منتدي المركز الدولى


تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  1110
تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى


تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  1110
تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي المركز الدولى،منتدي مختص بتقديم ونشر كل ما هو جديد وهادف لجميع مستخدمي الإنترنت فى كل مكان
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
Awesome Orange 
Sharp Pointer
منتدى المركز الدولى يرحب بكم أجمل الترحيب و يتمنى لك اسعد الاوقات فى هذا الصرح الثقافى

اللهم يا الله إجعلنا لك كما تريد وكن لنا يا الله فوق ما نريد واعنا يارب العالمين ان نفهم مرادك من كل لحظة مرت علينا أو ستمر علينا يا الله

 

 تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الشيماء
مستشاره ادارية
مستشاره ادارية
الشيماء


الادارة

وسام الابداع

نجمة المنتدى

وسامالعطاء

عدد المساهمات : 4921
تاريخ التسجيل : 21/08/2010

تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Empty
مُساهمةموضوع: تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."    تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Icon_minitime1الخميس 22 أغسطس - 3:59


تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."
تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."
تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."


السؤال

ما هو تفسير الآية رقم 23من سورة ص وما أسباب نزولها
الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالآية المشار إليها هي قوله تعالى: [إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً ](ص: 23).

قال الإمام البيضاوي في تفسير هذه الآية: "إن هذا أخي" بالدين أو بالصحبة. "له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة": هي الأنثى من الضأن، وقد يكنى بها عن المرأة، والكناية والتمثيل فيما يساق للتعريض أبلغ في المقصود، وقرئ: "تَسع وتسعون" بفتح التاء، ونِعجة بكسر النون، وقرأ حفص بفتح ياء "لي نعجة". "فقال أكفلنيها": ملكنيها، وحقيقته اجعلني أكفلها كما أكفل ما تحت يدي، وقيل اجعلها كفلي أي نصيبي، "وعزني في الخطاب" وغلبني في مخاطبته إياي محاجة بأن جاء بحجاج لم أقدر على رده، أو في مغالبته إياي في الخطبة يقال: خطبت المرأة وخطبها هو فخاطبني خطابا حيث زوجها دوني، وقرئ "وعازني" أي غالبني" "وعزني" على تخفيف غريب. اهـ.

ويمكنك الرجوع إلى أي تفسير من التفاسير المعتبرة، كتفسير الإمام الطبري والقرطبي وابن كثير وغيرهم لمعرفة تفسير هذه الآية وغيرها، وننبه إلى أن ما يذكر في تفسير هذه الآية والتي تليها من أمر لا يليق بالأنبياء لا يجوز اعتقاده.

قال العلامة الشنقيطي في "أضواء البيان": واعلم أن ما يذكره كثير من المفسرين في تفسير هذه الآية الكريمة مما لا يليق بمنصب داود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، كله راجع إلى الإسرائيليات، فلا ثقة به، ولا معول عليه، وما جاء منه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا يصح منه شيء.

وقال الإمام ابن العربي في "أحكام القرآن": والذي أوقع الناس في ذلك رواية المفسرين وأهل التقصير من المسلمين في قصص الأنبياء مصائب لا قدر عند الله لمن اعتقدها.

ولم نقف على سبب نزول هذه الآية.

والله أعلم.
https://www.islamweb.net/ar/fatwa/45724/

تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."



‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Sigpic12
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الشيماء
مستشاره ادارية
مستشاره ادارية
الشيماء


الادارة

وسام الابداع

نجمة المنتدى

وسامالعطاء

عدد المساهمات : 4921
تاريخ التسجيل : 21/08/2010

تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."    تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Icon_minitime1الخميس 22 أغسطس - 4:03


تفسير القرطبى
إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23)

قوله تعالى : إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة أي قال الملك الذي تكلم عن أوريا إن هذا أخي أي : على ديني ، وأشار إلى المدعى عليه . وقيل : أخي أي : صاحبي . له تسع وتسعون نعجة وقرأ الحسن : " تسع وتسعون نعجة " بفتح التاء فيهما ، وهي لغة شاذة ، وهي الصحيحة من قراءة الحسن ، قال النحاس . والعرب تكني عن المرأة بالنعجة والشاة ، لما هي عليه من السكون والمعجزة وضعف الجانب . وقد يكنى عنها بالبقرة والحجرة والناقة ; لأن الكل مركوب . قال ابن عون :
أنا أبوهن ثلاث هنه رابعة في البيت صغراهنه
ونعجتي خمسا توفيهنه ألا فتى سمح يغذيهنه
طي النقا في الجوع يطويهنه ويل الرغيف ويله منهنه
وقال عنترة :
يا شاة ما قنص لمن حلت له حرمت علي وليتها لم تحرم
فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي فتجسسي أخبارها لي واعلمي
قالت رأيت من الأعادي غرة والشاة ممكنة لمن هو مرتم
فكأنما التفتت بجيد جداية رشأ من الغزلان حر أرثم
وقال آخر :
فرميت غفلة عينه عن شاته فأصبت حبة قلبها وطحالها
وهذا من أحسن التعريض حيث كنى بالنعاج عن النساء . قال الحسين بن الفضل : هذا من الملكين تعريض وتنبيه ، كقولهم : ضرب زيد عمرا ، وما كان ضرب ولا نعاج على التحقيق ، كأنه قال : نحن خصمان هذه حالنا . قال أبو جعفر النحاس : وأحسن ما قيل في هذا أن المعنى : يقول : خصمان بغى بعضنا على بعض على جهة المسألة ، كما تقول : رجل يقول لامرأته كذا ، ما يجب عليه ؟ .
قلت : وقد تأول المزني صاحب الشافعي هذه الآية ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن شهاب الذي خرجه الموطأ وغيره : هو لك يا عبد بن زمعة على نحو هذا ، قال المزني : يحتمل هذا الحديث عندي - والله أعلم - أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاب عن المسألة فأعلمهم بالحكم أن هذا يكون إذا ادعى صاحب فراش وصاحب زنى ، لا أنه قبل على عتبة قول أخيه سعد ، ولا على زمعة قول ابنه : إنه ولد زنى ، لأن كل واحد منهما أخبر عن غيره . وقد أجمع المسلمون أنه لا يقبل إقرار أحد على غيره . وقد ذكر الله سبحانه في كتابه مثل ذلك في قصة داود والملائكة ، إذ دخلوا عليه ففزع منهم ، قالوا : لا تخف خصمان ولم يكونوا خصمين ، ولا كان لواحد منهم تسع وتسعون نعجة ، ولكنهم كلموه على المسألة ليعرف بها ما أرادوا تعريفه . فيحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم في هذه القصة على المسألة ، وإن لم يكن أحد يؤنسني على هذا التأويل في الحديث ، فإنه عندي صحيح . والله أعلم .
قال النحاس : وفي قراءة ابن مسعود " إن هذا أخي كان له تسع وتسعون نعجة أنثى " و " كان " هنا مثل قوله - عز وجل - : وكان الله غفورا رحيما فأما قوله : " أنثى " فهو تأكيد ، كما يقال : هو رجل ذكر وهو تأكيد .
وقيل : لما كان يقال هذه مائة نعجة ، وإن كان فيها من الذكور شيء يسير ، جاز أن يقال : أنثى ليعلم أنه لا ذكر فيها . وفي التفسير : له تسع وتسعون امرأة .
قال ابن العربي : إن كان جميعهن أحرارا فذلك شرعه ، وإن كن إماء فذلك شرعنا .
والظاهر أن شرع من تقدم قبلنا لم يكن محصورا بعدد ، وإنما الحصر في شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، لضعف الأبدان وقلة الأعمار .
وقال القشيري : ويجوز أن يقال : لم يكن له هذا العدد بعينه ، ولكن المقصود ضرب مثل ، كما تقول : لو جئتني مائة مرة لم أقض حاجتك ، أي : مرارا كثيرة . قال ابن العربي : قال بعض المفسرين : لم يكن لداود مائة امرأة ، وإنما ذكر التسعة والتسعين مثلا ، المعنى : هذا غني عن الزوجة وأنا مفتقر إليها . وهذا فاسد من وجهين : أحدهما : أن العدول عن الظاهر بغير دليل ، لا معنى له ، ولا دليل يدل على أن شرع من قبلنا كان مقصورا من النساء على ما في شرعنا . الثاني : أنه روى البخاري وغيره أن سليمان قال : لأطوفن الليلة على مائة امرأة تلد كل أمرأة غلاما يقاتل في سبيل الله ، ونسي أن يقول إن شاء الله وهذا نص
قوله تعالى : ولي نعجة واحدة أي امرأة واحدة
فقال أكفلنيها أي انزل لي عنها حتى أكفلها .
وقال ابن عباس : أعطنيها . وعنه : تحول لي عنها . وقال ابن مسعود . وقال أبو العالية : ضمها إلي حتى أكفلها . وقال ابن كيسان : اجعلها كفلي ونصيبي .
وعزني في الخطاب أي غلبني .
قال الضحاك : إن تكلم كان أفصح مني ، وإن حارب كان أبطش مني .
يقال : عزه يعزه بضم العين في المستقبل عزا غلبه .
وفي المثل : من عز بز ، أي : من غلب سلب .
والاسم العزة وهي القوة والغلبة . قال الشاعر :
قطاة عزها شرك فباتت تجاذبه وقد علق الجناح
وقرأ عبد الله بن مسعود وعبيد بن عمير : " وعازني في الخطاب " أي : غالبني ، من المعازة وهي المغالبة ، عازه أي : غالبه .
قال ابن العربي : واختلف في سبب الغلبة ، فقيل : معناه غلبني ببيانه . وقيل : غلبني بسلطانه ; لأنه لما سأله لم يستطع خلافه . كان ببلادنا أمير يقال له : سير بن أبي بكر فكلمته في أن يسأل لي رجلا حاجة ، فقال لي : أما علمت أن طلب السلطان للحاجة غصب لها .
فقلت : أما إذا كان عدلا فلا . فعجبت من عجمته وحفظه لما تمثل به وفطنته ، كما عجب من جوابي له واستغربه .





















‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Sigpic12
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الشيماء
مستشاره ادارية
مستشاره ادارية
الشيماء


الادارة

وسام الابداع

نجمة المنتدى

وسامالعطاء

عدد المساهمات : 4921
تاريخ التسجيل : 21/08/2010

تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."    تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Icon_minitime1الخميس 22 أغسطس - 4:12


قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩ (24)


قوله تعالى : قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه قال النحاس : فيقال إن هذه كانت خطيئة داود عليه السلام ; لأنه قال : " لقد ظلمك " من غير تثبت ببينة ، ولا إقرار من الخصم ، هل كان هذا كذا أو لم يكن . فهذا قول .
وسيأتي بيانه في المسألة بعد هذا ، وهو حسن إن شاء الله تعالى . وقال أبو جعفر النحاس : فأما قول العلماء الذين لا يدفع قولهم ، منهم عبد الله بن مسعود وابن عباس ، فإنهم قالوا : ما زاد داود صلى الله على نبينا وعليه على أن قال للرجل انزل لي عن امرأتك . قال أبو جعفر : فعاتبه الله - عز وجل - على ذلك ونبهه عليه ، وليس هذا بكبير من المعاصي ، ومن تخطى إلى غير هذا فإنما يأتي بما لا يصح عن عالم ، ويلحقه فيه إثم عظيم . كذا قال : في كتاب إعراب القرآن . وقال : في كتاب معاني القرآن له بمثله . قال - رضي الله عنه - : قد جاءت أخبار وقصص في أمر داود - عليه السلام - وأوريا ، وأكثرها لا يصح ولا يتصل إسناده ، ولا ينبغي أن يجترأ على مثلها إلا بعد المعرفة بصحتها . وأصح ما روي في ذلك ما رواه مسروق عن عبد الله بن مسعود قال : ما زاد داود - عليه السلام - على أن قال : أكفلنيها أي : انزل لي عنها . وروى المنهال عن سعيد بن جبير قال : ما زاد داود - صلى الله عليه وسلم - على أن قال : أكفلنيها أي : تحول لي عنها وضمها إلي . قال أبو جعفر : فهذا أجل ما روي في هذا ، والمعنى عليه أن داود - عليه السلام - سأل أوريا أن يطلق امرأته ، كما يسأل الرجل الرجل أن يبيعه جاريته ، فنبهه الله - عز وجل - على ذلك ، وعاتبه لما كان نبيا وكان له تسع وتسعون ، أنكر عليه أن يتشاغل بالدنيا بالتزيد منها ، فأما غير هذا فلا ينبغي الاجتراء عليه . قال ابن العربي : وأما قولهم إنها لما أعجبته أمر بتقديم زوجها للقتل في سبيل الله فهذا باطل قطعا ، فإن داود - صلى الله عليه وسلم - لم يكن ليريق دمه في غرض نفسه ، وإنما كان من الأمر أن داود قال لبعض أصحابه : انزل لي عن أهلك ، وعزم عليه في ذلك ، كما يطلب الرجل من الرجل الحاجة برغبة صادقة ، كانت في الأهل أو في المال . وقد قال سعد بن الربيع لعبد الرحمن بن عوف حين آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما : إن لي زوجتين أنزل لك عن أحسنهما ، فقال له : بارك الله لك في أهلك . وما يجوز فعله ابتداء يجوز طلبه ، وليس في القرآن أن ذلك كان ، ولا أنه تزوجها بعد زوال عصمة الرجل عنها ، ولا ولادتها لسليمان ، فعمن يروى هذا ويسند ؟ ! وعلى من في نقله يعتمد ، وليس يأثره عن الثقات الأثبات أحد . أما أن في سورة [ الأحزاب ] نكتة تدل على أن داود قد صارت له المرأة زوجة ، وذلك قوله : ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل يعني في أحد الأقوال : تزويج داود المرأة التي نظر إليها ، كما تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش ، إلا أن تزويج زينب كان من غير سؤال الزوج في فراق ، بل أمره بالتمسك بزوجته ، وكان تزويج داود للمرأة بسؤال زوجها فراقها . فكانت هذه المنقبة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - على داود مضافة إلى مناقبه العلية صلى الله عليه وسلم . ولكن قد قيل : إن معنى سنة الله في الذين خلوا من قبل تزويج الأنبياء بغير صداق من وهبت نفسها لهم من النساء بغير صداق . وقيل : أراد بقوله : سنة الله في الذين خلوا من قبل أن الأنبياء صلوات الله عليهم فرض لهم ما يمتثلونه في النكاح وغيره . وهذا أصح الأقوال . وقد روى المفسرون أن داود - عليه السلام - نكح مائة امرأة ، وهذا نص القرآن . وروي أن سليمان كانت له ثلاثمائة امرأة وسبعمائة جارية ، وربك أعلم . وذكر الكيا الطبري في أحكامه في قول الله - عز وجل - : وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب الآية : ذكر المحققون الذين يرون تنزيه الأنبياء عليهم السلام عن الكبائر ، أن داود - عليه السلام - كان قد أقدم على خطبة امرأة قد خطبها غيره ، يقال : هو أوريا ، فمال القوم إلى تزويجها من داود راغبين فيه ، وزاهدين في الخاطب الأول ، ولم يكن بذلك داود عارفا ، وقد كان يمكنه أن يعرف ذلك فيعدل عن هذه الرغبة ، وعن الخطبة بها ، فلم يفعل ذلك ، من حيث أعجب بها إما وصفا أو مشاهدة على غير تعمد ، وقد كان لداود - عليه السلام - من النساء العدد الكثير ، وذلك الخاطب لا امرأة له ، فنبهه الله تعالى على ما فعل بما كان من تسور الملكين ، وما أورداه من التمثيل على وجه التعريض ، لكي يفهم من ذلك موقع العتب فيعدل عن هذه الطريقة ، ويستغفر ربه من هذه الصغيرة .
قوله تعالى : قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه فيه الفتوى في النازلة بعد السماع من أحد الخصمين ، وقبل أن يسمع من الآخر بظاهر هذا القول . قال ابن العربي : وهذا مما لا يجوز عند أحد ، ولا في ملة من الملل ، ولا يمكن ذلك للبشر . وإنما تقدير الكلام : أن أحد الخصمين ادعى والآخر سلم في الدعوى ، فوقعت بعد ذلك الفتوى . وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض لأحدهما حتى تسمع من الآخر وقيل : إن داود لم يقض للآخر حتى اعترف صاحبه بذلك . وقيل : تقديره : لقد ظلمك إن كان كذلك . والله أعلم بتعيين ما يمكن من هذه الوجوه .
قلت : ذكر هذين الوجهين القشيري والماوردي وغيرهما . قال القشيري : وقوله : لقد ظلمك بسؤال نعجتك من غير أن يسمع كلام الخصم مشكل ، فيمكن أن يقال : إنما قال هذا بعد مراجعة الخصم الآخر وبعد اعترافه . وقد روي هذا وإن لم تثبت روايته ، فهذا معلوم من قرائن الحال ، أو أراد لقد ظلمك إن كان الأمر على ما تقول ، فسكته بهذا وصبره إلى أن يسأل خصمه . قال ويحتمل أن يقال : كان من شرعهم التعويل على قول المدعي عند سكوت المدعى عليه ، إذا لم يظهر منه إنكار بالقول . وقال الحليمي أبو عبد الله في كتاب منهاج الدين له : ومما جاء في شكر النعمة المنتظرة إذا حضرت ، أو كانت خافية فظهرت : السجود لله عز وجل . قال : والأصل في ذلك قوله - عز وجل - : وهل أتاك نبأ الخصم إلى قوله : وحسن مآب . أخبر الله - عز وجل - عن داود - عليه السلام - : أنه سمع قول المتظلم من الخصمين ، ولم يخبر عنه أنه سأل الآخر ، إنما حكى أنه ظلمه ، فكان ظاهر ذلك أنه رأى في المتكلم مخائل الضعف والهضيمة ، فحمل أمره على أنه مظلوم كما يقول ، ودعاه ذلك إلى ألا يسأل الخصم ، فقال له مستعجلا : لقد ظلمك مع إمكان أنه لو سأله لكان يقول : كانت لي مائة نعجة ولا شيء لهذا ، فسرق مني هذه النعجة ، فلما وجدتها عنده قلت له ارددها ، وما قلت له أكفلنيها ، وعلم أني مرافعه إليك ، فجرني قبل أن أجره ، وجاءك متظلما من قبل أن أحضره ، لتظن أنه هو المحق وأني أنا الظالم . ولما تكلم داود بما حملته العجلة عليه ، علم أن الله - عز وجل - خلاه ونفسه في ذلك الوقت ، وهو الفتنة التي ذكرناها ، وأن ذلك لم يكن إلا عن تقصير منه ، فاستغفر ربه وخر راكعا لله تعالى شكرا على أن عصمه ، بأن اقتصر على تظليم المشكو ، ولم يزده على ذلك شيئا من انتهار أو ضرب أو غيرهما ، مما يليق بمن تصور في القلب أنه ظالم ،فغفر الله له ثم أقبل عليه يعاتبه ،
قوله تعالى : وإن كثيرا من الخلطاء يقال : خليط وخلطاء ، ولا يقال : طويل وطولاء ، لثقل الحركة في الواو . وفيه وجهان : أحدهما أنهما الأصحاب . الثاني أنهما الشركاء .
قلت : إطلاق الخلطاء على الشركاء فيه بعد ، وقد اختلف العلماء في صفة الخلطاء ، فقال أكثر العلماء : هو أن يأتي كل واحد بغنمه فيجمعهما راع واحد والدلو والمراح . وقال طاوس وعطاء : لا يكون الخلطاء إلا الشركاء . وهذا خلاف الخبر ، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - : لا يجمع بين مفترق ، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية وروي فإنهما يترادان الفضل . ولا موضع لتراد الفضل بين الشركاء ، فاعلمه . وأحكام الخلطة مذكورة في كتب الفقه . ومالك وأصحابه وجمع من العلماء لا يرون الصدقة على من ليس في حصته ما تجب فيه الزكاة . وقال الربيع والليث وجمع من العلماء منهم الشافعي : إذا كان في جميعها ما تجب فيه الزكاة أخذت منهم الزكاة . قال مالك : وإن أخذ المصدق بهذا ترادوا بينهم للاختلاف في ذلك ، وتكون كحكم حاكم اختلف فيه .
قوله تعالى : ليبغي بعضهم على بعض أي يتعدى ويظلم . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فإنهم لا يظلمون أحدا . وقليل ما هم يعني الصالحين ، أي : وقليل هم ف " ما " زائدة . وقيل : بمعنى الذين ، وتقديره : وقليل الذين هم . وسمع عمر - رضي الله عنه - رجلا يقول في دعائه : اللهم اجعلني من عبادك القليل . فقال له عمر : ما هذا الدعاء . فقال : أردت قول الله - عز وجل - : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم فقال عمر : كل الناس أفقه منك يا عمر !
قوله تعالى : وظن داود أنما فتناه أي ابتليناه . وظن معناه أيقن . قال أبو عمرو والفراء : ظن بمعنى أيقن ، إلا أن الفراء شرحه بأنه لا يجوز في المعاين أن يكون الظن إلا بمعنى اليقين . والقراءة " فتناه " بتشديد النون دون التاء . وقرأ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - " فتناه " بتشديد التاء والنون على المبالغة . وقرأ قتادة وعبيد بن عمير وابن السميقع " فتناه " بتخفيفهما . ورواه علي بن نصر عن أبي عمرو ، والمراد به الملكان اللذان دخلا على داود عليه السلام .فقال : ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله فبان بما قصه الله تعالى من هذه الموعظة ، التي توخاه بها بعد المغفرة ، أن خطيئته إنما كانت التقصير في الحكم ، والمبادرة إلى تظليم من لم يثبت عنده ظلمه . ثم جاء عن ابن عباس أنه قال : سجدها داود شكرا ، وسجدها النبي - صلى الله عليه وسلم - اتباعا ، فثبت أن السجود للشكر سنة متواترة عن الأنبياء صلوات الله عليهم . بسؤال نعجتك أي : بسؤاله نعجتك ، فأضاف المصدر إلى المفعول ، وألقى الهاء من السؤال ، وهو كقوله تعالى : لا يسأم الإنسان من دعاء الخير أي من دعائه الخير .
قيل : لما قضى داود بينهما في المسجد ، نظر أحدهما إلى صاحبه فضحك فلم يفطن داود ، فأحبا أن يعرفهما ، فصعدا إلى السماء حيال وجهه ، فعلم داود - عليه السلام - أن الله تعالى ابتلاه بذلك ، ونبهه على ما ابتلاه .
قلت : وليس في القران ما يدل على القضاء في المسجد إلا هذه الآية ، وبها استدل من قال بجواز القضاء في المسجد ، ولو كان ذلك لا يجوز كما قال الشافعي لما أقرهم داود على ذلك . ويقول : انصرفا إلى موضع القضاء . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء يقضون في المسجد ، وقد قال مالك : القضاء في المسجد من الأمر القديم . يعني في أكثر الأمور . ولا بأس أن يجلس في رحبته ، ليصل إليه الضعيف والمشرك والحائض ، ولا يقيم فيه الحدود ، ولا بأس بخفيف الأدب . وقد قال أشهب : يقضي في منزله وأين أحب .
قال مالك رحمه الله : وكان الخلفاء يقضون بأنفسهم ، وأول من استقضى معاوية . قال مالك : وينبغي للقضاة مشاورة العلماء . وقال عمر بن عبد العزيز : لا يستقضي حتى يكون عالما بآثار من مضى ، مستشيرا لذوي الرأي ، حليما نزها . قال : ويكون ورعا . قال مالك : وينبغي أن يكون متيقظا كثير التحذر من الحيل ، وأن يكون عالما بالشروط ، عارفا بما لا بد له منه من العربية ، فإن الأحكام تختلف باختلاف العبارات والدعاوى والإقرارات والشهادات والشروط التي تتضمن حقوق المحكوم له . وينبغي له أن يقول قبل إنجاز الحكم للمطلوب : أبقيت لك حجة ؟ فإن قال لا ، حكم عليه ، ولا يقبل منه حجة بعد إنفاذ حكمه إلا أن يأتي بما له وجه أو بينة . وأحكام القضاء والقضاة فيما لهم وعليهم مذكورة في غير هذا الموضع .
قوله تعالى : فاستغفر ربه اختلف المفسرون في الذنب الذي استغفر منه على أقوال ستة :
[ الأول ] أنه نظر إلى المرأة حتى شبع منها . قال سعيد بن جبير : إنما كانت فتنته النظرة . قال أبو إسحاق : ولم يتعمد داود النظر إلى المرأة لكنه عاود النظر إليها ، فصارت الأولى له والثانية عليه .
[ الثاني ] أنه أغزى زوجها في حملة التابوت .
[ الثالث ] أنه نوى إن مات زوجها أن يتزوجها .
[ الرابع ] أن أوريا كان خطب تلك المرأة ، فلما غاب خطبها داود فزوجت منه لجلالته ، فاغتم لذلك أوريا . فعتب الله على داود إذ لم يتركها لخاطبها . وقد كان عنده تسع وتسعون امرأة .
[ الخامس ] أنه لم يجزع على قتل أوريا ، كما كان يجزع على من هلك من الجند ، ثم تزوج امرأته ، فعاتبه الله تعالى على ذلك ; لأن ذنوب الأنبياء وإن صغرت فهي عظيمة عند الله .
[ السادس ] أنه حكم لأحد الخصمين قبل أن يسمع من الآخر .
قال القاضي ابن العربي : أما قول من قال : إنه حكم لأحد الخصمين قبل أن يسمع من الآخر فلا يجوز على الأنبياء ، وكذلك تعريض زوجها للقتل . وأما من قال : إنه نظر إليها حتى شبع فلا يجوز ذلك عندي بحال ; لأن طموح النظر لا يليق بالأولياء المتجردين للعبادة ، فكيف بالأنبياء الذين هم وسائط الله المكاشفون بالغيب! وحكى السدي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : لو سمعت رجلا يذكر أن داود - عليه السلام - قارف من تلك المرأة محرما لجلدته ستين ومائة ; لأن حد قاذف الناس ثمانون ، وحد قاذف الأنبياء ستون ومائة . ذكره الماوردي والثعلبي أيضا . قال الثعلبي : وقال الحارث الأعور عن علي : من حدث بحديث داود على ما ترويه القصاص معتقدا جلدته حدين ، لعظم ما ارتكب برمي من قد رفع الله محله ، وارتضاه من خلقه رحمة للعالمين ، وحجة للمجتهدين . قال ابن العربي : وهذا مما لم يصح عن علي . فإن قيل : فما حكمه عندكم ؟ قلنا : أما من قال إن نبيا زنى فإنه يقتل ، وأما من نسب إليه ما دون ذلك من النظر والملامسة ، فقد اختلف نقل الناس في ذلك ، فإن صمم أحد على ذلك فيه ونسبه إليه قتلته ، فإنه يناقض التعزير المأمور به ، فأما قولهم : إنه وقع بصره على امرأة تغتسل عريانة ، فلما رأته أسبلت شعرها فسترت جسدها ، فهذا لا حرج عليه فيه بإجماع من الأمة ; لأن النظرة الأولى تكشف المنظور إليه ولا يأثم الناظر بها ، فأما النظرة الثانية فلا أصل لها . وأما قولهم : إنه نوى إن مات زوجها تزوجها ، فلا شيء فيه إذ لم يعرضه للموت . وأما قولهم : إنه خطب على خطبة أوريا فباطل يرده القرآن والآثار التفسيرية كلها . وقد روى أشهب عن مالك قال : بلغني أن تلك الحمامة أتت فوقعت قريبا من داود - عليه السلام - وهي من ذهب ، فلما رآها أعجبته فقام ليأخذها فكانت قرب يده ، ثم صنع مثل ذلك مرتين ، ثم طارت واتبعها ببصره فوقعت عينه على تلك المرأة وهي تغتسل ولها شعر طويل ، فبلغني أنه أقام أربعين ليلة ساجدا حتى نبت العشب من دموع عينه . قال ابن العربي : وأما قول المفسرين : إن الطائر درج عنده فهم بأخذه واتبعه ، فهذا لا يناقض العبادة ; لأنه مباح فعله ، لا سيما وهو حلال ، وطلب الحلال فريضة ، وإنما اتبع الطير لذاته لا لجماله ، فإنه لا منفعة له فيه ، وإنما ذكرهم لحسن الطائر خرق في الجهالة . أما أنه روي أنه كان طائرا من ذهب فاتبعه ليأخذه ; لأنه من فضل الله سبحانه وتعالى كما روي في الصحيح : ( إن أيوب - عليه السلام - كان يغتسل عريانا فخر عليه رجل من جراد من ذهب فجعل يحثي منه ويجعل في ثوبه ، فقال الله تعالى له : " يا أيوب ألم أكن أغنيتك " قال : ( بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك ) . وقال القشيري : فهم داود بأن يأخذه ليدفعه إلى ابن له صغير فطار ووقع على كوة البيت ، وقاله الثعلبي أيضا وقد تقدم .
قوله تعالى : وخر راكعا وأناب أي خر ساجدا ، وقد يعبر عن السجود بالركوع . قال الشاعر :
فخر على وجهه راكعا وتاب إلى الله من كل ذنب
قال ابن العربي : لا خلاف بين العلماء أن المراد بالركوع هاهنا السجود ، فإن السجود هو الميل ، والركوع هو الانحناء ، وأحدهما يدخل على الآخر ، ولكنه قد يختص كل واحد بهيئته ، ثم جاء هذا على تسمية أحدهما بالآخر ، فسمي السجود ركوعا . وقال المهدوي : وكان ركوعهم سجودا . وقيل : بل كان سجودهم ركوعا . وقال مقاتل : فوقع من ركوعه ساجدا لله عز وجل . أي : لما أحس بالأمر قام إلى الصلاة ، ثم وقع من الركوع إلى السجود ، لاشتمالهما جميعا على الانحناء . وأناب أي : تاب من خطيئته ورجع إلى الله . وقال الحسن بن الفضل : سألني عبد الله بن طاهر وهو الوالي عن قول الله - عز وجل - : " وخر راكعا " فهل يقال للراكع خر ؟ .
قلت : لا . قال : فما معنى الآية ؟ قلت : معناها فخر بعد أن كان راكعا أي : سجد .
واختلف في سجدة داود ، هل هي من عزائم السجود المأمور به في القرآن أم لا ؟ فروى أبو سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ على المنبر : " ص والقرآن ذي الذكر " فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه ، فلما كان يوم آخر قرأ بها فتشزن الناس للسجود ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنها توبة نبي ، ولكني رأيتكم تشزنتم للسجود ، ونزل وسجد . وهذا لفظ أبي داود . وفي البخاري وغيره عن ابن عباس أنه قال : " ص " ليست من عزائم القرآن ، وقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها . وقد روي من طريق عن ابن مسعود أنه قال : " ص " توبة نبي ، ولا يسجد فيها ، وعن ابن عباس : أنها توبة نبي ، ونبيكم ممن أمر أن يقتدي به . قال ابن العربي : والذي عندي أنها ليست موضع سجود ، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد فيها فسجدنا بالاقتداء به . ومعنى السجود أن داود سجد خاضعا لربه ، معترفا بذنبه . تائبا من خطيئته ، فإذا سجد أحد فيها فليسجد بهذه النية ، فلعل الله أن يغفر له بحرمة داود الذي اتبعه ، وسواء قلنا : إن شرع من قبلنا شرع لنا أم لا ؟ فإن هذا أمر مشروع في كل أمة لكل أحد . والله أعلم .
قال ابن خويز منداد : قوله : وخر راكعا وأناب فيه دلالة على أن السجود للشكر مفردا لا يجوز ; لأنه ذكر معه الركوع ، وإنما الذي يجوز أن يأتي بركعتين شكرا ، فأما سجدة مفردة فلا ، وذلك أن البشارات كانت تأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والأئمة بعده ، فلم ينقل عن أحد منهم أنه سجد شكرا ، ولو كان ذلك مفعولا لهم لنقل نقلا متظاهرا لحاجة العامة إلى جوازه وكونه قربة .
قلت : وفي سنن ابن ماجه عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم بشر برأس أبي جهل ركعتين . وخرج من حديث أبي بكرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتاه أمر يسره - أو يسر به - خر ساجدا شكرا لله . وهذا قول الشافعي وغيره . الثانية والعشرون : روى الترمذي وغيره واللفظ للغير : أن رجلا من الأنصار على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي من الليل يستتر بشجرة وهو يقرأ : " ص والقرآن ذي الذكر " فلما بلغ السجدة سجد وسجدت معه الشجرة ، فسمعها وهي تقول : اللهم أعظم لي بهذه السجدة أجرا ، وارزقني بها شكرا .
قلت : خرج ابن ماجه في سننه عن ابن عباس قال : كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأتاه رجل فقال : إني رأيت البارحة فيما يرى النائم ، كأني أصلي إلى أصل شجرة ، فقرأت السجدة فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي ، فسمعتها تقول : اللهم احطط بها عني وزرا ، واكتب لي بها أجرا ، واجعلها لي عندك ذخرا . قال ابن عباس فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ " السجدة " فسجد ، فسمعته يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة . ذكره الثعلبي عن أبي سعيد الخدري ، قال : قلت : يا رسول الله ، رأيتني في النوم كأني تحت شجرة ، والشجرة تقرأ " ص " فلما بلغت السجدة سجدت فيها ، فسمعتها تقول في سجودها : اللهم اكتب لي بها أجرا ، وحط عني بها وزرا ، وارزقني بها شكرا ، وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود سجدته . فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - : أفسجدت أنت يا أبا سعيد فقلت : لا والله يا رسول الله . فقال : لقد كنت أحق بالسجود من الشجرة . ثم قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - " ص " حتى بلغ السجدة فسجد ، ثم قال مثل ما قالت الشجرة .









‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Sigpic12
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الشيماء
مستشاره ادارية
مستشاره ادارية
الشيماء


الادارة

وسام الابداع

نجمة المنتدى

وسامالعطاء

عدد المساهمات : 4921
تاريخ التسجيل : 21/08/2010

تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."    تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Icon_minitime1الخميس 22 أغسطس - 4:23



تفسير ابن كثير

إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23)
قد ذكر المفسرون هاهنا قصة أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتباعه ، ولكن روى ابن أبي حاتم هنا حديثا لا يصح سنده ; لأنه من رواية يزيد الرقاشي عن أنس ويزيد - وإن كان من الصالحين - لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة .
فالأولى أن يقتصر على مجرد تلاوة هذه القصة وأن يرد علمها إلى الله - عز وجل - فإن القرآن حق وما تضمن فهو حق أيضا .
وقوله : ( 0]إذ دخلوا على داود ] ففزع منهم ) إنما كان ذلك لأنه كان في محرابه ، وهو أشرف مكان في داره وكان قد أمر ألا يدخل عليه أحد ذلك اليوم فلم يشعر إلا بشخصين قد تسورا عليه المحراب أي : احتاطا به يسألانه عن شأنهما .
وقوله : ( وعزني في الخطاب ) أي : غلبني يقال : عز يعز : إذا قهر وغلب .
وقوله : ( وظن داود أنما فتناه ) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : أي اختبرناه .
وقوله : ( وخر راكعا ) أي : ساجدا ) وأناب ) ويحتمل أنه ركع أولا ثم سجد بعد ذلك وقد ذكر أنه استمر ساجدا أربعين صباحا ، ( فغفرنا له ذلك ) أي : ما كان منه مما يقال فيه : إن حسنات الأبرار سيئات المقربين .
وقد اختلف الأئمة رضي الله عنهم في سجدة " ص " هل هي من عزائم السجود ؟ على قولين الجديد من مذهب الشافعي رحمه الله أنها ليست من عزائم السجود بل هي سجدة شكر . والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد حيث قال :
حدثنا إسماعيل - وهو ابن علية - عن أيوب عن ابن عباس أنه قال في السجود في " ص " : ليست من عزائم السجود وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها .
ورواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي في تفسيره من حديث أيوب به وقال الترمذي : حسن صحيح .
وقال النسائي أيضا عند تفسير هذه الآية : أخبرني إبراهيم بن الحسن - هو المقسمي - حدثنا حجاج بن محمد عن عمرو بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في " ص " وقال : " سجدها داود - عليه السلام - توبة ونسجدها شكرا " .
تفرد بروايته النسائي ورجال إسناده كلهم ثقات وقد أخبرني شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي قراءة عليه وأنا أسمع :
أخبرنا أبو إسحاق المدرجي أخبرنا زاهر بن أبي طاهر الثقفي أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي ، أخبرنا أبو سعيد الكنجروذي أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ أخبرنا أبو العباس السراج حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس عن الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد قال : قال لي ابن جريج : يا حسن حدثني جدك عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله إني رأيت فيما يرى النائم كأني أصلي خلف شجرة فقرأت السجدة فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها تقول وهي ساجدة : اللهم اكتب لي بها عندك أجرا واجعلها لي عندك ذخرا وضع عني بها وزرا واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود .
قال ابن عباس : فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قام فقرأ السجدة ثم سجد فسمعته يقول وهو ساجد كما حكى الرجل من كلام الشجرة
رواه الترمذي عن قتيبة وابن ماجه عن أبي بكر بن خلاد كلاهما عن محمد بن يزيد بن خنيس نحوه وقال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه
وقال البخاري عند تفسيرها أيضا : حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي عن العوام قال : سألت مجاهدا عن سجدة " ص " فقال : سألت ابن عباس : من أين سجدت ؟ فقال : أوما تقرأ : ( ومن ذريته داود وسليمان ) [ الأنعام : 84 ] ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) [ الأنعام : 90 ] فكان داود - عليه السلام - ممن أمر نبيكم - صلى الله عليه وسلم - أن يقتدي به فسجدها داود - عليه السلام - فسجدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وقال الإمام أحمد : حدثنا عفان حدثنا يزيد بن زريع حدثنا حميد حدثنا بكر - هو ابن عبد الله المزني - أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رأى رؤيا أنه يكتب " ص " فلما بلغ إلى التي يسجد بها رأى الدواة والقلم وكل شيء بحضرته انقلب ساجدا قال : فقصها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يزل يسجد بها بعد . تفرد به [ الإمام ] أحمد
وقال أبو داود : حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر " ص " فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه ، فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تشزن الناس للسجود ، فقال : " إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تشزنتم " . فنزل وسجد وسجدوا . تفرد به أبو داود وإسناده على شرط الصحيح .


http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/katheer/sura38-aya23.html








‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Sigpic12
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الشيماء
مستشاره ادارية
مستشاره ادارية
الشيماء


الادارة

وسام الابداع

نجمة المنتدى

وسامالعطاء

عدد المساهمات : 4921
تاريخ التسجيل : 21/08/2010

تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Empty
مُساهمةموضوع: أسرار وتفاصيل قصة نبي الله داود مع 99 نعجة   تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Icon_minitime1الخميس 22 أغسطس - 4:38


أسرار وتفاصيل قصة نبي الله داود مع 99 نعجة
أسرار وتفاصيل قصة نبي الله داود مع 99 نعجة


كان نبي الله سيدنا داود عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام من الأنبياء والرسل الكرام، الذين آتاهم الله الحكم والنبوة والملك، وجعله رسولًا إلى بني إسرائيل، وكان يحكم فيما بينهم في القضايا والخصومات.

وفي يوم من الأيام تسور(احاط) شخصان مختصمان جدران المحراب الذي يحكم فيه، دون استئذان، ولما رآهما سيدنا داود فزع منهم فقالا له لا تخف نحن خصمان اختلفنا وجئناك لتحكم بيننا.

وحينها بدأ أحدها يقص المشكلة على نبي الله داود عليه السلام فقال له: إن هذا أخي، يمتلك ۹۹ نعجة( اى زوجه)، وأنا لا أملك إلاّ نعجة واحدة،(اى زوجة واحدة )وهو يُصِرُّ علي أن أُعطيَهُ نعجتي (اى زوجتى )ليضُمها إلى بقية نعاجه( زوجاتهوقد شدد عليّ في القول وأغلظ.وقهرنى وغلبنى فى الحديث


فحكم نبي الله سيدنا داود عليه السلام للمدعي بأن أخوه قد ظلمه بطلبه أن يأخذ منه نعجته الواحدة ليضمها إلى نعاجه، وذلك دون أن يستمع إلى الخصم الثاني، لأن كثير من الخلطاء والشركاء يبغون على أصحابهم في العادة، واقتنع الطرفين بحكم نبي الله سيدنا داود وسلما له وغادرا المكان.

وبعد أن انصرفا أعاد سيدنا داود التدبر في تلك المسألة والخصومة، وأنه كان لابد أن يستمع إلى الطرف والأخر ليكون تصوره عن المسألة كاملًا، ثم يحكم بينهما، فأدرك سيدنا داود تسرعه في الحكم فأناب إلى الله وخر ساجدًا مستغفرًا الله، وتدارك الحكم بينهما.

وعن تلك القصة ذكرها الله سبحانه وتعالى كاملة في كتابه الكريم في الآيات ۲۱ إلى ۲6 من سورة (ص)، يقول تعالى: {وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ * إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ * يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}.





‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Sigpic12
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الشيماء
مستشاره ادارية
مستشاره ادارية
الشيماء


الادارة

وسام الابداع

نجمة المنتدى

وسامالعطاء

عدد المساهمات : 4921
تاريخ التسجيل : 21/08/2010

تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."    تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Icon_minitime1الخميس 22 أغسطس - 5:03


تفسير الأمثل في كتاب الله المنزل

الآيات 21 - 25



﴿وَهَلْ أَتَـكَ نَبَؤُا الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الِْمحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْض فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَاهْدِنَآ إِلَى سَوَآءِ الصِّرَطِ (22)إِنَّ هَـذَآ أَخِى لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِىَ نَعْجَةٌ وَحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِى فِى الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ الْخُلَطَآءِ لَيَبْغِى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض إِلاَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـلِحَـتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّـهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ (24)فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مئَاب (25)﴾

التّفسير

داود والإمتحان الكبير:

طرحت هذه الآيات بحث بسيط وواضح عن قضاء داود، ونتيجة لتحريف وسوء تعبير بعض الجهلة فقد اُثيرت ضجّة عظيمة في أوساط المفسّرين، وكانت أمواج هذه الضجّة من القوّة بحيث جرفت معها بعض المفسّرين، وجعلتهم يحكمون بشيء غير مقبول، ويقولون ما لا يليق بهذا النّبي الكبير.

وفي هذا المجال نحاول بيان مفهوم الآيات دون شرح وتفصيل كي يفهم القارىء الكريم مفهوم الآيات بذهنية صافية، وبعد الإنتهاء من تفسيرها بإختصار نتطرّق إلى الآراء المختلفة التي قيلت بشأنها. وتتمّة للآيات السابقة التي إستعرضت الصفات الخاصّة بداود والنعم الإلهيّة التي أنزلها الباري عزّوجلّ عليه، يبيّن القرآن المجيد أحداث قضيّة عرضت على داود.

ففي البداية يخاطب القرآن المجيد الرّسول الأكرم (ص): (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب).



(الخصم) جاءت هنا كمصدر، وأكثر الأحيان تطلق على الطرفين المتنازعين، وتستعمل هذه الكلمة للمفرد والجمع، وأحياناً تجمع على (خصوم).

(تسوّروا) مشتقّة من (سور) وهو الحائط العالي الذي يبنى حول البيت أو المدينة، وتعني هذه الكلمة في الأصل القفز أو الصعود إلى الأعلى.

"محراب" تعني صدر المجلس أو الغرف العليا، ولأنّها أصبحت محلا للعبادة أخذ تدريجيّاً يطلق عليها اسم المعبد.
وتصطلح اليوم على المكان الذي يقف فيه إمام الجماعة لأداء مراسم صلاة الجماعة، وفي المفردات، نقل عن البعض أنّ سبب إطلاق كلمة "المحراب" على محراب المسجد، هو لكونه مكاناً للحرب ضدّ الشيطان وهوى النفس.

على أيّة حال، فرغم أنّ داود (ع) كان محاطاً بأعداد كبيرة من الجند والحرس، إلاّ أنّ طرفي النزاع تمكّنا- من طريق غير مألوف- تسوّر جدران المحراب، والظهور أمام داود (ع) فجأةً، ففزع عند رؤيتهما، إذ دخلا عليه بدون إستئذان ومن دون إعلام مسبق، وظنّ داود (ع) أنّهم يكنّون له السوء، (إذ دخلوا على داود ففزع منهم).

إلاّ أنّهما عمدا بسرعة إلى تطييب نفسه وإسكان روعه، وقالا له: لا تخف نحن متخاصمان تجاوز أحدنا على الآخر (قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض).

فاحكم الآن بيننا ولا تتحيّز في حكمك وأرشدنا إلى الطريق الصحيح (فاحكم بيننا بالحقّ ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط).

"تشطط" مشتقّة من (شطط) على وزن (فقط)، وتعني البعيد جدّاً، ولكون الظلم والطغيان يبعدان الإنسان كثيراً عن الحقّ، فكلمة (شطط) تعني الإبتعاد عن الحقّ، كما تطلق على الكلام البعيد عن الحقيقة.

من المسلّم به أنّ قلق وروع "داود" قلّ بعض الشيء عندما وضّح الأخوان هدف مجيئهما إليه، ولكن بقي هناك سؤال واحد في ذهنه هو، إذا كنتما لا تكنّان السوء، فما هو الهدف من ميجئكما إليّ عن طريق غير مألوف؟

ولذلك تقدّم أحدهما وطرح المشكلة على داود، وقال: هذا أخي، يمتلك (99) نعجة، وأنا لا أمتلك إلاّ نعجة واحدة، وإنّه يصرّ عليّ أن أعطيه نعجتي ليضمّها إلى بقيّة نعاجه، وقد شدّد عليّ في القول وأغلظ (إنّ هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال اكفلنيها وعزّني في الخطاب).

"النعجة" هي الاُنثى من الضأن. وقد تطلق على اُنثى البقر الوحشي والخراف الجبلية.

"اكفلنيها" مشتقّة من الكفالة، وهي هنا كناية عن التخلّي (ومعنى الجملة إجعلها لي وفي ملكيتي وكفالتي، أي إمنحني إيّاها).

زّني" مشتقّة من (العزّة) وتعني التغلّب، وبذا يكون معنى الجملة إنّه تغلّب عليّ.

وهنا التفت داود (ع) إلى المدّعي قبل أن يستمع كلام الآخر (كما يوضّحه ظاهر الآية) وقال: من البديهي أنّه ظلمك بطلبه ضمّ نعجتك إلى نعاجه (قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه).

وهذا الأمر ليس بجديد، إذ أنّ الكثير من الأصدقاء والمخالطين بعضهم لبعض يبغي على صاحبه، إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وهم قلّة: (وإنّ كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم)(1) (2).

نعم فالأشخاص الذين يراعون بصورة كاملة في معاشرتهم وصداقتهم الطرف المقابل، ولا يعتدون عليه أدنى إعتداء ويؤدّون حقوق أصدقائهم ومعارفهم بصورة كاملة قليلون جدّاً، وهم المتزودّون بالإيمان والعمل الصالح.

على أيّة حال، فالظاهر أنّ طرفي الخصام إقتنعا بكلام داود (ع) وغادرا المكان.


ولكن داود غرق في التفكير بعد مغادرتهما، رغم أنّه كان يعتقد أنّه قضى بالعدل بين المتخاصمين، فلو كان الطرف الثاني مخالفاً لإدّعاءات الطرف الأوّل- أي المدّعي- لكان قد إعترض عليه، إذن فسكوته هو خير دليل على أنّ القضيّة هي كما طرحها المدّعي.

ولكن آداب مجلس القضاء تفرض على داود أن يتريّث في إصدار الأحكام ولا يتعجّل في إصدارها، وكان عليه أن يسأل الطرف الثاني أيضاً ثمّ يحكم بينهما، فلذا ندم كثيراً على عمله هذا، وظنّ أنّما فتنه الباري عزّوجلّ بهذه الحادثة (وظنّ داود أنّما فتنّاه).

وهنا أدركته طبيعته، وهي أنّه أوّاب، إذ طلب العفو والمغفرة من ربّه وخرّ راكعاً تائباً إلى الله العزيز الحكيم (فاستغفر ربّه وخرّ راكعاً وأناب).

"خرّ" مشتقّة من (خرير) وتعني سقوط شيء من علو ويسمع منه الصوت مثل صوت الشلالات، كما أنّها كناية عن السجود، حيث أنّ الأفراد الساجدين يهوون من حالة الوقوف إلى السجود ويقترن ذلك بالتسبيح.

كلمة (راكعاً) التي وردت في هذه الآية، إمّا أنّها تعني السجود كما جاءت في اللغة، أو لكون الركوع مقدّمة للسجود.

على أيّة حال، فالله سبحانه وتعالى شمل عبده داود بلطفه وعفا عن زلّته من حيث ترك العمل بالأولى، كما توضّحه الآية التالية (فغفرنا له ذلك). وإنّ له منزلة رفيعة عند الله (وإنّ له عندنا لزلفى وحسن مآب).

"زلفى" تعني المنزلة (والقرب عند الله) و (حسن مآب) إشارة إلى الجنّة ونعم الآخرة.



بحوث

1- ما هي حقيقة وقائع قصّة داود؟

الذي وضّحه القرآن المجيد في هذا الشأن لا يتعدّى أنّ شخصين تسوّرا جدران محراب داود (ع) ليحتكما عنده، وأنّه فزع عند رؤيتهما، ثمّ إستمع إلى أقوال المشتكي الذي قال: إنّ لأخيه (99) نعجة وله نعجة واحدة، وإنّ أخاه طلب منه ضمّ هذه النعجة إلى بقيّة نعاجه، فأعطى داود (ع) الحقّ للمشتكي، وإعتبر طلب الأخ ذلك من أخيه ظلماً وطغياناً، ثمّ ندم على حكمه هذا، وطلب من الله سبحانه وتعالى أن يعفو عنه ويغفر له، فعفا الله عنه وغفر له.

وهنا تبرز مسألتان دقيقتان أيضاً: الاُولى مسألة الإمتحان، والثانية مسألة الإستغفار.

القرآن الكريم لم يفصّل الحديث بشأن هاتين المسألتين، إلاّ أنّ الدلائل الموجودة في هذه الآيات والروايات الإسلامية الواردة بشأن تفسيرها تقول: إنّ داود كان ذا علم واسع وذا مهارة فائقة في أمر القضاء، وأراد الله سبحانه وتعالى أن يمتحنه، فلذا أوجد له مثل تلك الظروف غير الإعتيادية، كدخول الشخصين عليه من طريق غير إعتيادي وغير مألوف، إذ تسوّرا جدران محرابه، وإبتلائه بالإستعجال في إصدار الحكم قبل الإستماع إلى أقوال الطرف الثاني، رغم أنّ حكمه كان عادلا.

ورغم أنّه إنتبه بسرعة إلى زلّته، وأصلحها قبل مضيّ الوقت، ولكن مهما كان فإنّ العمل الذي قام به لا يليق بمقام النبوّة الرفيع، ولهذا فإنّ إستغفاره إنّما جاء لتركه العمل بالأولى، وإنّ الله شمله بعفوه ومغفرته.

والشاهد على هذا التّفسير إضافة إلى ما ذكرناه قبل قليل- هو الآية التي تأتي مباشرةً بعد تلك الآيات، والتي تخاطب داود (ع): (ياداود إنّا جعلناك خليفةً في الأرض فاحكم بين الناس بالحقّ ولا تتبع الهوى فيضلّك عن سبيل الله). وهذه الآية تبيّن أنّ زلّة داود كانت في كيفية قضائه وحكمه.

وبهذا الشكل فإنّ الآيات المذكورة أعلاه لا تذكر شيئاً يقلّل من شأن ومقام هذا النّبي الكبير.

2- التوراة والقصص الخرافية بشأن داود

الآن نتصفّح كتاب التوراة لنشاهد ماذا ذكر فيه عن هذه الواقعة، لنعثر على الأساس الذي إعتمد عليه بعض المفسّرين الجهلة وغير المطّلعين في تفسير هذه الآيات.

جاء في "التوراة" وفي الكتاب الثاني "اشموئيل" الإصحاح الحادي عشر من الجملة الثانية وحتّى السابعة والعشرين:

"وكان في وقت المساء، أنّ داود قام عن سريره وتمشّى على سطح بيت الملك، فرأى من على السطح امرأة تستحمّ وكانت المرأة جميلة المنظر جدّاً. فأرسل داود وسأل عن المرأة فقيل: إنّها (بتشبع)(3) بنت (اليعام) وزوجة (أوريّا الحِتّي)(4).

فأرسل داود رسلا وأخذها فدخلت عليه، فاضطجع معها وهي طاهرة من طمثها، ثمّ رجعت إلى بيتها، وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داود بأنّها حبلى.

وبعد علمه بحمل (بتشبع) بعث داود برسالة إلى (يوآب)(5) طلب منه فيها أن يبعث (أوريّا) إليه، فبعث (يوآب) (أوريّا) إليه، وفور وصوله إلى قصر داود، إستفسر منه عن سلامة (يوآب) وسلامة الجيش وعن سير المعارك.

وهنا أمر داود (أوريّا) بأن يذهب إلى بيته ويغسل رجليه، فخرج أوريّا من قصر داود، وبعث داود خلفه أنواعاً من الطعام، إلاّ أنّ أوريّا نام عند باب قصر داود مع بقيّة عبيد سيّده داود ولم يذهب إلى بيته، وعندما علم داود أنّ أوريّا لم يذهب إلى بيته، قال داود لأوريّا: ألم تكن قد عدت من السفر؟ فلماذا لا تذهب إلى بيتك؟ فقال لداود: إنّ الصندوق وإسرائيل ويهودا وسيّدي (يوآب) وعبيد سيّدي يعيشون تحت الخيام في الصحراء؟ فهل يصحّ أن أذهب إلى بيتي لآكل وأشرب وأنام فيه؟ أقسم بحياتك أنّي لا أفعل ذلك.

وفي الصباح بعث داود برسالة إلى (يوآب) بيد (أوريّا) وكتب في الرسالة يقول: اجعلوا أوريّا في وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت، ففعل به ذلك فقتل وأخبر داود بذلك.

فلمّا سمعت امرأة أُوريّا أنّه قد مات ندبت بعلها، ولمّا مضت المناحة أرسل داود وضمّها إلى بيته وصارت له امرأة، وأمّا الأمر الذي فعله داود فقبح في عيني الربّ"(6).

خلاصة هذه القصّة إلى هنا تكون كالآتي: في إحدى الأيّام صعد داود إلى سطح القصر فوقعت عيناه على البيت المجاور فرأى امرأة عارية تغتسل، فأحبّها، وتمكّن بإحدى الطرق من جلبها إلى بيته، فاضطجع معها فحملت منه.

وزوج هذه المرأة كان أحد الضبّاط المشهورين في جيش داود وكان طاهراً نقيّاً، قتله داود (نعوذ بالله من هذا الكلام) بمؤامرة جبانة عندما بعثه إلى منطقة خطرة جدّاً في ساحة الحرب، ثمّ تزوّج داود زوجته.

والآن نواصل سرد بقيّة القصّة على لسان التوراة الحالي إذ جاء في الإصحاح الثاني عشر من كتاب صموئيل الثاني "أنّ الربّ أرسل (ناثان) أحد أنبياء بني إسرائيل ومستشار داود في نفس الوقت، وقال له: كان رجلان في مدينة واحدة، واحد منهما غني والآخر فقير، وكان للغني غنم وبقر كثيرة جدّاً، وأمّا الفقير فلم يكن له شيء إلاّ نعجة واحدة صغيرة قد اقتناها وربّاها، فجاء ضيف إلى الرجل الغني فأبى أن يأخذ من غنمه ومن بقره ليهيء للضيف الذي جاء إليه فأخذ نعجة الرجل الفقير وهيّأ لضيفه.

فحمي غضب داود، وقال لناثان، أقسم بالربّ أنّ الشخص الذي إرتكب هذا العمل يستحقّ القتل، وعليه أن يردّ النعجة بأربعة أضعاف. وهنا قال ناثان لداود: إنّ ذلك الرجل هو أنت!

فانتبه داود للعمل غير الصحيح الذي قام به، فدعا الله ليتوب عليه، فتاب الله عليه، وأنزل في نفس الوقت إبتلاءات كبيرة على داود".
هذا وقد إستخدمت التوراة عبارات يجلّ القلم عن ذكرها، لهذا نصرف النظر عنها.

وفي هذا الجزء من القصّة التي إستعرضتها التوراة يمكن للمتتبّع ملاحظة ما يلي:

1- لم يأت أحد متظلّماً وشاكياً إلى داود، وإنّما جاءه أحد أنبياء بني إسرائيل، الذي هو مستشار داود في نفس الوقت، وذكر له قصّة يستهدف منها وعظ داود، والقصّة هي بشأن شخصين الأوّل غني والثاني فقير، الغني يملك أعداداً كبيرة من الغنم والبقر، أمّا الفقير فلا يملك سوى نعجة واحدة صغيرة، والغني أخذ نعجة الرجل الفقير وهيّأها لضيفه.

إلى هذا المقدار من القصّة لا يوجد أي تطرّق لتسوّر جدران المحراب وفزع داود وتخاصم الشخصين عنده، إضافةً إلى طلب العفو والمغفرة.

2- داود (ع) إعتبر الغني طاغية ويستحقّ القتل لماذا يقتل من أجل نعجة واحدة)؟!

3- لماذا تسرّع داود (ع) في إصدار الحكم، إذ قال: يجب على الغني أن يردّ النعجة بأربعة أضعاف؟

4- داود يعترف بذنبه مع زوجة أوريّا.

5- لماذا يعفو الله عزّوجلّ عنه وبهذه السهولة؟!

6- الله سبحانه وتعالى يذكر عقوبات عجيبة ستطال داود من الأفضل عدم ذكرها هنا.

7- هذه المرأة (مع ماضيها المشهور) هي اُمّ سليمان (ع)!

رغم أنّ نقل مثل هذه القصص مؤلم حقّاً، ولكن ما العمل، إذ أنّ بعض الجهلة غير المطّلعين من المتأثّرين بالروايات الإسرائيليّة، أساؤوا إلى تفسير القرآن الكريم الطاهر، بإقحامهم مثل هذه الروايات فيه، ولا يوجد أمامنا سبيل إلاّ ذكر أجزاء من تلك القصص الفاضحة لردّها.

 والآن نسأل:

1- هل يمكن إتّهام نبي مدحه الباري عزّوجلّ في قرآنه الكريم بعشر صفات عظيمة، ودعا نبيّنا الأكرم محمّد (ص) إلى أن يستلهم من سيرته، هل يمكن إتّهامه بتلك التهم.

2- هل تتطابق هذه الأراجيف مع آيات القرآن التالية: (ياداود إنّا جعلناك خليفة في الأرض).

3- إذا إرتكب شخص عادي- وليس أحد الأنبياء- مثل هذا العمل الإجرامي للإعتداء على زوجة ضابط وفيّ وطاهر ومؤمن ومن خلال عملية خبيثة، بماذا سيحكم الناس عليه وما هي عقوبته؟ فالفاسق يتنزّه عن هذا العمل الشنيع، فكيف بنبي الله داود؟

وممّا يجدر ذكره أنّ التوراة لا تعتبر داود نبيّاً، وإنّما تعتبره ملكاً عادلا له مكانة مرموقة، وأنّه مشيّد المعبد الكبير لبني إسرائيل.



4- الطريف في الأمر أنّ كتاب (مزامير داود) هو أحد كتب التوراة، وقد جمعت فيه مناجات وأحاديث داود، فهل يمكن درج أحاديث ومناجاة مثل هذا الإنسان في طيّات الكتب السماوية؟



5- لو طرحت هذه القصص على شخص لا يمتلك سوى القليل من العقل والإدراك، لأعترف بأنّ قصص التوراة المحرّفة حالياً ما هي إلاّ خرافات، وأنّ أعداء نهج الأنبياء أو أشخاص جهلة غير مطّلعين صاغوا مثل هذه الخرافات، فكيف يمكن أن تكون هذه الخرافات معياراً للبحث؟

نعم فعظمة القرآن المجيد تبرز من خلال خلوّه من هذه الخرافات.



3- الأحاديث الإسلامية وقصّة داود (ع):


الرّوايات والأحاديث الإسلاميّة كذّبت بشدّة تلك القصص الخرافية والقبيحة الواردة في التوراة.

ومن جملة تلك الأحاديث، ما ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)يقول فيه: "لا اُوتي برجل يزعم أنّ داود تزوّج امرأة أوريّا إلاّ جلدته حدّين حدّاً للنبوّة وحدّاً للإسلام"(7).

لماذا، لأنّ المزاعم المذكورة تتّهم من جهة إنساناً مؤمناً بإرتكاب عمل محرّم، ومن جهة اُخرى تنتهك حرمة مقام النبوّة، ومن هنا حكم الإمام بجلد من يفتري عليه(ع) مرّتين (كلّ مرّة 80 سوطاً).

كما ورد حديث آخر لأمير المؤمنين (ع) يعطي نفس المعنى، جاء فيه "من حدّثكم بحديث داود على ما يرويه القصّاص جلدته مئة وستّين"(Cool.

وفي حديث آخر نقله الشيخ الصدوق في كتاب (الأمالي) عن الإمام الصادق(ع) قال: "إنّ رضا الناس لا يملك، وألسنتهم لا تضبط، ألم ينسبوا داود إلى أنّه اتّبع الطير حتّى نظر إلى امرأة أوريّا فهواها، وأنّه قدّم زوجها أمام التابوت حتّى قتل ثمّ تزوّج بها!"(9).

وأخيراً، ورد حديث في كتاب (عيون الأخبار) في باب مجلس الرضا عند المأمون مع أصحاب الملل والمقالات قال الرضا (ع) لابن الجهم: "وأمّا داود فما يقول من قبلكم فيه"؟

قال: يقولون: إنّ داود كان يصلّي في محرابه إذ تصوّر له إبليس على هيئة طير أحسن ما يكون من الطيور، فقطع داود صلاته وقام يأخذ الطير إلى الدار فخرج في أثره فطار الطير إلى السطح فصعد في طلبه فسقط الطير في دار أوريّا بن حيان.

فأطلع داود في أثر الطير فإذا بامرأة أوريّا تغتسل؟ فلمّا نظر إليها هواها، وكان قد أخرج أوريّا في بعض غزواته فكتب إلى صاحبه أن قدّم أوريّا أمام التابوت فقدّم فظفر أوريّا بالمشركين فصعب ذلك على داود، فكتب إليه ثانية أن قدّمه أمام التابوت فقدّم فقتل أوريّا وتزوج داود بامرأته.

قال: فضرب الرضا (ع) يده على جبهته وقال: "إنّا لله وإنّا إليه راجعون، لقد نسبتم نبيّاً من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته حتّى خرج في أثر الطير ثمّ بالفاحشة، ثمّ بالقتل".

فقال: يا ابن رسول الله، ما كانت خطيئته؟

فقال: "ويحك إنّ داود (ع) إنّما ظنّ أنّه ما خلق الله خلقاً هو أعلم منه، فبعث الله عزّوجلّ إليه الملكين فتسوّرا المحراب فقال: (خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحقّ ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط، إنّ هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال اكفلنيها وعزّني في الخطاب) فعجّل داود على المدّعى عليه فقال: (لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه) ولم يسأل المدّعي البيّنة على ذلك، ولم يقبل على المدّعي عليه فيقول له: ما تقول؟ فكان هذا خطيئة رسم الحكم لا ما ذهبتم إليه، ألا تسمع الله عزّوجلّ يقول: (ياداود إنّا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحقّ) إلى آخر الآية.

