حي المنصور(نشأته وتاريخه القريب ) نموذج لتوسع مدينة بغدادفي بداية موضوعي هذا , أود نشر هذه المقدمة المقتبسة من كتاب {حكاية شارع من بغداد} للمهندس الأستشاري المعماري معاذ الالوسي .. وهي :“في بداية الخمسينيات شرعت الدولة العراقية، بواسطة مجلس الإعمار، بتنفيذ خطة إعمارية شاملة شملت كافة نواحي الحياة. هذه الخطة ذات مفعولية مقبولة وواضحة إلى هذا اليوم، يُلتجأ إليها كلما دعت الحاجة إلى أي تخطيط استراتيجي على مستوى القطر، فما زالت متقدمة في أهدافها.
كان المطلوب من مجلس الإعمار آنذاك إعادة تقييم ووضع مخطط هيكلي، يأخذ بالحسبان المستجدات الإقتصادية الجديدة، والأهداف الموضوعة على المستوى القطري. الكثير من التنمويين المتخصصين يطالبون حالياً بمجلس شبيه بذاك المجلس لحلّ مشاكل القطر المستعصية.
من أهم أهداف الخطط التي وضعها مجلس الإعمار هو توفير السكن اللائق لذوي الدخل المحدود والمتدني في كافة أنحاء العراق، والمقصود هو السكن اللائق بمعانيه الواسعة وبكل مستلزماته وحاجاته البشرية. لذا تم دعوة مؤسسة"دوكسيادس" اليونانية الاستشارية ذات التخصص المتميز في مجال الإسكان، لتقديم المشورة في هذا الحقل من خطة الإعمار. هناك من يقول إن الدعوة كانت بموجب ترشيح من قبل المؤسسات الرسمية الأميركية.
في بغداد الموروثة من العهد العباسي الأخير كان حدود التوسع غرباً يتوقف عند نهر الخر وشرقاً عند سدة ناظم باشا، لذا اتخذت المدينة شكلاً طولياً موازياً لنهرهاً، وعلى جانبي نهر دجلة.
سدة ناظم باشا هي حاجز ترابي يقي بغداد من الغرق عند حدوث الفيضانات، وقد حمى دار السلام من الغرق في فيضان نهر دجلة في ,,1954. أزيلت هذه السدة بعد تشييد مدينة الثورة، واستبدلت بحاجز ترابي على بعد خمسة كيلومترات شرقاً.
مخطط المدينة القديم أعد من قبل مؤسسة انكليزية "مونوبريو"، والجديد الخمسيني ( مخطط دوكسيادس) ألغى هذين الحدين، السدة والنهر، وفسح المجال أمام قيام مدن ملحقة هي: بغداد الجديدة، وزيونة، والرشاد، ومن ثم مدينة الثورة شرقاً، والشعلة والمنصور والمأمون والدورة والداوودي غرباً”* ومدن الضباط شرقا وغربا كانت تدعى القاسم.
هذه المقدمة المقتبسة من كتاب الأستاذ معاذ الألوسي , لتعريف السادة القراء بأن جميع المدن والأحياء المذكورة أعلاه ,,, قد تم التخطيط لأنشائها في منتصف الخمسينيات , وقسم منها نفذ قبل سنة 1958 .
كان تخطيط مدينتي الضباط والأف دار في موقعها الحالي , لقربها من معسكر الرشيد والقاعدة الجوية ,وكذلك مدينة اليرموك وحي الوشاش , لقربها من معسكر الوشاش ( متنزه الزوراء حاليا ) , ومعسكر أبوغريب ,, ولكونها خاصة بسكن الضباط وضباط الصف .
كذلك أنتهت في تلك الفترة تصاميم المطار الدولي الجديد ,, وفي موقعه الحالي قرب أبو غريب .
عودة الى بداية نشوء مدينة المنصور , فقد تم شراء مساحات من الاراضي الزراعية من أصحابها في تلك الفترة وفي ذلك الموقع ,, ومن قبل شركة المنصور المساهمة ,, وكان قد بوشر ببناء حي دراغ بعد فرز الأراضي التابعة الى عائلة ال دراغ الكريمة ,, وليبنى حيا نموذجيا في ذلك الوقت , سمي بحي دراغ .
