الرابعة: الاهتمام بكتب السلف في دراسة وفَهم مسائل العقيدة:
ثم اعلموا أيها الشباب: أنه ينبغي عليكم أيضًا الاهتمام بمعرفة الكتب التي تضمَّنت العقيدة الصحيحة، من مؤلفات ورسائل أهل العلم من سلفنا الصالح والتابعين لهم بإحسان؛ لأن الاطلاع والدراسة لهذه الكتب وما أشبهها، يحفظ على المسلم عقيدته الإسلامية صافيةً صحيحة كما هي، لا يشوبها خلَلٌ أو تحريف، أو انحراف، أو زَيغٌ أو ضلال، مما كتب أهل البدع والفِرق والأهواء.
والكتب التي اهتمت بمسائل العقيدة والتوحيد، على طريقة أهل السنة والجماعة - وبعيدًا عن كتب أهل الفلسفة والكلام - كثيرة ومتنوعة.
منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
1- "كتاب السنة"؛ الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - 241 هـ.
2- "كتاب السنة"؛ عبدالله ابن الإمام أحمد، 290 هـ.
3- "كتاب السُّنة"؛ أبو بكر أحمد بن يزيد الخلاَّل، 211 هـ.
4- "كتاب السنة"؛ الحافظ أبو بكر بن أبي عاصم، 287 هـ.
5- "الشريعة"؛ الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجُري، 360هـ.
6- "اعتقاد أئمة الحديث"؛ الإمام أبو بكر الإسماعيلي، 371 هـ.
7- "مقالات الإسلاميين": للإمام أبي الحسن الأشعري، 320هـ.
8- "عقيدة السلف أصحاب الحديث"؛ الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبدالرحمن الصابوني، 449 هـ.
9- "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة"؛ الإمام أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي، 418 هـ.
10- "كتاب الأربعين في دلائل التوحيد"؛ أبو إسماعيل الهروي، 481 هـ.
11- "العقيدة الطحاوية"؛ الإمام أحمد بن محمد بن سلامة: أبو جعفر الطحاوي الأزدي الحنفي، 321 هـ.
12- "لمُعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد"، الإمام موفق الدين: أبو محمد عبدالله بن قدامة المقدسي، 620 هـ.
13- "النصيحة في صفات الرب - جل وعلا"؛ الإمام أبو محمد عبدالله بن يوسف الجويني، 438 هـ.
14- "كتاب التوحيد"؛ الإمام أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري، 256 هـ.
15- وفارس التأليف في علم الاعتقاد- الذي لا يختلف فيه اثنان من أهل السُّنة- شيخ الإسلام ابن تيمية (728 هـ)، فإنَّه رتَّب هذا العلم، وقعَّد أُصوله ومناهجه، ومؤلَّفاتُه كثيرة في هذا الباب؛ منها: "منهاج السنة النبوية"، و"دَرء تعارُض العقل والنقل".
16- إضافة إلى هذا "مجموع الفتاوى"، الذي جُمِع فيه كثيرٌ من مؤلَّفاته، وبلَغ المجموع سبعة وثلاثين مجلدًا.
17- والفارس الثاني في التأليف: تلميذه العالم الرباني ابن قيِّم الجوزية 752 هـ، صاحب الجهود المشكورة في الردِّ على الفرق الضالة؛ منها: "الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة"، "اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المُعطلة والجهمية"، "القصيدة النونية"، "شفاء العليل، في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل"، "طريق الهجرتين وباب السعادتين"، وغيرها من كُتبه القيِّمة.
وكل ما ذكَرناه من المؤلفات والكتب، فهي مطبوعةٌ - ولله الحمد والمنَّة - وثمةَ كُتب كثيرة لم نذكرها؛ منها ما هو مطبوع، ومنها ما هو في عالم المخطوطات[8].
الخامسة: تحقيق عقيدة الولاء والبراء:
ومما لا بد منه يا شباب الإسلام في مسائل العقيدة: تحقيق عقيدة الولاء والبراء في حياتكم، وعدم مشابهة المخالفين لمنهج الإسلام وعقيدته من المشركين والكافرين وأذنابهم، وكذلك الفاسقون والمنافقون؛ وذلك لضمان سلامة المنهج وصحَّته واستقامته؛ لأن الولاء والبراء قضية أساس في عقيدة المسلم، وفي تحقيق كمال الإيمان والتوحيد.
ماذا تعني قضية الولاء والبراء؟
أيها الشباب، ماذا تعني لكم قضية الولاء والبراء؟ وماذا يترتَّب عليها من حقوق الإيمان والعمل؟
إن المقصود بتحقيق الولاء: أن يتحقق المسلم بمحبَّة الله تعالى ورسوله، ومحبة أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والترضي عليهم، وكذلك محبة التابعين والمؤمنين ومُوالاتهم، والقيام بحقوق الإسلام والأخوَّة معهم، ونُصرتهم ومعونتهم على الخير، والتعاون معهم على ذلك.
أما البراء، فنعني به: بُغض الكافرين والمشركين، وكذلك المنافقون وأهل البدع والأهواء المخالفون لله تعالى ورسوله وصحابته والمؤمنين.
فالحب في الله تعالى والبُغض فيه، قضية شرعية مهمة، وقد جاءت الشريعة بها وحثَّت عليها، وجعلتها أوثقَ عُرى الإيمان، ولو تأمَّلنا آيات القرآن وأحاديث الرسول، لوجَدنا هذا الأمر في أتم وضوحٍ، فقد قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71].
وقال تعالى في المنافقين وموالاتهم: ﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾ [التوبة: 67 - 68].
وقال تعالى في مُوالاة الكافرين والمشركين: ﴿ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [آل عمران: 28].
وقال تعالى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22].
بل وهذا نبي الله إبراهيم - عليه السلام - يَضرب الله به مثلاً أعلى في تحقيقه ومَن معه من المؤمنين لعقيدة الولاء والبراء؛ قال تعالى: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [الممتحنة: 4].
أما في السنة النبوية، فقد روى أحمد في مسنده عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أوثق عُرى الإيمان: الحب في الله، والبُغض في الله)).
يقول الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب: "فهل يتم الدينأو يُقام علَمُ الجهاد، أو علم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - إلا بالحب في اللهوالبغض في الله؟ ولو كان الناس متَّفقين على طريقة واحدة ومحبَّة من غير عداوةٍولا بغضاء، لم يكن فرقانًا بين الحق والباطل، ولا بين المؤمنين والكفار، ولا بينأولياء الرحمن وأولياء الشيطان"[9].
وفي الحديث عند أبي داود بسند صحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَن أحبَّ لله، وأبغض لله، ومنَع لله، فقد استكمل الإيمان)).
وروى الترمذي وابن ماجه بسند صحيح عن أنس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال(ثلاثٌ من كنَّ فيه، وجَد بهنَّ طعم الإيمان: من كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما،وأن يحبَّ المرء لا يحبه إلا لله،وأن يَكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقَذه الله منه،كما يكره أن يُقذف في النار)).
وعن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يَظلمه،ولا يُسلمه،ومن كان في حاجة أخيه،كان الله في حاجته،ومن فرَّج عن مسلم كُربة،فرَّج الله عنه كربة من كُربات يوم القيامة،ومن ستر مسلمًا،ستَره الله يوم القيامة))؛ متفق عليه.
وروى النسائي بسند صحيح عن أبي نُخيلة البَجلي قال:قال جرير:أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يبايع، فقلت:يا رسول الله،ابسط يدك حتى أُبايعك،واشترِط عليّ، فأنت أعلم، قال(أُبايعك على أن تعبد الله،وتُقيم الصلاة،وتُؤتي الزكاة،وتُناصح المسلمين،وتُفارق المشركين)).
الناس في ميزان الولاء والبراء:
أيها الشباب، اعلموا أنالناس في ميزان الولاء والبراء على ثلاثة أصناف:
• فأهل الإيمان والصلاح يجب علينا أن نحبَّهم ونُواليهم.
•وأهل الكفر والنفاق يجب بُغضهموالبراءة منهم.
•وأما أصحاب الشائبتين ممن خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيِّئًا،فالواجب أن نحبهم ونُواليهم؛ لِما لهم من إيمان وتقوى وصلاح، وفي الوقت نفسه نُبغضهم ونُعاديهم على قدر ما تلبَّسوا به من معاصٍ وفجور؛ وذلك لأن الولاء والبراء منالإيمان، والإيمان عند أهل السنة ليس شيئًا واحدًا،لا يقبل التبعيض والتجزئة،فهو يتبعَّض؛ لأنه شُعَب متعددة؛ كما جاء في حديث الصحيحين في شُعب الإيمان: ((الإيمان بضع وستون شُعبة، أعلاها قول: لا إله إلا الله،وأدناها إماطة الأذى عنالطريق))، والأحاديث في ذلك كثيرة معلومة، فإذا تقرَّر أن الإيمان شُعب متعددةويَقبل التجزئة، فإنه يمكن اجتماع إيمان وكفرٍ - غير ناقل عن الملَّة - في الشخص الواحد، ودليله قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ﴾ [الحجرات: 9].
فأثبَت الله تعالى لهم وصف الإيمان مع أنهم متقاتلون، وقتال المسلم كفرٌ؛ كما فيالحديث: ((سِباب المسلم فسوق، وقتاله كفر))،وفي الحديث الآخر يقول -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ترجعوا بعدي كُفَّارًا يَضرب بعضكم رقاب بعضٍ))، فدلَّذلك على اجتماع الإيمان والكفر الأصغر في الشخص الواحد؛ يقول ابن تيمية: "أما أئمة السُّنة والجماعة، فعلى إثبات التبعيض في الاسم والحكم، فيكونمع الرجل بعض الإيمان، لا كله، ويثبت له من حُكم أهل الإيمان وثوابهم بحسبما معه، كما يَثبت له من العقاب بحسب ما عليه، وولاية الله بحسب إيمان العبدوتقواه، فيكون مع العبد من ولاية الله بحسب ما معه من الإيمان والتقوى، فإنأولياء الله هم المؤمنون المتقون؛ كما قال تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴾ [يونس: 62، 63]"[10].
أمثلة وصور في قضية الولاء والبراء:
وحتى نفهم قضية الولاء والبراء، والحب والبُغض في الله تعالى؛ نذكر هنا عدة أمثلة في موالاة الكافرين والمنافقين، وكذلك عدة صور في موالاة المؤمنين، وقد قال أبو الوفاء بن عقيل:"إذا أردت أن تعلم محلَّ الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى زحامهم في أبوابالجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبَّيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة،عاش ابن الراوندي والمعري - عليهما لعائن الله - ينظمون وينثرون كفرًا، وعاشواسنين، وعُظِّمت قبورهم، واشتُريت تصانيفهم، وهذا يدل على برودة الدين في القلب".
أما موالاة أهل الإيمان والتوحيد، فلها صور كثيرة؛ منها:
الود والمحبة الخالصة لهم، والنُّصرة والتأييد، والنُّصح لهم، والتعاون معهم على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودفْع الظلم عنهم، ودفْعهم أنفسهم عن الوقوع في الظلم، وتقديم الهدية لهم، وزيارتهم في الله، وإفشاء السلام بينهم، وكف الأذى عنهم، وتحقيق الأخوَّة الإيمانية معهم.
وكل هذه الصور وغيرها جاءت بها نصوص الوحي من الكتاب والسنة، وذِكرها هنا يطول به المقام، ولكن يكفينا منها قول الله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71].
وكذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: ((مَثلُ المؤمنين في توادِّهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمَّى))؛ رواه مسلم.
وحديث أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-(انصُر أخاك ظالمًا أو مظلومًا))، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟! قال: ((تأخذ فوق يديه))؛ أي: تَمنعه من الظلم؛ رواه البخاري.
وحديث جرير بن عبدالله -رضي الله عنه- قال: "بايَعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والنُّصح لكل مسلم"؛ متفق عليه.
وأما موالاة الكافرين والمنافقين وأعداء الإسلام، فلها صور كثيرة؛ منها:
1- التشبُّه بهم فياللباس والكلام.
2- الإقامة في بلادهم، وعدم الانتقال منها إلى بلاد المسلمين؛لأجْل الفرار بالدين.
3- السفر إلى بلادهم لغرض النُّزهة ومُتعة النفس.
4- اتخاذهم بطانةًومستشارين.
5- التأريخ بتاريخهم، خصوصًا التاريخ الذي يعبِّر عن طقوسهم وأعيادهم كالتاريخالميلادي.
6- التسمِّي بأسمائهم.
7- مشاركتهم في أعيادهم أو مساعدتهم في إقامتها، أو تَهنئتهمبمناسبتها، أو حضور إقامتها.
8- مدْحهم والإشادة بما هم عليه من المدنية والحضارة، والإعجاببأخلاقهم ومهاراتهم، دون النظر إلى عقائدهم الباطلة ودينهم الفاسد.
9- الاستغفار لهم والترحُّمعليهم[11].
وقد دلَّت عليها أيضًا كثير من نصوص الشريعة الإسلامية، وبيَّنها النبي -صلى الله عليه وسلم- أيَّما بيانٍ، وحذَّر أُمته من تقليد الكافرين والتشبُّه بهم، والسيْر في رِكابهم، وحذَّر من ضياع وتمييع الشخصية المسلمة، وذوبانها في بوتقة التقليد الأعمى، والسير في ركاب الجاهلين؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 57].
أمور لا تَقدح في الولاء والبراء:
لكن عليكم أيها الشباب أن تنتبهوا إلى أن هناك أمورًا لا تَقدح في عقيدة الولاء والبراء؛ وإنما هي من باب الإباحة أو الدعوة، أو بذْل الإحسان العام للناس، فقد أجاز الإسلام للمسلم البيع والشراء مع الكافرين، إلا آلة الحرب والقتال، وكذلك أجاز الزواج من نساء أهل الكتاب، وأكل ذبائحهم بنصِّ القرآن، وكذلك دعوتهم بالحكمة والموعظة الحسنة، والعدل معهم في المعاملة، فلا ظُلم ولا اعتداء، وكذلك التصدُّق عليهم، وزيارة مرضاهم إذا كان هناك مصلحة شرعية راجحة بيِّنة؛ قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [المائدة: 5]، وقال تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الممتحنة: 8].
وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((مَن قتَل معاهدًا، لم يَرَح رائحة الجنة، وإن ريحها توجَد من مسيرة أربعين عامًا))؛ رواه البخاري.
فكل هذه الصور أيضًا لا تدخل في باب الموالاة لهم ومَودتهم؛ إنما هي حالات خاصة، وقواعد عامة.
المصدر
[1] الإيمان وأركانه؛ محمد نعيم ياسين.
[2] إسلامنا؛ السيد سابق.
[3] العقيدة الإسلامية؛ أحمد آل سبالك.
[4] العقيدة الإسلامية؛ أحمد آل سبالك (19-21).
[5] العقيدة الإسلامية؛ محمد بن جميل زينو.
[6] الإيمان وأركانه؛ محمد نعيم ياسين.
[7] المصدر السابق.
[8] الوجيز في عقيدة السلف الصالح؛ عبدالله بن عبدالحميد الأثري؛ بتصرُّف.
[9] أوثق عُرى الإيمان، (ص: 38).
[10] مجلة البيان: (عدد 51/1412 هجري).
[11] دروس رمضان؛ عبدالملك القاسم، (ص: 59، 60).
‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