بسم الله الرحمن
الرحيم
الحمد لله الذي
يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل الحمد لله مقلب الأحوال من حال إلى
حال الحمد لله المعز المذل الرافع الخافض القابض الباسط وأشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمد رسول الله القائل إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته صلى
الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، بلغ الرسالة و أدى الأمانة ،
ونصح الأمة فجزاه الله خير ما جزى نبي عن أمته
أما بعد ،،،
عباد الله:
اتقوا الله والزموا
كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ففيها الفوز والسعادة والراحة والاستقرار.
أيها المسلمون:
كلنا عالم بما حصل
ولا زال يحصل في هذه الأيام على مستوى عالمي من الانهيارات والخسائر الاقتصادية
التي حلت بتلك الدول العظمى والتي هي والله أشبه ما يكون بالإنذار من الله جل وعلا
لم لم يصبه ما أصابهم .
عباد الله:
هل وقفنا مع هذه
الحال وتأملنا كيف ولماذا حصل هذا الشيء ؟
هل تأملنا حال تلك
البنوك والمؤسسات الكبيرة العملاقة التي
تملك من المبالغ المالية مالا يحصيه العدد
يخطر ببال أحد إلا الله جل في علاه .
هل تأملنا تلك
الدول الغنية المتغطرسة كيف أصبحت تستغيث بمن يحل لها مشكلتها الاقتصادية وهي تملك
من العلماء والخبراء الاقتصاديين مالا يملكه غيرها .
أيها المسلمون :
إن حصل من الخسائر والانهيارات
وغلاء المعيشة وكثرة الأمراض المستعصية التي لا علاج لها وغير ذلك من الأمور التي
ينزعج منها الناس على المستوى العالمي كقلة الأمطار والمياه وشدة الحر وشدة البرد التي لا يطمئن إليها إلا
القلب المؤمن الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام ((عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛
إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له((. رواه مسلم.
إنما هي من
الابتلاءات التي يرسلها الله جل وعلا لعباده ليختبرهم ويميز بها الخبيث من الطيب وليعلمهم أنهم مهما بلغوا من
العلم والتطور والقوة والحضارة والمكانة
فهناك من هو أقوى وأعلم منهم جل وعلا وأن
عقولهم لن تغنيهم عن ربهم وخالقهم سبحانه : (( وفوق كل ذي علماً عليم)) .
أيها المسلمون :
هل نظرنا بقلوب
صادقة خالية من الشبه والشهوات والملذات إلى أسباب هذه الانهيارات
وتأملنا كيف حصل
هذا الشيء. نعم نظر الخبراء والاقتصاديون إلى هذا وعدوه من الأشياء الطبيعية التي
تحصل في العالم كما عدوه سابقه من الغلاء ومن الفيضانات ومن الزلازل والبراكين
نسبوا ذلك إلى الطبيعة ونسوا رب الطبيعة وخالقها وموجدها .
أما نحن معاشر المسلمين
فمؤمنون برب الطبيعة وخالقها وأن كل ما عليها يسير ويقتدي بأمره إذا فإذا أراد
الشيء فإنما يقول له كن فيكون فلا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات والارض مسير
الليل والنهار وموجد الأنهار والبحار وخالق الإنس والجان عالم ما كان وما يكون وما
سيكون .
عباد الرحمن:
دعونا نقف وقفة
صادقة مع أنفسنا متأملين حالنا وكيف أننا بَعُدْنا عن كتاب ربنا وسنة نبينا محمد
صلى الله عليه وسلم وأصبحنا نلهث وراء هالريال والدينار والدولار(( تعس عبد
الدينار وتعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة تعيس وانكس واذا شيك فلا
انتكش))
وكأنه سبب حياتنا
وبقائنا وأنه سبب مستقبلنا وتطورنا فأصبحنا نركض ورائه ونحن مغمضوا أعيننا
المهم الحصول عليه من أي طريق كان من حلال أو من حرام كما أخبر بذلك عليه الصلاة
والسلام ((ليأتين زمان على الناس لا يدري احدهم من اين اكتسب ماله أمن حلال أو من
حرام)). أو كما جاء عنه عليه الصلاة والسلام فتفشى عندنا الربا والمعاملات الربوية
والظلم وأكل الحقوق حتى أصبحت في عصرنا
لحمة النشاط الاقتصادي فهي المحاور الذي يدور حولها اقتصاد البلدان , فأصبح الربا
يتغلغل في حياتنا اليومية فلا يمكن الخلاص
منه لأن أغلب البنوك تتعامل بهذه الطريقة القبيحة والنهج الفاسد .
أيها المسلمون :
إن الربا من أعظم المحرمات
وهو من كبائر الذنوب فهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع كما أنه محرم في دين
الإسلام وغيره من الأديان كاليهودية والنصرانية فلم يباح في أي دين من الأديان أما
تحريمه من الكتاب قوله سبحانه وتعالى : (يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرّبَا أَضْعَافاً
مّضَاعَفَةً وَاتّقُواْ اللّهَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ) [سورة: آل عمران - الآية: 130
[ وقال (إن الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا
كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ
الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)) بين الله حال أكلين الربا المستحلين له بأنهم لا
يقومون من قبورهم إلا كما يقوم الذي صرعه الشيطان وتلبس به فهو كالمجنون يقوم
ويسقط
وما ذلك الا دليل
واضح على بشاعة فعلهم ودناءة, فقد لعن رسول صلى الله عليه وسلم صاحب هذا الفعل
فقال عليه الصلاة والسلام (( لعن الله أكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه)) وحذر منه
فقال ((كل رباً في الجاهلية موضوع بعد أن حرم أكل أموال الناس بالباطل : فقال ((
إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا
))
وقال عليه الصلاة
والسلام ((اجتنبوا السبع الموبقات ـ أي
المهلكات ـ قالو وماهن يا رسول الله قال الإشراك بالله وعقوق الوالدين وأكل الربا
وأكل مال اليتيم...)) وقد توعد الله فاعلة سوءً كان فرداً أو مجتمعاً بالحرب
والهلاك ومحق البركة في المال والولد قال تعالى (( يا أيها الذين أمنوا أتقوا الله
وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب ٍ من الله ورسوله
))
قال العلماء رحمه
الله لم يتوعد الله أحداً بالحرب والقال العلماء رحمه الله لم يتوعد الله أحداً
بالحرب والانتقام كما توعد أكل الربا
فلنتق الله ولندع
ما بقي ولنحذر ونحذر من الدخول إن لم ندخل
فالأمر ليس بالهين ولنتق الله في أموالنا وأولادنا وأهلنا فإننا مسؤولون عنهم أمام الله وسيخاصموننا أمام الله ولنتذكر أن الله سائلنا عن أموالنا من أين
اكتسبناها وفيما أنفقناها فما أموالنا إلا أمانة بأيدينا
نسأل الله السلامة
والعافية
فالربا كما أسلفنا حرام بكتاب الله وستة رسول الله صلى الله عليه
وسلم وإجماع الأمة ومن أحله أو شك في تحريمه فهو كافر لأنه مكذباً لله ورسوله صلى
الله عليه وسلم وهو محرماً أيضاً لما يشتمل
من الظلم وأكل اموال الناس بالباطل قال تعالى
)ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض
منكم
( ولما له من الآثار السيئة على الفرد والمجتمع
بأسره فضرره ليس مقتصر على صاحبه فحسب فهو سبب المشاكل في الحياه الزوجية لما يتصف
به صاحبه من ضيق الصدر والبخل والشح في النفقة وهو سبب العداوة والبغضاء والشحناء
بين افراد المجتمع وهو سبب التفكك والانحلال الحاصل في المجتمعات وهو سبب منع كل خير في المجتمع فلا تجد من يقرض
القرض الحسن أو من ينظر المعسر أو ينفس كرب المكروب قال عليه الصلاة والسلام ((من
نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة))قال تعالى
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان
(أقول ما سمعتم وأستغفر
الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو لغفور
رحيم .
الخطبة الثانية
أيها المسلمون :
لقد ابتليت الأمة
الإسلامية اليوم بأناس يتحايلون على الربا ويروجونه على أنه من التعاملات الشرعية
وأنها وفق الشريعة الإسلامية ويلمعونه
بالأسماء والشعارات الإسلامية البراقة والتي هم أبعد عن ذلك
)يخادعون الله والدين
آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون
( سواءً كانوا مؤسسات أو أفراد وربما حازوا على فتوى شرعية تجيز لهم
تلك التعاملات وهي كذلك كم حيث مسماها وعرضها لا من حيث تطبيقها على أرض الواقع
كمن يتعاملون بما يسمى التورق الإسلامي هو جائز كما أفتى به عدد من العلماء لكن بشرط
أن يكون الإنسان محتاجاً إلى ذلك وأن تكون السلعة مباحة وحاضرة يمكن امتلاكها لا
في مشارق الأرض أو مغاربها أو في السفن والموانئ وأن يكون البائع مالكاً لها وأن
لا يبيعها المشتري على البائع نفسه أو وكيله
أو أن يفوضه بالبيع بالنيابة كمن يفوضون البنوك ببيع السلع لهمفلنتفه في دين الله
قبل أن نقع ثم نبحث عمن ينقذنا مما وقعنا فيه فالعلم منتشر والعلماء موجودون
والخير باقي إلى يوم القيامة والحلال كثير
والحرام قليل فلنستغني ولنكتفي بما أحل الله
وإني من هذا المنبر
المبارك أوصى المسئولين في البنوك والمؤسسات الفردية والقائمين عليها بتقوى الله عز وجل وعدم التحايل على شرع
الله فإن هذه من عادة اليهود التي مقتوا
من أجلها وليعلموا أنهم غداً واقفون أمام الله ومسؤولون عن أعمالهم
اللهم ارزقنا العلم
النافع والعمل الصالح يا حي يا قيوم اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك