بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
:
يقول صلى الله عليه وسلم
( إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا من أحب))
حديث صحيح رواه الإمام أحمد.
والتوفيق معنا ه: أن يهيئ له أسباب
ما يرضيه سبحانه وتعالى، وما يوافق ما أراده من عبده، وهذا التوفيق أن
يكون هوى الإنسان تبعاً لما طلب منه شرعاً، فإذا كان الإنسان لا يرغب فيما
حرم الله عليه ويرغب فيما أوجب عليه فهو موفق.
وعليه فإذا أراد العبد أن يكون أعلاً لتوفيق الله فلا بد أن يعرف ما هي علامات توفيق الله للعبد ليحرص أن يكون من أصحابها وليضرب في كل علامة بسهم ،وليتشبه بأهلها إن التشبه بالكرام فلاحُ.
ومن تأمّل كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم وتدبّرهما حقّ التدبر يجد أن من علامات توفيق الله للعبد ما يلي:-
أولاً: التوفيق للعمل الصالح :
إن
أعظم ما يمكن أن يكون من علامات التوفيق هو التوفيق للعمل الصالح عمومًا
على اختلاف أنواعه بدنيا أو ماليًا أو قوليًا، والله عز وجل بيّن أن
الطاعة والتوفيق لها هو الفوز العظيم فقال سبحانه: (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
ثانيًا: العلم الشرعي
ثالثًا: التوفيق لنشر الخير والدعوة إلى الله وإصلاح الناس:
فإن هذه مهمة الأنبياء والرسل، وقد قال الله
عز وجل: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ
صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت:33].
رابعاً:الإخلاص وصدق النية وصلاحها :
قال تعالى في من يصلحوا بين الزوجين (إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما )..قيل الزوجين وقيل الحكمين .عندما أصلحا النية وأخلصا في الصلح وفق الله .
وقال (عز وجل) : [ أَفَمَن شَرَحَ اللَّه ُصَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ] [الزمر : 22]
فالموفق هو ذاك المخلص الذي أخلصه الله إليه فصدق مع ربه يريد مرضاته مكتفياً باطلاع الله
عليه ، فلا يلتفت إلى المخلوقين ليُعرِّض بنفسه أو بكلامه أو لحظات طرفه
أمامهم ليمدحوه أو ينال إعجابهم ، فهو يحذر من الرياء والسمعة والعجب
والإدلال بالعمل وغيرها من مفسدات الأعمال وموهنات القلوب .
والمخلص
هو الذي حفظه ربه (تعالى) فسلّمه من شر الالتفات إلى الناس والشكاية
إليهم ، والطمع فيما عندهم ، والخوف منهم ومداهنتهم ، والتملق لهم ، وطلب
رضاهم على حساب الحق ؛ فالإخلاص هو سر التوفيق وهو بوابة حيازة الخيرات
والقربات وقبولها من الله
الذي يحب المخلصين الذين باعوا أنفسهم وأوقاتهم وكل ما يملكون لربهم قال
تعالى : [ قُلْ إنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ
الدِّينَ ][الزمر : 11]
خامساً:التوكل على الله والإنابة إليه :
قال الله
(تعالى) عن شعيب (عليه الصلاة والسلام) : [ وَمَا تَوْفِيقِي إلاَّ
بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإلَيْهِ أُنِيبُ ] (هود : 88) ، فالتوفيق
منزلة عظيمة يهبها الله لمن أحب من عباده ،
سادساً:إرادة الآخرة :
]لموفق هو من صرف الله قلبه عن التعلق بالدنيا والطمع في جمعها والظفر بزينتها وشهواتها ، وأنزل الله بقلبه همّ الآخرة ، يعد أيامه وأنفاسه يريد ألا ينفقها إلا فيما يرضي الله والهاتف دائماً في قلبه : الرحيل .. الرحيل ،
قال الله ( تعالى ) :
[بَلْ تُؤْثِرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ] [الأعلى : 16 ، 17] ،
وهذا بخلاف المغبون الذي صرفته دنياه عن آخرته .
