قالوا وظلَّ.. ولم تشعر به الإبلُ=يمشي، وحاديهِ يحدو.. وهو يحتملُ |
ومـخـرزُ الـمـوتِ فــي جنـبـيـه ينـشـتـلُحـتـى أنــاخ َ بـبـابِ الـــدار إذ وصـلــوا |
وعندمـا أبصـروا فيـضَ الـدمـا جَفـلـواصبـرَ العـراق صـبـورٌ أنــت يــا جـمـلُ! |
صـبـرَ الـعـراق وفــي جَنبـيـهِ مِـخــرزهُيغـوصُ حـتـى شـغـاف القـلـب ينسـمـلُ |
ما هدموا.. مـا استفـزوا مـن مَحارمـهِما أجرموا.. ما أبـادوا فيـه.. مـا قتلـوا |
وطـوقُـهـم حـولــهُ.. يـمـشـي مـكـابـرة ًومـخـرزُ الـطـوق فــي أحـشـائـه يَـغِــلُ |
وصـوتُ حاديـه يحـدوهُ علـى مَـضـض ٍوجُـرحُـهُ هــو أيـضــاً نـــاز ِفٌ خـضــلُ |
يـا صـبـر أيــوب.. حـتـى صـبـرُه يـصـلُإلــى حُــدودٍ، وهــذا الصـبـرُ لا يـصــلُ! |
يـــا صـبــر أيـــوب، لا ثـــوبٌ فنخـلـعُـهُإن ضـــــاق عــنـــا.. ولا دارٌ فـنـنـتـقـلُ |
لـكــنــه وطــــــنٌ، أدنــــــى مــكــارمــهيـــا صـبــر أيـــوب، أنـــا فـيــه نكـتـمـلُ |
وأنـــــه غُـــــرَّةُ الأوطـــــان أجـمـعِـهــافـأيـن عــن غــرة الأوطــان نـرتـحـلُ؟! |
أم أنـــهــــم أزمــــعــــوا ألا يُـظـلّــلــنــافــي أرضـنـا نـحـن لا سـفـحٌ، ولا جـبـلُ |
وا ضيعـة الأرض إن ظلـت شوامخُـهـاتهـوي، ويعلـو عليهـا الـدونُ والسفـلُ! |
جميعهـم حـول أرض ٍ حـجـمُ أصغـرهِـمإلا مـروءتُـهـا.. تـنــدى لــهــا الـمُـقــلُ! |
وكـان مـا كـان يــا أيــوبُ.. مــا فعـلـتْمسعـورة ً فـي ديـار النـاس مــا فعـلـوا |
مـا خربـت يــد أقـسـى المجرمـيـن يــداًمــا خـرّبـت واستـبـاحـت هـــذه الـــدولُ |
هـذي التـي المـثـل العلـيـا عـلـى فمـهـاوعـنـد كــل امـتـحـان تـبـصـقُ الـمُـثُـلُ! |
يــا صـبـر أيــوب، مــاذا أنـــت فـاعـلـهُإن كـان خصمُـكَ لا خـوفٌ، ولا خـجـلُ؟ |
ولا حــيـــاءٌ، ولا مـــــاءٌ، ولا سِــمـــة ٌفـي وجهـه.. وهـو لا يقضـي، ولا يـكِـلُ |
أبـعــد هـــذا الـــذي قـــد خـلـفــوه لــنــاهـذا الفنـاءُ.. وهـذا الشـاخـصُ الجَـلَـلُ |
هـذا الخـرابُ.. وهـذا الضيـقُ.. لقمتُـنـاصــارت زُعـافـاً، وحـتـى مـاؤنـا وشِــلُ |
هــل بـعــده غـيــر أن نـبــري أظـافـرنـابريَ السكاكين ِ إن ضاقت بنـا الحيَـلُ؟! |
يــا صـبـر أيــوب.. إنــا مـعـشـرٌ صُـبًُــرُنُغضـي إلـى حــد ثــوب الصـبـر ينـبـزلُ |
لكـنـنـا حـيــن يُسـتـعـدى عــلــى دمــنــاوحـيـن تُـقـطـعُ عـــن أطفـالـنـا الـسـبـلُ |
نــضــجُّ، لا حــــي إلا اللهَ يـعــلــمُ مـــــاقـد يفعـل الغـيـض فيـنـا حـيـن يشتـعـلُ! |
يا سيدي.. يا عـراق الأرض.. يـا وطنـاًتـبــقــى بــمـــرآهُ عــيـــنُ اللهِ تـكـتـحــلُ |
لـم تُشـرق الشمـسُ إلا مــن مشـارقـهولـــم تَـغِــب عـنــه إلا وهــــي تـبـتـهـلُ |
يا أجملَ الأرض ِ.. يا من فـي شواطئـهتــغــفــو وتـسـتـيـقــظ الآبــــــادُ والأزلُ |
