إخراج زكاة الفطر نقداً
السؤال
هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً بدلاً من الطعام ، وذلك لحاجة الناس الآن إلى النقد أكثر من الطعام ؟
الجواب
المجيب : أ.د. سعود بن عبدالله الفنيسان
إخراج القيمة في زكاة الفطر اختلف فيها العلماء على قولين :
الأول : المنع من ذلك . قال به الأئمة الثلاثة مالك ،
والشافعي ، وأحمد ، وقال به الظاهرية أيضاً ، واستدلوا بحديث عبد الله بن
عمر في الصحيحين " فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر ، أو صاعاً من بر
، أو صاعاً من شعير ،(وفي رواية أو صاعاً من أقط)، على الصغير والكبير من
المسلمين . ووجه استدلالهم من الحديث : لو كانت القيمة يجوز إخراجها في
زكاة الفطر لذكرها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولا يجوز تأخير البيان
عن وقت الحاجة ، وأيضاً نص في الحديث الآخر " أغنوهم في هذا اليوم"،
وقالوا: غنى الفقراء في هذا اليوم يوم العيد يكون فيما يأكلون حتى لا
يضطروا لسؤال الناس الطعام يوم العيد .
والقول الثاني : يجوز إخراج القيمة ( نقوداً أو غيرها ) في
زكاة الفطر ، قال به الإمام أبو حنيفة وأصحابه ، وقال به من التابعين سفيان
الثوري ، والحسن البصري ، والخليفة عمر ابن عبد العزيز ، وروي عن بعض
الصحابة كمعاوية بن أبي سفيان ، حيث قال : " إني لأرى مدين من سمراء الشام
تعدل صاعاً من تمر " ، وقال الحسن البصري : " لا بأس أن تعطى الدراهم في
صدقة الفطر " ، وكتب الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى عامله في البصرة : أن
يأخذ من أهل الديون من أعطياتهم من كل إنسان نصف درهم ، وذكر ابن المنذر في
كتابه (الأوسط) : إن الصحابة أجازوا إخراج نصف صاع من القمح ؛ لأنهم رأوه
معادلاً في القيمة للصاع من التمر ، أو الشعير .
ومما سبق يتبين أن الخلاف قديم وفي الأمر سعة ، فإخراج أحد
الأصناف المذكورة في الحديث يكون في حال ما إذا كان الفقير يسد حاجته
الطعام في ذلك اليوم يوم العيد ، وإخراج القيمة يجوز في حال ما إذا كانت
النقود أنفع للفقير كما هو الحال في معظم بلدان العالم اليوم ، ولعل حديث
رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " أغنوهم في هذا اليوم" ، يؤيد هذا القول
؛ لأن حاجة الفقير الآن لا تقتصر على الطعام فقط ، بل تتعداه إلى اللباس
ونحوه .. ، ولعل العلة في تعيين الأصناف المذكورة في الحديث ، هي: الحاجة
إلى الطعام والشراب وندرة النقود في ذلك العصر ،حيث كانت أغلب مبايعاتهم
بالمقايضة، وإذا كان الأمر كذلك فإن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً ،
فيجوز إخراج النقود في زكاة الفطر للحاجة القائمة والملموسة للفقير اليوم .
والله أعلم .