الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا .. وبعد :
أحبتي وإخواني ...
نسعى دائما لكشف أسرار أنفسنا فتارة نبحث عمن يحلل لنا الشخصية , وتارة أخرى نقرأ في كتب إدارة الذات والطاقة البشرية , وتارة أخرى نطّلع على المقالات في المنتديات , كما أنكم دخلتم الآن راغبين في الاستفادة , وبعد اطلاعي على كثير من هذه الكتب أود أن أختصر لكم هذا في موضوع .
تحليل الشخصيات يعتمد على الهيئة الخارجية للانسان وما يصدره من تصرفات لا شعورية , ويعتمد المحللون على بعض الأسئلة المقصودة بعضها يكشف مدى انزعاجك وبعضها يكتشف قدرتك على الصبر وبعضها يثبت درجة ذكاءك وملاحظتك , وغالبا يختار المحلل أسئلة لا تخطر على البال ولو أجبت عليها لا تعلم سبب طرحها , فمثلا يطرح السائل :
1- ( متى تشعر أنك أكثر نشاطا ؟ في الليل أم في النهار )
2- ( عندما تمشي هل تمشي بسرعة ؟ أم ببطئ ؟ ما نوع خطواتك هل هي كبيرة أم قصيرة ؟ )
وغيرها من الأسئلة كالسؤال عن اللون المفضل لديك , وذلك لأن الأحاسيس مرتبطة بالتصرفات , وهذه التصرفات مرتبطة بشخصية الفرد المراد تحليل ذاته , وفي القرآن الكريم (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) [الرعد:11] فمن المستحيل أن يتغير إنسان بدون وجودة سبب للتغيير وهذا السبب يبدأ من خلال قرار يقرره الفرد , فمثلا :
تريد أن تنجح لابد أن تجتهد للنجاح , فالمعادلة : قرار + تنفيذ = نجاح وإنجاز وتغيير .
فالتغيير مرتبط بقرار وتنفيذ وبدونه لا يمكن أن تتغير .
شخص يشكوا من عادة سيئة يريد أن يتخلص منها لكن قراره كان بدون تنفيذ لا يمكن أن يحصل تغيير كمن يقول : أريد الجنة ولا يعمل لأجلها .
وأعود بكم إلى الشخصية .. لماذا نريد تحليل الشخصية ؟ لماذا لا نكتسب شخصية أكثر جاذبية من خلال قرارات صائبة وتنفيذ لهذه القرارات ..
قصة :
رجل ولد في عائلة فقيرة , عانى من الفقر لعشرين عاما , كان يعمل حارسا لبناية , أما راتبه فلا يكفيه , قرّر أن يكون ثريا , فماذا فعل ؟ بدأ أولا بتغيير شخصيته , غيّر ما في نفسه ونفّذ هذا القرار , بدا بقراءة الكتب والاطلاع , كان يريد أن يكون محاضرا يقف أمام الناس يستمعون إليه , قرّر أن يكون لديه شخصية رائعه يحبها الناس , وبعد اطلاع كثيف ورغبة كبيرة ألّف كتابا في التغيير , فبيع هذا الكتاب وطبع منه الملايين من النسخ , وصار له حضور كبير ..
ليس هناك ما يميّزه عنك أيها القارئ الكريم :
فأنت قرّرت = وهو قرّر
أنت لم تنفّذ قرارك = هو نفّذه وسارع في إنجازه
والنتيجة : أنك بقيت كما أنت وأنه ارتفع وصار له حضور كبير .
لماذا نبحث عن تحليل لشخصياتنا إذا كنا لم نحترم هذه الشخصية ونسعى لتغييرها للأفضل دائما ..
أستطيع أن أجلس معك الآن وأحلل لك شخصيتك , ثم ماذا ؟
وعلى سبيل المثال حللت شخصية شاب بعد طلبه [ انسان هادئ يعتمد على نفسه لكنه إذا غضب لم يتمالك نفسه , لا يثق بالآخرين , يحب تقديم المساعده لغيره , لكنه يخدع مرارا من قبل أصدقاءه , لديه نظرة سوداوية سلبية , يحب أن يكون إنسان ناجح لكنه يتخبط يمينا وشمالا ....] إلى آخر التحليل الذي اعتمدته من خلال بعض الأسئلة , ثم قلت له , وماذا بعد ؟ هل ستغيّر نفسك ؟ هل ستسعى للنجاح والتغيير ؟
دعوني أذكركم بموضوع سابق لي بعنوان [ أأنت مطلقة حطّمي قيود الفشل واستمري بالنجاح ]
في هذا الموضوع أردت من المرأة المطلقة أن تفهم أن الحياة لا تتوقف عند الطلاق , تستطيع هذه المرأة أن تحطم قيود الفشل وتستمر كأي امرأة وتتزوج وتنجب أولادا , وتنسىى الماضي وتستعد بقوة للحاضر , لتكون أمّاً مثالية , لا مطلقة بائسة كما ينظر إليها بعض الناس .. لا أريد أن أذكر الموضوع من جديد فمن أراده فليرجع إليه , إنما أريد أن أقول : أنّا لابد لنا من التغيير ودائما نفكر بالأفضل لنا , ونستعد لحاضرنا , ونتوكل على الله خالقنا , الذي خلق لنا مافي الأرض جميعا وأنبت لنا فيها أقواتنا ومعايشنا , وأخبرنا أن نستمتع بها , ونتذكر شكره ونتقيه ونعبده , فنحن نعبده وهو يرزقنا .
الخلاصة :
التغيير مطلوب من الجميع وللأفضل دائما , لا تسعى لتحليل شخصيتك بدون أن تسعى لتغيير هذه الشخصية للأفضل , فما فائدة أن تعرف الخطأ ولا تحاول اصلاحه ؟؟