وله قصيدة (نحو النور) للأستاذ أحمد حسن الباقوري وأبياتها تسعة عشر بيتًا ، وقد نشرت بجريدة الإخوان المسلمين في العدد (24) 17من رمضان 1355هـ الموافق ديسمبر 1936م.
تأملات دعوية
كذلك كان للتأملات الدعوية نصيب وافر عند شعراء هذه الفترة، مثل قصيدة بعنوان (أيه يا دهر) للأستاذ أحمد حسن الباقوري من أربعة وعشرين بيتًا، وقد نشرتها جريدة الإخوان المسلمين في العدد (21) 12من شعبان 1352هـ الموافق 30 نوفمبر 1933م يقول في مطلعها:
أيه يا دهر تأن
وارو للمستضعفين
في خشوع كيف كنا
تاج رأس العالمين
صف لنا كيف استطعنا
أن نسوس الأرض حينًا
ويقول:
حدث الأغرار منا
كيف ربانا محمد
هل روى التاريخ عنا
غير أفضال وسؤدد
ويختمها:
ليس من يحيا ذليلا
تحت نير السفهاء
مثل من يقضي نبيلا
في عداد الشهداء
وله قصيدة بعنوان (بسم الله مجريها) للأستاذ أحمد حسن الباقوري، أبياتها واحد وأربعون بيتًا ونشرتها جريدة الإخوان المسلمين في العدد (43) أول المحرم 1354هـ الموافق 4أبريل 1935م مطلعها:
الله أكبر بسم الله مجريها
تكاد تختال عجبًا في مجاريها
ويقول:
شباب جمعية الإخوان لا تهنوا
إن السعادة نادتكم فلبوها
ويقول فيها:
هذي يدي قطعت إن كنت أبسطها
لغير راية دين الله تعليها
ويختم بقوله:
إن النفوس إذا ذاقت مبادئنا
فالموت في نشرها أسمى أمانيها
وقد نشرت قصائد كثيرة للباقورى فى صحف الإخوان فى الثلاثينيات والأربعينيات وأوائل الخمسينات ،يقول الدكتور القرضاوي : ولا أعلم أن شعر الباقوري جمع إلى اليوم، وقد سمعته مرة وقد سئل عن شعره، فقال في تواضع: إنه من شعر العلماء، وشعر العلماء كعلم الشعراء.ويعلق القرضاوي على ذلك بقوله :وأحسب أن هذا من جميل أدبه وتواضعه، فكثيرا ما يكون للشعراء علم راسخ، كما يكون للعلماء شعر رائع.
ويقول الأستاذ أحمد الجدع : وقد أيّد بشعره دعوة الإخوان المسلمين، ونشر جل قصائده في صحفهم ومجلاتهم، ولم أجد أحداً كتب عن الباقوري شاعراً ، ولم أسمع أن أحداً اهتم بجمع شعره في ديوان مطبوع، فجمعت أنا ما استطعت من شعره وأخضعته للدراسة ، عسى أن أكون بهذا قد أحييت صفحة من صفحات الشعر الإسلامي المعاصر، وأنصفت رجلاً ساهم بشعره في نصرة دينه.
فى ظل حكومة الثورة : الشيخ الباقورى وزيرا للأوقاف
حكومة الثورة تعرض على الإخوان الوزارة
يقول محمود عبد الحليم : "وتم تشكيل وزارة برياسة محمد نجيب .. وطلب منا جمال عبد الناصر الاشتراك في الوزارة ، استدعاني أنا وحسن وكان يوسف صديق حاضرًا .. وفاجأنا بقوله : " أنا عايز ثلاثة من الإخوان يدخلوا الوزارة .
فرد يوسف صديق : " إحنا هنخليها فقهاء " .. فقال له حسن العشماوي : ما لهم الفقهاء .. ما له واحد زى الشيخ الباقوري بغض النظر عن الموضوع . وقال عبد الناصر : إنما كنت اقترحت أنك تدخل الوزارة – والكلام كان موجها لحسن العشماوي – أنت ومنير الدلة ولكن الزملاء معترضين لصغر سنكم .. وإحنا عايزين ترشحوا لنا اثنين أو ثلاثة.
وذهبنا إلي المرشد .. واجتمع مكتب الإرشاد واتخذوا قراراً بعدم الاشتراك في الوزارة بعد مناقشات طويلة .. فقد رأي البعض أن اشتراكنا في الوزارة سيجعلنا مبصرين بكل الخطوات التي تقوم بها الحكومة .. ولكن المرشد كان له رأي آخر ، وهو أنه : لو حدثت أخطاء من الحكومة فإنها ستلقي علي الإخوان فضلاً عن أن رسالة الإخوان كما كان يراها المكتب ( مكتب الإرشاد ) في تلك الآونة هي عدم الزج بأنفسهم في الحكم .
