منتدي المركز الدولى


السبحة تاريخها وحكمها Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
السبحة تاريخها وحكمها 1110
السبحة تاريخها وحكمها Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا السبحة تاريخها وحكمها 61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى


السبحة تاريخها وحكمها Ououou11

۩۞۩ منتدي المركز الدولى۩۞۩
ترحب بكم
السبحة تاريخها وحكمها 1110
السبحة تاريخها وحكمها Emoji-10
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول
ونحيطكم علما ان هذا المنتدى مجانى من أجلك أنت
فلا تتردد وسارع بالتسجيل و الهدف من إنشاء هذا المنتدى هو تبادل الخبرات والمعرفة المختلفة فى مناحى الحياة
أعوذ بالله من علم لاينفع شارك برد
أو أبتسانه ولاتأخذ ولا تعطى
اللهم أجعل هذا العمل فى ميزان حسناتنا
يوم العرض عليك ، لا إله إلا الله محمد رسول الله.
شكرا لكم جميعا السبحة تاريخها وحكمها 61s4t410
۩۞۩ ::ادارة
منتدي المركز الدولى ::۩۞۩
منتدي المركز الدولى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدي المركز الدولى،منتدي مختص بتقديم ونشر كل ما هو جديد وهادف لجميع مستخدمي الإنترنت فى كل مكان
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
Awesome Orange 
Sharp Pointer
منتدى المركز الدولى يرحب بكم أجمل الترحيب و يتمنى لك اسعد الاوقات فى هذا الصرح الثقافى

اللهم يا الله إجعلنا لك كما تريد وكن لنا يا الله فوق ما نريد واعنا يارب العالمين ان نفهم مرادك من كل لحظة مرت علينا أو ستمر علينا يا الله

 

 السبحة تاريخها وحكمها

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
بوسى
نائبة المدير العام
نائبة المدير العام
بوسى


انثى عدد المساهمات : 3044
تاريخ التسجيل : 02/03/2011
الموقع :
المزاج المزاج : تمام

السبحة تاريخها وحكمها Empty
مُساهمةموضوع: السبحة تاريخها وحكمها   السبحة تاريخها وحكمها Icon_minitime1الخميس 19 نوفمبر - 1:17



السبحة تاريخها وحكمها للشيخ بكر بن عبدالله أبو زي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, وعلى جميع صحبه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أَما بعدُ: فإن عَدَّ الأَذكار العَدَدِيَّة بالأنامل, سُنَّةٌ ماضية في الإِسلام, ومن العمل المتوارث بين المسلمين, ثم دَاخَلَ بَعْضَهُمْ في غير طبقة الصحابة - رضي الله عنهم - وفي غير صدر التابعين - رحمهم الله تعالى- بَادِرَةُ عَدِّ الأذكار بالنوى, أو الخرز منظوماً في خيط, مما اكتسب بَعْدُ اسْم: ((السُّبْحَة)) حتى أصبحت شعاراً للِطُّرقِيَّة, والروافض, وادَّعى المدَّعون مشروعية تعليقها بالأعناق, وأنها سيما الملائكة الكرام في التسبيح والتعليق لها في الأعناق – وحاشاهم - وأنها تدور بنفسها إذا تأخر المريد عنها, كأنما نُفِخَتِ الرُّوح فيها, وادَّعى الكَذَّابون, أن النبي  وَرَّث لأمته ((سُبْحَة)) في تركته, وأنه يشرع اتخاذ خرز لها كالأَرْحَاء, فَتُعَلَّقُ بالسقوف, وَيَتَعَاقَبُ على إدارتها المريدون, وأن صَوْتَ وقْعِها كصوت الوحي وَتُوْقَفُ عليها الوُقُوفُ, وَتُحَوَّلُ عليها الوصايا والهبات, ويرثها الابن عن أبيه عن جده, للتسبيح, والاستشفاء, ويُمَرُّ بها على جسد المريض فيكتب له الشفاء, واستقلت بأسماء, منها: حبل الوصل, وسوط الشيطان, ورابطة القلوب. حينئذٍ نَالَتْ حظّاً وَافِراً, من بيان حكمها, وأحوالها لدى العلماء: فقهاء, ومحدِّثين, ولسانيين, ومؤرخين, في كتُب الفقه, والفتاوى, والشروح الحديثية, وكتب اللسان, والتاريخ, حتى أُفْرِدَت بالتأليف, وبلغت نحو اثني عشر كتاباً, لَعلَّ أولها للسيوطي المتوفى سنة 911 – رحمه الله تعالى - باسم: ((المنحة في السُّبْحة)) التي استلها منه تلميذه ابن طولون المتوفى سنة 953 – رحمه الله تعالى - باسم: ((الملحة . . .)) حتى إذا بلغت النَّوْبَةُ إلى الشيخ عبد الحي اللكنوي المتوفى سنة 1304 – رحمه الله تعالى - ألَّف كتابه: ((نزهة الفِكْر في سُبْحة الذَّكر)) فاستوفى جُل ما في الباب رواية وفقهاً, لكن الجميع نزعوا من وجهة الانتصار للمشروعية, وَلَمْ أَرَ واحداً منهم التفت إلى تاريخ وجودها في تَعَبُّدَات الأمم الأخرى لدى البوذيين, والهندوس, والنصارى في أيدي الرهبان والراهبات, فيما ابتدعوه, ولا إلى تاريخ تسربها إلى بعض المسلمين عن طريق الروافض, ودراويش المتصوفة, ولا إلى كلام المانعين لاستعمالها في جانب التعبد لعد الأذكار, وفي جانب اللَّعِب والتَّلَهِّي, وتحرير حجج الفريقين, مما أدَّى إلى طول الجدل من جهة, وتوسع انتشارها من جهة أُخرَى .
لهذا أحتسب عند الله تعالى تحرير القول فيها من جميع جوانبه, بجمع المرويات, وبيان درجتها, وجمع كلام العلماء في تاريخها, وتاريخ حدوثها في المسلمين, وأن العرب لم تعرف في لغتها شيئاً اسمه: ((السُّبْحَة)) في هذا المعنى, وفي ((خلاصة التحقيق)) بيان حكمها في التعبد لِعَدِّ الذِّكر, أو في العادة واللَّهْو, حتى يُعلم أنها وسيلة محدثة لِعَدِّ الذِّكر, ومجاراة لأهل الأهواء, فَتَشَبُّهٌ بأهل الملل الأخرى, وَمِنِ اسْتِبْدَالِ الأَدْنَى بالذي هو خير, وقاعدة الشرع المطهر: تحريم التشبه بالكفار في تعبداتهم وفيما هو من خصائصهم من عاداتهم, مُبيِّناً ذلك في مبحثين:
المبحث الأول: في بيان المشروع وهو عَدُّ الذكر بالأنامل .
المبحث الثاني: في بيان غير المشروع وهو عَدُّ الذكر بغير الأنامل كالسُّبْحَة .
وهذه الرسالة في جملتها ضمن كتاب: ((تصحيح الدعاء)) لكن رأيت من الخير إفرادها, لعله يكثر الانتفاع بها . والله ولي التوفيق .

المؤلف
بكر بن عبد الله أبو زيد
25/ 5/ 1419



* * *

المبحث الأول
في بيان المشروع وهو عد الذكر بالأنامل
ثبت من هدي النبي  قولاً, وفعلاً, وتقريراً, عَدَّ الذكر بالأنامل . ((أصابع اليد))( ) لا غير. ودرجَ على ذلك الصحابة – رضي الله عنهم - ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا, فهو من السُّنن المستقرة, والعمل المتوارث لدى الأُمة, تأسياً بنبيها 
وقد دَلَّ هديُ النبي  على أَنَّ ذكر العبد لربه بالتهليل, والتسبيح, والتكبير, والحمد, والتعظيم, على نوعين:
مُطْلَقٌ كما قال الله تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ ﴾ [الأحزاب/35] . وقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب/41] .
وَمُقَيَّدٌ بِحال, أو زمان, أو مكان, وأكثر ما ورد فيه من العدد مائة, مثل:مائة تهليلة, ومائة تسبيحة, وقول: سبحان الله, والحمد لله, والله أكبر, ثلاثاً وثلاثين مرة لكل واحدة منها, وتمام المائة: ((التهليل)) .
وما زال المسلمون – بحمد الله - يقومون بهذا الذكر العددي المبارك, ويعقدون تعداده بأنامل اليدين, أو أنامل اليد اليمنى, دون حاجة إلى وسيلة أخرى, من حصى, أو نوى, أو سُبْحة منظومة, أو آلة مصنوعة .
وهذا هو الذي يوافق يسر الإِسلام, وسهولة التشريع, وأن أحكامه في قدرة المكلفين على اختلاف طبقاتهم. وهذا دأب هذه الشريعة المباركة في التيسير, كما رَدَّهم النبي  في إثبات الشهر دخولاً وخروجاً إلى الرؤية, أو الإِكمال, مع تعلقها بركنين من أركان الإِسلام: الصيام, والحج, ولم يكلفهم ما وراء ذلك من الحساب, ومراقبة النجـوم, وتسيير الكواكب.
ولهذا فإنه لما ظهر للنبي  من بعض أصحابه – رضي الله عنهم -: عَدُّ التسبيح بالحصى – على فرض ثبوته - دَلَّهم على هديه  من العد بالأنامل, وَأَنَّهَا وسيلة العَدِّ المشروعة لا غير, وأنها خير وأفضل على حَدِّ قول الله تعالى: ﴿ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ﴾ [الفرقان/24]. فإنه – والله أعلم - من باب استعمال أفعل التفضيل فيما ليس في الطرف الآخر منه شيء, لأنه لا خير في مقيل أهل النار,ومستقرهم,كقول الله تعالى: ﴿آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾( ) . فلا وسيلة شرعية لِعَدِّ الذكر سوى الأناضل
* *
المبحث الثاني
في بيان غير المشروع وهو عد الذكر بغير
الأنامل, مثل العَدُّ بالسُّبْحَة( )

استقرت السنة على عقد الذكر العَدَدِيِّ بالأنامل ثم حصل التحول إلى وسيلة أخرى لِعَدِّ الأذكار في مراحل ثلاث:
المرحلة الأولى: عَدُّ الذكر بالحصى أو النوى .
المرحلة الثانية: عَدُّ الذكر به منظوماً في خيط: ((السُّبْحَة)) .
المرحلة الثالثة: عَدُّ الذكر بآلة حديثة مُصَنَّعة .
فإِلى بيان التحول في مراحله الثلاث:

