ايه مشرفة
عدد المساهمات : 1354 تاريخ التسجيل : 04/11/2010
| موضوع: ماهى مشروعية حمل العصا للخطيب ؟ملف كامل الأربعاء 30 يناير - 7:36 | |
| ماهى مشروعية حمل العصا للخطيب ؟ملف كامل ماهى مشروعية حمل العصا للخطيب ؟ملف كامل ماهى مشروعية حمل العصا للخطيب ؟ ملف كامل ماهى مشروعية حمل العصا للخطيب ؟ملف كامل ماهى مشروعية حمل العصا للخطيب ؟ملف كامل قال القرطبي رحمه الله في تفسيره عند قول الله تعالى : في سورة طه : الآيتان: 17 - 18 {وما تلك بيمينك يا موسى، قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى}. وفي الصحيحين: أنه عليه الصلاة والسلام كان له مخصرة. والإجماع منعقد على أن الخطيب يخطب متوكئا على سيف أو عصا، فالعصا مأخوذة من أصل كريم، ومعدن شريف، ولا ينكرها إلا جاهل). قال ابن القاسم رحمه الله في المدونة الكبرى كتاب الصلاة : في الخطبة الجمعة والصلاة : (قَالَ : وَقَالَ مَالِكٌ فِي خُطْبَةِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَمْسِكُ بِيَدِهِ عَصًا ، قَالَ مَالِكٌ : وَهُوَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ ). وفي المدونة الكبرى أيضا : كتاب الصلاة باب ما جاء في الخطبة قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : وَكُلُّ مَنْ كَلَّمَهُ الْإِمَامُ فَرَدَّ عَلَى الْإِمَامِ فَلَا أَرَاهُ لَاغِيًا ، قَالَ : وَلَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا . قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ : { بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْدَأُ فَيَجْلِسُ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ قَامَ فَخَطَبَ الْخُطْبَةَ الْأُولَى ثُمَّ جَلَسَ شَيْئًا يَسِيرًا ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ حَتَّى إذَا قَضَاهَا اسْتَغْفَرَ اللَّهَ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَكَانَ إذَا قَامَ أَخَذَ عَصًا فَتَوَكَّأَ عَلَيْهَا وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ ، ثُمَّ كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ } . ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْأَئِمَّةِ أَصْحَابِ الْمَنَابِرِ أَنْ يَخْطُبُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَعَهُمْ الْعِصِيُّ يَتَوَكَّئُونَ عَلَيْهَا فِي قِيَامِهِمْ وَهُوَ الَّذِي رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا ) . روى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه : باب { قصة الجساسة }: حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث وحجاج بن الشاعر كلاهما عن عبد الصمد - واللفظ لعبد الوارث بن عبد الصمد - حدثنا أبى عن جدى عن الحسين بن ذكوان حدثنا ابن بريدة حدثنى عامر بن شراحيل الشعبى شعب همدان أنه سأل فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس وكانت من المهاجرات الأول فقال حدثينى حديثا سمعتيه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا تسنديه إلى أحد غيره فقالت لئن شئت لأفعلن فقال لها أجل حدثينى. فقالت نكحت ابن المغيرة وهو من خيار شباب قريش يومئذ فأصيب فى أول الجهاد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما تأيمت خطبنى عبد الرحمن بن عوف فى نفر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخطبنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على مولاه أسامة بن زيد وكنت قد حدثت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « من أحبنى فليحب أسامة ». فلما كلمنى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قلت أمرى بيدك فأنكحنى من شئت فقال « انتقلى إلى أم شريك ». وأم شريك امرأة غنية من الأنصار عظيمة النفقة فى سبيل الله ينزل عليها الضيفان فقلت سأفعل فقال « لا تفعلى إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان فإنى أكره أن يسقط عنك خمارك أو ينكشف الثوب عن ساقيك فيرى القوم منك بعض ما تكرهين ولكن انتقلى إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم ». - وهو رجل من بنى فهر فهر قريش وهو من البطن الذى هى منه - فانتقلت إليه فلما انقضت عدتى سمعت نداء المنادى منادى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينادى الصلاة جامعة. فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكنت فى صف النساء التى تلى ظهور القوم فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال « ليلزم كل إنسان مصلاه ». ثم قال « أتدرون لم جمعتكم ». قالوا الله ورسوله أعلم. قال « إنى والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأن تميما الدارى كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم وحدثنى حديثا وافق الذى كنت أحدثكم عن مسيح الدجال حدثنى أنه ركب فى سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا فى البحر ثم أرفئوا إلى جزيرة فى البحر حتى مغرب الشمس فجلسوا فى أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقالوا ويلك ما أنت فقالت أنا الجساسة. قالوا وما الجساسة قالت أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل فى الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق. قال لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة - قال - فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا وأشده وثاقا مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد قلنا ويلك ما أنت قال قد قدرتم على خبرى فأخبرونى ما أنتم قالوا نحن أناس من العرب ركبنا فى سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم فلعب بنا الموج شهرا ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه فجلسنا فى أقربها فدخلنا الجزيرة فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر لا يدرى ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا ويلك ما أنت فقالت أنا الجساسة. قلنا وما الجساسة قالت اعمدوا إلى هذا الرجل فى الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق فأقبلنا إليك سراعا وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة فقال أخبرونى عن نخل بيسان قلنا عن أى شأنها تستخبر قال أسألكم عن نخلها هل يثمر قلنا له نعم. قال أما إنه يوشك أن لا تثمر قال أخبرونى عن بحيرة الطبرية. قلنا عن أى شأنها تستخبر قال هل فيها ماء قالوا هى كثيرة الماء. قال أما إن ماءها يوشك أن يذهب. قال أخبرونى عن عين زغر. قالوا عن أى شأنها تستخبر قال هل فى العين ماء وهل يزرع أهلها بماء العين قلنا له نعم هى كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها. قال أخبرونى عن نبى الأميين ما فعل قالوا قد خرج من مكة ونزل يثرب. قال أقاتله العرب قلنا نعم. قال كيف صنع بهم فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه قال لهم قد كان ذلك قلنا نعم. قال أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه وإنى مخبركم عنى إنى أنا المسيح وإنى أوشك أن يؤذن لى فى الخروج فأخرج فأسير فى الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها فى أربعين ليلة غير مكة وطيبة فهما محرمتان على كلتاهما كلما أردت أن أدخل واحدة أو واحدا منهما استقبلنى ملك بيده السيف صلتا يصدنى عنها وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها قالت قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطعن بمخصرته فى المنبر « هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة ». يعنى المدينة « ألا هل كنت حدثتكم ذلك ». فقال الناس نعم « فإنه أعجبنى حديث تميم أنه وافق الذى كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة ألا إنه فى بحر الشام أو بحر اليمن لا بل من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو من قبل المشرق ما هو ». وأومأ بيده إلى المشرق. قالت فحفظت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
حدثنا يحيى بن حبيب الحارثى حدثنا خالد بن الحارث الهجيمى أبو عثمان حدثنا قرة حدثنا سيار أبو الحكم حدثنا الشعبى قال دخلنا على فاطمة بنت قيس فأتحفتنا برطب يقال له رطب ابن طاب وأسقتنا سويق سلت فسألتها عن المطلقة ثلاثا أين تعتد قالت طلقنى بعلى ثلاثا فأذن لى النبى -صلى الله عليه وسلم- أن أعتد فى أهلى - قالت - فنودى فى الناس إن الصلاة جامعة - قالت - فانطلقت فيمن انطلق من الناس - قالت - فكنت فى الصف المقدم من النساء وهو يلى المؤخر من الرجال - قالت - فسمعت النبى -صلى الله عليه وسلم- وهو على المنبر يخطب فقال « إن بنى عم لتميم الدارى ركبوا فى البحر ». وساق الحديث وزاد فيه قالت فكأنما أنظر إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- وأهوى بمخصرته إلى الأرض وقال « هذه طيبة ». يعنى المدينة.
وحدثنا الحسن بن على الحلوانى وأحمد بن عثمان النوفلى قالا حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبى قال سمعت غيلان بن جرير يحدث عن الشعبى عن فاطمة بنت قيس قالت قدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تميم الدارى فأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه ركب البحر فتاهت به سفينته فسقط إلى جزيرة فخرج إليها يلتمس الماء فلقى إنسانا يجر شعره. واقتص الحديث وقال فيه ثم قال أما إنه لو قد أذن لى فى الخروج قد وطئت البلاد كلها غير طيبة. فأخرجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الناس فحدثهم قال « هذه طيبة وذاك الدجال ».
حدثنى أبو بكر بن إسحاق حدثنا يحيى بن بكير حدثنا المغيرة - يعنى الحزامى - عن أبى الزناد عن الشعبى عن فاطمة بنت قيس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قعد على المنبر فقال « أيها الناس حدثنى تميم الدارى أن أناسا من قومه كانوا فى البحر فى سفينة لهم فانكسرت بهم فركب بعضهم على لوح من ألواح السفينة فخرجوا إلى جزيرة فى البحر ». وساق الحديث قال ابن القيم رحمه الله في الزاد فصل في غزوة تبوك وكانت في شهر رجب سنة تسع ) فال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الإصابة تميم بن أوس بن أبو رقية الداري مشهور في الصحابة كان نصرانيا وقدم المدينة فأسلم وذكر النبي صلى الله عليه وسلم قصة الجساسة والدجال فحدث النبي صلى الله عليه وسلم عنه بذلك على المنبر وعد ذلك من مناقبة قال ابن السكن أسلم سنة تسع هو وأخوه نعيم ولهما صحبة...).قال الحافظ الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء تميم الداري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو رقية، تميم بن أوس بن خارجة بن سود بن جذيمة اللخمي، الفلسطيني. والدار: بطن من لخم، ولخم: فخذ من يعرب بن قحطان. وفد تميم الداري سنة تسع، فأسلم، فحدث عنه النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر بقصة الجساسة في أمر الدجال). قال الشيخ سليم الهلالي : قال شيخنا الإمام الألباني - رحمه الله – في الضعيفة(1) (( كان إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها و هو على المنبر )) : لا أصل له بهذه الزيادة وهو على المنبر ) فيما أعلم ، وقد أورده هكذا الزرقاني في " شرح المواهب اللدنية " ( 7/394 ) من رواية أبي داود ؟... والذي رأيته في " سنن أبي داود " ( 1/178 ) ( أنّ النبي نوول يوم العيد قوساً فخطب عليه )... فأنت ترى أنّه ليس في الحديث أنّ ذلك كان على المنبر ويوم الجمعة ؛ بل هو صريح في يوم العيد دون المنبر ؛ ولم يكن صلى الله عليه و سلم يخطب فيه على المنبر , لأنّه كان يصلي في المصلى , و لذلك لم يصح التعقب به- كما فعل الزرقاني تبعا لأصله : القسطلاني - على ابن القيم في قوله في " زاد المعاد " ( 1 / 166 ) :
" ولم يكن يأخذ بيده سيفا ولا غيره , و إنّما كان يعتمد على عصا , ولم يحفظ عنه أنّه اعتمد على سيف , و ما يظنه بعض الجهال أنّه كان يعتمد على السيف دائما , و أنّ ذلك إشارة إلى أنّ الدّين قام بالسيف فمن فرط جهله , فإنّه لا يحفظ عنه بعد اتّخاذ المنبر أنّه كان يرقاه بسيف و لا قوس و لا غيره , و لا قبل اتّخاذه أنّه أخذ بيده سيفا البتة , و إنّما كان يعتمد على عصا أو قوس " .
فقوله " قبل أن يتخذ المنبر " صواب لا غبار عليه , و إن نظر فيه القسطلاني و تعقبه الزرقاني , و ذلك قوله في شرحه :
" كيف و في أبي داود : كان إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها و هو على المنبر " !
فقد علمت مما سبق أنّ هذا لا أصل له عند أبي داود (2) , بل و لا عند غيره من أهل السنن الأربعة و غيرهم , فقد تتبعت الحديث فيما أمكنني من المصادر , فوجدته روي عن جماعة من الصحابة , و هم : الحكم بن حَزْن الكُلَفي , و عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عباس , وسعد القرظ المؤذن , وعن عطاء مرسلاً , وليس في شيء منها ما ذكره الزرقاني , و إليك ألفاظ أحاديثهم مع تخريجها (وذكرها) .
ثم قال : و جملة القول : أنّه لم يرد في حديث أنّه صلى الله عليه و سلم كان يعتمد على العصا أو القوس و هو على المنبر , فلا يصح الاعتراض على ابن القيم في قوله : إنّه لا يحفظ عن النبي صلى الله عليه و سلم بعد اتخاذه المنبر أنّه كان يرقاه بسيف و لا قوس و غيره , بل الظاهر من تلك الأحاديث الاعتماد على القوس إذا خطب على الأرض والله أعلم . قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد : ج1 ص429 : ( ولم يكن يأخذ بيده سيفا ولا غيره وإنما كان يعتمد على قوس أو عصا قبل أن يتخذ المنبر وكان في الحرب يعتمد على قوس وفي الجمعة يعتمد على عصا ولم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائما وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف فمن فرط جهله فإنه لا يحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ولا قوس ولا غيره ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفا البتة وإنما كان يعتمد على عصا أو قوس)0 تنبيه هام : ظن بعض العلماء رحمهم الله أن ابن القيم رحمه الله أراد بهذا الكلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يصعد المنبر بعصا وهذا الظن ليس بصحيح وهاكم البيان : قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد ج1 ص 189 ،190:( وكان منبره ثلاث درجات فإذا استوى عليه واستقبل الناس أخذ المؤذن في الأذان فقط ولم يقل شيئا قبله ولا بعده فإذا أخذ في الخطبة لم يرفع أحد صوته بشيء البتة لا مؤذن ولا غيره وكان إذا قام يخطب أخذ عصا فتوكأ عليها وهو على المنبر كذا ذكره عنه أبو داود عن ابن شهاب وكان الخلفاء الثلاثة بعده يفعلون ذلك وكان أحيانا يتوكأ على قوس ولم يحفظ عنه أنه توكأ على سيف وكثير من الجهلة يظن أنه كان يمسك السيف على المنبر إشارة إلى أن الدين إنما قام بالسيف وهذا جهل قبيح من وجهين أحدهما أن المحفوظ أنه توكأ على ا لعصا وعلى القوس الثاني أن الدين إنما قام بالوحي وأما السيف فلمحق أهل الضلال والشرك ومدينة النبي التي كان يخطب فيها إنما فتحت بالقرآن ولم تفتح بالسيف)وقد سبق حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في صحيح مسلم وفيه :قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وطعن بمخصرته فى المنبر « هذه طيبة هذه طيبة هذه طيبة ». قال الحافظ ابن عساكر رحمه الله في تأريخ دمشق :أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي أنا أبو محمد الجوهري أنا أبو عمر بن حيوية أنا أحمد بن معروف أنا الحسين بن الفهم نا محمد بن سعد أنا عبد الله بن إدريس عن عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال بينما عثمان بن عفان يخطب إذ قام إليه جهجاه الغفاري فأخذ العصا من يده فكسرها على ركبته فدخلت منها شظية في ركبته فوقعت فيه الآكلة قال ابن سعد وحديث عبد الله بن إدريس هذا لم أسمعه منه وهو عرض عليه ومن شواهده :قال عمر بن شبة في تأريخ المدينة حدثنا الحزامي قال حدثنا عبد الله بن وهب قال حدثني عبد الله بن عمر عن نافع أن جهجاه الغفاري تناول عصا عثمان رضي الله عنه وهو يخطب الناس على المنبر فكسرها بركبته، فأخذته في ركبته قرحة الاكلة
ومن شواهده قال عمر بن شبة في تأريخ المدينة : حدثنا علي بن محمد، عن عبد الله بن مصعب، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: خرج عثمان رضي الله عنه من داره يوم جمعة، عليه حلة حبرة، ومعه ناس من مواليه، قد صفر لحيته، فدخل المسجد فجذب الناس ثيابه يمينا وشمالا، وناداه بعضهم يا نعثل ، وكان حليما حييا فلم يكلمهم حتى صعد المنبر، فشتموه فسكت حتى سكتوا، ثم قال: أيها الناس اسمعوا وأطيعوا، فإن السامع المطيع لا حجة عليه، والسامع العاصي لا حجة له. فناداه بعضهم : أنت السامع العاصي .وقام جهجاه بن سعد الغفاري وكان
ممن بايع تحت الشجرة - فقال: هلم إلى ما ندعوك إليه.
قال: وما هو ؟ قال: نحملك على شارف جرباء ونلحقك بجبل الدخان.
لست هناك لا أم لك.
وتناول جهجاه عصا كانت في يد عثمان رضي الله عنه، وهي عصا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكسرها على ركبته، ودخل عثمان داره، وصلى بالناس يوم الجمعة سهل بن حنيف، ووقعت في رجل جهجاه الآكلة وقال الشيخ صالح الفوزان كما في الملخص الفقهي ويسن أن يجلس على المنبر إلى فراغ المؤذن؛ لقول ابن عمر: "كان رسوله الله صلى الله عليه وسلم يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ المؤذن، ثم يقوم فيخطب" رواه أبو داود. ومن سنن خطبتي الجمعة: أن يجلس بينهما؛ لحديث ابن عمر: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائم، يفصل بينهما بجلوس" ، متفق عليه. ومن سننهما: أن يخطب قائما؛ لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولقوله: {وَتَرَكُوكَ قَائِماً} ، وعمل المسلمين عليه. ويسن أن يعتمد على عصا ونحوه. ويسن أن يقصد تلقاء وجهه؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، ولأن التفاته إلى أحد جانبيه إعراض عن الآخر ومخالفة للسنة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقصد تلقاء وجهه في الخطبة، ويستقبله الحاضرون بوجوههم؛ لقول ابن مسعود رضي الله عنه: "كان إذا استوى على المنبر؛ استقبلناه بوجوهنا" ، رواه الترمذي. ويسن أن يقصر الخطبة تقصيرًا معتدلاً؛ بحيث لا يملوا وتنفر نفوسهم، ولا يقصرها تقصيرًا مخلاً؛ فلا يستفيدون منها؛ فقد روى الإمام مسلم عن عمار مرفوعا: "إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه؛ فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة"، ومعنى قوله: "مئنة من فقه"؛ أي: علامة على فقههقال علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المرداوي في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل منها : قوله: "ويعتمد على سيف أو قوس أو عصى". بلا نزاع ). قال أبو عبدالرحمن وقد سبق كلام ابن القيم في السيف . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الإصابة في معرفة الصحابة في ترجمة جهجاه فروى الباوردي من طريق الوليد بن مسلم عن مالك وغيره عن نافع عن ابن عمر قال قدم جهجاه الغفاري إلى عثمان وهو على المنبر فأخذ عصاه فكسرها فما حال على جهجاه الحول حتى أرسل الله في يده الأكلة فمات منها ورواه ابن السكن من طريق سليمان بن بلال وعبد الله بن إدريس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مثله ورواه من طريق فليح بن سليمان عن عمته وأبيها وعمها أنهما حضرا عثمان قال فقام إليه جهجاه بن سعيد الغفاري حتى أخذ القضيب من يده فوضعها على ركبته فكسرها فصاح به الناس ونزل عثمان فدخل داره ورمى الله الغفاري في ركبته فلم يحل عليه الحول حتى مات ورويناه في المحامليات من طريق حماد بن زيد عن يزيد بن حازم عن سليمان بن يسار أن جهجاه الغفاري نحو الأول وقال ابن السكن مات بعد عثمان بأقل من سنة ). قال الشافعي رحمه الله في كتاب الأم وَيَعْتَمِدُ الذي يَخْطُبُ على عَصًا أو قَوْسٍ أو ما أَشْبَهَهُمَا لِأَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَعْتَمِدُ على عَصًا أخبرنا عبدالمجيد عن ابن جُرَيْجٍ قال قُلْت لِعَطَاءٍ أَكَانَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَقُومُ على عَصًا إذَا خَطَبَ قال نعم كان يَعْتَمِدُ عليها اعْتِمَادًا). قال أبو عبد الرحمن وهذا مرسل وقد سبق مرسل الزهري أيضا . وسبق حديث الجساسة في صحيح مسلم . وقال البزار في مسنده حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُشِيرُ بِمِخْصَرِهِ إِذَا خَطَبَ.وَهَذَا الْحَدِيثُ لاَ نَعْلَمُهُ يُرْوَى إِلاَّ ، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَلاَ نَعْلَمُ لَهُ طَرِيقًا عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِلاَّ هَذَا الطَّرِيقَ). قال أبو عبد الرحمن وحديث ابن لهيعة في الشواهد وقال أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله في المصنف في الْخُطْبَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، يُقْرَأُ فِيهَا ، أَمْ لاَ ؟ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى ، قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقْرَأُ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ : {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} ، وَفِي يَدِهِ عَصًا). وقال أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله في المصنف في الْعَصَا يَتَوَكأُ عَلَيْهَا إِذَا خَطَبَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى ، قَالَ : رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَخْطُبُ وَبِيَدِهِ قَضِيبٌ). وللشيخ سعود الشريم عرضٌ جميل لهذا الموضوع في كتابه الماتع : (الشامل في فقه الخطيب والخطبة) قال فيها : جاء في ذكر العصا للخطيب روايات متعددة : منها : ما رواه الشافعي في مسنده (ص77) عن إبراهيم عن ليث بن أبي سليم عن عطاء مرسلًا : (( أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتمد على عنزته اعتماداً )) . ورواه كذلك في الأم (1/343) ، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (3/292) . قال الحافظ في التلخيص الحبير (2/65) : وليث ضعيف . ومنها : ما رواه أبو داود في سننه (1/659 رقم 1096) من حديث الحكم بن حزن ، الحديث وفيه : (( شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام متوكئًا على عصا أو قوس )) . قال الحافظ في التلخيص : إسناده حسن ، وقد صححه ابن السكن وابن خزيمة (2/352 رقم 1452) . وله شاهد من حديث البراء بن عازب عند أبي داود (1/679 رقم 1147) بلفظ : (( أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي يوم العيد قوسًا فخطب عليه)) ، وطوله أحمد (4/282) ، ورواه الطبراني في المعجم الكبير (2/9 رقم 1169) ، وصححه ابن السكن انظر : التلخيص الحبير (2/65) . قال مالك : مما يستحب للأئمة أصحاب المنابر أن يخطبوا يوم الجمعة ومعهم العصي يتوكؤون عليها في قيامهم ، وهو الذي رأينا وسمعنا ، المدونة (1/232) . وقال الشافعي : "ويعتمد الذي يخطب على عصا أو قوس أو ما أشبههما ؛ لأنه بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتمد على عصا " الأم (1/177) . وقال النووي : "يسن أن يعتمد على قوس ، أو سيف ، أو عصا ، أو نحوها " المجموع (4/ 357) . وقد قال بمشروعية العصا -كقول مالك والشافعي- الإمامُ أحمد ، المغني (3/179) ، وجمْعٌ من أهل العلم ، وبه قال الصنعاني في السبل (2/59) ، والشوكاني في نيل الأوطار (3/305). وذهب بعض الحنفية إلى كراهية اتخاذ الخطيب للقوس أو العصا . فقد قال صاحب التاتارخانية ونسبة لصاحب المحيط البرهاني ما نصه : "وإذا خطب متكئًا على القوس ، أو على العصا جاز إلا أنه يكره ، لأنه خلاف السنة" الفتاوى التاتارخانية (2/ 61) . قلت (الشريم) : ولم أقف على دليل لما ذكره الحنفية من الكراهة ، بل الدليل على خلافه كما سبق ، بل إنني وقفت على ما يدل أن بعضهم استحب اتخاذ السيف بدلًا من العصا . فقد قال صاحب التاتارخانية وعزاه لصاحب روضة العلماء ، قال : "الحكمة في أن الخاطب يخطب متقلدًا بالسيف ، ما قد سمعت الفقيه أبا الحسن الرستغفني رحمه الله يقول : " كل بلدة فتحت عنوة بالسيف يخطب الخاطب على منبرها بالسيف ، ليريهم أنها فتحت بالسيف ، فإذا رجعتم عن الإسلام فذلك باق في أيدي المسلمين نقاتلكم به حتى ترجعوا إلى الإسلام ، وكل بلدة أسلم أهلها طوعاً يخطبون بلا سيف ، ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فتحت بالقرآن فيخطب بلا سيف ، ومكة فتحت بالسيف فيخطب مع السيف " ، ( المصدر السابق (2/60) . قلت (الشريم) : وقد ردَّ ابن القيم رحمه الله على مثل هذا القول بقوله : "ولم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف ، وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائمًا ، وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف ، فمن فرط جهله ، فإنه لا يحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ، ولا قوس ، ولا غيره ، ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفًا ألبتة ، وإنما كان يعتمد على عصًا أو قوس " زاد المعاد (1/429) . وقال الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية : " أما السيف فليس بمشروع ، وهم عللوا ذلك بأنه إشارة إلى أن الدين فتح به ، وهذا غير صحيح إنما فتح بالقرآن ، وإنما السيف منفذ فقط " ، فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (3/21) . وقال شيخنا محمد بن عثيمين : " تعليلهم بأنه إشارة إلى أن هذا الدين فتح بالسيف فيه نظر ، فالدين لم يفتح بالسيف ، لأن السيف لا يستعمل للدين إلا عند المنابذة ، فإذا أبى الكفار أن يسلموا أو يبذلوا الجزية فإنهم يقاتلون ، أما إذا بذلوا الجزية فإنهم يتركون ، وهذا هو القول الذي تدل عليه الأدلة " ، الشرح الممتع (5/83) . قلت (الشريم) : ولا أدري ما هو الدليل على ما ذكره ابن القيم من التفريق بين ما كان قبل اتخاذه صلى الله عليه وسلم المنبر وبين ما كان بعده ، فربما اطلع على دليل لم أجده حسب البحث القاصر ، ولكنني وقفت على كلام للسمهودي صاحب كتاب (وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى) ، يدل على أن في منبره صلى الله عليه وسلم ما يسمى " رمانة " يضع يده عليه أثناء الخطبة ، أو في الجلوس بين الخطبتين . فمن ذلك قوله عن ابن النجار : " وطول رمانتي المنبر اللتين كان يمسكهما بيده إذا جلس شبر وأصبعان " . ونقل السمهودي أيضًا عن ابن زَبالة قوله : " .. إلى طرف رمانته التي يضع عليها يده الكريمة ... " الخ . ونقل أيضًا عن ابن عساكر عن شيخه ابن النجار قوله : " وقد احترقت بقايا منبر النبي صلى الله عليه وسلم القديمة ، وفات الزائرين لمس رمانة المنبر التي كان صلى الله عليه وسلم يضع يده المقدسة المكرمة عليها عند جلوسه عليه " ، وفاء الوفاء للسمهودي (1/402) . وقال أبو منصور الكرماني الحنفي : " وتجعل يدك على رأس الرمانة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده عليها عند الخطبة " ، المسالك في المناسك للكرماني بتحقيقنا (1/1081) . قلت (الشريم) : يظهر مما سبق ما يشير إلى تقوية كلام ابن القيم رحمه الله ، وهو أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يتخذ عصًا إذا خطب بعد ما وضع له المنبر ، والله أعلم . وقد يشكل على ما سبق ذكره عن ابن القيم أنه رحمه الله قد أشار في أول كتابه الزاد في فصل هدية صلى الله عليه وسلم في خطبته بما نصه : " وكان إذا قام يخطب أخذ عصًا ، فتوكأ عليها وهو على المنبر ، كذا ذكره عنه أبو داود عن ابن شهاب ، وكان الخلفاء الثلاثة بعده يفعلون ذلك " ، زاد المعاد (1/189) . قلت (الشريم) : فأنت ترى هنا ابن القيم رحمه الله ، لم يفصل الكلام كما فصل في الوضع السابق ذكره ، والتفصيل متأخر عن كلامه في أول كتابه ، فيحتمل أن يكون هو المعتمد عنده، لاسيما وقد نصَّ في كلامه على عدم اتخاذه صلى الله عليه وسلم للعصا بعد اتخاذه المنبر، ويحتمل أن يكون كلامه رحمه الله هناك هو المعتمد على أنه لا فرق بين ما كان قبل اتخاذه المنبر وما كان بعد اتخاذه المنبر بدليل استمرار فعل الخلفاء الثلاثة من بعده . ثم إنني اطلعت على كلام للإمام مالك قد يكون مما يؤيد به قول ابن القيم في التفصيل بين ما كان قبل اتخاذه صلى الله عليه وسلم المنبر ، وما كان بعد اتخاذه ، حيث قال الإمام مالك عن خروج الإمام في الاستسقاء : " وليس يخرج في صلاة الاستسقاء بمنبر ، ولكن يتوكأ الإمام على عصا " المدونة (1/244) . فيفهم من كلام مالك أنه قال بسنية اتخاذ العصا هنا ؛ لأنه لا يرى الخروج بالمنبر في الاستسقاء، فاعتاض بالعصا عن المنبر ، والله أعلم . قال سماحة شيخنا العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن حديث الحكم بن حزن ما نصه : "الحديث يدل على شرعية الاتكاء على عصا أو قوس في الخطبة ، لأن هذا من شأنه صلى الله عليه وسلم ، ولعل السر في هذا - والله أعلم - أنه أجمع لليدين ، وأجمع للقلب من الحركة، وأقرب إلى الإقبال على الخطبة " ، دروس سماحته على بلوغ المرام ، شرح الحديث رقم (449). وقال رحمه الله عن الحديث : إسناده حسن ، ورواه أحمد أيضًا ، وجاء في الباب آثار أخرى فيها مقال ، ولكنها تشهد لهذا المعنى) ، انظر : المصدر السابق . قلت : وما قاله سماحة شيخنا ، قد قال بمثله الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية رحمه الله حيث قال عن حديث الحكم ما نصه : " فيه فوائد : منها شرعية الاعتماد في الخطبة على قوس أو على عصا ، وذلك لكونه أرفق للخطيب وأثبت له ، لاسيما إذا كان يطول وقوفه أو مقصود مهم ، فكونه معتمدًا على قوس أو عصا هو السنة ، وخصّ القوس والعصا ؛ لأنهما يستصحبان عادة زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما تستصحب العصا عندنا" ، فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (3/21) . قلت (الشريم) : وقد قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين : " إنه إذا احتاج إلى العصا فإنه يشرع له ذلك وهو سنة ؛ لأن ذلك يعينه على القيام الذي هو سنة ، وما أعان