اذا تعرف عن تمثال الحرية تفاصيل عن تمثال الحرية
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جواد سليم و نصب الحرية
جواد سليم
هو جواد محمد سليم علي الخالدي (1921 - 1961) نحات من العراق، يعتبر من أشهر النحاتين في تاريخ العراق الحديث، ولد في انقرة لابوين عراقيين واشتهرت عائلتة بالرسم فقد كان والده الحاج سليم وأخوته سعاد ونزار ونزيهة كلهم فنانين تشكيليين. وكان في طفولته يصنع من الطين تماثيل تحاكي لعب الأطفال، ولقد أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في بغداد.
نال وهو بعمر 11 عاما الجائزة الفضية في النحت في أول معرض للفنون في بغداد سنة 1931. وأرسل في بعثة إلى فرنسا حيث درس النحت في باريس عام 1938-1939م، وكذلك في روما عام 1939-1940 وفي لندن عام 1946-1949 ورأس قسم النحت في معهد الفنون الجميلة في بغداد حتى وفاته في 23 كانون الثاني 1961.
وكان يجيد اللغة الإنكليزيةوالإيطاليةوالفرنسيةوالتركية إضافة إلى لغته العربية، وكان يحب الموسيقى والشعر والمقام العراقي.
• درس النحت في باريس عام 1938 /1939 وفي روما عام 1939/1940 وفي لندن عام 1946/1949
• رأس قسم النحت في معهد الفنون الجميلة ببغداد حتى وفاته 22 كانون الثاني 1961 .
• أسس جماعة بغداد للفن الحديث .
• احد مؤسسي جمعية التشكيليين العراقيين.
• وضع عبر بحثه الفني المتواصل أسس مدرسة عراقية في الفن الحديث .
• حقق نصب الحرية القائم في ساحة التحرير ببغداد وهو من أهم النصب الفنية في الشرق الأوسط.
• عمله (السجين السياسي المجهول) فاز بالجائزة الثانية في مسابقة نحت عالمية وكان المشرك
الوحيد من الشرق الأوسط وتحتفظ الأمم المتحدة لحد الآن بمصغر من البرونز لهذا النصب.
• توفي في شهر كانون الثاني عام 1961.
• أقيم معرض شامل لأعماله في المتحف الوطني للفن الحديث بعد وفاته ببضع سنوات.
نصب الحرية
يبلغ طول نصب الحرية 50مترا،أما ارتفاعه نحو 15 مترا، بينما لا يتعدى طول الأعمال النحتية التي أنجزها الفنان "جواد سليم"؛ سوى ثمانية أمتار
أن اختيار ساحة التحرير موقعاً لتشييد نصب الحرية لم يكن اعتباطا ، فهذا الموقع بالذات يربط أهم شارعين في تأريخ بغداد هما؛ شارع الجمهورية وشارع السعدون وهو أيضا مواجه لجسر التحرير، ذلك الجسر الذي ينقل البغداديين من الكرخ إلى الرصافة وبالعكس إن الشارعين والجسر ساهموا في تنويع زوايا رؤية النصب وأشكالها
قـطـع نــصــب الــحــريــة
أولاً : الحصان
تبدأ الحركة في أقصى يمين الإفريز عنيفة ، في تمثال الحصان الجامح ومن أمسك به من رجال ، في شكل ينطلق دائرياً ، باستدارة عنق الحصان الطويل ورأسه الشامخ المغضب نحو المنحوتات التالية ، بحيث تتجه العين تلقائياً من اليمين نحوها . ويساعد على ذلك حركة الرجال الثلاثة الممسكين به بقوة ضارية ، ساحبين إياه إلى اليسار . إنها بداية عارمة لنصب يعتمد في أكثر من نصفه على الحركة .
كان الحصان دائماً من أبرز الرموز العربية ، وهو يرمز إلى الأصالة ، والفحولة ، والقوة .
وكان جواد قد رسم عدة صور للخيل ، مؤكداً على نزوة الحصان الرائعة ، وصلته بالفارس الذي يحبه . غير أن جواد سليم، حين صمم هذا الجزء من النصب أراد أن يعبر عن أمور تكاد تكون متضاربة ، ولكنها بعض من تفكيره الأعمق .
لقد أراد أن يصور صباح يوم 14 تموز ، عندما تجمعت الجماهير حول تمثالين في بغداد : تمثال الجنرال مود ممتطياً حصاناً ، خارج السفارة البريطانية ، وهو يمثل الاستعمار ، وتمثال الملك فيصل على حصانه ، قرب دار الإذاعة . تجمعت الجماهير حول كل منهما ، وراحت تعمل الأيدي ، والعدة ، والحبال ، في اقتلاعهما من القاعدة ، إلى أن أوقعتهما وحطمتهما . والرجال الأربعة مع تمثال الحصان هنا يمثلون تلك الجماهير : ثلاثة منهم يبدون كأنهم يحاولون إسقاط الحصان ، بينما أنتصب الرابع لينشر لافتة تعلن بدء الثورة .
الحصان لا فارس له : لقد أوقعت الجماهير الفارس ، وهو الرمز الذي تحطم ، وبقي الحصان ، واثباً ، مصعراً خده . لقد تعقد الأمر على الفنان الذي رأى في الجواد رمزاً عربياً للأصالة والفحولة والقوة ، هو في الصلب من تاريخ العراق وتقاليده ، ولا يستبعد أنه كان يقرن أسمه به . فكان عليه أن يحرره من فارسه العتيد ، فحل الإشكال بين موضوعة الحصان كفكرة نبيلة مطلقة ، وبين موضوعة الرمز المعين الذي يجب تحطيمه ، بأن دمج بينهما على هذا النحو الهائل .
ثانياً : رواد الثورات
الحركة تستمر في اتجاه مركز النصب ، تعبيراً عن الثورة . والعراق قد عرف العيد من الثورات على الظلم . ولم يقبل أبناؤه وبناته الاستكانة على الضيم طويلاً .وهؤلاء هم رواد الثورات يرفعون اللافتات عالياً ، ابتداء من الشخص الذي ينتمي، من الناحية التشكيلية، إلى الوحدة الأولى. وقد رمز الفنان بذلك إلى تمرد الشعب على الطغيان في العصور السالفة ، وكذلك في ثورات وانتفاضات العراق في تاريخه الحديث، التي أشترك فيها الرجال والنساء .
ويد الرجل وساقه الممتدتان إلى المجموعة السابقة تستمدان منها روحاً وقوة ، وتجعلان من المجموعتين شكلاً مدوماً واحداً ، تتواتر فيه خطوط السيقان في تناغم خاص ، لتؤكد على اتجاه الحركة إلى الأعلى ، فتتلقاها "اللافتات" البرونزية المحلقة ، والتي في الوقت نفسه توازن الحركة الدائرية كلها .
ثالثاً : الطفل
في غمار هذا التأزم وضع النحات طفلاً ، رأى فيه النحات الأمل ، والمستقبل . وقد كان لجواد سليم ولع خاص بهذا الطفل ، وقد رفع يديه البريئتين ، وكأنه يبارك جهد الإنسان في محاولته خلق مستقبل كله حرية وعدل .
من الطريف أن الطفل هو المنحوتة الوحيدة التي جعلها الفنان مجسمة ، على عكس المنحوتات الأخرى كلها . وأرى فيه فضلاً عما عرف عن الفنان من حبه للأطفال ، تأثره بفن النهضة الإيطالية ، حيث الطفل يمثل السيد المسيح ، مشيراً إلى ميلاد الحياة الجديدة ، بما فيها براءة وحب إنساني ، وتضحية : وهو ميلاد لا يتم إلا في خضم العنف والألم . وفي المنحوتة التالية ، ضمناً ، بعض الإشارة إلى ذلك .
رابعاً : الباكية
أراد الفنان أن يؤكد على دور المرأة العراقية في كل تمرد وكل انتفاضة . فصورها على هذا النحو الذي يمثل عادة من أعرق العادات الشعبية في هذا البلد . فالنساء في العراق ، إذا ما وقع أمر جلل ، واجتاحهن غضب أو بكاء ، رفعت الواحدة منهن عباءتها ولفت بها أعلى جسمها ، وراحت في رثاء وصياح . وهي تمثل هنا الغضب والفجيعة ، مما يربط بينها وبين الوحدتين السابقتين من جهة ، وبين الوحدة التالية من جهة أخرى ، وتجعل معنى الثورة متواصلاً .
لقد قال جواد أنه جعل هذه المنحوتة ، من الناحية الفنية ، في الأسلوب المفضل لديه ، حيث تبرز الفكرة بأقل التفاصيل ، معتمداً الخطوط الزوبعية الحركة والدوران . وأقرب الوحدات الأخرى أسلوباً إليها تمثال الحرية .
ومهما يكن من أمر فانه من السهل أن نرى هذه الوحدات الأربع تؤلف معاً مجموعة مترابطة ترابطاً عضوياً ، تكاد العين تفرزها عما يليها ، وتصبح فيها خطوط السيقان أشبه بأصداء يردد بعضها بعضاً ، وفي الطرف الأعلى تتردد خطوط الأذرع في أنغام مقابلة .
في احدى كتابات شبابه ، شبه الفنان النصب الكبير بالسمفونية ، وفي عمله هذا أبرز الناحية الأوركسترالية في معالجة أجزاء موضوعه ، كأنما أراد لمنحوتاته أن تكون موسيقى مرئية ، ترن في الذهن رنين الأنغام بعد صمتها .
خامساً : الشهيد
ما من صراع إلا وله شهداء .
لقد رفع الفنان مأساة الصراع والموت العنيف في هذا البلد إلى مرتبة المأساة التي عاناها كل قطر في العالم صارع العبودية والظلم في سبيل الحرية وخير الإنسان . هذه الأم الثكلى تبكي ابنها المقتول ، ومن حولها النساء . إنها صورة الاستشهاد بكل ما ينطوي عليه من تضحية وفجيعة . وجواد سليم في هذه المرثية يذكرنا بمنحوتات ميكائيل أنجيلو الرثائية الأخيرة التي جعل فيها خلاصة عبقريته .ولعله ليس من العبث أن جواد أختار مدينة ميكائيل أنجيلو ، فلورنسا ، مكاناً لنحت هذه التماثيل .
في هذه الوحدة والوحدة التالية ، عالج الفنان موضوعاً أثيراً لديه : صلة الأم بولدها . وهو موضوع طالما تطرق إليه في الماضي في رسمه ونحته ، وكان هو نفسه شديد التعلق بأمه .
أسلوبه الهلالي شديد الوضوح هنا . بل تكاد المنحوتة كلها تكون تراكماً من الأهلة المتداخلة والمتقاطعة .
سادساً : أم وطفلها
بهذا التركيز ، والاقتصاد البارع بالتفاصيل ، يعبر الفنان عن أعز العلاقات الإنسانية في الحياة . لقد بلور حنو الأم على وليدها ، وهو حنو الطبيعة على الحياة لكي تنمو في منجى الغوائل . في هذه الحركة الدائرية تحيط الأم بالحياة الجديدة إحاطة السور المنيع . إنها حركة الديمومة المفعمة بالعزيمة والحب .
والصلة بين هذه المنحوتة والمنحوتة السابقة ليس يؤكدها فقط موضوع الأم ، أو الأسلوب الهلالي الذي يجمع بينهما تشكيلياً ، بل تؤكدها أيضاً فكرة الموت والميلاد ، أو الموت من أجل الحياة . فالمنحوتتان معاً تمثلان الفداء ، حيث مأساة الشهيد هي الطريق إلى فرح الحياة الجديد وخصبها
سابعاً : المفكر السجين
تمثل هذه الوحدة شيئين متداخلين :
الأول ، المفكر المقيد وراء قضبان السجن ، وقد انطلقت يمناه فوق القضبان ، فالفكر مهما تقيد ، لا بد أن تنبثق عنه المثل العليا التي تحرك الضمير وتسمو بالإرادة ، وتنتهي إلى الثورة على الظلم .
والثاني ، الشعب ، وهو يساند المفكر ، وبمساعدة الجندي الذي نبتت قدمه من كيان الشعب ، يحطم بالثورة القضبان المحيطة بالمفكر ، فيحقق الحرية له وللشعب على السواء .
وقد كان "السجين السياسي" من المواضيع التي شغلت بال الفنان طوال الخمسينات ، وفي عام 1953 أشترك في مسابقة نحتية عالمية حول الموضوع ، حاز فيها على الجائزة الثانية . ومع أن معالجته للموضوع حينئذ كانت مختلفة تماماً ، فإن الفكرة ظلت في حاجة إلى تنفيذ ، إلى أن جسدها بهذا الشكل المتفجر . وقد عرف العراق الكثير من السجناء السياسيين ، ولكن إنصافاً للتاريخ ، يجب أن نذكر أن السجين السياسي الذي فكر به جواد سليم ، والذي بالفعل أطلق سراحه صباح يوم الثورة ، كان الأستاذ كامل الجادرجي ، بعد أن بقي نزيل السجن لأشهر كثيرة .
طبعاً كان ذهن الفنان يحول كل تجربة عامة إلى رمز محدد ، فيصبح الرمز ينبوعاً للمعاني الإنسانية الرحبة ، وقيمة الرمز باقية ما دام مستمراً في الإيحاء بهذه المعاني على مر الزمن .
ومن الواضح أن هذه الوحدة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقفزة الجندي التالية ، والحرية التي تليها ، وتؤلف معهما مجموعة متناسقة . وقد كان هذا القسم الثلاثي من النصب هو القسم الوحيد الذي صنع له الفنان مصغراً من الطين الاصطناعي عرض على المسؤولين قبل أن يذهب إلى فلورنسا ليكمل الأقسام الأخرى المحيطة به من الجانبين .
ثامناً : الجندي
قفزة جبارة يقفزها الجندي وقد توترت عضلاته ، وحطمت قبضته قضبان السجن من كل صوب . جسمه منبثق عن كيان الشعب انبثاقة الانفجار ، ويده حاملة الغدارة تشد من أزرها يد الشعب .
إنه فجر يوم الثورة التي رأى الفنان أنها أنهت سجل المآسي وحولت قوة الشعب نحو الانطلاق والبناء . والقرص الأعلى هو الشمس ، رمز النهار الوضاح بعد الظلام . وهو من أقدم رموز العراق ونجده في الكثير من منحوتات وادي الرافدين القديمة .ولا بد أن الفنان كان يذكر بوجه خاص الشمس التي في أعلى مسلة شرائع حمورابي . من هنا طلعت شمس الحضارة ، شمس الشرائع والعدل ، لتشرق على العالم . ومن هنا طلعت شمس الثورة بقيادة جنديها الشجاع . وقد داس الجندي بقدمه ترساً يمثل الشر. إنه الترس الذي تتوقى خلفه الغي والاستعباد.
تاسعاً : الحرية
وهكذا تحققت الحرية .
إنها الجزء الثالث من ذروة الصراع التي تمثلها هذه المجموعة الوسطى من النصب .
وقد مثل الفنان الحرية على الغرار التقليدي منذ أيام الأغريق ، بإمرأة تحمل مشعلاً ، ولكنه شحن فيها شعور الفرحة العنيفة التي تكاد تحلق بها في الأجواء .
وعندما سئل جواد سليم لماذا لم يجعل لها قدمين ، قال : "إن القدمين تلصقانها بالأرض، وأنا أريد لها أن تحلق عالياً…".
عاشراً : السلام
حققت الثورة الحرية ، وانتهت حركة العنف إلى الدعة والاستقرار .
ما أشد التقابل بين هذه الطمأنينة ، هذه الرقة الغنائية ، وبين صور المأساة السابقة . إنها حلم الإنسان على الأرض ، إنها الوعد بصبى النفس ، بفتوة الأمة ، بالخلق والعطاء من جديد .
تحولت القضبان إلى أغصان شجر ، والوجوه المشدودة ألماً حالت إلى وجه وادع صبوح تدلت حوله الضفائر في هلالين ، وترقرق الثوب على الجسم الغض ترقرق مياه الأنهر السخية .
أما الحمامة ، فقد قال جواد سليم إنه يرمز بها إلى الحمامات التي تشتهر بها مساجد بغداد . فهو بذلك يرمز إلى بغداد نفسها .
ربما كانت هذه المنحوتة أروع ما في النصب كله ، بل أروع ما صنع جواد سليم . إنها تمثل النقطة العليا التي بلغها فنه المتصف بالشاعرية مع القوة ، والجمال بدون ميوعة . لقد جعل من حبه لبغداد ، وحبه للحرية ، وحبه للمرأة ، تمثالاً هو بحق من درر الفن المعاصر .
الحادي عشر : دجلة والفرات
مثّل الفنان الرافدين العظيمين وفروعهما بنساء عراقيات . إحداهن فارعة كالنخيل الذي أنتشرت سعفة حول رأسها ، وهي تمثل دجلة – وهي كلمة عراقية معناها "النخيل" - ، والأخرى امرأة حبلى بوفر العصور القديمة ، فهي خصب كالسنابل التي تحملها ، وتمثل الفرات – وهي كلمة عراقية معناها "الخصب" - . والثالثة صبية تحمل على رأسها خيرات الأرض ، ولعلها روافد دجلة والفرات .
بدءاً بمنحوتة السلام السابقة ، تغير الإيقاع تغيراً كلياً ، ولكن الأسلوب بقي على وحدته ، وثقته بنفسه . فإذا كان ثمة فرق ظاهر في التقنية بين هذه الوحدة وأية وحدة في النصف الأيمن من النصب ، فهو إنما الفرق بين التوتر والغضب من جهة والثقة والرضا من جهة أخرى . درجة التعبير هي واحدة . غير أن السمفونية قد عيرت مسافات الثورة والعنف . وبلغت أقاليم الاطمئنان والتمتع بخيرات الأرض ، حيث النخيل والسنابل في غناء .
الثاني عشر : الزراعة
فلاحان مستندان إلى مسحاة . إنهما يمثلان الثقة بتراب الوطن . ويقفان متماسكين .
وقد قصد الفنان بهما العرب والأكراد .
وعمد إلى جعل أحد الرأسين على النمط الآشوري ، إشارة إلى التسلسل الحضاري في أرض العراق . وأكد هذه المرة على الأيدي الصلبة القوية . فهي الأيدي التي تفلح وتعمل وتنتج . وأصابعها هي التي تتعاقد حباً وتآخياً .
والرجلان هنا إنما يوازيان المرأتين في الوحدة السابقة . من حيث التشكيل والإيماء معاً .
الثالث عشر : الثور
الثور من أقدم رموز العراق ، ومن أهمها في أساطيره وتطوره الفكري . إنه يشير إلى الفحولة والخصب والقوة . وبمعناه المعاصر ، فإنه يرمز إلى الثروة الحيوانية التي يتميز بها العراق . وقد أراد الفنان هذه المعاني جميعاً ، منذ أن صنع منحوتته "الإنسان والأرض" عام 1955 ، والتي يكاد يكررها هنا (باستثناء المرأة والطفل) . وفي تشكيل النصب الكلي ، ثمة صلة رمزية بين الحصان في أقصى اليمين والثور في أقصى اليسار ، لولع الفنان برسم هذين الحيوانين لسنين طوال . ولا ريب إن "الإنسان" هنا ، وقد جرده من كل شيء سوى أنسجة جسمه ، هو المكافح الصامد عبر القرون ، ويذكرنا بإنسان أهوار وبطاح الجنوب .
الرابع عشر : الصناعة
وأخيراً ، العامل ممثلاً الصناعة والإنتاج .
لقد تحققت الحرية ، وعمت العدالة والأخوة ، وأخذ جميع أبناء الشعب يعملون على بناء الوطن من أجل خير الإنسان .
ولذا كانت وقفة العامل وقفة إباء وشموخ . وبهذه الوقفة المتفائلة ، المؤمنة بالمستقبل ، تدرك ملحمة الحرية ختامها .
ملاحظة : شرح قطع النصب من كتاب (نصب الحرية) لمؤلفه (جبرا ابراهيم جبرا)
ملاحظة تغيير اللون : في بعض الصور (أول صورتين وآخر ثلاث صور) نلاحظ وجود لونين للقطع ، فاتح وغامق . تم تغيير اللون (تفتيح) لبعض القطع الموجودة بالصورة . حيث ان هذه القطع ليست ضمن موضوع القطعة المراد شرحها وذلك بسبب التداخل بين القطع في نفس الصورة وعدم الرغبة بمسحها من الصورة ، والسبب الأهم هو التركيز على القطعة التي يتم شرحها.