يقول صلى الله عليه وسلم: ( من كانت الآخرة همّه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرّق عليه شمله، ولم يأتِه من الدنيا إلا ما قُدِّر له)) وهو في صحيح الجامع (6561).
سابعاً: التوبة من المعاصي:
ومن
علامات التوفيق أن يوفق العبد للتوبة من الوقوع في المعاصي حتى لو تكرّرت
منه، أو يحال بينه وبين المعاصي فلا يستطيع أن يصل إليها، فإن هذا من
علامة التوفيق والسداد وإرادة الله
به خيرًا، كما قال جل وعلا: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ
وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً
عَظِيمًا) [النساء:27]، والله عز وجل يفرح بتوبة عبده، نسأل الله أن يمنّ علينا وعليكم بقبول توبتنا وأوبتنا إلى ربنا، وأن يحول بيننا وبين المعاصي وكل ما يبغض ربنا.
ثامناً:نفع الناس وقضاء حوائجهم:
ومن علامات التوفيق أن يوفّق العبد لنفع الناس وقضاء حوائجهم كما صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أحب الناس إلى الله أنفعهم)).
الموفق
هو ذلكم المحسن للآخرين العطوف عليهم الذي يقلقه شجون المصابين وأنات
المساكين والمشردين والمحرومين والمظلومين ، فهو يسعى بكل سبيل ليكفكف
عبراتهم ، ويضمد جراحهم ، ويمسح على رؤوسهم ليرد إليهم اعتبارهم وينفي
كربهم ويدخل السرور عليهم يوم نسيهم المسلمون وانشغلوا بأنفسهم وشهواتهم
وكماليات حياتهم .
تاسعاً:حب الطاعة وكره المعصية :
الموفق يفرح بطاعة الله
وذكره وشكره ويحب عمل الخير والصلاح بل يجد فيه متعته وراحته وكان أبو
سليمان الداراني يقول: أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم
ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا.
عاشراً: العناية بالقرآن تعلما وتعليما:
ومن علامات التوفيق أن يوفق العبد للعناية بكتاب الله تعلّما وتعليما، يقول صلى الله عليه وسلم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)). فهنيئًا لك يا من تدرس كتاب الله وتدرّسه ويا من تقرؤه كلّ يوم. وأنت يا من فرّطت في كتاب الله وتلاوته، تدارك نفسك فإن من علامة التوفيق أن توفّق لتلاوة كتاب الله حتى تحوز على هذه الخيرية والأجر العظيم.
الحادي عشر: القيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
ومنها
أيضا أن يوفق العبد للقيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما
قال جل وعلا: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل
عمران:110]، وقال سبحانه: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى
الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ
وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران:104]، فعلق سبحانه الفلاح
والتوفيق على من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وجعل الخيرية في هذه الأمة
لمن أمر ونهى، جعلنا الله وإياكم منهم.
الثاني عشر:الصحبة الصالحة :
من التوفيق أن يرزق العبد صحبة صالحة يعينونه على الطاعة ويحذرونه من المعصية ،
الثالث عشر:حسن الخلق وسلامة الصدر:
ومنها
أيضا أن يوفق العبد لكريم الخصال وحسن الأخلاق وسلامة الصدر ومحبة الخير
للمؤمنين كما جاء في الحديث: ((إن من خياركم أحاسنكم أخلاقًا)). وحسن
الخلق أثقل شيء في الميزان، وأ
ما سلامة الصدر من الغلّ والغشّ والحسد فهو من توفيق الله للعبد؛ لأنه من أسبابِ دخول الجنّة كما جاء في الحديث والرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).
الرابع عشر:الزوجة الصالحة :
ومن علامات التوفيق أن يرزق العبد زوجة صالحة تعينه على أمور دينه ودنيا ، وكم رأينا أناسا كانوا بعيدين عن الله فرزقوا نساء صالحات فغيرن حياتهم يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ((الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا الزوجة الصالحة)) رواه مسلم.
الخامس عشر: عدم تدخل الإنسان فيما لا يعنيه:
ومن التوفيق وعلاماته عدم تدخل الإنسان فيما لا يعنيه
السادس عشر: حسن عِشرة الإنسان لأهله:
فقد قال صلى الله
عليه وسلم : ((خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي))، فالعبد إذا قضى
حوائج أهله وقدّمها على الأصدقاء والأصحاب والأقارب كان موفّقًا مسدّدًا،
فحقّهم أولى وأوجب من غيرهم، فيجب عليك ـ أخي ـ أن تعطيَ لكلّ ذي حقّ حقه.
السابع عشر: السداد والصواب في الأقوال والأعمال والمواقف
الثامنة عشرة عشرة:الجهاد في سبيل الله :
التاسع عشر:الدعاء والتذلل بين يدي الله جل جلاله :
العارفون أجمعوا على أن كل خير أصله من توفيق الله للعبد ، وكل شر فأصله خذلانه لعبده . وأجمعوا أن التوفيق أن لا يكلك الله إلى نفسك ، وأن الخذلان هو أن يخلي بينك وبين نفسك.
فإذا كان كل خير ، فأصله التوفيق ، وهو بيد الله
لا بيد العبد ، فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق اللجوء والرغبة والرهبة
إليه ، فمتى أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له ، ومتى أضله عن
المفتاح بقي باب الخير مرتجاً دونه .
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : إني لا أحمل همّ الإجابة ، ولكن همّ الدعاء ، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه .
وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته في ذلك ، يكون توفيقه سبحانه وإعانته .
فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم وثباتهم ورغبتهم ورهبتهم ، والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك .
فالله سبحانه
أحكم الحاكمين ، وأعلم العالمين ، يضع التوفيق في مواضعه اللائقة به ،
والخذلان في مواضعه اللائقة به ، وهو العليم الحكيم .
وما أُتيَ من أُتيَ إلا من قِبَل إضاعة الشكر ، وإهمال الافتقار والدعاء .
ولا ظفِرَ من ظفر بمشيئة الله وعونه إلا بقيامه بالشكر ، وصدق الافتقار والدعاء .
وملاك ذلك الصبر ، فإنه من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فإذا قطع الرأس فلا بقاء للجسد.
العشرون محاسبة النفس
الحادي والعشرون:سلامة القلب واللسان:
الثاني والعشرون:كثرة الذكرلله
الثالث والعشرون:انظر فيم اقامك :
وإذا أردت أن تعرف ميزانك عند الله
فانظر في همك وشغلك هل هو لله أم لا ؟ وانظر فيم اقامك هل في خدمته ودعوة
خلقه إليه وعبادته وقد قيل : (إذا أردت أن تعرف قدرك عند السلطان فانظر
في أي الأعمال يوليك) .
الرابع والعشرون :الحزن لآلام الأمة وجراحاتها:
والموفق هو
الذي تحزنه آلام الأمة ويدمي قلبه ضياعُها وكثرة أعدائها المتربصين ، وهو
المحزون حينما يرى أهل الفسق يسقطون في الرذيلة وهم صادّون عن ربهم معرضون
عن سنة نبيهم ؛ لأنه يسوؤه أن يُعصى الله وتنتهك حرماته .
لماذا أغلق باب التوفيق عن بعض الناس
قال شقيق بن إبراهيم:
أغلق باب التوفيق عن الخلق من ستة أشياء :
1- اشتغالهم بالنعمة عن شكرها
2- ورغبتهم بالعلم وتركهم العمل .
3- المسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة
4- الاغترار بصحبة الصالحين وترك الاقتداء بأفعالهم.
5- إدبار الدنيا عنهم وهم يتبعونها .
6-إقبال الآخرة عليهم وهم معرضون عنها.
م.ق.و.ل
تحياتي لكم
ولا تنسوني من
الردود والدعاء