على سنة فهو سنة ، وأما إذا لم يكن هناك حاجة فلا حاجة إلى حمل العصا " ، الشرح الممتع (5/83). وللشيخ سعود الشريم عرضٌ جميل لهذا الموضوع في كتابه الماتع : (الشامل في فقه الخطيب والخطبة) قال فيها : جاء في ذكر العصا للخطيب روايات متعددة : منها : ما رواه الشافعي في مسنده (ص77) عن إبراهيم عن ليث بن أبي سليم عن عطاء مرسلًا : (( أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتمد على عنزته اعتماداً )) . ورواه كذلك في الأم (1/343) ، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (3/292) . قال الحافظ في التلخيص الحبير (2/65) : وليث ضعيف . ومنها : ما رواه أبو داود في سننه (1/659 رقم 1096) من حديث الحكم بن حزن ، الحديث وفيه : (( شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقام متوكئًا على عصا أو قوس )) . قال الحافظ في التلخيص : إسناده حسن ، وقد صححه ابن السكن وابن خزيمة (2/352 رقم 1452) . وله شاهد من حديث البراء بن عازب عند أبي داود (1/679 رقم 1147) بلفظ : (( أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي يوم العيد قوسًا فخطب عليه)) ، وطوله أحمد (4/282) ، ورواه الطبراني في المعجم الكبير (2/9 رقم 1169) ، وصححه ابن السكن انظر : التلخيص الحبير (2/65) . قال مالك : مما يستحب للأئمة أصحاب المنابر أن يخطبوا يوم الجمعة ومعهم العصي يتوكؤون عليها في قيامهم ، وهو الذي رأينا وسمعنا ، المدونة (1/232) . وقال الشافعي : "ويعتمد الذي يخطب على عصا أو قوس أو ما أشبههما ؛ لأنه بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتمد على عصا " الأم (1/177) . وقال النووي : "يسن أن يعتمد على قوس ، أو سيف ، أو عصا ، أو نحوها " المجموع (4/ 357) . وقد قال بمشروعية العصا -كقول مالك والشافعي- الإمامُ أحمد ، المغني (3/179) ، وجمْعٌ من أهل العلم ، وبه قال الصنعاني في السبل (2/59) ، والشوكاني في نيل الأوطار (3/305). وذهب بعض الحنفية إلى كراهية اتخاذ الخطيب للقوس أو العصا . فقد قال صاحب التاتارخانية ونسبة لصاحب المحيط البرهاني ما نصه : "وإذا خطب متكئًا على القوس ، أو على العصا جاز إلا أنه يكره ، لأنه خلاف السنة" الفتاوى التاتارخانية (2/ 61) . قلت (الشريم) : ولم أقف على دليل لما ذكره الحنفية من الكراهة ، بل الدليل على خلافه كما سبق ، بل إنني وقفت على ما يدل أن بعضهم استحب اتخاذ السيف بدلًا من العصا . فقد قال صاحب التاتارخانية وعزاه لصاحب روضة العلماء ، قال : "الحكمة في أن الخاطب يخطب متقلدًا بالسيف ، ما قد سمعت الفقيه أبا الحسن الرستغفني رحمه الله يقول : " كل بلدة فتحت عنوة بالسيف يخطب الخاطب على منبرها بالسيف ، ليريهم أنها فتحت بالسيف ، فإذا رجعتم عن الإسلام فذلك باق في أيدي المسلمين نقاتلكم به حتى ترجعوا إلى الإسلام ، وكل بلدة أسلم أهلها طوعاً يخطبون بلا سيف ، ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فتحت بالقرآن فيخطب بلا سيف ، ومكة فتحت بالسيف فيخطب مع السيف " ، ( المصدر السابق (2/60) . قلت (الشريم) : وقد ردَّ ابن القيم رحمه الله على مثل هذا القول بقوله : "ولم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف ، وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائمًا ، وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف ، فمن فرط جهله ، فإنه لا يحفظ عنه بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ، ولا قوس ، ولا غيره ، ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفًا ألبتة ، وإنما كان يعتمد على عصًا أو قوس " زاد المعاد (1/429) . وقال الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية : " أما السيف فليس بمشروع ، وهم عللوا ذلك بأنه إشارة إلى أن الدين فتح به ، وهذا غير صحيح إنما فتح بالقرآن ، وإنما السيف منفذ فقط " ، فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (3/21) . وقال شيخنا محمد بن عثيمين : " تعليلهم بأنه إشارة إلى أن هذا الدين فتح بالسيف فيه نظر ، فالدين لم يفتح بالسيف ، لأن السيف لا يستعمل للدين إلا عند المنابذة ، فإذا أبى الكفار أن يسلموا أو يبذلوا الجزية فإنهم يقاتلون ، أما إذا بذلوا الجزية فإنهم يتركون ، وهذا هو القول الذي تدل عليه الأدلة " ، الشرح الممتع (5/83) . قلت (الشريم) : ولا أدري ما هو الدليل على ما ذكره ابن القيم من التفريق بين ما كان قبل اتخاذه صلى الله عليه وسلم المنبر وبين ما كان بعده ، فربما اطلع على دليل لم أجده حسب البحث القاصر ، ولكنني وقفت على كلام للسمهودي صاحب كتاب (وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى) ، يدل على أن في منبره صلى الله عليه وسلم ما يسمى " رمانة " يضع يده عليه أثناء الخطبة ، أو في الجلوس بين الخطبتين . فمن ذلك قوله عن ابن النجار : " وطول رمانتي المنبر اللتين كان يمسكهما بيده إذا جلس شبر وأصبعان " . ونقل السمهودي أيضًا عن ابن زَبالة قوله : " .. إلى طرف رمانته التي يضع عليها يده الكريمة ... " الخ . ونقل أيضًا عن ابن عساكر عن شيخه ابن النجار قوله : " وقد احترقت بقايا منبر النبي صلى الله عليه وسلم القديمة ، وفات الزائرين لمس رمانة المنبر التي كان صلى الله عليه وسلم يضع يده المقدسة المكرمة عليها عند جلوسه عليه " ، وفاء الوفاء للسمهودي (1/402) . وقال أبو منصور الكرماني الحنفي : " وتجعل يدك على رأس الرمانة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده عليها عند الخطبة " ، المسالك في المناسك للكرماني بتحقيقنا (1/1081) . قلت (الشريم) : يظهر مما سبق ما يشير إلى تقوية كلام ابن القيم رحمه الله ، وهو أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يتخذ عصًا إذا خطب بعد ما وضع له المنبر ، والله أعلم . وقد يشكل على ما سبق ذكره عن ابن القيم أنه رحمه الله قد أشار في أول كتابه الزاد في فصل هدية صلى الله عليه وسلم في خطبته بما نصه : " وكان إذا قام يخطب أخذ عصًا ، فتوكأ عليها وهو على المنبر ، كذا ذكره عنه أبو داود عن ابن شهاب ، وكان الخلفاء الثلاثة بعده يفعلون ذلك " ، زاد المعاد (1/189) . قلت (الشريم) : فأنت ترى هنا ابن القيم رحمه الله ، لم يفصل الكلام كما فصل في الوضع السابق ذكره ، والتفصيل متأخر عن كلامه في أول كتابه ، فيحتمل أن يكون هو المعتمد عنده، لاسيما وقد نصَّ في كلامه على عدم اتخاذه صلى الله عليه وسلم للعصا بعد اتخاذه المنبر، ويحتمل أن يكون كلامه رحمه الله هناك هو المعتمد على أنه لا فرق بين ما كان قبل اتخاذه المنبر وما كان بعد اتخاذه المنبر بدليل استمرار فعل الخلفاء الثلاثة من بعده . ثم إنني اطلعت على كلام للإمام مالك قد يكون مما يؤيد به قول ابن القيم في التفصيل بين ما كان قبل اتخاذه صلى الله عليه وسلم المنبر ، وما كان بعد اتخاذه ، حيث قال الإمام مالك عن خروج الإمام في الاستسقاء : " وليس يخرج في صلاة الاستسقاء بمنبر ، ولكن يتوكأ الإمام على عصا " المدونة (1/244) . فيفهم من كلام مالك أنه قال بسنية اتخاذ العصا هنا ؛ لأنه لا يرى الخروج بالمنبر في الاستسقاء، فاعتاض بالعصا عن المنبر ، والله أعلم . قال سماحة شيخنا العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن حديث الحكم بن حزن ما نصه : "الحديث يدل على شرعية الاتكاء على عصا أو قوس في الخطبة ، لأن هذا من شأنه صلى الله عليه وسلم ، ولعل السر في هذا - والله أعلم - أنه أجمع لليدين ، وأجمع للقلب من الحركة، وأقرب إلى الإقبال على الخطبة " ، دروس سماحته على بلوغ المرام ، شرح الحديث رقم (449). وقال رحمه الله عن الحديث : إسناده حسن ، ورواه أحمد أيضًا ، وجاء في الباب آثار أخرى فيها مقال ، ولكنها تشهد لهذا المعنى) ، انظر : المصدر السابق . قلت : وما قاله سماحة شيخنا ، قد قال بمثله الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية رحمه الله حيث قال عن حديث الحكم ما نصه : " فيه فوائد : منها شرعية الاعتماد في الخطبة على قوس أو على عصا ، وذلك لكونه أرفق للخطيب وأثبت له ، لاسيما إذا كان يطول وقوفه أو مقصود مهم ، فكونه معتمدًا على قوس أو عصا هو السنة ، وخصّ القوس والعصا ؛ لأنهما يستصحبان عادة زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما تستصحب العصا عندنا" ، فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (3/21) . قلت (الشريم) : وقد قال شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين : " إنه إذا احتاج إلى العصا فإنه يشرع له ذلك وهو سنة ؛ لأن ذلك يعينه على القيام الذي هو سنة ، وما أعان على سنة فهو سنة ، وأما إذا لم يكن هناك حاجة فلا حاجة إلى حمل العصا " ، الشرح الممتع (5/83). انتهى الموضوع شكرا لكم | |
|
بوسى نائبة المدير العام
عدد المساهمات : 3055 تاريخ التسجيل : 02/03/2011 الموقع : المزاج : تمام
| |