هل الجن مكلفون ؟ وهل يحاســبون
أجمع المســلمون على أن نبينا صلى الله عليه وآله وســلم مبعوث إلى الجن , كما أنه مبعوث إلى الإنس ..... قال :
الفخر الرازي : أطبق الكل على أن الجن كلهم مكلفون أي : مأمورون ومنهيون وأنه صلى الله عليه وسلم أرسل إليهم
وقال القاضي عبدالجبار ( من المعتزلة ) : لا نعلم خلافا بين أهل النظر : أن الجن مكلفون إلا ما نقل عن الحشوية
( وهم طائفة تمسكوا بالظواهر وذهبوا إلى التجسيم وغيره ) أنهم ليســوا مكلفين ومن كلام بعضهم : لا يخالف أحد من طوائف المسلمين في أن الله تعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا إلى الإنس والجــن
روى وشمة بن موسى من حديث إبن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( أرسلت إلى الجن والإنس
وإلى كل أحمر وأسود ))
رأي إبن تيميـة
قال أبوالعباس إبن تيمية : أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى جميع الثقلين : الإنس والجن وأوجب عليهم الإيمان وما جاء به وهو أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين وسائر طوائف أهل السنة والجماعة فهم مكلفون بفروع شرائعنا إجماعا معلوم من الدين بالضرورة يكفر جاحده لكنا لا ندري تفاصيل تكليفهم ..
قال تعالى ((( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))) فالله تعالى خلق الإنس والجن لغاية وضحها لنا سبحانه فالجن على ذلك مكلفون يثابون على الطاعة ,, أو يحاســــبون على المعصية
وقال إبن مفلح الحنبلي , في كتاب الفروع : " الجــن مكلفون في الجملة , يدخل كافرهم النار , ويدخل مؤمنهم الجنة , لا أنهم يصيرون ترابا كالبهائم , وثوابهم النجاة من النار , وظاهر الأمر في الجنة كغيرهم بقدر ثوابهم خلافا لمن قال : أنهم لا يأكلون ولايشـــــربون فيها , أو أنهم في رياض الجنــة , وقوله عليه الســلام (( كان النبي يبعث إلى قومه خاصة )) يدل على أنه لم يبعث إليهم نبي قبل نبينا , وليس منهم رســول ... ذكره القاضي , وإبن عقيل وغيرهما ,, وأجابوا عن قوله (( يامعشــر الجــن والإنـــس ألم يأتكم رســل منكـم )) أنها كقــوله تعالى (( يخـــرج منهما اللؤلؤ و المرجان )) وإنما يخرج من أحدهما
رأي الحنــابــلة
في كتب الحنابلة : الجن مكلفون في الجملة إجماعا ,, أي : مشــاركون الإنس في جنس الأمر والنهي والتحليل والتحريم ,, إلا في خصوص ما أمروا به أو نهوا عنه أو حلل لهم أو حرم عليهم ...
وفي كلام بعضهم المكلفون على ثلاثة أقســــام
قســــم : كلف من أول الفطرة قطعا وهم الملائكة وآدم وحواء
وقســـم : لم يكلف من أول الفطرة قطعا وهم أولاد آدم
وقســـم : فيه نزاع والظاهر أنهم مكلفون من أول الفطرة وهم الجان
إختلاف العلماء في ثواب الجن على الطاعات
إختلف العلماء في ثواب الجن على الطاعات بعد إتفاقهم أنهم يعاقبون على المعاصي فقد قيل لإبن عباس : هل للجن ثواب ؟ قال : وعليهم عقاب ,, وقيل : لا ثواب لهم إلا النجاة من النار ,, واســتدل القائل : بقوله تعالى عن الجن الذين أسلموا : أنهم قالوا لقومهم ( يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم )
وبقوله تعالى : ((( فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخســـا ولا رهقا )))
فلم يذكر في الآيتين ثوابا غير النجاة من العذاب ,,, ولم يقولوا ليثيبكم على الحســـنة ,,, وأجيب : بأن أولئك خفي عليهم ما أعد الله لهم من الثواب
هـــل يدخلون الجنـــة
قيل : ولا يدخلون الجنة بل يقال لهم : كونوا ترابا كالبهائم ,,, والجمهور : يدخلون الجنــة ,,, بل قال بعضهم : إنه مما أجمع المســـلمون عليه , واســتدل له بقوله تعالى خطابا للجن والإنس : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان * فبأي آلاء ربكما تكذبان ) ومن ثم جاء أنه صلى الله عليه وسلم لما تلا هذه الســورة على الصحابة قال لهم : الجن أحســـن منـكم ردا ,,, فعن جابر بن عبدالله قال : (( قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ســورة الرحمن حتى ختمها ثم قال : مالي أراكم ســـكوتا ؟ للجن أحسن منكم ردا ,, ما قرأت عليهم هذه الآية من مرة ( فبأي آلاء ربكما ) إلا قالوا : " ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد "
وفي رواية ( إلا جوابا منكم ما تكون عليهم آية إلا قالوا : ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب , وعلى هذا أحسن القول : قيل : لا يأكلون في الجنة ولا يشربون , بل يلهمون من التقديس والتسبيح ما يجدونه به مثل ما يجده أهل الجنة من لذة الطعام والشراب
وفي كتب الحنابلة : يدخل كافرهم النار إجماعا ,, ويدخل مؤمنهم الجنة وفاقا لمالك والشافعي ,, وهم في الجنة كغيرهم من الآدميين على قدر ثوابهم خلافا لمن قال : لا يأكلون ولا يشربون فيها وهم فيها على العكس من الدنيا نراهم ولا يروننا
هــل يرون الحــق ســــبحانه ؟؟
قيل : ولا يرون الحق سبحانه وتعالى كالملائكة وأن الرؤية للحق سبحانه وتعالى في الجنة خاصة لمؤمني الإنس وقيل : لا يدخلون الجنة بل يكونون في ربضها , أي : حولها ,,, وقيل : على الأعراف ...
ويرى سلطان العلماء الشيخ عز الدين بن عبدالســلام : أن مؤمني الجن إذا دخلوا الجنة لا يرون الله ,, وأن الرؤية مخصوصة لمؤمني البشر , فإنه صرح بأن الملائكة لا يرون الله في الجنة , ومقتضى هذا أن الجن لا يرونه ,,,, ويعلق الإمام الســيوطي على كلام العز بقوله : قد ثبت أن الملائكة يرون الله , وجزم به البيهقي , وعقد لذلك بابا في كتاب " الرؤية " , وذكر القاضي جلال الدين البلقيني بحثا من عنده أن الجن يرون لعموم الأدلة , ونقله إبن العماد في شرح أرجوزته في الجن عن شيخه سراج الدين البلقيني , ولكن في أسئلة الصفا من أئمة الحنفية أن الجن لا يرون ربهم في الجنة .
هــل يوجــد فيهم نبي أو رسول قبل بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم
جمهور العلماء سلفا وخلفا على أنه لم يكن من الجن قط رسول عن الله تعالى إليهم إلى غيرهم ,, وفي كلام إبن عباس أن يوســف الذي قتلوه كان أرســله رســولا إليهم وأمرهم بطاعته ,, وقيل : ويؤيده أن الضحاك سئل : هل كان من الجن رسول ؟ فقال للسائل : ألم تســمع قول الله تعالى : ((( يا معشـــر الجن والإنس ألم يأتكم رســـل منكــم ))) ,, وقد يــرد : بأن هؤلاء الرســل لم يكونوا من الله تعالى إليــهم ... أما رأي الحنابلة : لم يرســل إليهم من قبل نبينا رسول ,,, وقوله تعالى ((( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجــان ))) وإنما يخرج من أحدهما وقوله تعالى ((( وجعل القمر فيهن نــورا ))) أي : في الســماوات وإنما هو في ســماء واحدة فهو تغليب ... وفي كلام الشبلي : ولا شــك أن الجن مكلفون في الأمم الماضية كما أنهم مكلفون في هذه الملة والتكليف إنما يكون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ,, وأما كون ذلك إنســانا أو جنيا فلم يرد فيه دليل قاطع وتحقيق ذلك مما لا فائدة فيــه ... وفي حياة الحيوان : لو كانت بجملتها ( أي : الشريعة ) لازمة لهم لكانوا يترددون إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى يعلموها ولم ينقل أنهم أتوه إلا مرتين بمكة وقد تحدد بعد ذلك أكثر الشريعة لكن لا يلزم من عدم النقل عدم إجتماعهم به وحضورهم مجلسه وسـماعهم كلامه وهو صلى الله عليه وسلم يراهم ولا يراهم أصحابه
ذكر تصفيدهم في رمضـــــــان
أخرج الترمذي وإبن ماجه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا كان أول ليـلة من رمضـان صفــدت الشياطيـن ومـردة الجـن )) أي : شُـدّت وأوثــقت , قال عبدالله بن أحمد بن حنبل : سألت أبي عن هذا الحديث ,, وقلت : الرجـل يوسـوس في رمضان ويصــرع ؟ قال : هكذا جاء في الحديث
بيان ما ينتحلونه من الأديان
الجن فيهم مسـلمون وكفار منهم يهود ونصارى ومجوس ( المجوس : قوم كانوا يعبدون الشمس والقمر والنار , وأطلق عليهم هذا اللقب منذ القرن الثالث الهجري ) وعبدة أوثـان ... وقد قال صلى الله عليه وسلم في بعض الجن : ذاك فلان النصراني وفي المسلمين منهم أهل ســنة , وبدعة , وقدرية , ومرجئة ( المرجئة هم : فرقة إسلامية لا يحكمون على أحد من المسلمين بشيء بل يرجئون الحكم إلى يوم القيامة , ومن أقوالهم " أنه لا يضر مع الأيمان معصية , ولا ينفع مع الكفر طاعة " ) , وشيعية ( الشيعة هم : فرقة كبيرة من المسلمين اجتمعوا على حب عليّ وآلاه وأحقيتهم بالإمامة ) , ورافضية ( الرافضية هم : فرقة من الشيعة تجيز الطعن في الصحابة , سُمّوا بذلك لأن أوليهم رفضوا زيد بن علي حين نهاهم عن الطعن في الشيخين )
علمهم بالفـقـه والنـحو والحـديث
عن الحسـن بن كيسـان : رأيت في القوم جماعة من الجن يتذاكرون في الفقه والحديث والنحو والشـعر , قلت : أفيكم علماء ؟ قالوا : نعم ,, قلت : إلى من تميــلون ؟ قالوا : إلى ســيبويه
وذكر الشيخ " عبدالوهاب الشعراوي " عن الجني الذي جاء له بأسئلة الجان " في صورة كلب أصفر " أنهم يميلون بطباعهم إلى الشــــــعر .
‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