خطوات العلاج السلوكي للطفل
يشكو كثير من الآباء والأمهات من سلوكيات غير سوية لأطفالهم , وقد يستخدم الوالدين أساليب مختلفة لمحاولة تغيير هذه السلوكيات , وفي معظم الأحيان تكون هذه الأساليب أساليب عشوائية غير منهجية , وبالتالي قد ينتج عنها من السلبيات الشيء الكثير , ونحن في هذا المقال نحاول تبيان بعض من الخطوات الهامة والأساسية التي اتفق عليها علماء التربية في تعديل سلوك الطفل تجاه المرغوب فيه , ونحن هنا نحاول أن نصف طريقة علمية دقيقة في صورة مبسطة بحيث يستغنى الوالدين بها عن زيارة الأخصائي العلاجي مبدئيا لكل سلوك سلبي يظهر من قبل الطفل , على أننا ننبه على أهمية زيارة الأخصائي العلاجي عند الشعور بتفاقم السلوك أو انتشار أثره بصورة مرضية ..
الخطوة الأولى : دراسة السلوك المراد تعديله :
وتمثل هذه الخطوة حجر الأساس للانطلاق للعملية التشخيصية والعلاجية السليمة حيث لا يمكن أن يستغنى عنها بحال , ففي هذه العملية نحاول تحديد السلوك المعين المراد تعديله بدقة وكذلك نحدد نوعية الشكوى السلبية التي تتسبب من جراء ذلك السلوك ويندرج تحت هذه الخطوة مجموعة من الإعدادات السابقة لها والتي تمثل أهمية كبيرة وهي على الترتيب :
1- تحديد تاريخ السلوك السلبي : فيلزم ههنا أن يقف الوالدان على إجابة لعدة أسئلة هامة مثل ( متى بدأ هذا السلوك لأول مرة , ماهي أهم الأسباب التي يتوقع أن تكون سببت هذا السلوك , ما مقدار تطور هذا السلوك سلبا ؟ , هل هناك مواقف معينة أو ظروف معينة تزداد فيها حدة هذا السلوك ومواقف أخرى تقل فيها حدته؟ , هل يقوم الطفل بسلوكه السلبي ذلك وهو سعيد ومنبسط النفس أو أنه يقوم به وهو مكتئب وضيق الصدر وحزين؟ , هل مارس الوالدان الضرب والزجر تجاه الطفل لينهيانه عن ذلك السلوك ؟ ومتى وكيف كان الأثر ؟) ويحاول الوالدان تدوين الإجابات في جدول واضح نضع عليه ترقيم ( الجدول الأول )
2- تحديد السلوك المعين المراد علاجه بدقة : والمقصود ههنا أن كثيرا من الآباء والأمهات تختلط عندهم الشكاوى من سلوكيات متقاربة فيجمعونها في شكوى واحده ويريدون علاجها دفعة واحدة وهو خطأ شائع ينبغي اجتنابه أثناء العلاج السلوكي للطفل , وفي هذه الخطوة ينبغي علينا تحديد السلوك المعين الذي هو سبب الشكوى وهو الذي تتفق الآراء على أن تعديله سيؤدى إلى تحقيق العلاج , ويلزم تحديد السلوك تحديدا نوعيا ولهذا فليس من المقبول مثلا أن نستخدم عبارات مثل مكتئب أو مندفع أو ضعيف الشخصية , لأن كل هذه سمات عامة وغير دقيقة ومن ثم ستصعب علينا تحديد السلوك وعلاجه واختيار طرق العلاج ووسائله , لأن المطلوب هو تحديد الشكوى في شكل مظاهر سلوكية يمكن ملاحظتها ومتابعتها وتقييم جوانب التقدم فيها ( مثلا بدلا من أن يقال مكتئب يمكن أن يقال إنه يكثر من الصمت والوجوم وأنه سريع الغضب وكثير البكاء وقليل الضحك والابتسام )
3- بيانات الملاحظة الشخصية : وهي خطوة أكثر تحديدا من الخطوة رقم (1) والتي قد جمعنا بياناتها في الجدول الأول سابق الذكر , فنحن ههنا نجيب على أسئلة أكثر دقة وتكون غالبا ناتجة عن الملاحظة الدقيقة للطفل بعد تعريفنا للسلوك السلبي والمعين المراد علاجه , فنحن هنا نلاحظ الظروف الدقيقة التي ينشط فيها هذا السلوك لدى الطفل ( مثال : الطفل يبدأ في الصراخ عند مداعبة أخيه الأصغر ) أو ( مثال آخر : الطفل يضرب أمه ويهجم عليها إذا انشغلت عنه بعمل ما من أعمال المنزل ) , ويرى المتخصصون أن هذه الخطوة يراد منها عدة أمور من أهمها متى تبدأ استثارة السلوك السلبي لدى الطفل وسبب هذه الاستثارة , وقد عقد الباحثون التربويون جدولا نموذجيا للإجابة على عدة أسئلة هامة وهي : ماهي أنواع السلوك مصدر الشكوى ؟ .... ماهى علامة استثارة السلوك السلبي المشكو منه ؟ ... كم من الوقت يستغرقه السلوك السلبي ؟.... مع من يحدث السلوك عادة ؟ ...كم مرة يحدث في اليوم ؟ ..كيف استجاب الآخرون للسلوك السلبي هذا ؟ ..ما هي المكاسب التى جناها الطفل جراء سلوكه السلبي ذلك؟ ويتم تدوين كل ما سبق في جدول آخر نسميه ( الجدول الثاني ) ..
الخطوة الثانية : التشخيص ...:
وخطوة التشخيص تعد أنها أهم الخطوات على الإطلاق لأنه سيبنى عليها العلاج وطريقته واختيار وسائله وغيره , فلذلك يجب التدقيق الشديد في هذه الخطوة واعتماد المنهج العلمي الدقيق فيها كما سنبين لك إن شاء الله كالتالي :
1- دمج البيانات وتبويبها بشكل يسهل الاستفادة منه ويجيب على الأسئلة المعروضة بوضوح , ويراعى استغلال كل ما يمكنه أن يخدم وضوح وجلاء هذه البيانات من سؤال المحيطين بالطفل في شتى الأماكن المختلفة , كذلك يراعى تدوين البيانات بخط واضح وعدم تكرار السؤال الواحد أكثر من مره , كما يراعى أن يجيب السؤال أكثر من متابع وملاحظ للطفل وفي أكثر من وقت طوال اليوم .
2- استشارة الخبراء في تحديد السلوك السلبي ونوعيته , ومن هؤلاء الخبراء ( التربويون المتابعون للطفل سواء في المدرسة أو المربي الشخصي أو محفظ القرآن , وكذلك المعالج الطبيب المتوفر الذي يمكن الاستئناس بحديثه وتوجيهه , وكذلك العالم الشرعي الذي ربما يكون عنده من التوجيه النبوي والرباني ما يفيد بدرجة كبيرة ... وغيرهم )
3- وضع الاحتمالات التي يتوصل إليها من خلال البيانات المطروحة , مثال ( الشعور بالضيق النفسي الحقيقي , أو الشعور بالتدليل الزائد , أو الشعور بالحاجة الملحة لما يطلبه ) .. ومن ثم نبدأ في الترجيح بين الاحتمالات التي قد توصلنا إليها بناء على عدة مشاهدات وأدلة , وكذلك بناء على مناقشات بين المسئولين والمهتمين بالطفل , ومن ثم يتم تحديد اسم السلوك السلبي المراد علاجه بدقة , ثم يكتب اسم هذا السلوك السلبي بعلاماته المميزة وتوقيته وأسبابه ..الخ ..
الخطوة الثالثة : العلاج ...
وتتضمن عدة محاور هامة وأساسية كالتالي :
1- تحديد الأهداف المراد تحقيقها من الوسائل العلاجية لهذا السلوك السلبي , وكذلك وضع جدولة لتلك الأهداف بحيث لا توضع الأهداف العامة مثل ( العلاج الكامل للمرض ) أو مثل ( التعديل السلوكي التام ) أو غيره ولكن ليكن هناك ترتيب للأهداف العلاجية عن طريق وضع أهداف مرحلية عند تحققها ينتقل الى الهدف الذي يليها وهكذا مثل ( تقليل فترات التوتر السلوكي الخاصة بالسلوك المرضي ) أو مثل ( الابتعاد قدر الإمكان عن استثارة الطفل تجاه السلوك المرضي السلبي موضوع الحديث ) ..
2- إيجابية تحديد الهدف العلاجي : وأقصد به أن تكون النظرة العلاجية إيجابية وليست سلبية فمثلا يقترح المتخصصون أنه بدلا من أن يكون الهدف المرحلي هو ( تقليل الشتائم والألفاظ النابية بنسبة 30% في الشهر الأول ) نجعلها : ( زيادة نسبة الاعتراض أو الابتسام أو النقاش بنسبة 30% ) .. وهكذا ..مثلا يدلا من ( التوقف عن المجادلة ) نقول ( زيادة نسبة الإصغاء ) وهكذا ..
3- إشراك الوالدين والمربين وغيرهم في وضع برنامج علاجي تعاوني يشارك في وضعه أيضا من يتمتع بخبرة فى هذا المجال .
4- محاولة تبويب الهدف المرحلي ببيان سلوكيات معينة ومحددة تدل عليه ليسهل الحكم على التقدم أو الثبات أو التأخر لدى الطفل , مثال ذلك : إذا كان الهدف هو زيادة السلوك التعاوني لدى الطفل لمضادة الانطواء والسلوك الفردي فيكون التبويب هكذا : ( ما الوقت الذي يقضيه الطفل مع والدته فى التعلم والتدريس , وهل يكون ساكنا أثناء تلك الفترة ومنتبها لحديثها؟ .. كم مرة قام بتنظيف حجرته وترتيب سريره؟ كم مرة يبادر بمساعدة أمه على جلب الأشياء ... الخ )
5- تشجيع الاتجاه الإيجابي لدى الطفل وتدعيمه , ومعنى ذلك أن تشجع الأسرة طفلها إذا بدر منه سلوك إيجابي معين بدلا من التركيز على السلوك السلبي فقط
6- الحذر من كثرة التأنيب والعقاب المتوالي للخطأ , بل ليجعل الوالدان يوما أو يومين في الأسبوع لا يتحدثان فيهما مطلقا عن السلوك السلبي للطفل .
7- مساعدة الطفل على تبني وابتكار وممارسة نماذج سلوكية معارضة للسلوك السلبي ال اطىء بحيث يصعب مع هذه النماذج آداء السلوك المرضي مثال ((يطلب من الطفل أن يعطي أخاه الأصغر لعبة لكي يداعبه بها كلما قامت الأم بإرضاع أو ملاعبة الصغير فهنا لا يمكن أن يكون الطفل عدائيا أثناء رضاع أخيه )
8- تقسيم السلوك المراد الوصول اليه – كهدف مرحلي – الى خطوات فرعية وتشجيع كل خطوة عند ظهورها , مثال ( عندما نلحظ من الطفل قيامه بمداعبة أخيه الرضيع لمدة دقيقين مثلا نشجعه ونقول له إن أخاك الرضيع يحبك أن تلاعبه ومن ثم نؤكد عليه ذلك كل فتره ..)
9- ينبغي تكاتف المربين في المدرسة مع الوالدين في تدعيم السلوك الإيجابي واستنكار السلوك السلبي من خلال حكاية القصص الدالة على ذلك وبيان النماذج الموحية بذلك وتوزيع الهدايا وغيره مما يمكننا أن نبينه في مقال آخر قريب إن شاء الله
مراجع الموضوع :
1- أساليب العلاج السلوكي الحديث – حسن مرضي
2- العلاج السلوكي للطفل – عبد الستار ابراهيم وعبد العزيز الدخيل
3- تقويم سلوك الطفل – بحث منشور – خالد السيد
4- أسس الدعم النفسي للطفل – عبد الله المطلق
5- مبادىء العلاج السلوكي – حمدي عزب
‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