السيرة الذاتية للشيخ القارىء مصطفى اسماعيل

السيرة الذاتية للشيخ القارىء مصطفى اسماعيل
ذكري رحيل القارئ الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " عملاق الـتـلاوة وقارئ القصر الملكي ، قرأ القرآن بأكثر من 19 مقاماً بفروعها وبصوت عذب وأداء قوي وقد عُرف عنه أنه صاحب نَفَس طويل في القراءة التجويدية ، ترك وراءه 1300 تلاوة لا تزال تبث عبر إذاعات القرآن الكريم

ولد " مصطفي محمد المرسى اسماعيل ، الشهير بالشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " يوم 17 يونيو سنة 1905 في قرية ميت غزال تبع مركز السنطة بمحافظة الغربية ، وكان اهل القرية يتوارثون مهنة الزراعة وكان الوالد مزارعا يمتلك 12 فدانا ، ولكن والد الشيخ " مصطفى " وجهة منذ البداية الى الكتاب ليحفظ القران ويتعلم القراءة والكتابة ، وفى السادسة ألحقة والده بكتاب القرية الذى يملكة ويديرة الشيخ " عبد الرحمن ابو العينين " ولم يمض الطفل " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " فى هذا الكتاب الا سنتين تعلم فيها القراءة والكتابة وحفظ ربع القران الكريم ثم التحق بكتاب الشيخ " عبد الله شحاته " وكان قريبا من منزل اسرة الشيخ وفيه اتم الشيخ حفظ القران واجاد الخط واتقن القراءة والكتابة
واندفع الطفل بفطرته لتلاوة القران حتى صارت له شهرة فى تلاوة القران وهو بعد فى سن العاشرة ثم التحق بالمعهد الأحمدي في طنطا ليتم دراسة القرءات وأحكام التلاوة ، أتم الشيخ تلاوة وتجويد القرآن الكريم وراجعه ثلاثين مرة على يد الشيخ " إدريس فاخر " وعمره لم يكن يتجاوز 16 عاما.
وفي إحدى ليالى شهر رمضان سنة 1917، كان الشيخ إدريس يسهر في منزل الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " هو وابنه ، فقال الشيخ " إدريس فاخر " لابنه اقرأ ربعاً وبعد أن فرغ إبنه من القراءة قال إقرا يا مصطفى سورة (ص) ، فرد عليه " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " قائلا " دي طويلة يا سيدنا " ، لكنه قرأها وعندما شمل أهل البيت السرور وهنئ الشيخ " إدريس فاخر " تلميذه الموهوب ، وقرر جد الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " مكافأة الشيخ إدريس.

بـدايـة انـطـلاق الـشـيـخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل "
كان الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " فى اوائل العشرينيات من عمره عندما استقر بمدينة طنطا مستجيبا لاتساع شهرته فى مديرية الغربية ولم يتوجس خيفة من وجود عدد من القراء الكبار والمشهورين فى مدينة طنطا امثال : الشيخ " شفيق شهبه " والشيخ " محمد السعودى " والشيخ " محمد العقله وغيرهم ، وهولاء القراء سبق للشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " ان قرء معهم فى المناسبات والليالى وهو بعد صبى فى السادسة عشر من عمره
ومن هناك من مدينة طنطا سجلت الانطلاقة الحقيقة لموهبته ، عندما توفى السيد " حسين بك القصبى " فى اسطنبول وكان من اعيان القطر المصرى وكان عضو فى مجلس الشيوخ ( مجلس الشعب الان ) توفى فى اسطنبول واعيد الى الاسكندرية على الباخرة ونقل من الاسكندرية الى طنطا بالقطار وخرجت طنطا كلها تستقبل الجثمان فى محطة القطار
ويقول الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " خرجت مثل باقى الناس نستقبل الجثمان ويوم العزاء دعانى احد اقارب السيد القصبى للقراءة بالعزاء وكان عمرى 16 عاما ، ولبست العمه والجبه والقفطان والكاكوله واردا الله ان يسمعنى جميع الناس من المديريات وجميع اعيان مصر
وذهبت الى السرادق الضخم المقام لاستقبال الامير " محمد على " الواصى على عرش " الملك فاروق " وسعد باشا زغلول وعمر باشا طوسون و اعيان مصر واعضاء الاسرة المالكة فى ذلك الوقت وحضر العزاء ايضا اعيان الاسكندرية وبورسعيد وجميع اعيان القطر المصرى ، ولم يكن هناك مكبرات صوت فقررت ان اسمع السرادق كله صوتى
وعندما انتهى اول القراء وكان اسمه الشيخ " سالم هزاع " رحمة الله عليه ونزل من على الدكة قفزت على الدكة وجلست وفجأه نادى أحد القراء وهو الشيخ " حسن صبح " قائلا انزل يا ولد هوه شغل عيال ، حتى حضر احد اقارب السيد القصبى وقال للشيخ " حسن صبح " هذا قارئ مدعو للقراءة مثلك
وقرأت وابهرت الحضور بتلاوتى وكذلك انبهر الشيخ " حسن صبح " وخاطبنى بعد انتهاء التلاوة وابدي اعجابه بي ، وبقيت لليوم الثالث من العزاء واحذت فى تلك الليالى 10 جنيه ، ومن بعد هذا العزاء بدء الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " يكون قاعدة له من المحبين والسمعية بطنطا وما حولها من مدن بالوجة البحرى

اللـقـاء مع قـيـثـارة السماء الـشـيـخ " مـحـمـد رفـعـت "
دعى الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " للقراءه فى عزاء السيد " ابراهيم بيه عبده " من كبار تجار القطن فى طنطا ومن اعيان طنطا وكان مدعو ايضا الشيخ الكبير " محمد رفعت " رحمه الله للقراءة ، ويقول الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " عن ذالك اللقاء : عندما علمت بدعوة الشيخ " محمد رفعت "للقراءة ايضا ، قلت يا خبر البيض ، واتفق معى اصحاب المأتم ان اجرى سيكون جنيه فقط فى الليله المهم وفى الليله الاولى كان مدعو للقراءة سيدنا الشيخ " عبد الفتاح الشعشاعى ، وفى الليله الثانية كان مدعو الشيخ " محمد رفعت " ورحت وكان السرادق مقام بميدان الكوتشنر في ذلك الوقت (الميدان موجود الى الان بطنطا وهو تقاطع شارع سعيد مع شارع حسن رضوان تقريبا )
وقراءت والشيخ " محمد رفعت " قراء بعدى و كنت بدأت من سورة النساء من بدايه من ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ .. فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۚ ) المهم اكمل الشيخ " محمد رفعت " ورائى وانتهي العزاء ، واحنا فى طريقنا الى المحطه احسست انه زعلان منى علشان متفقتش معاه على كيفيه البداية من اين ، فكلمته فقال لي الشيخ " محمد رفعت " انه ماكان يصح انك تبدء القراءة من دون ان تتفق معى من اين نبدء ، وقلت له اعتبرنى طفل صغير وبتعلم وبدت من سورة النساء لانى حافظ الحته دى كويس ، ابتسم الشيخ " محمد رفعت " و شد على ايدى واوصانى بالذهاب الى علماء القراءات بالمسجد الاحمدى للاستزاده منه ، وقبلت ايده واوصلته الى محطة القطار

وفى عام 1927 توفى زعيم الامة " سعد زغلول " وكانت له مكانة فى نفوس الناس فتلى القران فى عزاءة شيخ له مكانه فى قلوبالناس تلاه بصوت عانق احزانهم الدفينة واحتضن اشجانهم العميقة ، واقيمت سرادقات فى جميع انحاء البلاد وقراء الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " في دمياط وهز مشاعر الناس باداءه الجميل وصوته الرائع

وبعد هذة الليلة توالت الدعوات على الشيخ فى القاهرة ودعى الى مأتم فى حى المغربلين بالقاهرة وكان مدعو معه الشيخ " محمد سلامه " ولم يحضر الشيخ " محمد سلامه " وانفرد الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " بالقراءة فى هذة الليلة وسحر الجمهور بصوته وادائه وانتقالاته المقامية ووقفاته وحسن تعبيره عن معانى القران وكانت هذة الليلة هى بداية صلة الشيخ بحمهور القاهرة

اللـقـاء مع الشـيـخ الـكـبيـر " مـحـمـد الـصـيـفـي " والـفـرصـة الـذهـبـيـة
تعرف الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " علي الشيخ الكبير " محمد الصيفي " وفي أول لقاء بينهم ، سأله الشيخ " محمد الصيفى " عن نفسه فعرفه الشيخ قائلا انا اسمى مصطفى محمد المرسى اسماعيل واقرأ القران فى مديرية الغربية والوجه البحرى بنفسه ، فرد عليه الشيخ " محمد الصيفى " احنا بنسمع عنك كتير ، واثناء الحوار طلب الشيخ " محمد الصيفى " من الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " ان يقرأ له بعض ايات القرآن المهم قرأ الشيخ واعجب به الشيخ " محمد الصيفى " انت قارئ ممتاز من جميع الوجوة وقد جئت فى الوقت المناسب ، ونظرا لظروف مرض الشيخ " عبد الفتاح الشعشاعى " قرر الشيخ " محمد الصيفى " ان الشيخ سيكون مدعو للقراءة يوم الجمعه القادم فى ليلة الاحتفال بالمولد النبوى الشريف من مسجد الحسين واخبر الشيخ " محمد الصيفى " الشيخ " مصطفى اسماعيل " بأنه سيقرأ لمدة نصف ساعه ، وعاد الشيخ " مصطفي اسماعيل " الى اسرته فى قرية ميت غزال وافضى اليهم بهذا النبأ الجديد المثير ان الاذاعة ستنقل صوته الى كل مكان كما كانت تفعل مع مشاهير القراء
وجاءت اللحظة الحاسمة يوم الجمعة 22 فبراير سنة 1943 توجة الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " الى المسجد الحسينى بالقاهرة قبل صلاة العشاء فوجده غاصا بالناس وبينهم كثيرون ممن سمعوه من قبل فى الليالى التى أحيها فى القاهرة والتف حول الشيخ هؤلاء السميعه الذين سمعوه من قبل فى ليلة المغربلين وطالبوه بالقراءة قبل ان تبدأ الاذاعة الارسال ، وقرأ الشيخ حتى جاء الوقت الذى تنقل الاذاعة فيه الاحتفال ، فعارضت الاذاعة قرار الشيخ الصيفى لان الشيخ وقتها لم يكن معتمدا بالاذاعة فرد عليهم الشيخ " محمد الصيفي " قائلا سيقراء الشيخ مصطفى على مسؤليتى ، وقرأ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " قرأ الشيخ الموهوب بالفطرة وفتن كل من سمعوه بالقطر المصرى
وبعد ان فرغ الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " من التلاوة ضج المسجد بالتهليل والتكبير وتوجهت الانظار الى الشيخ وهو ينزل عن الدكة وعندما خرج من المسجد خرج الناس ورائه وكلما سلك الشيخ شارعا وجود الناس ورائه وتعجب الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " منهم وسألهم ماذا تريدون قالوا نريد ان نسمعك مرة اخرى الان وبينما هم فى الحوار ظهر سرادق لمأتم و كان القراء قد انتهوا من التلاوة فيه فدفع الجمهور الشيخ الى السرادق واجلسوا الشيخ على الدكة وطلبوا منه القراءة وانضم ايضا اصحاب السرادق فى مطالبة الشيخ الموهوب بالقراءة وجلس الشيخ وقرأ حتى مطلع الفجر
وعاد الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " فى الصباح الباكر الى قريته ميت غزال فوجد الاهل والاقارب قد عمهم السرور لما حققه الشيخ من نجاح فى هذة الليلة ولم يكد شيخنا ان يستريح حتى انهالت عليه الدعوات من كل حدب وصوب

الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " والـقـصـر المـلـكـى
طلبه القصر الملكى ‏ فانطلق " مراد محسن باشا " ناظر الخاصة الملكية ليأتي بالجوهرة من بطن أرض قرية ميت غزال من طنطا بمحافظة الغربية ، وتم استداعاء الشيخ عن طريق مدير مديرية الغربية فى هذا الوقت وتم ارسال الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " الى قصر عابدين ( قصر الملك فاروق ) وفي المكتب الخاص لناظر الخاصة الملكيه يطلب من المقرئ القادم بخاصته المتفردة في الأداء قراءة بعض الايات ، وبدأت التلاوة بنفحتها السماوية ليخشع السامعون من كبار موظفي القصر وعلي رأسهم " الملك فاروق " الذي استشعر نفحات الصوت العبقري في أرجاء القصر فانطلق من مجلسه للانضمام إلي كوكبة السميعة‏ ، وفي نهاية التلاوة صدرت الإوامر الملكية من الملك فاروق بأن يصبح الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " قارئ القصر الملكى
وتعاقد القصر الملكى معه للقراءة يوم 28 من شهر ابريل عام 1943 ، واتفق " مراد باشا محسن " مع الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " على ان يكون قارئ القصر الملكى فى ليالى رمضان التى احياها الشيخ بصوته وكانت بقصر التين المقر الصيفى للملك فاروق ، واستمر الشيخ قارئ القصر حتى عام 1952 وتكفلت الخاصة الملكية بمصاريف اقامة الشيخ فى فندق شبرد ، وكانت التسع سنوات تلك حافلة فقد طارت شهرة الشيخ حيث دأبت الاذاعة على نقل قراءته من القصر الملكى فى شتى المناسبات ونقلت صوته الى اذان مستميعها فى كل الارجاء فاستمع الناس الى ما لم يستمعوا من قبل وعلموا عندها ان دولة التلاوة يجلس عليها الاداء الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " حيث استمعوا قراءات غير تقليدية صاحبها يرسم بها لوحات من الجمال مفرادتها كلمات الكبير المتعال ، ولا عجب بعد هذا التميز الذى فاق الاقران وشغل الرأى العام فى كل مكان ان يزداد قربه من القصر الملكى ، حتى وصفه الناس بمقرئ الملك ولما لا وهو الجميل صوتا المهيب طلعه الأنيق هنداما الوقور هيئه قد إنطوى على اسرار تجذب اليه وتشد اليه مستمعيه

وتبدلت الاوضاع ويدور الزمن دورته وينتهى العهد الملكى وتقوم حركة الضباط الأحرار يوليو 1952 وكانت نظرة بعض ضباط الحركة للشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " على انه جزء من ماضى ويحسن التخلى عنه وانفرجت الازمه وتعدلت الاوضاع وعرف الضباط من هو الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " ، وترك الشيخ فندق شبرد واستجأر شقه بحى الزمالك وانتقل للعيش فيها هو و زوجته السيدة " فاطمه " وابنائه الصغار

الـزيـارات الـخـارجـيـة
هذا الاسلوب المتميز والفريد والذى فاق الاقران انطلق الشيخ للقراءة خارج البلاد فقد كان له محبوه ايضا خارج القطر المصرى ، حيث زار الشيخ مصطفى إسماعيل 25 دولة عربية وإسلامية وغيرها من الدول الاجنبية ، وقضى ليالي شهر رمضان المعظّم وهو يتلو القرآن الكريم بها ، كما سافر إلى جزيرة سيلان ، تركيا ، ماليزيا ، وتنزانيا ، وزار أيضا ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وانجلترا وكندا ، وسمع المسلمون ترتيله في جميع أنحاء العالم.
وزار الشيخ مصطفى إسماعيل مدينة القدس عام 1960 ، وقرأ القرآن الكريم في المسجد الأقصى في إحدى ليالي الإسراء والمعراج.
كذلك اختاره الرئيس الراحل " محمد أنور السادات " ضمن الوفد الرسمي لدى زيارته للقدس سنة 1977 ، وهناك قام ثانية بقراءة القرآن الكريم في المسجد الأقصى.

الموقف الرائع من الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " في ازمته مع أنيس منصور
في بداية الستينيات كان الكاتب الصحفي أنيس منصور يعد برنامجاً للتلفزيون تقدمه المذيعة أماني ناشد وقد طلب أن يعد حلقة خاصة عن حياة الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " ولأن النظام الاشتراكي وسياسة الدولة كانت في هذه الفترة في أوج انتشارها بمصر ، فقد طلب " أنيس منصور " من الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " أن يكذب على الناس ويقول لهم إنه تربى في بيئة فقيرة وأنه كافح في حياته كفاحا مريرا حتى يثبت وجوده وأن ما به من نعمة الآن إنما جاء بعد جوع وحرمان شديدين" وهذا الموقف دليل علي عزة اهل القران
وعند بداية التسجيل سألته المذيعة عن بداية مشوار حياته ففاجأها " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " بقولة : الحمد لله فقد أنعم الله علي بالخير الوفير منذ نعومة أظافري وبداية حياتي مع القرآن ولم أنم يوما واحداً على الرصيف كما طلب مني أنيس منصور أن أقول فحياتي كلها رغدة والحمد لله ولم أشعر بالذل أو الهوان يوما واحدا ".
اغتاظ أنيس منصور كثيراً من كلام " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " ولكنه لم يتحدث معه في هذا الشأن طيلة حياته إلا أنه وبعد وفاته بسبع سنوات هاجمه في الصحف وفي جريدة " الأهرام " وقال عنه إنه كان يعيش عصر التسيد لأن زوجته وأولاده يقبلون يده إلا أنه أعتذر عن هذا الكلام في مقال أخر.

الـتـكـريـم
وحظي الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " بتكريم روساء الدول التي قام بزيارتها وكان اول قاريء ينال وسام الجمهوريه من الطبقه الاولي في الدوله من الرئيس جمال عبد الناصر عام 1965 ، وحصل على وسام الأرز من لبنان عام 1958 ، ووسام الامتياز عام 1985 ، ووسام الاستحقاق من سوريا ، كما حصل على أعلى وسام من ماليزيا ، ووسام الفنون من تنزانيا.

حـيـاتـه الـشـخـصـيـة
ففى عام 1927 توفى زعيم الامة سعد زغلول واقيمت سرادقات فى جميع انحاء البلاد ، واثناء قراءة الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " فى دمياط وهز مشاعر الناس باداءه الجميل وصوته الرائع ويتحدث الشيخ عن هذا اليوم قائلا : بعد ما انتهيت من التلاوة ونلت استحسان الحضور اقترب منى الاستاذ " محمد عمر " من اعيان دمياط وكان رجل دين ومن العلماء ودعانى الى تناول الشاى فى منزلة وذهبت معه ورأيت فتاة تطل من النافذة ما كنت اعلم الاقدار ستجمعنى بها
وفى العام التالى رجع الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " الى دمياط وكان قد توفى الاستاذ " محمد عمر " فذهب الى منزله وخطب الفتاة من امها وشقيقها الاكبر وكانت شريكة حياة الشيخ وام اولادة السته 3 من الذكور 3 ومن الاناث ، الذكور اسماءهم مركبه " محمد عاطف ــ احمد وحيد ــ محمود سمير " اما الاناث فهم " ساميه ــ انجى ــ ماجدة " ، كانت السيدة " فاطمة " زوجة الشيخ سيدة فاضلة ولها بصمة فى حياة الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " من حيث تربية الاولاد والعناية بشؤنهم فى المنزل والمدارس فكان الشيخ يسافر هنا وهناك وتتحمل هى طول غيابة

وفـاتـه
فى الساعة التاسعة من صباح يوم الجمعة 22 ديسمبر سنة 1978 م غادر الشيخ " مصطفى إسماعيل " عزبته فى قرية ميت غزال متجها إلى دمياط للقراءة فى افتتاح جامع البحر فى حضور الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
فى دمياط قرأ الشيخ تلاوته الأخيرة وبعدها طلب من السائق الرجوع إلى قريته بجوار طنطا وعند مفترق الطريق بين طنطا والمحلة الكبرى طلب منه التوجه إلى الإسكندرية .
فتوجهت السيارة إلى فيلته بحى رشدى فى الإسكندرية وطلب من سائقه أن يضع المشمع فوق السيارة فتعجب السائق لهذا الطلب لأن الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " كان يمنعه دائما من وضع هذا المشمع فوق السيارة خشية أن يتلف لونها ويلزق فيها ولما أبدى السائق دهشته قال له بالحرف الواحد " أنا مش طالع تانى يا سيدى "
دخل الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " منزله وطلب من خادمته وزوجها أن يجلسا معه فى الصالون وظن زوج الخادمة أن الشيخ يريد طردهما من المنزل لأنها كانت أول مرة يدخل فيها زوج الخادمة المنزل وأبدى الشيخ حبه للاثنين وطلب منهما الحفاظ على المنزل وأن يشربا الشاى معه .
قالت خادمة المنزل : وفجأة أعرب الشيخ عن سعادته وكان يقول أنا جالس الآن على كرسى العرش والعالم كله يصفق لى "
وبدت الدهشة على وجه الخادمة والشيخ يهم بالوقوف متجها إلى الدور الأول ، حيث توجد غرفة نومه وسألته إن كان يريد النوم الآن وقال لها ” أنا ماشى فى دفنة فاطمة ( اسم زوجة فضيلة الشيخ ) لأنها ماتت ”
وتعجبت الخادمة ( لأن زوجته مازالت على قيد الحياة ) وعندما وصل إلى حجرة نومه جلس على السرير ينادى ابنته التى كانت معه فى طنطا
وقالت له الخادمة أنا اسمى ” سرارى ” فقال لها ” تعالى يابنتى شوفى إيه اللى فى دماغى ” وأخذ يدها بيده وحاول أن يصل بها إلى رأسه ووقعت اليدان إلى أسفل.
ظنت الخادمة أنه مرهق من السفر ويريد النوم وكان تنفسه طبيعيا فتركته نائما فى غيبوبة إلى اليوم التالى حتى الساعة الثانية والنصف ظهرا وكانت تدخل عليه بين الحين والآخر وتلاحظ أنه يتنفس عاديا فتتركه نائما.

اتصل أحد أصدقاء الشيخ تليفونيا بالمنزل وسمع بالواقعة وأحضر معه الأطباء ، وتم نقل الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " إلى المستشفى بالإسكندرية وهو فى غيبوبة تامة ظل بها عدة أيام إلى أن توفى فى صباح يوم الثلاثاء 26 ديسمبر عام 1978 وأقيمت له جنازة رسمية يوم الخميس 28 ديسمبر 1978 ، وتوجه شقيقه والتقى بالرئيس السادات ونقل إليه وصية الشيخ " مـصـطـفـى اسـمـاعـيـل " بأن يدفن بمنزله وعلى الفور أمر الرئيس السادات محافظ الغربية آنذاك ببناء ضريح بجوار منزله ونقله إليه فى قرية ميت غزال تبع مركز السنطة بمحافظة الغربية وأقيمت ليلة العزاء بمسجد عمر مكرم.
رحل الشيخ " مصطفى إسماعيل " وعمره 73 سنة بعد جهد طويل في خدمة القرآن الكريم ، رحل الصوت الذي عانق عنان السماء باستخدامه مقامات الموسيقى العربية وبراعة إعجازه.

» السيرة الذاتية للشيخ أبو بكر الجزائري
» السيرة الذاتية وقصة حياة الشيخ / مصطفى اسماعيل رحمه الله
» السيرة الذاتية للشيخ محمد عبده
» السيرة النبويه للشيخ الجميل حازم صلاح ابو اسماعيل
» السيرة الذاتية للشيخ سعد الغامدي