سنابل مشرفة
عدد المساهمات : 700 تاريخ التسجيل : 21/09/2010
| موضوع: الشوق الى بيت الله الحرام الأحد 21 أكتوبر - 23:38 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم الشوق الى بيت الله الحرام حينما تهل علينا أشهر الحج المباركة ونتذكر قول الله تعالى : " الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197) سورة البقرة , وتهفو القلوب وتشتاق الأرواح إلى تلك البقة الطاهرة الطيبة , ونعيش مع الخليل إبراهيم عليه السلام حينما دعا ربه فقال : " رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) سورة إبراهيم . حينها تنزل الدموع وتسكب العبرات ,وتتقطع النفوس شوقا إلى مغفرة رب البريات , عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَجَرَ ثُمَّ وَضَعَ شَفَتَيْهِ عَلَيْهِ يَبْكِى طَوِيلاً ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَبْكِى فَقَالَ « يَا عُمَرُ هَاهُنَا تُسْكَبُ الْعَبَرَاتُ. أخرجه ابن ماجه (2/982 ، رقم 2945) قال البوصيرى (3/193) : هذا إسناد ضعيف . والحاكم (1/624 ، رقم 1670) وقال : صحيح الإسناد . والبيهقى فى شعب الإيمان (3/456 ، رقم 4056) . وأخرجه أيضًا : عبد بن حميد (ص 245 ، رقم 760) ، وابن خزيمة (4/212 ، رقم 2712) . قال أحمد شوقي : إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يا خَيرَ زائِرٍ * * * عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ في عَرَفاتِ وَيَومَ تُوَلّى وُجهَةَ البَيتِ ناضِراً * * * وَسيمَ مَجالي البِشرِ وَالقَسَماتِ عَلى كُلِّ أُفقٍ بِالحِجازِ مَلائِكٌ * * * تَزُفُّ تَحايا اللَهِ وَالبَرَكاتِ لَكَ الدينُ يا رَبَّ الحَجيجِ جَمَعتَهُم * * * لِبَيتٍ طَهورِ الساحِ وَالعَرَصاتِ أَرى الناسَ أَصنافاً وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ * * * إِلَيكَ اِنتَهَوا مِن غُربَةٍ وَشَتاتِ تَساوَوا فَلا الأَنسابُ فيها تَفاوُتٌ * * * لَدَيكَ وَلا الأَقدارُ مُختَلِفاتِ وَيا رَبِّ هَل تُغني عَنِ العَبدِ حَجَّةٌ * * * وَفي العُمرِ ما فيهِ مِنَ الهَفَواتِ عن سهل بن سعد الساعدي , عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال: ما من ملب يلبي , إلا لبى ما عن يمينه وشماله , من حجر , أو شجر , أو مدر , حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هنا. أخرجه ابن ماجة (2921) والتِّرْمِذِيّ" 828 , انظر حديث رقم : 5770 في صحيح الجامع . كان السلطان أبو الفتح ملكشاه ابن السلطان ألب أرسلان صاحب لهو وصيد وغفلة .. صاد يوماً من الأيام صيداً كثيراً فبنى من حوافر الوحش وقرونها منارة ووقف يتأمل الحجاج وهم يقطعون أرض العراق يريدون البيت الحرام فرّق قلبه فنزل وسجد وعفر وجهه وبكى . قال الشاعر : تذكرت أيام الحجـيج فأَسْـبَلَتْ * * * جُـفُوني دماءً واستـجد بِيَ الوجدُ وأيامنا بالـمَشْـعَرَيْنِ التي مضـتْ * * * وبالخَيْفِ إذ حادي الرِّكابِ بنا يحدو فهل شممت عبيراً أزكى من غبار المحرمين؟. هل رأيت لباساً قط أجْملُ وأجَلُّ من لباس الحُجَاجِ والمعتمرين؟.هل رأيت رؤوساً أعزُّ وأكرمُ من رؤوس المحلقين والمقصرين؟.هل مرّ بك رَكْبٌ أشرف من رَكْبِ الطائفين؟.هل هزَّك نَغَمٌ أروع من تلبية الملبين وأنين التائبين , وتأوه الخاشعين ومناجاة المنكسرين؟. قال الإمام ابن القيم: أما والذي حج المحبون بيته *** ولبُّوا له عند المهلَّ وأحرموا وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعاً *** لِعِزَّةِ من تعنو الوجوه وتُسلمُ يُهلُّون بالبيداء لبيك ربَّنا *** لك الملك والحمد الذي أنت تعلمُ دعاهم فلبَّوه رضاً ومحبةً *** فلما دَعَوه كان أقرب منهم تراهم على الأنضاد شُعثاً رؤوسهم *** وغُبراً وهم فيها أسرُّ وأنعم وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة *** ولم يُثْنهم لذَّاتهم والتنعُّم يسيرون من أقطارها وفجاجِها *** رجالاً وركباناً ولله أسلموا ولما رأتْ أبصارُهم بيته الذي *** قلوبُ الورى شوقاً إليه تضرَّمُ كأنهم لم يَنْصَبوا قطُّ قبله *** لأنّ شقاهم قد تَرَحَّلَ عنهمُ فلله كم من عبرةٍ مهراقةٍ *** وأخرى على آثارها لا تقدمُ وقد شَرقَتْ عينُ المحبَّ بدمعِها *** فينظرُ من بين الدموع ويُسجمُ وراحوا إلى التعريف يرجونَ رحمة *** ومغفرةً ممن يجودَ ويكرمُ فلله ذاك الموقف الأعظم الذي *** كموقف يوم العرض بل ذاك أعظمُ ويدنو به الجبار جلَّ جلاله *** يُباهي بهم أملاكه فهو أكرمُ يقولُ عبادي قد أتوني محبةً *** وإني بهم برُّ أجود وأكرمُ فأشهدُكم أني غفرتُ ذنوبهم *** وأعطيتهم ما أمَّلوه وأنعمُ فبُشراكُم يا أهل ذا الموقف الذي *** به يغفرُ الله الذنوبَ ويرحمُ فكم من عتيق فيه كُمَّل عتقُه *** وآخر يستسعى وربُّكَ أكرمُ إن قصص المشتاقين إلى البيت العتيق لهي أبلغ الآيات وأحكم العظات على أن تلك البقعة المباركة قد حباها الله تعالى وخصها بما لم يخص بها غيرها ؛ حيث جعلها مستقراً للقلوب والأرواح وموئلاً للنفوس في حضرة الملك القدوس , حدثنا عبد المجيد بن أبي رواد ، عن أبيه ، أنه قال : « خرجنا من خراسان ومعنا امرأة ، فلما دخلت الحرم جعلت تقول : أين بيت ربي ؟ أين بيت ربي ؟ فقيل لها : الآن تأتين بيت ربك ، فلما دخلت المسجد قيل لها : هذا بيت ربك ، قال : فاستندت إلى البيت فوضعت خدها على البيت ، فما زالت تبكي حتى ماتت » أخبار مكة للفكهاني 1/244 . قال ابن الأمير الصنعاني : وما زال وفد الله يقصد مكة *** إلى أن بدا البيت العتيق وركناه فضجت ضيوف الله بالذكر والدعا *** وكبرت الحجاج حين رأيناه وقد كادت الأرواح تزهق فرحة *** لما نحن من عظم السرور وجدناه تصافحنا الأملاك من كان راكبا *** وتعتنق الماشي إذا تتلقاه وسالت دموع من غمام جفوننا *** على ما مضى من إثم ذنب كسبناه ونحن ضيوف الله جئنا لبيته *** نريد القرى نبغي من الله حسناه فيا نعمة لله لسنا بشكرها *** نقوم ولو ماء البحور مددناه وعن عبد العزيز بن أبي رواد قال: دخل قوم حجاج ومعهم امرأة تقول: أين بيت ربي؟ فيقولون: الساعة ترينه؛ فلما رأوه قالوا: هذا بيت ربك أما ترينه؟ فخرجت تشتد وتقول: بيت ربي!! بيت ربي!! حتى وضعت جبهتها على البيت؛ فوالله ما رفعت إلا ميتة. (صفة الصفوة 2/529). وقال وهيب بن الورد : « بينما امرأة في الطواف ذات يوم وهى تقول : يا رب ذهبت اللذات وبقيت التبعات يا رب سبحانك وعزتك إنك لأرحم الراحمين يا رب ما لك عقوبة إلا النار ، فقالت صاحبة لها كانت معها : يا أخية دخلت بيت ربك اليوم قالت : والله ما أرى هاتين القدمين وأشارت إلى قدميها أهلا للطواف حول بيت ربي فكيف أراهما أهلا أطأ بهما بيت ربي ؟ وقد علمت حيث مشتا وإلى أين مشتا ؟ » ابن أبي الدنيا : محاسبة النفس 43 . ذكروا في التاريخ العربي أن البرعي في حجه الأخير أخذ محمولا على جمل فلما قطع الصحراء مع الحج الشامي,وأصبح على بعد خمسين ميلاً من المدينة هب النسيم رطباً عليلاً معطرا برائحة الأماكن المقدسة فازداد شوقه للوصول لكن المرض أعاقه عن المأمول فأنشأ قصيدة لفظ مع آخر بيت منها نفسه الأخير .. يقول فيها: يَا رَاحِلِينَ إِلَى مِنًى بِقِيَادِي *** هَيَّجْتُمُو يَوْمَ الرَّحِيلِ فُؤَادِي سِرْتُمْ وَسَارَ دَلِيلُكُمْ يَا وَحْشَتِي *** الشَّوْقُ أَقْلَقَنِي وَصَوْتُ الْحَادِي وَحَرَمْتُمُو جَفْنِي الْمَنَامَ بِبُعْدِكُمْ *** يَا سَاكِنِينَ الْمُنْحَنَى وَالْوَادِي وَيَلُوحُ لِي مَا بَيْنَ زَمْزَمَ وَالصَّفَا *** عِنْدَ الْمَقَامِ سَمِعْتُ صَوْتَ مُنَادِ وَيَقُولُ لِي يَا نَائِمًا جِدَّ السُّرَى *** عَرَفَاتُ تَجْلُو كُلَّ قَلْبٍ صَادِ مَنْ نَالَ مِنْ عَرَفَاتِ نَظْرَةَ سَاعَةٍ *** نَالَ السُّرُورَ وَنَالَ كُلَّ مُرَادِ تَاللَّهِ مَا أَحْلَى الْمَبِيتَ عَلَى مِنًى *** فِي لَيْلِ عِيدٍ أَبْرَكِ الأَعْيَادِ ضَحَّوْا ضَحَايَا ثُمَّ سَالَ دِمَاؤُهَا *** وَأَنَا الْمُتَيَّمُ قَدْ نَحَرْتُ فُؤَادِي لَبِسُوا ثِيَابَ الْبِيضِ شَارَاتِ اللِّقَاءِ *** وَأَنَا الْمُلَوَّعُ قَدْ لَبِسْتُ سَوَادِي يَا رَبِّ أَنْتَ وَصَلْتَهُمْ صِلْنِي بِهِمْ *** فَبِحَقِّهِمْ يَا رَبِّ فُكَّ قِيَادِي فَإِذَا وَصَلْتُمْ سَالِمِينَ فَبَلِّغُوا مِنِّي *** السَّلامَ أُهَيْلَ ذَاكَ الْوَادِي قُولُوا لَهُمْ عَبْدُالرَّحِيمِ مُتَيَّمٌ *** وَمُفَارِقُ الأَحْبَابِ وَالأَوْلادِ صَلَّى عَلَيْكَ اللَّهُ يَا عَلَمَ الْهُدَى *** مَا سَارَ رَكْبٌ أَوْ تَرَنَّمَ حَادِ اللهم تقبل منا صالح أعمالنا ودعاءنا , وارزقنا حجة لبيتك الحرام , وارزقنا رؤية وجهك الكريم. | |
|
سنابل مشرفة
عدد المساهمات : 700 تاريخ التسجيل : 21/09/2010
| موضوع: رد: الشوق الى بيت الله الحرام الأحد 21 أكتوبر - 23:39 | |
| ما سر انجذاب القلوب إلى بيت الله الحرام ؟ لماذا كلما زاره العبد ازداد له شوقاً و به تعلقاً و عليه إقبالاً ؟ لقد صدق من وصفه بمغناطيس القلوب فما سر هذه الأشواق ؟ تعالوا معنا نتعرف على إجابة هذا السؤال و نتعرف على بعض القصص و الأخبار عن شوق الصالحين و الأخيار لبيت اله الحرام يقول الله تعالى : { وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ }البقرة125 و َمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } قال ابن القيم رحمه الله معلقاً على هذه الآية : ولو لم يكن له شرف إلا إضافته إياه إلى نفسه بقوله { وطهر بيتي } لكفى بهذه الإضافة فضلا وشرفا، وهذه الإضافة هي التي أقبلت بقلوب العالمين إليه، وسلبت نفوسهم حباً له وشوقاً إلى رؤيته، فهو المثابة للمحبين يثوبون إليه ولا يقضون منه وطرا أبدا، كلما ازدادوا له زيارة ازدادوا له حبا وإليه اشتياقا، فلا الوصال يشفيهم ولا البعاد يسليهم، كما قيل:
أطوف به والنفس بعد مشوقة ... إليه وهل بعد الطواف تداني وألثم منه الركن أطلب برد ما ... بقلبي من شوق ومن هيمان فو الله ما أزداد إلا صبابة ... ولا القلب إلا كثرة الخفقان فيا جنة المأوى ويا غاية المنى ... ويا منيتي من دون كل أمان أبت غلبات الشوق إلا تقرباً ... إليك فما لي بالبعاد يدان وما كان صدي عنك صد ملالة ... ولي شاهد من مقلتي ولساني دعوت اصطباري عند بعدك والبكا ... فلبى البكا والصبر عنك عصاني وهذا محب قاده الشوق والهوى ... بغير زمام قائد وعنان أتاك على بعد المزار ولو ونت ... مطيته جاءت به القدمان
بدائع الفوائد 2/281) أذن إبراهيم في الناس بالحج فأجابوا , ودعاهم فلبوا ... جاءوا إليه رجالاً على أرجلهم , وركبانا على كل ضامر, جاءوا للحج من كل فج , الشوق يحدوهم , والرغبة تسوقهم .. فهل مرَّ بك ركب أشرف من ركب الطائفيين , وهل شممت عبيراً أزكى من غبار المحرمين , وهل هزَّك نغم أروع من تلبية الملبين ... لقد كان شوق السلف الصالح للبيت - مع بعد الشقة, وصعوبة الترحال, وقلة الظهر, وشدة الحال – شيئاً لا يوصف يصدق عليهم قول القائل :
هتف المنادي فانطلق يا حادي ***** و ارفق بنا إن القلوب صــوادي تتجاذب الأشواق وجد نفوسنا ***** ما بين خاف في الضلوع و باد و تسافر الأحلام في أرواحنا ***** سفراً يجوب مفاوز الآماد و نطوف آفاق البلاد فأين في ***** تطوافنا تبقى حروف بلاد هتف المنادي فاستجب لندائه ***** و امنحه وجدان المحب 00و ناد لبيك 00 فاح الكون من نفحاتها ***** و تعطَّرت منها ربوع الوادي لبيك 00 فاض الوجد في قسماتها ***** و تناثرت فيها طيوف وداد لبيك 00فاتحة الرحيل و صحبه ***** هلا سمعت هناك شدوا الشادي هذا الرحيل إلى ربوع لم تزل ***** تهدي إلى الدنيا براعة هاد هذا المسير إلى مشاعر لم تزل ***** تذكي المشاعر روعة الإنشاد
إنه الشوق إلى أرض الرحمات إنه الشوق إلى أرض العطايا و الهبات فحق للنفوس أن تتوق و حق للأرواح أن تحلق أملاً في الوصال , فخذ من خبرهم ما يبعث فيك الرغبة , ويحرك في قلبك الشوق تعال معي نستعرض بعض حديث الأشواق :
1) ذكر بعض أهل السير أن شقيق البلخي أبصر في طريق الحج مقعداً يتكأ على إليته يمشي حيناً و يضعن حيناً يرتاح حيناً و يمشي أخرى كأنه من أصحاب القبور مما أصابه من وعثاء السفر و كآبة المنظر قال له شقيق يا هذا أين تريد قال أريد بيت الله العتيق قال من أين أتيت ؟ قال من وراء النهر قال كم لك في الطريق ؟ فذكر أعواماً تربوا على عشر سنين قال فنظرت إليه متعجباً قال يا هذا مما تتعجب قال أتعجب من بعد سفرك و ضعف مهجتك قال أما بعد سفري فالشوق يقربه و أما ضعف مهجتي فالله يحملها يا شقيق أتعجب ممن يحمله اللطيف الخبير إذا شاء.
2) قدم ابن جريج وافدا على معن بن زائدة لدين لحقه فأقام عنده إلى عاشر ذي القعدة فمر بقوم تغني لهم جارية بشعر أمية بن ربيعة :
هيهات من أمةِ الوهاب منزلنا إذا حللنا بسيف البحر من عدن و احتل أهلك أجياداً فليس لنا إلا التذكر أو حظ من الحزن تالله قولي له في غير معتبة ما ذا أردت بطول المكث في اليمن إن كنت حاولت دنيا أو ظفرت بها فما أصبت بترك الحج من ثمنِ
قال فبكى ابن جريج و انتحب و أصبح إلى معن و قال : إن أردت بي خيراً فردني إلى مكة و لست أريد منك شيئاً قال : فاستأجر له أدلاء و أعطاه خمسمائة دينار و دفع إليه ألفاً و خمسمائة فوافى الناس يوم عرفة .
3) • حج الشبلي, فلما وصل إلى مكة جعل يقول: أبطحاء مكة هذا الذي أراه عياناً وهذا أنا ؟! ثم غشي عليه , فأفاق وهو يقول : هذه دارهم وأنت محب ما بقاء الدموع في الآماق .
4) عن عبد العزيز بن أبي روّاد قال : دخل مكة قومٌ حجاج ومعهم امرأة وهي تقول : أين بيت ربي ؟ فيقولون: الساعة ترينه . فلما رأوه قالوا : هذا بيت ربك, أما ترينه ؟ فخرجت تشتد وتقول: بيت ربي, بيت ربي, حتى وضعت جبهتها على البيت . فوالله ما رفعت إلا ميتة .
5) خرجت أم أيمن بنت علي - امرأة أبي علي الروذباري - من مصر وقت خروج الحاج إلى الصحراء والجِمال تمر بها وهي تبكي وتقول : وا ضعفاه , وتنشد على إثر قولها :
فقلت : دعوني واتباعي ركابكم *** أكن طوع أيديكم كما يفعل العبد وما بال زعمي لا يهون عليهم *** وقد علموا أن ليس لي منهم بد
وتقول : هذه حسرة من انقطع عن البيت , فكيف تكون حسرة من انقطع عن رب البيت .
5) كان السلطان أبو الفتح ملكشاه ابن السلطان ألب أرسلان صاحب لهو وصيد وغفلة .. صاد يوماً من الأيام صيداً كثيراً فبنى من حوافر الوحش وقرونها منارة ووقف يتأمل الحجاج وهم يقطعون أرض العراق يريدون البيت الحرام فرّق قلبه فنزل وسجد وعفر وجهه وبكى .... لقد رق قلبه لما رأى الحجيج يجوزون من حوله, كيف لو كان معهم ؟! كيف لو جللّته ثياب الإحرام ؟ كيف لو عاين بيت الحرام ... ؟!! وإذا كان التاريخ قد حفظ لنا ثلة من الآخرين, قد تقطعت قلوبهم شوقاً للبيت ورغبة في الحج, ففي الآخرين ثلة أيضا, لم تلههم تجارة , ولم تفتنهم حضارة , فسبحان من يلقي الشوق والرغبة في قلب من شاء ..
6) قال الشيخ إبراهيم الدويِّش : ذكر لي أحد الثقات العاملين على استقبال الحجاج في مدينة جدة أن طائرة تحمل حجاجاً من إحدى الدول الآسيوية وصلت في ثلث الليل الأخير أحدى الأيام. قال: كان أول الوفد نزولاً امرأة كبيرة السن فما أن وطئت قدماها الأرض إلا وخرَّت ساجدة . قال: فأطالت السجود كثيراً حتى وقع في نفسي خوف عليها. قال: فلما اقتربنا منها وحركناها فإذا هي جثة هامدة . فعجبت من أمرها وتأثرت بحالها فسألت عنها فقالوا : منذ ثلاثين سنة وهي تجمع المال درهماً درهماً لتحج إلى بيت الله الحرام.
7) ذكر الشيخ عبد الكريم الخضير أن رجلاً من مدينة الرياض كان صائماً يوم عرفة فأبصر عبر الشاشة الجموع تتحرك إلى ربوع عرفة فحركه الشوق و غالبته الدمعة و حنَّ إلى تلك المشاعر فطلب من ابنه أن يلحقه بهم فتحرك من مدينة الرياض و أدرك الحجيج بعرفة كأني يبعث بالأشواق قائلاً :
خذوني خذوني إلى المسجد *** خذوني إلى الحجر الأسود خذوني إلى زمزم علَّها *** تبرد من جوفيَ الموقد دعوني أحط على بابه *** ثقال الدموع وأستنفد فإن أحيا أحيا على لطفه *** وإن يأتني الموت أستشهد
8/ هذا رجل يبصر قوافل الحجيج فتعبث به الأشواق و تعتريه الهموم و الأحزان فأي مشهد يبعث الحزن للقاعدين عن الوفود إلى بيت الله كمشهد قوافل الحجيج بحدائها الشجي و بمنظرها البهي فحق للقلوب أن تحزن و حق للجفون أن تعاف الغمض وحق للعيون أن تذرف الدمع أسفاً على فوت الرحيل إلى أرض الحجيج فلم يمك صاحبنا إلا أن يرسل لتلك القوافل :
يا راحلين إلى منى بقيادي هيجتموا يوم الرحيل فؤادي سرتم و سار دليلكم ياوحشتي الشوق أقلقني و صوت الحادي حرمتموا جفني المنام ببعدكم ياساكنين المنحنى و الوادي و يلوح لي ما بين زمزم و الصفا عند المقام سمعت صوت منادي و يقول لي يانائم جد السُرى عرفات تجلوا كل قلب صادي من نال من عرفات نظرة ساعة نال السرور و نال كل مرادي تالله ما أحلى المبيت على منى في ليل عيد أبرك الأعيادي ضحوا ضحاياهم و سال دماؤها و أنا المتيم قد نحرت فؤادي لبسوا ثياب البيض شارات الرضا و أنا الملوع قد لبست سوادي
فلله ما أعظم خبر النفوس الراغبة, والقلوب الطاهرة, ولم لا يعظم الشوق فيها, وتعظم الرغبة عندها :والأجر عظيم, والرب كريم .. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مـا أهل مهل قط ولا كبر مكبر قط إلا بشر بالجنة) . وعنه صلى الله عليه وسلم من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) .وعن ابن عمر رضي الله عنه عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك، يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنك بها سيئة. وأما وقوفك بعرفة، إن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا، فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي، جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ويخافون عذابي ولم يروني، فكيف لو رأوني؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج- أي متراكم- أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك. وأما رميك الجمار فإنه مدخور لك. وأما حلقك رأسك، فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة. فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك " الطبراني وحسنه ا لألباني. أسال العلي العظيم الواحد الأحد الحي القيوم أن يرزقنا الوفود إلى بيته الحرام و يجعلنا من المقبولين بمنه و كرمه . | |
|
سنابل مشرفة
عدد المساهمات : 700 تاريخ التسجيل : 21/09/2010
| موضوع: رد: الشوق الى بيت الله الحرام الأحد 21 أكتوبر - 23:41 | |
| هيم القلوب والأرواح في هذه الأيام إلى مهبط الرحمات الذي جهزه لنا الملك العلام فكلنا يود أن يذهب إلى تلك الأماكن ويملأنا الشوق ويعاودنا الحنين حتى أن بعضنا من شدة شوقهم إذا ناموا يرون أنفسهم في تلك البقاع يطوفون أو يسعون أو يقفون لأن الجميع يشتاق إلى بيت الله وقد ذكرني ذلك بقول سيدنا عبد الله بن عمر عندما كان يحج ذات مرة وأخذ يزاحم على الحجر حتى دمى وجهه وحتى تورمت أصداغه فقال له بعض من حوله: يا عبد الله لم هذه المزاحمة وقد أغناك الله عن هذا ونهى رسول الله عن شدة المزاحمة؟ ماذا قال؟ قال: هويت إليه القلوب فأحببت أن يكون فؤادي معهم أى هذا المكان اشتاقت إليه القلوب فوددت أن يكون قلبي معهم بين يدي مقلب القلوب هذا حال المؤمنين ممن اختارهم الله لزيارته كلهم شوق وحنين وحب وأنين خاصة من أسمعه الله نداءه على لسان الخليل فقلبه مملوء بالشوق وفؤاده لا يستقر في مكانه لأنه هائم هيام دائم في بيت الله لماذا هذا الحنين؟ ولماذا هذا الشوق؟ هذا لأن الله يقول{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلله عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً }إن أول بيت وضع للناس في الأرض هذا البيت كيف تم ذلك؟عندما أهبط الله آدم ونزل في سرنديب في بلاد الهند ونزلت الجدة حواء في جدة وسميت بهذا الاسم لأنها هبطت بها وأخذ يدعو الله ويستغيث بالله كما تقول إحدى الروايات ثلاثمائة عام وهو يبكي أسفاً على ما فرط في جنب الله وعلى النعيم والمقام الكريم الذي حرم منه بعد أن أهبط إلى الأرض وفي هذا الندم والأسف نزل عليه الأمين جبريل ووجهه إلى هذا البيت الكريم وقال له يا آدم اذهب إلى البيت وطف حوله يغفر الله لك فجاء آدم من بلاد الهند ماشياً غير أن الله بقدرته كان يطوي له الأرض حتى وصل إلى البيت وكان البيت ليس كهيئته هذه وإنما صخور مرتفعة بناها الملائكة فطاف حوله وهو أول من طاف بالبيت من البشر وإن كان البيت لا يخلو من طائف في لحظة من ليل أو نهار فقد ورد في الأثر: { لا يخلو هذا البيت من ستمائة ألف يطوفون به كل يوم وليلة فإذا لم يتموا العدد من البشر أتمه الله من الملائكة}هذا المكان منذ أن خلقه الله وهو مكان للرحمات ومهبط للبركات يذهب الخطايا ويأتي بالفضل من الله للزائرين وللسائلين وللعاكفين وللركع السجود هذا البيت في أي بلد؟ {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً}لمَ لم يقل الله مكة؟ هي مكة وبكة وأم القرى وهي البيت الحرام. وقال الله بكة لأن الله آلى على نفسه أن يبك (يدق) أعناق الجبابرة الذين تسول لهم أنفسهم أن يعتدوا على حرمة البيت. فهي بكة لأنها تبك (تدق) أعناق الجبارين الذين يريدون أن يؤذوا الطائفين والعاكفين ببيت رب العالمين وإذا كانت الحيوانات والطيور تتأدب مع بيت الله كأنها فهمت قول الله {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً}وأخذت على نفسها العهد ألا تؤذي أحد من أجناسها فقبل الإسلام ولم يكن للبيت سور يحيط به ولا أبواب تغلق فكانت الحيوانات المتوحشة يجري بعضها إثر بعض ليقتنص فريسته فإذا جرت الفريسة ودخلت حدود الحرم وقف الوحش بدون حراك كأنه يعلم أن هذا حرم وأن هذا مكان آمن وأنتم تحفظون جميعاً قصة فيل أبرهة عندما كانوا يوجهوه جهة الشام فيمشي وجهة اليمن يمشي أما جهة البيت فيصرخ فيحمو الأسياخ في النار وينخسونه بها فلا يتحرك لأنه يعلم شدة عقاب الله لمن يجترئ على ساحة فضل حرم الله حتى أن الحيات وهي العدو اللدود للإنسان لا تؤذي إنساناً في الحرم ولا تروع إنساناً في البلد الأمين والطيور كذلك تقف على المصلين وتطير ذات اليمين وذات الشمال ولكنها تطوف كما أمر الله المؤمنين بالبيت لو نظرت إليها لا تجد طائراً يعلو البيت الحرام إلا إذا كان به مرض فالحمامة التي تمرض يلهمها الله أن شفائها في الوقوف على ظهر البيت للحظات فتصعد على ظهر البيت وتقف عليه للحظات فتشفى بأمر الشافي أما الحمامة السليمة فإنها تطوف حوله كما يفعل المؤمنون وكما تفعل الملائكة وكما فعل النبيون والمرسلون أجمعون والكل ينفذ أمر رب العالمين{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}لابد أن يطوفوا بهذا البيت ولذا عندما ذهب أسعد الحميري بثلاث مائة ألف من جنده إلى البيت وقد كان سبق له الهداية من رب العالمين. صدَّه الله عن البيت مع كثرة عدد جنده فما كان منه إلا أن نطق بالإسلام وطاف بالبيت وكساه الديباج والحرير فكان أول من كسا البيت بعد أن كان زاهداً في هذا البيت لأن الله تعهد ببكة أن تبك كل جبار يحاول أن يعتدي على البيت حتى أن الحجاج عندما حاصر ابن الزبير وأمر جنوده أن يقفوا على جبل أبي قبيس في مواجهة الكعبة ويضربوه بالمنجانيق[وهي آلة كالمدفع إلا إنها تقذف قذائف مصنوعة من القماش وفي وسطها البارود وإذا نزلت تعمل حرائق كبيرة]فأطلق المنجانيق على البيت وأشتعلت النيران وإذا بسحابة تأتي من جهة جدة على قدر البيت فتقف قبالة البيت وتنزل الماء فتطفئ النار التي أشتعلت في كسوة البيت ثم تأتي صاعقة فتخطف الثلاثين رجلاً الذين قذفوا هذا البيت وتنهي حياتهم في لمحة ولكنه من شدة جبروته جاء بآخرين وقال لهم: لا يهولنكم الأمر أي لا تخافون فإنها أرض صواعق فجاءت سحابة أخرى فاختطفتهم أجمعين فرجع عن كيده للبيت بعد أن يئس منه لأنه علم أن الله يحفظه بحفظه ويكلؤه بكلاءته{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} ولكي نعرف الفرق بينه وبين المسجد الأقصى عندما تحدث الله عن الأقصى جعل البركة حوله {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}والبركة حوله في الأنبياء الذين كانوا حوله والصالحين الذين كانوا حوله ولكنه عندما تحدث عن هذا البيت قال {مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ }هو في ذاته مبارك وهو في ذاته هدى للعالمين لأنه لا يذهب إليه إنسان إلا وتحيطه بركة الحنان المنان فلو ذهب إليه تائب يتوب الله عليه ولو أتاه سائل يجيب الله له كل المسائل ولو ذهب إليه راج يحقق الله له كل رجاءه ولو ذهب إليه عابد يرجع بعبادة لا عد لها ولا حصر لها يكفي أن كل صالحة فيه تعدل مائة ألف فيما سواه، الركعة فيه بمائة ألف ركعة فيما سواه، والتسبيحة فيه بمائة ألف تسبيحة فيما سواه والصدقة فيه بمائة ألف صدقة فيما سواه حتى قال العلماء: لو صلى رجل صلاة واحدة جماعة في بيت الله الحرام كانت أفضل في الأجر والثواب له من أنه لو عاش عمر نوح في بلده يعبد الله قيل له: وكيف ذلك؟ قال: الصلاة الواحدة بمائة ألف صلاة وصلاة الجماعة تزيد على صلاة الفرد بسبعة وعشرين درجة فحاصل ضرب المائة ألف في سبعة وعشرين يكون رقم كبير وعمل كثير لا يستطيع الإنسان أن يقضيه هنا ولو أعطاه الله عمر نوح uهذا البيت يقول فيه r{يُنَزِّلُ اللَّهُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى حُجَّاجِ بَيْتِهِ الْحَرَامِ عِشْرِينَ وَمِائَةَ رَحْمَةٍ سِتِّينَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعِينَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرِينَ لِلنَّاظِرِينَ}قال النبى{مَنْ أَتَىٰ هَـٰذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ}علامات لا عدّ لها ولا حصر لها آيات ظاهرة كالحِجْر والحَجَر الأسعد الذي جعله الله يشهد لكل من استلمه كيف لحجر أن يعرف كل الصالحين من أول آدم إلى يوم الدين ويشهد لهم عند رب العالمين يعرفهم بأسمائهم ويصورهم ويردد الكلمات التي قالوها في مواجهته شهادة لهم عند ربهم وهو حجر لكنه مملوء بنور النور الأكبر هذا الحجر فيه قصة للعظة والتفهيم أقصها عليكم عن أَبي سعيدٍ الْخدري قَالَ: {حَجَجْنَا مَعَ عُمَرَ بْنَ الُخَطَّابِ، فَلَمَّا دَخَلَ الطَّوَافَ اسْتَقْبَلَ الْحَجَرَ فَقَالَ: إِني لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ، وَلَوْلاَ أَني رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُقَبلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ ثُمَّ قَبَّلَهُ، فَقَالَ عَليُّ : يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ إِنَّهُ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ، قَالَ: بِمَ؟ قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ قَالَ: وَأَيْنَ ذٰلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى} خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَمَسَحَ عَلى ظَهْرِهِ فَقَرَّرَهُمْ بِأَنَّهُ الرَّبُّ وَأَنَّهُمُ الْعَبيدُ، وَأَخَذَ عُهُودَهُمْ وَمَوَاثِيقَهُمْ وَكَتَبَ ذٰلِكَ فِي رَقَ، وَكَانَ لِهذَا الْحَجَرِ عَيْنَانِ وَلِسَانَانِ، فَقَالَ: افْتَحْ فَاكَ، فَفَتَحَ فَاهُ، فَأَلْقَمَهُ ذٰلِكَ الرَّقَّ، فَقَالَ: اشْهَدْ لِمَنْ وَافَاكَ بِالمُوَافَاةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِني أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ:يُؤْتى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْحَجَرِ الأَسْوَدِ وَلَهُ لِسَانٌ ذَلِقٌ يَشْهَدُ لِمَنْ اسْتَلَمَهُ بِالتَّوْحِيدِ، فَهُوَ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ يَضُرُّ وَيَنْفَعُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَعِيشَ فِي قَوْمٍ لَسْتَ فِيهِمْ يَا أَبَا الْحَسَنِ}.[4] فما بالكم بالحِجْر وفيه باب للجنة مفتوح أبد الآبدين ودهر الداهرين. فعندما اشتكى إسماعيل إلى ربه من حر مكة قال له: يا إسماعيل اجلس في الحِجْر فإنا سنفتح لك فيه باباً من الجنة يأتيك منه الروح والريحان إلى يوم القيامة. فما بالكم بالميزاب؟وهو مكتب استجابة الدعوات من حضرة الوهاب فلا يدعو عنده داع إلا ويؤمن عليه الملائكة المكرمون ووظيفتهم أن يقولوا: آمين آمين إلى يوم الدين كل من يدعو يؤمنون عليه ومن وافق دعائه دعاء الملائكة استجاب الله له فما بالكم بمقام إبراهيم؟ وما بالكم بزمزم؟ وما بالكم بكذا وكذا آيات وآيات تحتاج إلى أيام ودهور حتى نعرف منها بعض الحكم التي من أجلها أمرنا الله أن نتوجه إلى هذا "البيت رواه النسائي في سننه وأبو يعلى في مسنده والبيهقي في سننه عن جابر. [2] رواه الحاكم في الكنز وابن عساكر والبيهقي عن ابن عباس. [3] رواه الدار قطني في سننه وأحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي هريرة. [4] الهندي فِي فَضَائلِ مَكَّةَ، أَبُو الْحسن الْقَطَّان فِي المطوالاتِ، والحاكم فى مستدركه، جامع المسانيد والمراسيل
مما راق لى | |
|