- سئل الشيخ ابن باز عن بعض الناس إذا صلى مع الإمام الوتر وسلم الإمام قام وأتى بركعة ليكون وتره آخر الليل فقال: "لا نعلم في هذا بأساً نص عليه العلماء، ولا حرج فيه حتى يكون وتره في آخر الليل. ويصدق عليه أنه قام مع الإمام حتى ينصرف لأنه قام معه حتى انصراف الإمام وزاد ركعة لمصلحة شرعية حتى يكون وتره آخر الليل فلا بأس بهذا، ولا يخرج به عن كونه ما قام مع الإمام بل هو قام مع الإمام حتى انصرف لكنه لم ينصرف معه بل تأخر قليلاً" (الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح للشيخ عبد العزيز بن باز ص 541). وأمْرُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن تكون آخر الصلاة بالليل هي الوتر، أمرٌ على سبيل الاستحباب لا الوجوب فإن أوتر مع الإمام وانصرف معه، فلا حاجة إلى الوتر آخر الليل، فإن استيقظ آخر الليل صلى ما كُتب له شفعا (أي ركعتين ركعتين) ولا يعيد الوتر، فإنه لا وتران في ليلة.
- القنوت في تعريف الفقهاء هو: اسم للدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام. وهو مشروع في صلاة الوتر بعد الركوع على الصحيح من قولي العلماء. ومشروع إذا نزلت بالمسلمين نازلة فيدعو بعد الرفع من الركوع في آخر ركعة من كل فريضة من الصلوات الخمس، حتى يكشف الله النازلة، ويرفعها عن المسلمين (تصحيح الدعاء للشيخ بكر أبو زيد ص 460). وأما القنوت في صلاة الصبح دائماً في جميع الأحوال فإنه [لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خص الصبح بالقنوت، ولا أنه داوم عليه في صلاة الصبح، وإنما الذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قنت في النوازل بما يناسبها، فقنت في صلاة الصبح وغيرها من الصلوات يدعو على رعل وذكوان وعُصَيَّة لقتلهم القراء الذين أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ليعلموهم دينهم، وثبت في صلاة الصبح وغيرها يدعو للمستضعفين من المؤمنين أن ينجيهم الله من عدوهم، ولم يداوم على ذلك، وسار على ذلك الخلفاء الراشدون من بعده، فخير (للإمام) أن يقتصر على القنوت في النوازل اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عن أبي مالك الأشجعي قال: "قلت لأبي: يا أبت قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بنيّ مُحدَث" (رواه الخمسة إلا أبا داود، وصححه الألباني في الإرواء 435)، وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم] (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: 7/47).
- لدعاء القنوت في صلاة الوتر صيغ واردة منها:
1- الصيغة التي علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما، وهي: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لني فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجى منك إلا إليك» (أبو داود والنسائي، وصححه الألباني في الإرواء 429).
2- وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» (الترمذي وصححه الألباني في الإرواء 430). ولا بأس أن يزيد عليه من الدعاء المشروع والطيّب الصحيح. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم في آخر قنوت الوتر، منهم: أُبي بن كعب، ومعاذ الأنصاري رضي الله عنهما (تصحيح الدعاء للشيخ بكر أبو زيد ص460).
- قنوت النوازل يدعو بما يناسب الحال كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن قبائل من العرب غدروا بأصحابه وقتلوهم، ودعا للمستضعفين من المؤمنين بمكة أن يُنجيهم الله تعالى، وورد عن عمر أنه قنت بهذا الدعاء: «اللهم إنا نستعينك ونؤمن بك، ونتوكل عليك ونثني عليك الخير ولا نكفرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجدَّ بالكفار مُلحق، اللهم عذِّب الكفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك» (رواه البيهقي: 2/210، وصححه الألباني في الإرواء 2/170؛ وقال الألباني: "هذه الرواية عن عمر في قنوت الفجر، والظاهر أنه في قنوت النازلة كما يُشعر به دعاؤه على الكفار").
فإن قلت: هل يمكنني أن أدعو بغير ما ذُكر؟
فالجواب: نعم، يجوز ذلك، قال النووي في المجموع (3/497): "الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور أنه لا تتعين بها (أي بهذه الصيغة)، بل يحصل بكل دعاء". وبما أنَّ الصيغة الواردة لا تتعين بذاتها، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يدع بها، فلا حرج من الزيادة عليها، قال الشيخ الألباني رحمه الله: "ولا بأس من الزيادة عليه بلعن الكفرة ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء للمسلمين" (قيام رمضان للألباني: 31).
- دعاء القنوت سنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت، وقد علم الحسن القنوت وكلمات القنوت في الوتر، فهو سنة، فإذا قرأت في كل ليلة فلا بأس، وإن تركت في بعض الأحيان حتى يعلم الناس أنه ليس بواجب.
- أكثر الأحاديث والذي عليه أكثر أهل العلم: [أن القنوت بعد الركوع، وإن قنت قبل الركوع فلا حرج، فهو مُخير بين أن يركع إذا أكمل القراءة، فإذا رفع وقال: ربنا ولك الحمد قنت... وبين أن يقنت إذا أتم القراءة ثم يُكبر ويركع، كل هذا جاءت به السنة] (الشرح الممتع، ابن عثيمين 4/64. وانظر موقع الإسلام سؤال وجواب: فتوى رقم 20031).
- لا بأس للمصلي إن طال قيامه في الصلاة أن يعتمد على إحدى رجليه تارة، وعلى الأخرى؛ ليريح نفسه، وتسمى هذه الفعلة (المراوحة)، على أن لا يقدِّم رجلاً على أخرى، فتكون رجلٌ مع الناس وأخرى متقدمة أو متأخرة عنهم، والمراوحة جائزة لمن له عذر، ومكروهة من غير عذر.
- ليس في السنة النبوية دعاء خاص بعد ختم القرآن الكريم، ولا حتى عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو الأئمة المشهورين، ومن أشهر ما ينسب في هذا الباب الدعاء المكتوب في آخر كثير من المصاحف منسوباً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولا أصل له عنه.
- لا ينبغي القول إن صلاة التراويح نافلة مطلقة فيجوز أن تؤدى في أي ليلة وجماعة؛ لأن صلاة التروايح مقصودة لشهر رمضان، ومصليها يقصد الأجر المترتب على قيامه، والجماعة فيها ليست كحكم الجماعة في غيرها، فيجوز في رمضان أن يصلى قيامه جماعة في كل ليلة مع الإعلان والتشجيع عليه، بخلاف القيام في غيره فإنه لا يسن إلا ما جاء من غير قصد أو بقصد التشجيع والتعليم، فيسن أحياناً دون الالتزام بفعله دائماً. قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله: "التَّراويحَ في غير رمضان بِدْعةٌ، فلو أراد النَّاس أنْ يجتمعوا على قيام الليل في المساجد جماعة في غير رمضان لكان هذا من البِدع".