كانت قسم من أراضي المنصور الحالية , قد وزعت على موظفي بنك الرافدين الأهلي , وقسم منها للأطباء ,, ووزارة التربية ,, وللمهندسين ,, وقد سمي حي المهندسين لحد الان ,, وكان يسمى شارع رسام سابقا .
بدأت شركة المنصور وضع التصاميم التخطيطية , لهذه المدينة الناشئة ,, وأنشأت ميدانا لسباق الخيل كان الرائد في المنطقة في زمانه ,, وكانت حظائر الخيول في الموقع الذي أنشأت فيه الأسواق المركزية حاليا .
كذلك تم أنشاء نادي أجتماعي ثقافي عراقي بأمتياز , وبأيعاز مباشر من المرحومين عبد اله ونوري السعيد ,, وذلك سنة 1952 سمي نادي المنصور نكاية بنادي العلوية المؤسس من قبل الأنكليز .
تتميز مدينة المنصور في بداياتها ,, بوجود سواقي كثيرة تمتد بموازاة شوارعها ,,وكانت تأخذ مياهها من نهر الخر ,,كذلك كانت تتميز بوجود مساحات خضراء منسقة ,, تحتوي على أشجار اليوكالبتوس والدفلة والأياس ,, على جوانب شوارعها ,, وفي الجزر الوسطية والتقاطعات . ( كان نقيق الضفادع هو الصوت المميز الجميل ,, ولكن حتى الضفادع هجت وهاجرت ) .
من أول المساكن التي بنيت في المنصور ,, دارين كبيرتان , وليست قصور كما يشاع , واحدة لسكن المرحومات الأميرات شقيقات الوصي عبد اله رحمه الله , والأخرى لسكن شقيقته الأخرى المتزوجة وعائلتها .
سمي الشارع الموازي للدارين بشارع الأميرات ولحد اليوم ,, الشارع هذا مواز لسباق الخيل من جهة الشرق ,,أما من جهة الغرب لساحة السباق,, فكان شارع أخر موازي , ضم مداخل السباق ومداخل نادي المنصور المطلة حدائقه على ساحة السباق مباشرة ,,,
أحتوى نادي المنصور على ملاعب للتنس , مسبح ,وشقق سكنية معدودة للسكن ,قاعة سينما ,مطعم ,بار , سينما صيفية ,وقاعات للجلوس ,وقاعة صغيرة للعب البريدج , وكان هنالك ملعب للغولف في وسط ميدان السباق .(محل هيكل الجامع حاليا ) ... زرعت المساحات المتبقية من ميدان السباق بمحصول الخس .
البداية في أعمار المنصور , وبعد أنشاء السباق والنادي ,, كان أنشاء عمارة سكنية من عدة طوابق , تحتوي على عدد لا بأس به للأيجار ,, وعلى أسواق تعتبر متطورة جدا في ذلك الوقت ولوندري ومركز للبريد في الطابق الأرضي ... كذلك تم أنشاء مركز للشرطة في نفس الموقع .
كان سعر المتر المربع المعروض يتراوح بين نصف دينار ودينار وحسب القطعة ،كانت مساحات قطع الأراضي تتراوح ما بين , الألفي متر والخمسمائة متر ...وحسب التصميم المعد ...
كان يفصل مدينة المنصور عن مدينة المأمون ,, شارع عام هو الشارع الذاهب الى مدن الفلوجة والرمادي ,,, شارع السفارات حاليا كما يسمى ,,,, بنيت مدينة المأمون الحالية قبل المنصور وقد وزعت أراضيها لموظفي الدولة .
بدأ العمران وتشييد الدور في حي المنصور , والمناطق المحيطة به , كأسكان غربي بغداد , والدور السود , ومدينة الوشاش , والداوودي , في منتصف الخمسينيات وأستمر الى نهاية الستينيات ..
شقت الشوارع المبلطة , وأنجزت بقية الخدمات كالماء والكهرباء ,, ألا خدمة واحدة بقيت مشكلة الى منتصف السبعينيات ,, وهي مشكلة مجاري الأمطار والمياه الثقيلة ,, والسبب أرتفاع المياه الجوفية في تلك المنطقة ,, مما سبب مشاكل لسكان تلك المناطق ,,, تم حل هذه المشكلة , بواسطة السيارات الحوضية ( معظمها كان من نوع بيد فورد ) البريطانية .
بدأت تفتح في مدينة المنصور عدد من الأسواق كانت أبرزها أسواق اليرموك , وكانت في الطابق الأرضي من عمارة المنصور كانت هذه الأسواق تبيع أفخر أنواع السكائر والسيكار , والمشروبات , واللحوم ,وغيرها , أي سوبر ماركت ,في مستوى ما هو الان, ولكن بمساحة أصغر,كذلك أفتتحت أسواق رسام ,في حي المهندسين وهي تابعة لعائلة منتجات نبيل المشهورة الان في الأردن حسب ما سمعت ,,,لحقها في بداية الستينيات أسواق النجاة وفي نفس الشارع ,,كذلك كانت أسواق عبد الله الدليمي في مدخل الشارع الذاهب الى الطوايل سابقا ,,وأفتتحت بعدها عدد من المحلات الأخرى داخل الأفرع , منها أسواق الشيخلي للمرحوم أحمد وهيب الشيخلي مختار المنصور السابق ,,, ومحل سنحاريب في الشوارع القريبة من طوايل الخيل ,,, وأسواق عكاظ في سوق عكاظ , وغيرها من الأسواق والمحلات ,,
كذلك أفتتحت عدد من الأفران والمخابز كانت أشهرها أسواق وأفران غسان الحديثة في حي دراغ ,,, وأفران الرافدين , .. كما أفتتحت بعض الخدمات الأخرى ومن أقدمها مكوى المنصور في شارع رسام للمرحوم السيد أبو محمود .... وكذلك عدد من صالونات الحلاقة ومن أهمها توكالون في منتصف الستينيات ..
سيرت ثلاثة خطوط لمصلحة نقل الركاب لخدمة مناطق المنصور .. كان أولها خط 30 ويربط الباب الشرقي بالمنصور ,, وكان يدخل من شارع رسام مقابل كباب نينوى حاليا ,, وقبل تبليط شارع 14 رمضان ,,, ومن ثم الى الشارع الذي في ظهر ثانوية بغداد للبنات ,, لتنتهي المحطة في نهاية الشارع جنب نادي الصيد حاليا ,, ثم يبدأ بالمسير في شارع نادي المنصور والسباق, الى شارع المنصور الرئيسي, ومن ثم تكملة المسير عبر علاوي الحلة ..فجسر الأحرار , فشارع الرشيد , فالباب الشرقي, حيث نهاية المحطة قرب سينما غرناطة .
أما الخط الثاني فكان رقم 50 , وكان يخدم منطقة حي دراغ فقط ويربطها بساحة الشهداء في الكرخ ,, بدلت باصاته, بباصات من نوع نصر مصرية بعد سنة 1963 .
الخط الثالث وهو 57 ,فقد أفتتح بعد تبليط شارع 14 رمضان أوائل الستينيات , ويربط نهاية الشارع من جهة المأمون , بالميدان ,,,,وهكذا ربطت المنصور ,بالباب الشرقي والكرخ والميدان (باب المعظم) , بالمواصلات السهلة والرخيصة ،كانت أجرة الباص خمسة عشر فلسا للدرجة الأولى ( الكراسي الجلدية الأمامية )، وعشرة فلوس للدرجة الثانية ( الكراسي الخشبية الخلفية ) ,, وفي الباصات الأنكليزية ( أي سي ).
كانت الباصات تشغل من قبل طاقم متكامل ,السائق , الجابي , والمفتش الذي يراقب الوقت والألتزام فيه ,, والركاب ممن لا يحملون البطاقات ,,, كان الوقت والالتزام به مهم جدا لباصات المصلحة ,,حيث كانت أوقات الوصول محسوبة بدقة , وكل نصف ساعة أو ساعة ,, ولأعتماد الموظفين والطلاب عليها .... كان المفتش ذو هيبة عندما يصعد فجأة ,, ومن أي منطقة يختارها ,,, حيث ترى الركاب يسارعون الى أظهار بطاقاتهم اليه للتأكد منها ,,, كان هنالك زي موحد للطاقم محترم ,,,,وقطعة معلقة في الباص تقول ( ساعد الجابي بأقل نقد كافي ).
أفتتحت عدة مدارس حكومية وأهلية في المنصور , كانت أولها مدرسة دجلة النموذجية سنة 1956 ,, ومن ثم ثانوية بغداد الأميركية للبنات ,,,ومدرسة المنصور التأسيسية الأهلية ,,ومدارس أخرى حكومية في الستينيات , مثل خولة بنت الأزور , ,و14 رمضان للبنات ,, والرسالة ,, والكفاح العربي , وميسلون ,,,والناصر,ومتوسطة المنصور للبنين وغيرها .
كانت أنوار المطار المدني تلاحظ من قبل سكان المنصور ليلا ,,, وخصوصا أنوار برج المراقبة الأخضر والأبيض ,,, وذلك بسبب المسافات الكبيرة بين البيوت , وعدم وجود أبنية عالية ,, كانت الطائرات المدنية تمر فوقه لدى الأقتراب من الهبوط ,, وتذهب بأتجاه كرادة مريم والكرادة الشرقية ,, لتعود الى وجهتها الأخيرة المطار المدني ,,, كانت صفوف السيارات تقف مقابل معسكر الوشاش , للتفرج على الطائرات عند هبوطها على المدرج ,,, وعلى بعد عشرات الأمتار من مدرج الطائرات .
في باب المعسكر كانت السيارات تقف عند باب النظام ( الباب الرئيسي للزوراء حاليا ) ,, عند رفع وتنزيل العلم مع الموسيقى ( عند الشروق والغروب ),,, وينزل قسم من الركاب للتحية,, ويأخذ السلام من كان لابسا غطاءا للرأس ...
أخذنا واهس الكتابة بعيدا قليلا عن المنصور!!!!!!
كما قلنا سابقا أفتتح نادي المنصور , سنة 1952 ,, وكان من مؤسسيه المرحوم الوصي عبد اله والمرحوم الباشا نوري السعيد وذلك نكاية بنادي العلوية ,,,, تم قبول عدد لا بأس به من الأعضاء ومن سكان هذه المدينة الفتية , كان هذا النادي العريق ,, أجتماعيا وثقافيا بكل معنى الكلمة , أفتتح به أهم المعارض للفن التشكيلي العراقي سنة 1956 ,,
وشارك به عمالقة الفن وأساتذته وهم المرحومين جواد سليم وفايق حسن وأسماعيل الشيخلي وشاكر حسن ال سعيد وخالد الرحال ومحمد غني حكمت وحافظ الدروبي وغيرهم ,,, وكانت بطاقة الدعوة تحتوي على خط سير الباص 30 وأوقات وصوله ومغادرته ,,,
تم زيارة المعرض من قبل المرحوم الشهيد الملك فيصل الثاني والمرحومين عبد اله ونوري باشا السعيد ,,, تم شراء عدد من الأعمال من قبل النادي وتعليقها في مرافقه ، بقيت تلك الأعمال موجودة في قاعات النادي الى منتصف السبعينيات ..الى أن أختفت فجأة بقدرة قادر ؟؟؟
نادي المنصور وأرضه كانت تابعة لشركة المنصور المساهمة , ومؤجرة للنادي بعقد طويل ,,, كان مسكن مدير شركة المنصور المساهمة , المرحوم فخري بكر ( أبو فيض ) ,, في وسط بستان لأشجار الدفلة واليوكالبتوس والذي هو نادي الصيد حاليا ,,, تم أستملاك الأرض وتحويلها في بداية السبعينيات .
كان نادي المنصور يحتوي على قاعة للسينما الشتوية والحفلات ,, وبار على الطراز الأنكليزي مكيف بأقدم يونت في العراق من طراز كارير (بكيج يونت ) ,,وقاعة كبيرة للجلوس ,, مع قاعة صغيرة للعب البريدج , ومكتبة ,,, ومطعم أقل ما يمكن القول عنه , أنه لا يوجد مثله الى اليوم ,,و من ناحية جودة الطعام والنظافة ... كذلك توجد سينما صيفية في جهة الشارع وهي حديقة تتسع لما يقارب الثلاثمائة شخص ,,, ومسبح بأبعاد 11 × 25 متر ومسبح للأطفال .
كان نادي المنصور يعمل جدول شهري لفعالياته ,, ويشمل أسماء الافلام المعروضة للأطفال والكبار ,,, حيث كانت هنالك أدوار للأطفال عصرا ,, وللشباب مساءا وللكبار ليلا ,,يشمل هذا البرنامج أيضا مواعيد لعبة البنكو , وكانت كل ثلاثاء مساءا ,,,,والحفلات الغنائية الغربية والشرقية ,,, وغيرها من الأماسي الشعرية والثقافية المختلفة ...كان مدير النادي المرحوم البير يوسف (أبو طارق ) ومعاونيه البارزين من أكفأ ما شاهدت في هذا التنظيم الأداري المميز .
حدائق نادي المنصور تطل على ميدان سباق الخيل ,,,وكانت أيام السباق الجمعة والأحد والأربعاء ,,,سباق الخيل من المتع الذي لا يعرفها الكثيرون ,, ليس بالمراهنات فقط ,,, ولكن للعالم الخاص به ...
في بغداد ساحة السباق, المسافات تقدر بالميل ,,, تبدأ من أقل المسافات خمس أثمان الميل وهي قرب دار المعلمات حاليا في المنصور ,, والستة أثمان الميل مقابل بيوت الأميرات ,, والسبعة أثمان ,, والميل مقابل عمارة الجادرجي حاليا ,,,والفرة مقابل نادي المنصور (( أي دورة كاملة )) وأطولها الميل والنصف ((الدربي )).وهو يقام مرة أو مرتين بالسنة .....تنقسم الخيول الى أصناف ,, تبدأ بالمبتدئات وتسمى ( الميدن ) وتصنف ,, حسب العمر ثنايا ومسنات ,,, ثم الصنف الثالث ( ترت ) أي ثيرد بالأنكليزي ,, ثم الصنف الثاني ( سكن ) أي سيكوند بالانكليزي ,,, وأخيرا نخبة الخيل الصنف الأول ( الفص كلاص) الفرست كلاس بالأنكليزي ,, لكل من الأصناف أعلاه سباقات ومسافات ومراهنات ,,, المراهنات تتوزع على الون وهو للأول من الخيل ,, والبليس وهو من الأول الى الثالث ,,, والكونيلا وهي معرفة الأول والثاني ,, وهنالك مراهنات أخرى لا يعرفها سوى الفقهاء في العلم !!!!!!!..من أشهر الخيول التي أتذكرها ,, الفرس حمية (( كانت كرية أي صغيرة )) ,, والفرس محاسن بغداد ,, والجواد ضرغام ,, والفرس زمام , وبلو برد ,,, وأخيرا منصور وردة ..
أما أشهر الفرسان الذين أتذكرهم , فهم داود هاشم ,, وحسين عبد الواحد ,, وسعد عبد الله ,, وتركي عطية , وفريد عطية الذي توفى رحمه الله بعد سقوطه ودعسه من قبل الخيل المتسابقة ,, كذلك كان هنالك فارس لبناني أسمه جورج واكد .......
أما أشهر المالكين فكان أل النجيفي وال طبرة ولويس مروكي , والدكتور المرحوم نذير الدبوني ,,والمرحوم سلمان الخلف ,, وغيرهم ممن لا يسعني ذكرهم الان ....
لقد خرجت عن الموضوع الرئيسي ثانية بسبب متعة الكتابة وأرجو العذر من القراء الكرام , ولكن هذا هو جزء من الزمن الجميل ولقسم من الأخوة الكرام مع العلم أني كنت هاويا للخيل ولست مقامرا ...
كانت أرقام الخيول المتسابقة تعرف من ألوان دريسات الجوكية , فمثلا رقم واحد كان يلبس ابيض ورقم أثنين أحمر وهكذا , وليتسنى للجمهور التمييز من بعيد . كذلك مديات الفوز تقاس بأطوال الخيل ورأسها ورقبتها ,أي الفرق بين الفائزين الأربعة الأوائل كمثل , ( رقبة قصيرة , طولين , رأس , بعيد ) , وهكذا .
بقى سباق الخيل في المنصور الى سنة 1993 , حيث تم نقله الى موقعه الجديد في الغزالية, وتمت المباشرة ببناء منشأة الجامع في أرضه في أواخر التسعينيات وبعد الحملة الأيمانية !!!.
بدأ الأعمار يتسارع في مدينة المنصور والأحياء المحيطة بها , ومنذ نهاية الخمسينيات والى نهاية الستينيات , حيث بنيت وتكاملت أحياء الداوودي وأفتتح شارع 14 رمضان , وشارع أبو جعفر المنصور , وغيرها , وكانت تصاميم الشوارع ذات الأربع ممرات ( أي الأربعة شوارع ) , كشارع 14 رمضان في منطقة الأسكان , وشارع أبو جعفر المنصور , والأربع شوارع في اليرموك وزيونة تجربة جديدة في الشرق الاوسط ,لم أرى شبيها لها ألا مؤخرا في ضواحي المدن الأميركية الحديثة , مما يدل على التقدم الهندسي للتخطيط العمراني في ذلك الوقت , أي وقت مجلس الأعمار ورصانة المكاتب الأستشارية أنذاك .
وقد خططت ضواحي أخرى في بغداد مؤخرا , لم تكن بمستوى ذلك التخطيط الجميل , مثل العامرية والغزالية والكفاءات والجهاد وغيرها .
لوجود معرض بغداد في المنصور , فقد تم توسيع الشوارع المؤدية لها , لأستيعاب الزخم المروري أيام المعرض ,تكامل النسيج البنائي والحضري لمدينة المنصور والاحياء المحيطة بها في منتصف الستينيات , حيث ترابطت أحياء المنصور, وحي دراغ , والداوودي , والخارجية, والمأمون, والحي العربي, ودور السود, وحي الخطوط, وصولا الى أسكان غربي شمالا , واليرموك والداخلية جنوبا , وحي الري والقضاة وحي الجامعة والعدل غربا , ومطار المثنى والزوراء شرقا .
بذكر التكامل الحضري والسكاني , كان كل سكان هذه المناطق كعائلة كبيرة واحدة , لم يسأل أحدا جاره عن قوميته أو دينه أو مذهبه,تنامى هذا الشعور وبين كل الأجيال المتلاحقة والى يومنا هذا .
وهذا مثال مررت به أنا شخصيا , فقد كان لي أخوة أعزاء من الديانة المسيحية ,وكنا مجموعة كبيرة من الأصدقاء والأخوة من مختلف التشكيلات(كولة الجيش) , نفتخر جميعا بكوننا عراقيين , في أيام القداس لأعياد الميلاد المجيد وعيد القيامة العظيم , كنا نذهب جميعا الى الكنيسة (عالواهس) , وبقينا عدة سنوات نمارس هذا التقليد المحبب للجميع ,الى فترة نهاية السبعينيات حيث تخرجنا وتزوج العديد منا , وزادت الهموم بالألتحاق بالعسكرية , فأنقطعنا عن الذهاب , في أحدى أيام الثمانينات وكنت مرتديا اللباس العسكري , وعند مدخل أسواق نجاة , قا بلني الأب جبرائيل كاهن الكنيسة معاتبا :
أنا زعلان عليك جدا !!! لماذا لا تأتي الى القداس منذ سنوات , على الأقل في الأجازات !!..
كانت بجانبي السيدة أم ماجد أطال الله عمرها وهي الجارة العزيزة وابناؤها اخواني وأصدقائي وجيران العمر , فضحكت وقالت :
أبونا ما كن هذا مسلم أش يجيبوا للقداس ؟؟!!
فكانت مفاجأة لأبونا جبرائيل وبدأوا جميعا بالضحك وأنا معهم , رحم الله الأب جبرائيل وكل المتوفين من سكان المنصور, وأطال الله أعمار الباقين الذين تناثر أكثريتهم في قارات العالم, وخصوصا في فترة التسعينيات وبصورة أكبر وأقسى بعد سنة 2005,كل الأمل والرجاء أن يجمعهم الله تعالى في بلدهم مستقبلا .
كانت في المنصور شركات خاصة لسيارات الأجرة تملك أحدث سيارات الشفروليت في حينها , وأقدمها شركة المنصور ومن ثم شركة الداوودي , كانت تقدم خدماتها طوال ساعات اليوم وعند الطلب بالتلفون , وكانت بعض سياراتها تحمل لوحة خصوصي .
جميع الأسواق في المنصور كانت لها خدمة التوصيل الى المساكن , وعلى دراجات هوائية أم السلة . وخلال فترة قياسية .
كذلك كانت سيارات الألبان والمشربات الغازية تقدم خدماتها مباشرة للمساكن وللمشتركين فقط .
بدأت الجمعيات والنقابات بالأفتتاح في شارع النقابات والمنصور..
فكانت أولى النقابات هي نقابة الأطباء ونادي الأطباء ومن ثم نقابة المهندسين والأقتصاديين والمحامين والمعلمين والفنانين التشكيليين ولمعظمها ناد خاص ومسبح .
كذلك أفتتحت عدة نوادي في السبعينيات منها , المصارف , التعارف للأخوة المندائيون , الجامعيين لأساتذة الجامعات , وغيرها .
أزدادت عدد خطوط النقل في الستينيات , فأضيفت بعض خطوط مصلحة نقل الركاب وكذلك نشطت ( الصواريخ ) أي سيارات الفورد تاونس والتي أستبدلت بالكيات حاليا , وكانت تمشي مع خطوط الباصات 30 الى الباب الشرقي ,أو الى العلاوي , وكانت أجرتها خمسة وعشرون فلسا .
كانت في شارع المنصور الرئيسي ساحتان ( فلكتان ) , الأولى عند تقاطع عمارة الجادرجي حاليا , والثانية عند تقاطع بنك الرافدين , وتوجد على طول الشارع جزرة وسطية مزروعة بأشجار الدفلة والأياس, كذلك كانت الساحتين محاطة بسور مشذب من أشجار الأياس ومزروعة بالثيل في وسطها , لم تخلو تلك الفلكتين من وجود سيارات داخلها وذلك بعد حفلات رأس السنة وأيام الضباب , حيث كان السواق ( الصاعدة عدهم شوية ), يعجبهم تجربة القفز فوق أشجار الأياس وعلى صوت أنغام أم كلثوم أو ديميس روسيس .
أفتتحت عدد من المطاعم في المنصور كان أهمها مطعم تاجران والذي أصبح كافتيريا المنصور بعدها بعد أن تم تسفير أصحابه ظلما, كون لا علاقة لهم بالسياسة ,ابنهم موفق كان صديقي وأخي , كذلك مطعم شط العرب الذي لايزال قائما للأخ سعد , ومطعم كباب السليمانية , ومطعم فاروق , ولحم بعجين المنصور الشهير قرب نادي الكرخ , وغيرها .
كذلك تم أفتتاح عدد كبير من الصيدليات كانت أولها في حي دراغ وكذلك عدد من العيادات الطبية كان من أولهم والدي الدكتور فاروق الالوسي , والدكتور المرحوم غازي جاسم الهبش , والدكتور يشكر الشهواني, والدكتور طاهر العاني ومن ثم أصبحت المنصور و14 رمضان مركزا طبيا مهما في بغداد ,( فقد العراق الطبيب الجراح الأستاذ الأنسان الشهيد محمد العلوان ) في المنصور العام الماضي ,وهو من سكنة المنصور الأصلاء .
بالنظر لنظافة وجمال منطقة المنصور وضواحيها , فقد أختيرت مكانا لأغلب السفارات العربية والأجنبية ومركزا لكثير من الشركات والدوائر الحكومية المهمة .
لم ترى المنصور أي حوادث أجرامية أو سياسية تذكر, طيلة خمسة عقود من أنشاؤها , ما عدا جريمة أبو طبر الأولى في بيت عائلة الحمامي الكريمة في نهاية شارع نادي المنصور , وقد سمعت أن رب العائلة قد أتهم بالجريمة وعذب المسكين وهو الرجل الوقور الى أن أعترف بالجريمة , وبعدها ثبتت برائته , لم أتأكد من الخبر من مصدر مستقل وبالتأكيد سوف نعرف الحقيقة من الأخ الكريم الدكتور أكرم المشهداني المحترم . كذلك كانت هنالك جريمة بقتل أمرأة بقيت غامضة لحد اليوم .
في سنة 1978 تم أستعارة بعض الدور من أصحابها لأسكان الزعماء العرب فيها , وتم أسكان أصحاب الدور في عدد من الفنادق , تم تأثيث كل الدور بأفخر أنواع الأثاث والسجاد وتركه لأصحابها بعد أنتهاء القمة .
أعطت المنصور العديد من الشهداء الأخوة والأصدقاء وكما حال بقية العراق , كذلك تم قصفها في الحرب العراقية الايرانية بصاروخ أرض _ أرض , وتأثرت بصورة كبيرة بالقصف في حرب التسعين وسنة 1993 والحرب الأخيرة المؤلمة التي أنتهت بأحتلا ل العراق البغيض . ولكن الحالة الأتعس والأسوأ من كل شئ هي الحرب الطائفية بعد الأحتلال وحالات الخطف والتهديد للأناس المسالمين , وهي حالات دخيلة وهجينة على مجتمعنا , وقد ساهم بها كل من لا ينتمي للعراق بأصالته وأهله وعزه مهما يكن .