التوتر السابق للحيض
هنالك علاقة قوية بين التوتر والدورة الشهرية (Premenstrual syndrome)، عادة ما تكون الايام الاولى للدورة الشهرية مصحوبة بعلامات واعراض جسمانية وتغيرات سلوكية ونفسية.
من بين هذه العلامات الشائعة : الانتفاخ في منطقة البطن, تجمع السوائل في الجسم وفرط الحساسية في منطقة الصدر (الثديين). اما التغيرات السلوكية فتشمل التوتر والضغط النفسي والقلق, العصبية الزائدة والاكتئاب, فرط الحساسية والانفجار بالبكاء, الغضب وصعوبة التركيز, التعب وهبوط الدافعية والرغبة للقيام بالفعاليات الاعتيادية والاحساس المتزايد بالجوع. وغالبا ما تختفي هذه العلامات مع بدء نزول الدم ولا تلبث ان تعود من جديد مع بدء اقتراب موعد الدورة الشهرية التالية.
يرتكز تشخيص متلازمة التوتر النفسي السابق للحيض، والتي اطلق عليها هذا الاسم في اوائل الخمسينيات من القرن الماضي، على الشكاوى الصادرة عن المصابات بهذه الحالة والتي تكون متزامنة مع موعد ظهور الدورة الشهرية (الحيض).
ليست هنالك اختبارات خاصة لتشخيص الاصابة بمتلازمة التوتر النفسي السابق للحيض. وبذلك تكون وسيلة التشخيص الوحيدة هي ربط ظهور هذه العلامات بموعد اقتراب الدورة الشهرية، من كل شهر.
لم يتم، بعد، تحديد الاسس البيولوجية لمتلازمة التوتر النفسي السابق للحيض, لكن هنالك اثباتات على وجود علاقة سببية بين افراز هرمون البروجسترون وبين الهبوط في مستوياته مع اقتراب انتهاء " الطور الاصفري / الطور الافرازي (في بطانة الرحم) " (Luteal phase / secretory phase). من هنا يمكن الاستنتاج بان متلازمة التوتر النفسي السابق للحيض تصيب فقط النساء في سن الخصوبة اللواتي تحدث لديهن الاباضة (التبويض - Ovulation) وبالتالي، فهي لا تظهر لدى الفتيات الصغيرات جدا, لدى النساء الحوامل او لدى النساء اللواتي اقتربن من سن الاياس (سن "الياس" – سن انقطاع الطمث).
تختلف درجة خطورة الاصابة بمتلازمة التوتر النفسي السابق للحيض النساء. لكن النساء اللواتي تشكين من هذه الاعراض مرة واحدة، على الاقل، يعاودن الشكوى شهريا، في الغالب. نادرا ما تعاني النساء من اضرار كبيرة على صعيد الاداء اليومي, خلال العمل او في جودة حياتهن. كما تشير المعطيات، ايضا، الى وجود عامل وراثي يؤثر في ظهور متلازمة التوتر النفسي السابق للحيض, اي انه اذا كانت المراة تصاب بمتلازمة التوتر النفسي السابق للحيض، فمن المرجح ان تكون اخواتها وبناتها مصابات بمتلازمة التوتر النفسي السابق للحيض، ايضا.
ان للعوامل النفسية في الدورة الشهرية اهمية كبيرة بالنسبة الى النساء، على الصعيدين الشخصي والاجتماعي. تنعكس هذه الحقيقة في اختلاف التجربة التي تعايشها النساء من حيث كيفية وحدة المتلازمة، تبعا لاختلاف العادات والتقاليد المجتمعية. وتتناول بعض المحاكم الاصابة بمتلازمة التوتر النفسي السابق للحيض باعتبارها ادعاء بعدم التعقل المؤقت لدى النساء، في اطار الحجج الدفاعية عن نساء ارتكبن اعمالا اجرامية، بما في ذلك القتل. وتشير المعطيات الى ان نحو ثلثي حالات الاعمال الاجرامية الصعبة التي ارتكبت من قبل نساء, وقعت قبل اسبوع واحد من موعد الحيض، بينما وقعت نسبة صغيرة جدا من هذه الجرائم في الاسبوع الذي اعقب نزول الحيض.
هنالك طرق ترمي الى التخفيف من حدة وشدة هذه العلامات والاعراض والى التخفيف من الضائقة الشخصية التي تعاني منها النساء بسبب متلازمة التوتر النفسي السابق للحيض (لكن تاثير هذه الطرق ومدى نجاعتها يبقيان محدودين ويتعلقان بطبيعة السيدة المصابة، بشكل فردي وشخصي):
تغيير في نمط الحياة
التوقف عن تناول المنبهات (المشروبات والماكولات التي تحتوى على مادة الكافيين) والتوقف عن التدخين.
ممارسة التمارين الرياضية، وخاصة التمارين الايقاعية.
اتباع نظام غذائي متوازن وتناول وجبات منتظمة.
التقليل من التوتر النفسي والحرص على النوم في اوقات منتظمة.
التوجه المهدئ من قبل الطبيب المعالج، بحيث يؤكد للمراة التي تعاني من اعراض متلازمة التوتر النفسي السابق للحيض، بطريقة مناسبة ومطمئنة، ان الاصابة بهذه المتلازمة هي ظاهرة واسعة الانتشار لدى النساء والفتيات. يساهم مثل هذا التوجه على تهدئة المراة والتخفيف من حدة ضائقتها.
في الحالات الصعبة جدا يتم وقف العادة الشهرية، بواسطة عقاقير تمنع انتاج البويضات, وفي بعض الحالات بواسطة اجراء عملية جراحية لاستئصال المبيضين لدى السيدة المصابة.