ثلاث من كُنَّ فيه كُنَّ عليه الشيخ / سعيد بن عبد العظيم
ثلاث من كُنَّ فيه كُنَّ عليه الشيخ / سعيد بن عبد العظيم
ثلاث من كُنَّ فيه كُنَّ عليه الشيخ / سعيد بن عبد العظيم
ثلاث من كُنَّ فيه كُنَّ عليه الشيخ / سعيد بن عبد العظيم
ثلاث من كُنَّ فيه كُنَّ عليه الشيخ / سعيد بن عبد العظيم
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد،
فالسنن لا تعرف المحاباة ولا المجاملات (وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 62]، (وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) [فاطر: 43]. والشرع لا يفرق بين المتساويين ولا يساوى بين المختلفين، وهلكة الماكر والباغي والناكث مسألة وقت، فالزمن جزء من العلاج، ولا يصح أن تهتز الثوابت والمعايير.
قال محمد بن كعب القرظي: «ثلاث خصال من كن فيه كن عليه: المكر (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) [فاطر: 43]، والبغي (إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنفُسِكُم) [يونس: 23]، والنكث (فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ) [الفتح: 10]».
فهذه الخصال من أسباب دمار أهلها، والعلاقة وثيقة بين الأسباب والمسببات والمقدمات ونتائجها، أعمالكم عمالكم قال -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) [الجاثية: 15]، وقال (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فلها) [الإسراء: 7], وفي الحديث (وَاعْمَلْ مَا شئتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ) [رواه الحاكم في المستدرك، وصححه الألباني]، وصح الخبر (يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ) [رواه مسلم].
أتى رجل لأحد العلماء يقول له: إن بني فلان قد تواطئوا علي وصاروا يداً واحدة، فقال: (يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) قال: إن لهم مكراً، قال: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)، قال: هم فئة كثيرة، فقال له العالم: (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ).
وأنت تشتهي الخلاص من الكافرين والفاجرين، ثق تماماً أن مكرهم وبغيهم ونكثهم سيدمرهم تدميراً، فهم في واقع الأمر وحقيقته يهلكون أنفسهم بأنفسهم قبل أن يصل إليهم سلاحك وما يعود وبال هذه الخصال السيئة إلا عليهم أنفسهم دون غيرهم، قال -تعالى-: (وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [آل عمران: 54] وقال-سبحانه-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) [الأنعام: 123].
وقص علينا القرآن صورة من مكر ثمود بنبيهم صالح، قال -تعالى-: (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) [النمل: 50،51] قيل في تفسيرها: «وهم لا يشعرون بالملائكة الذين أنزلوا الله على صالح ليحفظوه من قومه حين دخلوا عليه ليقتلوه، فرموا كل رجل منهم بحجر حتى قتلوهم جميعاً وسلم صالح من مكرهم»، وقيل: «إنهم مكروا بأن أظهروا سفراً، وخرجوا فاستتروا في غار ليعودوا في الليل فيقتلوه، فألقى الله صخرة على باب الغار حتى سده»، وكان هذا مكر الله بهم، وقد مكر المشركون برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال -تعالى-: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [الأنفال: 30]، لقد أنجى الله نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وخرج سالماً من بين ظهرانيهم مهاجراً إلى المدينة، وقتل صناديدهم يوم بدر، كأبي جهل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأدخل الله عليهم الإسلام يوم فتح مكة، ومات -صلى الله عليه وسلم- يوم مات وهو سيد الأولين والآخرين، رفع الله له ذكره وأعلى له أثره، وكذلك مكر المنافقون به، قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ) [فاطر: 10]، لقد كان مآل مكرهم الفساد والبطلان، وظهر زيفهم لأولي البصائر والنهى، فإنه ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه، وما أسر أحد سريرة إلا كساه الله -تعالى- رداءها، إن خيراً فخيراً، وإن شراً فشرً ومكر يهود برسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومحاولتهم قتله، وتأمرهم مع المشركين عليه كثير معلوم، فكان أن قتل بعضهم وأجلى آخرين، وظهر أمره -صلى الله عليه وسلم-، وقرب قيام الساعة يستنطق الحجر والشجر لأمته، فيقول الحجر والشجر: (يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِىٌّ خَلْفِى فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ. إِلاَّ الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ)، ويفتح الله لهذه الأمة بيت المقدس، فاحذر المكر ولا تنبهر بأهله، فعن قيس بن سعد بن عبادة -رضي الله عنهما- قال: لولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (المكر والخديعة في النار) لكنت من أمكر الناس. [صححه الألباني].
ولا يخفى عليك أن المكر الذي وصف الله به نفسه على ما يليق بجلاله، ومعناه مجازاته للماكرين بأوليائه ورسله، فيقابل مكرهم السيئ بمكره الحسن، فيكون المكر منهم أقبح شيء، ومنه أحسن شيء، لأنه عدل ومجازاة، وكذلك المخادعة منه جزاء على مخادعة رسله وأوليائه، فلا أحسن من ذلك المخادعة والمكر وإذا كان المكر السيئ وباله على صاحبه، فكذلك الأمر بالنسبة للبغي، وهو أسرع الجرم عقوبة، قالوا: من سل سيف البغي قتل به، وعلى الباغي تدور الدوائر، والبغي يصرع أهله، فالبغي مصرعه وخيم، ومن حفر بئراً لأخيه سقط فيه، فاهجروا البغي فإنه منبوذ.
قال بن عباس -رضي الله عنهما-: «لو بغى جبل على جبل لجعل الله -عز وجل- الباغي منهما دكاً»، وقال أيضاً: تكلم ملك من الملوك كلمة بغى وهو جالس على سريره فمسخه الله- عز وجل- فما يُدرى أي شيء مسخ؟ أذباب أم غيره؟ إلا أنه ذهب فلم ير.
وقال عبد الله بن معاوية الهاشمي: «إن عبد المطلب جمع بنيه عند وفاته، وهم يومئذ عشرة وأمرهم ونهاهم وقال: إياكم والبغي، فوالله ما خلق الله -عز وجل- شيئاً أعجل عقوبة من البغي ولا رأيت أحداً بقي على البغي إلا إخوتكم من بني عبد شمس».
قال بن القيم: «سبحان الله، في النفس كبر إبليس، وحسد قابيل، وعتو عاد، وطغيان ثمود، وجرأة نمرود، واستطالة فرعون وبغى قارون، وقبح هامان، وهوى بلعام, وحيل أصحاب السبت، وتمرد الوليد، وجهل أبى جهل، وفيها من أخلاق البهائم: حرص الغراب، وشره الكلب، ورعونة الطاووس، ودناءة الجعل، وعقوق الضب، وحقد الجمل، ووثوب الفهد، وصولة الأسد، وفسق الفأرة، وخبث الحية، وعبث القرد، وجمع النملة، ومكر الثعلب، وخفة الفراش، ونوم الضبع، غير أن الرياضة والمجاهدة تذهب ذلك».
وقد وردت النصوص تذم البغي بغير الحق قال -تعالى-: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ) [الشورى: 42]، والبغي هو الاستطالة على الناس، وهو الكبر والظلم والفساد والعمل بالمعاصي، وهو من الأمور الخمسة التي وردت الشرائع بالنهى عنها، وهى المذكورة في قوله -تعالى-: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [الأعراف: 33]، ويكفي من بُغي عليه، وعد الله بنصرته، قال -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ) [الحج: 60] وفي الحديث: (مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ في الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ في الآخِرَةِ مِثْلُ البغي وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ) [رواه الترمذي وأحمد، وصححه الألباني]. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليس شيء أطيع الله فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم و ليس شيء أعجل عقابا من البغي و قطيعة الرحم و اليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع -أي لا شيء فيها-) [رواه البيهقي، وصححه الألباني]. وفي الحديث عنه -صلى الله عليه وسلم-: (وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَىَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلاَ يَبْغِى أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ) [رواه مسلم].
