القرآن الكريم هو أول كتاب يفرّق بين
أنواع المياه ويصنفها تصنيفاً علمياً، وفي هذه المقالة نكتشف كيف
تحدث القرآن عن ماء المطر وسمّاه بالماء الطهور،....
في هذا المقال سوف نرى بأن القرآن قد فرّق وميّز بين أنواع المياه
بدقة فائقة، وصنفها بما يتناسب مع درجة نقاوتها. فالقرآن يسمي الماء
العذب الذي نشربه من الأنهار والآبار بالماء الفرات ويسمي ماء البحر الذي
يحتوي على نسبة عالية من الملوحة بالماء الأجاج، وقد ثبُت علمياً
الفوارق الكبيرة بين هذه الأنواع، وهذا ما سنعيش معه الآن من خلال الفقرات
الآتية. ونود أن نشير إلى أن قطرة الماء الواحدة تحوي خمسة آلاف مليون
جزيء ماء!!! فكم تحوي بحار الدنيا؟
الماء الفرات
ولكن
هنالك صفة جديدة لهذا الماء يحدثنا عنها العلماء وهي أنه ماء يستطيع أن
يجدد الخلايا في الجسم بشكل أكبر من الماء العادي. أما علماء الطاقة
فيؤكدون أن ماء المطر يمتلك كمية أكبر من الطاقة، وهذا ما ينعكس إيجابياً
على الحالة النفسية للإنسان. لقد
سمّى الله تعالى ماء الأنهار والماء المختزن تحت الأرض والذي نشربه
بالماء الفرات، أي المستساغ الطعم، بينما سمّى ماء البحر بالأجاج للدلالة
على ملوحته الزائدة، وسمى ماء المطر بالماء الطهور، وبذلك يكون القرآن
أول كتاب يعطينا تصنيفاً علمياً للمياه. يقول تعالى: (وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا)
[المرسلات: 27]. فالماء الذي نشربه من الأنهار والينابيع والآبار ماء عذب
ومستساغ المذاق لأنه يحوي كمية من المعادن مثل الحديد الذي يجعل طعم
الماء حلواً. وهذا يناسبه كلمة (فُراتاً)،
و(الماء الفرات) في اللغة هو الماء المستساغ المذاق كما في المعاجم
اللغوية. بينما الماء النازل من السماء هو ماء مقطر يمتلك خصائص التعقيم
والتطهير وليس له طعم! لذلك وصفه البيان الإلهي بكلمة (طَهوراً). يقول تعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا) [الفرقان: 48].فالماء
عندما ينزل من السماء يكون طهوراً ثم يمتزج بالمعادن والأملاح في الأرض
ليصبح فراتاً. وحتى عندما يتحدث القرآن عن مياه الأنهار نجده يستخدم كلمة (فراتاً) ولا يستخدم كلمة (طَهوراً) لأن ماء النهر العذب يحتوي على كثير من المعادن المحلولة فيه، يقول تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ) [فاطر: 12].
| إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . |
الماء الأجاج
لقد استوقفني قوله تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ) [فاطر:12]. وتساءلتُ: لماذا أعطى الله تعالى لكل نوع من هذين النوعين صفتين: (عَذْبٌ فُرَاتٌ) – (مِلْحٌ أُجَاجٌ). فنحن نعلم بأن ماء النهر (عذب)، فلماذا أضاف الله صفة ثانية وهي (فرات)؟ وكذلك ماء البحر (ملح) فلماذا أضاف الله له صفة ثانية وهي (أجاج)؟ وفي الوقت نفسه وصف الله تعالى ماء المطر بصفة واحدة فقط وهي (طهوراً)، فهل هنالك تكرار في القرآن أم إعجاز؟لقد وجدتُ بأن علماء المياه عندما يتعاملون مع الماء لا يكتفون بإطلاق صفة العذوبة أو الملوحة على الماء. فكل المياه
التي نراها على الأرض سواء في الأنهار أو البحيرات أو مياه الآبار
جميعها تحوي أملاحاً بنسبة لا نكاد نشعر بها، ولكنها لا تغيب عن الله
تعالى وهو خالقها!لذلك جاء البيان الإلهي بصفة ثانية وهي (فرات) أي مستساغ المذاق بسبب انحلال بعض المعادن والغازات فيه والتي تعطي الماء طعمه المعروف. وبالمقابل نجد أن صفة (ملح) لا تكفي لوصف ماء البحر بشكل دقيق فأتبعها الله تعالى بصفة ثانية وهي (أجاج) أي زائد عن الحد، وهذه الكلمة من فعل (تأجّج) أي زاد وبالغ كما في معاجم اللغة العربية. ولكن هل تكفي صفة واحدة وهي (طهوراً) لوصف ماء المطر؟ نعم لأن ماء المطر كما رأينا هو ماء نقي ومقطر ولا طعم له أو رائحة، ولذلك تكفيه صفة واحدة.
ماء البحر هو الماء الأجاج، وفي اللغة الفعل
(أجَجَ) يعني زاد عن الحدّ، وهذا ما نجده في مياه البحر التي تحتوي على
درجة ملوحة زائدة. وصف الله تعالى ماء البحر بأنه (ملح أجاج)، لأن كلمة (ملح) لوحدها لا تكفي، فالمياه العذبة تحوي على نسبة من الملوحة، ولكننا لا نحس بها!وجه الإعجازويتجلى وجه الإعجاز في أن القرآن يستخدم كلمة (طَهوراً) مع الماء النازل من السماء لأنه ماء نقيّ، وهو ما يسميه العلماء بالماء المقطر ويعدّونه مادة مطهرة. بينما كلمة (فراتاً)لا
يستخدمها الله تعالى مع ماء السماء أبداً، بل مع الماء الذي نشربه. لأن
ماء الأنهار ليس نقياً مئة بالمئة، بل هنالك بعض الأملاح والمعادن المنحلة
فيه والتي تعطيه طعماً مستساغاً. ولو تأملنا حديث القرآن عن ماء البحر نجد كلمة (أجاج) للدلالة على الملوحة الزائدة فيه. والقرآن لا يكتفي بإطلاق صفة الملوحة على ماء البحر، أي لم يقل ربنا سبحانه (وهذا ملح) بل قال: (وهذا ملح أجاج).لأننا من الناحية العلمية إذا قلنا إن هذا الماء يحوي أملاحاً فإن هذا لا يعني شيئاً لأن كل المياه على الأرض فيها أملاح بنسبة أو أخرى، ولذلك يجب أن نحدد نسبة الملوحة فيه، وهذا ما فعله القرآن.يقول سبحانه وتعالى في محكم الذكر: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا)
[الفرقان: 48]. فقد تأملتُ هذه الآية طويلاً ووجدتها تتحدث بدقة عن
مواصفات ما يسميه العلماء بالماء المقطر. فقد اكتشف العلماء أن الماء الذي
نشربه يحتوي على الكثير من المواد والأحياء. فكأس الماء الذي نظنه نقياً
فيه ملايين الأحياء الدقيقة مثل البكتريا والفيروسات، وفيه مواد معدنية
مثل الحديد والنحاس والألمنيوم والصوديوم والمغنزيوم والكالسيوم، وفيه
أيضاً مواد عضوية مثل الكربون والتراب وغير ذلك... وكل هذا موجود فيما
نسميه ماء نقياً!
لقد اكتشف العلماء أيضاً أن هذا الماء يمكن تنقيته
بتسخينه حتى درجة الغليان أي 100 درجة مئوية، ثم جمع البخار وتكثيفه
وتبريده، والحصول على الماء المقطر الذي يكون نقياً لدرجة كبيرة. ويقولون
أيضاً إن أفضل أنواع الماء المقطر هو ماء المطر، ولكن قبل سقوطه على الأرض وتلوثه بالملوثات الموجودة في الهواء.لقد
أفرزت حضارة هذا العصر الكثير من التلوث، حتى إن سقوط المطر ينظف الجو
لأن ماء المطر وهو ماء مقطَّر يتميز بشراهته لامتصاص المواد، فيمتص من
الجو غاز الكبريت وغيره من المواد والمعادن مثل الرصاص السام، وهكذا يكون
طعم ماء المطر حامضياً. مع العلم أنه في الماضي كان ماء المطر نقياً لأن الجو لم يكن قد تلوث.عندما
ينزل ماء المطر على الأرض يتسرب عبر التربة وبين الصخور ويسلك مسارات
معقدة جداً، وخلال رحلته يمتزج ببعض المعادن والأملاح الموجودة في الصخور،
ويأخذ طعماً قلوياً شيئاً ما. ولذلك نجد أن طعم الماء المقطر غير مستساغ
لأنه عديم الطعم، بينما طعم ماء الينابيع يكون مستساغاً.يصرح
العلماء اليوم أن ماء المطر هو ماء مقطر، هذا الماء النقي له خصائص مطهرة
وهو مزيل ممتاز للأوساخ ويستطيع تطهير وتعقيم أي شيء. وقد صدق الله
تعالى عندما سمّى الماء النازل من السماء بالماء الطهور، وهي تسمية دقيقة
من الناحية العلمية: (وأنزلنا من السماء ماء طَهوراً).
| إضغط على هذا الشريط هنا لعرض الصورة بكامل حجمها . |
مواصفات ماء المطر