روضة الاتباع نبيل بن عبدالمجيد النشمي
روضة الاتباع نبيل بن عبدالمجيد النشمي
روضة الاتباع نبيل بن عبدالمجيد النشمي
روضة الاتباع نبيل بن عبدالمجيد النشمي قال الله - تبارك وتعالى -: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾ [الأحزاب: 21]، وقال - تبارك وتعالى -: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء: 80]، وقال - تبارك وتعالى -: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63]، وقال تعالى : ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا مَن أبى))، قيل : ومَن يأبى يا رسول الله؟ قال : ((مَن أطاعني دخل الجنة، ومَن عصاني فقد أبى))؛ رواه البخاري [1].
وعن عابس بن ربيعة قال : رأيت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يُقبِّل الحجَر - يعني الأسود - ويقول : "إني أعلم أنك حجر ما تنفع ولا تضر، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقبِّلك ما قبَّلتك"؛ مُتَّفق عليه.
حياة الصائم مع حبيبه ونبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - حاضرة في رمضان في كل زاوية من زواياه وكل خطوة من خطواته، فهو في روضة الاتباع له من أول الشهر إلى آخره في تناسُق عجيب، ورغبة وحرص أكيدين.
روضة الاتباع تاج على رأس الصائم، وحُلة تزيِّنه وتُظهِر جمالَه، وتَستُر عيبَه وتُكمِل نقصه.
الصائم يعيش مع الحبيب - صلى الله عليه وسلم - في رمضان بوجه خاص حبًّا واقتداء برَحابة صدر وترقُّب أجر وطلب وسامِ مرافقة خير الخَلْق في جنات النعيم، جعلنا الله والسامعين من أهلها.
روضة الاتباع ليكون العمل صوابًا؛ فالصواب ما كان على طريقة محمد - صلى الله عليه وسلم - وليكون من الكمال قريبًا فاتباع عند الإفطار واتباع عند الإمساك واتباع خلال الليل وأثناء النهار.
والصائم في روضة الاتباع مُتنقِّل بين زهرة وأخرى، كلها تنادي : طريق محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو الطريق وهو النجاة من الحريق يوم لا ينفع قريب ولا بعيد؛ فالصائم المتَّبِع يفطر اتباعًا على تمرٍ، فإن لم يجد فماء ولا يترك السحور؛ لأنه سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ويجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره، وفي العشر أكثر من التي قبلها، ويتدارس القرآن، ويُكثِر منه، ويُنفِق مما آتاه الله، فأجود ما يكون في رمضان، ويفعل ذلك وهو مُقِر في قلبه لسان حاله : هكذا كان حال حبيبي - صلى الله عليه وسلم.
روضة الاتباع يخسرها ويخسر شرفَها وخيرها مَن يجهل حال النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - وكيف كان في رمضان، ومِن أشد مَن يبوء بالخُسران فيها مَن جاء في عبادته بطريقة واجتهاد على غير سنَّة، فجمع بين حرمان الاتباع وإثم الابتداع؛ لذا لا يدخل هذه الروضة من لم يعرف طريقها ويعلم مفتاحها، فما صام اتباعًا من لا يدري ما فعل النبي في كذا، وكيف كان حاله مع كذا، إنما هو صائم كما يصوم الناس، فهذا صائم، لكنه محروم من أجر الاتباع، خاسر لصفقة الاقتداء.
فإن أحببتَ وأحسبك كذلك تحب اتباعَ الحبيب الكريم - صلى الله عليه وسلم - في رمضان، فابحث عن طريقه وتعلَّم هَديه، فخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - ومَن سار على الدرب وصَل.
ومن ملامح هديه : كان يُفطِر بكذا، ويصلي كذا، ويقرأ كذا، وحاله في العشر كذا، ومع أهله كذا، ومن نعمة الله - تبارك وتعالى - علينا أن حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - بتفاصيلها ظاهرة لمن يبحث، مملوءة بها الكتب مُنتشِرة سهلة المنال والمآخذ، فخذ زاد المعاد لتعرف هدي خير العباد، وهذا مثال.
روضة الاتباع قنطرة قَبُول العمل وشرط صحة له، فلا طريق غير طريق محمد - صلى الله عليه وسلم - لذا كانت : ((كل بدعة ضلالة)) مهما قلنا وبرَّرنا وغالطنا، فالحق حق وأحق أن يتَّبع.
تمتع بروضة الاتباع، تَذُق لذة الطاعة، وتَسلَم من لوثة البدعة، وتنجُ من المشاقة وترتقِ إلى مقام المحبة : ﴿ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31].
- اتبع؛ فلا خير فيمن لا يتبع.
- اتبع فمن لا يتِّبِع يبتدع.
- اتبع نبيك فهو قدوتك في حياتك.
- اتبع نبيك لتعلو مرتبتك.
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31].
اللهم وفِّقنا لاتباع نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - وارزقنا مرافقته في الجنة، وأكرمنا بشفاعته يوم القيامة يا أرحم الراحمين.
********************************
[1] البخاري (7280).