وانظروا في قصص البغاة قديماً وحديثاً ستجدون تطابقاً بين صفحات الكون المنظور والكتاب المسطور، فهذا فرعون بغى في الأرض بغير الحق وادعى الربوبية والألوهية، وقال: (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) [الزخرف: 51]، وحاول اللحاق بنبي الله موسى ومن آمن معه من بني إسرائيل، وأتبعهم بجنوده بغياً وعدواً، فأطبق عليه البحر وأجراه -سبحانه- من فوق رأسه جزاءً وفاقاً، ورآه المصريون جثة منتنة بعد أن كانوا يعبدونه من دون الله (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً).
وكذلك حكى القرآن قصة بغي قارون، قال -تعالى-: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ) وكان من جملة ما نصحه به الناصحون، أن قالوا له: (وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) [القصص: 77]، فلم يرفع قارون بذلك رأساً، فأهلكه سبحانه، وانتقل إليه غير مأسوف عليه (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ)
إن بغي الأمم الهالكة على الأنبياء والمرسلين فيه عظة وعبرة لأولي الألباب، وقد أخذهم -سبحانه وتعالى- أخذ عزيز مقتدر، وسارت الأيام والليالي قوم نوح وعاد وثمود وقروناً بين ذلك كثيراً، فأسلمتهم إلى ربهم وقدمت بهم على أعمالهم (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا).
تطاول العماليق قوم عاد وقالوا من أشد منا قوة فأرسل -سبحانه وتعالى- ريحاً صرصراً عاتية، (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ)، وخرج صاحب يس يعبِّد قومه لله رب العالمين، فقتلوه وبغوا عليه كما صنعوا مع المرسلين، فهانوا على ربهم، قال -تعالى-: (وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُون يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ)
وما قيل في المكر والبغي من تعجيل العقوبة والوبال الذي يعود على صاحبه، يقال مثله في النكث ونقض العهد والميثاق، يُحكى أن بلعام بن باعوراء، كان مجاب الدعوة، وكان قد أوتي اسم الله الأعظم، الذي إن سئل به أعطي، وإن دعي به أجاب، فلما قدم نبي الله موسى ومن آمن معه، ألح قوم بلعام عليه حتى يدعوا على نبي الله موسى، ففعل فتحول لسانه بالدعاء عليه وعلى قومه، وضرب به مثل السوء قال -تعالى-: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شئنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث) [الأعراف 175،176].
وهذا مثل كل من لم يرفع رأساً بدين الله، وانسلخ من آياته سبحانه، ونقض العهد والميثاق المأخوذ عليه.
وفي عام الحديبية أجحفت قريش برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومنعته هو وأصحابه -رضي الله عنهم- من دخول بيت الله الحرام، واشترط سهيل بن عمرو على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكتب بسمك اللهم، وأن يكتب أسمه واسم أبيه، بدلا من كتابة محمد رسول الله، وأن يرجع عامه هذا، وأن يرد إلى مكة كل من جاءه مسلماً منها، في الوقت الذي لا يردون من جاءهم مرتدا من المسلمين،..... إلى غير ذلك من بنود التعسف، وعلى الرغم من ذلك كان هذا الصلح فتحاً مبيناً للإسلام وأهله ونزل بشأنه (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا) [الفتح:1]، وسعت قريش جاهدة في نقض الصلح الذي أبرمته. ومن قبل كانت المجافاة لمقتضي العقل والفطرة والشريعة المنزلة.
ولما بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- برسالة إلى كسري فمزقها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- مزق الله ملكه، وقد كان. وكان سبب إجلاء بني قينقاع، استصراخ مسلمة، تكشف بدنها بسبب يهودي، فقتله مسلم، ثم تمالأ يهود على المسلم فقتلوه، فثار الحيان، ونقض يهود للعهود والمواثيق قديماً وحديثاً معلوم، قال -تعالى-: (وإن عدتم عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا) [الإسراء:8] فما عادوا مرة للإفساد إلا وعاد عليهم ربنا بالإهلاك. إن من نقض العهد يضر نفسه، حتى وإن كان مسلماً كما أنه يجر على نفسه اللعن لقوله -تعالى- (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ) ومصيرهم إلي خلاف ما صار إليه المؤمنون في الدنيا والآخرة.
‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