فقال: يا ابن رسول الله، فما قصّته مع أوريّا؟

قال الرضا (ع): "إنّ المرأة في أيّام داود كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوّج بعده أبداً، فأوّل من أباح الله عزّوجلّ له أن يتزوّج بامرأة قتل بعلها داود (ع)فتزوّج بامرأة أوريّا لمّا قتل وإنقضت عدّتها، فذلك الذي شقّ على الناس من قتل أوريّا"(10).



يستفاد من هذا الحديث أنّ مسألة أوريّا كانت لها جذور حقيقيّة بسيطة، وأنّ داود نفّذ ما جاء في الرسالة الإلهيّة، إلاّ أنّ أعداء الله من جهة، والجهلة من جهة اُخرى، إضافةً إلى مؤلّفي القصص الخيالية الذين يكتبون دائماً قصص عجيبة وكاذبة من جهة ثالثة، إختلقوا سيقاناً وأغصاناً وأوراقاً لهذه القصّة كي ينفّروا الإنسان من داود.



فأحدهم قال: لا يمكن أن يتمّ هذا الزواج ما لم تكن هنالك مقدّمات له؟

والآخر قال: يحتمل أنّ بيت أوريّا كان مجاوراً لبيت داود!

وأخيراً لكي يؤكّدوا أنّ داود (ع) شاهد زوجة (أوريّا) إصطنعوا قصّة الطير، وفي النهاية اتّهموا أحد أنبياء الله الكبار بإرتكاب مختلف أنواع الذنوب الكبيرة والمخزية، وتناقلتها ألسنة الجهلة والبلهاء ولولا انّها مذكورة في الكتب المعروفة لكان من الخطأ ذكرها والتعرّض لها.



وبالطبع، فإنّ هذه الرواية لا تختلف عن حديث أمير المؤمنين (ع)، لأنّ حديثه يشير إلى أنّها قصّة كاذبة مزيّفة تنسب إرتكاب الزنا وغيرها من المحرّمات- نعوذ بالله- إلى أحد الأنبياء الكبار.



آراء المفسّرين

بعض المفسّرين ذكروا آراء اُخرى لقصّة داود، رغم أنّها لا تتناسب مع ظاهر آيات القرآن المجيد، فإنّنا نرى من الضروري الإشارة إلى بعضها لإكمال البحث:



منها: أنّ داود (ع) كان قد قسّم ساعات يومه وفق برنامج منظّم، ولم يكن يسمح لأحد بمراجعته إلاّ في الساعات المخصّصة للمراجعة، وفي أحد الأيّام تسوّر شخصان المحراب وقد اتّفقا على قتل داود أثناء فترة عبادته لله سبحانه وتعالى، تسوّرا سور المحراب، ولكن عندما وصلا بالقرب من سور المحراب شاهدوا الجند والحرس يحيطون به من كلّ جانب، وخوفاً من أن ينكشف أمرهما، إختلقا قضيّة كاذبة، وادّعيا أنّهما أتيا إلى داود (ع) ليحكم بينهما، وشرحا القصّة التي تطرّق إليها القرآن الكريم، وقد قضى داود (ع) بينهما، ولكون الهدف من هذه اللعبة كان قتله، فقد غضب وصمّم على الإنتقام منهما، ولم يمض إلاّ وقت قصير حتّى ندم داود على تصميمه هذا واستغفر الله(11).

يقول العلاّمة الطباطبائي في تفسير الميزان (وأكثر المفسّرين تبعاً للروايات إنّ هؤلاء الخصم الداخلين على داود (ع) كانوا ملائكة أرسلهم الله سبحانه إليه ليمتحنه، وستعرف حال الروايات لكن خصوصيات القصّة كتسوّرهم المحراب ودخولهم عليه دخولا غير عادي بحيث أفزعوه، وكذا تنبّهه بأنّه إنّما كان فتنة من الله له وليس واقعة عادية، وقوله تعالى بعد: (فاحكم بين الناس بالحقّ ولا تتبع الهوى) الظاهر في أنّ الله إبتلاه بما ابتلي لينبّهه ويسدّده في خلافته وحكمه بين الناس، كلّ ذلك يؤيّد كونهم من الملائكة وقد تمثّلوا في صورة رجال من الإنس.

(والمقصود من التمثّل هو عدم وجود هؤلاء الأشخاص واقعاً وفي الخارج، بل أنّ ذلك إنعكس في ذهن داود وفي إدراكه).

وعلى هذا فالواقعة تمثّل فيه الملائكة في صورة متخاصمين لأحدهما نعجة واحدة، يسألها آخر له تسع وتسعون نعجة، وسألوه القضاء فقال لصاحب النعجة الواحدة: (لقد ظلمك) الخ وكان قوله (ع)- لو كان قضاءاً منجزاً- حكماً منه في ظرف التمثّل، كما لو كان رآهم فيما يرى النائم فقال لهم ما قال وحكم فيهم بما حكم، ومن المعلوم أن لا تكليف في ظرف التمثّل، كما لا تكليف في عالم الرؤيا وإنّما التكليف في عالمنا المشهود، وهو عالم المادّة، ولم تقع الواقعة فيه، ولا كان هناك متخاصمان ولا نعجة ولا نعاج إلاّ في ظرف التمثّل، فكانت خطيئة داود(ع)في هذا الظرف من التمثّل ولا تكليف هناك، كخطيئة آدم (ع) في الجنّة من أكل الشجرة قبل الهبوط إلى الأرض وتشريع الشرائع وجعل التكاليف، وإستغفاره وتوبته ممّا صدر منه كاستغفار آدم وتوبته ممّا صدر منه، وقد صرّح الله بخلافته في كلامه كما صرّح بخلافة آدم (ع) في كلامه)(12).

ولكن من المسلّم به أنّ ظاهر الآيات يوضّح أنّ الشكوى والخصام كان من قبل أفراد حقيقيين لهم وجود ظاهري، وفي هذه الحالة لم يكن قضاء داود ذنباً صادراً عنه، خاصّة بعد أن استمع لأقوال أحدهم وحصل عنده علم ويقين في إعطاء الحكم، رغم أنّ الآداب المستحبّة في القضاء توجب عليه أن يتأنّى في إصدار الحكم ولا يتعجّل، وإستغفاره إنّما كان لتركه العمل بالأولى.
وعلى أيّة حال، لا توجد أيّة ضرورة لإعتبار وقوع حادثة التحكيم هذه في ظرف التمثّل أو لأجل تنبيه داود (ع). والأفضل أن نحافظ على ظاهر الآيات وتفسيرها بالترتيب الآنف الذكر الذي حفظ ظاهر الآيات دون بروز أيّة مشاكل تمسّ مقام عصمة الأنبياء.
==================================

1- "خلطاء" جمع (خليط) وتعني الأشخاص أو الأشياء المخلوطة بعضها مع بعض، كما تطلق على الصديق والشريك والجار، ورغم أنّ الظلم والإعتداء لم يختّص بالخلطاء، إلاّ أنّ ذكر هذه المجموعة بسبب وجود الإتّصالات المتكرّرة فيما بينهم، وإحتمال حدوث سوء تفاهم فيما بينهم، أو بسبب عدم توقّع حدوث أي ظلم وطغيان من قبل اُولئك.

2- تركيب الجملة هكذا (هم) مبتدأ و (قليل) خبر إنّ و (ما) زائدة وردت هنا للمبالغة في القليل.

3- (بتشبع) اسم تلك المرأة التي زعم كتاب التوراة أنّ داود رآها عارية عندما كان يتمشّى على سطح بيته وعشقها، وهي بنت (اليعام) أحد المسؤولين حينذاك والذي كان عبرياً.

4- (أوريا) بتشديد الياء، اسم أحد كبار قادة جيش داود و (حتي) بتشديد (الياء) وكسر (الحاء) تنسب إلى (حت) ابن كنعان، وعشيرة كانت تسمّى (بني حت).

5- (يوآب) هو القائد العام لقوّات داود.

6- نقلا عن الإصحاح الحادي عشر من كتاب (صموئيل الثاني) الجمل (2) إلى (27).

7- مجمع البيان ذيل آيات البحث.

8- تفسير الفخر الرازي ذيل آيات البحث.

9- الأمالي للشيخ الصدوق طبق ما نقله نور الثقلين، المجلّد 4، الصفحة 446.

10- عيون الأخبار طبق ما نقله نور الثقلين، المجلّد 4، الصفحة 445.

11- تفسير (الفخر الرازي) و (روح المعاني) ذكرا هذا الأمر كتوجيه وإرشاد، فيما وافق (المراغي) في تفسيره على هذا الأمر.

12- تفسير الميزان، ج 17، ص 193 ـ 194.







‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."  Sigpic12
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير قوله تعالى "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة.."
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير قوله تعالى ( والله خير الماكرين )
» تفسير قوله تعالى : كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق
» تفسير قوله تعالى "ولنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع..."
» تفسير قوله تعالى ( خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب
»  تفسير قوله تعالى " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله "

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي المركز الدولى :: ๑۩۞۩๑ (المنتديات الأسلامية๑۩۞۩๑(Islamic forums :: ๑۩۞۩๑نفحات اسلامية ๑۩۞۩๑Islamic Nfhat-
انتقل الى: