتي أوجبهـا الله عليهم لهنَّ، فهم يقومون بما يَحْتَجْنَ إليه مِن النَّفقة في المطْعَم والمشْرَب والملْبَس والمسْكَن وغير ذلك، ولهـذا كان قيام المرأة بخدمة الرَّجل واجبًا مؤكَّدًا، رعايةً لهذه الحقوق المذكورة، فناسب ـ حينئذ ـ أنْ يكون الرِّجال قَوَّامين على النِّساء، قائميـن علـى تأديبهنَّ في الحقِّ، والأخذ بأيديهنَّ(4).

وقد أمر الله تعالى الزَّوجين بإقامة حدوده، وحَكَم على من تعدَّاها بأنَّه من الظَّالمين المعتدين، فقال سبحانه: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ الله فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُون﴾[البقرة:229]، «وإقامة حدود الله: فسَّرها مالك رحمه الله بأنَّها حقـوق الزَّوج وطاعته والبرِّ به، فإذا أضاعـتِ المرأةُ ذلك: فقد خالفتْ حدود الله»(5).

وإنْ كانَتْ «كلُّ نفسٍ مِن بني آدم سيِّد، فالرَّجل سيِّد أهله...»(6)، أي: أنَّ الزَّوجَ سيِّدُ الزَّوجةِ، كما قال الله تعالى ـ في قصَّة يوسف عليه السلام ـ: ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾[يوسف:25]، أي: زوجَها(7)، وسمَّى الله ـ سبحانـه ـ الزَّوج «بَعْلاً» في مواضع عدَّة مِن كتابه العزيـز، منها: قوله تعالى ـ حكاية عن امرأة إبراهيم عليه السلام ـ: ﴿قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا﴾[هود:72]، قال ابن منظور: «وإنَّما سُمِّي زوج المرأة «بَعْلاً»؛ لأنَّه سيِّدها ومالكها»(Cool.

ومِن المعلوم أنَّ السُّجودَ لا يَصْلُحُ أنْ يكون لمخلوقٍ، ولو صَلَحَ أنْ يسجدَ بشرٌ لبشرٍ؛ لأُمِرَتِ المرأةُ بالسُّجود لزوجها «لكثرة حقوقه عليها، وعَجْزِها عن القيام بشكرها؛ وفي هذا غاية المبالغة لوجوب إطاعة المرأة في حقِّ زوجها»(9) فعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ مِنْ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «مَا هَذَا يَا مُعَاذُ؟!»، قَالَ: أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لأَسَاقِفَتِهِمْ(10) وَبَطَارِقَتِهِمْ(11) فَوَدِدْتُ فِي نَفْسِي أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فَلاَ تَفْعَلُوا، فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ لأَمَرْتُ المَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ تُؤَدِّي المَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّـى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا، وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى قَتَبٍ(12) لَمْ تَمْنَعْهُ»(13) «وهو حثٌّ لهنَّ على مُطاوعة الأزواج ولو في هذه الحال، فكيف في غيرها؟!»(14).

وطاعةُ الزَّوجِ واجبةٌ، ولِعِظَم حقِّه على زوجته، قَرَنَ النَّبيُّ ﷺ بين طاعته وطاعة الله تعالى وأداء الفرائض الدِّينيَّة؛ فعَنْ عَبْـدِ الرَّحْمَنِ ابنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا صَلَّتِ المَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: اُدْخُلِي الجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ شِئْتِ»(15).

وعَنِ الحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ رضي الله عنه أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فِي حَاجَةٍ، فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟ قَالَتْ : مَا آلُوهُ(16) إِلاَّ مَا عَجَزْتُ عَنْهُ، قَـالَ: فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُـوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ»(17).

وطاعة الزَّوج مُقَدَّمَة على طاعة الوالدين، وطاعة الأبوين تنتقل إلى الزَّوج؛ قال شيخ الإسلام رحمه الله: «قوله: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ الله﴾[النساء:34]، يقتضي وُجوب طاعتها لزوجها مطلقًا، مِن خدمةٍ، وسفرٍ معـه،  وتمكين له، وغير ذلك، كما دلَّت عليه سنَّة رسول الله ﷺ...، كما تجب طاعة الأبوين؛ فإنَّ كلَّ طاعة كانت للوالدين انتقلت إلى الزَّوج، ولم يَبْقَ للأبوين عليها طاعة، تلك وجبت بالأرحام، وهذه وجبت بالعهود»(18).

وسئل رحمه الله عن امرأة تزوَّجت وخرجت عن حُكم والديها، فأيُّهما أفضل: برُّها لوالديها؟ أو مُطاوعة زوجها؟

فأجاب: «الحمد لله ربِّ العالمين، المرأة إذا تزوَّجت كان زوجها أملك بها مِن أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب... فالمرأة عند زوجها تُشبه الرَّقيق والأسير، فليس لها أنْ تخرج مِن منزله إلاَّ بإذنه، سواء أمرها أبوها أو أمُّها أو غيرُ أبويها باتِّفاق الأئمَّة»(19).

فإنْ عَصَتِ المرأةُ زوجَها رَاحَتْ تَغْدُو في سَخَط الله، وكان مَصِيرُها إلى النَّار وبِئْسَ القرار، إلاَّ أنْ تتوب إلى الله تعالى، وتندم على ما صدر منها، وإنْ أطاعته في المعروف دخلت الجنَّة؛ لأنَّ طاعتَه مِن مُوجبات ذلك.

ولكن هذه الطَّاعة مَشْرُوطةٌ بما ليس فيه معصية لله عز وجل، فلو دعا الرَّجلُ زوجتَه إلى معصيةٍ فلا يجوز لها  «أنْ تُطِيعَه فيمـا لا يحلُّ، مِثل أنْ يطلب منها الوَطْء في زمان الحيض، أو في المحلِّ المكروه، أو في نهار رمضان، أو غير ذلك مِن المعاصي»(20).

وهذا لحديث عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه ـ الَّذي في «الصَّحيحين» ـ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال: «لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ»(21).

وقد حذَّر رسول الله ﷺ مِن معصيةِ المرأةِ زوجَها، وحرَّم عليها إغضابَه لِسُوء خُلق، أو ترك أدب، أو نُشوز، وجعل عِصيانها له مانعًا مِنْ قبول صلاتها، ومِن رَفْعها إلى السَّماء ـ كما يُرفع العمل الصَّالح ـ فقال ﷺ: «ثَلاَثَةٌ لاَ تُجَاوِزُ صَلاَتُهُمْ آذَانَهُمْ: العَبْدُ الآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ(22) وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ»(23).

وَلْتَعْلَمِ المرأةُ أنَّها إذا آذَتْ زوجَها وأغضبته، دَعَتْ عليها زوجتُه مِن الحور العين باللَّعنة والهلكة، قال رسـول الله ﷺ: «لاَ تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنْ الحُورِ العِينِ: لاَ تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللَّهُ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكَ دَخِيلٌ(24) يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا»(25)، ففي هذا الحديث ـ كما يظهر ـ إنذارٌ للزَّوجات وترهيب لهنَّ مِن إيذاء أزواجهنَّ.

* فمِن حقِّ الزَّوج على زوجته أنْ تقرَّ في بيته، ولا تخرج منه إلاَّ للحاجة، وله أن يمنعها مِن الخروج، قال تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى﴾[الأحزاب:33]، أي: اِلْزَمْنَ بيوتكنَّ فلا تخرجْنَ لغير حاجة، ومِن الحوائج الشَّرعيَّة الصَّلاة في المسجد بشرطه(26)، ومِن ذلك: الخروج لحقٍّ أقوى مِن حقِّ الزَّوج، كحقِّ الشَّرع: مِثل حجَّة الفريضة، فللمرأة أنْ تخرج للحجِّ وإنْ لم يأذن لها زوجها؛ لأنَّ حقوق الزَّوج لا تجب في الفروض، وهذا بشرط أنْ تجد مَحْرَمًا يرافقها(27).

وإذا شُرِع للمرأة أنْ تخرجَ لحاجة، فليس لها أنْ تفعل إلاَّ بعد استئذان زوجِها؛ قال رسول الله ﷺ: «إِذَا اسْتَأْذَنَتِ امْرَأَةُ أَحَدِكُمْ إِلَـى الْمَسْجِـدِ فَلاَ يَمْنَعْهَا»(28)، فيُفهم مِن الحديث: أنَّها إذا أرادت الخروج فلابدَّ أنْ تستأذِن، كما يُفهم منه أنَّ للزَّوج منعَها مِن ذلك إلاَّ فيما استثناه الشَّرع، ممَّا لها فيه حاجة ضروريَّة شرعيَّة.

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: «إنَّ المرأة لا تخرج إلى المسجد بدون إذْن زوجها، فإنَّه لو لم يكن له إذْن ـ في ذلك ـ لأمرها أنْ تخرج إنْ أذِن أو لم يأذن»(29).

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: «لا يحلُّ للزَّوجة أنْ تخرج مِن بيتها إلاَّ بإذنه، ولا يحلُّ لأحد أنْ يأخذها إليه ويحبسها عن زوجها، سواء كان ذلك لكونها مُرْضِعًا، أو لكونها قابلة، أو غير ذلك مِن الصِّناعات، وإذا خرجتْ مِن بيت زوجها بغير إذنه كانـت ناشزةً، عاصيةً لله ورسوله، ومُستحقَّةً للعقوبة»(30).

* ومِن حقِّه عليها أن يستمتع بجسدها، سواء بجماع أو بمباشرة، طلبًا للولد، وقضاءً للوطر، وعليها أنْ تجيبه متى دعاهـا، وتُسلِّم نفسَها له، وتمكّنه مِن ذلك، بل وعليها أنْ تتزيَّن له وتتجمَّل بما أباح الله تعالى مِن الملبس والطِّيب، وأنْ تحسن هيئتها ممَّا يرغِّبه فيها، ويدعوه إليها، وذلك لأنَّ الزَّوج يستحقُّ ـ بالعقد ـ تسليم العِوَض عمَّا أصدقها، وهو الاستمتاع بها.

وليس لها أنْ ترفض إنْ أرادها لفراشه، بل يجب عليها أن تلبِّي طلبه ـ وإنْ لم يكن لها حاجة ورغبة ـ فإنْ قابلتْ طلبَه بالرَّفض كانتْ آثمة وعاصية لربِّها، ولعنتها الملائكة حتَّى يتنفَّس الصُّبح، ويَسْخَط الله عليها حتَّى يرضـى عنها زوجها؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَـهُ إِلَى فِرَاشِهِ فَأَبَتْ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ»(31).

قال ابن أبي جمرة رحمه الله: «الظَّاهر أنَّ الفراش كنايةٌ عن الجماع... وظاهر الحديث اختصاص اللَّعن بما إذا وقع منها ذلك ليلاً، لقوله: «حَتَّى تُصْبِحَ»، وكأنَّ السِّرَّ تأكُّد ذلك الشَّأن في اللَّيل، وقوَّة الباعث عليه، ولا يلزم مِن ذلك أنَّه يجوز لها الامتناع في النَّهار، وإنَّما خصَّ اللَّيل بالذِّكر؛ لأنَّه المظنَّة لذلك»(32)، والإطلاق الوارد في الحديث الآتي وغيره يتناول اللَّيل والنَّهار(33).

وقال النَّووي رحمه الله: «هذا دليلٌ على تحريم امتناعها مِن فراشه لغير عـذرٍ شرعيٍّ، وليس الحيض بعذر في الامتناع؛ لأنَّ له حقًّا في الاستمتاع بها فوق الإزار، ومعنى الحديث أنَّ اللَّعنة تستمرُّ عليها حتَّى تزول المعصية بطلوع الفجر والاستغناء عنها، أو بتوبتها ورجوعها إلى الفراش»(34).

وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَـا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلاَّ كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا»(35)، قال المُهَلَّب رحمه الله: «هذا الحديث يُوجب أنَّ مَنْع الحقوق ـ في الأبدان كانت أو في الأموال ـ ممَّا يُوجب سَخَط الله، إلاَّ أنْ يتغمَّدها بعفوه»(36).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: «فإذا كان النَّبيُّ ﷺ قد حرَّم على المرأة أنْ تصوم تطوُّعًا، إذا كان زوجُها شاهـدًا إلاَّ بإذنه، فَتَمْنَع بالصَّوم بعض ما يجب له عليها، فكيف يكون حالها إذا طلبها فامتنعت؟!»(37).

ولكن إنْ وُجد عُذر شرعيٌّ يمنع ذلك، أو كانت الزَّوجة تشكو مِن مرض، أو مشقَّة شديدة، لا تستطيع تحمُّل ما يريده الزَّوج منها، فهي معذورة في الامتناع، على أنْ تُعْلِم زوجَها بسبب ذلك وتعتذر منه، فيتفهَّم الوضعَ ويَقْبَله.

* ومِن حقِّه عليها ألاَّ تُدْخِلَ إلى بيتِه ـ في غَيْبَتِه ـ أحدًا إلاَّ بإذنه، فإنْ كان مِن غير المحارم؛ حرُم عليه الدُّخول، لقولـه ﷺ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟(38) قَالَ: «الحَمْوُ المَوْتُ»»(39).

وإذا كان مَنْ يُريد الدُّخول مِِن المحارم؛ لم تأذنْ له إنْ كان زوجُها يَكْرَهُ ذلك؛ أمَّا إذا علمتْ رِضاه فلا حرج عليها في الإذن لـه بالدُّخول؛ فعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ(40)»(41).

قال العيني رحمه الله: «أي: لا تأذنُ المرأةُ في بيتِ زوجِها؛ لا لرجلٍ، ولاَ لامرأةٍ يكرهها زوجُها؛ لأنَّ ذلك يُوجب سوءَ الظَّنِّ ويبعثُ على الغَيْرَة، الَّتي هي سببُ القطيعةِ»(42).

وقال النَّووي رحمه الله: «فيه إشارة إلى أنَّه لا يُفْتَات على الزَّوج وغيره مِن مَالِكِي البيوت وغيرها بالإذن في أملاكهم إلاَّ بإذنهم، وهذا محمول على ما لا يُعلم رِضا الزَّوج ونحوه به، فإنْ علمتِ المرأةُ ونحوها رضاه به، جاز»(43).

كما لا يجوز لها أن تسمح لأحد بالجلوس على تَكْرِمَته(44) إلاَّ بإذنه، لما ورد في خُطبة حجَّة الوداع، قوله ﷺ: «...أَلاَ إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ؛ فَلاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُـونَ(45) وَلاَ يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ(46)»(47)، وفي حديث جابر: «وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ»(48).

قال النَّووي رحمه الله: «والمختار أنَّ معناه أنْ لا يَأْذَنَّ لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم، والجلوس في منازلكم، سواء كان المأذون لـه رجلاً أجنبيًّا، أو امراةً، أو أحدًا مِن محارم الزَّوجة، فالنَّهي يتناول جميع ذلك، وهذا حُكم المسألة عند الفقهاء: أنَّها لا يحلُّ لها أنْ تأذن لرجل، أو امرأة، ولا محرم ولا غيره، في دخول منزل الزَّوج إلاَّ مَن علمت أو ظنَّت أنَّ الزَّوج لا يكرهه؛ لأنَّ الأصل تحريم دخول منزل الإنسان حتَّى يُوجد الإذن في ذلك منه أو ممَّن أذن له في الإذن في ذلك، أوْ عُرِف رضاه باطِّراد العُرْف بذلك ونحوه، ومتى حصل الشَّكُّ في الرِّضا ولم يترجَّح شيء، ولا وُجدت قرينة، لا يحلُّ الدُّخول ولا الإذن، والله أعلم»(49).

* ومِن حقِّه عليها أنْ لا تعمل عملاً يُضيِّع عليه كمال الاستمتاع بها، حتَّى ولو كان ذلك تطوُّعًا بعبادة، بل عليها أنْ تستأذنه قبل الشُّروع في بعض أعمال الخير والبرِّ، فلا تصومُ تطوُّعًا ـ وهو حاضر ـ إلاَّ بإذنه.

وعلَّة ذلك: أنَّها إنْ فعلتْ ستمنعه حقَّه في الاستمتاع؛ قال رسول الله ﷺ: «لاَ تَصُومُ المَرْأَةُ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ إِلاَّ بِإِذْنِهِ»(50).

فهذا الصَّوم، وهو عبادةٌ لله، ومِن أعظم القُربات عند الله، ومَع ذلك يمنع الشَّرعُ المرأةَ أنْ تصومَ ـ نفلاً ـ إلاَّ بإذن زوجها، وهو ما يدلُّ على عِظم حقِّ الزَّوج على زوجته، ولكن إنْ لم يكن له رغبة فيها، أو كان غائبًا، فليس له أنْ يمنعها، بل الأولى أنْ يسمح لها؛ لأنَّ الله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾[المائدة:2] (51).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وفي الحديث أنَّ حقَّ الزَّوج آكد على المرأة مِن التَّطوُّع بالخير؛ لأنَّ حقَّه واجب، والقيام بالواجـب مُقدَّم على القيام بالتَّطوُّع»(52).

وقال عليٌّ القاري رحمه الله: «لا يحلُّ للمرأة أنْ تصوم نفلاً؛ لئلاَّ يفوت على الزَّوج الاستمتاع بها، وزوجها حاضر معها في بلدها إلاَّ بإذنه ـ تصريحًا أو تلويحًا ـ، وظاهر الحديث إطلاقُ منع صوم النَّفل، فهو حجَّة على الشَّافعية في استثناء نحو عرفة وعاشوراء»(53).

هذا في النَّفل، أمَّا إذا تعلَّق الأمر بالفريضة، كصوم رمضان، وكذا في غير رمضان مِن الواجب إذا تضيَّق الوقت، أو النَّذر المعيَّن فلا يحلُّ للزَّوج منعُها، بل ويحرم عليها طاعتُه في ذلك، إذْ  «لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ»(54).

قال النَّووي رحمه الله: «هذا محمول على صوم التَّطوُّع والمندوب، الَّذي ليس له زمن معيَّن، وهذا النَّهي للتَّحريم، صرَّح به أصحابنا.

وسببه: أنَّ الزَّوج له حقُّ الاستمتاع بها في كلِّ الأيَّام، وحقُّه فيه واجب على الفَور، فلا يفوته بتطوُّع، ولا بواجب على التَّراخي.

فإنْ قيل: فينبغي أنْ يجوز لها الصَّوم بغير إذنه، فإنْ أراد الاستمتاع بها كان له ذلك، ويُفسد صومها؟

فالجواب: أنَّ صومها يمنعه مِن الاستمتاع في العادة؛ لأنَّه يهاب انتهاك الصَّوم بالإفساد، وقوله ﷺ: «وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ» أي: مُقيم في البلد، أمَّا إذا كان مُسافرًا فلها الصَّوم؛ لأنَّه لا يتأتَّى منه الاستمتاع إذا لم تكن معه»(55).

وقال الباجي رحمه الله: «وهل يكون للزَّوج جَبْرُ المرأة على تأخير القضاء إلى شعبان أو لا؟

قال القاضي أبو الوليد: الظَّاهر عندي أنَّه ليس له ذلك إلاَّ باختيارها؛ لأنَّ لها حقًّا في إبراء ذمَّتها مِن الفرض الَّذي لزمها، وأمَّا التَّنفُّل فإنَّ له منعَها، لحاجته إليها»(56).

* ومِن حقِّه عليها أنْ تحافظ على ماله، فلا تنفق شيئًا مِنه إلاَّ بعلمه، ولا تتصرَّف فيه إلاَّ برضاه؛ فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ ـ فِي خُطْبَتِهِ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ ـ يَقُولُ: «لاَ تُنْفِقُ امْرَأَةٌ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلاَّ بِإِذْنِ زَوْجِهَا»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلاَ الطَّعَامُ؟ قَالَ: «ذَاكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا»(57)، فإذا لم تجز الصَّدقة بما هو أقلّ قدرًا مِن الطَّعام بغير إذن الزَّوج، فكيف تجوز بالطَّعام الَّذي هو أفضل؟!(58).

أمَّا إذا أَذِن الزَّوج لزوجته في الصَّدقة ـ وسواء كان الإذن عامًّا أم خاصًّا ـ(59) فهما في الأجر سواء؛ فعَنْ عَائِشَـةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِذَا أَنْفَقَتِ المَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُ مَا أَنْفَقَتْ، وَلِزَوْجِهَا أَجْرُ مَا اكْتَسَبَ  وَلِخَازِنِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، لاَ يَنْقُصُ بَعْضُهُمْ أَجْرَ بَعْضٍ»(60).

قال العيني رحمه الله: «إنَّ ربَّ البيتِ قد يأذن لأهله وعِياله وللخادم في الإنفاق بما يكون في البيت مِن طعام أو إدام، ويُطلق أمرهم فيه إذا حضر السَّائل، ونزل الضَّيف، وحضَّهم رسول الله ﷺ على لُزوم هذه العادة، ووعدهم الثَّواب عليه، وليس ذلك بأنْ تَفْتات المرأة أو الخادم على ربِّ البيت فيما لم يأذن لهما فيه، وقيل: هذا في اليسير الَّذي لا يؤثِّر نقصانُه ولا يظهر، وقيـل: هذا إذا علم منه أنَّه لا يكره العطاء، فيعطي ما لم يُجحف، وهذا معنى قوله: «غَيْرَ مُفْسِدَةٍ»(61).

وقال العظيم آبادي رحمه الله: «فإنْ قلتَ: أحاديث هذا الباب جاءت مختلفة، فمنها: ما يدلُّ على منع المرأة أنْ تنفق مِن بيت زوجها إلاَّ بإذنه ـ وهو حديث أبي أُمامة المذكور ـ ومنها: ما يدلُّ على الإباحة بحصول الأجر لها في ذلك ـ وهو حديث عائشة المذكور ـ، ومنها: ما قُيِّدَّ فيه التَّرغيب في الإنفاق بكونه بطِيب نَفْسٍ منه، وبكونها غير مُفسدة ـ وهو حديث عائشة أيضًَا ـ ومنها: ما هو مُقَيَّد بكونها غير مُفسدة وإنْ كان مِن غير أَمْرِه ـ وهو حديث أبي هريرة ـ ومنها: ما قُيِّد الحكم فيه بكونه رَطْبًا ـ وهو حديث سعد بن أبي وقَّاص ـ.

قلتُ: كيفيَّة الجمع بينهما: أنَّ ذلك يختلف باختلاف عادات البلاد، وباختلاف حـال الزَّوج، مِن مُسامحته ورضاه بذلك، أو كراهَتِه لذلك، وباختلاف الحال في الشَّيء المنفَق، بين أنْ يكون شيئًا يسيرًا يُتسامَح به، وبين أنْ يكون له خَطَر في نفس الزَّوج يَبْخَل بمثله، وبين أنْ يكون ذلك رَطْبًا يُخْشى فَسادُه إنْ تأخَّر، وبين أنْ يكون يُدَّخَر، ولا يُخشى عليه الفسادُ»(62).

* ومِن حقِّه عليها أنْ تقوم بخِدْمته وخِدْمَة أولاده، وتصبر على ما قد تُعانيه مِنْ تَعَب ومَشقّة؛ فعَنِ الحُصَيْنِ بْنِ مِحْصَنٍ أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فِي حَاجَةٍ، فَفَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ ﷺ: «أَذَاتُ زَوْجٍ أَنْتِ؟»، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «كَيْفَ أَنْتِ لَهُ؟» قَالَتْ: مَا آلُوهُ إِلاَّ مَا عَجَزْتُ عَنْهُ، قَالَ: «فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُكِ وَنَارُكِ»(63).

وهذا الَّذي كانت عليه نِساء السَّلف ـ رضي الله عنهنَّ ـ، أمثال فاطمة بنت رسول الله ﷺ وأسماء بنت أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنهما؛ فعن ابنِ أَبي لَيْلَى: حَدَّثَنَا عَلِيٌّ رضي الله عنه: «أَنَّ فَاطِمَةَ اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ الرَّحَى فِي يَدِهَا، وَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ سَبْيٌ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، وَلَقِيَتْ عَائِشَـةَ فَأَخْبَرَتْهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُُّ ﷺ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَـةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ إِلَيْهَا، فَجَاءَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَيْنَا وَقَـدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا نَقُومُ، فَقَالَ النَّبِيُُّ ﷺ: «عَلَى مَكَانِكُمَا»، فَقَعَـدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمِهِ عَلَى صَدْرِي، ثُمَّ قَالَ: «أَلاَ أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَا، إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا أَنْ تُكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، وَتُسَبِّحَـاهُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، و تَحْمَدَاهُ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ»(64).

وعَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: «أَنَّ أَسْمَاءَ قَالَتْ: كُنْتُ أَخْدُمُ الزُّبَيْرَ خِدْمَةَ البَيْتِ، وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ وَكُنْتُ أَسُوسُهُ، فَلَمْ يَكُنْ مِنَ الخِدْمَةِ شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ سِيَاسَةِ الفَرَسِ، كُنْتُ أَحْتَشُّ لَهُ، وَأَقُومُ عَلَيْهِ وَأَسُوسُهُ...» الحديث(65).

قال شيخ الإسلام رحمه الله: «وتنازع العلماء: هل عليها أنْ تخدِمه في مِثل فِراش المنزل، ومناولة الطَّعام والشَّراب والخبز والطَّحن والطَّعام لمماليكه وبهائمه، مثل عَلَف دابَّته، ونحو ذلك، فمنهم مَن قال: لا تجب الخِدْمَة، وهذا القول ضعيف كضعف قول مَن قال: لا تجب عليه العِشرة والوَطْء، فإنَّ هذا ليس معاشرة له بالمعروف، بل الصَّاحب في السَّفر الَّذي هو نظير الإنسان وصاحبه في المسكن، إنْ لم يعاونه على مصلحة لم يكن قد عاشره بالمعروف، وقيل ـ وهو الصَّواب ـ: وجوب الخِدْمَة، فإنَّ الزَّوج سيِّدُها في كتاب الله(66) وهي عَانِيَة عنده بسنَّة رسول الله ﷺ(67) وعلى العاني والعبد الخدمة، ولأنَّ ذلك هو المعروف، ثمَّ مِن هؤلاء مَن قال: تجب الخِدْمَة اليسيرة، ومنهم مَن قال: تجب الخِدْمَة بالمعروف، وهذا هو الصَّواب، فعليها أنْ تخدمـه الخدمة المعروفة مِن مثلها لمثله، ويتنوَّع ذلك بتنوُّع الأحوال، فخِدْمَة البدويَّة ليست كخدمة القرويَّة، وخدمة القرويَّة ليست كخدمة الضَّعيفة»(68).

وقال ابن القيِّم رحمه الله: «فإنَّ العقود المطلقة إنَّما تُنزَّل على العُرف، والعُرف خِدْمَة المرأة، وقيامها بمصالح البيت الدَّاخلة، وقولهم: إنَّ خدمة فاطمة وأسماء كانت تبرُّعًا وإحسانًا، يردُّه: أنَّ فاطمة كانت تشتكي ما تلقـى مِن الخِدْمَة، فلم يقـل ﷺ لعليٍّ: لا خِدْمَة عليها وإنَّما هي عليك، وهو ﷺ لا يحابي في الحُكْم أحدًا، ولمَّا رأى أسماء والعَلَف على رأسها والزُّبير معه، لم يقل له: لا خِدْمَة عليها، وأنَّ هذا ظلم لها، بل أقرَّه على استخدامها، وأقرَّ سائر أصحابه على استخدام أزواجهم، مع علمه بأنَّ منهنَّ الكارهة والرَّاضية، هذا أمر لا ريب فيه، ولا يصحُّ التَّفريق بين شريفة ودنيئة، وفقيرة وغنيَّة، فهذه أشرف نساء العالميـن كانت تَخْدِم زوجَها، وجاءته ﷺ تشكو إليه الخِدْمَة، فلم يَشْكُهَا...»(69).

ولكن لا يعني هذا أنَّ الزَّوج يُرهق زوجتَه، ويكلِّفها مِن العمل ما لا تطيق، بل يُستحبُّ له مشاركتُها في ذلك، ومساعدتها في بعض ما تقوم به، وهذا مِن حُسن المعاشرة بين الزَّوجين، وله في رسول الله ﷺ الأسوة الحسنة؛ فعَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: «سَأَلْـتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: مَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُـونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ ـ تَعْنِي: خِدْمَةَ أَهْلِهِ ـ(70) فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ»(71).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وفيه التَّرغيب في التَّواضع، وترك التَّكبُّر، وخِدمة الرَّجل أهله، وترجم عليه المؤلِّف ـ في الأدب ـ: «كيف يكون الرَّجل في أهله»»(72).

وَعَنْ عُرْوَةَ رضي الله عنه قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: مَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: يَخْصِفُ(73) نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ»، وفي رواية: قالت: «مَا يَصْنَعُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ؛ يَخْصِفُ النَّعْلَ، وَيُرَقِّعُ الثَّوْبَ، وَيَخِيطُ»(74).

وعَنْ عَمْرَة: «قِيلَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: مَاذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: «كَانَ بَشَرًا مِنَ البَشَرِ؛ يَفْلي ثَوْبَهُ وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ»(75).

قال المُهَلَّب رحمه الله: «هذا مِن فعله عليه السلام على سبيل التَّواضع، وليسنَّ لأمَّته ذلك، فمِن السُّنَّة أنْ يمتهن الإنسان نفسه في بيته فيما يحتاج إليه مِن أمر دنياه، وما يعينه على دينه، وليس التَّرفُّه في هذا بمحمود، ولا مِن سبيل الصَّالحين، وإنَّما ذلـك مِن سِيَر الأعاجم»(76).

* ومِن حقِّه عليها أنْ تحفَظَه في عِرضه، وولده، وماله، وترعى أسراره، ولا تخونُه في غَيْبَته، ولا تشهِّر به، ولا تُعيِّرْه، ولا تنتقصه، ولا تُسقط حُرمته عند النَّاس؛ قال الله تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ الله﴾[النساء:34]، «فالمرأة الصَّالحة: هي الَّتي تكون قانتة، أي: مُداومة على طاعة زوجها»(77)، والحافظة للغيب: الَّتي تحفظ غَيْبة زوجها في عِرْضِه وماله، بما حفظه الله لها، أي: عليها أنْ تحفظ حقوق زوجها في مقابلة ما حفظ الله حقَّها على زوجها(78).

قال ابن جرير الطَّبري رحمه الله: «وأمَّا قوله: ﴿حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ الله﴾ فإنَّه يعني: حافظات لأنفسهنَّ عند غَيْبَة أزواجهـنَّ عنهنَّ، في فروجهنَّ وأموالهم، وللواجب عليهنَّ مِن حقِّ الله في ذلك وغيره»(79).

ومِن ذلك أنْ يحفَظْنَ كلَّ ما هو خاصٌّ بالحياة الزَّوجيَّة، فلا يُطْلِعْنَ عليه أحدًا، ويدخل في هذا وُجوب كِتمان كلّ ما يكـون بينهنَّ وبين أزواجهنَّ في الخَلْوة، ولا سيما حديث الرَّفَث؛ فَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضي الله عنها: «أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: «لَعَلَّ رَجُلاً يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ، وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا»، فَأَرَمَّ(80) الْقَـوْمُ، فَقُلْتُ: إِي وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ، وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ، قَالَ: «فَلاَ تَفْعَلُوا، فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانِ لَقِيَ شَيْطَانَـةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ»(81).

وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِىَّ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي(82) إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا»، وفي رواية: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الأَمَانَةِ(83) عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي...» الحديث(84).

ففي هذين الحديثين تحريم إفشاء الزَّوجين ما يجري بينهما مِن أمور الاستمتاع، ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري مِن المرأة فيه مِن قول أو فعل ونحوه(85)، وهذا الفعل مِن أعظم خيانة الأمانة ـ كما أخبر النَّبيُّ ﷺ ـ.

وعليها أنْ تمتنع مِن الإقدام على أيِّ عمل يَضيق به صدرُه، وتشمئز منه نفسُه، فلا تَعْبِس في وجهـه، ولا تَظْهر في صُـورة يكرهها؛ قال رسول الله ﷺ: «خَيْرُ النِّسَاءِ امْرَأَةٌ إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهَـا سَرَّتْكَ، وَإِذَا أَمَرْتَهَا أَطَاعَتْكَ، وَإِذَا غِبْتَ عَنْهَـا حَفِظَتْكَ في نَفْسِهَا وَمَالِكَ»(86).

* وعلى المرأة أنْ تشكرَ إحسانَ زوجِِها لها، ولا تجحد عِشْرته ونِعْمته؛ لأنَّه «لاَ يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ»(87)، «وشُكْر نِعمة الزَّوج هو مِن باب شُكر نِعمة الله؛ لأنَّ كلَّ نِعمة فَضَّل بها العشيرُ أهلَه، فهي مِن نِعمة الله أجراها على يديه»(88).

وإنْ جحدتْ فَضْلَه، وقابلتْ إحسانَه بالكُفْران، كان ذلك مَدْعاةً لِسَخَطِ الله عليها، قال رسول الله ﷺ: «لاَ يَنْظُرُ اللهُ إِلَى امْرَأَةٍ لاَ تَشْكُرُ لِزَوْجِهَا، وَهِيَ لاَ تَسْتَغْنِي عَنْهُ»(89).

فدلَّ هذا الحديث على وُجوب شُكرِ المرأةِ لزوجها المحسنِ إليها، لاسيما إذا كان قيامُه على شؤونها قد بلغ إلى درجةٍ، لا يمكنها الاستغناءُ عنه.

وليس الشُّكرُ محصورًا على ما ينطق به لِسان المرأة مِن الثَّناء الجميل على زوجها، بل المقصود معه إظهار السُّرور بالحياة معه وفي كنفه، وبَذْل الجهد في خِدْمته، والقيام على شؤونه وشؤون أولاده، والوقوف بجنبه في محنته، وغضِّ الطَّرف عـن عثراته، وإجابة طلباته، وحفظ أسراره، وعدم الإكثار من الشِّكاية منه؛ وهذا لأنَّ الشُّكر كما يكون باللِّسان، يكون بالقلب والجوارح أيضًا.

وتَرْك المرأةِ شُكْرَ زوجِها يُعدُّ كُفْرَانًا للعشير(90) وعَاقِبَتُه دُخول النَّار، لذا نهى عنه نبيُّنا ﷺ، وحذَّر النِّساء منه؛ فعَنْ عبد الله ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ ـ في آخر حديث الخسوف ـ: «...وَأُرِيتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَاليَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ»، قَالُوا: بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ: «بِكُفْرِهِنَّ»، قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟! قَالَ: «يَكْفُرْنَ العَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا؛ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ»(91).

فهذا من رسول الله ﷺ «وَعْظٌ وزَجْر عن كُفر الإحسان، وجَحْدِه عند بعض التَّغيير ومُواقعةِ شيء مِن الإساءة، فإنَّه لا يَسْلَم أحدٌ ـ مع طول المؤالفة ـ إساءَةً أو مخالفةً، في قولٍ أو فعلٍ، فلا يُجْحدُ لذلك كثيرُ إحسانِه، ومُتَقَدِّم أفْضَالِه»(92).

وعَنْ أَسْمَاءَ بنت يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّةِ: «مَرَّ بِي النَّبيُّ ﷺ وَأَنَا فِي جِوَارِ أَتْرَابٍ لِي، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، وَقَالَ: «إِيَّاكُنَّ وَكُفْرُ المُنَعَّمِينَ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَا كُفْرُ المُنَعَّمِينَ؟! قال: «لَعَلَّ إِحْدَاكُنَّ تَطُولُ أَيْمَتُهَا(93) مِنْ أَبَوَيْهَا، ثُمَّ يَرْزُقَهَا اللَّهُ زَوْجًا، وَيَرْزُقَهَا مِنْهُ مالاً وَوَلَدًا، فَتَغْضَبَ الغَضْبَةَ فَتَكْفُرُ(94)؛ فَتَقُولُ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ»(95).

* وعلى المرأة أنْ تحرص على الحياة مع زوجها، فلا يجوز لها ـ مهما بلغ غضبُها ـ أنْ تتسرَّع في طلب الطَّلاق مِنه لأتفه الأسباب أو لسبب لا يقتضي ذلك، فإنْ أقدمتْ عليه لمجرَّد سوء تفاهم بينها وبين زوجها، تكون قد سعت لفكِّ الرَّابطة الزَّوجيَّة، ونَقْض العهد المؤكَّد الَّذي يربطها بزوجها؛ قال تعالى: ﴿وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾[النساء:21]، وهـو عقد النِّكاح الَّذي استُحِلَّ به الفرْج؛ على ما ذكره مجاهد وابن زيد(96)، بل عليها أنْ تصبر إذا رأت ما تكره، وتسعى في مُعالجة ذلك بالطُّرق السَّليمة، فإنْ عصتْ وسألتْ زوجَها التَّسريح لأدنى أمر، حَرَمَت نفسَها مِن الجِنَان، لقول رسول الله ﷺ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلاَقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الجنَّةِ»(97).

وطلب المرأة الطَّلاق ـ مِن غير سبب شرعيٍّ ـ مَعدود مِن صفات النِّفاق، قال رسول الله ﷺ: «المُخْتَلِعَاتُ هُنَّ المُنَافِقَاتُ»(98).

وفي رواية: «إِنَّ المُخْتَلِعَاتِ وَالمُنْتَزِعَاتِ(99) هُنَّ المُنَافِقَاتُ»(100).

ولكن إذا كانتِ المرأةُ في حالة شدَّة، دَعَتْها وألجأتها إلى المفارقة، كأنْ تخاف أنْ لا تُقيم حدود الله فيما يجب عليهـا مِن حُسن الصُّحبة، وجميل العِشرة، لكراهتها لزوجها ـ مثلا ـ أو بأنْ ضارَّها، أو ترجَّح ظُهُور مَفْسدة شرعيَّة باستمرارها معه في الحياة الزَّوجيَّة، فتختلع منه ـ حينئذ ـ لتضرُّرها ببقائها تحت عِصْمَته؛ فعن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما: «أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَـتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ مَا أَعْتُبُ(101) عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلاَ دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْـرَهُ الكُفْرَ فِي الإِسْلاَمِ(102)،  فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟»(103)، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اقْبَلِ الحَدِيقَةَ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً»(104).

* ومن حقِّه عليها ـ إذا مات ـ أنْ تُحِدَّ عليه أربعة أشهر وعشرة أيَّام، وليس لها أن تُحِدَّ على غيره بمثل هذه المدَّة؛ قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا﴾[البقرة:234]، هذا أمرٌ مِن الله للنِّساء اللاَّتي يُتَوفَّى عنهنَّ أزواجهنَّ أنْ يعتددن أربعة أشهر وعشر ليال، وهذا الحكم يشمل الزَّوجات المدخول بهنَّ، وغير المدخول بهنَّ بالإجماع(105).

وَعَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبي سَلَمَةَ قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا ـ أَبُو سُفْيَانَ ـ فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ ـ خَلُوقٌ(106) أَوْ غَيْرُهُ ـ فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا(107) ثُمَّ قَالَـتْ: وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ  مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ عَلَى المِنْبَرِ:  «لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُحِدُّ(108) عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ، إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»(109).

قال النَّوويُّ رحمه الله: «فيه دليل على وجوب الإحداد على المعتدَّة مِن وفاة زوجها، وهو مجمَع عليه في الجملة، وإن اختلفوا في تفصيله، فيجب على كلِّ معتدَّة عن وفاة، سواء المدخول بها وغيرها، والصَّغيرة والكبيرة، والبكر والثَّيِّب، والحرَّة والأمة...»(110).

واللهُ من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السَّبيل.
الفهرس
تابغونااااا



‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) 4837alsh3er


عدل سابقا من قبل عسكر في الأحد 16 ديسمبر - 10:54 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عسكر
عضو فضى
عضو فضى
عسكر


عدد المساهمات : 244
تاريخ التسجيل : 30/10/2010

القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Empty
مُساهمةموضوع: رد: القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى)   القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Icon_minitime1الأحد 16 ديسمبر - 10:53


الفهرس


=========================
(1) «مجموع فتاوى ابن تيميَّة» (32 /275).

(2) «أحكام القرآن» (2 /436).

(3) انظر: «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (1 /610)، و«فتح القدير» للشَّوكاني (2 /135)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (2 /74).

(4) انظر: «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (2 /292)، و«تفسير اللُّباب» لابن عادل (3 /104)، و«فتح القدير» للشَّوكاني (1 /69).

(5) «التَّحرير والتَّنوير» لابن عاشور (2 /335).

(6) جزء مِن حديث أخرجه ابن السُّنِّيِّ في «عمل اليوم واللَّيلة» (382)، وابن عديٍّ (4 /204)، والدَّيلمي (3 /262) رقـم: (4781)، وهو في «السِّلسلة الصَّحيحة» للألباني (2041).

(7) وهو قول أكثر المفسِّرين، منهم: الطَّبري (16 /51) وابن كثير (4 /383) والقرطبي (9 /171) وغيرهم.

(Cool «لسان العرب» (11 /57).

(9) «تحفة الأحوذي» للمباركفوري (3 /238).

(10) الأَسَاقِفَة: جمع أُسْقُف، رئيسٌ من عُلماء النَّصارى، وهو اسمٌ سريانىٌّ، انظر: «النِّهاية في غريب الحديث والأثر» (2 /959).

(11) البَطَارِقَة: جمع بِطْرِيق، وهو الحاذِق بالحرْب وأمُورها ـ بِلُغة الرُّوم ـ وهو ذُو مَنْصِب وتَقَدُّم عندهم، انظر: «النِّهاية في غريب الحديث والأثر» لابن الأثير (1 /350).

(12) القَتَب: رَحْلٌ صغير على قَدْر السَّنَام، يُوضع على ظهر البعير كالإكاف، انظر: «الصِّحاح في اللُّغة» للجوهري (2 /61).

(13) رواه ابن ماجه (1853)، وهو في «صحيح سنن ابن ماجه» (1503).

(14) «آداب الزّفاف في السُّنَّة المطهَّرة» للألباني (ص211).

(15) رواه أحمد (1663)، وهو في «صحيح التَّرغيب والتَّرهيب» (1932).

(16) أي: لاَ أُقَصِّر في طاعته وخدمته، ولا أترك مِن حقِّه إلاَّ ما لا أقدر عليه، انظر: «آداب الزّفاف» للألباني (ص213).

(17) أخرجه أحمد في «المسند» (19025)، وهو في «صحيح الجامع» (1509).

(18) «مجموع الفتاوى» (32 /260 ـ 261).

(19) «مجموع الفتاوى» (32 /261 ـ 263).

(20) «أحكام النِّساء» لابن الجوزي (ص81).

(21) رواه البخاري (7257) ومسلم (4871).

(22) هذا إذا كان السَّخط لِسُوء خُلقها، أمَّا إنْ كان سَخَط زوجِها مِن غير جُرم فلا إثم عليها، انظر: «مرقاة المفاتيح» لعليٍّ القاري (4 /226).

(23) رواه التِّرمذي (360)، وهو في «صحيح الجامع» (3057).

(24) أي: ضيفٌ ونزيل، يعني هو كالضَّيف عليكِ، وأنتِ لستِ بأهلٍ له حقيقةً، وإنَّما نحن أهله، فيفارقـك، ويلحق بنا، قاله في «تحفـة الأحوذي» (4 /284).

(25) رواه التِّرمذي (1174) وابن ماجه (2014) وأحمد (22154)، وهو في «السِّلسلة الصَّحيحة» ( 173 ).

(26) «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (6 /409).

(27) «الموسوعة الفقهيَّة الكويتية» (2 /791).

(28) أخرجه البخاري (4940)، ومسلم (442).

(29) «فتح الباري» (6 /140).

(30) «مجموع الفتاوى» (32 /281).

(31) رواه البخاري (3237) ومسلم (3614).

(32) «فتح الباري» لابن حجر (9 /294).

(33) أفاده الحافظ في «الفتح» (9 /294).

(34) «شرح مسلم» (10 /7 ـ Cool.

(35) رواه مسلم (1436).

(36) «فتح الباري» (9 /294).

(37) «الفتاوى الكبرى» (3 /144).

(38) هو أخو الزَّوج، وما أشبهه مِنْ أقارب الزَّوج.

(39) رواه البخاري (4934) ومسلم (2172).

(40) أي: في دخوله أو في الأكل منه، والمراد ببيته: مَسْكَنه بملك أم بغيره، قاله المُناوي في «فيض القدير» (6 /384).

(41) رواه البخاري (5195) ومسلم (2417).

(42) «عمدة القاري» (20 /185).

(43) «شرح مسلم» (7 /115).

(44) التَّكْرِمة: الموضِع الخاصُّ لِجُلوس الرَّجُل، من فِراش أو سَرير ممَّا يُعَدُّ لإكْرامِهِ، وهي تَفْعلة من الكَرامة، انظر: «النِّهاية في غريب الحديث والأثر» لابن الأثير (4 /300).

(45) أي: تكرهون دخوله، سواء كرهتموه في نفسه أم لا، قاله السِّندي في «حاشيته على ابن ماجه» (4 /108).

(46) هذا كالتَّفسير لما قبله، وهو عامٌّ، أفاده المباركفوري في «تحفة الأحوذي» (8 /384).

(47) أخرجه التِّرمذي (1163)، وابن ماجه (1924)، و هو في «صحيح سنن ابن ماجه» (1501).

(48) رواه مسلم (1218).

(49) «شرح مسلم» (8 /184).

(50) رواه التِّرمذي (787) وابن ماجة (1761)، وهو في «السِّلسلة الصَّحيحة» (395)، وأخرجه البخاري (5195) ومسلم (2417)، وليس عندهما ذِكر «رمضان»، ولفظه: «لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ»، و قد مضى قريبًا.

(51) انظر: «شرح بلوغ المرام» لعطيَّة سالم (2 /469).

(52) «فتح الباري» (9 /296).

(53) «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح» (6 /350) ـ مع حذفٍ يسير.

(54) سبق تخريجه.

(55) «شرح مسلم» (3 /474).

(56) «المنتقى شرح الموطَّأ» (2 /206).

(57) رواه التِّرمذي (670)، وأبو داود (3565)، وابن ماجة (2295)، وهو في «صحيح التَّرغيب والتَّرهيب» (943).

(58) قاله عليٌّ القاري في «مرقاة المفاتيح» (6 /239).

(59) الإذن العامُّ: أنْ يقول الزَّوج لزوجته ـ مثلا ـ: تصدَّقي بما شئتِ ومتى شئتِ ولمن شئتِ، فلها حينئذ حرِّيَّة التَّصرُّف، والإذن الخاصُّ: أنْ يأذن لها في التَّصدُّق على معيَّن، وبقيمة محدَّدة، وليس لها أن تفعل مرَّةً أخرى إلاَّ بإذنٍ جديد.

(60) أخرجه البخاري (1425)، ومسلم (2411)، وأبو داود (1687)، واللَّفظ له.

