شرح(يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت )لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
شرح(يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت )لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
شرح(يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت )لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
شرح(يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت )لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
ما هو القول الثابت في هذه الآية؟:
أيها الأخوة الكرام, آية في كتاب الله الكريم، يقول الله عز وجل:
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ﴾
[سورة إبراهيم الآية: 27]
القول ثابت، هذه القواعد والسنن والقوانين التي وردت في كتاب الله:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾
[سورة الجاثية الآية: 15]
﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾
[سورة الليل الآية: 5-7]
قد تقرأ القرآن الكريم فتجد بعض الآيات تشكل قوانين، هذه القوانين من عند الله ثابتة، فالمؤمن يتعامل معها، فمعه توجيهات من الخالق, من الخبير, من العليم، لذلك قلما يقع في مطب كبير, لماذا؟
لأن الله هداه سبل السلام، ما أكل مالاً حراماً، ولا اعتدى على عرض ولا على إنسان، كان صادقاً وأميناً، مجموعة القوانين التي في كتاب الله هي في الحقيقة القول الثابت، أما غير المؤمن فلا يوجد عنده ثوابت، يتوهم شيئًا قويًا يستفيد منه، وينسى أن الله حرم هذا الذي فعله، ويأتيه العقاب الإلهي، ويؤتى الحذر من مأمنه، وفرق كبير جداً بين حياة المؤمن التي تحكمها الأقوال الثابتة التي وردت في كتاب الله.
أقوال ثابتة في القرآن الكريم:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾
[سورة النحل الآية: 97]
هذا قانون، قول ثابت:
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾
[سورة طه الآية: 124]
هذا قول ثابت آخر.
لو تتبعنا كتاب الله وقرأنا ختمة, لوجدنا أن القول الثابت في القرآن الكريم هذه القواعد, زوال الكون أهون على الله من أن تغير، فإنسان معه توجيهات من خالق الكون، قلما يصاب بمحنة، لأن أسباب المحنة ليست عنده:
﴿أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
[سورة الملك الآية: 22]
لذلك قال تعالى:
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ﴾
[سورة إبراهيم الآية: 27]
هل يوجد في الغرب شيء ثابت؟ :
أيها الأخوة, بالعالم الغربي لا يوجد شيء ثابت.
مرة كنت في مؤتمر, ألقيت كلمة: هنا في هذه البلاد لا يوجد شيء على الإطلاق إلا وهو قابل للبحث والدرس والنقد والرفض، لا يوجد قول ثابت، أما أنت فلك إله, خالق السموات والأرض، له قوانين، الظلم ظلمات يوم القيامة، هذا قول ثابت.
ما سبب استقامة المؤمن ونجاحه في الحياة؟ :
﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾
[سورة يوسف الآية: 52]
ما من عمل خائن ينجح, قاعدة!:
بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين.
مجموع الآيات والأحاديث في مجملها قوانين، وعلاقات ثابتة, وأقوال ثابتة، فلو تتبعنا الأقوال الثابتة في الكتاب والسنة, لوجدنا أن المؤمن أحد أسباب استقامته ونجاحه بالحياة: أنه يتحرك وفق قوانين ثابتة مقطوع بها، لذلك ينجح في حياته، تجد إنسانًا آخر تتاح له أن يأكل مالاً حراماً, ينسى أن هناك إلهاً سيحاسبه، يظن أنه قوي، وبيده مفاتيح العملية، ثم يفاجأ أنه كشف وافتضح وسقط.
ما ميزة القول الثابت؟ :
القول الثابت له ميزة كبيرة جداً، هي أنك تمشي سوياً على صراط مستقيم، يوجد شيء آخر: أن الإنسان حينما يكتشف هذه القوانين, يتعامل معها وكأنه استعار خبرة الخالق، الله خبير لكن خبرته قديمة، الإنسان غير المؤمن قد يكشف الحقيقة، ولكن بعد فوات الأوان، وهو على شفير القبر, وفراش الموت يكتشف الحقيقة، لكن المؤمن كشفت له الحقيقة من قبل الله عز وجل في وقت مبكر، لذلك بنى حياته على تقوى من الله ورضوان الخير، أما الذي لم يبنِ حياته على تقوى الله، بنيت حياته على جرف هار فانهار به في نار جهنم.
قف هنا :
في حياتنا ثوابت لو تتبعناها في القرآن كقوانين وأحاديث شريفة:
ما ترك عبد شيئاً لله, إلا عوضه الله في دينه وفي دنياه.
هذا قانون ثابت، قد يكون لك مصلحة، لكنها لا ترضي الله، لأن معك قول ثابت, ترفضها وتعتمد على الله عز وجل، لو تتبعنا حركة المؤمن في الحياة, لوجدنا أن أكثر صوابه ناتج من اتباعه لأقوال الله الثابتة.
القرآن هو القول الثابت :
القرآن هو القول الثابت:
﴿مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾
[سورة إبراهيم الآية: 24]
أصلها ثابت وفرعها في السماء، الكلمة الطيبة التي تستخدمها في الدعوة: تنتقل من قول ثابت.
نقطة دقيقة :
أتمنى أن يكون هذا البحث لكل أخ في رمضان، أنت لماذا لا تعتدي على أعراض الناس؟ لأنك تعتقد اعتقادًا جازمًا أنك إذا اعتديت, اعتدى غيرك على أهلك، هذه حقيقة، إن أكلت مالاً حراماً يتلفه الله عز وجل، فهذه كلها أقوال ثابتة:
﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ﴾
[سورة إبراهيم الآية: 27]
في الدنيا يهديهم سبل السلام، يوجد سلام مع الله, ومع نفسك, ومع المجتمع، هو محمود عند الله، وعند نفسه، وعند الناس، وهكذا تغدو حياة المؤمن بالقول الثابت, حرمة وفق القوانين .
خاتمة القول :
لو أن إنسانًا عنده آلة معقدة جداً، ولا يستخدمها إلا بتوجيهات الخبير, قلما تصاب بالخلل ، لأن تعليمات الصانع مطبقة فيها، والمؤمن كذلك، فهذه آية دقيقة جداً، وينبغي أن تكون رائدنا في حركتنا في الحياة:
من ابتغى أمرًا بمعصية, كان أبعد مما رجا، وأقرب مما اتقى.
وأنا أستخدم بعض العبارات: كل إنسان لا يدخل في حساباته اليومية أن الله موجود, ويعلم، وأن الله سيعاقب، وسيحاسب, يكون غبياً:
﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً﴾
[سورة الطلاق الآية: 12]
والحمد لله رب العالمين