abolly مراقبة
عدد المساهمات : 21 تاريخ التسجيل : 13/04/2013
| موضوع: بدون زواج ... السبت 14 ديسمبر - 20:58 | |
| بدون زواج ... عائلتي ممتدة جداً (من مذكرات فتاة عائمة في عائلة واسعة فضفاضة)
تشبه العائلة التي انحدر منها في كثير من الأحيان كتيبة حرب ولا اقصد بتلك العائلة عشيرتي بل هي تلك العائلة المكونة من أعمامي الستة وعماتي الأربع ؛فقد كان قرار جدي منذ أن زوج ابنه البكر (أبي) انه لن يفرق الأخوة وانه لن يرضى أن يبتعد عنه أحد أبناءه ؛فما كان منه إلا أن يشتري تلك المساحة الكبيرة من الأرض,أن يبني فيها منزلا له ومنزلا آخر بجانبه لأبي. وفي كل مرة يزوج فيها ابنا يبني له بيتا بجانب بيت أخيه الأكبر وهكذا دواليك,إلى أن انتهى بنا الأمر كثكنة عسكرية مرابطة أسميتها وربطا للأحداث التاريخية المتشابهة بعض الشيء بقبيلة الهنود الحمر.قرار جدي جاء على خلفية خبرة وعلاقاته مع إخوته؛ فلم يرد أن يذق ما ذاقه والده من حرقة قلب وهو يرى أبناءة متفرقين متنازعين .أما كيف اقنع أعمامي بهذا القرار فتستطيع أن تشبه جدي في هذه الحالة بأميركا يعمل أولا بسياسة الترغيب فكما تمد أمريكا الدول التي تريد استمالتها بالمساعدات المالية والغذائية والعسكرية يبدأ هو بمد أعمامي بالمادة اللازمة لتأسيس نفسه من رأس مال وعمل وزواج وغيره,ثم يبدأ(وكما علمتنا أمريكا) بسياسة الابتزاز بدأ بعبارة ( بغضب عليك) وانتهاء بقطع الإمدادات المادية.وقد تفشل تلك المحاولات أيضا فيجرب جدي ( وهذا أمر لا تجده عند السيدة أمريكا) برمي بطاقة العاطفة أمام أعمامي فيرق قلبهم ويعرفون أنه لا يريد سوى سعادتهم (وإن كانت تلك السعادة على طريقته) فيهدؤون ويستكينون وتبدأ حياتهم في ثكنة الهنود الحمر العسكرية .ما استغربه في أن القرارات التي يتخذها جدي و التي تكون صارمة في بعض الأحيان لا تزيد إلا من حب أعمامي له ومن شدة تعلقهم به , ليس لأنني لا اعرف السبب بل لان المفردات التعبيرية لدي غير قادرة على تفسيره .
جدتي هنا ممكن أن ندعوها هيلاري كلنتون (جدتي أعرف أنك أسمى ,ذلك لتقريب الصورة لا أكثر) أو كما تسميها زوجات أبنائها (طفاية الحريق) فهي وإن كنت تريد أن تصفها وصفا دقيقا ,هي كصمام الأمان تماما, لمن؟؟ تستطيع أن تقول للجميع فإذا غضب جدي على احد أعمامي فهي من ذلك النوع الذي يحنن القلب, إن ثار احد الأولاد فهي التي تهدئ الروع ,وإذا حصلت مشكلة بين احد أبنائها وزوجته فهي من تتدارك الوضع قبل أن تتفاقم المشاكل, واستغرب فيها كيف تقف في كل مرة مع الزوجات ضد الأبناء وتخرج أبناءها مذنبين كأنها تشكل معهن نوعا من التحالف النسائي شبيها نوعا ما بحلف النيتو (كونوا واثقين أن جدتي لا صلة لها من قريب أو من بعيد بنظريات الFeminism ). يحدث أحيانا أن أتمرد على أمي أو جدي أو أحد أعمامي (جينات التمرد من أبي) فتأخذني جدتي بالحنان الغامر والكلام الذي لا تستطيع معه إلا أن تعتذر ممن أغضبت بهدوء واقتناع.
تجد في أعمامي ملخص الوطن العربي أجمع (وطن عربي مختصر مفيد) من ليبراليون إلى محافظون, من فتح إلى حماس, من إخوان إلى حزب وطني وهلم جرى (وذلك تنوع فيه إثراء للشخصية وللتعاسة أيضا لأنك تعلم بيقين أن العرب لن يتفقوا في عمر مبكر جدا). يذكرني تجمع أعمامي وعماتي في البيت الكبير (بيت جدي) بذلك الفيلم الكلاسيكي البريطاني الذي لا اذكر اسمه, يذكرني تحديدا بمشهد لتجمع نبلاء الطاولة المستديرة حول الملك والملكة وهم يناقشون شؤون الدولة وتكون بين هؤلاء النبلاء منافسة من نوع راق بغيض لإرضاء الملك والملكة (وقس ذلك على الجد والجدة) .فقد يجتمعون مثلا لتحديد العمر الذي يجب أن يسلم كل واحد منهم ابنه جواله الشخصي فيجب أن يكون هناك عمرا محددا لكي لا تنشأ مشكلة (ابن عمي يحمل الهاتف الجوال وهو اصغر مني عمرا) فبعضهم يقترح أن الطفل متى طلب جوالا فهو حقه وبعضهم يقترح أنه لا يمتلك الطفل جولا إلا إذا جمع ثمنه بنفسه وقد يقترح احدهم انه لا يجب أن يمتلكوا جوالا قبل أن يبلغوا سن الرشد (40 عاما حسب مقياسه الريختري). عادة ينتهي النقاش بأحد تلك الطرق الثلاث: - قرعة (انتخابات عادلة وشاملة) - مشكلة يذكر فيها البعض عيوب الآخر منذ أيام كان يكتب فيها رسائل لأسمهان بنت الجيران - بغضب عليكم وهي قرار جدي النهائي في حال عدم الاتفاق (الديكتاتورية). ويصدر بعد ذلك القرار السامي رقم (6875 ) الفرع (ج) من الكتاب الأخضر لهيئة أبو سليم وأولاده. و قس على ذلك قرارات ساعة العودة إلى المنزل وإحضار المدرّسة الخاصة إلى البيت وغيرها من قرارات بيتيه (ممتدة) مصيرية. لم اذكر أبي فهو بحكم الحاضر الغائب فقد شاءت الأقدار أن يكون (جيفارا العائلة) فهو بحكم المتمرد الذي أبى إلا أن يتابع أحلامه الجيفارية, فشاءت الأقدار أن تتحقق بعيدا عنا فلا نراه إلا مرة كل عام كهلال رمضان .غضب جدي كثيرا في بداية سفره ولكن عدم تحمل أمي للغربة المرة لشوقها لجدتي (حماتها !!) وجو العائلة وعودتنا دون أبي إلى الوطن أطفأ ناره (ولو قليلا ) فكنت كحفيدة أولى ذات أب غائب .. فتاة عائمة في عائلة ممتدة جدا...."إذاً أنتِ عانس" أجابت ابنة خالتي بعد أن كنت اقرأ لها تقريراً يتحدث عن متوسط عمر الزواج في بلدنا الذي كان 8ا عاما للإناث آنذاك.
كنت قد عدت لتوي إلى البلد لأقضي إجازتي الصيفية ولا يملأني سوى الشوق لقضاء اكبر وقت ممكن مع عائلتي وأحبابي, إلا انه طرأ أمر جعلني أتمنى لو أن أعود بصاروخ سرعته 3000 كيلو متر في الساعة أو حتى على ظهر حمار أن لم يتوفر ذلك.كنت قد أتممت ال21 منذ أشهر وبقي لي عام لأنهي دراستي الجامعية .منذ عام وأنا اخطط قائمةً لتلك الأشياء الذي سأقوم بها بعد إنهاء دراستي لما عانيته من ضغوطات دراسية جعلتني ولمدة 3 أعوام أفقد من بصري 3 درجات والبس نظارة أغلظ من نظارة جدي ثم اضطر إلى عملية تصحيح بصر.
وفي جلسة نسائية افتقدتها تحلقن بها عماتي وخالاتي وزوجات أعمامي وبناتهن حول جدتي فجّرت كلمة ابنة خالتي "إذاً أنتِ عانس" المكان كقنبلة هيروشيما لتنفلت النصائح كشظايا من حولي : "لستِ طفلة صغيرة ","ابنة أختي من عمرك ولها الآن ابناً ملأ عليها الدنيا" ,"ابنة خالك سميرة اصغر منك بعام وستتزوج الشهر المقبل","يكفيك دلالاً وابدأني باستقبال الخطاب", فما كان مني إلا أن ارسم تقطيبة على جبيني واخرج من المكان, انسل إلى غرفتي بهدوء,اجلس في سريري,افتح الدرج الصغير بجانبه واخرج الورقة التي كتبت عليها قائمتي, وبقيت اردد فيها ,اردد فيها, إلى أن طغى علي النوم. .
استيقظت ويد جدتي تداعب شعري,ابتسمت لها وقلت "جدتي أرجوك أنت من يفهمني اخبريهم أن لا يتحدثوا في هذا الموضوع ابدآ" .ردت جدتي بحنان "لم لا , هذه سنه الله ورسوله ,ولا تبدئي بهراء انك شخصية مستقلة ويصعب أن تشاركي حياتك وتتنازلي عن أحلامك ,لقد شاركت حياتك مع ما يزيد عن المائة يا حمقاء , تستطيعين آن تحققي ذاتك مع من تختارين أيضا,كما انه منذ عودتك والبعض يحاول خطبتك وأعمامك لا يريدون إزعاجك ولم يخبروا جدك كي لا يضغط عليكِ , فكري بالموضوع جيدا , ولا أريد سوى ......." -"لا,لا ولا"أجبت.
استيقظت صباح اليوم التالي وكنت قد أمضيت الليلة أحاول هضم ما همسته جدتي في أذني,ذهبت مباشرة إلى غرفتها "كما تريدين, ولكن دون أي ضغوطات ,سأجرب على الأقل" ابتسَمت وبدأت رحلتي ورحلة عائلتي الفضفاضة في استقبال عريس"لائق".
لعائلتي المصونة عادات متبعة وخطوات واختبارات لا بد أن يمر بها طارق الباب , تبدأ بإسم العائلة, فلا بد أن يكون اسم العائلة معروفا وعلى درجة عالية من الرقي والعلم والأخلاق .فما أن يسمع الجد والأعمام باسم العائلة يبدؤوا حملة تحقيق شبيهة بحملات ال CIA"" فلا يتركون أحدا في هذه العائلة إلا ويزوروا عمله وجيرانه وأصدقائه والتاجر الذي تعامل معه وخياطه وطبيبه "لزوم التاريخ المرضي" لدرجة أنني شككت في أنهم قد عينوا مخبرا سريا يراقب تحركات أفراد تلك العائلة .وتراهم مجتمعين آخر المهمة مع جدي ليخبروه بما حصلوه من أدلة, فيمسك الورقة والقلم ويبدأ بإحصاء المعلومات وفرزها لاتخاذ الإجراء الثاني.
الإجراء الثاني محوره نساء العائلة ,يُعطي للخطاب موعداً للقدوم دون رجال فقط التعرف على الأم والأخوات ويستقبلهن أمي و جدتي وعماتي وزوجات أعمامي "لتذكر أحداهن الأخرى" , وفي هذا الموعد ليس علي إلا تقديم القهوة والخروج فورا.مهمة جدتي وأمي وعماتي في هذه المرحلة هي التمحيص والنبش في كل كلمة تخرج من أفواه الضيوف وفي كل حركة يقمن بها وكل جواب على سؤال يسألنه فأشفق على تلك النساء وبلواهن,فإن أعطت جدتي والبقية لأعمامي الموافقة المبدئية ,وهي أمر يصعب الحصول عليه لو تعلمون ,فقد نضطر إلى قرعة مؤيدين ومعارضين وقد نضطر لمراجعة الصفات المرغوبة وغير المرغوبة "فمغرورة مثلا عند جدتي تعني أكابريه وعند أمي عكس التواضع".
وما أن تجتاز العائلة( التي حلت عليها لعنة التفكير في تزويج ابنها )الخطوة الثالثة.وهي كالآتي: حضور الأب والأم والعريس بحيث يجلس العريس عند أبيه لا عند أمه"ضعوا تحتها خطين" إلا بضع ثوان يبلع فيها قهوته وينصرف بهدوء.في هذه المرحلة التي تعد حرجة وحاسة نوعا ما لأنها الأولى التي يرى فيها جدي وأعمامي الستة وأزواج عماتي الأربع وجه العريس وأبيه" وما أدراكم ما هو التحقيق الفيدرالي الذي يرتكبونه بحق المسكينين", ومن الجدير بالذكر أن آراء كل أفراد العائلة مرحب بها في هذه المرحلة من ابن عمي احمد الذي لم يتم العام بعد إلى سامي الذي رسب في الثانوية العامة مرتين , فيكون اهتمام البنات بالشكل " طويل,قصير ,أصلع ,حذائه لا يلمع, يشبه تامر حسني!"واهتمام الشباب بنوع السيارة"مرسيدس ,كيا,هوندا ,شيفروليه,جيب,بورش...".
تأتي المرحلة الرابعة بعد مرور الثالثة بأسبوعين حسب تقدير جدي المجرب بتزويجه لأربع بنات, وهي أن نخبر العريس وأهله أننا مبدئيا مطمأنين ولكننا نريد أن نعرف العريس أكثر (هذا بعد أن أُصر إلحاحا أن تقديم القهوة لشخص لن يجعله شريك حياتي) ومن البديهي أن تعرفوا انه لم يصل إلى هذه المرحلة منذ أن بدأت باستقبال العرسان إلا شخصا واحدا "أمه داعية عليه بليلة القدر" , فيحضر مع أمه ونجلس سويا نتجاذب بها إطراف حديث بشكل عام ويسمح لي في نهايته أن اكلم الشاب في زاوية من الغرفة تكون فيها أمي وأمه أيضا"
المرحلة الخامسة خلقت لي مع جدي مشكلةُ "أنت تماديت ,عماتك لم يحلموا أن يروا وجه العريس " كنت طلبت فيها جلسة أخيرة ليطمئن قلبي, جلس فيها جدي معنا بعد أن اقترحت عليه ذلك ليريحني من الـتأنيب ولعلمي انه لن يثقل على حفيدته فطيبته تغلب , كنا نتجاذب أطراف الحديث عن مستقبله وعمله ودراستي وكيف سنرتب الأمور إن حصل النصيب .كان جدي يقرأ كتاب بالقرب منا رفع رأسه وقال" يا ولدي ,لم نتحدث عن المسكن" , أجاب الشاب "بشقة امتلكها",عندها وقف جدي فجأة زم حاجبيه وظهرت عروق جبينه المرعبة وقال "اسمع,حفيدة أبو سليم ما تطلع من بيته ,أبني لكَ بيتاً في قطعة الأرض بجانب ابني الصغير جهاد"
مر يوم, يومان, أسبوع, أسبوعان, شهر ولم نسمع من العريس وأهله كلمة واحدة.كنت قد نسيت الموضوع وذهبت لحفل خطوبة صديقة لي, مرت بجانبي امرأة ,سلمت علي بلطف وقالت "يا بنيتي ,متزوجة أنت أم مخطوبة "أجبت بضحكة هستيرية" لا أنا ( مغلق حتى اشعار آخر!)" .
| |
|