محظورات الإحرام
الشيخ محمد صالح العثيمين
السؤال:
ما هي محظورات الإحرام؟
الجواب:
محظورات الإحرام هي الممنوعات بسبب الإحرام، بمعنى المحرمات التي سببها الإحرام، وذلك أن المحرمات نوعان: محرمات في حال الإحرام وحال الحج، وإليها أشار الله تعالى بقوله: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة: 197]فكلمة (فسوق) عامة تشمل ما كان الفسق فيه بسبب الإحرام وغيره بمحرمات خاصة بسبب الإحرام إذا تلبس الإنسان بالإحرام فإنها تحرم عليه وتحل له في حال الحل.
فمن محظورات الإحرام: الجماع وهو أشد المحظورات إثماً وأعظمها أثراً، ودليله قوله تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [سورة البقرة:197] فإن الرفث: هو الجماع ومقدماته، وإذا وقع الجماع قبل التحلل الأول في الحج فإنه يترتب عليه أمور خمسة:
الأول: الإثم، والثاني: الفساد للنسك، والثالث: وجوب الاستمرار فيه، والرابع: وجوب فدية يذبحها ويفرقها على الفقراء. والخامس: وجوب القضاء من العام القادم. وهذه آثار عظيمة تكفي المؤمن في الانزجار عنه، والبعد عنه.
ومن المحظورات أيضاً: المباشرة لشهوة والتقبيل والنظر بشهوة، وكل ما كان من مقدمات الجماع؛ لأن هذه المقدمات تفضي إلى الجماع.
ومن محظورات الإحرام: عقد النكاح؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا ينكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب)) [رواه مسلم].
ومن محظوراته: الخطبة فلا يجوز لإنسان أن يخطب امرأة وهو محرم لحج أو عمرة.
ومن محظورات الإحرام: قتل الصيد، لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) [المائدة: 95].
ومن محظوراته أيضاً: الطيب بعد عقد الإحرام سواء في البدن، أو الثوب، أو المأكول، أو المشروب، فلا يحل لمحرم استعمال الطيب على أي وجه كان بعد عقد إحرامه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الرجل الذي وقصته ناقته في عرفة فمات: ((لا تحنطوه))، والحنوط: أطياب تجعل في الميت عند تكفينه، فأما أثر الطيب الذي تطيب به عند الإحرام فإنه لا بأس به ولا تجب إزالته، لقول عائشة رضي الله عنها: "كنت أطيِّب النبي -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه قبل أن يحرم". وقالت: "كنت أنظر إلى وبيص المسك في مفارق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو محرم".
ومن محظورات الإحرام: لبس الرجل القميص والبرانس والسراويل والعمائم والخفاف، هكذا أجاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- حينما سئل ماذا يلبس المحرم؟ فقال: ((لا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا البرانس، ولا العمائم، ولا الخفاف)) إلا من لا يجد إزاراً فليلبس السراويل، ومن لا يجد نعلين فليلبس الخفين، وما كان بمعنى هذه المحظورات فهو مثلها فالكوت والفانيلة والصدرية والغترة والطاقية والمشلح كل هذه بمعنى المنصوص عليه، فيكون لها حكم المنصوص عليه، وأما لبس الساعة والخاتم وسماعة الأذن، ونظارة العين، والكمر الذي تكون فيه النقود وما أشبهها فإن ذلك لا يدخل في المنهي عنه لا بالنص ولا بالمعنى، وعلى هذا فيجوز للمحرم أن يلبس هذه الأشياء، وليعلم أن كثيراً من العامة فهموا من قول أهل العلم: "إن المحرم لا يلبس المخيط"، أن المراد بالمخيط ما فيه خياطة، ولهذا تجدهم كثيراً يسألون عن لبس الكمر المخيط، وعن لبس الإزار أو الرداء المرقع وعن لبس النعال المخروزة وما أشبه ذلك، ظنّاً منهم أن العلماء يريدون بلبس المخيط لبس ما كان فيه خياطة، والأمر ليس كذلك، وإنما مراد العلماء بذلك ما يلبس من الثياب المفصلة على الجسم على العادة المعروفة.
وتأمل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يلبس القميص ولا السراويل...) إلى آخره، يبين لك أن الإنسان لو تلفف بالقميص بدون لبس فإنه لا حرج عليه، فلو جعل القميص إزاراً لفه على ما بين سرته وركبته فإنه لا حرج عليه في ذلك؛ لأن ذلك لا يعد لبساً للقميص.
ومن المحرمات في الإحرام: تغطية الرجل رأسه بملاصق معتاد كالطاقية والعمامة والغترة، فأما تظليل الرأس بالشمسية، أو سقف السيارة أو بثوب يرفعه بيديه على رأسه فهذا لا بأس به؛ لأن المحرم تغطية الرأس لا تظليله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث لأم الحصين رضي الله عنها قالت: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- راكباً وأسامة وبلال أحدهما آخذ بخطام ناقته، والثاني رافع ثوبه".
أو قال: "ثوباً يظلله به من الحر حتى رمى جمرة العقبة" ، ولا يحرم على المحرم أن يحمل عفشه على رأسه؛ لأن ذلك لا يعد تغطية، وإنما المراد به الحمل.
ومن محظورات الإحرام: أن تنتقب المرأة أي تضع النقاب على وجهها؛ لأن النقاب لباس الوجه، وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المرأة أن تنتقب وهي محرمة، فالمشروع للمرأة في حال الإحرام أن تكشف وجهها إلا إذا كان حولها رجال غير محارم لها فإنه يجب عليها أن تستر الوجه، وفي هذه الحال لا بأس أن يلاصق الساتر بشرتها ولا حرج عليها في ذلك.
ومن محظورات الإحرام: لبس القفازين وهما جوارب اليدين، وهذا يشمل الرجل والمرأة فلا تلبس المرأة القفازين في حال الإحرام، وكذلك الرجل لا يلبس القفازين؛ لأنهما لباس كالخفين بالنسبة للرجل.
ومن محظورات الإحرام أيضاً: حلق الرأس.
[مجموع فتاوى ورسائل العثيمين: (22/105) فما بعدها]