* * *

المرحلة الأولى
التسبيح بالحصى أو النَّوى
وهي على ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: في زمن النبي  :
معلوم أن المساجد من زمن النبي  وإلى زمننا هذا في بقية من القرى في جزيرة العرب, كانت أرضها مفروشة بالحصباء, وكان الناس يستعملون الحصباء التي في المسجد, لحصب الصبية عن العبث بالمسجد, وفي العصور اللاحقة من بني أمية فما بعد, كان المصلون يحصبون به الولاة, والخطباء, إذا سمعوا منهم مالا يرضيهم( ). وقد عَلِمْتَ أن هدي النبي  هو عقد التسبيح بأنامل اليد, قولاً, وفعلاً, وتقريراً . فهل حصل تحول إلى عَدِّ الذكر بالحصى, أو النَّوى, في زمنه  فيكون من اختلاف التنوع في وسيلة عد الذكر, فيكون العد بالأنامل, أو بالحصى ونحوه, أم أن الآلة واحدة وهي: الأنامل ولا وسيلة سواها؟!
أقول: لا يصح في مشروعية عَدِّ الذكر بالحصى أو النوى حديث, وغاية المروي في ذلك مرفوعاً: ثلاثة أحاديث, واحد منها موضوع وهو حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -, وحديثا صفية وسعد بن أبي وقاص – رضي الله عنهما - لا تثبت دلالتهما على المشروعية, وفي ثبوت سند كل منهما نظر .
وإلى بيانها سنداً ومتناً:
الحديث الأول: حديث صفية بنت حيي زوج النبي  : عن صفية – رضي الله عنها - قالت: ((دخل عَليَّ رسول الله  وبين يدي أربعة آلاف نواة أُسَبِّح بهن, فقال: يا بنت حيي, ما هذا؟ قلت: أُسبح بهن. قال: قد سَبَّحْتُ مُنْذُ قُمْتُ على رأسك أكثر من هذا, قلت: علمني يا رسول الله, قال: قُولي: سبحان الله عدد ما خلق الله من شيء)) رواه الترمذي (برقم / 3554- 4 / 274) وقال: ((هذا حديث غريب لا نعرفه إلاَّ من هذا الوجه من حديث هاشم بن سعيد الكوفي, وليس إسناده بمعروف, وفي الباب عن ابن عباس)) انتهى . ورواه الحاكم وصححه, ووافقه الذهبي: (1 / 547) . ورواه أبو يعلى في ((مسنده: 4 / 1696)), وابن عدي في: ((الكامل 7 / 2574)) وهذا الحديث في سنده هاشم بن سعيد الكوفي, قال الحافظ في: ((التقريب)): ((ضعيف)). وفيه: شيخه: كنانة مولى صفية, قال الحافـظ: ((مقبـول, ضعفه الأزدي بلا حجة)) انتهى .
وهذا الحديث رواه الطبراني من وجه آخر في: ((الدعاء)) و((الأوسط)) عن روح بن الفرج, ثنا عمرو بن خالد, ثنا خديج ابن معاوية, ثنا كنانة مولى صفية, عن صفية بنت حيي – رضي الله عنها - وحُدَيْج قال الحافظ عنه: ((صدوق يخطئ)) .
ورواه الطبراني أيضاً من وجه آخر في: ((الدعاء)) وفي ((الأوسط)) فقال: ((حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة, ثنا أبي, قال: وجدت في كتاب أبي بخطه: ثنا مسلم بن سعيد عن منصور بن زاذان, عن زيد – يعني ابن متعب - مولى صفية بنت حيي – رضي الله عنها - به . لكن يزيد لم يوجد له ترجمة, لكنه من طبقة أوساط التابعين, من موالي صفية – رضي الله عنها - . وقول الترمذي المتقدم, بعد حديث صفية – رضي الله عنها -: ((وفي الباب عن ابن عباس)) يريد ما أخرجه مسلم وغيره عن ابن عباس – رضي الله عنهما - عن جويرية – رضي الله عنها -: ((أن النبي  خرج من عندها بكرةً حين صَلَّى الصبح وهي في مسجدها, ثم رجع حين أضحى وهي على حالتها, فقال: ما زالت على حالتك التي فارقتك عليها قالت: نعم, فقال النبي  لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات, لو وُزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده, عدد خلقه, ورضى نفسه, وزِنة عرشه, ومداد كلماته)) . قال الحافظ ابن حجر في: ((نتائج الأفكار: 1 / 78)): ((وهذه المرأة يمكن أن تكون جويرية وقد مضى حديثها, لكن سياقه بغير هذا اللفظ, ويمكن أن تكون صفية, فقد جاء من حديثها بهذا اللفظ, ولكن باختصار, وفيه ذكر عدد النوى التي كانت تُسبح به)) انتهى .
الحديث الثاني: حديث سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه -: عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه - أنه دخل مع رسول الله  على امرأة وبين يديها نواة, أو قال: حصاة تسبح بها, فقال: ألا أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا وأفضل؟ سبحان الله عدد ما خلق في السماء. وسبحان الله عدد ما خلق في الأَرض. وسبحان الله عدد ما بين ذلك.وسبحان الله عدد ما هو خالق والله اكبر مثل ذلك والحمد لله مثل ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك)) انتهى . رواه أبو داود ((4 / 366)) والترمذي ((3568)) وقال: ((هذا حديث حسن غريب, والنسائي في: ((عمل اليوم والليلة)). وهو في: ((مسند سعد برقم / 88)), والطبراني في: ((الدعاء 3 / 1584 برقم / 1738)) وينظر تعليق المحقق, والبزار في: ((مسنده)) والبيهقي في: ((الشعب 1 / 347)) والبغوي في: ((شرح السنة / 1279)). جميعهم بأسانيدهم إلى ابن وهب, عن عمرو بن الحارث, عن سعيد بن أبي هلال, عن خزيمة, عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص, عن أبيها – رضي الله عنه - فذكره.
ورواه الحاكم في: ((المستدرك 1 / 547)) وابن حبان في: ((صحيحه / 834)) والبزار في: ((مسنده 4 / 40)) كلهم بإسقاط ((خزيمة)) وراوية سعيد بن أبي هلال له مباشرة عن عائشة بنت سعد به . فمدار أسانيده على: سعيد بن أبي هلال, قال الحافظ عنه: ((صدوق)) لم أر لابن حـزم في تضعيفه سلفاً, إلا أن الساجي حكى عن أحمد أنه أختلط)) انتهى .
وقال الحافظ أيضاً في: خزيمة: ((خزيمة عن عائشة بنت سعد: لا يعـرف, من السابعة د ت سي )) انتهى .
الحديث الثالث: عن أبي هريرة – رضي الله عنه - ( ):
عن أبي هريرة – رضي الله عنه - قال: ((كان  يسبح بالحصى)) رواه أبو القاسم الجرجاني في: ((تاريخ الجرجاني / 68)) .
وفي سنده: عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي, صاحب مصائب, ومناكير, كما في ترجمته من: ((لسان الميزان)) وأصله: ((الميزان)) .
والراوي عنه: صالح بن علي النوفلي, لم يعرف له ترجمة. فهذا حديث ذكرته من باب ذكر ما في الباب, وإلا فلا يلتفت إليه بحال .
والخلاصة: عن هذه الأحاديث المرفوعة: أن حديث أبي هريرة وهو الثالث منها لا يعتد به, إذ له حكم الأحاديث الموضوعة, وأما حديث صفية, وحديث سعد بن أبي وقاص, فيشهد كل واحد منها للآخر, إذ ليس في إسناد أحدهما من قُدح فيه من جهة عدالته؟ ولكن ما معنى كل واحد منهما – على فرض ثبوته -؟
إن حديث صفية – رضي الله عنها - فيه قول النبي  لها لما رآها تعد التسبيح بالنوى: ((ما هذا؟)) وهذا استنكار لفعلها, كأنه على غير المعهود في التشريع, فهو إنكار له, ولذا دَلَّها  على التسبيح المشروع, كدلالته  للمستغفرين على سيد الاستغفار . فلا دلالة فيه لمستدل على جواز التسبيح بالحصى, أو النوى .
وإن حديث سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه - فيه لما رأى  المرأة تسبح بنواة, أو حصاة, قال: ((ألا أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا وأفضل . . .)) .
وهذا أسلوب عربي معروف تأتي فيه صيغة أفعل على غير بابها, كما في قول الله تعالى عن نعيم أهل الجنة: ﴿ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا ﴾ [الفرقان/24] . ((فإنه من باب استعمال أفعل التفضيل فيما ليس في الطرف الآخر منه شيء, لأَنه لا خير في مقيل أهل النار, ومستقرهم, كقوله: ﴿ آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾( ) .
وبهذا التقرير لمعنى هذين الحديثين – على فرض صحتهما - يظهر بجلاء عدم صحة استدلال من استدل بهما على جواز التسبيح بالحصى, أو النوى. والله أعلم.
المرتبة الثانية: في زمن الصحابة – رضي الله عنهم -:
والآثار فيها على نوعين: نوع في الإنكار, ونوع في الفعل, أو الإِقرار, وهذا بيانها:
النوع الأول: الآثار في الإِنكار:
وهي عن ثلاثة من الصحابة – رضي الله عنهم -: عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه - وعن عائشة – رضي الله عنها - وعن ابن مسعود – رضي الله عنه - وهذا بيانها:
1- الأثر عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -:
عن سعيد بن جبير, قال: ((رأى عمر بن الخطاب رجلاً يسبح بتسابيح معه, فقال عمر: إنما يجزيه من ذلك أن يقول: سبحان الله ملء السموات والأرض, وملء ما شاء من شيء بعد, ويقول: الحمد لله ملء السموات والأَرض وملء ما شاء من شيء بعد, ويقول: الله أكبر ملء السموات والأَرض وملء ما شاء من شيء بعد)).
رواه ابن أبي شيبة في: ((المصنف 7669)) باب: ((من كره عقد التسبيح)) .
ورواية سعيد ابن جبير المتوفى سنة 95 – رحمه الله تعالى - عن عمر – رضي الله عنه - مرسلة ففي الأثر انقطاع .
2- الأثر عن عائشة – رضي الله عنهم - :
حدثنا يحي بن سعيد القطان, عن التميمي, عن أبي تميمة عن امرأة من بني كليب, قالت: ((رأتني عائشة أُسَبِّح بتسابيح معي, فقالت: أين الشواهد؟)) يعني الأصابع .
رواه ابن أبي شيبة في: ((المصنف برقم/ 7657)). وفي سنده جهالة كما ترى .
3- الآثار عن ابن مسعود – رضي الله عنه -:
فيه ثلاثة آثار وهي:
الأول: عن إبراهيم, قال: ((كان عبد الله يكره العَدَّ, ويقول: أّيُمَنُّ على الله حسناته؟)) . رواه ابن أبي شيبة في: ((المصنف: برقم / 7667)) بسند صحيح .
الثاني: عن الصلت بن بهرام, قال: ((مَرَّ ابن مسعود بامرأة معها تسبيح تُسبح به فقطعه, وألقاه. ثم مَرَّ برجل يسبح بحصى, فضربه برجله, ثم قال: لقد سبقْتُمْ, ركبتم بدعة ظلما, ولقد غلبتم أصحاب محمد  عِلْماً)) . رواه ابن وضاح القرطبي في: ((البدع والنهي عنها: ص / 12)) بسند صحيح لولا الانقطاع الذي فيه, فإن الصلت لم يسمع من ابن مسعود .
الثالث: عن سيار أبي الحكم: أن عبد الله بن مسعود, حُدِّث: ((أَن أُناساً بالكوفة يُسبحون بالحصى في المسجد, فأتاهم وقد كَوَّمَ كُلُّ رجل منهم بين يديه كوْمَةَ حصى, فلم يزل يحصبهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد, ويقول: لقد أحدثتم بدعة ظلما, أو قد فَضَلْتُم أصحاب محمد  عِلْماً)) . رواه ابن وضاح في: ((البدع والنهي عنها: ص / 11)) بسند صحيح, لولا الانقطاع الذي فيه, فإن سياراً لم يسمع من ابن مسعود – رضي الله عنه - .
