بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
دعوة الإيمان وحقيقة الإيمان والفرق بينهما
دعوة الإيمان وحقيقة الإيمان والفرق بينهما
الفرق بين دعوة الإيمان وحقيقة الإيمان
اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
كل إنسان يدّعي الإيمان و هو كاذب عذبه الله عزّ وجل بذنوبه ورفض دعواه:
أيها الأخوة الكرام، مع الدرس الرابع من دروس حقائق الإيمان والإعجاز العلمي، أولاً هناك حقيقة وهي أن كل إنسان يدعي
الإيمان، والادعاء سهل جداً:
كل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا
***
دعوى الإيمان وحقيقة الإيمان، أضرب على ذلك مثلاً، هؤلاء الذين قالوا:
﴿ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴾
( سورة المائدة: 18 )
هذا ادعاء منهم يا ترى الله عز وجل هل قبل دعواهم ؟ لم يقبل دعواهم، لو قبل دعواهم لما عذبهم، الآية دقيقة جداً، الذين قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ردّ الله عليهم فقال:
﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ﴾
( سورة المائدة: 18 )
أي أن الله عز وجل رفض دعواهم والدليل أنه يعذبهم بذنوبهم ثم يقول:
﴿ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾
( سورة المائدة: 18 )
ليست لكم أية ميزة كأية أمة خلقها الله، لو أن المسلمين قالوا نحن أمة سيد الخلق وحبيب الحق، نحن أمة خاتم الأنبياء، الرد نفسه:
﴿ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ﴾
( سورة المائدة: 18 )
حينما قال الله عز وجل:
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
( سورة الأنفال الآية: 33 ).
يعني مستحيل وألف ألف مستحيل أن يُعذب المسلمون وفيهم رسول الله، ما معنى فيهم رسول الله ؟ يعني منهجه مطبق في حياتهم.
من طبق منهج النبي عليه الصلاة والسلام في حياته أَمِن من عذاب الله تعالى:
ما دام منهج النبي عليه الصلاة والسلام مطبق في حياتنا فنحن في مأمن من عذاب الله، فإذا كنا نعذب معنى ذلك أن الله لم يقبل خيريتنا، حينما قال الله عز وجل:
﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾
( سورة آل عمران: 110)
ما قبل الله خيريتنا لأننا لا نأمر بالمعروف ولا ننهى عن المنكر، فأنا أريد من هذا اللقاء الطيب أن الإنسان لا يحابي نفسه، لا يتوهم نفسه بمرتبة هو دونها، الحقيقة المرة دائماً أفضل ألف مرة من الوهم المريح، والله عز وجل جلّت حكمته لما الإنسان يتوهم نفسه بدرجة إيمان عالية الله عز وجل يُحجمه، يضعه في ظرف صعب فلا يرضى عن الله أين إيمانه ؟ سيدنا إبراهيم كان المثل الأعلى:
﴿ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ (102) ﴾
( سورة الصافات )
الآن اجعل أباً يقول لابنه إني أرى أني أذبحك ينفجر على أبيه انفجاراً:
﴿فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) ﴾
(سورة الصافات )
القلب السليم هو القلب الذي يحتكم لشرع الله ولا يعبد إلا الله:
كلما الإنسان ادعى مرتبة في الإيمان ليس في مستواها الله عز وجل يُحجمه، يضعه في ظرف صعب فلا ينجح في الامتحان، في امتحانات دقيقة جداً لذلك الذي أتمنى أن يكون واضحاً في هذا اللقاء الطيب أن للإيمان علامات، كن جريئاً وحاول أن تطبق هذه العلامات على نفسك، فإن كنت كما جاء في القرآن الكريم اشكر الله عز وجل، وإلا إياك أن تتوهم أن القضية قضية دعوى.
أولاً:
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) ﴾
(سورة الشعراء)
ما القلب السليم ؟ العلماء قالوا: القلب السليم الذي لا يشتهي شهوة لا ترضي الله ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، ولا يحتكم إلا لشرع الله، ولا يعبد إلا الله، هذا مقياس:
﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) ﴾
(سورة الشعراء)
قلب لا يشتهي شهوة لا ترضي الله، ولا يصدق خبراً يتناقض مع وحي الله، لا يعبد غير الله، لا يحتكم إلا لشرع الله، هذا مقياس.
من أراد التغيير فعليه أن يبدأ بنفسه:
مقياس آخر في وضع سيء:
﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾
( سورة الرعد الآية: 11 ).
إن لم يبدأ التغيير من ذاتك، من نفسك، من تصوراتك، من توجهاتك، لم يحدث التغيير، مقياس القلب قضية داخلية وليست خارجية، والنقطة الدقيقة أن بالإنسان قلب، هذا القلب مركزه النفس:
﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾
( سورة الحج الآية: 179 ).
يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله إلا وهي القلب ))
[ البخاري عن النعمان بن بشير]
ومن أعظم العبر أن هذا الحديث الشريف الصحيح ينطبق على قلب الجسم وعلى قلب النفس، الصلاح من الداخل، الصلاح نية طيبة، صفاء داخلي، حب للخلق، خلو الحقد من القلب، لا في حقد ولا حسد ولا في كراهية ولا في استعلاء ولا في تميز، أنا أقول لكم هذه الكلمة أي إنسان توهم أن له ما ليس لغيره وأن على غيره ما ليس عليه فهو عنصري، سقط من عين الله، أوضح مثل أنت حينما لا تعامل زوجة ابنك في البيت كما تتمنى أن تعامل ابنتك عند بيت أهل زوجها فأنت عنصري، حينما ترى ما لنفسك ما ليس لزوجتك أو ترى على زوجتك ما ليس عليك، فأنت عنصري، فلذلك الإيمان مرتبة أخلاقية عالية جداً، أولاً:
﴿ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) ﴾
(سورة الشعراء)
إن أردت التغيير ينبغي أن يبدأ التغيير من الداخل.
الابتعاد عن الهوى و الانحراف و التمسك بالإيمان و الاستقامة:
شيء آخر هناك بالحياة ما يسمى بالاثنينية، كيف ؟ هناك حق، وهناك باطل، خير و شر، جمال و قبح، معروف و منكر، استقامة وانحراف، شجاعة و جبن، كرم و بخل، إنصاف و جحود، إيمان و هوى:
﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ (50) ﴾
(سورة القصص)
إن لم تكن على خط المؤمنين فأنت على خط أهل الهوى، أوضح لكم هذه، نقطتان أنت بينهما كلما اقتربت من نقطة ابتعدت عن الثانية وكلما اقتربت من الثانية ابتعدت عن الأولى، فإذا في نقطتان الإيمان والهوى، يعني طاعة الله وطاعة النفس، شيء يسمو بك إلى الله شيء يقربك إلى الدنيا، أية حركة نحو الأولى هي حركة معاكسة نحو الثانية، أوضح دليل من أحبّ دنياه أضر بآخرته، ومن أحبّ آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على ما يفنى، تجلس بمجلس علم اقتربت من الإيمان، تقرأ القرآن يومياً اقتربت من الإيمان، تؤدي الصلوات الخمس بإتقان اقتربت من الإيمان، تصاحب مؤمناً اقتربت من الإيمان، تصاحب غير المؤمن أبعدك عن الإيمان، تنزل إلى الأسواق وتستمتع بما ترى في الطرقات من نساء كاسيات عاريات ابتعدت عن الإيمان، أنت بالحركة اليومية في حركة تقربك من الله وتبعدك عن الشيطان، وفي حركة تقرب من الشيطان وتبعد عن الدنيا.
المؤمن الحق يشعر بقرب من الله تعالى فيقشعر لذلك جلده ويرتجف قلبه:
الآن الذي أريده سأحاول أن أضع بين أيديكم علامات الإيمان من خلال الكتاب والسنة، دقق:﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ (2) ﴾
( سورة الأنفال)
إنما أداة حصر:
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ (2) ﴾
( سورة الأنفال)
يعني تضطرب، تحس بخفقة قلب، تحس بدمعة انهارت من عينك على خدك، تحس بقرب من الله يقشعر جلدك، يرتجف قلبك ؟
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(2) ﴾
( سورة الأنفال)
الفرق بين المؤمن حقاً و المؤمن شكلاً:
﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(3)أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا (4) ﴾
( سورة الأنفال)
كلمة حقاً تميز بين من هو مؤمن حقاً وبين من هو مؤمن شكلاً، مثلاً الطبيب العادة يرتدي رداء أبيض وهناك نظارة على عينيه في الأعم الأغلب و سماعة قلب بأذنه و ميزان حرارة بجيبه، فلو جئنا بإنسان أمي لا يقرأ ولا يكتب ألبسناه ثوباً أبيض وضعنا نظارة على عينيه وسماعة قلب بأذنيه وميزان حرارة في جيبه وصورناه هذا طبيب ؟ هذا طبيب شكلاً، أما الذي معه بورد بعد دراسة سبع وثلاثين سنة وعمل خمسمئة عملية جراحية ناجحة نقول ذاك طبيب حقيقة، هناك فرق بين أن تقول هذا طبيب حقيقة وهذا طبيب شكلاً، فلذلك:
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ(2)الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(3)أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا (4) ﴾
( سورة الأنفال)
كلمة حقاً حقيقةً:
﴿ لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ(4) ﴾
( سورة الأنفال)
من زادت قناعاته رجحت كفة الإيمان عنده إلى أن تصبح قناعاته أقوى من شهواته:
أيها الأخوة، الشيء الحاصل أنك تعيش في الدنيا، الدنيا فيها شهوات وقد أودع الله فيك هذه الشهوات، يعني في امرأة جميلة تمشي في الطريق بثياب مبتذلة معظم مفاتنها ظاهرة، هذا شيء، أودع الله في الإنسان حب المرأة، هناك مال وفير كلمة مليون، عشرة ملايين، مئة مليون، مليون دولار، دولار يقول له ليس سوري، كل دولار خمسون ليرة الآن خمس وأربعون، كلمة المال شيء محسوس، المرأة محسوسة، بيت فخم جداً، سيارة يقول لك ثمنها ثمانية عشر مليوناً أحدث موديل، هذه أشياء محسوسة، النقطة الدقيقة أنه يوجد إيمان، يا ترى هل تستطيع أفكار بسيطة في الإيمان، مبادئ الإيمان، أن الله خلق السماوات والأرض، هذه الأفكار البسيطة هل تستطيع أن تلجمك عن هذه الشهوات ؟ تصور أنت حضرت درس علم حصلت بهذا الدرس عشر غرامات إيمان وعندك شهوات وزنها عشرة كيلو، العشر غرامات لا تقف أمام العشرة كيلو، أنت مندفع إلى طعام نفيس، إلى شهوة لا ترضي الله، إلى التمتع بالحياة، فكلما زادت قناعاتك رجحت كفة الإيمان إلى أن تصبح قناعاتك أقوى من كل شهواتك، يعني لما سحرة فرعون يخاطبون جباراً من جبابرة الأرض وقتلهم يتم بثانية واحدة، لا محاكمات ولا محامي إدعاء لا يوجد شيء إطلاقاً، قالوا له:
﴿ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا(72)إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنْ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى(73) ﴾
( سورة طه )
من يقدر يقف أمام مساعد بفرع معين، وقفوا أمام فرعون طاغية الطغاة، لما تؤمن تحس حالك بقوة تفوق حدّ الخيال.
الإيمان القوي علاج الشهوات الجامحة:
لذلك كلما زادت قناعاتك تغلبت على شهواتك، وكلما قّلت قناعاتك تغلبت عليك شهواتك، لماذا حضور مجلس العلم ؟ من أجل أن تزداد قناعاتك في كفة الإيمان، القصة واضحة جداً عندك شهوات وعندك قناعات، القناعات المحدودة لا تقف أمام الشهوات الجامحة، والشهوات الجامحة علاجها إيمان قوي، لذلك:
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) ﴾
( سورة النازعات )
لذلك ينبغي أن تزداد عندك قناعاتك بعظمة مقام الله عز وجل:
﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) ﴾
( سورة النازعات )
يقول النبي عليه الصلاة والسلام:
(( إن النور إذا دخل الصدر انفسح، فقيل يا رسول الله: هل لذلك من علم يعرف ـ في علامة ـ ؟ قال نعم التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله.))
[ ضعيف عن عبد الله بن مسعود]
ورد في الأثر:
(( وإن أكيسكم أكثركم للموت ذكراً، و أحزمكم أشدكم استعداداً له، ألا و إن من علامات العقل التجافي عن دار الغرور، و الإنابة إلى دار الخلود، و التزود لسكنى القبور، و التأهب ليوم النشور.))
علامات الإيمان:
1 ـ على الإنسان ألا يحابي نفسه و يكون جريئاً في مواجهتها:
الآن من علامات الإيمان، محور هذا اللقاء الطيب علامات الإيمان، لا تحابي نفسك كن جريئاً، اقبل الحقيقة المرة لأنها أفضل ألف مرة من الوهم المريح، لذلك أنا أرى أن تلاوة القرآن شيء، و فهمه شيء آخر، و تدبره شيء ثالث، التدبر كلما قرأت آية أين أنت من هذه الآية ؟ هذا ما اسمه تدبر، مثلاً:
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ (2) ﴾
( سورة الأنفال)
هل يضطرب قلبي إذا ذكرت الله ؟ هذه الآية تصف المؤمنين أين أنت منهم ؟ المنافقون:
﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى (142) ﴾
( سورة النساء)
أين أنا من هذه الآية ؟ إذا قمت إلى الصلاة متكاسلاً فكأنني على ثلمة من النفاق،
﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى (142) ﴾
العاقل من عرض نفسه على كل آية من آيات القرآن الكريم ليعرف أين هو منها:
أتمنى أن تقرأ القرآن برؤية أخرى، صفات المؤمنين، صفات المنافقين، صفات الكفار، وفي كل آية فيها وصف للمؤمنين راجع نفسك أين أنت ؟ هذا القرآن كما قال الله عز وجل:﴿ فِيهِ ذِكْرُكُمْ (10) ﴾
( سورة الأنبياء )
مثلاً، دخلت إلى عند صديقك مع صديق، لك صديق مريض دخلت عليه ومع صديقك هدية ثمينة، الابن أخذ الهدية من يد صديقك وضعها بمكان، ما عرف عند الأب من هو الذي قدم الهدية، هناك إنسان يبقى صامتاً لعله يتوهم أنها مني، هذه ليست منك من الثاني، هل تحب أن تحمد بما لم تفعل ؟ في وصف قرآني:
﴿ وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا (188) ﴾
( سورة آل عمران )
لا، قل له الأخ الله يجزيه الخير معه هدية أعطاها لا أحب أن أحمد بما لم أفعل، هناك قضية معاكسة إنسان زار شخصاً بالعيد يبدو صاحب البيت مشغول جداً وضع أمامه طبق كبير من المعمول حلويات فاخرة جداً، فأكل واحدة، جاء ضيف ثانٍ أدخله صاحب البيت وذهب، مشغول أكل أول واحدة والثانية والثالثة والخامسة والعاشرة، أكل نصف الطبق، من انحرج ؟ أول إنسان، أكل واحدة، فلما دخل قال والله أنا ما كنت أعرف محبتي لك أما الأخ يحبك مئة ضعف عني والدليل على قد ما أكل من المعمول.
هل تحب أن تحمد بما لم تفعل ؟ هذا إيمان، ليست مني هذه من فلان جزاه الله خيراً، القرآن يدور معك دورات دقيقة جداً، لما تقرأ القرآن اعرض نفسك على هذه الآية أين أنت منها، أنا أسمي هذا التدبر، أن تعرض نفسك على هذه الآية أين أنت منها ؟
2 ـ من ازداد إيمانه أحبّ أهل الإيمان و لو كانوا فقراء:
الآن إن أوثق عرى الإيمان، أوثق شيء يشدك إلى الإيمان، أن تحب لله وأن تبغض لله، قد تحب إنساناً فقيراً لكنه مؤمن وقد تكره إنساناً غنياً جداً لكن دخله غير مشروع، أعوام الناس يعظمون الغني ويزورون عن الفقير، أما المؤمن يُعظم الفقير المؤمن ولا يأبه للغني المنحرف، فأنت حينما تتوجه للقوي والغني وتعلم أن له معاصٍ لا تعد ولا تحصى، ولا يصلي، أنت كمؤمن تتوجه إليه، تحترمه احتراماً زائداً، تتضعضع أمامه، من جلس إلى غني فتضعضع أمامه ذهب ثلثا دينه.
هذا مقياس، أنت أحياناً يكون المؤمن مستواه المادي ضعيف جداً، بيت صغير لكن مستقيم، مؤمن إيماناً كبيراً، له صلة بالله كبيرة، هل عندك إمكانية أن تحب هذا ؟ وأن تقدر هذا ؟ وأن تعتني بهذا ؟ وأن تهمل إنساناً دخله فيه شبهات، وفيه حرمات، وبيته متفلت، بناته كاسيات عاريات ؟ لماذا تعظمه إلى هذه الدرجة ؟ هذه علامة ضعف الإيمان، كلما ازداد إيمانك تحب أهل الإيمان ولو كانوا فقراء، ولو كانوا ضعفاء، وتبغض أهل الكفر والعصيان ولو كانوا أغنياء وأقوياء، هذه علامة.
3 ـ على الإنسان أن يؤثر طاعة الله عز وجل على مصلحته:
علامة ثانية دقق في آية والله تقصم الظهر:
﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24) ﴾
( سورة التوبة)
يعني مثلاً ساكن في بيت على النظام القديم للإيجار، أجرته مئة ليرة بالشهر، والبيت مستوى أجرته20 ألفاً بالشهر، أقول على النظام القديم الآن القضية حلت والحمد لله، وأنت مستأجر والقوة معك والقانون معك، وعندك بيت ثان، حينما تؤثر أن تبقى في هذا البيت الرائع الواسع ذي الأجرة الرمزية على طاعتك لله:
﴿ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ (24) ﴾
( سورة التوبة)
الطريق إلى الله طريق مسدود من آثر دنياه على آخرته:
﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا (24) ﴾
( سورة التوبة)
وكيل شركة عملاقة وأنت وكيل حصري لكن في منتجاتها مواد محرمة وأجبروك أن تستوردها، ماذا نفعل الله يسامحنا، استوردها، يأتي مندوب الشركة يطلب خمراً لا نستطيع أن نحزنه:
﴿ وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ (24) ﴾
( سورة التوبة)
الطريق إلى الله ليس سالكاً، مسدوداً:
﴿ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24) ﴾
( سورة التوبة)
على الإنسان مراقبة نفسه:
أتمنى عليكم إذا قرأتم القرآن، كلما قرأت آية فيها ملمح يشير إلى صفات المؤمنين أن تجمعها، تجمعها في دفتر أو في كتيب هذا منهجك، راقب نفسك هل يعقل أن تؤثر الدنيا على الآخرة ؟ أحياناً والله أعرف أخوة كرام يركلون صفقات بمئات الألوف، أحياناً بضعة ملايين أرباحها فيها شبهة كبيرة جداً، معاذ الله إني أخاف الله رب العالمين.
شخص قال لي أنا عندي مطعم لكن يبيع خمر شريكي الله يسامحه بجاه الحبيب والله أنا لا أرضى، وإن شاء الله برقبته، أنا ليس لي علاقة، كيف ليس لك علاقة ؟ لك نصف الربح كيف برقبته ؟ كل وقت تصليه في الجامع، مطعم يبيع خمر، قال هذا رأي شريكه وبرقبته وهو ليس له علاقة، لا، لك علاقة تنسحب من الشركة إذا في خمر، هذه:
﴿ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾
( سورة التوبة)
العاقل من يقرأ القرآن الكريم قراءة تدبر و وعي:
لا تقرأ هكذا اقرأ بوعي، تدبر ما تقرأ، اقرأ صفحة واحدة مع التدبر أفضل من جزء بلا تدبر، وفي درس آخر إن شاء الله نتابع علامات الإيمان، أنا أعطيكم نماذج أنا لا أستقصي، أقدم لكم بعض الأمثلة ولكن ينبغي أن تقرأ القرآن، وأنت على فهم عميق في صفات المؤمنين، وكن جريئاً واسأل نفسك أنا كذلك ؟ عندك استعداد تركل بقدمك مبلغاً ضخماً إذا فيه شبهة، عندك استعداد، قالت له زوجته يحبها كثيراً شابة وجميلة طلبت منه شيئاً لا يرضي الله، فقال لها ما يلي: اعلمي أن في الجنة من الحور العين ما لو أطلت إحداهن على الأرض لغلب نور وجهها ضوء الشمس والقمر، فلأن أضحي بك من أجلهن أهون من أن أضحي بهن من أجلك.
تجد يستجيب لزوجته ويعصي الله، أنت حينما استجبت لها وعصيت الله والله الذي لا إله إلا هو ما قلت الله أكبر ولا مرة ولو رددتها بلسانك ألف مرة، لأنك رأيت أن إرضاء الزوجة أكبر عندك من إرضاء الله، والذي يغش المسلمين يقدم مواد مسرطنة لكن ترفع السعر رأى المبلغ الذي سيُحصله من غش المسلمين أكبر عنده من الله، الدين دقيق جداً لا تظن أنك إذا دخلت إلى جامع وصليت أصبحت صاحب دين، لا، الدين عند الحلال والحرام، أن يراك حيث أمرك وأن يفتقدك حيث نهاك، لهذا الموضوع تتمة إن شاء الله في درس سابق عنوانه علامات الإيمان من القرآن ومن سنة النبي العدنان.
الموضوع العلمي:
الصيام:
ا
نظر في أمور الصحة يقرأ مقالة أنه إذا في آلام باليد اليسرى عقب بذل جهد معنى هذا يوجد دلائل مبكرة على ذبحة صدرية، أو على عدم تروية في القلب، لا ينام الليل لأنه قرأ مقالة تشير إلى ظاهرة يعاني منها، هو ظنّ أنه ألم عادي، لما وجد ألم باليد اليسرى عقب بذل جهد معنى ذلك في نقص تروية في القلب، في شريان مسدود يحتاج إلى عملية قلب مفتوح، لا ينام الليل، لماذا في أمور صحتك تقلق أشد القلق ؟ لماذا حينما تشعر أنه في خطأ كبير بتصوراتك عن الله عز وجل يجب ألا تقلق لمرض أصاب قلب إيمانك أو قلب نفسك ؟ لذلك قال سيدنا عمر تعاهد قلبك.
أيها الأخوة الكرام، الموضوع العلمي، الصيام ونحن مقبلون على شهر الصيام، دورة وقائية سنوية، الصيام عبادة من أرقى العبادات، أنا أتحدث الآن في الموضوع العلمي لا على أن الصيام عبادة ؛ على أن أمر الله عز وجل فوائده لا تعد ولا تحصى.
فوائد الصيام:
للصيام فوائد صحية، هو دورة وقائية سنوية، من أجل سلامة العضوية ودورة علاجية لبعض الأمراض، ثلاثون يوماً دورة وقائية لأمراض الشيخوخة، ودورة علاجية لبعض الأمراض، أمراض الشيخوخة أيها الأخوة، تظهر مع تقدم السن لكن مسبباتها تبدأ من مرحلة الفتوة، بشكل أو بآخر محور هذه الأمراض الإفراط في إرهاق العضوية طوال الحياة بالطعام، والشراب، وبسائر الملذات، وبالعمل، والتعب، وبذل الجهد، تتراكم المتاعب، فيأتي الصيام ليريح العضوية وليصحح الأخطاء كل عام.
يعني في شهر يهبط الدسم بالدم إلى أقل نسبة، ويهبط حمض البول في الدم إلى أدنى نسبة، وكل شيء مخزن بأطراف الأمعاء يجرف، الجوع يجرفها، فعملية تنقية للجهاز الهضمي، عملية إراحة للقلب، إراحة للدورة الدموية، عملية انخفاض للشحوم في الدم، انخفاض حمض البول، دورة سنوية، والصيام بالحقيقة أقرب إلى الطب الوقائي من الطب العلاجي، بالمناسبة مرة سألت طبيباً إذا شخص ما أصابه مرض خبيث، أو أصابته خثرة بالدماغ، أو أصابه احتشاء قلب، أو أصابه فشل كلوي، أو أصابه تشمع كبد كيف يموت ؟ هناك أمراض عضالة تسبب الموت، لكن لو شخص نجا من كل هذه الأمراض ما المرض الذي يميته ؟ فقال لي: تصلب الشرايين، عمر الإنسان من عمر شرايينه، والصيام دورة وقائية تؤخر تصلب الشرايين، لأنها ترتاح في شهر، لكن الشرط أن تصوم كما أراد النبي عليه الصلاة والسلام، أما صيام الناس اليوم في ثلاث وجبات دسمات جداً الصبح والظهر والمساء قلبت إلى الليل، وهناك إفطار دسم جداً، و وجبة الساعة الثانية عشرة، و سحور دسم جداً، الثلاثة قلبت من وقت إلى وقت ليس هذا هو المقصود.
الصيام علاج لبعض الأمراض و دورة وقائية شمولية:
أيها الأخوة الكرام، الصيام يخفف العبء عن جهاز الدوران، ويريح الأوعية، والقلب بانخفاض نسب الدسم في الدم، وانخفاض نسبة حمض البول في الدم، وإن الصيام يريح الكليتين بإقلال فضلات الاستقلاب، الاستقلاب عملية معقدة جداً تحول الغذاء إلى نسج أو إلى طاقة، الآن في شهر الصيام ينخفض الاستقلاب إلى أدنى مستوى ممكن، الآن الصيام يحرك سكر الكبد، الكبد مستودع للسكر، أثناء الإفطار كأس شاي، فنجان قهوة، كأس عصير، يتلقى سكر باستمرار، مخزون السكر في الكبد ثابت لما يصوم يتحرك مخزون السكر في الكبد وإذا تحرك يجدد نشاط الكبد، والإنسان بلا كبد لا يعيش أكثر من ثلاث ساعات، يعيش عشرين سنة مع قلب مصاب، أما من دون كبد ثلاث ساعات فقط، تحريك السكر في الكبد ينشط الكبد، الآن إذا تحرك سكر الكبد يتحرك معه الدهن تحت الجلد، يتحرك السكر أولاً ثم الدهن تحت الجلد ثانياً، تتحرك معه البروتينات وخلايا الكبد والصيام كما قال بعض العلماء يبدل الأنسجة وينظفها وكأنه صيانة سنوية لأجهزة الجسم.
الآن هو علاج لبعض الأمراض، علاج لالتهاب المعدة الحاد، إقياءات الحمل العنيدة، ارتفاع الضغط الشرياني، داء السكري، قصور الكلية المزمن، وبعض الأمراض الجلدية.
إذاً هو دورة وقائية شمولية يتخفف الدسم، يتحرك السكر، ترتاح الأوعية، يرتاح القلب، يرتاح جهاز الدوران، لذلك هذا جانب من جوانب فوائد الصيام، ورد في بعض الأحاديث:
(( صوموا تصحوا ))
[ ورد في كتاب الفردوس، وفي كشف الخفاء وفيه ضعف ]
والحمد لله رب العالمين