أبلغنا جمال عبد الناصر بقرار المكتب ، فطلب من المرشد أن يرشح له أشخاصًا آخرين من غير الإخوان ، فرشح له أحمد حسني وزكي شرف ومحمد كمال الديب إلا أن عبد الناصر اختار أحمد حسني فقط كوزير للعدل، استطاع الاتصال بالشيخ الباقوري ، وكان عضوًا بمكتب الإرشاد وأقنعه بالخروج علي قرار المكتب وقبول الوزارة وزيرًا للأوقاف فقبل .
واتصل بي( أى :محمود عبد الحليم راوى الحدث ) كمال الدين حسين وطلب مني محاولة إقناع أعضاء المكتب بقبول دخول الشيخ الباقوري الوزارة حتى لا يحدث صدع بين الحكومة والإخوان ، فذهبت إلي مقر الجمعية لإبلاغ المرشد بحديث كمال الدين حسين لي ، فوجدته في حالة ثورة علي صالح أبو رقيق ؛ لأنه أبلغه أن الباقوري خالف قرار المكتب .. وبعد ساعة أذيع تشكيل الوزارة ، وخرج المرشد إلي منزله ، وعند خروجه قابله الصحفيون وسألوه :
هل عرضت عليكم الوزارة ؟ .
فأجاب : لقد عرضت علينا واعتذرنا .
وأغضب هذا التصريح جمال عبد الناصر .
ثم يكمل صالح أبو رقيق روايته نقلاً عما سمعه من المرشد فقال :
جلس المرشد في صالون منزله حزينًا لخروج الباقوري علي إجماع مكتب الإرشاد، وقرب منتصف الليل وصل الشيخ الباقوري إلي منزل المرشد وصافحه وقبل يده وقال:
أنا تصرفت .. أتحمل نتيجة تصرفي ، وأنا مستعد أن أستقيل من مكتب الإرشاد . ورد الهضيبي : لسه ؟ وقال الباقوري : ومن الهيئة التأسيسية .. ورد الهضيبي : لسه ، وقال الباقوري : ومن جماعة الإخوان المسلمين . ورد الهضيبي : هكذا يجب . وطلب الشيخ الباقوري ورقة وكتب استقالته من جماعة الإخوان المسلمين .. وانصرف .. وفي صباح اليوم التالي توجه المرشد إليه في مكتبه بوزارة الأوقاف مهنئًا له . فقال له الباقوري :
اعذرني يا مولاي .. إنها شهوة نفس .
فرد المرشد : تمتع بها كما تشاء .. اشبع بها ."
وأُعْلِنَ ذلك في الصحف، فقد جاء في "أخبار اليوم" في 13/9/1952 ما نصه: "اتصل الأستاذ حسن الهضيبي - رئيس جماعة الإخوان المسلمين - بجميع الصحف ليلة تأليف وزارة محمد نجيب، وطلب إليها أن تنشر على لسانه؛ أن الأستاذ أحمد حسن الباقوري قد استقال من الإخوان.
الباقورى وزيراً للأوقاف
انشغل الباقوري بالوزارة , وأعاد تنظيم الأزهر وأدخل به الكليات التي تخرج العاملين لصالح المجتمع من مهندسين وأطباء ورجال أعمال ورجال قانون ورجال علم تطبيقي , فضلا عن كلية البنات فيها ذات التخصصات , فلا ينبغي أن يقتصر الأزهر , وهو أقدم جامعة في العالم لا زالت حية , على علوم الدين فحسب.
وقد مارس الباقوري مسؤوليته كوزير للأوقاف بروح إنسانية سمحة .. كما حاول إصلاح الطرق الصوفية ومستشفيات الأوقاف.
وكانت الفكرة الأساسية للكليات الجديدة , هي أن تخرج دعاة للإسلام يحترفون مهنة , ويستطيعون أن ينشروا الدعوة في المجتمعات الأفريقية والآسيوية ,والأوروبية والأمريكية .
ويذكر محمود عبد الحليم أنه اتصل بالباقورى عندما علم بمظلمة أسرة تسكن في مساكن الأوقاف وحكم عليها بالطرد من المنزل لهدمه دون علمهم بالحكم ،ولا سبيل لرفع الظلم إلا بقرار من وزير الأوقاف ، فيقول :
وهنا لم أر مناصًا من استعمال الرقم السري وحددت المقابلة في الحال .. وشرحت الموضوع للوزير فماذا فعل ؟ أول شيء أنه كال لي الشكر علي أن أتحت له فرصة إنقاذ أسرة مظلومة من الضياع . ثم طلب مدير الأحكار بالوزارة أمامي ، فلما حضر عرض عليه المظلمة التي كنت قد قدمتها إليه ، وسأله عن الإجراء الذي يتخذ لمنع الهدم ، فقال له : إن الإجراء الوحيد أن تأمر فضيلتك شخصيًا وكتابيًا بوقف تنفيذ قرار المحكمة . فكتب فعلاً ما أملاه عليه المدير . فلما هم المدير بالانصراف استبقاه وقال له :
هذه المظلمة وجدت من يوصلها إليّ ، فما ذنب أصحاب المظالم الذين لا يجدون من يوصلها إليّ ؟ هل يشرد الناس من مساكنهم ولا يجدون من يدافع عنهم ونحن المسئولون عن ذلك بين يدي الله ؟! خذ هذا القرار : وكتب بيده القرار الوزاري التالي : " ممنوع منعًا باتًا هدم أي مسكن مقام علي أرض حكر للوزارة " ، ووقع بإمضائه علي القرار ، وسلمه للمدير وصار بذلك قرارًا رسميًا أنقذ كثيرًا من ضعفاء الناس . وغيرها من المظالم التى عالجها الشيخ الباقورى.
محنة الباقورى فى ظل حكومة الثورة
قضى الباقورى في الوزارة سبع سنوات من 1952 إلى 1959، حتى بلغ عبد الناصر عنه شيء كرهه منه، قيل: إنه حديث جرى عنده من الأديب والمحقق الكبير الأستاذ محمود محمد شاكر، وهو رجل معروف بأنه لا يخاف لومة لائم، ولا نقمة ظالم، فيبدو أنه ـ على سجيته ـ صب جام غضبه على عبد الناصر، ولم يدافع الباقوري عن رئيسه وقائده كما ينبغي، ولم يعلم أن ذلك سيبلغ عبد الناصر، الذي له عيون وآذان في كل مكان، حتى عند وزرائه أنفسهم، وقد قيل: إن هذا الحديث سجل، وسمعه عبد الناصر. وقيل: إن الباقوري كان مشغولا حين تكلم شاكر مع صديق له في بيت الباقوري، وأن الباقوري لم يسمع كلام شاكر.
ولكن عبد الناصر أقاله من منصبه بأسلوب مهين لا يتناسب مع مكانة الشيخ الباقورى ، ولم يشفع له صداقته وحبه له عنه شيئا! وألزمه بيته لمدة خمس سنوات، وأمره بالاعتكاف في منزله وظل سنوات خمسًا حتى ظهر زيف هذه الوشاية، وعُيِّنَ الباقوري مُديرًا لجامعةِ الأزهر عام 1964.
ذهب الشيخ إلى بيته . واستيقظ من نومه على أصوات القطط وهي تموء بصوت منزعج خارج باب الفيلا التي يقيم فيها . خرج يتساءل عما حدث هذه الليلة , فوجد أن شرطة المرافق قد رفعت الكشك الخاص بجندي الحراسة , ووضعت مكانه صندوقا حديديا ضخما للقمامة , فاجتذبت القمامة قطط الحي كله...
حضر إليه جمال سالم ( عضو مجلس قيادة الثورة ) في المساء مواسيا , فأبلغه الباقوري بالواقعة , فطلب رئيس شركة مصر الجديدة , وهو المسئول عن ذلك قبل تكوين مجلس للحي , وبعد أن نهره جمال سالم بشدة ،بعثوا بسيارة نقل لترفع صندوق القمامة من مكانه .
ولعل الأشد إهانة للشيخ الباقورى ما حدث له عند استقباله لعبد الناصر. وعند عودة عبد الناصر من روسيا , وجد الباقوري واجبا عليه أن يذهب لاستقباله . ووقف ضمن المستقبلين في الصف الأول , كما يقضي البروتوكول باعتباره وزيرا سابقا.
فجاء ضابط شرطة صغير برتبة ملازم , ودفع الشيخ الباقوري بعصاه إلى الخلف قائلا: هذا ليس مكانك . فوقع الشيخ الباقوري على الأرض, وأصيب بالشلل الكامل فورا . ونقلوه إلى مستشفى القوات المسلحة , وأمكن علاجه إلى أن صار الشلل نصفيا فقط . وظل كذلك حتى نهاية عمره .
في تلك الأثناء استطاع عبد الناصر أن يتبين الحقيقة حول الباقوري وعرف أنه دسيسة من المخابرات , فذهب لزيارته بالمستشفى وقال له : لقد ظلمناك يا شيخ أحمد ... ثم أصدر قرارا بتعيين الباقوري رئيس لجامعة الأزهر ومستشارا دينيا لرئاسة الجمهورية بدرجة وزير عام 1964, وظل كذلك إلى أن مات .
يقول د. يعقوب الغنيم : " ومرت الأيام حثيثة، وتغيرت أمور كثيرة منها ما حدث للشيخ من فقد للمنصب والتضييق عليه حتى صار لا يبرح منزله بناء على أوامرهم. ولقد زرته وهو في حاله هذه فوجدته مثالا للمؤمن الصابر الذي يتحمل ما كتبه الله عليه، ولقد عرف الكثيرون فيما بعد مدى الظلم الذي حاق به، ولكن بعد فترة طويلة ، وبعد أن بدأ المرض يدخل إلى جسده، لقد تمت محاولات لرد الاعتبار له عن طريق إسناد مناصب معينة ذات مستوى عالِ، وعن طريق الجوائز والأوسمة ولكن ما في نفسه بقي كما هو.
‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