الرابع: عن ابن سمعان, قال: ((بلغنا عن ابن مسعود, أنه رأى أُناساً يُسَبِّحُوْنَ بالحصى, فقال: على الله تحصون؟ سبقتم أصحاب محمد  عِلْماً, أو لقد أحدثتم بدعة ظلما)) . رواه ابن وضاح في: ((البدع والنهي عنها ص / 12)) . وسنده تالف, لأن ابن سمعان وهو: عبد الله بن زياد المخزومي, رُمي بالكذب, فهذا لا يعتبر بمتابعته لما قبله .
الخامس: الحكم بن المبارك عن عمرو( ) بن يحي بن عُمارة بن أبي حسن المازني, قال: سمعت أبي يحدِّث أبيه, قال: ((روى الدارمي في سننه: قال: أخبرنا الحكم بن المبارك أن عمر – عمرو - بن يحي قال: سمعت أبي يحدِّث, عن أبيه قال: كنا جلوس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة, فإذا خرج مشينا معه على المسجد, فجاءنا أبو موسى الأشعري فقال: أَخَرَجَ إليكم أبو عبد الرحمن بَعْدُ؟ قلنا: لا. فجلس حتى خرج, فلما خرج قمنا إليه جميعاً, فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن, إني رأيت في المسجد آنفاً أمراً أنكرته, ولم أرَ والحمد لله إلا خيراً, قال: فما هو؟ فقال: إن عِشْتَ فستراه, قال: رأيتُ في المسجد قوماً حلقاً جلوساً ينتظرون الصلاة, في كل حلقة رجل وفي أيديهم حصى, فيقول: كبروا مائة, فيكبرون مائة, فيقول: هللوا مائة, فيهللون مـائة, ويقـول: سبحوا مائة. قال: فماذا قلتَ لهم؟ قال: ما قلتُ لهم شيئاً انتظار رأيك أو انتظار أمرك, قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم, وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم؟ ثم مضى ومضينا معه, حتى أتى حلقة من تلك الحِلَق فوقف عليهم فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصىً نعدّ به التكبير والتهليل والتسبيح, قال: فعدوا سيئاتكم, فأنا ضامن ألا يضيع من حسناتكم شيء, ويحكم أمة محمد, ما أسرع هلكتكم! هؤلاء صحابة نبيكم  متوافرون, وهذه ثيابه لم تبل, وآنيته لم تكسر, والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد, أو مفتتحو باب ضلالة! قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير, قال: وكم من مريد للخير لن يصيبه, إن رسول الله  حدثنا: إن قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم, وايم الله ما أدري لعل أكثرهم منكم, ثم تولى عنهم. فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحِلَق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج)) انتهى. ورجاله كلهم من رجال: ((التقريب)) وهم ثقات, عمرو وأبوه يحيى من رجال الكتب الستة, وجده عُمارة من رجال النسائي في: ((عمل اليوم والليلة)) وهو ثقة . وأما الحكم بن المبارك فهو الباهلي, فقال في التقريب: ((صدوق ربما وهم)) ورمز بكونه من رجال البخاري في الأدب المفرد, ومن رواة الترمذي, وقد توبع في الرواية بعده:
السادس: قال بحشل: أسلم بن سهل, المتوفى سنة 292 – رحمه الله تعالى - في: ((تاريخ واسط: ص / 198- 199)). قال: ((حدّثنا علي بن الحسن بن سليمان, قال: حدّثني أبي, قال: حدّثني أبي[؟!] قال: كنا جلوساً . . .)) إلى آخره بنحو سياقه عند الدرامي .
فهذه متـابعة من علي بن الحسن بن سليمان الحضرمي الواسطي, ثقـة مـن رجال مسلم وابن ماجه .
النوع الثاني: آثار في الإِقرار:
وهي عن ستة من الصحابة وهم: علي بن أبي طالب وأبو هريرة, وأبو الدرداء, وسعد بن أبي وقاص, وأبو سعيد الخدري, وأبو صفية – رضي الله عنهم - .
1- الأثر عن علي – رضي الله عنه -:
قال ابن أبي شيبة في: ((المصنف برقم / 7662)): حدّثنا حميد بن عبد الرحمن, عن حسن بن موسى القاري عن طلحة بن عبد الله, عن زاذان, قال: ((أخذت من أم يعفور تسابيح لها, فلما أتيت علياً علمني فقال: يا أبا عمر, ارْدُدْ على أم يعفور تسابيح)) . انتهى .
2- عن أبي هريرة – رضي الله عنه -: وعنه أثران:
أ- عن شيخ من طفاوة, قال: ((تَثَوَّيت أبا هريرة بالمدينة –أي جئته ضيفاً- فَلَمْ أَرَ رجلاً من أصحاب النبي  أِشَدَّ تَشميراً ولا أقوم علي ضيف منه, فبينما أنا عنده يوماً, وهو على سرير له, معه كيس كبير فيه حصى, أو نوى, وأسفل منه جارية سوداء, وهو يسبح بها, حتى أنفذ ما في الكيس ألقاه إليها, فَجَمَعَتْهُ, فأعادته في الكيس, فدفعته إليه . . . رواه أبو داود في: ((سننه 2 / 339)). وابن أبي شيبة في: ((المصنف برقم / 7661)) .
وأصله دون ذكر قصة الكيس في: المسند للإمام أحمد, ولدى الترمذي, والنسائي . وأنت ترى أن الرواي له عن أبي هريرة: شيخ من طفاوة لم يُسَمَّ, ولذا قال الحافظ في: ((التقريب)): ((لا يعرف)) .
ب- الأثر الثاني عن أبي هريرة – رضي الله عنه -( ):
((كان يسبح بالنوى المجزع)). أخرجه ابن سعد في: ((الطبقات)). ولم أقف عليه .
3- أثر أبي الدرداء – رضي الله عنه -:
عن القاسم بن عبد الرحمن, قال: ((كان لأَبي الدرداء, نوى من نوى العجوة, حسبت عشراً, أو نحوها في كيس, وكان إذا صَلَّى الغداة أفضى على فراشه, فأخذ الكيس, فأخرجهن, واحدة, واحدة, يُسبح بهن, فإذا نَفَذْن, أعادهن, واحدة, واحدة, كل ذلك يُسبح بهن)). رواه عبد الله بن الإِمام أحمد في: ((زوائد الزهد)) . ولم أر من صرّح بسماع القاسم بن عبد الرحمن الشامي مولى جويرية بنت أبي سفيان, من أبي الدرداء الصحابي لأَنه إن لم يسمع منه فهو أثر منقطع .
4- أثر سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه -:
عن حكيم بن الديلمي: ((أن سعداً كان يسبح بالحصى)). رواه ابن سعد في: ((الطبقات)) وأحمد في: ((الزهد)) وفيه انقطاع فإن حكيم بن الديلمي لم يرو عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه -, ورواه ابن أبي شيبة في: ((المصنف برقم / 7659)) بسنده عن حكيم بن الديلمي, عن مولاة لسعد: ((أن سعداً يسبح بالحصى أو النوى)) . ومولاة سعد هذه مجهولة.
5- الأثر عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه -:
قال السيوطي – رحمه الله تعالى -( ): ((وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري, أنه كـان يسبح بالحصى)) انتهى. والذي في: ((مصنف ابن أبي شيبة برقم / 7660)): ((حدثنا يحيى بن سعيد, عن عبيد الله, عن ابن الأخنس, قال: حدثني مولى لأَبي سعيد, عن أبي سعيد, أنه كان يأخذ ثلاث حصيات فيضعهن على فخذه فيسبح, فيضع واحدة, ثم يسبح ويضع أخرى, ثم يسبح ويضع أخرى, ثم يُرْفَعْنَ, ويضع مثل ذلك, وقال: لا تسبحوا بالتسبيح صفيراً)) انتهى .
6- الأثر عن أبي صفية – رضي الله عنه - مولى النبي  ( ):
عن يونس بن عبيد عن أمه, قالت: ((رأيت أبا صفية, رجل من أصحاب النبي  وكان جارنا, قالت: فكان يسبح بالحصى)). رواه الإِمام أحمد في: ((الزهد)) و((العلل / 711)) وفي: ((المنحة)) للسيوطي, قال: ((وفي جزء هلال الحفار و ((معجم الصحابة)) للبغوي وابن عساكر في: ((تاريخ دمشق)) من طريق معتمر بن سليمان, عن أبي بن كعب, عن جده بقية, عن أبي صفية مولى النبي  : ((أنه كان يوضع له نطع ويجاء بزنبيل فيه حصى فيسبح به إلى نصف النهار ثم يرفع فإذا صَلَّى الأولى أُتي به فيسبح به حتى يمسي)) .
والخلاصة: أن في الإنكار على من سبح بالحصى آثار عن ثلاثة من الصحابة رضي الله عنهم, وهي عن عمر – رضي الله عنه - رواه ابن أبي شيبة وفي سنده جهـالة, وعن ابـن مسعود – رضي الله عنه - وجل أسانيده كالشمس صحة, وصراحة في النهي والإِنكار, وفي وقائع متعددة. وأن في الإِقرار ستة آثار عن ستة من الصحابة – رضي الله عنهم -, وهي عن علي – رضي الله عنه - رواه ابن أبي شيبة, وعن أبي هريرة – رضي الله عنه - أثران: أحدهما في أبي داود وغيره وفي سنده جهالة, والثاني لم أقف عليه, وعن أبي الدرداء من فعله – رضي الله عنه - وفي سنده انقطاع رواه عبد الله في زوائد الزهد لأَبيه, وعن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه - من فعله, رواه ابن أبي شيبة, وفي سنده جهالة, وعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه - رواه ابن أبي شيبة. وعن أبي صفية مولى النبي  مِنْ فِعْلِهِ – رضي الله عنه - رواه أحمد في الزهد, والعلل, وفي سنده جهالة, فصارت آثار التسبيح بالحصى المذكورة لا تخلو أسانيدها من مقال, وآثار النهي والإِنكار عن عمر, وعائشة – رضي الله عنهما - كذلك, أما عن ابن مسعود فهي صحيحة صريحة في النهي والإِنكار على من فعله, ولا معارض له في إنكاره على من فعله, وإعلانه لـه, وقولته العظيمة: ((لقد أحدثتم بدعة ظلما, أو فضلتم أصحاب محمد  عِلْماً)) . والله أعلم .
المرتبة الثالثة: العَدُّ بالحصى أو النوى عند التابعين إلى الآخر: الآثار السالفة في المرتبة الثانية عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -, وعائشة – رضي الله عنها -, وابن مسعود – رضي الله عنه - جميعها في الإِنكار على جماعة من التابعين, عدلوا عن التسبيح بالأنامل إلى التسبيح بالحصى, لا سيما ما صح منها, وهو أثر ابن مسعود – رضي الله عنه - فهي تفيد بادرة التحول إلى العد بالحصى, أو النوى, وإنكار الصحابة – رضي الله عنهم - عليهم, وفي هذه المرتبة قصص وحكايات, في الإِنكار مرة, وما أذكره علي سبيل الطرفة مرة أخرى مما هو مدرج في كتب المعارف العامة والتاريخ, لكن جُلها في النوى ونحوه منظوماً مما يأتي في مرحلة العد بالسبحة, ومنها هنا:
• قصة عبد الملك بن هلال الهنائي:
ذكر الجاحظ المتوفى سنة 255, في: ((البيان والتبيين: 3 / 228)) وابن قتيبة المتوفى سنة 276 في: ((عيون الأخبار: 2 / 59)): ((أن عبد الملك بن هلال الهنائي, عنده زنبيل ملآن حصى, فكان يسبح بواحدة, واحدة, فَإِذا مَلَّ شيئاً, طرح اثنين, اثنين, ثم ثلاثاً, ثلاثاً, فإذا ملَّ, قبض قبضة, وقال: سبحان الله بعدد هذا كله, وإذا بَكَّر لحاجة وكان مستعجلاً, لحظ الزنبيل لحظة, وقال: سبحان الله عدد ما فيه)) انتهى( ) .

* * *

المرحلة الثانية
عَدُّ الذكـر بالسُّبْـحَة

وفيها: 1- تعريفها. 2- أسماؤها. 3- مادتها. 4- تاريخها عند غير العرب. 5- وظيفتها- عندهم. 6- تاريخها عنـد العرب. 7- تاريخها في العصور الإِسلاميـة. 8- عـدد حباتها. 9- وظيفتها عند من اتخذها من المسلمين. 10- أسماؤها عند المسلمين .
1- تعريفها( ):
((السُّبْحة)): بضم السين وإسكان الباء: مشتقة من: ((التسبيح)) وهو قول: ((سبحان الله)) أو هو تفعيل من السَّبْح, الذي هو التحرك والتقلب, والمجيء والذهاب, كما في قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا ﴾ [المزمل/ 7], وتجمع على سُبَح, مثل: غُرْفة, وغُرَف, آلة تسبيح, وهي خرزات منظومة في خيط للتسبيح يُعَدُّ بها. وهي كلمة مولدة, قاله الأزهري, وقال الفارابي, وتبعه الجوهري: السُّبْحَة: التي يسبح لها, وقال شيخنا( ): ((إنها ليست من اللغة في شيء, ولا تعرفها العرب, وإنما حدثت في الصدر الأول, إعانة على الذكر, وتذكيراً وتنشيطاً)) . أما: ((السُّبْحة)) شرعاً فهي بمعنى: الدعاء, وبمعنى صلاة التطوع, وكان ابن عباس – رضـي الله عنهما - يسمي السَّبَّابة: ((المسبحة)) كما في: ((الفرج بعد الشدة: 1 / 185)). فآلت من المشترك اللفظي, الذي يحمل معنيين شرعيين, هما: الدعاء, وصلاة التطوع, لأَنه يُسَبِّح بها, ومنها: سُبْحة الضحى, ومعنى غير شرعي: وهو الخرزات المنظومة لِعَدِّ الأَذكار.
2- أسماؤهـا:
يُقال: ((سُبْحة))( ) وتجمع على: ((سُبَح)): ويقال: ((مِسْبَحَة)) على وزن: ((مِفْعَلة)) مشتقة من الفعل: سَبح ومصدره: ((السَّبْح)) وتجمع على: ((مسابح)) و((مسابيح))( ). ويُطلق عليها: ((النظام)) كما روى ابن وضاح في كتابه: ((البدع والنهـي عنهـا ص / 12)) بسنده عن أبان بن أبي عياش, قال: ((سألت الحسن عن النظام – خيط ينظم فيه لؤلؤ وخرز ونحوها - من الخرز والنوى, ونحو ذلك يُسَبَّح به؟ فقال: لم يفعل ذلك أحد من نساء النبي  ولا المهاجرات)). وفي سنده متروك هو: أبان بن أبي عياش البصري, فلا يحتج به, بل تزداد روايته وهناً على وهن, إذا روى عن الحسن, وهو كذلك هنا, كما بينه الذهبي في: ((الميـزان: 1 / 11)) . ويُطْلَقُ عليها: ((الآلة)) فإن السيوطي – رحمه الله تعالى - لما ذكر في: ((المنحة)) بعض الآثار عن كثرة تعبدهم, ومنها: مائة ألف تسبيحة, وهكذا قال: ((ومن المعلوم المحقق, أن المائة ألف, بل الأربعين ألفاً, وأقل من ذلك, لا يحصون بالأنامل, فقد صح بذلك وثبت أنهما كانا يُعدان بآلة)) انتهى. واستحدث لها المتصوفة من الألقاب: ((المذكرة بالله)) و((رابطة القلوب)) و((حبل الوصل)) و((سوط الشيطان)) .
3- مادتهـا( ):
يظهر أنها تصنع من مواد مختلفة, باختلاف الأحوال, والقدرة واليسار, أو قلة ذات اليد, وضعف الحال, وحسب الأزمنة والأمكنة, وأن لكل قُطر عناية بصناعتها من مواد معينـة كما في مصر, والهند, والصين, وأوروبا, وهذه المواد التي أمكن الوقوف على صناعة السَّبَح منها هي: الطين. الحصى. النوى. المعدن. العاج. الزجاج. الذهب. الفضة. الخزف. العنبر. وأنواع الطيب الأخرى. الأحجار الثمينة. الألماس. أو تطلى بالذهب, أو بالفضة, أو تتخذ من عظام بعض الحيوانات, مثل: ((عظم سِنِّ الفيل)) ومن أنواع الخشب, كالأرز في لبنان, ومن نوى بعض الفواكه, مثل: المشمش و الخوخ . ثم هي مختلفة الألوان, فيكون خرزها: أسود, أو أحمر, أو أبيض, وهكذا .
4- تاريخها عند غير العرب( ):
تفيد المصادر المعرفية, أن ((السُّبْحة)) دخيلة على كل دين من عند الله تعالى, وأنها في الأديان المختلقة معروفة منذ عُصور ما قبل التاريخ, وقيل: منذ عام 800م, وأنها من وسائل التعبد, لدى البوذيين, ثم لدى البراهمة في الهند وغيرها, ومنهم تسربت إلى النصارى, لدى القسيسين, والرهبان, والراهبات, ومن الهند انتقلت إلى غرب آسيا . وجاء في ((الموسوعة العربية العالمية)) ما نصه: ((وتتكون المسبحة التي يستعملها الكاثوليك من خمسين حبة صغيرة, مقسمة على أربع حبات كبيرة, إلى أقسام متساوية, ويتدلى من المسبحة قلادة مكونة من حبتين كبيرتين, وثلاث حبات صغيرة, وصليب, ويرتل المصلون صلوات الرب على الحبات الكبيرة, كما يستعملون الحبات الصغيرة في صلوات مريم العذراء, ويُسمون هذه الصلوات بالسلام المريمي. وفي آخر كل مقطع من السلام المريمي يتم ترتيل مقطع صغير في الثناء على الرب, وترتيل قانون الإِيمان النصراني على الصليب, وأثناء ترتيب المصلين للصلوات يُوقع أن تنكشف لهم أسرار الإِيمان. نشأت المسبحة من زمن بعيد, وربما كان البوذيون أول من يستعملها في محاولة لم لربط الصلوات اللفظية بالصلوات الفعلية. ويستعمل البوذيون والهندوس المسبحة في صلواتهم, وبدأت أول أشكال الصلاة بالمسبحـة في النصرانيـة في العصور الوسطى, ولكنهـا انتشرت فقط في القرنين الخامـس عشـر والسـادس عشـر الميلادييـن)) انتهى. وفي كتاب: ((مساهمة الهند)) ص / 94- 105, عَرْض مُطَوَّلٌ مُوَثَّق عن تاريخها, فقال تحت عنوان: ((السُّبْحَة)): ((لما كان التدين من طبع الإِنسان, احتاج إلى معرفة طريق صحيح لعبادة ذلك الخالق وذِكْرِه, فقدمت إليه الأديان المختلفة لذلك طرقاً شتى, وساهمت الهند في قضاء بغيته تلك بتقديم طريق خاص لإِحصاء الذكر – إحصاء بواسطة عقد الحبات - السباحة, فإحصاء الذكر بالسبحة من اختراع الهند, اخترعه الدين البرهمي فيها, ومنا تسرب إلى بلاد وأديان أخرى. والسبحة بالسنسكريتية ((جَبَ مَالاَ)) معناه: عقد الذكر. وتختلف الفرق في الدين البرهمي في عدد حباته وترتيبها, ففرقة شِيْوائية تعين في 84 حبة ولا تزيد عليها طبقاً لحساب علم النجوم لديها, فإن العدد 84 لديها حاصل ضرب 12 وهو عدد الأبراج, في 7 وهو عدد النجوم الظاهرة لعين مجردة, مع شمول الشمس والقمر فيه, أما الفرقة الوِشْنَويّة فتعين عدده 108, وهو حاصل ضرب عدد الأبراج 12 في عدد النجوم 9, وهو عدد زائد عما قررته الفرقة شِيْوائية, لأَنه روعيت فيه أحوال القمر الثلاثة: الاستهلال والاستواء, والاستسرار. أما ترتيب الحبات في المسبحة, فالفرقة الشيوائية, تميز فيها بين كل مجموعة من تسع حبات. عندما ظهر الدين البوذي بالهند اختار رهبانه سبحة الفرقة الوِشْنَويّة أي ذات مائة وثمان حبات. وافترق الدين البوذي في فرقتين عظيمتين: مَهايانا, وهِنايانا, فانتشرت عقيدة مهايانا في معظـم آسيا الشمالية –نيبال, وتيبت, والصين, واليابان, ومنغوليا, وكوريا, وقطنت دعاتها في أرمينية, وقفقاسيا, والإسكندرية, والأنطاكية, وتدمر. وأما الفرقة هِنايانا فانتشرت عقيدتها في الغالب في جنوب آسيا, جنوب الهند, وسيلان, وبنغال, وبورما, وسيام, وانتشر استعمال السبحة بين رهبان هاتين العقيدتين في تلك البلاد المختلفة, فلما ظهرت النصرانية أخذ رهبانها استعمالها منهم . لم يعرف المسلمون استعمالها عند ظهور الإِسلام, فكانوا يحسبون ويعدون أذكارهم وأمورهم إمّا بواسطة الأنامل, أو الحصى, أو نواة البلح, أو الأشجار, أو الخيوط المعقودة. أما بواسطة الأنامل ففي الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: ((إِنا أمة أمية, لا نكتب ولا نحسب, الشهر هكذا وهكذا)) يعني مرة تسعة وعشرين, ومرة ثلاثين. فقد أشار فيه بالأيدي متعمداً على عدد أصابعها. وفي حديث آخر عن حُميصة بنت ياسر عن جدتها يُسَيْرَةَ, وكانت من المهاجرات, قالت: قال لنا رسول الله  : ((عليكم بالتسبيح, والتهليل, والتقديس, واعقدن بالأنامل, فإِنهن مسؤولات ومستنطقات, ولا تغفلن فتنسين الرحمة)). وفي حديث آخر عن عبد الله بن عمرو, قال: رأيت النبي  يعقد التسبيح. أما بواسطة الحصى فروى الدارمي عن عمر – عمرو - بن يحيى قال: سمعت أبي يحدِّث عن أبيه قال: كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل صلاة الغداة, فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد, فجاءنا أبو موسى الأشعري, فقال أَخرَج إليكم أبو عبد الرحمن؟ قلنا: لا, فجلس معنا حتى خرج, فلما خرج قمنا إليه جميعاً, فقال له أبو موسى: يا أبا عبد الرحمن, إني رأيت في المسجد آنفاً أمراً أنكرته, ولم أرَ والحمد لله إلا خيراً. قال: فما هو؟ فقال: إن عِشت فستراه رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلسوا ينتظرون الصلاة, ففي كل حلقة رجل, وفي أيديهم حصى. فيقول: كبروا مائة فيكبرون مائة. فيقول: هللوا مائة, فيهللون مائة. ويقول سبحوا مائة, فيسبحون مائة. قال: فماذا قلتَ لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاً انتظار رأيك – أو انتظار أمرك - قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم, وضمنتَ لهم أن لا يضيع من حسناتهم؟ ثم مضى, ومضينا معه, حتى أتى حلقة من تلك الحلق, قال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن, حصى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح . . . الخ. وكان من أصحاب النبي  أبو هريرة وسعد بن أبي وقاص, وأبو صفية, وأبو سعيد, يسبحون بالحصى. أما بواسطة نواة البلح, ففي الحديث عن كنانة مولى صفية, قـال: سمعـت صفية تقول: دخل عليّ رسول الله  , وبين يديّ أربعة آلاف نواة أسبّح بها, فقلت: لقد سبّحتُ بهذه, فقال: ألا أعلمكِ بأكثر مما سبّحتِ, فقلت: علمني, فقال: قولي, سبحان الله عدد خلقه. وكان من الأصحاب: أبو هريرة, وسعد بن أبي وقاص, وأبو الدرداء, يسبحون بالنوى. أما بواسطة الأشجار فذكر المبرد في كتابه الكامل: أن علي بن عبد الله بن عباس كان شريفاُ, بليغاً, وكان له خمسمائة أصل زيتون, يصلي كل يوم إلى كل أصل ركعتين, فكان يدعى ((ذا الثفنات)). وهو يدل على أنه كان يعد تركعه بالأشجار. أما بواسطة الخيوط المعقودة فكان لأَبي هريرة خيط فيه أَلْفا عُقْدَة, فلا ينام حتى يسبّح, وكان لفاطمة بنت الحسين ابن علي خيط معقود تسبح به. جميع هذه النصوص التي سردناها لك تدل على أن المسلمين إلى القرن الأول الهجري, بل إلى أوائل القرن الثاني الهجري –فإن علي بن عبد الله ابن العباس توفي سنة 110هجرية- لم يكونوا عرفوا استعمال السبحة, ويؤيد رأينا هذا ما نقله العلامة الزبيدي في التاج من قول شيخه, قال: وقال شيخنا: إنها ( أي السبحة) ليست من اللغة في شيء, ولا تعرفها العرب, إنما حدثت في الصدر الأول إعانةً على الذكر وتذكيراً وتنشيطاً. على أنه يظهر أن النصف الثاني من القرن الثاني الهجري كان استعمالها قد تسرب بين المسلمين, فإن الشاعر أبا نواس ذكرها وهو في السجن, في قصيدة خاطب بها الوزير ابن الربيع في عهد الخليفة الأمين (193- 198) قال:
أنت يا ابن الربيع ألزمتني النسك ** وعودتنيـه والخيـر عـادة
فارعوى باطلي واقصر حبلي ** وتبـدلـت عفـة وزهـادة
المسابيح في ذراعي والمصحف ** فـي لِبَّتـي مكـان القـلادة
وهو أقدم ذكر للسبحة, فيما نعرف, بالشعر العربي. ويلوح أن عند تسرب استعمالها بين المسلمين باشره في الغالب العامّة منهم من مدّعي الصلاح, فلم يحز استعمالها تقدير العلماء الصادقين, واستحسان الصوفياء [؟] المخلصين. ولذلك عندما رؤي في القرن الثالث الهجري في يد سيد الصوفية أبي القاسم الجُنَيْد بن محمد سبحة, اعترض عليه وقيل له: أنت مع شرفك تأخذ بيدك سبحة؟ فقال: طريق به وصلت إلى ربي لا أفارقه . أما تخريج الدليمي في مسند الفردوس برقم / 7029 (وهو موضوع كما في السلسلة الضعيفة 1 / 110- 117) بسند طويل عن علي قال: قال رسول الله  : ((نعم المذكر المسبحة)) فقد انتقده علماء الحديث, قال المحدث محمد الأمير: لا تظهر صحته, وقال الملا علي القاري: سنده ضعيف. وأما ما رواه أصحاب المسلسلات عن عمر المكي عن الحسن البصري حيت قيل له: يا أستاذ, مع عظم شأنك وعبادتك إلى الآن أنت مع السبحة. فقال لي: ((هذا شيء قد استعملناه في البدايات ما كنا لنتركه في النهايات, أنا أحب أن أذكر الله بقلبي ولساني ويدي)) قد رواه القاضي عياض في مشيخته, والقاضي أبو بكر في مسلسلاته, وكذلك الكتاني, والسلفي, والروداني, وأبو الحسن الأنماطي, وغيرهم. فأشار الحافظ السخاوي إلى غالب طرقه وقال: مدار روايته على أبي الحسن الصوفي, وقد رُمي بالوضع, ورواية عمر المكي عن الحسن البصري معضلة . بقي استعمال السبحة بين المسلمين هكذا محبوباً عند البعض وممقوتاً عند الآخرين, يجتاز طوراً إلى طور, ففي القرن الخامس الهجري مثلاً نجد أنه كان استعمالها أصبح من اختصاص النساء الصوفيات, إلى أن عم استعمالها بينهم واستحسن, بخاصة إذا قصد به ذكر الله الخالص وليس الرياء . أما عدد الحبات فيها فاختار المسلمون مائة حبة, على ما ورد في الأحاديث النبوية, أنه علية الصلاة والسلام علّم التسبيح خلف كل صلاة ثلاثاً وثلاثين مرة, والتكبير أربعاً وثلاثين مرة, والتحميد ثلاثاً وثلاثين مرة, فيكون مجموعها مائة . وهكذا لقي استعمال السبحة التي اخترعتها الهند وقدمتها إلى العالم للذكر قبولاً ورضا من أديان العالم المختلفة)) انتهى بنصه .
5- وظيفتها عندهم( ):
كما تفيد المصادر المعرفية – أيضاً - أنها شعار ديني, لدى أهل الملل من البراهمة, والنصارى, وغيرهم من الأعاجم, ولهم في اتخاذها أغراض دينية مختلفة على اختلاف مللهم, منها:
أ- اتخاذها لِعَدِّ الصلوات .
ب- اتخاذها تعويذة, وتميمة .
ج- اتخاذها للوقاية من الأخطار والأمراض .
د- اتخاذها لمعرفة البخت والحظ .
وتقدم في مبحث تاريخها: عدد حباتها عند النصارى .
6- تاريخ السُّبْحة عند العرب( ):
اعلم أن ((العرب)) لا تعرف السُّبْحة في لغتها, ولا في تعبداتها في الجاهلية, ولا في عاداتها للعب, والتَّلهِّي, ولهذا فإنك لا تجد لها ذكراً في كلامها, نثره, وشعره .
وهذه عناية ربانية لهذه العصابة التي نبعت منها النبوة والرسالة الخاتمة. ولذا قرر علماء اللسان العربي, أن هذه اللفظة ((السُّبْحة)) مولدة, وأنها بهذا المعنى لم ترد في كلام أحد ممن يحتج بعربيته بعد الإِسلام .
7- تاريخ السُّبْحة في العصور الإِسلامية:
وهو في مرات أربع:
أ- في عصر النبي  . ب- لدى الصحابة – رضي الله عنهم - .
ج- لدى التابعين –رحمهم الله تعالى- . د- بعد عصر التابعين .
أ- في عصر النبي  :
جزم غير واحد, أن ((السُّبْحة)) لم تكن معروفة في زمن النبي , ولهذا فليست من سُنَّتِه لعَدِّ الذِّكْر. ولم أر لها ذاكراً في نسبتها إلى عصر النبي  إلا في نصين, لا يثبتان:
أحدهما: تعداد تركة النبي  التي خَلَّفها  ونظمها المغربي التهامي بقوله( ):
قَد خَلَّف الرسول تِسْعاً تُعْرَف ** سجادة وسبحة ومصحف
وقفتان وسـواك وحصير ** مشـط ونعلان وإبريق منـير
وقال الكتاني عن عَدِّ السبحة في تركة النبي  ( ):
((وأما السبحة: فقال الشيخ الأمير في فهرسته: لم يصح ما اشتهر من عَدِّها –أي السبحة- من مخلفاته عليه السلام. اهـ. وسبقه إلى نحوه ملا علي قاري في شرح المشكاة قائلاً: إن السبحة المعروفة لم تكن في زمن النبي  )) انتهى كلام الكتاني . ونقل كلام الأمير, والقاري, وأقره أبو الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الهندي في رسالة: نزهة العِطْر( ) في سبحة الذِّكر. واقتصر على كلام الأمير في كتابه: ظفر الأماني في شرح مختصر الجرجاني. ص / 151 ونحوه لابن الطيب في حواشي القاموس . اهـ.
وثانيها: عن علي – رضي الله عنه - أن رسول الله  قال: ((نِعْمَ المُذَكِّرُ السُّبْحَة, وإن أفضل ما تسجد عليه: الأَرض وما أنبتته الأَرض)) رواه الـديلمي في: ((مسند الفردوس: 5/ 15/ ح/ 7029)) . وفي سنده أربعة مجاهيل على نسق واحد, وفيه متهم بالوضع ذاهب الحديث في قول للخطيب البغدادي, وهو: محمد بن هارون بن عيسى بن منصور الهاشمي, ورماه بالوضع: ابن عساكر, وقال الدراقطني: لا شيء .
فهذا الحديث لاَ يُشْتَغَلُ بِهِ, إذ لا يعتبر شاهداً, ولا متابعاً, فضلاً عن أن يستأنس به في فضائل الأَعمال . هذا في رده سنداً, وأما متناً, فإنه إذا تقرر لدينا أن: ((السُّبْحة)) لم تكن في زمن النبي  فنرد تفسير اللفظ إلى الحقائق الشرعية التي نطق بها الشرع, وهو أن المراد بالسُّبْحة في هذا المروي: ((سُبْحَة الصلاة)) لاستعمال هذه الحقيقة الشرعية في أحاديث أخر, وبضميمة ما جاء في آخر هذا المروي: ((وإن أفضل ما تسجد عليه . . .)). وإلى هذا جَنَحَ محمد بن محمد الأزهري المعروف بالأمير, المتوفى سنة 1232 – رحمه الله تعالى - في فهرسته, وتبعه اللكنوي المتوفى سنة 1304– رحمه الله تعالى - كما في: ((ظفر الأماني: ص / 293)) إذا قال نقلاً عن الأمير: ((ولا تظهر صحته, ويحتمل تفسير السبحة بصلاة النافلة كما هو أحد معانيها, فليحرر. انتهى كلام سيدي الأمير – رحمه الله تعالى - أقول: - القائل اللكنوي -: على تقدير صحة الحديث, تفسيره بسُّبْحَة الصلاة هو الصواب, فإنه قد استعملت السُّبْحَة كثيراً في الأحاديث بهذا المعنى, وقد صح أن السبحة المعروفة لم تكن في زمن رسول الله  )). انتهى( ) .
ب- السُّبْحة لدى الصحابة – رضي الله عنهم -( ):
وكما أن: ((السُّبْحة)) لم تكن معروفة في زمن النبي  فإنه لا ذكر لها في لسان الصحابة – رضي الله عنهم - بل لم تكن معروفة في زمنهم على لسانهم, وفي تعبدهم بِعَدِّ الأذكار .
وأما الأثر عن أبي هريرة – رضي الله عنه -( ) الذي أسنده عبد الله بن الإِمام أحمد في ((زوائد الزهد)) ومن طريق أبو نعيم في: ((الحلية)), وكلاهما: من طريق نعيم بن محرر بن أبي هريرة,عن جده أبي هريرة: ((أنه كان له خيط فيه ألفا عقدة فلا ينام حتى يُسبح به)). فنعيم مجهول, لذا فلا يصح . ولهذا فلا تغتر بقول الكتاني بعد كلامه المتقدم مباشرة( ): ((والصواب: أن اتخاذ السُّبْحَة ونحوه, لِعَدِّ الذكر, ثبت عن الصحابة في حياته - عليه السلام - وبعده, والذي حدث هو خرز, ونظم تلك الحبوب في الخيط ونحوه, كما قاله الشيخ عبد الغني الدهلوي المدني)) انتهى. ويريد ما





‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗








السبحة تاريخها وحكمها 18839210
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الملكة نفرتيتي
مراقبة
مراقبة
الملكة نفرتيتي


عدد المساهمات : 58
تاريخ التسجيل : 30/10/2010

السبحة تاريخها وحكمها Empty
مُساهمةموضوع: رد: السبحة تاريخها وحكمها   السبحة تاريخها وحكمها Icon_minitime1الخميس 19 نوفمبر - 4:31


ويريد ما رُوِيَ من عَدِّ بعض الصحابة – رضي الله عنهم - الذِّكر بالحصى, أو النوى, وأطلق عليه ((السُّبْحَة)) تجوزاً, كما يدل عليه آخر كلامه, فتأمل؟ ولا تغتر أيضاً بقول أبي العباس أحمد بن أبي بكر الرَّدَّاد, المتوفى سنة 821( ) فيما نقله عنه اللكنوي بعد سياق: ((مسلسل السُّبْحَة)) قال( ): ((قال الشيخ أبو العباس الرَّدَّاد, تبين من قول الحسن – البصري - أن السبحة كانت موجودة في زمن الصحابة. قلت: فعلم أنها لا تصح في زمن رسول الله  ولا ما اشْتُهر من عده بها)) انتهى .
وهذا المسلسل من رواية وَضَّاع فكيف يُستدل به؟!
ج- السبحة لدى التابعين – رحمهم الله تعالى -:
السياق هُنا, لما تم الوقوف عليه, من الآثار المقطوعة, والحكايات والقصص المذكورة, مما هو مصرح به باسم: ((السُّبْحة)) ومنها:
• أبو مسلم الخولاني: عبد الله بن ثُوَب المتوفى سنة 62, الملقب: ريحانة الشام – رحمه الله تعالى -( ): عن بكر بن خُنيس, عن رجل – سَمَّاه - قال: ((كان في يد أبي مسلم الخولاني سُبْحَة يُسبح بها, قال: فنام, والسبحة في يده, فاستدارت السبحة, فالتَفَّت على ذراعه, وجعلت تُسبح, فالْتَفَتَ أبو مسلم, والسبحة تدور في ذراعه وهي تقول: سبحانك يا منبت النبات, ويا دائم الثبات, فقال: هَلُمَّ يا أُمَّ مسلم, وانظري إلى أعجب الأعاجيب, فجاءت أم مسلم, والسبحة تدور تُسَبِّح, فلما جلست سكنت)) اهـ.
ذكرها أبو القاسم هبة الله بن الحسن الطبري اللاَّلكائي المتوفى سنة 418 في كتابه ((كرامات الأولياء)), وأبو القاسم ابن عساكر: علي بن هبة الله المتوفى سنة 571 في: ((تاريخ دمشق)).
وهذا إنما أذكره للفرجة, والتدليل على ترويج الطرقية لبضاعتهم البدعية: ((السُّبْحَة)) في مثل هذه القصة المختلقة الموضوعة .
• الأثر عن إبراهيم النخعي المتوفى سنة 96 – رحمه الله تعالى -: قال ابن أبي شيبة في: ((المصنف: برقم / 7670)): ((من كره التسبيح)) وساق الأثر بسنده فقال: ((حدثنا حميد بن عبد الرحمن, عن حسن, عن إبراهيم بن المهاجر, عن إبراهيم, أنه كان ينهى ابنته أن تعين النساء على فَتْلِ خيوط التسابيح التي يُسبح بها)) .
وفي سنده: إبراهيم بن المهاجر, قال فيه الحافظ ابن حجر في: ((التقريب)): ((صدوق لين الحفظ)) اهـ.
وفي هذا الأثر فائدتان:
الأولى: ظهور نظم الخرز في الخيوط في أول عصر التابعين وآخر حياة الصحابة – رضي الله عنهم - إذ وفاة إبراهيم النخعي سنة 96 – رحمه الله تعالى - .
الثانية: إنكار النخعي للسُّبْحة, وهذا ظاهر .
• الأثر عن الحسن بن يسار البصري المتوفى سنة 110 – رحمه الله تعالى -: روى ابن وضاح القرطبي – رحمه الله تعالى - بسنده في كتابه: ((البدع والنهي عنها. ص / 25)) عن أبان بن أبي عياش, قال: ((سألت الحسن عن النظام – خيط ينظم فيه لؤلؤ وخرز ونحوهما - من الخرز والنوى ونحو ذلك, يُسَبَّح به؟ فقال: لم يفعل ذلك أحد من نساء النبي  ولا المهاجرات)) .
وفي سنده أبان بن أبي عياش البصري, قال فيه الإِمام أحمد: ((متروك الحديث)). روايته هنا عن الحسن وفيها مغمز شديد, كما في: ((الميزان: 1 / 11)), فأنى له القبول . وفي هذا الأثر – لو ثبت - فائدتان كسابقه, لكن أَنَّى له الثبوت؟ والله أعلم
• المسلسل بالسُّبحة عن الحسن البصري – رحمه الله تعالى -( ): وهو عن أبي الحسن علي بن الحسن بن القاسم الصوفي, قال: سمعت أبا الحسن المالكي وقد رأيت في يده سُبْحَةً, فقلت: يا أُستاذي: أنت إلى الآن مع السبحة, فقال: كذلك رأيت أستاذي الجنيد وفي يده سبحة, فقلت: يا أستاذي . . . وهكذا استمر الإِسناد على هذه الصفة, الجنيد عن السري السقطي, عن معروف الكرخي, عن بشر الحافي, عن عمر المكي, عن الحسن البصري وفي يده سبحة, فقلت له: يا أستاذي, ما شأنك وحُسْن عبادتك وأنت إلى الآن مع السبحة, فقال لي: ((هذا شيء قد استعملناه في البدايات, فلا نتركه في النهايات, أنا أحب أن أذكر الله بقلبي ولساني ويدي)) انتهى. ثم قال اللكنوي( ): ((وقال مولانا عابد السندي: في: ((حصر الشارد)) أورد هذا المسلسل, وأشار إلى غالب طرقه الحافظ السخاوي, وقال: ((إن مدار روايته على أبي الحسن الصوفي, وقد رمي بالوضع, ثم سلسله من طريق آخر, وسكت عنه, اهـ)) انتهى. ومعلوم أن المسلسلات قل أن تسلم من ضعف أو وضع في تسلسلها العام. والله أعلم .
• الأثر عن فاطمة بنت الحسين بن علي المتوفاة سنة 110 – رضي الله عنهم -( ): أسند ابن سعد في: ((الطبقات)) عن فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب أنها كانت تُسبح بخيط معقود فيها. وفي إسناده ضعف وامرأة مجهولة .
• السُّبح الزرق للشيعة: في: ((تاريخ جرجان. ص / 324)) في ترجمة: عمران بن أبي اليقظان, عن جعفر الصادق المتوفى سنة 148 – رحمه الله تعالى – أنه قال: ((مثل السُّبح الزُّرْق في أيدي شيعتنا,مثل: الخيوط الزرق يذكر بها إله السماء)). انتهى [؟]
د- السُّبحة بعد عصر التابعين:
من هذا العصر إلى الآخر, انفرط عَقْد الصدق عند من غلبت عليه الشقاوة, وَجَنَّدَ الوَضَّاعُوْن من الطرقية وغيرهم أَنْفُسَهم لاختلاق المرويات لِعَقْدِ نِظَام السُّبَح, في عصر التابعين, ومن بعدهم, واتسعت أغراض اتخاذها, ديانة, وتعاويذ, وشعاراً لأَهل الذكر, واتخذها الصف المقابل, للعب, والتلهي, وتنافسوا في نظمها ومادتها, ومن تتبع كتب السير, والتراجم, والكرامات, رأى من ذلك عجباً, ومنها:
1- ذكر بعض الإِخباريين, منهم أبو الفرج الأصفهاني المتوفى سنة 356 في: ((الأغاني 8 / 344)): أن والي المدينة عثمان بن حيان المري المتوفى سنة 150 المولَّى عليها من قِبَل الوليد الأُموي, أراد إخراج المغنية سلامة القُسِّ المتوفاة نحو 130 من المدينة؛ لما شهرت به من حذق الغناء, والأوتار, فشفع لها ابن عتيق عنده, فوكَّله على شأنها, وقال له: لا يدعك الناس, ولكن اسمع منها, فإن رأيت أن مثلها يترك في جوار رسول الله  ومسجده تركتها, قال: نعم, فجاءه بها, وقال لها: اجعلي معك سُّبْحَة, وتخشَّعي, ففعلت)) انتهى .
2- وفي عصر الأمين العباسي المتوفى سنة 198 جاء للسبحة ذكر في قصيدة لأَبي نواس وهو في السجن, يخاطب فيها الوزير ابن الربيع, بقوله( ):
أنت يا ابن الربيع ألزمتني النسك ** وعودتنيـه والخيـر عـادة
فارعوى باطلي واقصر حبلي ** وتبـدلـت عفـة وزهـادة
المسابيح في ذراعي والمصحف ** فـي لِبَّتـي مكـان القـلادة
3- سبحة زبيدة بنت جعفر: ذكر أبو حيان التوحيدي في: ((البصائر والذخائر: 1 / 145)) أنه كان عند زبيدة بنت جعفر المتوفاة سنة 216 – رحمها الله تعالى – ((سُّبْحَة اشترتها بخمسين ألف دينار)). وفي كتاب ((الجماهر في معرفة الجواهر)) للبيروني: ص / 156 قال: ((وكان لأم جعفر زبيدة سُبْحَةٌ لم يذكر في الكتب كيفيتها, ولكن قيل: إنه جرى بين الرشيد وبينها في ذكر نزاهة: عَمَّار بن حمرة بن ميمون, وعلو همته, فقالت: إن الأقدام الثابتة تزل عن مواطئها عند روائح المال, فادع به وهب له سبحتي هذه – وكان شراؤها بخمسين ألف دينار, فإن ردها عرفنا نزاهته, . . . فذكر القصة في رده لها . . . )) انتهى .
4- وذكر بعض الإِخباريين – أيضاً -: أن عبد الله بن أبي السَّمِط, أنشد أبياتاً بين يدي المأمون العباسي المتوفى سنة 218 يمتدحه فيها, فلما انتهى عند قوله:
أضحى إمام الهُدى المأمون مشتغلاً ** بالدِّين والناس بالدنيا مشاغيل
قال المأمون: ((ما زدت على أن جعلتني عجوزاً في محراب, وفي يدها سُبْحَة, أَعجزت أن تقول كما قال جرير في عمر بن عبد العزيز:
فلا هو في الدنيا مضيع نصيبه ** ولا عَرَضُ الدنيا عن الدين شاغله)) انتهى( )
5- سُبْحَة الجُنيد المتوفى سنة 297 – رحمه الله تعالى – والإِنكار عليه( ): ذكر القاضي أبو العباس أحمد بن خلكان في: ((وفيات الأعيان)): ((أنه رؤي في يد أبي القاسم الجنيد بن محمد المتوفى سنة 297 – رحمه الله – يوماً سُبْحَة فقيل له: أنت مع شرفك تأخذ بيدك سُبْحَة, قال: طريق وصلتُ به إلى ربي لا أفارقه)). انتهى .
6- أثمن مسبحة عُرفَتْ في الإِسلام( ): هي مسبحة ((زيدان)) قهرمانة, أم المقتدر العباسي, ويقال: بل هي: سُّبْحَة المقتدر العباس جعفر بن أحمد, المتوفى سنة 320 – رحمه الله تعالى -: قال الأستاذ / عبود الشالنجي, محقق: ((نشوار المحاضرة للتنوخي: 5 / 29)): ((وكان للمقتدر العباسي, سبحة قومت بمائة ألف دينار, فقد ذكر الأمير أبو محمد الحسن بن عيسى بن المقتدر, أن والدته عمرة, جارية المقتدر, أخبرته, بأن المقتدر استدعى بجواهر, فاختار منها مائة حبة, ونظمها سُبْحَة يُسبح بها, وأن هذه السبحة عرضت على الجوهريين, فقوموا كل حبة منها بألف دينار, وأكثر (نشوار المحاضرة لسبط ابن الجوزي. مخطوط)) انتهى .
7- وفي كتاب: ((الجماهر في معرفة الجواهر)) للبيروني. ص / 156- 158 ذكر اتخاذ الأكاسرة للسُّبْحَة, ثم قال: ((ولما أشارت قبيحة [؟!] على ابنها المعتز بقتل أخيه المؤيد بعثت قبيحة إلى أمه في شهر رمضان بِسُّبْحَةِ دُرٍّ, قيمتها أربعة آلاف دينار, وقالت لها: سبحي بها يا أختي, فسحقتها في الهاون, وَلَفَّتْها في كاغَدٍ, ورَدَّتهَا إلى حاملتها, وقالت: أقرئي عني أختي السلام, وقولي لها: السُّبَح لا تذهب بحرارات الدماء)) انتهى .
8- سُبْحَة خباز البصرة: نصر بن أحمد الخُبْزَأُرْزي, المتوفى سنة 327, قال التنوخي المتوفى سنة 374 – رحمه الله تعالى – في كتابه: ((نشوار المحاضرة: 5 / 95)) وَنَقَلَهَا عنه الخلديان في: ((التحف والهدايا ص / 23)): ((أَهدى إِلَيَّ نصر ابن أحمد الخُبْزَأُرْزي: سُبْحَةَ سَبَج, وكتب معها:
بعثـتُ يا بدر بني يعرب ** بسبحةٍ مـن سَبَج مُعْجِب
يقـول من أبصرهـا طرفه ** نِعْمَ عتـاد الخائف المذنب
لَمْ تُخْطِ إن فكرت في نظمها ** ولونها من حُمَّة العقرب)) اهـ
والسَّبج: الخرز الأسود .
9- وذكر البشاري في ((رحلته ص / 181)) اتخاذ مصانع للسبح في القرن الرابع في بيت المقدس؛ لكثرة من كان يزور مكة – حرسها الله تعالى - .
10- وفي القرن الخامس الهجري, اشتهر اختصاص النسوة المتصوفات بالسُّبَح, كما في: ((طبقات الشافعية للسبكي: 3 / 91)) .
11- سُبْحَة الحافظ ابن حجر المتوفى سنة 852 – رحمه الله تعالى -: في: ((الجواهر والدرر للسخاوي: 1 / 111)) ساق أخباراً تدل على عدم تضييع شيخه الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى – لوقته, ثم قال: ((وكان – رحمه الله تعالى – إذا جلس مع الجماعة بعد العشاء وغيرها للمذاكرة, تكون السُّبْحَة تحت كُمِّه بحيْث لا يرها أحد, ويستمر يديرها وهو يسبح أو يذكر غالب جلوسه, وربما سقطت من كمِّه فيتأثر لذلك, رغبة في إخفائه)) انتهى .
12- أشهر مسبحة في تاريخ المتصوفة: هي سبحة ابن زروق يأتي خبرها بعد قليل .
13- وقال العماد المناوي في سُبْحَة( ):
ومنظومة الشمل يخلو بها ** اللبيب فتجمع من همته
إذا ذُكر الله جَـلَّ اسمه ** عليهـا تفرق من هيبته
14- ولابن عبد الظاهر( ):
وسُبْـحَة أناملـي ** قـد شغفـت بحبلها
مثـل مناقيـر غـدت ** ملتقطـات حبها
15- وقال شوقي( ):
ما تلك أهدابي تُنْظَم ** بينها الدمـع السكوب
بل تلك سُبْحَة لؤْلؤٌ ** تحصى بها عليك الذنوب
هكذا صارت أطوار السُّبْحَة في العصور الإِسلامية( ):
أي من بعد عصر الصحابة – رضي الله عنهم – وعصر التابعين, وبخاصة في العصر الأموي, والعصر العباسي. بدأت السُّبحة وأخذت في أطوار في مادتها, وفي أغراضها, وفي أعداد حَبَّاتها وفي محل اتخاذها, وأن السبحة عَبَرت إلى بلاد العرب, عن طريقين: الروافض والمتصوفة .
قال الشهابي( ): ((يرجع انتشار السبحة في بعض البلاد الإِسلامية إلى استخدام الصوفية لها؛ إذ يعتبرونها أصلاً من الأصول المرعية في طرائقهم, وعوائدهم؛ لاستخدامها في حلقات الذكر, ويحفظونها في صندوق خاص بها, ولها قوم يقومون على استخدامها في الأوراد والأذكار, ويعرفون بـ ((شيوخ السَّبْحَة)) وبعض طوائف الصوفية ترى ضرورة وضع المسبحة في العنق؛ لأَن هذا عندهم أحفظ وَأَثْوَبُ, وهذا التقليد واجب عند بعض طوائف الصوفية, وبعض الطوائف تنكر هذا التقليد)). انتهى.
ثم قال: ((من أشهر المسابح التاريخية: أشهر مسبحة في تاريخ الإِسلام: مسبحة ابن زروق العالم المغربي – أحمد ابن أحمد المالكي المتوفى سنة 899 – الذي حضر منذ نحو 500 [؟!] لتلقي العلم, ثم تخرج من الأزهر, وأقام مسبحته الشهيرة التي ضمت ألف حبة من الحجم الكبير المصنوع من خشب الصندل, وكان يجلس وحوله دائرة من تلاميذه في دائرة تملأ ساحة الأزهر يذكرون الله !!)) انتهى .
8- عَـدَدُ حباتهـا:
وكانت في بدايتها خيوط ينظم بها خرز من نوى مجزع( ) – الذي حُكَّ حتى صار فيه سواد وبياض – لعد الأَذكار, التي ورد الشرع بها, أو مطلقاً؛ لهذا كان عَدَدُ حَبَّات السُّبْحُ وفق الأطوار العددية الآتية:
1- سُبْحَة من ((33)) خرزة, وتسمى: ((السُّبْحَة الثُّلَثِيَّة)) .
2- سُبْحَة من ((99) خرزة .
3- سُبْحَة من ((1000)) خرزة, وتسمى: ((السُّبْحَة الألفية)) .
وخرزها متفاوت الحجم, من حجم عين الجرادة, إلى حجم البيضة ثم صار لكل أصحاب طريقة نوع من السُّبَح, نوعاً, وعدداً, وكيفية استعمال. وصار يكتب على بعض خرز السُّبح أسماء الله الحسنى وهي: ((99)) اسماً, أو الاسم الذي يذكر الله به عند أهل الطريقة, مثل: ((اللطيف)) أو: ((حي)) أو: ((الله)) وهكذا .
وكل هذه مشاهدة في عصرنا, وأنا أقيد هذا عام 1418. وفيه كذلك وجد المحتسبون مع بعض المقيمين من الأفارقة في مدينة الرياض سُّبْحَة بطول عشرين متراً, والخرزة منها بحجم البيضة .
9- وظيفتها عند من اتخذها من المسلمين:
وتبعاً لذلك تدرجت في أغراضها الدينية على النحو الآتي:
1- اتخاذها شعاراً على: ((أهل الله)) [؟!] الطرقيـة المتصوفة؛ لِعَـدِّ الأذكار والتربية الدينية .
2- اتخاذها تعاويذ وتمائم .
3- اتخاذها للوقاية من الحسد والأخطار .
4- تطويق العنق بها للوقاية من الأمراض .
5- اتخاذها لمعرفة البخت .
6- غسلها بالماء وشربه للاستسقاء .
7- الاستخارة بها, بما يسمون: ((استخارة السبحة)) ذلك أن المرء إذا مرض تستعمل له السبحة قبل استدعاء الطبيب: هل يستدعى؟ هل يُنجع الدواء؟ أي طبيب يُدعى؟؟ إلى غير ذلك من الأغراض .
8- لتهدئة الأعصاب وسكون النفس .
10- أسماؤهـا عندهـم:
وجعلوا لها مجموعة ألقاب:
1- المذكرة بالله .
2- رابطة القلوب .
3- حبل الوصل .
4- سوط الشيطان .
بل اتخذت سُبْحة الرجل اسماً خاصاً, ومنها ما ذكره السيوطي – رحمه الله تعالى – إذْ قَال( ): ((وقال الشيخ الإِمام العارف عمر البزار, كانت سبحة الشيخ أبو الوفاء ((كاكيش)) وبالعربي: عبد الرحمن التي أعطاها للشيخ محيي الدين عبد القادر الكيلاني – قَدَّس الله أرواحهم – إذا وضعها على الأرض تدور حبة حبة)) انتهى .
انظر كيف شَبَّه لهم الشيطان بالسُّبْحَة, حتى نُفِخَتْ فيها الرُّوْح؟! .
11- طَرَفٌ مما رتب عليها من الكرامات والأحوال والهيآت .
ورتبوا عليها من الكرامات والأحوال ما يطول الكتاب بذكره .
منها: ما تقدم عن أبي مسلم الخولاني. ومنها: سُبحة أبي الوفاء المذكورة آنفاً, ومنها: ما ذكره السيوطي أيضاً فقال: ((وقد أخبرني من أثق به؟! أنه كان مع قافلة في درب بيت المقدس, فقام عليه سرية عرب, وجردوا القافلة جميعهم وجردوني معهم, فلما أخذوا عمامتي سقطت مسبحة من رأسي, فلما رأوها, قالوا: هذا صاحب سُبحة, فردوا عليَّ ما كان أخذ لي, وانصرفت سالماً منهم .
قال السيوطي: فانظر يا أخي إلى هذه الآلة المباركة الزاهرة, وما جمع فيها من خير الدنيا والآخرة)) انتهى ؟!! .
وقد تطور الحال إلى مشروعية تعليقها بالأعناق, حتى أَلَّف البناني محمد بن عبد السلام – ابن حمدون الفاسي – المتوفى سنة 1163 رسالة باسم: ((تحفة أهل الفتوحات والأذواق في اتخاذ السبحة وجعلها في الأعناق)) وهو مطبوع في ((156)) صفحة .
وقد بلغ الحال إلى إمرار الإِبهام والسبابة على خرزات السبحة بسرعة فائقة, لا يساوي زمن إدارتها قول: ((سبحان الله)) مرتين أو ثلاثاً .
وحصل فيها من فاسد الاعتقاد: إلى توارثها بعد الصالحين, والاعتقاد فيها, والاحتفاظ بها, وإلى وقفيتها, ولدى بعض النظار على الأوقاف شنطة صغيرة فيها مجموعة سبح, يأتي الفقراء والدراويش للتسبيح بها على روح صاحب الوقف, وهكذا . . وبعض محبي الخير يعلقونها في المساجد للتسبيح بها, وقد شاهدت ذلك في عدد من بلدان العالم الإِسلامي. وقد صار عند بعض من تلاعب بهم الشيطان مظهراً للرياء, وإظهار التعبد, وأنه في زُمْرة الذاكرين, وهو من الذين يختلون الدنيا بالدين. وللشاعر محمد الأسمر كما ذكر الجندي في مقاله: ((السبحة والمسبحون)) قصيدة في ((18)) بيتاً, ذكر فيها بعض أحوال المسبحين بالسُّبْحَة فقال:
فقد تُرى في حانة ** كما تُرى في المسجد
وعدة للنـصب من ** أدهى وشر العـدد
حَبَّالة الخاتـل إن ** تَلْقَ حِمَاراً تَصْطَـدِ
يحملهـا في كفه ** وهي فساد المُفْسِـدِ
ومـن رآها ظنهـا ** هداية للمُهْتَـدِي
واعلم أن أصحاب الطرق, تَعَلَّقُوا بالسُّبْحَة, وشُغِفوا بها, حتى صارت سمة لهم وشعاراً, وكل أصحاب طريقة يذكرون لها من الكرامات, والخصائص, والأوصاف, ما لا يخطر على بال, فصارت من لوازم الطريق بداية ونهاية, ومن وظائف المريد, ولو أخذت أتتبع ما لديهم بشأنها من الأقوال والأفعال؛ لطال الكلام, وكله من بابة واحدة:
الغلو, والإِسراف, من جهة, والاختلاق, والتصورات الشيطانية, من جهة أخرى, وهكذا من ضل عن الطريق النبوي وقع في مثل هذه النقائص .
وأكتفي هنا بسياق مقتطفات بنصها من كتاب: ((تحفة أهل الفتوحات والأذواق في اتخاذ السُّبْحَة وجعلها في الأعناق وبعض الآداب . . .)) تأليف فتح الله بن أبي بكر بن عبد السلام بن حمدون البناني الشاذلي الدرقوي المتوفى سنة 1353, فإن هذا الكتاب يقع في: ((156)) صفحة, تكلم عن السُّبْحَة من ص / 3 – حتى ص / 20 وما بعد ذلك فهو في آداب الطريقة, وأسوق هذه المقتطفات جاعلاً لها عناوين؛ لتلفت الأنظار إلى مضامينها المظلمة المنسوبة إلى الشرع المطهر ظلماً
وفى اللهم اجعلنا من الشاكرين
امين




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السبحة تاريخها وحكمها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السبحة تاريخها وحكمها للشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد
» صلاة الاستسقاء: تعريفها وحكمها ومكانها وصفتها
» شروط العقيقة للولد، الكمية، وقتها وحكمها
» ما هي ” الشعبنة ؟ ” وعاداتها وحكمها
» الحسبة في النظام الإسلامي.. تاريخها وأهميتها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدي المركز الدولى :: ๑۩۞۩๑ (المنتديات الأسلامية๑۩۞۩๑(Islamic forums :: ๑۩۞۩๑نفحات اسلامية ๑۩۞۩๑Islamic Nfhat-
انتقل الى: