كيف أتعامل مع زوجتي كثيرة العناد؟
السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 29 سنة، متزوج منذ 3 سنوات, رزقت بطفل -ولله الحمد والمنة- مشكلتي مع زوجتي تكمن بالتالي: منذ أن تزوجت وفيها صفة العناد, تعاندني على أتفه الأشياء, فقط لتثبت لنفسها أنها هي على الصح وغيرها غلط, عاندتني على أشياء كثيرة, وأحببت أن أثبت لها أن كلامها خطأ, ولما أثبت لها أن كلامي صحيح تهربت مني, وكأنه لم يحث شيء، وحتى عندما أثبت لها بأدلة من القرآن والسنة, واعتقدت أنها ستترك هذا الطبع؛ لكن للأسف لا زالت كما هي.عندما تتحدث إلي لا تتحدث بطريقة لائقة, فهي ترفع صوتها, وسبق أن نبهتها مرارا وتكرارا بعدم رفع الصوت, والتحدث مع الزوج بهذا الأسلوب, وإلى اليوم لا جدوى من كل محاولاتي.
أنا بصراحة أحبها, وفيها خصال كثيرة جميلة, وقلما نجدها في نساء هذا الجيل، لكن هناك عيوب تكاد ترجح بكفتها على المزايا, وإليكم بعض المعلومات التي قد تفيدكم:
1- هي غير اجتماعية جدا, حتى مع قريباتها, ليس لها علاقات البتة, وعندما أنصحها بالتواصل معهم تسرد لي عيوبهم, وكأننا خالين من العيوب, ولا جدوى من النصائح.
2- هي تحبني جدا (وقد قرأت أن زيادة الحب غالبا ما تعمل مشاكل زوجية والله أعلم) ولكن للأمانة أقولها أنا ألتمس ذلك حقا.
3- أنا أحبها, ولا أقصر معها في شيء أبدا, بل إن أشياء كثيرة أعملها من باب الرفاهية وتيسير الحياة لها, وهذا من فضل الله قبل كل شيء.
أرجو إفادتي, ما العمل مع شخصية كهذه؟
الاجابة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ khalid ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الموقع، ونشكر لك حمدك لله على هذه النعمة، ونشكر لك ثناءك على هذه الزوجة، ونحسب أن فيها إيجابيات، وأنت أيضًا تعترف لها بالفضل وبالإيجابيات وبحبها لك، وتعتبر أنت رجلا مُنصفًا ورجلاً صاحب خير، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أولي الفضل، فأسأل الله أن يُديم بينكما المشاعر الإيجابية.
ونحب أن نؤكد لك أن هذه الزوجة ينبغي أن تصبر عليها، وتحاول ألا تحقق وتدقق معها، فالمرأة تكره التحقيق والتدقيق، وأرجو أن تتجاوز وتعفو عن مسألة رفع صوتها، لأن بعض النساء صوتهنَّ هكذا، نحن نوقن أنها تكلم الزوج بأدب، ولكن صوتها مرتفع، وعندها طبقات صوت أكثر من الرجل، فبعض الرجال يظن أنها ترفع صوتها، ودائمًا هذه حيلة الضعيف.
ليس معنى هذا أننا نوافق على هذا التصرف، ولكن معنى هذا أننا نريد منك أن تفوّت وأن تتهاون وألا تقف طويلاً أمام هذه المشكلة، رفعها لصوتها، ويكفي أن تقول لها بمنتهى الهدوء (أنا قريب منك، أرجو كلميني بصوت منخفض لو سمحت) في منتهى الهدوء، فلا تقابل صياحها بصياح، ولا تقبل رفع صوتها برفع صوت، واعلم أن الصوت العالي حيلة الضعيف، والمرأة من الضعفاء، بل من الذين أوصى بهم النبي -صلى الله عليه وسلم– فقال: (أُحَرِّجَ حق الضعيفين: اليتيم والمرأة) وأنت -إن شاء الله تعالى– لست مقصِّرًا معها، ولكن نتمنى أن تكون هذه المسألة واضحة.
أما بالنسبة لكونها غير اجتماعية، فهذه طبعًا مسألة أرجو ألا تقف عندها طويلاً، لكل إنسان له نمط في حياته، وربما الاجتماعيات مع النساء أحيانًا تكون نتائجها عكسية، من انتشار القيل والقال والغيبة والنميمة وغير ذلك، وإذا كان طلبك منها يدفعها إلى أن تغتاب وتُسيء إليهم وتتكلم عنهم، فلا تفتح لها هذا الباب، وحاول أن تُبيِّن لها فضائل زيارة الناس وفضائل التواصل مع الأرحام، وإلى غير ذلك من الناحية الشرعية، دون أن تطلب منها، ونتمنى أن يكون هناك دافع عندها يتكون بعد أن تسمع توجيهات الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.
ولا بد أن تُدرك –أنت والزوجة– أن وجود الإنسان مع الجماعة له ثمن، فيتعرض لمواقف، ولكن مع ذلك المؤمنة التي تخالط الناس، والمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يُخالط ولا يصبر، فوجود الإنسان في جماعة له ثمن، لكن بعض الناس لأنه حساس جدًّا –لأنه لا يحتمل لأنه كذا– يصعب عليه أن ينجح في ميدان التواصل، ونعتقد أن الاعتدال مطلوب في المرأة، فالمرأة الاجتماعية جدًّا (الخرَّاجة الولَّاجة) التي دائمًا تتواصل يكون هذا أيضًا على حساب زوجها وأسرتها، ولذلك كل أمر ينبغي أن يكون باعتداء وتوسط وعن رغبة حتى تفوزوا بالأجر والثواب عند الله تبارك وتعالى.
ونذكرك أيضًا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم– أمرنا نحن الرجال أن نصبر، وأخبرنا أن المرأة خُلقت من ضلع أعوج، وكون الضلع أعوج وإذا حاول الإنسان أن يُقيمه كسره، معنى ذلك من الضروري أن يقدم الرجل تنازلات وينحني للعاصفة، ولا يقف مع المرأة في العناد ويقابلها، لأن المرأة عاطفية، ولا ترى الأمور نظرة عميقة ولا بعيدة، وإنما تنظر إلى الأمور في الواقع الذي أمامها، ولذلك ترفع صوتها وتشعر بتقصير زوجها، وقد تهاجمه، لكن في قرارة نفسها وحقيقة نفسها هي توقن منزلة الزوج، والدليل على ذلك هي شدة التعلق والحب لك.
نسأل الله أن يديم بينكما المشاعر الإيجابية، ونتمنى أن تصبر عليها، وتُحسن معاشرتها، ونؤكد لك أن المعاملة الحسنة تغيّر الإنسان دائمًا إلى الأحسن.
نسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية.
المفتى
د. أحمد الفرجابي