يـــا حـافـظـاً لـمـسـار الأرض ِ دورتـــهوآمـــــراً كــفـــة َ الـمــيــزان تــعــتــدلُ |
مُــذ كــوّرت شعـشـعـت فـيـهـا مسـلّـتـهودار دولابــــه، والأحـــــرُفُ الــرســـلُ |
حـمـلــن لـلـكــون مــســرى أبـجـديّـتــهوعـنـه كــل الـذيـن استكـبـروا نـقـلـوا! |
يـا سيـدي.. أنـت مــن يـلـوون شِعفـتَـهويـخـسـأون، فـــلا والله، لـــن يـصـلـوا |
يضاعـفـون أسـانــا قـــدر مـــا قـــدِرواوصـبـرُنـا، والأســـى، كـــل لـــه أجـــلُ |
والعـالـمُ الـيــومُ، هـــذا فـــوق خيـبـتـهغــافٍ، وهــذا إلـــى أطـمـاعـه عَـجِــلُ |
لكـنـهـم، مـــا تـمــادوا فــــي دنـائـتـهـمومـــا لـهــم جـوقــة ُ الأقـــزام ِ تمـتـثـل |
لـن يجـرحـوا مـنـك ِ يــا بـغـداد أنمُـلـة ًمــا دام ثـديُـك رضـاعــوه مـــا نَـذلــوا! |
بغـدادُ أهلُـك رغـم الجُـرح ِ، صبرهـمـوصبرُ الكريـم، وإن جاعـوا، وإن ثَكِلـوا |
قــد يأكـلـون لـفــرط الـجــوع أنفـسـهـملكنـهـم مــن قــدور الغـيـر مــا أكـلــوا! |
شـكـراً لـكــل الـذيــن استـبـدلـوا دمـنــابلقـمـة الخـبـز.. شـكــراً لـلــذي بـذلــوا |
شـكـراً لإحسانـهـم.. شـكــراً لنخـوتـهـمشكراً لمـا تعبـوا.. شكـراً لمـا انشغلـوا |
شـكـراً لـهـم أنـهـم بـالـزاد مــا بَـخَـلـوالــو كــان لـلــزاد أكّـالــون يـــا جـمــلُ! |
لــكــن أهــلــي الـعـراقـيـيـن مـغـلـقــة ٌأفواهـهـم بدمـاهـم فـــرط مـــا خُـذِلــوا |
دمــاً يمـجّـون إمّــا استنطـقـوا، ودمـــاًإذ يسكتـون، بـجـوف الــروح، ينهـمـلُ! |
يـا سيـدي.. أيـن انـت الآن؟ خـذ بـيـديإنـــي إلـــى صـبــرك الـجـبــارِ أبـتـهــلُ |
يـــا أيـهــذا الـعـراقـي الخـصـيـبُ دمـــاومــــا يــــزال يــلالــي مــــلأه الأمــــلُ |
قـل لــي، ومـعـذرة ً، مــن أي مبهـمـة ٍأعصابُـك الـصـمُ قُــدت أيـهـا الـرجـلُ؟! |
مــا زلـــت تـؤمــن أن الأرض دائـــرة ٌوأن فـيـهـا كـرامــاً بـعــدُ مـــا رحـلــوا |
لقـد نـظـرت إلــى الدنـيـا، وكــان دمــييجـري.. وبـغـدادُ مــلءَ العـيـن تشتـعـلُ |
مـا كـان إلا دمـي يـجـري.. وأكـبـرُ مــاسمعتُهُ صيحة ً باسمي.. ومـا وصلـوا! |
وأنـت يـا سيـدي مــا زلــت تـومـئ لــيأن الـطـريــق بــهــذا الــجــبِّ يـتــصــلُ |
إذن فـبـاسـمـك أنـــــت الآن أسـألُــهــمإلـــى مـتــى هـــذه الأرحــــام تـقـتـتـل؟ |
إلـى مـتـى تـتـرعُ الأثــداء فــي وطـنـيقيـحـاً مـــن الأهـــل لـلأطـفـال ينـتـقـلُ؟ |
إلــى مـتـى يــا بـنـي عـمـي؟.. وثابـتـة ٌهـذي الديـارُ.. ومـا عــن أهلـهـا بَــدَلُ؟ |
بـلـى... لـقـد وجــد الأعـــرابُ منتَـسَـبـاًومـلــة ً مـلــة ً فــــي ديـنـهــا دخــلــوا! |
وقايضـوا أصلـهـم.. واستبـدلـوا دمـهـموسُــوّي الأمــر.. لا عـتـبٌ، ولا زعــلُ! |
الـحـمـد لله.. نـحــن الآن فـــي شُــغُــل ٍوعـنـدهــم وبــنــي أخـوالـهــم شُــغُــلُ! |
أنـــا لـنـسـأل هـــل كــانــت مـصـادفــة ًأن أشرعـت بيـن بيتـي أهلـنـا الأسَــلُ؟ |
أم أن بـيـتــاً تـنــاهــى فـــــي خـيـانـتــهلـحـدِّ أن صــار حـتـى الـخـوفُ يفتـعـلُ؟ |
وهـــا هـــو الآن يـسـتـعـدي شـريـكـتـهبـألـفِ عــذر ٍ بـلـمـح الـعـيـن تـرتـجـلُ! |
أمــا هـنـا يــا بـنـي عـمـي، فـقـد تعـبـتمـمـا تـحـن إلــى أعشـاشـهـا الـحَـجَـلُ! |
لـقـد غــدا كُـــلُ صـــوت فـــي منـازلـنـايبـكـي إذا لــم يـجـد أهــلاً لـهـم يـصــلُ! |
يـا أيـهـا العـالـم المسـعـورُ.. ألــفُ دم ٍوألــفُ طـفـل ٍ لـنـا فــي الـيـوم يـنـجـدل |
وأنــت تُحـكِـمُ طــوقَ الـمـوت مبتـهـجـاًمـن حـول أعناقهـم.. والمـوت منذهـلُ! |
ألـيــس فـيــك أبٌ؟.. أمّ ٌ يـصـيـح بــهــارضيعُهـا؟؟ طفـلـة ٌ تبـكـي؟ أخ ٌ وجِــلُ؟ |
يصـيـح رعـبـاً، فيـنـزوي مــن توجّـعـههـذا الضميـرُ الـذي أزرى بـه الشـلـل؟ |
يـا أيهـا العالـم المسعـورُ.. نـحـن هـنـابجُـرحـنـا، وعـلــى اســــم الله نـحـتـفـل |
لـكــي نـعـيـد لـهــذي الأرض بهـجَـتـهـاوأمـنَـهـا بـعـدمــا ألــــوى بــــه هُــبــلُ! |
وأنــت يـــا مـرفــأ الأوجـــاع أجمـعـهـاومعـقـلَ الصـبـر حـيـن الصـبـرُ يُعـتـقـلُ |
لأنـــهـــم مـــــــا رأوا إلاّك مـســبــعــةعـلـى الطـريـق إليـنـا حيـثـمـا دخـلــوا! |
لأنـــك الـفــارع الـعـمـلاقُ يــــا رجــــلُلأن أصـــدق قـــول فـيــك: يـــا رجـــلُ! |
يـقـودنــي ألــــفُ حــــب.. لا مـنـاسـبــةٌولا احـتـفــالٌ.. فــهــذي كـلـهــا عــلــلُ! |
لـكـي أنـاجـيـك يـــا أعـلــى شوامـخـهـاولــن أرددَ مـــا قـالــوا، ومـــا سـألــوا |
لـكـن سأستغـفـر التـاريـخَ إن جـرحــتأوجاعُـنـا فـيــه جـرحــاً لـيــس يـنـدمـل |
وسـوف أطـوي لـمـن يـأتـون صفحـتـههــــذي، ليـنـشـرهـا مسـتـنـفـر ٌ بــطــلُ |
إذا تــلاهـــا تــلاهـــا غــيـــرَ نـاقــصــةحرفـاً... وإذ ذاك يبـدو وجـهـك الـجَـذِلُ! |
يا سيدي؟؟ يا عراقَ الأرض.. يا وطنيوكـلـمــا قـلـتُـهـا تــغـــرورقُ الـمــقــل! |
حـتــى أغـــصّّ بـصـوتـي، ثـــم تطـلـقـههـــذي الأبـــوة فـــي عيـنـيـك والـنُـبُـلُ! |
يـا منجـمَ العمـر.. يــا بـدئـي وخاتمـتـيوخـيـرُ مـــا فـــي أنـــي فـيــك أكـتـهـلُ! |
أقول: هـا شيـبُ رأسـي.. هـل تكرمُنـيفأنتـهـي وهــو فــي شطـيـك منـسـدلُ؟! |
ويغـتـدي كـــلّ شـعــري فـيــك أجـنـحـةمـرفـرفـاتٍ عـلــى الأنــهــار تـغـتـسـلُ! |
وتغـتـدي أحـرفـي فــوق النـخـيـل لـهــاصـوتُ الحمائـم إن دمــع ٌ، وإن غَــزََلُ |
وحين أغفو... وهـذي الأرض تغمرُنـيبطـيـنـهـا... وعـظـامــي كـلُــهــا بــلـــل |
ستورق الأرضُ مـن فوقـي، وأسمعُهـالـهــا غـنــاءٌ عـلــى أشـجـارهـا ثــمــلُ |
يصـيـح بــي: أيـهـا الغـافـي هـنـا أبـــداًإن الـعــراق مـعـافـى أيــهــا الـجـمــلُ! |