من أعظم ليال الزفاف في التاريخ،زفاف فاطمة بنت رسول الله
من أعظم ليال الزفاف في التاريخ،زفاف فاطمة بنت رسول الله
ماذا فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم – ليلة زفاف ابنته فاطمة - رضي الله عنها - ؟
الزفاف :
لغة : إهداء الزوجة إلى زوجها ، يقال : زف النساء العروس إلى زوجها ، فيقال زَفَّ العروس: نقلها من بيت أبويها إلى بيت زوجها.
والعرس أعم من الزفاف .
ويقال (( لَيْلَةُ الدُّخلة )) لليلة الزِّفاف ، في كلام العرب المعاصرين.
والزَفَّة: طواف جماعة بمن يراد إشهار السرور به كالرجل المعرس والصبي المختون ونحو ذلك .
راجع :لسان العرب ، المصباح المنير ،قواعد الفقه للبركتي والمغرب ، وحاشية ابن عابدين 2 / 262 ، معجم الغني (11/ 36) ،معجم اللغة العربية المعاصرة (1/ 729) ، تكملة المعاجم العربية (5/ 334)
من أعظم ليال الزفاف في التاريخ
- عن بن عباس قال : لما زوج رسول الله صلى الله عليه و سلم فاطمة من علي كان فيما أهدى معها سريرا مشروطا ووسادة من آدم حشوها ليف وقربة قال وجاؤوا ببطحاء الرمل فبسطوه في البيت وقال لعلي إذا أتيت بها فلا تقربها حتى آتيك فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فدق الباب فخرجت إليه أم أيمن فقال لها أثم أخي فقالت وكيف يكون أخاك وقد زوجته ابنتك قال فإنه أخي قال ثم أقبل عليها فقال لها جئت تكرمين ابنة رسول الله صلى الله عليه و سلم قالت نعم فدعا لها وقال لها خيرا ثم دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم قال وكان اليهود يؤخذون الرجل عن امرأته إذا دخل بها قال فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بتور من ماء فتفل فيه وعوذ فيه ثم دعا عليا فرش من ذلك الماء على وجهه وصدره وذراعيه ثم دعا فاطمة فأقبلت تعثر في ثوبها حياء من رسول الله صلى الله عليه و سلم ففعل بها مثل ذلك ثم قال لها إني والله ما آلوت أن أزوجك خير أهلي ثم قام فخرج.
رواه النسائي في سننه الكبرى 8510 (5/ 144) ( 39 ذكر ما خص به علي دون الأولين والآخرين من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم وبضعة منه وسيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران )، ورواه أيضا في خصائص علي 125 (ص: 138) .
وهو حديث حسن بجملة طرقه ،كما حقق ذلك الشيخ المحدث أبو إسحاق الحويني في تعليقاته على كتاب فضائل فاطمة لابن شاهين ( نشر مكتبة التوعية الإسلامية الطبعة الأولى 1411 هـ ) الصفحة 42 ، الحديث رقم 28 .
شرح غريب الحديث :
قوله : " سريرا مشروطا ": أي مشدود بشريط ،والشَّرِيطُ : خُوصٌ مَفْتُولٌ يُشَرَّطُ به السَّرِيرُ . القاموس المحيط (ص: 869)
قوله : " قربة ": هي وعاء مصنوع من الجلد لحفظ الماء واللبن . معجم الغني (21/ 61)
قوله : " ووسادة من آدم حشوها ليف ": من أدم أي من الجلد المدبوغ . فيض القدير (5/ 181)، قال عمر : وتحت رأسه – يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - وسادة من أدم حشوها ليف . متفق عليه من حديث ابن عباس .
فيه بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه و سلم في غالب أحواله من ضيق العيش إذ لو كان عنده أشرف منها لأكرم بها ابنته .
والمراد بالليف ما يتخذ من النخل الذي يكون في أصول العشب، والذي تتخذ منه الحبال، ويتخذ حشواً للفرش. والمراد بالوسادة الفراش، وقيل: المقصود بها ما يتخذ للرأس، وكل منهما صحيح، ولكن الأقرب أن المقصود به الفراش؛ لأن الوسادة تطلق على الفراش، كما يأتي في بعض الأحاديث وفي بعض الآثار أنه جعل تحت الضيف وسادة إكراماً له ليجلس عليها. والمقصود من هذا أن الفراش الذي أهداه النبي صلى الله عليه وسلم كان من أدم، وهذا يدل على حثه لهم على من الزهده والقناعة في الدنيا .
قوله : " وجاؤوا ببطحاء الرمل ": يعني لين الرمل . النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 134)
قوله : " أم أيمن ":
أم أيمن الحبشية بركة مولاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحاضنته ،ورثها من أبيه، ثم أعتقها عندما تزوج بخديجة. وكانت من المهاجرات الأول.اسمها: بركة، وقد تزوجها عبيد بن الحارث الخزرجي، فولدت له أيمن، ولأيمن هجرة وجهاد، استشهد يوم حنين.
ثم تزوجها زيد بن حارثة ليالي بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- فولدت له أسامة بن زيد، حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. سير أعلام النبلاء (2/ 223)
وعن أنس قال: قال أبو بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر: انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها، فلما انتهينا إليها بكت، فقالا لها: ما يبكيك ؟ ما عند الله خير لرسوله، فقالت: ما أبكي ألا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء، فهيجتهما على البكاء. أخرجه مسلم (2454) في فضائل الصحابة
ففي الحديث التنصيص على حضور أم أيمن زفاف فاطمة ،وكذا جاء في روايات أخرى أن ممن حضر هذا الزفاف أسماء بنت عميس كما في المستدرك على الصحيحين للحاكم (3/ 173)،و المعجم الكبير للطبراني 365 (24/ 137)، خصائص علي للنسائي(ص: 137) ، وقد روت أحداث ذلك اليوم في حديثها ،ولكن المحدث الألباني قال في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " 10/ 636 : قلت : سكت عنه الحاكم ولم يصححه - على خلاف عادته - ، ولعل ذلك للخطأ الذي في متنه ! وبينه الذهبي بقوله :"الحديث غلط ؛ لأن أسماء كانت - ليلة زفاف فاطمة - بالحبشة" .
قلت : ولا أجد في إسناده علة ظاهرة ؛ فإن رجاله ثقات ؛ إلا أن يكون الانقطاع بين أبي يزيد المدني وأسماء ؛ فقد قال في إسناد ابن عساكر :إن أسماء بنت عميس قالت ... وهذا صورته الإرسال . والله أعلم . اهـ كلامه بنصه
قوله :" فقال لها أثم أخي ": وكان النبي صلى الله عليه و سلم آخا بين أصحابه وآخا بين علي ونفسه ،كما جاء ذلك صريحاً في رواية الطبراني في المعجم الكبير 365 (24/ 137) من حديث أسماء بنت عميس .
قوله : " فقال لها جئت تكرمين ابنة رسول الله صلى الله عليه و سلم ": يعني تقدمين لها ما تحتاجه ،وتعتنين بها ،ومنه إكرام الضيف .
وفي رواية الطبراني في المعجم الكبير 365 (24/ 137) من حديث أسماء بنت عميس ،قالت أسماء : ثم رأى سوادا من وراء الستر أو من وراء الباب فقال : من هذا ؟ قالت : أسماء قال : أسماء بن عميس ؟ قالت : نعم يا رسول الله قال : جئت كرامة لرسول الله صلى الله عليه و سلم مع ابنته ؟ قالت : نعم إن الفتاة ليلة يبنى بها لابد لها من امرأة تكون قريبا منها إن عرضت لها حاجة أفضت بذلك إليها ... الحديث
فيحسن بأقارب العروس ومن يحبها أن يشاركن في زفاف المرأة إلى زوجها تطييباً لقلبها، وإظهاراً للفرح والسرور بزواجها، ويدعون لها بالخير والبركة.
قوله " قال وكان اليهود يؤخذون الرجل عن امرأته إذا دخل بها ": فيمنعوه وطأها إذا دخل بها .
فهذا الحديث، يعطينا تاريخ المرأة المتزوجة في يوم زفافها عند اليهود وكيف تُعامل، ويهود أمة ذات كتاب، قدم النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المهاجرين المدينة فوجدوا اليهود يعاملون المرأة بهذه المعاملة ، ويؤكد هذا حديث أنس رضي الله عنه: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم، فأنزل الله تعالى: {{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيْضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}} [البقرة: 222] إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» ، فبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا: يا رسول الله إن اليهود تقول: كذا وكذا، أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى ظننا أن قد وَجَدَ عليهما، فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأرسل في آثارهما، فعرفا أنه لم يجد عليهما.
قوله :" تور ": هو إناء من صفر أو حجارة كالإجانة، وقد يتوضأ منه. النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 199)، وفي المغرب في ترتيب المعرب (1/ 109) لابن المطرز :إناء صغيرٌ يُشْرب فيه ويُتوضأ منهُ .
قوله :" ثم دعا فاطمة فأقبلت تعثر في ثوبها حياء من رسول الله صلى الله عليه و سلم " ، وفي رواية النسائي : فجاءت خرقة من الحياء .خصائص علي 124 (ص: 137) ، وفي رواية الطبراني في المعجم الكبير 364 (24/ 136) : فجاءت وهي عرقة أو حرقة من الحياء .
قوله :" ما آلوت أن أزوجك خير أهلي ": أي ما قصرت ، وما أبطئت، أو توانيت .النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 63) ،وجاء السبب الذي من أجله قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام لفاطمة في فضائل فاطمة الزهراء لأبي عبد الله الحاكم 133 (ص: 107) من حديث بن عباس :قال :" ... فلما رأت عليا جالسا إلى جنب النبي عليه الصلاة والسَّلام صاحت وبكت فأشفق النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أن يكون بكاؤها لأن عليا لا مال له فقال النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ما يبكيك ؟ فما شيء ألوتك ونفسي وقد أصبت لك خير أهلي والذي نفسي بيده لقد زوجتك سيدا في الدنيا ، وإنه في الآخرة لمن الصالحين فألان منها ....".
أعظم ما يستفاد من الحديث يسر الزفاف في العهد النبوي
اعلم أن الزواج من الأمور التي مال الإسلام فيها إلى جانب التسهيل واليسر، فلم يكن فيه في العهد النبوي شيء من التعقيد كما هو الحال في هذا الزمان، ولنأخذ مثالا على ذلك زواجه صلى الله عليه وسلم من صفية رضي الله عنها، فقد روى قصتها البخاري ومسلم وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وتزوجها، حتى إذا كان بالطريق جهزتها له أم سليم فأهدتها له من الليل، فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم عروسا فقال: من كان عنده شيء فليجئ به. قال: وبسط نطعا، قال: فجعل الرجل يجيئ بالأقط،، وجعل الرجل يجيئ بالتمر، وجعل الرجل يجيئ بالسمن، فحاسوا حيسا، فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولم يكن للزفاف عندهم لباس خاص، أو يوم مخصوص. ومع هذا فلا بأس بأن يكون للناس لباس خاص بالزفاف إذا روعيت فيه الضوابط الشرعية كعدم التبرج به أمام الأجانب، وعدم التشبه فيه بالكافرات ونحو ذلك. ولا بأس أيضا بأن يعتاد الناس الزفاف في يوم معين دون أن تقصد به القربة أو يعتقد فيه فضل خاص.
أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة :
أولا :
(( والد العروس يقدم لابنته هدية الزواج ))
لاسيما إذا كان زوجها فقيراً ، وكان على دين وخلق ،فيشجعه والد زوجته ويساعده ويعينه .
ويدل على ذلك قول ابن عباس في الحديث :" أهدى معها سريرا مشروطا ووسادة من آدم حشوها ليف وقربة ".
فلا ينبغي لوالد الزوجة أن يثقل كاهل الزوج بالشروط؛ فذلك مما يسبب النفرة بينهما كما قد يسبب كره الزوجة وبغضها، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة . رواه أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي .
فكلما خفت مؤونة المرأة كان ذلك أدعى للألفة بينها وبين زوجها، وما أكثر الفساد والعنوسة بين النساء إلا مغالاة أوليائهن في مهورهن وتبعات ذلك، فالواجب على الأولياء أن يتقوا الله تعالى ويمتثلوا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض . رواه الترمذي وغيره.
ثانياً :
(( والد العروس يحرص على تهيئة الأمور ،وترتيبها بنفسه في ليلة زفاف ابنته ))
ويدل على ذلك قول ابن عباس في الحديث :" وقال لعلي إذا أتيت بها فلا تقربها حتى آتيك ".
ثالثاً:
(( والد العروس يزور ابنته في بيتها ليلة زفافها ،ويستئذن للدخول ))
ويدل على ذلك قول ابن عباس في الحديث :" فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فدق الباب ".
رابعاً:
(( والد العروس يشكر كل من شارك وساهم في فرحة ابنته يوم زفافها ،ويدعو للحاضرين بالخير الكثير ))
ويدل على ذلك قول ابن عباس في الحديث :" فقال لها جئت تكرمين ابنة رسول الله صلى الله عليه و سلم قالت نعم فدعا لها وقال لها خيرا ".
خامساً:
(( والد العروس يجهز الرقية بنفسه للعروسين ، في ليلة الزفاف ،لا سيما إذا كان من أهل الدين والصلاح ))
ويدل على ذلك قول ابن عباس في الحديث :" فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بتور من ماء فتفل فيه وعوذ فيه ".
سادساً:
(( والد العروس يرقي صهره وابنته الرقية الشرعية في ليلة الزفاف ،ويباشر ذلك بنفسه ))
ويدل على ذلك قول ابن عباس في الحديث :" ثم دعا عليا فرش من ذلك الماء على وجهه وصدره وذراعيه ثم دعا فاطمة ".
واعلم أخي الكريم إن الحسد والسحر من الشرور التي لها أثر كبير في تفتيت الأسر والمجتمعات، وإذهاب النعم والبركات، وذلك لا يكون إلا بقضاء الله تعالى وقدره, وإن أعظم ما تستدفع به الشرور بصفة عامة هو الإيمان بالله سبحانه وتقواه، قال سبحانه: إن الله يدافع عن الذين آمنوا {الحج:38} ، وقال سبحانه: وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط . {آل عمران:120} فما استدفعت النقم والبلايا والشرور بمثل تقوى الله سبحانه.
أما بالنسبة للوقاية من الحسد والسحر بصفة خاصة وخصوصا للمقبل على النكاح فنقول: ننصحك أخي بما يلي :
أولاً : بأن تكثر من ذكر الله - جل وعلا - خصوصا أذكار الصباح والمساء، وقراءة آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين عقب كل صلاة وعند النوم, وقراءة الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة كل ليلة.
ثانيا: التوكل على الله - جل وعلا - قال سبحانه عن الشيطان: إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون [النحل99] .
ثالثا: التوبة إلى الله سبحانه، فإن الذنوب هي سبب المصائب وبذنوب العبد يسلط عليه أعداؤه من الإنس والجن.
رابعا: صلاة الصبح في جماعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء. رواه مسلم , قيل الذمة معناها: الضمان وقيل: الأمان.
خامسا: التعوذ بالله من شرور شياطين الإنس والجن...
صرف الله عنا وعنك كل سوء وشر وأذى.
سابعاً:
(( والد العروس يواسي ابنته ،ويكلمها بكلام تطمئن به ليلة زفافها ))
ويدل على ذلك قول ابن عباس في الحديث :" إني والله ما آلوت أن أزوجك خير أهلي ".
ثامناً :
(( والد العروس يغادر بيت ابنته بعد الإطمئنان عليها ))
ويدل على ذلك قول ابن عباس في الحديث :" ثم قام فخرج ".
مسألة : هل تصدقت فاطمة رضي الله عنها بثوب زفافها؟
ما هو الثوب الذي لبسته سيدتنا فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة زفافها وهل فعلا تصدقت بالثوب الذي كانت ستلبسه و من ثم أرسل إليها الله ثوبا من الجنة؟
لا نعلم دليلا يدل على ماهية الثوب الذي لبسته فاطمة ليلة خطوبتها أو ليلة زفافها، ولا نعلم دليلا على ما ذكر من كونها قد تصدقت بهذا الثوب وأبدلها الله عنه بثوب من الجنة، وقد نقلت كتب السنة والسيرة شيئا مما حدث في زواج علي رضي الله عنه من فاطمة رضي الله عنها، فلو كان مثل هذا قد حدث كان أولى بالنقل، فهو إذا محض كذب فيما يبدو.
الآداب الشرعية في ليلة الزفاف
فهذه جملة آداب مأثورة :
(1) وضع اليد على رأس الزوجة والدعاء لها:
وينبغي أن يضع يده على مقدمة رأسها عند البناء بها أو بعد ذلك، وأن يسمي الله تبارك وتعالى، ويدعو بالبركة، ويقول ما جاء في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا تزوج أحدكم امرأة، أو اشترى خادماً، فليأخذ بناصيتها، وليسم الله عز وجل، وليدع بالبركة، وليقل: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرّها وشر ما جبلتها عليه". أخرجه أبو داود (2160) وابن ماجه (1918) والحاكم في المستدرك (2811) والبيهقي في السنن الكبرى (7/148).
ولا بأس أن يترك الرجل بعض السنن ـ كالأخذ بالناصية ـ إذا ترتّب على فعلها مفسدة كنفرة الزوجة ومغاضبتها له، والذي قد يقع منها بسبب جهلها بالسنة وتفسيرها الخاطئ للفعل.
كما لا يُشترط في هذا الدعاء المأثور أن يقوله بحيث تسمعه زوجته، بل له أن يخافت به بحيث لا يُسمع إلا نفسه، فليس في الحديث ما يدل على استحباب المجاهرة به.
(2) صلاة الزوجين معاً:
قد أُثر عن بعض السلف استحباب أن يصلي الزوجان ركعتين معاً، وفيه أثران:
الأول: عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: ((تزوجت وأنا مملوك، فدعوت نفراً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم- فيهم ابن مسعود وأبو ذر وحذيفة -رضي الله عنه-، قال: وأقيمت الصلاة، قال: فذهب أبو ذر - رضي الله عنه- ليتقدم، فقالوا: إليك! قال: أو كذلك؟ قالوا: نعم، قال: فتقدمت إليهم وأنا عبد مملوك، وعلّموني فقالوا: "إذا أدخل عليك أهلك فصلّ ركعتين، ثم سل الله -تعالى- من خير ما دخل عليك، وتعوذ به من شره، ثم شأنك وشأن أهلك". أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (17147). وعبد الرزاق في مصنفه(3822).
الأثر الثاني: عن شقيق قال: "جاء رجل يقال له: أبو جرير، فقال: إني تزوجت جارية شابة (بكراً)، وإني أخاف أن تفركني، فقال عبد الله (يعني ابن مسعود -رضي الله عنه-): "إن الإلف من الله، والفرك من الشيطان، يريد أن يكرّه إليكم ما أحل الله لكن؛ فإذا أتتك فمرها أن تصلي وراءك ركعتين". زاد في رواية أخرى عن ابن مسعود -رضي الله عنه-: "وقل: اللهم بارك لي في أهلي، وبارك لهم فيّ، اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير؛ وفرق بيننا إذا فرقت إلى خير". أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (10460-10461) وسنده صحيح، والطبراني بسندين صحيحين في المعجم الأوسط (4018) والكبير (9/204).
ومن المهم أن يتنبَّه الزوج إلى أن المسألة ليس فيها سنة ثابة عن النبي -صلى الله عليه وسلم--، فلا ينبغي التشديد فيها، أو التثريب على من تركها، وكأنها سنة راسخة لا تقبل الخلاف.
والمسألة فيها سعة، فله أن يؤخر أداء هذه الركعتين بعد أن يجلس مع زوجته ويلاطفها ويحادثها ويؤانسها؛ ليذهب عنها الخجل والرهبة.
ذكر بعض المخالفات في ليلة الزفاف
التصوير
تصوير الزوج والزوجة وأسرتيهما في حفل الزفاف محرم، وهو من عادات الزفاف السيئة؛ وذلك لأن تصوير ذوات الأرواح حرام مطلقا ومن كبائر الذنوب، والأصل في تصوير كل ما فيه روح من الإنسان وسائر الحيوانات أنه حرام سواء كانت الصورة مجسمة أم رسوما على ورق أو قماش أو جدران ونحوها أم كانت صورا شمسية؛ لما ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من النهي عن ذلك ولعن فاعله وتوعده بالعذاب الأليم؛ ولأنها عهد في جنسها أنه ذريعة إلى الشرك بالله بالمثول أمامها والخضوع لها والتقرب إليها وإعظامها إعظاما لا يليق إلا بالله تعالى، ولما فيها من مضاهاة خلق الله، ولما في بعضها من الفتن كصور الممثلات والنساء العاريات ومن يسمين ملكات الجمال وأشباه ذلك. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (1/ 699)
خلع الحجاب ليلة الزفاف
لا يجوز للمرأة أن تخلع حجابها عند الرجال غير المحارم، لا في ليلة الزفاف ولا في غيرها. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (17/ 199)
لبس الفستان الأبيض ليلة الزفاف
يجوز للمرأة لبس ما يختص بالنساء في ليلة الزفاف وغيرها من فستان وغيره، إذا كان ساترا، وليس فيه تشبه بالرجال ولا بالنساء الكافرات، ولا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها للرجال الذين هم ليسوا من محارمها، لا في ليلة الزفاف ولا في غيرها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (17/ 218)
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :ما حكم لبس المرأة اللون الأبيض ليلة زفافها إذا علم أن هذا تشبه بالكفار ؟
فأجاب :" المرأة يجوز لها أن تلبس الثوب الأبيض بشرط أن لا يكون على تفصيل ثياب الرجل ، وأما كونه تشبها بالكفار فقد زال الآن هذا التشبه ، لكون كل المسلمين إذا أرادت النساء الزواج يلبسنه ، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما .
فإذا زال التشبه وصار هذا شاملا للمسلمين والكفار زال الحكم ، إلا أن يكون الشيء محرما لذاته لا للتشبه ، فهذا يحرم على كل حال " اهـ .
"مجموعة أسئلة تهم المرأة" (ص 92) .
اطلاق النار ليلة الزفاف
رغب النبي في إعلان النكاح ليكون ذلك فرقا بينه وبين السفاح، لكن ذلك الإعلان يكون بالمشروع: من الشهادة، ومن ضرب النساء بالدف، وبغنائهن غناء غير ماجن، وليس فيه فتنة ولا اختلاط رجال بنساء، ويكون الإعلان أيضا بالدعوة إلى الوليمة. وعليه فإن جواب ما سألت عنه كالآتي: 1 - وضع الراية (العلم) على السيارة التي يركبها الزوجان، وعلى البيوت، هو من التشبه بعمل بعض أهل الجاهلية، الذي ألغاه الإسلام ومنعه، وهو المعروف باسم: (نكاح البغايا) وكن ينصبن على بيوتهن علما، فمن أرادهن دخل عليهن؛ لهذا فلا يجوز نصب العلم المذكور لإعلان النكاح.
2 - إطلاق النار في النكاح ليس من الإعلان الشرعي، وفيه من المخاطر ما يقتضي منعه.
3 - استماع شريط غنائي معه الموسيقى والطبل وغيره من آلات اللهو، ثم ترقص النسوة عنده- كل هذا منكر لا يجوز، سواء كان في النكاح أو غيره. فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (19/ 125)
الزفاف في الفندق
قضاء ليلة الدخول في الفندق الأصل فيها أنها جائزة، لكن لابد من مراعاة أن يكون هذا الفندق المعني ليس فيه منكرات ظاهرة، وليس هنالك شبهة في دخول هذا الفندق، خاصة للمسلم الدين المستقيم، قال تعالى: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) [الأنعام:68] .
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن حضور الوليمة -مع أن إجابة الدعوة واجبة- وذلك إذا كان في مكان الدعوة خمر. روى أحمد والترمذي بسند صحيح عن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر".
أما إذا لم يشتمل على ذلك فلا بأس، وإن كان الأولى لصاحب الدين والاستقامة الابتعاد عن مثل هذه الأماكن التي هي في الغالب مثار للشبهات.
الأم تغسل ابنتها في ليلة زفافها بمعاونة سائر بناتها
إن كان التنظيف والغسل المذكور لما عدا العورة كالأطراف مثلا، ولم يكن فيه اطلاع على العورة فلا بأس، وأما إن كان فيه اطلاع على العورة وأولى مباشرتها فلا يجوز، ففي الترمذي وأبي داود وابن ماجه من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت يا نبي الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قلت يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يراها، قلت يا نبي الله إذا كان أحدنا خاليا؟ قال: فالله أحق أن يستحيا منه من الناس .
وقال الإمام النووي في المجموع: ويحلق عانته بنفسه ويحرم أن يوليها غيره إلا زوجته أو جاريته التي تستبيح النظر إلى عورته ومسها فيجوز مع الكراهة.
دخول العريس على النساء وقت الزفاف
جلوس العريس في يوم زفافه مع زوجته وسط النساء لا يخلو من مفاسد، ولو كن متحجبات، وليعلم أن هذه العادة دخيلة على المجتمعات الإسلامية، وهي ثمرة من ثمرات التغريب، والتقليد الأعمى لغير المسلمين، ومتى كان المسلمون الجادون في التزامهم بمنهج الله يجلسون وسط النساء في ما يسمى (بالكوشة) أو غيرها؟! لا شك أن المكان اللائق بالعريس غير ذلك، فالنساء مع النساء، والرجال مع الرجال.
ومن تأمل الأفراح التي تحدث فيها مثل هذه العادة الممقوتة وجد أنه توجد تجاوزات كثيرة فيها، حيث يجلس النسوة - إلا من رحم الله - يرقبن العريس، ويصفنه وصفا دقيقا فيما بعد، وربما مدحنه مدحا مبالغا فيه، أو ذممنه ذما شنيعا، وربما أعجبت به بعض الفتيات، وربما وقع نظره على بعض النسوة لكشف بعضهن عن الحجاب، أو سقوطه عنها في غمرة الفرح واللهو، فأعجب بهن أو بإحداهن.... إلخ.
وأخيرا نؤكد على أن هذه العادة ليست موافقة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا لهدي أصحابه، فلا يجوز التمسك بها، وينبغي التحذير منها، ومن عواقبها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين