انشودة الرفض عقب ثورة تونس ..يناير 2011
رؤية القاص والناقد د| محمد يوسف
فى نص للشاعر | مصطفى أبو هلال
كفر الشيخ
انشودة الرفض
عقب ثورة تونس ..يناير 2011
.....................
الوعى هنا:
نرد ..يزجيه الفتية,
بعد حساء الشاى
على طاولة الليل..
فلك :تبحر فى صحراء
اللاوعى :امراة ثكلى,
تكشف ستر الحوع..
تلقم اثداء الغربة/
افواه الغيب..
لاتشرب نخب الغربة
وامض..وحيدا
المراة :
طاغوت..
يتزيا ثوب نبى..
يبنى كعبة..
يفتح اروقة القصر..
ازاءك..
ترصد عينك القا..
ضوء الشمس:
يحيل الظلمة راى عيونك
ذهبا...ذهبا
............
هل تعرف؟
ماذا بعد بناء الكعبة؟!
بعد بزوغ الشمس؟!
,,مقصلة,,
...........
ان تلق عصاك!
لن تلقف ..
ما صنع الافاكون..
انفرط العقد/
واحترقت اغصان الزيتون
...................
لن يبقى الحق وحيدا
او يزهق بالعفة باطل..
فلتمض ثعابين السحرة
ولتسقط بالاسوة بابل
ان تلق عصاك على ثقة
يختلط الحابل بالنابل
........................
لا تلق عصاك
ولا تمدد!
او تبن حماك
على فدفد
فالهر:
تغول,
واستاسد..
الطهر:بدد..
والعهر:مدد..
والعار:
على الدار
تعود..
والضيم:يسرمد,
يا موسى..
............
,,سبق السيف العذل,,
تحيا ,,قرطاج,,
يسقط:
ماخور الملكية!!
تحيا ثورة مصر
ارجوزة مصر
..لم تاسر راس القمع
بمعركة الحرية
لم تسبر غور اللعبة
فاللص :يدير الرقعة
كيف يرى..
بالعسكر,
والخيل المرد,
محطات التغييب العفوى/
التنكيل بكل ارادة
القنوات القوادة
يجتاح هياج الرفض,
يشد لجام الركض
هجوعا نحو الحرية
بنشيد بلادى,
وهراوات الاغنية الوطنية
يتخيل ان الواحة/
مهد العزة/
مهبط موسى/
..قهرا..
تكبت شوق ذليل..
صون كرامة
ان سجود الشمس ..
لومضة حب
تحت سماء الثورة
ليس علامة ..
ان الارض :برغم الثورة
لن تلبس زى العرس /
رداء الردع/
لوحش البرية..
يغتال ضمائرنا/
الساذجة الثكلى/
الادمغة المسبية..
بالخوذات الزيتية..
والاردية الوثنية..
يستكبر:ان نزجره الان /
لنصنع تاج الخلد
فمنحه نوط الابدية..
فالمجد لمن نكس راسا..
للغرب..بزعم الوطنية..
............
اهترأ الماء...
الحانة ضجت بالندماء...
الجنة ليست للشعراء...
يبقى,
دولار النفط وحيدا
وامراة:
تركب موج التيه
تصنع من عرب البحر
..نبيذا..
كى ترقص واشنطن
فى حانة ,,لوركا,,
بالقد الاميس..
الخصر الامرس..
ترفل فى ثوب قطيفتها
تتهادى كغزال/
كفراشة صبح
تلدغ كالعقرب/
كالافعى/
تتلون كالحرباء..
تمسك ازميل بداوتنا ..
كى تنحت .....تمثال الحرية..
..الحرية ..تمثال..
اشرب نخب الغربة:
واموت .. ..مزيدا..
مصطفى ابو هلال
قراءة فى قصيدة انشودة الرفض
مصطفى ابو هلال هو شاعر اخاف ان اقدحه بجهلى او ان امدحه بتسطحى فشعره يجب ان تعتدل فى جلستك وانت تتلقاه وهكذا طوق عنقى وورطنى هذا الشاعر النبيل سامحه الله بان اكتب عن ديوانه الشعرى وهو يعرف اولا اننى متذوق للشعر لكننى لست ناقدا للشعر فكثيرا ما كانت احاديث الشعراء من حولى وهمهماتهم تدور حول البحور والقوافى وغيرها من الامور التى لا تزال تشكل طلسما محيرا بالنسبة لى لا سبيل لتعلمه لمن هو فى مثل عمرى وثانيا يعلم شاعرنا المحترم اننى اكاد اكون متخصص فى نقد القصة والرواية وصعب جدا ان ادلف من زاوية السرد وتقنياته الى اروقة الشعر وخلجاته خاصة عندما يكون شعرا غير نثرى موثقة عراه بلغة عربية سليمه اكثر مما ينبغى ولكن مع اصرار الشاعر الجميل على ان اتناول ديوانه بشئ من الدراسه فلم اجد سبيلا امامى الا ان البى له طلبه علله يعرف فى اى مشكلة وضعنى ووضع نفسه عندما يسند لمن هو جاهل مثلى ان يقوم بدراسة شاعر مكتمل البناء الشعرى مثله وليتحملنى ولتتحملوننى جميعكم
واخترت من ديوان الشاعر مصطفى ابو هلال قصيدة شعرت ولعل حدسى صحيح انها تتسق وقدرتى المحدودة على قراءة السياسى فى القصيدة
وهى بعنوان
انشودة الرفض
التى كتبها الشاعر عقب ثورة تونس
لا اعرف اذا ما كان الشاعر ام الناشر ام كلاهما قد قصدا ابتداء القصيده بتلك النقاط قبل بدء القصيدة وهى تقنية معروفة فى الاحاجى السردية تفيد بوجوب التوقف قليلا بين جملتين ربما ياتى من ربطهما معا او فصلهما ما يعطى معنى ما تكهن به السارد دون الافصاح عنه النقاط هى علامة تجريدية بحتة تتوقف وظيفتها التنبيهيه على طريقة ترتيب الجمل فى السياق لكنها غالبا ما تحمل وظيفة شبه عامة وهى التوقف قليلا قبل البدء فى قراءة ما يليها لاسباب قد تختلف من نص لاخر ومن مؤلف لاخر ولا اعرف لماذا كانت البداية بها هنا قبل القصيدة حسب ظنى فهى تعطى انطباع بشفاهية غير مدونة اجتهدت الكتابة فى ترتيبها بدقة كى تخرج اكثر حرفية وربما دلت على ان القصيدة جزء تعبيرى من فعل اسمى لايزال مستمر تحاول القصيدة جاهدة اللحاق به والتاصيل له وبالطبع هو هنا الفعل الثورى و تبدأ القصيدة ب
الوعى هنا
وكأن ما قبلها نقاط تذوب فى لا وعى الحكاية كلاما يهذى فى عظمة الحدث الثورى لكن دون تمحيص كتابى وتاتى النقاط كما قلت سابقا لتفصل بين عالمى الكلام والكتابة فالنقاط باى حال تقرء ولا تنطق او بطريقة اخرى فهى تستكتب لكنها غير قابلة للقراءة الشفاهية ونعود للقصيدة مرة اخرى
الوعى هنا
نرد ..يزجيه الفتية
بعد حساء الشاى
على طاولة الليل
هذا مشهد سينمائى مكتمل بديكور داخلى وهو المقهى وموسيقى وهى طرقعة النرد المزجى وحركة وهى حركة النرد الى اخره
وزمان توحد مع جزء من الديكور عندما اصبحت طاولة اللعب ليل
يا الهى كيف يصبح الوعى اعلى درجات التمكن الانسانى من اللحظة بكل الحواس الممكنه كيف يصبح صريعا للحظ ينجح او لا ينجح الثورة عموما هى مقامرة شريفه ومغامرة لا احد يستطيع التكهن بنتاجئها لكن المدهش فى الصورة السينمائية السالفة ان فعل الوعى ياتى بعد مزاج تقليدى لرواد المقاهى وهو احتساء الشاى فعل جماعى كما الثورة فعل غريزى تلقائى ياتى بعدحاجة ما ملحة لكن احتساء الشاى مرتبط بالمزاج بينما الثورة مرتبطة بما هو ابعد من ذلك المزاج التقليدى ولكن ها هى ثورة الاجابة تبدا فى التكشف رويدا مع استمرار القراءة
فلك تبحر فى صحراء اللاوعى امراة ثكلى تكشف ستر الجوع تلقم الخ
فلك تبحر فى صحراء اللاوعى اراها فى غير موضعها بعد وعى اللحظة الاولى فائق اليقظة لكن تلك المراة والمراة هنا هى انثى روح الثورة المكبوتة تكشف ستر الجوع وتلقم اثداء الغربة تلقمها لافواه الغيب
دعونا نقرب الصورة المعقده التى رسمها الشاعر بطريقة التزوييم البصرى ولنفتح نافذتين للمقارنه
لدينا وعى فى الحالة الاولى مرتبط بفعل جماعى ذكورى لايزال رهن حظ المزاج
ولدينا فى الحالة الثانية لاوعى مرتبط بانثى مفردة تلقم اثداء الغربة(ربما هى حالة الثورى فى وطنه)افواه الغيب بما يحتمله هذا المعنى الميتافيزيقى من استمرار تدفق الغربة فى اتجاه الغيب ترى كم من افواه سوف تظهر لاحقا لترشف من ضرع الغربة
لا يتركنا الشاعر هنا صرعى لاكروبات التاويل فيعلن صراحة
لاتشرب نخب الغربة
لا تصبح رهن غيب قد يات او لا يات
حتى ولو كان الثمن ان تمضى وحيدا
بذكاء متقد ابتعد الشاعر عن الخطابة عندما اغلق المشهد السينمائى على رفض اللاوعى _الغيب _التغييب مقابل الوعى فى حضرة الوحدة
ونمضى قدما فى القصيدة
المراه
طاغوت يتزيا ثوب نبى يبنى كعبة يفتح اروقة القصر الخ
الرسالة هنا حسب ظنى ابعد بكثير من مجرد اختزالها فى صورة سيدة تونس الاولى السابقة انها عبق الخطيئة الاولى التى حملت الغواية ليخرج ادم من الجنة ربما
او فهى طاغوت المراه_الحب_الغواية_
هنا اذن مستوييان من التلقى
مستوى سطحى لايبتعد كثيرا عن الاحداث السياسيه ومستوى اعمق يغوص فى دلالة الابيات وتماسها مع الصورة الانثويه بشكل عام
وتستمر الغواية
ترصد عينك القا
انت تعرف ايها الرئيس لكنك تركت نفسك للغواية
الرئيس هنا هو الوطن والزوجة هنا هى سبب الثورة
هنا الشاعر فى هذا المقطع يعود بنا الى ضيق الواقع بعد ان فتح علينا مشهد الغيب فى المقطع الاول فدائما ما كنا ولا زلنا نقول ان الرجل كويس بس اللى حواليه هما اللى وحشين لكن الشاعر يبدا سريعا فى نسف هذه الصورة التقليديه ليتهم الرجل بانه هو السبب
وايه اللى خلاك يا فالح تاكل من التفاح
هل تعرف (ياحمار)
ماذا بعهد بناء الكعبة
بعد بزوغ شمس الذهب والابهة التى غوتك بها
انها مقصلة يا غبى
ولن يسعفك ابدا سحر عصا موسى فقد احترقت اغصان الزيتون رمز تونس الخضراء ورمز السلام ايضا (ايضا)ولا سبيل للعودة الى الوراء
وتستمر القصيدة فى تبيان ذلك السبب والفعل المنطوى اى الظلم والثورة فلا ثورة دون ظلم يسبقها ولا ظلم دون ثورة تعقبه انها تعاقبية ازلية تحدث مهما طال انتظارها
فالهر تغول
والطهر بدد
والعهر مدد
والعار على الدار تعود
والنهاية اذن
سبق السيف العزل
وتحيا قرطاج
ولنا هنا وقفه
هنا يتحول النص من مفردات معجميه الى احكام خطابيه ولان الشعر تلميح وليس تقرير فان الاختزال يكون فى صالح النص ويعفى الشاعر من بعض العظات التى ليس مجالها الادب عموما
ثم يتمدد الحدث الثورى الامازيغى ويسافر شرقا حيث الكبيرة العظيمة التى اشتاقت اليه طويلا
تحيا ثورة مصرارجوزة مصر
ولكنها بعد
لم تاسر راس القمع
ولم تسبر غور الحرية
ويستفيض الشاعر لهثا وراء الاسباب اسباب الثورة واسباب معوقاتها
ولكن يستوقفنى ذلك التعبير الاكثر من رائع
ان سجود الشمس لومضة حب تحت سماء الثورة ليس علامة ان الارض برغم الثورة لن تلبس زى العرس رداء الردع لوحش البرية الخ
يخرب بيت دماغك العاليه يا موصطفا
ان سجود الشمس لومضة حب تحت سماء الثورة ليس علامة
ولو لم تكتب بعدها او قبلها شيئا لكفيت ووفيت ايها الشاعر الرائع
الشاعر هنا يابى ان تسرقه وبالتالى يصدر ذلك الى قارئه ان تسرقه عاطفة الجيشان الثورى فلا يرى بوضوح تلك الاغلال التى ارتدت قناع الثورة مؤقتا وكل لبيب بالاشارة يفهم
تحياتى يا شاعر يا محترم
انه وحش البرية الذى يغتال ضمائرنا الساذجه العبيطه المسفوحة طيبة
والفاعل
تلك الخوذات الزيتيه
طفى النور يا بهيه كل العسكر حراميه
وفى ما بقى من القصيدة توضيح ل لماذا فعل بنا حماة الثورة ذلك
كى ترقص واشنطن فى حانة لوركاتلدغ العقرب كالافعى
تمنيتها هكذا بدلا من كفراشة صبح تلدغ كالعقرب ثم كالافعى
لك ان تتخيل عقرب يلدغ افعى
فكلاهما امريكا والعسكرى مفترسين الاخير يلدغ داخليا والاول يلدغ الجميع
واخيرا
ينفى الشاعر ما صرح به مسبقا فى مطلع قصيدته
اشرب نخب الغربة بعد ان كان قد حذرنا ومنعنا من ذلك حينما قال لا تشرب نخب الغربة لكنه يفعلها هو بنفسه اخيرا ثم يموت مزيدا لانه مافيش فايده
شكرا شاعرنا الجميل فالرسالة حتما قد وصلت بالبريد السريع
نعم يا صديقى لا تزال الثورة فى بلادنا منكرا ثقيل الظل لمن استعذبوا الهوان والذل
نعم لانزال نغرد خارج سرب الاذعان
فرادى
غرباء
وربما مجاذيب
فما اقسى الغربة فى الوطن بين احضان الاهل والاصحاب
ودعونى قبل الختام ولعلى لم اثقل عليكم او لعلى اثقلت بالفعل فانا اسف بشدة
دعونى اتكلم قليلا عن مصطلح نقدى اتصور ان الشاعر حققه هنا بمهارة فائقه
هذا المصطلح سنه الشاعر الوجودى الاسكتلندى تى اس اليوت وسماه الصوت الثانى وهو تحقيق لعدالة المعامل الموضوعى فى القصيدة وهذا الاخير يختلف تماما عن المصطلح الارسطى الشهير العدالة الشعريه ففى العدالة الشعرية يجب ان ينسى الشاعر نفسه وان يلوى عنق قصيدته فى اتجاه الملحمى بناء على انتصار الخير على الشر فى نهاية مطاف البحث الشعرى ورصده للصراع الانسانى بيد ان هذا الصراع قديما كان يتمثل بين الهة الشر وبين الهة الخير وليس للانسان حيلة فى هذا الصراع سوى الرضا بالمقسوم حتى جاء سوفوكليس واكتشف الممثل الثالث وتحولت الدراما فى مسرحه الى صراع انسانى على خلفية الهيه وليس صراع الهى يكون الانسان فيه مجرد متفرج او سارد على اكثر تقدير وهذا ياخذنا لدراسة الميثولوجيا الاغريقيه وهو ليس مجال بحثنا هنا لكننى وددت ان اوضح ان العدالة الشعريه الارسطيه تتحقق من خلال التشيؤ الجمالى الذى بدوره لاياتى الا من خلال نهاية سعيدة مهما كانت مسطحه وساذجه كل ما فى الامر ان الصراع فيها تطور من الشكل الخطى الاحادى الى الشكل المعقد المتعدد الاكثر عمقا
اما الصوت الثانى الاليوتى فهو صوت ضمير الشاعر على اعتبار انه اول من يقرا لنفسه قبل عرض القصيدة على مسامع اناس اخرون لذلك فهو القارئ الضمنى وهو المروى عليه الاول الحاضر دوما فى اى قراءة للنص والصوت الثانى هنا هو انسنة المعامل الموضوعى وجعله يقع تحت اختبار قراءة المؤلف لنفسه قبل قراءة المتلقى الخارجى ولنحدد سطوات النص على مؤلفه اولا
هناك سطوة الموضوع الملح وهو هنا الثورة
وهناك سطوة اللغه وهى هنا الشعر
وهناك سطوة الشعر من تقاليد واعراف ونحو وصرف وقافية الخ
وهناك سطوة الشاعر برؤيته المغايره لما يمكن ان نراه باعيننا المجرده لذات الموضوع على انه اعتيادى
كل ما فات يختفى حين انتهاء النص وبداية قراءته من متلقى خارجى ويبقى فقط شطر الشاعر وصوته الثانى الذى يلازم النص فى كل عملية قراءة جديدة
ونعود للانشوده موضوع القراءة
للتخلص من سطوة الموضوع المربك الذى لم ينتهى بعد عمد الشاعر الى الحل الموسيقى وهذا ايضا خفف كثيرا من وطأة سطوة اللغه حيث تم تقسيم مقاطع القصيدة بطريقة سيميتريه منتظمه تجعلك تاخذ نفسا عميقا وترتاح قليلا قبل الشروع فى قراءة المقاطع المتلاحقه
الوعى هنا
واللاوعى هناك
الوعى المحدد بمكان ضيق والشاى الذى تحول لحساء يشبع جوع الفتية
واللاوعى الغير محدد بصحراء شاسعة تبحر فيها فلك مجهولة
ساضرب مثالا هنا بما اقصده بالمعامل الموضوعى وتدخل صوت الشاعر الثانى لاصلاح رمانة ميزانه
فى هذه المقارعه بين الوعى واللاوعى لاينتصر احدهما على الاخر ولا ينفصلان عن بعضهما فالوعى واللاوعى عمليتان متلازمتان للوجود نفسه ومن كليهما وليس من احدهما ياتى الاخر مثل قضية الوجود والعدم فاللاوعى هو الوجود العام والوعى هو الوجود المتعين او بلغة فلسفيه الاونطولوجى والاونتك هى اذن متوالية ضرورية للفعل ورد الفعل ولكل تلك الثنائيات المتناقضة العديدة حياة وموت ذات وموضوع وهكذا دواليك
واظن ان الشاعر خانه حدسه حينما قال فلك تبحر فى صحراء اللاوعى وكنت افضل ان تكون اللاوعى امراة ثكلى وهكذا لان الصحراء حتما ستدخلك فى مقارنة مقهى وطاولة الوعى فى الجمل السابقه على جملة اللاوعى لذلك كان صوت الشاعر الثانى اقل حضورا فى مقابل غواية القصيدة بمعنى ان العاطفى انتصر على الذهنى
وفى جملة
المراة....طاغوت
هنا معامل موضوعى لغوى صحيح منطقيا مائة بالمائة اذ ان الشاعر عمد الى تعريف اسم المراه وامدادها بالف لام التعريف مقابل حذفهما من طاغوت لانه لو كان قال
مراة الطاغوت لكان الموقف يتوجه برمته الى امراة بعينها لكن المراة طاغوت فعل اعم على الانثى –الغواية-الخطيئه والتى منها ايضا ياتى اسم الثورة المؤنث فالمراه تحمل الضدين الموت والحياة
وفى بيت تحيا قرطاج يسقط ماخور الملكية
هنا تعويل التاريخى على الواقعى مثلا لو كان قال
تحيا تونس ويسقط ماخور الجمهورية لكان البيت وقع فى فخ النحت من الواقع بفجاجه مبتذله حتى ولو كانت وجدانية الدافع لكن قوله تحيا قرطاج وقد كانت ملكية اوسلطانيه المهم انها ليست جمهورية ثم فاليسقط ماخور الملكيه وكانها دعوة لاصلاح التاريخ من نفسه او بمعنى اهل البلد اللى حضر العفريت يصرفه هنا الصوت الثانى حاضرا بقوة كقارئ اول ضمنى ومروى عليه مبدئى يصلح من شان اوعوجاج المنطق فى اى لحظة عندما تغيبه غواية القافية
واعود لتقنية الموسيقى ونحن هنا بصدد نوعين من الموسيقى واحده خارجية وهى ما قصده المؤلف حين قسم ابياته الى مقاطع منتظمه والاخرى داخليه خاصة بنكهة وايقاع القصيدة نفسها وهذا ايضا مثال على الوعى واللاوعى او المؤلف وصوته الثانى وصراع منسجم فى بينهما الموسقيى الخارجيه هنا لا تعمد اسلوب الكريشندو التصاعدى فى الايقاع لكنها تعمد طريقة النغمة ثابتة الحدة هادئه تسمح بالتامل وليست سريعه خاطفه مربكه وهنا معامل موضوعى ذكى اذ ان الموضوع اللى هوا الثورة هادر عنيف قوى سريع بينما اللغه ايقاعها هادئ غير منفعل الا قليلا هذا التوازن المنطقى كان فى محله تماما وخدم النص بشكل ممتاز
ولكن هناك معامل موضوعى غير موجود بالمرة نتيجة لتدافع واقتحام العاطفى دون تؤدة التحليل الذهنى مثل
يتخيل ان الواحة
مهد العزة
مهبط موسى
لم يكن هناك داع لمهد العزة ومهبط موسى فهذا تقرير فج عن وصف المكان كان نقول مثلا تخيلوا ام الدنيا الكنانة المحروسة وهكذا
واختم هذه القراءة بالبيت الخرافى فى هذه القصيدة
ان سجود الشمس لومضة حب تحت سماء الثورة ليس علامة
هذا البيت مكتمل حد الكمال فى كل نواحيه شعرية كانت او فلسفيه نصيه او خطابيه دون ان يخل احد عناصرها بالاخر ومن هذا الاكتمال ياتى الجمال
الشمس تسجد الشمس مصدر النور على الارض تسجد لومضة لكنها اقوى لانها ومضة حب –صدق هذا وهذا السجود الخرافى ياتى تحت سماء اسطورية حيث الثورة حدث استثنائى وبرغم كل ذلك البهاء فهو ليس بعلامة ليس بعلامة انتصار للثورة التى لاتزال تعرقلها العراقيل
هذه المقابلة بين الاسطورى والحقيقى بين اذعان السجود وتمرد الثورة بين قوانين الطبيعة ونواميسها الكونية المنتظمة بدقة متناهية وبين الحدث الثورى التلقائى الغير منتظم الدفقة والشعور والفعل واعود لاكرر ان هذا البيت بالفعل هو مفتاح شيفرة القصيدة كلها وهو يوازى ما يسمى فى علوم السينما بالماستر سين او المشهد المعلم سواء بفتح الميم ام بضمها
امضى ايها الشاعر فاينما تذهب ستجد افئدتنا تلاحق بهاء احرفك الباذخ
واشكر الجميع على تحمل كلمتى الجاهله المسطحة
‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