(61) «شرح سنن أبي داود» (6 /438).

(62) «عون المعبود» (5 /72).

(63) سبق تخريجه.

(64) أخرجه البخاري (2945) ومسلم (2727).

(65) رواه مسلم (2182).

(66) يُشير إلى قوله تعالى ـ في قصَّة يوسف عليه السلام ـ: ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ﴾، أي: زوجَها.

(67) العانية: هي الأسيرة والمحبوسة، وقد ورد هذا في قوله ﷺ ـ في خطبة حجَّة الوداع ـ: «فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ» رواه التِّرمذي (1163) وابن ماجه (1924)، وهو في «صحيح سنن ابن ماجه» (1501).

(68) «مجموع الفتاوى» (34 /90 ـ 91).

(69) «زاد المعاد» (5 /170).

(70) أي: يُساعِدُهنّ فيما هنَّ عليه مِن عَمل.

(71) أخرجه البخاري (676).

(72) «فتح الباري» (2 /163).

(73) الخَصْف: إصلاح النَّعل، وخياطته بالمِخْرَز.

(74) رواه البخاري في «الأدب المفرد» (539)، وهو في «صحيح الأدب المفرد» (419).

(75) رواه أحمد (26237) والبخاري في «الأدب المفرد» (541)، وهو في «صحيح الأدب المفرد» (420).

(76) «شرح البخاري» لابن بطَّال (14 /42).

(77) انظر: «الفتاوى الكبرى» لابن تيمية (3 /144).

(78) انظر: «تفسير النَّيْسَابُوري» (2 /491).

(79) «جامع البيان في تأويل القرآن» (8 /295).

(80) أي: سكتوا فلم يتكلَّموا، انظر: «غريب الحديث» لابن قتيبة (2 /322).

(81) رواه أحمد (27624)، وهو حسن، انظر: «صحيح الجامع» (7455).

(82) بالمباشرة والجماع، انظر: «فيض القدير» (2 /538).

(83) أي: مِن أعظم خيانة الأمانة، انظر: «عون المعبود» للعظيم آبادي (13 /149).

(84) رواه مسلم (1437).

(85) انظر: «شرح مسلم» للنَّووي (10 /Cool.

(86) رواه ابن جرير عن أبي هريرة افي «التَّفسير» (5 /60) وأخرجه الطيالسي (2444)، انظر: «السِّلسلة الصَّحيحة» (1838).

(87) حديث رواه أبو داود (4813)، والتِّرمذي (2081)، وهو في «السِّلسلة الصَّحيحة» (416).

(88) «شرح البخاري» لابن بطَّال (1 /71).

(89) رواه النَّسائي في «السُّنن الكبرى» (9135)، وهو في «السِّلسلة الصَّحيحة» (289).

(90) أي: للزَّوج، وسمِّيَ عشيرًا؛ لأنَّه يُعاشرها وتعاشره؛ وهو قول أكثر أهل اللُّغة والتَّفسير، انظر: «المنتقى شرح الموطَّأ» (1 /454).

(91) أخرجه البخاري (1052) ومسلم (2147).

(92) قاله أبو الوليد الباجي في «المنتقى شرح الموطَّأ» (1 /454).

(93) أَي: طول تعزُّبها وبقاؤها بلا زوج، أو لتسريحه إيَّاها.

(94) أي: تجحد خيرَ زوجِها ومَعْرُوفه.

(95) أخرجه أحمد (27602)، والبخاري في «الأدب المفرد» (1048)، وهو في «السِّلسلة الصَّحيحة» (823).

(96) انظر: «النُّكت والعيون» للمَاوَرْدِي (1 /286)، و«زاد المسير» لابن الجوزي (2 /Cool.

(97) رواه أحمد (22433)، وأبو داود (2226)، والتِّرمذي (1187)، وابن ماجه (2055)، وهو في «صحيح التَّرغيب والتَّّرهيب» (2018).

(98) رواه التِّرمذي (1186)، وهو في «صحيح الجامع» (6681)، والمُخْتَلِعَاتُ: هنَّ اللاَّتي يَطْلُبْن الخُلع والطَّلاق مِن أزواجهنَّ مِن غير بأس، والمُنَافِقَاتُ: العاصيات باطنًا، والمطيعات ظاهرًا، قال الطّيبي: «مبالغةً في الزَّجر»، انظر: «تحفة الأحوذي» للمباركفوري (4 /307).

(99) أي: الجاذبات أنفسهنَّ مِن أزواجهنَّ، بأنْ يُرِدْن قَطْع الوَصْلة بالفِراق، انظر: «فيض القدير» للمُناوي (2 /387).

(100) رواه الطَّبراني في «المعجم الكبير» (14347)، وهو في «السِّلسلة الصَّحيحة» (632).

(101) أي: لا أَعِيبُ.

(102) أي: أكره إنْ أقمتُ عنده أنْ أقع فيما يقتضي الكفر، ويحتمل أنْ تريد بالكفر كفران العشير، إذْ هو تقصير المرأة في حقِّ الزَّوج، أفـاده الحافظ في «الفتح» (9 /400).

(103) أي: بُستانه، ووقع في حديث عمر رضي الله عنه: أنَّه كان أصدقها الحديقة المذكورة، ولفظه: «وكان تزوَّجها على حديقة نخل» [«الفتح» (9 /400)].

(104) رواه البخاري (5273).

(105) انظر: «تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (1 /635).

(106) الخَلُوق: طيب مركَّب مِن الزَّعفران وغيره مِن أنواع الطِّيب، تغلب عليه الحُمرة والصُّفرة.

(107) العَارِضان: جانبا الوجه، وصفحتا الخدَّيْن.

(108) الإحْداد: ترك الزِّينة مِن اللِّباس والطِّيب والحُلِيِّ والكُحْل، انظر: «المنتقى شرح الموطَّأ» لأبي الوليد الباجي (3 /338).

(109) أخرجه البخاري (5334) ومسلم (3798).

(110) «شرح مسلم» (10 /112).



* منقول من مجلة الإصلاح «العدد 12»

القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) 004510

القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) O_o_oo12

القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Y_od10

القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Iy_oo_11



القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) Aaa-aa10







‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى) 4837alsh3er
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
القول المبين في العشرة بين الزوجين (الجزء الأول)و(الجزء الثانى)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» فوائد من كتاب الزهد الجزء الثانى لابن المبارك
» ما هي العشرة بين الزوجين كما أرادها الله؟
»  فقه الاعتكاف (2) أ. د. خالد بن علي المشيقح الجزء الثانى
» منهج البيروني في دراسة الأديان الجزء الثانى
» قرة العينين في أحكام بر الوالدين ـ الجزء الاول الثانى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي المركز الدولى :: ๑۩۞۩๑ (المنتديات الأسلامية๑۩۞۩๑(Islamic forums :: ๑۩۞۩๑نفحات اسلامية ๑۩۞۩๑Islamic Nfhat-
انتقل الى: