تكرار العمرة

تكرار العمرة
تكرار العمرة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن موضوع تكرار العمرة موضوع يعتمد مفاهيم عدة :
1- الأصل بالأشياء الإباحة .
2- أحكام الأمور المسكوت عنها .
3- المرات التي أنشأ بها رسولنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم العمرة نفلاً .
4- العمرة بين الوجوب والسنية في التشريع .
إن الأئمة الأربعة رضي الله عنهم قد تعرضوا لهذا الموضوع ؛ وكما أن جملة من الصحابة الكرام قد تعرض لهذا الموضوع ؛ فعلى سبيل الإجمال ؛ منهم من سمح بالتكرار تبعاً للدخول إلى مكة حرسها الله ؛ ومنهم من جعل ضابطه نبات شعر الرأس بحيث يصدق عليه مسمى الحلق عند التحلل ؛ وبعضهم جعل سنيتها مندوبة لمن هو خارج الميقات على الإطلاق ؛ وللأهلها إذا خرج خارج حدود المواقيت المشروعة ودخل ؛ ويعزم على أهلها كثرة الطواف حتى قال بعضهم : من لم يطف في الحرم من أهلها كل يوم مرة على الأقل فهو المحروم ؛ وكذا شرب زمزم ؛ وكذا صلاة الجماعة فيه .
وقد ورد عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه :أنه كان يعتمر في كل سنة نحواً من ثلاث مرات .
وقد سمعت من بعض المتحدثين في الحرم : أنه يقول : أن تكرار العمرة لمن قدم بعمرة واحدة (الأفاقي) من التنعيم أو غيره هو عبث بالعبادة ، وهذا مجانف للحق . فالعدل أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل أساسها أنها نافلة ؛ والحديث القدسي ((وما تقرب إلي عبدي بالنوافل حتى أحبه ؛ فإذا أحببته كنت ....))
وكما ورد في الحديث ان الطواف صلاة ؛ وقد نهى الحبيب قريش أن تمنع أحداً طاف بليل أو نهار ؛ فيتين لك أخي المسلم أن كلام أبي هريرة : أنه لايضيرني أختمت شفعاً أم وتراً ؛ ما دمت أعلم أنه من تقرب إلى الله بسجود باعد الله بينه وبين النار ؛ كما بين المشرق والمغرب ؛ لذا تتظاهر الأدلة على أن المطلق بالصريح لايقيده كلام أحدنا بظن لايستقيم فيه التقيد ؛ وقد كان عمله صلى الله عليه وسلم ديمة ؛ وهذا مسكوت عن كثرة التكرار؛ مندوب بسب قدوم ودخول الميقات ؛ والمسكوت عنه ليس لأحد أن يمنع منه للتشهي ؛ وإن الله لايمل حتى تملوا ؛ والرسول صلى الله عليه وسلم مشرع كرر للتشريع وبيان الجواز ؛ ولم يكثر حتى لايحرج الأمة . عموماً بالنسبة لمن يسأل عن أبواب الخير ؛ فقد قال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فيما يرويه عن ربه جل وعلا في الحديث القدسي الشهير ماتقرب إليَّ عبدي بأحب مما افترضته عليه ؛ ومايزال يتقرب إلي عبدي بالنوافل حتى أحبه ؛ ...) والفرائض معلومة من أحاديث أركان الإسلام عن حبيبنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في حديث الشهير الذي كانت نهايته :" هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم "
لذا فالفرائض لا يتركها عاقل ؛ كما جاء في حديث الأعرابي :" والله لاأزيد على ذلك ولا أنقص " فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : أفلح الأعرابي إن صدق ..
والنوافل إذاً وهي التي تأتي في المرتبة الثانية بعد الفرائض -والتي لابد للمقصر والمستزيد الإتيان بها - هي كل مسنون نبوي مشار إليه من جنس الفرائض من المندوبات التي حض عليها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ... وهي نوعان : منصوص عليه مشار إليه بالرواتب والأحاديث الصحاح ؛ ومطلق من النوافل بالعموم لكنه خاضع لأوقات النهي كقيد في الترك ؛ وندب في خارج أوقاته ؛ والإتيان بها هو شرط هذا الحديث القدسي ؛ ...حتى أحبه ؛ فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ....!!
وفقنا الله تعالى إلى مايحبه ويرضاه ؛ وهذا بالعموم وأما بالخصوص ؛ فموضوع تكرار العمرة هنالك فيه بحث سخي واسع قام به أحد العماء الأفاضل مطبوع ضمن منشورات جامعة أم القرى ؛ وهو بحث ممتاز جداً جداً ؛ ويعتمد على أقوال الفقهاء يقارن بينها مستنداً إلى الدليل والاستدلال الواعي والاستنباط الشرعي الأصولي المبني على الوضوح والحجة القوية والبرهان ..
وكأن الكاتب على ما أذكر يخلص إلى جواز التكرار بمقدار نبت الشعر بعد الحلق بمقدار يمكن بعده الحلق بشكل ملحوظ بالنسبة للرجال ؛ وقدر ذلك بنحو من عشرة ايام حتى خمسة عشر يوماً وسطياً ..
وقد سمعت فتوى للشيخ محمد صالح المنجد يحفظه الله لسائل عن تكرارها في رمضان بأنه أجاز له ثلاث عمرات في أوله وأوسطه وآخره ؛ والله المستعان والحمد لله رب العالمين
وبالله التوفيق . ومن عنده استزادة فجزاه الله خيراً