جاء
الإسلام فوضع لكل شيء منهاجاً وطريقة للتعامل وحدوداً، فالإسلام هو دين
العبادات والمعاملات على حد سواء، جمع بين الدين والدنيا، ويظهر لنا هذا
القول جلياً في القول المأثور « اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك
كأنك تموت غدا ».
وتهتم
الإدارة الإسلامية بكل العناصر التي تضمن العدل وتحقيق التوازن الطبيعي
بين كل مكونات الإدارة، ومن هذا المنطلق يكتب لنا الأستاذ الفاضل حمدي بن
حمزة الصريصري الجهني، كتابه الذي سماه « الإدارة الإسلامية الرشيدة »
والذي استخدم فيه الأسلوب المقارن بين مفاهيم الإدارة الإسلامية وكل من
مفاهيم الإدارة الغربية والإدارة اليابانية، وقع الكتاب في خمس مئة وثلاث
وسبعين صفحة، في صفحات من القطع المتوسط، وقد بين المؤلف سبب تأليفه للكتاب
حينما اطلع على التجربة اليابانية الثرية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية
الثانية، حيث اكتشف أن هناك أوجه شبه بين النظام الذي يتبعه اليابانيون في
مجال صنع القرارات وبين إحدى القيم الإسلامية التي جاء ذكرها في القرآن
الكريم، والتي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحرص على تطبيقها ويحث
المسلمين على الالتزام بها في تصريف شؤونهم، حيث وجد اليابانيين يطبقون
نظاماً في صنع القرارات يعتمد على التشاور بين القيادات والعاملين معهم،
مبيناً أن الكتاب استغرق من وقته ثماني سنوات، حيث بدأ بكتابة مادة الكتاب
في العام 1409هـ وأكمل جميع فصوله في العام 1417هـ، مؤكداً أن القرآن
الكريم والتطبيقات النبوية العظيمة قد جاءا بأدلة وبراهين ساطعة على تشريع
علم الإدارة البشرية وبصورة لم تستطع كل الحضارات الاتيان بمثله ولن
يستطيعوا مستقبلاً، حيث إن هذا العلم هو من لدن الله سبحانه وتعالى
وبمباركته.
تناول
المؤلف في الجزء الأول من كتابه بداية التطور التاريخي للنظريات المعاصرة،
ثم تحدث عن البحث المضني الذي قام به عن النظرية المثلى في الإدارة
الغربية، بعدها عدد المدارس الرئيسة لنظريات الإدارة الغربية حيث عدد منها
سبع نظريات هي النظرية التقليدية والنظرية التجريبية والمدرسة السلوكية
الإنسانية ومدرسة النظام الاجتماعي ومدرسة القرار والمدرسة الرياضية
والمدرسة المتعددة الأنظمة البحث عن نظرية موحدة، ثم تكلم عن المدرسة
اليابانية في الإدارة، والأعمدة الكبرى للإدارة اليابانية وأهم خصائص
المنهج الياباني في صنع القرار ونظام الإدارة اليابانية في صنع القرار.
وتناول
في الجزء الثاني الإدارة الإسلامية الرشيدة، ثم تحدث عن رسالة ومبادئ
وأخلاقيات وتطبيقات الإدارة الإسلامية الرشيدة، بعدها قارن بين مفاهيم
الإدارة الغربية والإدارة اليابانية، ثم تحدث عن رسالة الإدارة الإسلامية
الرشيدة، بعد ذلك تحدث عن أهداف ووسائل النظريات الإدارية المعاصرة في إطار
المقارنة، ثم عدد أسس ومفاهيم رسالة الإدارة الإسلامية الرشيدة والتي
تمثلت في وحدة الرسالة وتعدد المناهج، وحكمة (فلسفة) رسالة الإدارة
الإسلامية الرشيدة، والأسس والواجبات والشروط والمبادئ لدى الرسالة
الإسلامية الرشيدة، بعد ذلك تناول بالتعداد أركان رسالة الإدارة الإسلامية
الرشيدة حيث عددها في: الإيمان والعمل الصالح وإدارة الناس بالأخلاق
الكريمة واتباع منهج تدبير وصنع القرارات على أساس الشورى وأثر الإيمان في
رفع إنتاجية العمالة ورأس المال، ثم تحدث عن الإيمان بصفته يهدي لاتخاذ
المواقف والقرارات الرشيدة طارحاً بعض الأمثلة والنماذج، ثم تحدث عن العمل
الصالح وفقاً للمفهوم الغربي والمفهوم الإسلامي، والعوامل المؤثرة في صنع
العمل الصالح، وتأثير القول السديد في صنع العمل الصالح، والصفات القرآنية
الثلاث عشرة للقول السديد، والصفات الصالحة للقول السديد وفقاً للقرآن
الكريم، والصفات القرآنية الخمس للقول الفاسد، ثم عدد المؤلف مخرجات رسالة
الإدارة الإسلامية الرشيدة، ودور الدعم المتبادل بين مدخلات ومخرجات رسالة
الإدارة الإسلامية، والاستخلاف في الأرض وتمكين الدين والأمن والتحرر من
الخوف والحياة الطيبة والمنزلة الشهداء على الناس.
وتحدث
المؤلف في الباب الثاني عن منهج إدارة الناس بالأخلاق الكريمة، حيث تحدث
عن الخلفية التشريعية للمنهج ـ الآية المشرعة للمنهج، وسر الكلمة القرآنية
التي تكشف الغطاء عن أعظم منهجين في علم الإدارة، ودور معركة أحد في تفعيل
وتنقية وتشريع منهج إدارة الناس بالأخلاق ومنهج تدبير وصنع القرار بالشورى،
ثم عدد المؤلف الركائز الرئيسة لأركان منهجي الإدارة الإسلامية الرشيدة،
ومنهج إدارة الناس بالأخلاق الكريمة، ومكانة الأخلاق في الفكر الإداري
المعاصر، والقوى الأخلاقية لمنهج الإدارة الإسلامية الرشيدة، والصفات
الرئيسة لأخلاقيات الإدارة الإسلامية الرشيدة وتأثيرها في كفاءة الإدارة،
والنظريات السلوكية في الفكر الإداري الغربي والفكر الإداري الإسلامي.
وجاء
الفصل الأول من الباب الثالث ليتحدث عن منهج تدبير وصنع واتخاذ القرار وفق
التشريع الإسلامي في الإدارة، ثم سرد نبذة عن نظرية القرار في الإدارة
الغربية، بعدها عدد الركائز الأساس لمنهج الإدارة الإسلامية الرشيدة، ثم
تحدث عن سر وعظمة الكلمات القرآنية الخمس التي صنعت أكثر مناهج صنع القرار
كمالاً وتقدماً، مؤكداً على أن الأمر يعني القرار، ومتسائلاً ماذا يعني
تفسير كلمة الأمر بمعنى القرار، مورداً البراهين والأدلة القرآنية التي
تثبت أن كلمة الأمر تعني القرار، متحدثاً عن موقع كلمة الأمر في النظام
الإلهي في إدارة الكون وصنع قراراته، متناولاً معنى أولو الأمر وفقاً
لمفهوم كلمة الأمر بمعنى القرار، عارضاً النتائج المترتبة على تفسير مفهوم
أولي الأمر بمعنى أصحاب القرار، متحدثاً عن أثر تفسير مفهوم أولي الأمر
بمعنى أصحاب القرار على المفهوم السياسي، وأثر تفسير أولي الأمر بمعنى
أصحاب القرار في التنظيم والإدارة، ومبدأ أداة الأمانة إلى أهلها يعني
إسناد الأمر/ القرار إلى أهله، واصفاً مبدأ الطاعة بالمبدأ الإداري العظيم،
متحدثاً عن أبي بكر الصديق ومبدأ الطاعة في الإدارة: ريادة وتأصيل لثلاث
مبادئ إدارية مهمة، والتطور التاريخي لمناهج صنع القرار منذ عهد النبي موسى
عليه السلام حوالي العام (1390 ق.ب) وحتى نزول القرآن الكريم حوالي
العام(610م) بعد ذلك تحدث المؤلف عن منهج المشاركة في صنع القرار، ومنهج
الفتوى في صنع القرار، ومنهج الشورى في اتخاذ القرار، ومرحلة التوجيه
بإتباع المنهج، والحكمة من النزول المتدرج لهذه المناهج على الرسول صلى
الله عليه وسلم،ثم عرف الشورى، وتحدث عن آليات تدبير القرار، وأكد على أن
الشورى جزء من علم الإدارة، ثم أورد الأدلة والبراهين على الصبغة الإدارية
للشورى من القرآن الكريم والتطبيقات النبوية الكريمة، وتساءل لماذا ارتبطت
الشورى تاريخياً بالسياسة؟ وما الفرق بين الشورى والديمقراطية، بعد ذلك
تحدث عن نشوء وتطور الإدارة الغربية والديمقراطية، معدداً الركائز الأساس
لمنهج الإدارة الإسلامية الرشيدة في تدبير واتخاذ وتنفيذ القرارات، حاصراً
مراحل اتخاذ القرارات بستة استخلصها من تطبيقات المنهج في معركة أحد، ثم
تحدث عن تثبيت أهم مبادئ الشورى في تدبير واتخاذ القرارات، ومقومات منهج
تدبير القرارات بالشورى، متحدثاً عن مجال ونطاق تطبيق الشورى، متحدثاً عن
ماهية ودور صنع القرار لدى أهل الشورى، متناولاً القواعد والمعايير المحددة
لماهية اختيار أهل الشورى، وخصائص منهج الشورى في تدبير وصنع القرار،
وخاصية الدراسة والبحث والتحليل، وخاصية الشمول والعمومية، وخاصية تعدد
البدائل والحلول، والخاصية الإلزامية والإعلامية للشورى، ثم تناول الأساس
القرآني في تحديد متخذ القرار وعلاقته بأهل الشورى، والصفات والخصائص
الحسنة والسيئة للقرار « الأمر » كما هي مستخلصة من القرآن الكريم، والصفة
التي قررها القرآن الكريم قبل 1420هـ، واضعاً خلاصة لأهم خصائص ومقومات
وشروط القرار الشوري، وموضحاً الدعوة القرآنية لتصنيف القرارات وفقاً
لأهمية القضايا والقواعد والآداب القرآنية الحاكمة لمنفذي القرار الجامع.
بعد
ذلك تحدث عن مرحلة تجهيز الركائز الأساسية اللازمة لتنفيذ القرار
والتشريعات والمبادئ المستخلصة من أحداث معركة أحد، والعوامل المؤثرة في
نجاح مرحلة تنفيذ القرار، واستشارة المنفذين للقرار في عملية تدبير القرار،
وإعداد التجهيزات والظروف المناسبة لتنفيذ القرار، وأهمية تحلي المنفذين
للقرار بالأخلاق الطيبة في نجاح القرار، ثم طرح المقدمات والشروط اللازمة
لنجاح تقويم نتائج القرار، موضحاً بالرسم التوضيحي مراحل تدبير واتخاذ
وتنفيذ القرار.
وأورد
المؤلف في الباب الثالث الأساس التشريعي للنظام الأساسي للدولة والسلطتين
التشريعية والتنفيذية، ثم أورد لمحة عن النظام الغربي، والنظام الأساسي
للحكم والدستور الإسلامي، مستشهداً بأربع آيات قرآنية تشرع السلطات
التشريعية والتنفيذية والقضائية وتقرر مبدأ الفصل بين هذه السلطات، ثم تحدث
عن السلطة الشورية التشريعية الرشيدة، مورداً الدليل القرآني على تشريع
السلطة الشورية التشريعية، متناولاً الهياكل التنظيمية للسلطة الشورية
التشريعية متمثلة في مجالس الشورى، مؤكداً أن نظام الشورى الإسلامي يقرر
ويشرع مبدأ اللامركزية في الإدارة، متناولاً أهداف مجلس الشورى الوطني،
وبنيان مجالس الشورى في الدولة، ومسؤولية تقديم مشاريع القرارات للمجالس
الشورية التشريعية، ونظام التصويت على القرارات في المجالس الشورية
ودلالاته، والأساس والقواعد والآداب التي تحكم عملية المناقشات والتصويت،
مورداً خلاصة لأهم أسس نظام التصويت في المجالس الشورية، محذراً من خطورة
وعدم مشروعية البديل الوحيد كأساس لصنع القرار الشوري، معرفاً السلطة
التنفيذية الرشيدة.
وتناول
في الباب الثالث للفصل الثالث السلطة القضائية الشورية الرشيدة، والأساس
التشريعي للسلطة القضائية الشورية الرشيدة وفقاً للقرآن الكريم، ومقومات
ومبادئ السلطة القضائية العليا، ومنهج عمر بن الخطاب الأنموذج التطبيقي
لمبدأ فصل السلطات والتحكيم في المنازعات.
أما
في الباب الرابع فتناول المؤلف مبادئ الإدارة حيث تحدث عن وظائف الإدارة
وفق مفهوم الإدارة الإسلامية في إطار مقارن مع مفهوم الإدارة الغربية، كما
تحدث عن مبادئ الإدارة وفق الفكر الإداري الإسلامي والفكر الإداري الغربي،
ومبدأ وظيفة القيادة، والقيادة بمفهوم الفكر الغربي، والقيادة بمفهوم الفكر
الإسلامي في الإدارة، وأنماط القادة وفقاً لمفهوم الفكر الإسلامي في
الإدارة، ثم عدد خصائص ومقومات القائد الأخلاقي الشوري»القائد الراشد»
طارحاً عدة مبادئ كمبدأ تدبير وصنع القرار الرشيد، ومبدأ الإبداع الرشيد،
ومبدأ التخطيط الرشيد، ومبدأ التنظيم والتوظيف الرشيد، ومبدأ الاتصالات
الرشيدة، ومبدأ الرقابة الرشيدة، ومبدأ عون التابعين للقائد، ومبدأ
التيسير، ثم تحدث عن مبادئ التنظيم والرقابة، مستشهداً بنماذج لذلك كنماذج
أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب اللذين قدما نماذج يحتذى بها في تطبيق
المبادئ التنظيمية الرائدة، ونموذج عمر بن الخطاب في الرقابة، وخلاصة لأهم
مراحل وأسس الرقابة بمفهوم الإدارة الإسلامية الرشيدة، ومراقبة الجودة،
والأسباب الداعية لاعتبار التيسير من مبادئ الإدارة الرشيدة، ومفاهيم
رقابية مهمة، مختتماً الكتاب بملحق للآيات القرآنية التي تشتمل على كلمة «
الأمر» ومشتقاتها، وقد استقى المؤلف مادة الكتاب من خمسة وأربعين مصدراً ما
بين كتب عربية وأجنبية.