البيان عن أكمل إنسان.. رسول الله
د. محمد عمارة
هو: أبو القاسم محمد,53 ق.هـ ـ11 هـ571ـ632م] ابن عبدالله,81 ق.هـ ـ53 ق.هـ544 ـ571م] ابن عبد المطلب,127 ق.هـ45هـ500 ـ579م] ابن هاشم ـ صلي الله عليه وسلم.
من قبيلة قريش.. يتصل نسبه الشريف الي عدنان, من ولد إسماعيل بن ابراهيم الخليل ـ عليهما السلام.
وأمه: آمنة بنت وهب,45 ق.هـ575م] القرشية الزهرية.
ولد بمكة المكرمة, في يوم الإثنين(9 ربيع الأول سنة53 ق,هـ ـ20 إبريل سنة571 م).
وأرضعته ـ بالبادية ـ حليمة السعدية, من بني سعد بن بكر بن هوازن.
نشأ يتيما, فلقد مات أبوه عبد الله قبل أن يولد, فاحتضنته أمه آمنة إلي أن توفيت ـ وهو في السادسة من عمره ـ فكفله جده عبد المطلب,127 ق,هـ ـ45 ث.هـ500 ـ579 م] إلي أن مات ـ وهو في الثامنة من عمره.. فكفله عمه أبو طالب,85 ق.هـ300 ق,هـ540 ـ620م].
شب ـ صلي الله عليه وسلم ـ كامل العقل, عالي الهمة, صادقا, أمينا, شجاعا,فاضل الأخلاق, حتي لقد لقبه قومه ـ واشتهر بينهم بـ الصادق الأمين.
شارك في عقد حلف الفضول الذي قام ـ بمكة ـ قبل الإسلام ـ لنصرة المظلومين, وأخذ حقوق الضعفاء من الأقوياء
اشتغل برعي الغنم حينا, ثم بالتجارة, وسافر الي الشام في تجارة للسيدة خديجة بنت خويلد الأسدية القرشية,68 ق.هـ3 ق.هـ556 ـ620م].
وفي الخامسة والعشرين من عمره تزوج من السيدة خديجة ـ التي تكبره بخمسة عشر عاما ـ وأنجب منها كل أولاده ـ باستثناء إبراهيم ـ الذي ولد له من ماريه القبطية,16 هـ637 م] ـ والذي مات طفلا ـ وظلت السيدة خديجة زوجته الوحيدة حتي توفيت ـ وهو في الخمسين من عمره ـ, س3ق.هـ سنة620م].. فتعددت ـ بعدها ـ زوجاته ـ صلي الله عليه وسلم ـ.
لم يعش بعده من أولاده, وينجب سوي ابنته فاطمة,18 ق.هـ11هـ605ـ632م] ـ رضي الله عنها ـ التي تزوجت من ابن عمه علي بن أبي طالب,23 ق.هـ40هـ600 ـ661م] ـ رضي الله عنه ـ فكان نسلها من ولديها: الحسن بن علي,3 ـ50هـ624 ـ670م] والحسين بن علي,4 ـ16هـ625ـ680م] رضي الله عنهما ـ علي حين توفي بقية اولاده ـ في حياته ـ القاسم.. وعبدالله.. وزينب ورقية.. وأم كلثوم.. وابراهيم.
لم يعبد صنما منذ نشأ, وكان يميل الي التأمل, بحثا عن الحقيقة, ثم يخلو الي نفسه شهر رمضان من كل عام, في غار حراء ـ بمكة ـ يتحنث ـ, يتعبد] ـ فيه تعبد الحنفاء ـ الموحدين ـ ببقايا شريعة وملة ابراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ.
وبينما هو يتعبد بغار حراء ـ في رمضان سنة13 ق.هـ610م ـ جاءه الوحي من الله ـ سبحانه وتعالي ـ بالنبوه الخاتمة ـ, الرسالة الخالدة, والكتاب المعجز المبين, فأخذ يدعو المقربين منه إلي الاسلام ـ سرا, ثلاث سنوات ـ فآمن به وبدعوته نفر قليل.. ثم جهر بالدعوة الي الاسلام.
نزل عليه القرآن منجما ـ, مفرقا] ـ ليثبت الله به فؤاده ـ وكان كتاب الوحي ـ الذين تخصصوا بكتابته ـ وعددهم ثمانية وعشرون كاتبا ـ يكتبونه, يحفظونه.. وهو معجزته الكبري التي تحدي بها قومه, والإنس والجن أن يأتوا بشئ من مثله.
أصابه الأذي ـ هو وأصحابه ـ من مشركي قريش وملئها وأغنياتها, فصبر وصابروا معه.. وحاصرته قريش ـ مع الذين آمنوا به ـ في شعب بني هاشم ثلاث سنوات, وقاطعوهم اقتصاديا واجتماعيا, حتي كادوا أن يهلكوا جوعا.. فأذن لبعض أصحابه ـ من الرجال والنساء ـ بالهجرة ـ مرتين ـ إلي الحبشة, وأخذ ـ صلي الله عليه وسلم ـ يعرض نفسه ودعوته علي القبائل, طلبا للحماية, والإيمان, وكسرا للحصار المضروب علي دعوته وصحابته.
ولما استجاب نفر من يثرب ـ, المدينة المنورة] ـ من قبيلتي الأوس والخزرج ـ لدعوة الإسلام ـ أثناء رحلة الحج س2ق.هـ ـ ثم عادوا في العام التالي س1ق.هـ فتعاقدوا معه ـ عند العقبة ـ علي تأسيس الدولة الإسلامية الأولي ـ بالمدنية ـ بدأ أصحابه في الهجرة إليها.
هاجر ـ صلي الله عليه وسلم ـ بصحبة أبي بكر الصديق,51 ق.هـ13هـ537ـ634م] ـ سرا ـ من مكة إلي يثرب ـ,المدينة المنورة] ـ فدخلها يوم الاثنين(8 ربيع الأول) س1هـ02سبتمبر سنة622م), فأقام بها مسجد النبوة, ووضع الصحيفة ـ الكتاب دستورا للدولة الإسلامية الأولي.. وآخي بين المهاجرين والأنصار.. وأقام رعية الدولة علي التعددية الدينية بين المؤمنين وبين يهود المدينة ـ العرب ـ وحلفائهم العبرانيين..
ولاحقته قريش ـ في مهجره ـ بالعداء, والعدوان, فأذن الله ـ سبحانه وتعالي ـ له ولأصحابه بالقتال دفاعا عن حرية العقيدة والدعوة, ودفاعا عن وطن الإسلام ودولته:, أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله علي نصرهم لقدير, الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا بنا الله] ـ الحج:40,39 ـ.
وفي سبيل حماية الدين, والدولة, والوطن, وفي سبيل تحرير الشرق وشعوبه المقهورة من استعمار الرومان وقهرهم, كانت غزواته ـ صلي الله عليه وسلم ـ الثمانية والعشرون, وبها انتصر الاسلام علي الشرك والوثنية والجاهلية, وعلي تحالف اليهود مع الوثنية.. وتوحد العرب في دولتهم الإسلامية ـ لأول مرة في التاريخ ـ ودخل الناس في دين الله أفواجا, وبدأت الدعوة إلي الإسلام تتعدي شبه الجزيرة العربية إلي جوارها ومحيطها ولم يتجاوز ضحايا كل تلك الغزوات ـ التي أعقبتها كل تلك الانتصارات ـ,386 قتيلا] ـ قتلي المشركين,203] وشهداء المسلمين,183]..
وفي(25 ذي القعدة سنة10هـ ـ فبراير سنة632 م) خرج ـ صلي الله عليه وسلم ـ حاجا حجة الوداع, وخطب علي عرفات, أطول خطبة, التي قنن فيها الحقوق المدنية والدينية للإنسانية جمعاء.. وفيها قال ـ عن الاخوة الانسانية ـ: إنما المؤمنون إخوة.. إن ربكم احد, وإن أباكم واحد, كلكم لآدم وآدم من تراب, أكرمكم عند الله أتقاكم, وليس لعربي علي أعجمي فضل إلا بالتقوي.. وفيها أعلن الثورة التي نسخت نظام الجاهلية: إن ربا الجاهلية موضوع.. وإن دماء الجاهلية موضوعة.. وأعلن الإنصاف للنساء, ومساواة التكامل بينهم وبين الرجال: إن لنسائكم عليكم حقا, ولكن عليهن حق.. كما قرر معالم الطريق أمام المؤمنين: إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده: كتاب الله وسنة نبيه.. وبعد هذه الحجة ـ التي شهدها معه جمهور الأمة ـ عاد ـ صلي الله عليه وسلم ـ الي المدينة المنورة.
وفي(27 صفر سنة11 هـ مايو سنة632 م) كان مرضه ـ صلي الله عليه وسلم ـ الذي توفي فيه, فصعدت روحه الطاهرة الزكية المطمئنة الي بارئها في( الأحد12 ربيع الأول سنة11 هـ مايو632 م) بعد عمر بلغ ـ بالتقويم القمري ـ(63) عاما وثلاثة أيام ـ وبالتقويم الشمسي(61) عاما وثمانية وأربعين يوما.
وكان عدد الذين اهتدوا إلي الإسلام ـ عند وفاته صلي الله عليه وسلم ـ,124.000] ـ مائة وأربعة وعشرين ألفا ـ بينما بلغ عدد الصفوة والنخبة والقيادات والريادات التي تربت في مدرسة النبوة نحوا من ثمانية آلاف, بينهم أكثر من ألف من النساء ـ وكان تعداد شبه الجزيرة العربية يؤمئذ مليون نسمة.
وكان ـ صلي الله عليه وسلم ـ خطيبا, أوتي جوامع الكلم, إذا خطب ـ في نهي أو زجر ـ احمرت عيناه, وعلا صوته, واشتد غضبه, كأنه ينذر بقتال, وإذا خطب في الحرب اعتمد علي قوس, وإذا خطب في السلم اعتمد علي عصا.. وكان محدثا حلو المنطق, في كلامه ترتيل وترسيل, وإذا تكلم تبسم.
وكان ـ صلي الله عليه وسلم ـ طويل الصمت, وإذا ضحك وضع يده علي فمه, يمزج ـ قليلا ـ ولا يقول إلا حقا, وإذا مزح غض بصره.
وكان متواضحا, يجلس ويأكل علي الأرض, ويخيط ثوبه, ويخصف نعله, ويخدم أهله, ويلبي دعوة الفقير والرقيق إلي خبز الشعير, ويجالس المساكين. وكان شديد الحياة, إذا صافحه أحد لا يترك يده حتي يكون المصافح هو الذي يترك يده.
وكان ـ صلي الله عليه وسلم ـ ضخم الرأس واليدين والقدمين, ربعة ـ ليس بالطويل ولا بالقصير ـ. واسع اجبين, سبط الشعر ـ, مرسله]. في وجهه تدوير, وميل إلي الحمرة, كث اللحية, عظيمالفم, في أسنانه تفليج وتفريق, عيناه سوداوان, يرسل شعره إلي انصاف أذنيه, أزهر اللون, ضخم رؤوس العظام, يلبس قلنسوة بيضاء, وبمسح رأسه ولحيته بالمسك.
وإذا مشي لم يلتفت, وإذا التفت جميعا, يتكفأ في مشيته كأنما ينحدر من عل, وإذا اهتم لأمر اكثر من مس لحيته.
وكان ـ صلي الله عليه وسلم ـ شجاعا بطلا, إذا حمي وطيس الحرب احتمي بأصحابه, وإذا اشتد بأسها كان أقرب اصحابه إلي الأعداء.
وكان يقف بين يدي مولاه بقيام الليل ـ حتي تتورم قدماه, رفيقا بالإنسان, والحيوان والنباتات, والجماد.. وكان ـ في ذات الوقت ـ عاشقا للجمال في الكون.وللطيب, لا يصد نفسه عن طيبات الحياة وزينتها.
وكان ـ صلي الله عليه وسلم ـ وهو المعصوم في التبليغ عن ربه ـ أكثر الناس مشورة لأصحابه, يخضع اجتهاده لإجتهادات الأغلبية. وإذا عزم علي غزوة أخفاها, ووري بغيرها.
ولقد وصف نفسه ـ صلي الله عليه وسلم ـ فقال: أدبني ربي فأحسن تأديبي.. ووصفته زوجته عائشة ـ رضي الله عنها ـ فقالت: كان خلقه القرآن.. ووصفه ربه ـ سبحانه وتعالي ـ فقال:, لقد جاءكم رسول من أنفسهم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ـ التوبة:128 ـ, إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا] ـ البقرة:119 ـ, وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين] ـ الأنبياء:107 ـ, يا أيها المزمل. قم الليل إلا قليلا. نصفه أو انقص منه قليلا. أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا. إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا] ـ المزمل:1 ـ5 ـ, قل إنني هداني ربي إلي صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين. قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين] الأنعام:131 ـ133 ـ.
,وإنك لعلي خلق عظيم] ـ القلم:5 ـ.
وصدق الله العظيم, وصلي الله عليه وسلم, والملائكة, والمومنون إلي يوم الدين,
‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