ومن الأدلة الشرعية أيضاً:
قال الحافظ نورد الدين الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد
باب ما يقول إذا انفلتت دابته أو أراد غوثا أو أضل شيئا.عن عتبة بن غزوان عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد عونا وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل: يا عباد الله أغيثوني فإن لله عبادا لا نراهم". وقد جرب ذلك.رواه الطبراني ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم إلا أن زيد بن علي لم يدرك عتبة.
وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: أعينوا عباد الله".
رواه البزار ورجاله ثقات. انتهى وحسنه الحافظ ابن حجر في أمالي الأذكار.
وقد جربه السلف وطبقوه وممن عمل بمقتضى هذا الحديث و احتج به الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
. فقد أخرج البيهقي (6/1287) عن عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول : حججت
خمس حجج ، اثنتين راكباً وثلاثة ماشياً ، أو ثلاثة راكباً واثنتين ماشياً ،
فضللت الطريق في حجة و كنت ماشياً ، فجعلت
أقول : يا عباد الله دلونا على الطريق ، فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق" .انتهى
وهكذا فعل السلف لأنهم يفهمون رحمهم الله الفرق بين الاستغاثة بقصد العبادة والاستغاثة السببية .
تطبيق السلف للأدلة السابقة:
حث السلف الصالح على ذلك كما في الأدب المفرد للحافظ البخاري وعمل اليوم
والليلة للحافظ ابن السني ،والدعاء للحافظ الطبراني ،وصحيح ابن خزيمة
ومستدرك الإمام الحاكم وغيرها.وكما تجده في كتاب الأذكار للإمام النووي
ونحو ذلك.
وعمل به السلف في عهد الخلفاء الراشدين والصحابة الكرام ثم في عهد التابعين ومن جاء بعدهم .وإليكم بعض النقول:
1_ محمد بن المنكدر في سير أعلام النبلاء (5/359): قال مصعب بن عبد الله
حدثني إسماعيل بن يعقوب التيمي قال كان ابن المنكدر يجلس مع أصحابه فكان
يصيبه صمات فكان يقوم كما هو حتى يضع خده على قبر النبي صلى الله عليه وسلم
ثم يرجع فعوتب في ذلك فقال إنه يصيبني خطر فإذا وجدت ذلك استعنت بقبر
النبي صلى الله عليه وسلم.انتهى
2_ قصة العتبي المشهورة وهي موجودة في تفسير القرطبي وغيره عند قوله تعالى " وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ "
قال الحافظ ابن كثير في التفسير : يرشد الله تعالى العصاة والمذنبين إذا
وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -
فيستغفروا الله عنده , ويسألوه أن يستغفر لهم , فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب
الله عليهم ورحمهم وغفر لهم ولهذا قال : " لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً
رَّحِيماً.انتهى
وقصة العتبي هي: حكى العتبى وهو تابعي جليل أنه قال : كنت جالساً عند قبر
النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عيك يا رسول الله يا
صفوة خلق الله أنت الذي أنزل عليك: {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك
فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباُ رحيماً} وقد ظلمت
نفسي، وها أنا قد أتيت أستغفر من ذنبي، اشفع لي إلى ربي، ثم أنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمـه فطاب من طيبهن القاع والأكـم
أنت الفـداء لقـبر أنت ساكنـه فيه العفاف ، وفيه الجود والكرم
أنت الحبيب الذي ترجى شفاعته عند الصراط إذا مازلت القدم
أنت البشير النذير المستضاء به وشافع الخلق إذ يغشاهم الندم
تخصهم بنعيم لا نفاد له والحور في جنة المأوى لهم خدم
تعطى الوسيلة يوم العرض مغتبطا عند المهيمن لما تحشر الأمم
والحوض قد خصك الله الكريم به يوماً عليه جميع الخلق تزدحم
تسقى لمن شئت يا خير الأنام وكم قوماً لعظم الشقا والبعد قد حرموا
صلى عليك إله العرش ما طلعت شمس النهار فغشت حندس الظلم
قال العتبى رحمه الله: ثم انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال: يا عتبى أدرك الأعرابي ، وبشره أن الله قد غفر له.
وهي مما استفاض عند الأمة، حتى لا تحتاج لسند
لاستفاضتها،وهو يدل على رضى نقلتها وهم حملة الشريعة المطهرة .ومنهم النووي
في الأذكار وابن قدامة في المغني وغيرهم من العلماء .
3_ ومنها ما ذكره الذهبي في تذكرة الحفاظ 3/973وفي السير 16/400في ترجمة
ابن المقرىء ما نصه:كان ابن المقرئ يقول: كنت أنا والطبراني، وأبو الشيخ _
ابن حيان _بالمدينة، فضاق بنا الوقت، فواصلنا ذلك اليوم، فلما كان وقت
العشاء حضرت القبر، وقلت: يا رسول الله الجوع . فقال لي الطبراني: اجلس،
فإما أن يكون الرزق أو الموت.
فقمت أنا وأبو الشيخ، فحضر الباب علوي، ففتحنا له، فإذا معه غلامان بقفتين
فيهما شئ كثير، وقال: شكوتموني إلى النبي صلى الله عليه وسلم ؟ رأيته في
النوم، فأمرني بحمل شئ إليكم.انتهى .
فهذا النوع من الاستغاثة هو من باب تعاطي الأسباب النافعة بإذن الله تعالى
الذي يفعله الناس و ليس بقصد العبادة كما يزعم الظالمون هدانا الله وإياهم
.والله يحفظنا وإياكم أجمعين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗


