مبارك زمزم ادارى
عدد المساهمات : 1838 تاريخ التسجيل : 30/10/2010
| موضوع: ابن تيمية: "النجاشي ما كان يمكنه أن يحكم بحكم القرآن؛ فإنَّ قومه لا يقرونه على ذلك". الجمعة 8 فبراير - 14:23 | |
| ابن تيمية: "النجاشي ما كان يمكنه أن يحكم بحكم القرآن؛ فإنَّ قومه لا يقرونه على ذلك". ابن تيمية: "النجاشي ما كان يمكنه أن يحكم بحكم القرآن؛ فإنَّ قومه لا يقرونه على ذلك". ابن تيمية: "النجاشي ما كان يمكنه أن يحكم بحكم القرآن؛ فإنَّ قومه لا يقرونه على ذلك". بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ابن تيمية: "النجاشي ما كان يمكنه أن يحكم بحكم القرآن؛ فإنَّ قومه لا يقرونه على ذلك". ((وكثيرًا ما يتولى الرجل بين المسلمين والتتار قاضياً، بل وإماماً، وفي نفسه أمور من العدل يريد أن يعمل بها؛ فلا يمكنه ذلك، بل هناك من يمنعه ذلك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها)) : قال شيخ الإسلام العلاَّمة الإمام أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية رحمه الله في المنهاج (5/110-122) في معرض ردّه على الجهمية الموجبين لعذاب الله لمن لم يذنب والأشاعرة غيرهم= قال رحمه الله: ((وأيضاً فالنُّصوص قد أخبرت بالميزان بالقسط، وأن الله لا يظلم مثقال ذرة، وإن تلك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً. فدل هذا على أن مثقال ذرة إذا زيد في السيئات أو نقص من الحسنات كان ظلماً ينزه الله عنه. ودل على أنه يزن الأعمال بالقسط؛ الذي هو العدل. فدل على أن خلاف ذلك ليس قسطاً؛ بل ظلم تنزه الله عنه، ولو لم يكن هنا عدل لم يحتج إلى الموازنة؛ فإنه إذا كان التعذيب والتنعيم بلا قانون عدلي بل بمحض المشيئة لم يحتج إلى الموازنة. وقال تعالى: ((تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وما الله يريد ظلما للعالمين)) [آل عمران: 108]. قال الزجاج وغيره: قد أعلمنا أنه يعذب من عذبه لاستحقاقه. وقال آخر: معناه أنه لا يعاقبهم بلا جرم، فسمَّى هذا ظلماً. وأيضاً.. فإن الله تعالى قد أخبر في غير موضع: أنه لا يكلف نفساً إلا وسعها؛ كقوله تعالى: ((والذين أمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها)) [الأعراف: 42]. وقوله: ((لا تكلف نفس إلا وسعها)) [البقرة: 233]. وقوله: ((لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها)) " [الطلاق: 7]. وأمر بتقواه بقدر الإستطاعة؛ فقال: ((فاتقوا الله ما استطعتم)) [التغابن: 16]. وقد دعاه المؤمنون بقولهم: ((ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به)) [البقرة: 286]. فقال: قد فعلت. فدلَّت هذه النصوص على أنه لا يكلِّف نفساً ما تعجز عنه خلافاً للجهمية المجبرة. ودلت على أنه لا يؤاخذ المخطىء، والناسي؛ خلافا للقدرية والمعتزلة وهذا فصل الخطاب في هذا الباب. فالمجتهد المستدلُّ؛ من إمام، وحاكم، وعالم، وناظر، ومناظر، ومفت، وغير ذلك= إذا اجتهد، واستدلَّ؛ فاتقى الله ما استطاع كان هذا هو الذي كلَّفه الله إياه. وهو مطيعٌ لله، مستحق للثواب إذا اتقاه ما استطاع، ولا يعاقبه الله ألبتة، خلافًا للجهمية المجبرة. وهو مصيبٌ؛ بمعنى أنه مطيع لله، لكن قد يعلم الحق في نفس الأمر وقد لا يعلمه؛ خلافاً للقدرية والمعتزلة في قولهم: كل من استفرغ وسعه علم الحق؛ فإنَّ هذا باطل كما تقدَّم بل كل من استفرغ وسعه استحق الثواب. وكذلك الكفار من بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في دار الكفر، وعلم أنه رسول الله؛ فآمن به، وآمن بما أنزل عليه، واتقى الله ما استطاع -كما فعل النجاشي وغيره- ولم يمكنه الهجرة إلى دار الإسلام، ولا التزام جميع شرائع الإسلام؛ لكونه ممنوعاً من الهجرة، وممنوعاً من إظهار دينه، وليس عنده من يعلمه جميع شرائع الإسلام= فهذا مؤمن من أهل الجنة. كما كان مؤمن آل فرعون مع قوم فرعون، وكما كانت إمرأة فرعون، بل وكما كان يوسف الصديق عليه السلام مع أهل مصر. فإنهم كانوا كفارا ولم يكن يمكنه أن يفعل معهم كل ما يعرفه من دين الإسلام؛ فإنه دعاهم إلى التوحيد والإيمان فلم يجيبوه. قال تعالى عن مؤمن آل فرعون: ((ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً)) [غافر: 34]. وكذلك النجاشي.. هو وإن كان ملك النصارى فلم يطعه قومه في الدخول في الإسلام؛ بل إنما دخل معه نفر منهم. ولهذا لما مات لم يكن هناك من يصلي عليه؛ فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة؛ خرج بالمسلمين إلى المصلى فصفهم صفوفا، وصلى عليه، وأخبرهم بموته يوم مات، وقال: ( إن أخا لكم صالحا من أهل الحبشة مات ). وكثيرٌ من شرائع الإسلام أو أكثرها لم يكن دخل فيها لعجزه عن ذلك؛ فلم يهاجر، ولم يجاهد، ولا حج البيت. بل قد رُوىَ أنه لم يكن يصلي الصلوات الخمس، ولا يصوم شهر رمضان، ولا يؤدِّي الزكاة الشرعية؛ لأن ذلك كان يظهر عند قومه فينكرونه عليه وهو لا يمكنه مخالفتهم ونحن نعلم قطعا أنه لم يكن يمكنه أن يحكم بينهم بحكم القرآن. والله قد فرض على نبيه بالمدينة أنَّه إذا جاءه أهل الكتاب لم يحكم بينهم إلا بما أنزل الله إليه، وحذره أن يفتنوه عن بعض ما أنزل الله إليه... والنَّجاشي ما كان يمكنه أن يحكم بحكم القرآن؛ فإنَّ قومه لا يقرونه على ذلك. وكثيرًا ما يتولى الرجل بين المسلمين والتتار قاضياً، بل وإماماً، وفي نفسه أمور من العدل يريد أن يعمل بها؛ فلا يمكنه ذلك. بل هناك من يمنعه ذلك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها. وعمر بن عبد العزيز عودي وأوذي على بعض ما أقامه من العدل. وقيل: إنه سُم َّعلى ذلك ! فالنجاشي وأمثاله سعداء في الجنة، وإن كانوا لم يلتزموا مع شرائع الإسلام ما لا يقدرون على التزامه؛ ل كانوا يحكمون بالأحكام التي يمكنهم الحكم بها. ولهذا جعل الله هؤلاء من أهل الكتاب... وهذا كما أنَّه قد كان بمكة جماعة من المؤمنين يستخفون بإيمانهم، وهم عاجزون عن الهجرة، قال تعالى: ((إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فإولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ننن إلا المستضفعين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفوراً ) [النساء: 97- 99]. فعذر سبحانه المستضعف العاجز عن الهجرة... فأولئك كانوا عاجزين عن إقامة دينهم فقد سقط عنهم ما عجزو عنه. فإذا كان هذا فيمن كان مشركا، وآمن؛ فما الظن بمن كان من أهل الكتاب وآمن ! ... وابن سلام وأمثاله هو واحد من جملة الصحابة والمؤمنين، وهو من أفضلهم. وكذلك سلمان الفارسي. فلا يقال فيه إنه من أهل الكتاب. وهؤلاء لهم أجور مثل أجور سائر المؤمنين؛ بل يؤتون أجرهم مرتين، وهم ملتزمون جميع شرائع الإسلام فأجرهم أعظم من أن يقال فيه(أولئك لهم أجرهم عند ربهم)). وأيضاً.. فإن أمر هؤلاء كان ظاهراً معروفاً، ولم يكن أحد يشك فيهم، فأي فائدة في الإخبار بهم. وما هذا إلا كما يقال الإسلام دخل فيه من كان مشركاً، ومن كان كتابياً، وهذا معلوم لكل أحد بأنه دين لم يكن يعرف قبل محمد صلى الله عليه وسلم. فكل من دخل فيه كان قبل ذلك؛ إما مشركا وإما من أهل الكتاب، إما كتابيا وإما أميا. فأي فائدة في الإخبار بهذا ؟! بخلاف أمر النجاشي وأصحابه؛ ممن كانوا متظاهرين بكثير مما عليه النصارى. فإنَّ أمرهم قد يشتبه، ولهذا ذكروا في سبب نزول هذه الآية: أنه لما مات النجاشي صلَّى عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال قائل: نصلي على هذا العلج النصراني، وهو في أرضه؛ فنزلت هذه الآية. هذا منقول عن جابر وأنس بن مالك وابن عباس، وهم من الصحابة الذين باشروا الصلاة على النجاشي. ... ولهذا قال تعالى: ((وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم)) [غافر: 28]. فهو من آل فرعون وهو مؤمن... وقد يقاتلون وفيهم مؤمن يكتم إيمانه، يشهد القتال معهم، ولا يمكنه الهجرة، وهو مكره على القتال، ويبعث يوم القيامة على نيته؛ كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يغزو جيش هذا البيت فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خسف بهم. فقيل: يا رسول الله، وفيهم المكره ؟! فقال: يبعثون على نياتهم ). وهذا في ظاهر الأمر وإن قتل وحكم عليه بما يحكم على الكفار فالله يبعثه على نيته. كما أن المنافقين منا يحكم لهم في الظاهر بحكم الإسلام، ويبعثون على نياتهم. فالجزاء يوم القيامة على ما في القلوب لا على مجرد الظواهر... وبالجملة.. لا خلاف بين المسلمين أن من كان في دار الكفر وقد آمن -وهو عاجز عن الهجرة- لا يجب عليه من الشرائع ما يعجز عنها. بل الوجوب بحسب الإمكان وكذلك ما لم يعلم حكمه...)). س 5: هل يجوز التصويت في الانتخابات والترشيح لها؟ مع العلم أن بلادنا تحكم بغير ما أنزل الله . ج 5: لا يجوز للمسلم أن يرشح نفسه رجاء أن ينتظم في سلك حكومة تحكم بغير ما أنزل الله، وتعمل بغير شريعة الإسلام، فلا يجوز لمسلم أن ينتخبه أو غيره ممن يعملون في هذه الحكومة، إلا إذا كان من رشح نفسه من المسلمين ومن ينتخبون يرجون بالدخول في ذلك أن يصلوا بذلك إلى تحويل الحكم إلى العمل بشريعة الإسلام، واتخذوا ذلك وسيلة إلى التغلب على نظام الحكم، على ألا يعمل من رشح نفسه بعد تمام الدخول إلا في مناصب لا تتنافى مع الشريعة الإسلامية. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: السؤال: ما حكم الانتخابات الموجودة في الكويت , علماً بأن أغلب من دخلها من الإسلاميين ورجال الدعوة فتنوا في دينهم؟ وأيضاً ما حكم الانتخابات الفرعية القبلية الموجودة فيها يا شيخ؟! الجواب: أنا أرى أن الانتخابات واجبة, يجب أن نعين من نرى أن فيه خيراً, لأنه إذا تقاعس أهل الخير من يحل محلهم؟ أهل الشر, أو الناس السلبيون الذين ليس عندهم لا خير ولا شر, أتباع كل ناعق, فلابد أن نختار من نراه صالحاً فإذا قال قائل: اخترنا واحداً لكن أغلب المجلس على خلاف ذلك, نقول: لا بأس, هذا الواحد إذا جعل الله فيه بركة وألقى كلمة الحق في هذا المجلس سيكون لها تأثير ولابد, لكن ينقصنا الصدق مع الله, نعتمد على الأمور المادية الحسية ولا ننظر إلى كلمة الله عز وجل, ماذا تقول في موسى عليه السلام عندما طلب منه فرعون موعداً ليأتي بالسحرة كلهم, واعده موسى ضحى يوم الزينة -يوم الزينة هو: يوم العيد؛ لأن الناس يتزينون يوم العيد- في رابعة النهار وليس في الليل, في مكان مستوٍ, فاجتمع العالم، فقال لهم موسى عليه الصلاة والسلام: وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى [طه:61] كلمة واحدة صارت قنبلة, قال الله عز وجل: فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ [طه:62] الفاء دالة على الترتيب والتعقيب والسببية, من وقت ما قال الكلمة هذه تنازعوا أمرهم بينهم, وإذا تنازع الناس فهو فشل, كما قال الله عز وجل: وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا [الأنفال:46] فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى [طه:62]. والنتيجة أن هؤلاء السحرة الذين جاءوا ليضادوا موسى صاروا معه, ألقوا سجداً لله, وأعلنوا: آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى [طه:70] وفرعون أمامهم, أثرت كلمة الحق من واحد أمام أمة عظيمة زعيمها أعتى حاكم. فأقول: حتى لو فرض أن مجلس البرلمان ليس فيه إلا عدد قليل من أهل الحق والصواب سينفعون, لكن عليهم أن يصدقوا الله عز وجل, أما القول: إن البرلمان لا يجوز ولا مشاركة الفاسقين, ولا الجلوس معهم, هل نقول: نجلس لنوافقهم؟! نجلس معهم لنبين لهم الصواب. بعض الإخوان من أهل العلم قالوا: لا تجوز المشاركة, لأن هذا الرجل المستقيم يجلس إلى الرجل المنحرف, هل هذا الرجل المستقيم جلس لينحرف أم ليقيم المعوج؟! نعم ليقيم المعوج, ويعدل منه, إذا لم ينجح هذه المرة نجح في المرة الثانية. السائل: ... الانتخابات الفرعية القبلية يا شيخ! الجواب: كله واحد أبداً رشح من تراه خَيِّرَاً، وتوكل على الله. ماذا يُسمَّى إذن ؟ وخوف إعلان التَّوحيد والبراءة من الشِّرك وإظهار ذلك، والاستسرار به =خشية القتل أوالتنكيل أوالتعذيب.. من هذه البابة، بل أولى. وقال الشيخ الإمام ابن تيميَّة رحمه الله أيضًا في منهاج السنَّة النَّبويَّة (6/146-244) باختصارٍ كثيرٍ جدًّا: ((وممَّا ينبغي أن يعلم أنَّ الله تعالى بعث الرُّسل وأنزل الكتب ليكون الناس على غاية ما يمكن من الصَّلاح، لا لرفع الفساد بالكُلَّيِّة؛ فإنَّ هذا ممتنعٌ في الطبيعة الإنسانية؛ إذ لا بد فيها من فساد، ولهذا قال تعالى: ((إنِّي جاعلٌ في الأرض خليفة قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدِّماء ونحن نسبِّح بحمدك ونقدِّس لك؟!)) [البقرة/ 30]. ولهذا لم تكن أمَّةٌ من الأمم إلَّا وفيها شرٌّ وفسادٌ، وأمثل الأمم قبلنا بنو إسرائيل، وكان فيهم من الفساد والشر ما قد عُلِم بعضه... ولا ريب أنَّ السِّتة الذين توفى رسول الله وهو عنهم راضٍ الذي عيَّنهم عمر لا يوجد أفضل منهم، وإن كان في كُلٍّ منهم ما كَرِهَه؛ فإنَّ غيرهم يكون فيه من المكروه أعظم، ولهذا لم يتولَّ بعد عثمان خيرٌ منه، ولا أحسن سيرة، ولا تولَّى بعد عليٍّ خيرٌ منه، ولا تولَّى ملك من ملوك المسلمين أحسن سيرة من معاوية ررر، كما ذكر الناس سيرته وفضائله. وإذا كان الواحد من هؤلاء له ذنوبٌ فغيرهم أعظم ذنوبًا وأقل حسنات، فهذا من الأمور التي ينبغي أن تعرف؛ فإنَّ الجاهل بمنزلة الذُّباب الذي لا يقع إلَّا على العقير، ولا يقع على الصَّحيح والعاقل يزن الأمور جميعًا، هذا وهذا... والجهل بالأدلة أوبالنَّظر فيها يورث الجهل، وأمَّا من كان عالمًا بما وقع، وبالأدلَّة، وعالمًا بطريقة النَّظَر والاستدلال فإنَّه يقطع قطعًا لا يَتَمَارى فيه أنَّ عثمان كان أحقهم بالخلافة، وأفضل من بقي بعده؛ فاتفاقهم على بيعة عثمان بغير نكير دليلٌ على أنَّهم لم يكن عندهم أصلح منه، وإن كان في ذلك كراهية في الباطن من بعضهم لاجتهادٍ أو هوى؛ فهذا لا يقدح فيها كما لا يقدح في غيرها من الولايات كولاية أسامة بن زيد وولاية أبي بكر وعمر. وأيضًا فإنَّ ولاية عثمان كان فيها من المصالح والخيرات ما لا يعلمها إلَّا الله، وما حصل فيها من الأمور التي كرهوها، كتأمير بعض بني أمية، وإعطائهم بعض المال، ونحو ذلك =فقد حصل من ولاية مَنْ بَعْدَه ما هو أعظم من ذلك من الفساد، ولم يحصل فيها من الصَّلاح ما حصل في إمارة عثمان. وأين إيثار بعض الناس بولايةٍ أو مالٍ من كون الأمَّة يسفك بعضها دماء بعض، وتشتغل بذلك عن مصلحة دينها ودنياها، حتى يطمع الكفَّار في بلاد المسلمين؟! وأين اجتماع المسلمين وفتح بلاد الأعداء من الفُرقة والفتنة بين المسلمين، وعجزهم عن الأعداء، حتى يأخذوا بعض بلادهم، أو بعض أموالهم قهرًا أو صلحًا!!... ويقال ثالثا إذا كان كذلك ظهرت حجة عثمان فإنَّ عثمان يقولُ: إنَّ بني أمية كان رسول الله يستعملهم في حياته، واستعملهم بعده من لا يتَّهم بقرابة فيهم أبوبكر الصديق ررر وعمر ررر، ولا نعرف قبيلة من قبائل قريش فيها عمَّال لرسول الله أكثر من بني عبد شمس؛ لأنَّهم كانوا كثيرين، وكان فيهم شرفٌ وسؤددٌ؛ فاستعمل النبي في عزة الإسلام على أفضل الأرض مكَّة (عتاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية)، واستعمل على نجران (أبا سفيان بن حرب بن أمية)، واستعمل أيضا (خالد بن سعيد بن العاص) على صدقات بني مذحج ... والقاعدة الكليَّة في هذا أن لا نعتقد أن أحدًا معصوم بعد النَّبي ، بل الخلفاء وغير الخلفاء يجوز عليهم الخطأ والذنوب، التي تقع منهم، قد يتوبون منها، وقد تكفَّر عنهم بحسناتهم الكثيرة، وقد يبتلون أيضًا بمصائب يكفِّر الله عنهم بها، وقد يكفر عنهم بغير ذلك. فكل ما ينقل عن عثمان غايته أنْ يكون ذنبًا، أو خطأً، وعثمان ررر قد حصلت له أسباب المغفرة من وجوهٍ كثيرةٍ، منها سابقته وإيمانه وجهاده وغير ذلك من طاعاته... ومنها أنَّه تاب من عامة ما أنكروه عليه، وأنَّه ابتلى ببلاءٍ عظيمٍ؛ فكفَّر الله به خطاياه، وصبر حتى قتل شهيدًا مظلومًا، وهذا من أعظم ما يكفِّر الله به الخطايا. وكذلك علي رضي الله عنه ما تنكره الخوارج وغيرهم عليه غايته أن يكون ذنبا أو خطأ، وكان قد حصلت له أسباب المغفرة من وجوهٍ كثيرةٍ.. ومنها أنَّه تاب من أمورٍ كثيرةٍ أنكرت عليه، وندم عليها، ومنها أنه قتل مظلومًا شهيدًا. فهذه القاعدة تغنينا أن نجعل كل ما فعل واحد منهم هو الواجب أو المستحب من غير حاجةٍ بنا إلى ذلك. والناس المنحرفون في هذا الباب صنفان: القادحون الذين يقدحون في الشخص بما يغفره الله له. والمادحون الذين يجعلون الأمور المغفورة من باب السَّعي المشكور. فهذا يغلو في الشخص الواحد حتى يجعل سيئاته حسنات، وذلك يجفو فيه حتى يجعل السيئة الواحدة منه محبطة للحسنات. وقد أجمع المسلمون كلهم حتى الخوارج على أن الذنوب تمحى بالتوبة، وأن منها ما يمحى بالحسنات. وما يمكن أحد أن يقول إن عثمان أو عليا أو غيرهما لم يتوبوا من ذنوبهم، فهذه حجة على الخوارج الذين يكفرون عثمان وعليًّا، وعلى الشيعة الذين يقدحون في عثمان وغيره، وعلى الناصبة الذين يخصون عليا بالقدح... وهذا الوليد بن عقبة الذي أنكر عليه ولايته قد اشتهر في التفسير والحديث والسِّيَر أنَّ النبيَّ ولَّاه على صدقات ناسٍ من العرب فلمَّا قرب منهم خرجوا إليه فظنَّ أنَّهم يحاربونه فأرسل الى النَّبيِّ يذكر محاربتهم له فأراد النَّبيُّ أن يرسل إليهم جيشًا فأنزل الله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)) [الحجرات/ 6]. فإذا كان حال هذا خفي على النبي صلى الله عليه و سلم فكيف لا يخفى على عثمان؟!! وإذا قيل: إنَّ عثمان ولَّاه بعد ذلك؟ فيُقَال: باب التَّوبة مفتوح، ... وعلي رضي الله عنه تبَّين له من عُمَّاله مالم يكن يظنُّه فيهم، فهذا لا يقدح في عثمان ولا غيره، وغاية ما يقال: إنَّ عثمان ولَّى من يعلم أنَّ غيره أصلح منه، وهذا من موارد الاجتهاد... وكذلك قوله: إنَّه استعمل سعيد بن العاص على الكوفة، وظهر منه ما أدَّى إلى أن أخرجه أهل الكوفة منها. فيُقَالُ: مجرد إخراج أهل الكوفة لا يدلُّ على ذنبٍ يوجب ذاك؛ فإنَّ القوم كانوا يقومون على كلِّ والٍ! قد قاموا على سعد بن أبي وقاص، وهو الذي فتح البلاد، وكسر جنود كسرى، وهو أحد أهل الشورى، ولم يتول عليهم نائب مثله، وقد شكوا غيره مثل عمار بن ياسر، وسعد بن أبي وقاص، والمغيرة بن شعبة، وغيرهم، ودعا عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: ((اللهم إنهم قد لبسوا علي فلبس عليهم)). وإذا قُدِّر أنَّه أذنب ذنبًا فمجرَّد ذلك لا يوجب أن يكون عثمان راضيًا بذنبه. ونوَّابُ علي قد أذنبوا ذنوبًا كثيرةً، بل كان غير واحد من نوَّاب النَّبيِّ يذنبون ذنوبًا كثيرة، وإنما يكون الإمام مذنبًا إذا ترك ما يجب عليه من إقامة حدٍّ، أو استيفاء حقٍّ، أو اعتداء ونحو ذلك. وإذا قُدِّر أنَّ هناك ذنبًا فقد عُلِم الكلام فيه... الخ)).
تنبيهٌ: هذه النُّقول تتعلَّق بطرفٍ من السَّياسة الشَّرعيَّة في حكم الرَّاعي للرَّعيَّة، وقد آثرتُ عدم التَّعليق على أيِّ نقلٍ أنقله، ومن لم يدرك شيئًا من ذلك فعليه بقول القائل: إذا لم تستطع شيئًا فدعه وجاوزه إلى ما تستطيعُ عضو: عبدالله بن قعود - عضو: عبدالله بن غديان - نائب الرئيس: عبد الرزاق عفيفي - الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز
" والقدر الذي أردُّته ههنا في المسألة ليس تحقيق أمر النَّجاشي، بل تحقيق موقف ابن تيمية من مثله فيما لو ثبت ما ذكره عنه أولم يثبت؛ فهو يقرَّر ذلك سواء صحَّ خبر النَّجاشيِّ أولم يصحَّ يتكلَّم عن المسألة ويقرِّرها، ويذكر قصَّة النَّجاشي كمثال، فلو ثبت مثله أخذ حكمه " فحتى نحقق موقف ابن تيمية من مثل النجاشي, نحتاج في نظري أن ننظر من ثلاث جهات 1- تخريج المناط, فنحصر مناطات الحكم المحتملة, أي ما يحتمل صلاحيته لتعليق الحكم عليه من الأوصاف. 2- تنقيح المناط, فتلغي الأوصاف الزائدة ونقتصر على المؤثر في الحكم عند ابن تيمية 3- تحقيق المناط, بالنظر في الواقعة التي نريد تطبيق تقعيد ابن تيمية عليها, والتأكد من وجود المناط فيها, ومن انتفاء موانع يمتنع معها تطبيق القاعدة على الواقعة, والتأكد من وجود أي شرط تنتفي بانتفاءه صلاحية القاعدة لتطبيقها على الواقعة أظن لو سار الباحث على هذا المنوال - مع الإخلاص - ستكون النتيجة مثمرة ذات فائدة ومعلوم أن هذه الثلاث هي من أضرب الاجتهاد, ولذلك تحتاج لجهد, كما تحتاج لحد أدنى من التأهيل العلمي عند الباحث وفق الله الجميع لما يجب ويرضى وصلى الله على نبينا محمد.
‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗
| |
|