تلقين الرسول صلى عليه وسلم لولده إبراهيم ، وأراء العلماء فى صحة وحكم تلقين الميت
تلقين الرسول صلى عليه وسلم لولده إبراهيم ، وأراء العلماء فى صحة وحكم تلقين الميت
تلقين الرسول صلى عليه وسلم لولده إبراهيم ، وأراء العلماء فى صحة وحكم تلقين الميت
تلقين الرسول صلى عليه وسلم لولده إبراهيم ، وأراء العلماء فى صحة وحكم تلقين الميت
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
تلقين الرسول صلى عليه وسلم لولده إبراهيم ، وأراء العلماء فى صحة وحكم تلقين الميت
يوم نام إبراهيم ابن الرسول عليه الصلاة والسلام في حضن أمه مارية وكان عمره ستة عشر شهراً والموت يرفرف بأجنحته عليه ، والرسول عليه الصلاة والسلام ينظر إليه ويقول له :
يا إبراهيم أنا لا أملك لك من الله شيئاً ..
ومات إبراهيم وهو آخر أولاده ...
فحمله الأب الرحيم ووضعهُ تحت أطباق التراب وقال له :
يا إبراهيم إذا جاءتك الملائكة فقل لهم :
الله ربي ورسول الله أبي والإسلام ديني ..
فنظر الرسول عليه الصلاة والسلام خلفهُ فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُنهنه بقلب صديع فقال له : ما يبكيك يا عمر ؟ فقال عمر رضي الله عنه يا رسول الله :
إبنك لم يبلغ الحُلم ولم يجر ِعليه القلم وليس في حاجة إلى تلقين فماذا يفعل ابن الخطاب .!؟
وقد بلغ الحُلم وجرى عليه القلم ولا يجد ملقناً مثلك يا رسول الله !
وإذا بالإجابة تنزل من رب العالمين جل جلاله بقوله تعالى رداً على سؤال عمر:
{ يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ } إبراهيم27
نسأل الله تعالى أن يثبتنا عند سؤال الملكين ويهون علينا وحدة القبر ووحشته ، ويغفر لنا ويرحمنا انه على ما يشاء قدير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلِّ اللهم وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله
أراء علماء الأمة وإختلافهم فى صحة وحكم تلقين الميت
فصل في استحباب تلقين الميت في قبره
قال الشيخ موفق الدين بن قدامة المقدسي في كتابه الكافي في فقه الإمام المبجل احمد بن حنبل 1 / 272 فصل : سُئل احمد رضي الله عنه عن تلقين الميت في قبره
فقال : ما رأيت أحداً يفعله إلا أهل الشام ، قال : وكان أبو المغيرة يروي فيه عن أبي بكر بن أبي مريم عن أشياخهم انهم كانوا يفعلونه ، وقال القاضي وأبو الخطاب يستحب ذلك ، ورويا فيه حديثا عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم عند رأس القبر ثم ليقل : يا فلان بن فلانة فأنه يسمع ولا يجيب ، ثم ليقل يا فلان ابن فلانة الثانية ، فيستوي قاعداً ثم ليقل يا فلان ابن فلانة ، فإنه يقول أرشدنا يرحمك الله ، ولكن لا تسمعونه فيقول : اذكر ما خرجت عليه من الدنيا : شهادة أن لا اله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله ، وانك رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ، وبالقرءان إماماً . فان منكراً ونكيراً يتأخر كل واحد منهما ، فيقول : انطلق ما يقعدنا عند هذا وقد لقن حجته ويكون عند الله حجيجه دونهم .
فقال رجل : يا رسولَ الله فإن لم يعرف اسم أمه ؟ قال : فلينسبه إلى حواء " ، رواه الطبراني في معجمه بمعناه .
وذكر ابن قيم الجوزية في كتابه " مشروعية زيارة القبور " ما رواه الطبراني من حديث أبي أمامة وقال عقبه ‘‘ فاتصال العمل أي بتلقين الميت في قبره في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار كافٍ في العمل به وقال ما نصه ‘‘ ويدل على هذا أيضاً ما جرى عليه عمل الناس قديماً وإلى الآن من تلقين الميت في قبره ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم يكن فيه فائدة وكان عبثاً .
‘‘ وقد سُئل عنه الإمام أحمد رحمه الله فاستحسنه واحتج عليه بالعمل . ونص على ذلك أيضاً في كتابه الروح ص : 38 ـ39
وفي كتاب الإختيارات العلمية وهي إختيارات ابن تيمية الحراني رتبها على الأبواب الفقهية علي بن محمد البعلي الدمشقي ص 373 قال : وتلقين الميت بعد موته ليس بواجب بإجماع المسلمين ، ولكن من الأئمة من رخص فيه ، كالإمام احمد وقد استحبه طائفة من أصحابه وأصحاب الشافعي ،
قال : ومن العلماء من يكرهه لاعتقاده انه بدعة كما يقوله من يقوله من أصحاب مالك وغيره فالأقوال فيه ثلاثة : الاستحباب والكراهة والإباحة وهو اعدل الأقوال . ا.هـ .
وقال ابن تيمية ايضا : أما استحباب الترك فلا يدل على تحريم الفعل . كما هو مقرر في علم الاصول , وكما قال الحافظ ابن حجر في الفتح . فكن ايها الطالب للحق على ذكر من كلام ابن تيمية مع انحرافه عن اهل السنة وهو مرجع هذه الفرقة الشاذة , في جواز ذلك وعدم تحريمه لتبطل به دعوى الوهابية التحريم , وفي كلامه هنا ان البدعة ليست تحريمية بل بدعة كراهة .
ومن اعجب ما رأيت مما يدحض ويقطع أباطيل الوهابية لمنعهم التلقين ونسف كلامهم من جذوره وقلعه من اصله ، ما في كتاب محمد بن عبد الوهاب – زعيم هذه الفرقة المنحرفة الشاذة – بعد ابن تيمية الحراني المؤسس الأول وابن قيم الجوزية ص 19.
قال اخرج الطبراني في الكبير وابن منده عن أبي امامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا مات أحد من إخوانكم ، فسويتم التراب عليه ، فليقم أحدكم على رأس قبره ثم يقول : يا فلان بن فلانة ، فإنه يسمعه ولا يجيب ـ ثم ليقل : يا فلان بن فلانة ، فإنه يستوي قاعدا ثم يقول يا فلان بن فلانة فإنه يقول : أرشدنا رحمك الله ، ولكن لا تشعرون ، فليقل : اذكر ما خرجت عليه من الدنيا ، شهادة أن لا اله إلا الله ، وان محمدا رسول الله ، وأنك رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبياً ، وبالقرءان إماماً ، فإن منكراً ونكيراً يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ، ويقول : انطلق بنا ، ما نقعد عند من لقن حجته فيكون الله حجيجه دونهما ، قال رجل : يا رسول الله ، فإن لم يعرف أمه ؟ قال : ينسبه إلى حواء ، يا فلان بن حواء ".
فبماذا يجيبون هؤلاء المشوشون على كلام زعيمهم هل يبدعونه أم يصدحون للحق ويذعنون للصواب ويتركون مقالتهم الزائفة .
وقال الحافظ نور الدين الهيثمي المتوفى سنة 807 في كتابه مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 2 / 324 ، وعن سعيد بن عبد الله الأودي قال: شهدت أبا امامة الباهلي وهو في النزع فقال : إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فقال :" إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب عليه ، فليقم أحدكم على رأس قبره ، ثم ليقل يا فلان بن فلان بن فلانة فانه يسمع ولا يجيب ، ثم يقول : يا فلان ابن فلانة فانه يستوي قاعدا ثم يقول يا فلان بن فلانه فانه يقول : أرشدنا رحمك الله ، ولكن لا تشعرون ، فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا اله إلا الله ، وان محمداً عبده ورسوله ، وأنك رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وبالقرءان إماماً ، فإن منكراً ونكيراً يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ، ويقول انطلق بنا ما نقعد عند من لقن حجته ، فيكون الله حجيجه دونهما ، قال رجل : يا رسول الله فان لم يعرف أمه ، قال : فينسبه إلى حواء يا فلان بن حواء " رواه الطبراني في الكبير وفيه من لم اعرفه جماعة .
وقال الحافظ السيوطي في شرح الصدور ص 142 تحت " باب ما يقال عند الدفن والتلقين " وأخرج الطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره وليقرأ عند رأسه فاتحة الكتاب " ولفظ البيهقي : " فاتحة البقرة ، وعند رجله بخاتمة سورة البقرة في قبره " .
وأخرج الطبراني عن عبد الرحمن بن العلاء بن الجلاح الصواب اللجلاج قال : قال لي أبي : يا بني إذا وضعتني في لحدي فقل : بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم سن علي التراب سناً ، ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك ثم قال وأخرج الطبراني في الكبير وابن منده عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا مات أحدكم من إخوانكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس القبر ثم ليقل يا فلان ابن فلانة ...... الحديث .
واخرج ابن منده من وجه آخر عن أبي أمامة الباهلي ، قال : إذا مت فدفنتموني ، فليقم إنسان عند رأسي فليقل : يا صدي بن عجلان اذكر ما كنت عليه في الدنيا ، شهادة أن لا اله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله . وأخرج سعيد بن منصور ، عن راشد بن سعد وضمرة بن حبيب وحكيم ابن عمير ، قالوا : إذا سوي على الميت قبره ، وانصرف الناس عنه ، كان يستحب أن يقال للميت عند قبره : يا فلان ، قل لا إله إلا الله ، ثلاث مرات ، يا فلان : قل ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم ثم ينصرف ا.هـ. ملخصاً .
وقال الترمذي الحكيم : الوقوف على القبر وسؤال التثبيت في وقت الدفن ، مدد للميت بعد الصلاة ، لأن الصلاة لجماعة المؤمنين كالعسكر له ، قد اجتمعوا بباب الملك ، يشفعون له ، والوقوف على القبر ، وسؤال التثبيت ، مدد للعسكر ، وذلك ساعة شغل الميت لأنه يستقبله هول المطلع وسؤال الفتانين .
وفي كتاب نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار " باب الدعاء للميت بعد دفنه " ( عن عثمان قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ) رواه أبو داود .
وعن راشد بن سعد وضمرة بن حبيب وحكيم بن عمير قالوا : إذا سوى على الميت قبره وانصرف الناس عنه ، كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره يا فلان قل لا إله إلا الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم ثم ينصرف ، رواه سعيد في سننه ،
الحديث الأول أخرجه أيضاً الحاكم وصححه والبزار وقال : لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه .
والأثر المروى عن راشد المذكور شهد صفين مع معاوية ضعفه ابن حزم وقال الدار قطني يعتبر به ، والثلاثة كلهم من قدماء التابعين حمصيون
وقد روي نحوه مرفوعاً من حديث أبي امامة عند الطبراني وعبد العزيز الحنبلي في الشافي أنه قال : إذا أنا مت فاصنعوا بي كما امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره ، ثم ليقل : يا فلان فانه يسمعه ولا يجيب ، ثم يقول : يا فلان بن فلانة فانه يقول : أرشدنا يرحمك الله ولكن لا تشعرون ، فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا اله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله ، وانك رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبياً ، وبالقرءان إماماً ، فان منكراً ونكيراً يأخذ كل واحد بيد صاحبه ويقول : انطلق بنا ما يقعدنا عند من لقن حجته فقال رجل : يا رسول الله فان لم يعرف أمه ، قال : ينسبه إلى أمه حواء يا فلان ابن حواء " ، قال الحافظ في التلخيص وإسناده صالح ، وقد قواه الضياء في أحكامه . وفي إسناده سعيد الأزدي بيض له أبو حاتم ، وقال الهيثمي بعد أن ساقه في إسناده جماعة لم اعرفهم انتهى .
وفي إسناده أيضاً عاصم بن عبد الله وهو ضعيف قال الأثرم قلت لأحمد هذا الذي يصنعونه إذا دفن الميت ، يقف الرجل ويقول : يا فلان بن فلانة قال : ما رأيت أحد يفعله إلا أهل الشام حين مات أبو المغيرة يروي فيه عن أبي بكر بن أبي مريم عن أشياخهم انهم كانوا يفعلونه وكان إسماعيل بن عياش يرويه ، يشير إلى حديث أبي امامة انتهى .
وقد استشهد في التلخيص لحديث أبي أمامة بالأثر الذي رواه سعيد بن منصور ، وذكر له شواهد أخر . قوله وعن راشد وضمرة هما تابعيان قديمان وكذلك حكيم بن عمير وكل الثلاثة من حمص ( قوله كانوا يستحبون ) ظاهره أن المستحب لذلك الصحابة الذين أدركوهم وقد ذهب إلى استحباب ذلك أصحاب الشافعي اهــ. كلام الشوكاني .
ومثله في سبل السلام للصنعاني ، لكنه ذكر أن صاحب المنار قال فيه : إن حديث التلقين هذا حديث لا يشك أهل المعرفة بالحديث في وضعه ، وأنه أخرجه سعيد بن منصور في سننه عن حمزة بن حبيب عن أشياخ له من أهل حمص ، فالمسئلة حمصية . وأما جعل " اسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل " شاهداً له ، فلا شهادة فيه .
وكذلك أمر عمرو بن العاص بالوقوف عند قبره مقدار ما ينحر جزور ليستأنس بهم عند مراجعة رسل ربه لا شهادة فيه على التلقين وابن القيم جزم في الهدي بمثل كلام المنار . وأما في كتاب الروح فإنه جعل حديث التلقين من أدلة سماع الميت لكلام الأحياء ، وجعل اتصال العمل بحديث التلقين من غير نكير كافياً في العمل به ولم يحكم له بالصحة بل قال في كتاب الروح إنه حديث ضعيف ، ويتحصل من كلام أئمة التحقيق أنه حديث ضعيف والعمل به بدعة ولا يغتر بكثرة من يفعله . اهـ
كلامه في كتابه سبل السلام ص 151 ج 2 . أقول وفي كلامه حق وباطل ، وقد بينا في كتابنا الحق من أئمة التحقيق وأن العمل على التلقين وأنه سنة الأولين من غير نكير فلا يهولنك كلامه فهو رجل متخبط أيضاً فمن قرأ في كتبه عرف مبلغ تناقضه واضطرابه وتخليطه وخلطه بين الحق والباطل .
وهو ممن يقول بتحريم التمسح بجدار القبر ، وقال في كتابه المذكور ص 157 وأما ما أحدثه العامة من خلاف هذا كدعائهم الميت والإستصراخ به والاستغاثة به وسؤال الله بحقه وطلب الحاجات إليه تعالى به فهذا من البدع والجهالات .
ويقول ج 1 ص12 وأما قوله " نعم البدعة " فليس في البدعة ما يمدح بل كل بدعة ضلالة . وقد حام على قول سيدنا عمر رضي الله عنه ولمزه بلمزٍ لم أستسيغه كما لمز بمثله الشوكاني .
ويكفي في الرد عليه ما في كتاب العلل ومعرفة الرجال ما نصه : سألته " أي والده الإمام أحمد " عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله جل وعز فقال :لا بأس بذلك
وما رواه البيهقي وغيره بإسناد صحيح عن مالك الدار {وكان خازن عمر} قال " أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلي لله عليه وسلم : فقال يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا ، الحديث وفيه تصديق الفاروق له .
وقال في فتح الباري ما نصه : " وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيحٍ من رواية أبي صالحٍ عن مالك الدار الحديث . وقد أقر الحافظ ابن كثير الحافظ العلم البيهقي بصحة الحديث .
وننقض قوله في البدعة ما رواه مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء .
قال ابن حجر في الفتح وقد تنقسم " أي البدعة " إلى الأحكام الخمسة .
وروى البيهقي في مناقب الشافعي عن الشافعي رضي الله عنه قال: " المحدثات من الأمور ضربان : أحدهما ما أحدث مما يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً فهذه البدعة الضلالة والثانية : ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا ، وهذه محدثة غير مذمومة .
وقال النووي في كتاب تهذيب الأسماء واللغات ما نصه : " البدعة بكسر الباء في الشرع هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ، وهي منقسمة إلى حسنة وقبيحة . وقال ابن عبد السلام في كتاب القواعد " البدعة منقسمة إلى واجبة ومحرمة ومندوبة ومباحة .
والشواهد والأدلة كثيرة والذي أردناه من هذا البيان تبيان غلطه وعدم صحة دعواه .وكذلك تبع ابن تيمية في مسألة الطلاق وشذ عن الاجماع ، وقد ادعى أنه لا يمكن تصور وجود الاجماع وهو ممن ينكره . ذكر ذلك في بعض كتبه .
تتممــــــــــــــــــــــــــــة :
وقول الحافظ الهيثمي وفي إسناده جماعة لم أعرفهم ، فقد عرفهم غيره بدليل قول الحافظ ابن حجر وإسناده صالح وتقوية الحافظ الضياء له دليلان لمعرفة من لم يعرفهم الهيثمي .والقاعدة المقررة أن من حفظ حجة على من لم يحفظ .
وقال ابن قدامة في المغني 2 / 381 بعد ذكره قول الأثرم للإمام احمد قال : قال القاضي وأبو الخطاب يستحب ذلك " أي التلقين " ورويا فيه عن أبي امامة الباهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحديث ، رواه ابن شاهين في كتاب ذكر الموت بإسناده . وذكر نحوه في الشرح الكبير .
قال الإمام النووي في كتابه روضة الطالبين 2 / 137 فرع ، ويستحب أن يلقن الميت بعد الدفن ، فيقال : يا عبد الله ابن أمة الله ، اذكر ما خرجت عليه من الدنيا ، شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، وأن البعث حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأنك رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ، وبالقرءان إماماً ، وبالكعبة قبلة ، وبالمؤمنين إخوانا .
ورد به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم . قلت هذا التلقين استحبه جماعات من أصحابنا منهم : القاضي حسين ، وصاحب " التتمة " والشيخ نصر المقدسي في كتابه " التهذيب " وغيرهم ، ونقله القاضي حسين عن أصحابنا مطلقاً ، والحديث الوارد فيه ضعيف ، لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم من المحدثين وغيرهم وقد اعتضد هذا الحديث بشواهد من الأحاديث الصحيحة ، كحديث " اسألوا له التثبيت " ووصية عمرو بن العاص " أقيموا عند قبري قدر ما تنحر جزور ، ويقسم لحمها حتى استأنس بكم ، وأعلم ماذا أراجع به رسل ربي " رواه مسلم في" صحيحه " ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا التلقين من العصر الأول ، وفي زمن من يقتدي به
قال أصحابنا : ويقعد الملقن عند رأس القبر ا.هـ.
وفي فتاوى العلامة السيد علوي المالكي رحمه الله : والثاني تلقين الميت بعد الدفن وأثبته الشافعية والحنفية وأكثر المجتهدين وهي الرواية الأخرى عن مالك رضي الله عنه وبذلك جزم القرطبي والثعالبي وصاحب المدخل والشيخ عبد الباقي رحمهم الله تعالى ودليل ثبوته الحديث الذي رواه السخاوي في كتابه المقاصد الحسنة عن سعيد بن عبد الله الأزدي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه وهو حديث طويل يعرف بالوقوف عليه في موارده وفيه إثبات التلقين بعد الدفن والحديث وإن كان ضعيفاً لكن يعمل به في فضائل الأعمال خصوصاً.
وقد اندرج تحت أصل كلي وهو نفع المؤمن أخاه وتذكره فإن الذكرى تنفع المؤمنين وقد أخرج الحديث أيضاً صاحب شفاء الصدور وكنز الأسرار اهـ .قال الحافظ السيوطي في تدريب الرواي يحكم للحديث بالصحة اذا تلقاه الناس بالقبول وان لم يكن له اسناد صحيح قال ابن عبد البر في الاستذكار لما حكى الترمذي ان البخاري صحح حديث هو الطهور ماؤه , وأهل الحديث لا يصححون مثل اسناده ولكن الحديث عندي صحيح لان العلماء تلقوه بالقبول وقال في التمهيد روي جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الدينار أربعة وعشرون قيراطا , قال وفي قول العلماء واجماع الناس على معناه غنى عن الاسناد اه كلام السيوطي
وقد قال الامام الشافعي في كتابه جماع العلم , ومنها اي من الادلة ما اجتمع المسلمون عليه وحكوا عمن قبلهم وان لم يقولوا هذا بكتاب ولا سنة . اه المراد منه .
وقال الإمام أبو القاسم الرافعي المتوفى 623 هـ ، في فتح العزيز شرح الوجيز : ويستحب أن يلقن الميت بعد الدفن فيقال :
يا عبد الله ابن أمة الله اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق وأن البعث حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وانك رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا وبمحمد نبياً ، وبالقرءان إماماً وبالكعبة قبلة ، وبالمؤمنين إخوانا ، ورد الخبر به عن النبي صلى الله عليه وسلم ا.هـ.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في تلخيص الحبير" قوله " : ويستحب أن يلقن الميت بعد الدفن فيقال يا عبد الله يا ابن أمة الله اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، وأن البعث حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وانك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرءان إماماً وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا
ورد به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم : الطبراني عن أبي أمامة : إذا أنا مت فاصنعوا بي كما امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصنع بموتانا امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فانه يسمعه ولا يجيب ثم يقول يا فلان ابن فلانة فانه يستوي قاعدا ثم يقول : يا فلان بن فلانة فانه يقول أرشدنا يرحمك الله ولكن لا تشعرون ، فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنك رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وبالقرءان إماماً ، فان منكراً ونكيراً يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول انطلق بنا ما يقعدنا عند من قد لقن حجته قال : فقال رجل : يا رسول الله وان لم يعرف أمه ، قال : ينسبه إلى أمه حواء يا فلان ابن حواء " وإسناده صالح
وقد قواه الضياء في أحكامه له وأخرجه عبد العزيز في الشافي والراوي عن أبي امامة سعيد الازدي بيض له ابن أبي حاتم ، ولكن له شواهد منها ما رواه سعيد بن منصور من طريق راشد بن سعد وضمرة بن حبيب وغيرهما قالوا :
إذا سوى على الميت قبره وانصرف الناس عنه ، كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره : يا فلان قل لا إله إلا الله ، قل أشهد أن لا اله إلا الله ثلاث مرات قل ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد ثم ينصرف . وروى الطبراني من حديث الحكم بن الحارث السلمي انه قال لهم : إذا دفنتموني رششتم على قبري الماء فقوموا على قبري واستقبلوا القبلة وادعوا لي .
وروى ابن ماجه من طريق سعيد بن المسيب عن ابن عمر في حديث سبق بعضه وفيه سوى اللبن عليها قام إلى جانب القبر ثم قال : اللهم جاف الأرض عن جنبيها وصعد روحها ولقها منك رضوانا وفيه انه رفعه ، ورواه الطبراني . وقال السخاوي في المقاصد ص 176 الحسنة وعزا الإمام أحمد العمل به لأهل الشام وابن العربي لأهل المدينة وغيرهما كقرطبة وغيرها وأفردت للكلام عليه جزءاً
وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص انه قال لهم في حديث عند موته :
إذا دفنتموني أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها حتى استأنس بكم وأعلم بماذا أراجع رسل ربي ، وقد تقدم حديث واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ،
وقال الأثرم قلت لأحمد هذا الذي يصنعونه إذا دفن الميت ، يقف الرجل ويقول : يا فلان بن فلانة قال ما رأيت أحدا يفعله إلا أهل الشام حين مات أبو المغيرة ، يروى فيه عن أبي بكر بن أبي مريم عن أشياخهم انهم كانوا يفعلونه ، وكان إسماعيل بن عياش يرويه يشير إلى حديث أبي امامة ا.هـ.
وقال ابن القيم في كتابه الروح : وقد ترجم الحافظ أبو محمد عبد الحق الإشبيلي على هذا فقال ذكر ما جاء أن الموتى يسألون عن الأحياء ويعرفون أقوالهم وأعمالهم ثم قال ذكر أبو عمر ابن عبد البر من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " ما من رجل يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام ".
ويروى هذا من حديث أبي هريرة مرفوعاً قال :فان لم يعرفه وسلم عليه رد عليه السلام .
قال ويروى من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من رجل يزور قبر أخيه فيجلس عنده إلا استأنس به حتى يقوم .
واحتج الحافظ أبو محمد في هذا الباب بما رواه أبو داود في سننه من طريق أبي هريرة قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ثم قال وكان صلى الله عليه وآله وسلم يعلمهم أن يقولوا إذا دخلوا المقابر السلام عليكم أهل الديار { رواه مسلم والنسائي وابن ماجه وغيرهم} الحديث قال وهذا يدل على أن الميت يعرف سلام من يسلم عليه ودعاء من يدعو له .
وقال صح عن عمر بن دينار أنه قال " ما من ميت يموت إلا وهو يعلم ما يكون في أهله بعده وأنهم ليغسلونه ويكفونه وأنه لينظر اليهم " وصح عن مجاهد أنه قال : " ان الرجل ليبشر في قبره بصلاح ولده من بعده " .
وقال فى فصل : ويدل على هذا أيضاً على ما جرى عليه عمل الناس قديماً والى الآن من تلقين الميت في قبره ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم يكن فيه فائدة وكان عبثاً وقد سُئل عنه الإمام أحمد رحمه الله فاستحسنه واحتج عليه بالعمل .
ويروى فيه حديث ضعيف ذكره الطبراني في معجمه من حديث أبي أمامة ، وذكر الحديث الى أن قال فهذا الحديث وان لم يثبت فاتصل العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار كاف في العمل به وما أجرى الله سبحانه العادة قط بأن أمته طبقت مشارق الأرض ومغاربها وهي أكمل الأمم عقولاً وأوفرها معارف تطبق على مخاطبة من لا يسمع ولا يعقل وتستحسن ذلك لا ينكره منها منكر بل سنه الأول للآخر ويقتدي فيه الآخر بالأول فلولا أن المخاطب يسمع لكان ذلك بمنزلة الخطاب للتراب والخشب والحجر والمعدوم
وقال وقد روى أبو داود في سننه بإسناد لا بأس به أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حضر جنازة رجل فلما دفن قال : " سلوا لأخيكم التثبيت فانه الآن يُسأل " فاخبر أنه يُسأل حينئذ وإذا كان يُسأل فانه يسمع التلقين وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الميت يسمع قرع نعالهم إذا ولوا منصرفين .
وقد سُئل ابن تيمية هل يعلم الأموات بزيارة الأحياء ؟ وهل يعلمون بالميت من قرابتهم إذا مات أو غيره؟
فأجاب نعم قد جاءت الآثار بتلاقيهم وتساؤلهم وعرض أعمال الأحياء على الأموات ، كما روى ابن المبارك عن أبي أيوب الأنصاري قال : إذا قبضت نفس المؤمن تلقاها الرحمة من عباد الله ، كما يتلقون البشير من الدنيا … الحديث . وأما علم الميت بالحي إذا زاره وسلم عليه ففي حديث ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه ، إلا عرفه ، ورد عليه السلام قال ابن المبارك ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ,وصححه عبد الحق صاحب الأحكام .ذكره في مجموع الفتاوى 24/331.
ولا تلتفت إلى ما قاله الألباني في كتبه أن العمل به {أي التلقين } بدعة ولا يغتر بكثرة من يفعله .
ولا تلتفت أيضاً إلى من ينكر سماع الموتى من الوهابية وغيرهم كما يروى عن صاحب روح المعاني،
وقد قال ابن تيمية في تفسير الآية{إنك لا تسمع الموتى } قال فإن المراد بذلك سمع القبول والإمتثال كما في مجموع الفتاوى .
وقال الشيخ العبدري وفي الألفاظ الواردة في السلام على أهل القبور دلالة على ذلك ، وذلك في نحو قول الزائر { السلام عليكم يا أهل القبور ، يغفر الله لنا ولكم ، أنتم سلفنا ونحن بالأثر } أخرجه الترمذي وحسنه وفي صحيح مسلم بلفظ : { السلام عليكم دار قوم مؤمنين } الحديث ، فلولا صحة سماع الميت لم يكن لهذا الخطاب معنى ولا حجة في استدلال نفاة التوسل بقول الله تعالى : { وما أنت بمسمع من في القبور 22 } سورة فاطر فإنه مؤول لا يحمل على الظاهر
والمراد به تشبيه الكفار بمن في القبور في عدم انتفاعهم بكلامه وهم أحياء ، وليس المعنى أته لا يحصل لأهل القبور سماع شيء من كلام الأحياء على الإطلاق للأخبار الصحيحة .
منها ما رواه البخاري أن رسول الله قام على القَلِيب قليب بدرٍ وفيه قتلى المشركين فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء ء ابائهم يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان قال : ‘‘ إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً "، فقال عمر : ما تُكَلمُ من أجساد لا أرواح لها ، فقال رسول الله : " والذي نفس محمدٍ بيده ما أنتم بأسمعَ بما أقول " .
وكذلك حديثُ البخاريِ عن أنسٍ عن النبي " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم " .
ثم مما يؤيد صحة سماع الموتى ما رواه الترمذي أن رجلاً ضرب خباءه ليلاً على قبر فسمع من القبر قراءة { تبارك الذي بيده الملكُ } الملك ـ إلى أخرها فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " هي المانعة هي المنجية " حسنه السيوطي فإذا كان من على وجه الأرض عند القبر يسمع قراءة صاحب القبر ، فأي مانع من أن يسمع صاحب القبر كلام من على وجه الأرض ولو كان في مسافة بعيدة من صاحب القبر بالنسبة لعباد الله الذين منحهم الله الكرامات كما سمع الجيش الذي كان مع سارية في نهاوند صوت عمر وهو على المنبر في المدينة .
ثم ذكر حديث أبي أمامة الباهلي وقول الحافظ فيه إسناده صالح ، وقد قواه الضياء في أحكامه ، إلى أن قال وأما الحي الغائب فإنه يدل على صحة سماعه خطاب من يناديه من بعيد قصة عمر رضي الله عنه في ندائه جيشه الذي كان بأرض العجم بقوله : " يا سارية الجبل الجبل " فسمعه سارية بن زنيم وكان سارية قائد الجيش ، فانحاز بجيشه إلى الجبل فانتصروا . صححه الحافظ الدمياطي في جزءٍ ألفه لهذه القصة ، ووافقه الحافظ السيوطي على ذلك .
وأوردها الحافظ الزبيديُ فقال في شرحِ القاموسِ في فصلً السين من باب الواو والياء ما نصه : " وسارية بن زنيم بن عمرو بن عبد الله بن جابر بن محمية بن عبد بن عدي بن الديل الخلجي الكناني الذي ناداه عمر رضي الله عنه على المنبر وسارية بنهاوند فقال يا سارية الجبل الجبل ،فسمع صوته وكان يقاتل العدو فانحاز بهم إلى الجبل ، فسلم من مكيدتهم ، وهذه الكرامة ذكرها غير واحد من أصحاب السير ، وقد ذكره ابن سعد وأبو موسى ولم يذكرا ما يدل له على صحبة لكنه أدرك ، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين .
ومن الدليل على صحة سماع الغائب النداء من بعيد ما ثبت أن ابن عباس قال : قام إبراهيم على الحجر فقال : يا أيها الناس كتب عليكم الحج ، فأسمع من في أصلاب الآباء وأرحام النساء فأجابه من أمن ومن كان سبق في علم الله أنه يحج إلى يوم القيامة : لبيك اللهم لبيك . صححه الحافظُ ابنُ حجرٍ .اهـ .
وجنح ابن تيمية في بعض فتواه إلى قولٍ آخر وهو أن الميت يسمع في الجملة كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال " يسمع قعر نعالهم حين يولون عنه " وكذلك كما ورد في حديث قتلى بدر حينما ألقوا في قليب وقد جيفوا وناداهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم …. الحديث ، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر بالسلام على أهل القبور ويقول " قولوا السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين " الحديث ، فهذا خطاب لهم وإنما يخاطب من يسمع ، ثم قال فهذه النصوص وأمثالها تبين أن الميت يسمع في الجملة كلام الحي ، ولا يجب أن يكون السمع له دائماً ، بل قد يسمع في حال دون حال ، كما قد يعرض للحي فإنه قد يسمع أحياناً خطاب من يخاطبه ، وقد لا يسمع لعارض يعرض له وهذا السمع سمع إدراك ليس يترتب عليه جزاء ، ولا هو السمع المنفي بقوله " إنك لا تسمع الموتى" فإن المراد بذلك سمع القبول والإمتثال ، وهذا هو سماع الإمتناع ، فكأن مخاطبة الكفار كمخاطبة الموتى لا يسمعون سماعاً ينتفعون به ومنه والكافر لا ينتفع بالأمر والنهي وإن سمع الخطاب وفهم المعنى كما قال تعالى " ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم " اهـ . مجموع الفتاوى .
وليس في كلامه نفي سماع الموتى بل أثبته وقواه ودعمه بالدليل ، وفي تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ينصر فيه حقية سماع الموتى .
=====================
تم نقله للإفــــــــــــــــادة
فقال رجل : يا رسولَ الله فإن لم يعرف اسم أمه ؟ قال : فلينسبه إلى حواء " ، رواه الطبراني في معجمه بمعناه .
وذكر ابن قيم الجوزية في كتابه " مشروعية زيارة القبور " ما رواه الطبراني من حديث أبي أمامة وقال عقبه ‘‘ فاتصال العمل أي بتلقين الميت في قبره في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار كافٍ في العمل به وقال ما نصه ‘‘ ويدل على هذا أيضاً ما جرى عليه عمل الناس قديماً وإلى الآن من تلقين الميت في قبره ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم يكن فيه فائدة وكان عبثاً .
‘‘ وقد سُئل عنه الإمام أحمد رحمه الله فاستحسنه واحتج عليه بالعمل . ونص على ذلك أيضاً في كتابه الروح ص : 38 ـ39
وفي كتاب الإختيارات العلمية وهي إختيارات ابن تيمية الحراني رتبها على الأبواب الفقهية علي بن محمد البعلي الدمشقي ص 373 قال : وتلقين الميت بعد موته ليس بواجب بإجماع المسلمين ، ولكن من الأئمة من رخص فيه ، كالإمام احمد وقد
وقول الحافظ الهيثمي وفي إسناده جماعة لم أعرفهم ، فقد عرفهم غيره بدليل قول الحافظ ابن حجر وإسناده صالح وتقوية الحافظ الضياء له دليلان لمعرفة من لم يعرفهم الهيثمي .والقاعدة المقررة أن من حفظ حجة على من لم يحفظ .
وقال ابن قدامة في المغني 2 / 381 بعد ذكره قول الأثرم للإمام احمد قال : قال القاضي وأبو الخطاب يستحب ذلك " أي التلقين " ورويا فيه عن أبي امامة الباهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحديث ، رواه ابن شاهين في كتاب ذكر الموت بإسناده . وذكر نحوه في الشرح الكبير .
قال الإمام النووي في كتابه روضة الطالبين 2 / 137 فرع ، ويستحب أن يلقن الميت بعد الدفن ، فيقال : يا عبد الله ابن أمة الله ، اذكر ما خرجت عليه من الدنيا ، شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، وأن البعث حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأنك رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ، وبالقرءان إماماً ، وبالكعبة قبلة ، وبالمؤمنين إخوانا .
ورد به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم . قلت هذا التلقين استحبه جماعات من أصحابنا منهم : القاضي حسين ، وصاحب " التتمة " والشيخ نصر المقدسي في كتابه " التهذيب " وغيرهم ، ونقله القاضي حسين عن أصحابنا مطلقاً ، والحديث الوارد فيه ضعيف ، لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها عند أهل العلم من المحدثين وغيرهم وقد اعتضد هذا الحديث بشواهد من الأحاديث الصحيحة ، كحديث " اسألوا له التثبيت " ووصية عمرو بن العاص " أقيموا عند قبري قدر ما تنحر جزور ، ويقسم لحمها حتى استأنس بكم ، وأعلم ماذا أراجع به رسل ربي " رواه مسلم في" صحيحه " ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا التلقين من العصر الأول ، وفي زمن من يقتدي به
قال أصحابنا : ويقعد الملقن عند رأس القبر ا.هـ.
وفي فتاوى العلامة السيد علوي المالكي رحمه الله : والثاني تلقين الميت بعد الدفن وأثبته الشافعية والحنفية وأكثر المجتهدين وهي الرواية الأخرى عن مالك رضي الله عنه وبذلك جزم القرطبي والثعالبي وصاحب المدخل والشيخ عبد الباقي رحمهم الله تعالى ودليل ثبوته الحديث الذي رواه السخاوي في كتابه المقاصد الحسنة عن سعيد بن عبد الله الأزدي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه وهو حديث طويل يعرف بالوقوف عليه في موارده وفيه إثبات التلقين بعد الدفن والحديث وإن كان ضعيفاً لكن يعمل به في فضائل الأعمال خصوصاً.
وقد اندرج تحت أصل كلي وهو نفع المؤمن أخاه وتذكره فإن الذكرى تنفع المؤمنين وقد أخرج الحديث أيضاً صاحب شفاء الصدور وكنز الأسرار اهـ .قال الحافظ السيوطي في تدريب الرواي يحكم للحديث بالصحة اذا تلقاه الناس بالقبول وان لم يكن له اسناد صحيح قال ابن عبد البر في الاستذكار لما حكى الترمذي ان البخاري صحح حديث هو الطهور ماؤه , وأهل الحديث لا يصححون مثل اسناده ولكن الحديث عندي صحيح لان العلماء تلقوه بالقبول وقال في التمهيد روي جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الدينار أربعة وعشرون قيراطا , قال وفي قول العلماء واجماع الناس على معناه غنى عن الاسناد اه كلام السيوطي
وقد قال الامام الشافعي في كتابه جماع العلم , ومنها اي من الادلة ما اجتمع المسلمون عليه وحكوا عمن قبلهم وان لم يقولوا هذا بكتاب ولا سنة . اه المراد منه .
وقال الإمام أبو القاسم الرافعي المتوفى 623 هـ ، في فتح العزيز شرح الوجيز : ويستحب أن يلقن الميت بعد الدفن فيقال :
يا عبد الله ابن أمة الله اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق وأن البعث حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وانك رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا وبمحمد نبياً ، وبالقرءان إماماً وبالكعبة قبلة ، وبالمؤمنين إخوانا ، ورد الخبر به عن النبي صلى الله عليه وسلم ا.هـ.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في تلخيص الحبير" قوله " : ويستحب أن يلقن الميت بعد الدفن فيقال يا عبد الله يا ابن أمة الله اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأن الجنة حق ، وأن النار حق ، وأن البعث حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وانك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرءان إماماً وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخوانا
ورد به الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم : الطبراني عن أبي أمامة : إذا أنا مت فاصنعوا بي كما امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصنع بموتانا امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فانه يسمعه ولا يجيب ثم يقول يا فلان ابن فلانة فانه يستوي قاعدا ثم يقول : يا فلان بن فلانة فانه يقول أرشدنا يرحمك الله ولكن لا تشعرون ، فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنك رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وبالقرءان إماماً ، فان منكراً ونكيراً يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول انطلق بنا ما يقعدنا عند من قد لقن حجته قال : فقال رجل : يا رسول الله وان لم يعرف أمه ، قال : ينسبه إلى أمه حواء يا فلان ابن حواء " وإسناده صالح
وقد قواه الضياء في أحكامه له وأخرجه عبد العزيز في الشافي والراوي عن أبي امامة سعيد الازدي بيض له ابن أبي حاتم ، ولكن له شواهد منها ما رواه سعيد بن منصور من طريق راشد بن سعد وضمرة بن حبيب وغيرهما قالوا :
إذا سوى على الميت قبره وانصرف الناس عنه ، كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره : يا فلان قل لا إله إلا الله ، قل أشهد أن لا اله إلا الله ثلاث مرات قل ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد ثم ينصرف . وروى الطبراني من حديث الحكم بن الحارث السلمي انه قال لهم : إذا دفنتموني رششتم على قبري الماء فقوموا على قبري واستقبلوا القبلة وادعوا لي .
وروى ابن ماجه من طريق سعيد بن المسيب عن ابن عمر في حديث سبق بعضه وفيه سوى اللبن عليها قام إلى جانب القبر ثم قال : اللهم جاف الأرض عن جنبيها وصعد روحها ولقها منك رضوانا وفيه انه رفعه ، ورواه الطبراني . وقال السخاوي في المقاصد ص 176 الحسنة وعزا الإمام أحمد العمل به لأهل الشام وابن العربي لأهل المدينة وغيرهما كقرطبة وغيرها وأفردت للكلام عليه جزءاً
وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص انه قال لهم في حديث عند موته :
إذا دفنتموني أقيموا حول قبري قدر ما ينحر جزور ويقسم لحمها حتى استأنس بكم وأعلم بماذا أراجع رسل ربي ، وقد تقدم حديث واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل ،
وقال الأثرم قلت لأحمد هذا الذي يصنعونه إذا دفن الميت ، يقف الرجل ويقول : يا فلان بن فلانة قال ما رأيت أحدا يفعله إلا أهل الشام حين مات أبو المغيرة ، يروى فيه عن أبي بكر بن أبي مريم عن أشياخهم انهم كانوا يفعلونه ، وكان إسماعيل بن عياش يرويه يشير إلى حديث أبي امامة ا.هـ.
وقال ابن القيم في كتابه الروح : وقد ترجم الحافظ أبو محمد عبد الحق الإشبيلي على هذا فقال ذكر ما جاء أن الموتى يسألون عن الأحياء ويعرفون أقوالهم وأعمالهم ثم قال ذكر أبو عمر ابن عبد البر من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " ما من رجل يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام ".
ويروى هذا من حديث أبي هريرة مرفوعاً قال :فان لم يعرفه وسلم عليه رد عليه السلام .
قال ويروى من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من رجل يزور قبر أخيه فيجلس عنده إلا استأنس به حتى يقوم .
واحتج الحافظ أبو محمد في هذا الباب بما رواه أبو داود في سننه من طريق أبي هريرة قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام ثم قال وكان صلى الله عليه وآله وسلم يعلمهم أن يقولوا إذا دخلوا المقابر السلام عليكم أهل الديار { رواه مسلم والنسائي وابن ماجه وغيرهم} الحديث قال وهذا يدل على أن الميت يعرف سلام من يسلم عليه ودعاء من يدعو له .
وقال صح عن عمر بن دينار أنه قال " ما من ميت يموت إلا وهو يعلم ما يكون في أهله بعده وأنهم ليغسلونه ويكفونه وأنه لينظر اليهم " وصح عن مجاهد أنه قال : " ان الرجل ليبشر في قبره بصلاح ولده من بعده " .
وقال فى فصل : ويدل على هذا أيضاً على ما جرى عليه عمل الناس قديماً والى الآن من تلقين الميت في قبره ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم يكن فيه فائدة وكان عبثاً وقد سُئل عنه الإمام أحمد رحمه الله فاستحسنه واحتج عليه بالعمل .
ويروى فيه حديث ضعيف ذكره الطبراني في معجمه من حديث أبي أمامة ، وذكر الحديث الى أن قال فهذا الحديث وان لم يثبت فاتصل العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار كاف في العمل به وما أجرى الله سبحانه العادة قط بأن أمته طبقت مشارق الأرض ومغاربها وهي أكمل الأمم عقولاً وأوفرها معارف تطبق على مخاطبة من لا يسمع ولا يعقل وتستحسن ذلك لا ينكره منها منكر بل سنه الأول للآخر ويقتدي فيه الآخر بالأول فلولا أن المخاطب يسمع لكان ذلك بمنزلة الخطاب للتراب والخشب والحجر والمعدوم
وقال وقد روى أبو داود في سننه بإسناد لا بأس به أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حضر جنازة رجل فلما دفن قال : " سلوا لأخيكم التثبيت فانه الآن يُسأل " فاخبر أنه يُسأل حينئذ وإذا كان يُسأل فانه يسمع التلقين وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الميت يسمع قرع نعالهم إذا ولوا منصرفين .
وقد سُئل ابن تيمية هل يعلم الأموات بزيارة الأحياء ؟ وهل يعلمون بالميت من قرابتهم إذا مات أو غيره؟
فأجاب نعم قد جاءت الآثار بتلاقيهم وتساؤلهم وعرض أعمال الأحياء على الأموات ، كما روى ابن المبارك عن أبي أيوب الأنصاري قال : إذا قبضت نفس المؤمن تلقاها الرحمة من عباد الله ، كما يتلقون البشير من الدنيا … الحديث . وأما علم الميت بالحي إذا زاره وسلم عليه ففي حديث ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه ، إلا عرفه ، ورد عليه السلام قال ابن المبارك ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ,وصححه عبد الحق صاحب الأحكام .ذكره في مجموع الفتاوى 24/331.
ولا تلتفت إلى ما قاله الألباني في كتبه أن العمل به {أي التلقين } بدعة ولا يغتر بكثرة من يفعله .
ولا تلتفت أيضاً إلى من ينكر سماع الموتى من الوهابية وغيرهم كما يروى عن صاحب روح المعاني،
وقد قال ابن تيمية في تفسير الآية{إنك لا تسمع الموتى } قال فإن المراد بذلك سمع القبول والإمتثال كما في مجموع الفتاوى .
وقال الشيخ العبدري وفي الألفاظ الواردة في السلام على أهل القبور دلالة على ذلك ، وذلك في نحو قول الزائر { السلام عليكم يا أهل القبور ، يغفر الله لنا ولكم ، أنتم سلفنا ونحن بالأثر } أخرجه الترمذي وحسنه وفي صحيح مسلم بلفظ : { السلام عليكم دار قوم مؤمنين } الحديث ، فلولا صحة سماع الميت لم يكن لهذا الخطاب معنى ولا حجة في استدلال نفاة التوسل بقول الله تعالى : { وما أنت بمسمع من في القبور 22 } سورة فاطر فإنه مؤول لا يحمل على الظاهر
والمراد به تشبيه الكفار بمن في القبور في عدم انتفاعهم بكلامه وهم أحياء ، وليس المعنى أته لا يحصل لأهل القبور سماع شيء من كلام الأحياء على الإطلاق للأخبار الصحيحة .
منها ما رواه البخاري أن رسول الله قام على القَلِيب قليب بدرٍ وفيه قتلى المشركين فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء ء ابائهم يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان قال : ‘‘ إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً "، فقال عمر : ما تُكَلمُ من أجساد لا أرواح لها ، فقال رسول الله : " والذي نفس محمدٍ بيده ما أنتم بأسمعَ بما أقول " .
وكذلك حديثُ البخاريِ عن أنسٍ عن النبي " إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم " .
ثم مما يؤيد صحة سماع الموتى ما رواه الترمذي أن رجلاً ضرب خباءه ليلاً على قبر فسمع من القبر قراءة { تبارك الذي بيده الملكُ } الملك ـ إلى أخرها فلما أصبح ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " هي المانعة هي المنجية " حسنه السيوطي فإذا كان من على وجه الأرض عند القبر يسمع قراءة صاحب القبر ، فأي مانع من أن يسمع صاحب القبر كلام من على وجه الأرض ولو كان في مسافة بعيدة من صاحب القبر بالنسبة لعباد الله الذين منحهم الله الكرامات كما سمع الجيش الذي كان مع سارية في نهاوند صوت عمر وهو على المنبر في المدينة .
ثم ذكر حديث أبي أمامة الباهلي وقول الحافظ فيه إسناده صالح ، وقد قواه الضياء في أحكامه ، إلى أن قال وأما الحي الغائب فإنه يدل على صحة سماعه خطاب من يناديه من بعيد قصة عمر رضي الله عنه في ندائه جيشه الذي كان بأرض العجم بقوله : " يا سارية الجبل الجبل " فسمعه سارية بن زنيم وكان سارية قائد الجيش ، فانحاز ب