التابوت الذى فيه سكينة من الله تعالى
التابوت الذى فيه سكينة من الله تعالى
التابوت الذى فيه سكينة من الله تعالى
التابوت الذى فيه سكينة من الله تعالى
التَّابُوتُ الذي فِيهِ سَكِينَةٌ من الله تعالى
وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (248)
قوله عز وجل : { وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت } وذلك أنه سألوا أشمويل النبي فقالوا ما آيةُ مُلكِهِ فقال : إنَّ آيةَ مُلكِهِ أنْ يأتيَكُمْ التابوتُ . وكانت قصةُ التابوتِ على ما ذَكَرَهُ علماءُ السِيرِ والأخبارِ أنَّ اللهَ تعالى أنزلَ على آدمَ عليه السلام تابوتاً فيه صورُ الأنبياءِ عليهم السلام وكان التابوتُ من خشبِ الشمشادِ طُولُهُ ثلاثةُ أذرعٍ في عرضِ ذراعينِ فكان هذا التابوتُ عندَ آدمَ ثم صارَ إلى شيثٍ عليه السلام ثـم تَوارَثَـهُ أولادُ آدمَ إلى أن بلغ إبراهيمَ عليه السلام ثم كان عند إسماعيل لأنه كان أكبر أولاده ثم صار إلى يعقوب ثم كان في بني إسرائيل إلى أن وصل إلى موسى عليه السلام فكان يضع فيه التوراة ومتاعاً من متاعه ثم كان عنده إلى أن مات ثم تداوله أنبياءُ بني إسرائيلَ إلى وقتِ أشمويل وكان في التابوتِ ما ذكر الله تعالى وهو قوله : { فيه سكينة من ربكم } واختلفوا في تلك السكينة ما هي فقال علي بن أبي طالب : هي ريحُ خجوجٍ هفافةٌ لـها رأسانِ ووجهٌ كوجهِ الإنسانِ . وقال مـجاهدُ : هي شيءٌ يُشبهُ الـهرةَ لهُ رأسٌ كرأسِ الـهرةِ وذنبٌ كذنبِ الـهرةِ ولهُ جناحان ، وقيل له عينان لـهما شعاعٌ وجناحانِ من زمردٍ وزَبرجدٍ ، وكانوا إذا سمعوا صوته تيقنوا النصر ، فكانوا إذ خرجوا وضعوا التابوت قدامهم ، فإذا سار ساروا وإذا وقف وقفوا . وقال ابن عباس هي طِشتٌ من ذهبٍ من الجنة كان يُغسلُ فيه قلوبُ الأنبياءِ وقال وهبٌ هي روحٌ من الله تعالى تتكلم إذا اختلفوا في شيءٍ فتخبـرُهم ببيانِ ما يُريدون . وقال عطاءُ بنُ أبي رباحٍ :هي ما يعرفون من الآيات التي يسكنون إليها وقال قتادة والكلبي هي فعليةٌ من السكونِ أيِّ طمأنينةٌ من ربكم ففي أي مكان كان التابوتُ اطمأنوا وسكنوا إليه وهذا القول أولى بالصحةِ. فعلى هذا كلُ شيءٍ كانوا يسكنون إليه فهو سكينةٌ فيُحمَلُ على جـميعِ ما قيل فيه ,لأنَّ كلَّ شيءٍ يسكنُ إليه القلبُ فهـو سكينةٌ ,ولم يَردْ فيه نصٌ صريحٌ فلا يـجوزُ تصويبُ قولٍ وتضعيفُ آخرَ .
وقوله تعالى : { وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون } يعني موسى وهارون أنفسهما بدليل قوله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري : « لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود » فالمراد به داود نفسه . واختلفوا في تلك البقية التي ترك آل موسى وآل هارون فقيل رضاض من الألواح وعصا موسى قاله ابن عباس وقيل عصا موسى وعصا هارون وشيءٌ من ألواحِ التوراةِ ,وقيل كانت العلمَ والتوراةَ . وقيل كان فيه عصا موسى ونعلاه وعصا هارون وعمامته وقفيز من الـمنِّ الذي ينـزل على بني إسرائيل فكان التابوتُ عند بني إسرائيل يتوارثونه قرناً بعد قرن وكانوا إذا اختلفوا في شيء تحاكموا إليه فيتكلم ويحكم بينهم .
وكانوا إذا حضروا القتال قدموه بين أيديهم يستفتحون به على عدوهم فيُنصرونَ فلما عصوْا وأفسدوا سلطَ اللهُ عز وجل عليهم العمالقةَ فغلبوهم على التابوتِ وأخَذَوهُ منهم وكان السببُ في ذلك أنه كان لعيلى وهو الذي ربى أشمويل ابنانِ شابانِ وكان عيلى حَبـرٌ بني إسرائيلَ وصاحبُ قربانـهم في زمنِهِ فأحدثَ ابناه في القربانِ شيئاً لم يكن فيه وذلك أنه كان منوط القربان الذي ينوطونه كلابين فما أخرجا كانا للكاهن الذي كانا ينوطه فجعل ابناه كلاليب . وكان النساءُ يُصلين في بيتِ المقدسِ فيتشبثان بهن فأوحي إلى اشمويل : أن انطلق إلى عيلى وقل له منعك حب الولد من أن تزجر ابنيك عن أن يحدثا في قرباني وقدسي شيئاً وأن يعصياني فلأنزعن الكهانة منك ومن ولدك ولأهلكنك وإياهما . فأخبره أشمويل بذلك ففزع وسار إليهم عدوهم من حولهم فأمر عيلى ابنيه أن يخرجا بالناس فيقاتلا ذلك العدو فخرجا واخرجا معهما التابوت فلما تهيؤوا القتال جعل عيلى يتوقع الخبر فجاءه رجل فأخبره أن الناس قد انهزموا وقد قتل ابناه قال : فما فعل في التابوت قال أخذه العدو . وكان عيلى قاعداً على كرسيه فشهق ووقع على قفاه فمات فخرج أمر بني إسرائيل وتفرقوا إلى أن بعث الله طالوت ملكاً فسألوا أشمويل البينة على صحةِ ملكِ الطالوتَ فقال لـهم نبيهم يعني أشمويل : إن الآيةَ مُلكِهِ يعني علامةَ ملكه التي تَدلُ على صحتِهِ أن يأتيكم التابوت وكانت قصةُ رجوعِ التابوتِ على ما ذكره أصحاب الأخبار أن الذين أخذوا التابوتَ من بني إسرائيل أتوا به قريةً من قرى فلسطين يقال لـها أزدود فجعلوه في بيت أصنام لـهم ووضعوه تحتَ الصنمِ الأعظمِ فأصحبوا من الغد والصنمُ تـحتَهُ فأخذوه ووضعوه فـوقَهُ وسمروا قدمي الصنمِ على التابوتِ فأصبحـوا وقد قُطعَتْ يدُ الصنمِ ورجلاه وأصبح الصنمُ ملقىً تحتَ التابوتِ وأصبحت أصنامُهم مُنكسةٌ فأخرجوا التابوتَ من بيتِ الأصنام ووضعوه في ناحية من مدينتهم فأخذ أهلَ تلك الناحيةِ وَجَعٌ في أعناقهم حتى هَلَكَ أكثرُهم . فقال بعضهم لبعض أليس قد علمتم أن إله بني إسرائيل لا يقوم له شيء فأخرجوه إلى قرية أخرى فبعث الله على أهل تلك الناحية فأرة فكانت الفأرة تبيت مع الرجل فيصبح ميتاً قد أكلت ما في جوفه . فأخرجوه إلى الصحراء ودفنوه في مـَخرَأةٍ لـهم فكان كلُّ من تبـرز هناك أخذه الباسورُ والقولنجُ فتحيـروا فيه فقالت لـهم امرأةٌ من بني إسرائيل كانت عندهم وهي من بنات الأنبياء : لا تزالون ترون ما تكرهون ما دام هذا التابوتُ فيكم فأخرجوه عنكم . فأتوا بعجلة بإشارة تلك المرأة وحملوا عليها التابوت فعلقوها في ثورين وضربوا جنوبَـهما فأقبل الثورانِ يسيرانِ ووكل الله بالثورين أربعةَ أملاكٍ يسوقونـهما فأقبلا حتى وقفا على أرض بني إسرائيل فكسرا نيـريهما وقطعا حبالـهما ووضعا التابوتَ في أرضٍ فيها حصادٌ لبني إسرائيل ورجعا إلى أرضهما فلم يَرَعَ بني إسرائيلَ إلا والتابوتُ عندهم فكبروا وحمدوا الله تعالى . { تحمله الملائكة } أي تسوقه . وقال ابن عباس جاءت الملائكة بالتابوت تحمله بين السماء والأرض وهم ينظرون إليه حتى وضعته عند طالوت . وقال الحسن كان التابوت مع الملائكة في السماء فلما وَلَيَ طالوتُ الـمُلكَ حَـمَلَتْهُ الـملائكةُ ووَضعتهُ بينهم . وقال قتادة بل كان التابوت في التيهِ خَلفَّهُ موسى عند يوشعِ بنِ نونِ فبقي هناك فأقبلت الملائكة تحمله حتى وضعته في دار طالوت فأصبح في داره فأقروا بملكه { إن في ذلك لآيةً لكم } يعني قال لهم نبيهم أشمويل إن في مجيءِ التابوتِ تحملُهُ الملائكةُ لآيةً لكم يعني علامةً ودلالةً على صدقي فيما أخبرتكم أن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً { إن كنتم مؤمنين } يعني مصدقين بذلك قال المفسرون فلما جاءهم التابوت وأقروا بالملك لطالوت تأهب للخروج إلى الجهاد فأسرعوا لطاعته وخرجوا معه .