فائدة
قال الشيخ تقي الدين في الجزء الأول من (( الرسائل )) (ص59)
وأصل ذلك: أن المقالة التي هي كفر بالكتاب أو السنة أو الإجماع يقال: (( هي كفر )) قولاً يطلق؛ كما دل على ذلك الدليل الشرعي؛ فإن الإيمان من الأحكام المتلقاة عن الله ورسوله؛ ليس ذلك مما يحكم فيه الناس بظنونهم وأهوائهم ، ولا يجب أن يحكم في كل شخص قال ذلك بأنه كافر،حتى يثبت في حقه شروط التكفير، وتنتفي موانعه؛ مثل من قال: (( إن الخمر أو الربا حلال لقرب عهده بالإسلام، أو لنشوئه في بادية بعيدة، أو سمع كلاماً أنكره ولم يعتقد أنه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كما كان بعض السلف ينكر أشياء حتى يثبت عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك، وكما كان الصحابة يشكون في أشياء ؛ مثل رؤية الله، وغير ذلك ؛ حتى يسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومثل الذي قال: (( إذا أنا مت ، فاسحقوني وذروني في اليم؛ لعلي أضل عن الله تعالى))(12) ونحو ذلك ، فإنهم لا يكفرون حتى تقوم عليهم الحجة بالرسالة؛ كما قال تعالى: ( لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )(النساء: 165) ، وقد عفا الله لهذه الأمة عن الخطأ والنسيان، رحمة كبيرة.
فائدة
شروط الاستجمار تسعة
تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: شروط للمستجمَر فيه، وهو أن يكون فرجاً ، وأن يكون أصلياً.
القسم الثاني: للمستجمَر عنه، وهو أن لا يجاوز محل العادة، وأن لا يجف قبل الاستجمار.
القسم الثالث: للمستجمَر به، وهو خمسة:
طهارته.
وإباحته ؛ فلا يجزئ بمحرم لحقّ الله؛ كمطعوم، وكتب محترمة ، أو لحق آدمي؛ كمغصوب.
وإنقاؤه؛ بحيث يعود آخر مسحة خالياً؛ فلا يجزئ بغيره؛ كزجاج ورطب، ويجزئ بتراب.
وأن لا يسبقه استجمار بمحرم.
وتكريره ثلاثاً؛ فلو أنقى بأقل، وجب إكمال مسحه ثلاثاً.
فائدة
الأشياء النجسة أقسام
القسم الأول: ما ليس بحيوان ولا منفصل منه، وهو الخمر والعصير إذا أتى عليه ثلاثة أيام أو غلا، وفي هذا القسم خلاف صحيح قوي جداً.
الثاني: الحيوان، وله حالتان:
الحال الأولى: حياة، والحيوان فيها قسمان:
الأول : ما كان محرم الأكل، وخلقته أكبر من الهر، فهو نجس إلا الآدمي.
الثاني: الطاهر، وهو ما سوى ذلك.
الحال الثانية : موت ، فهو فيها ثلاثة أقسام:
الأول: الآدمي ، وحيوان البحر المباح، وما لا يسيل دمه إذا تولد من طاهر.
الثاني : ما كان نجساً في حال حياته؛ فهو نجس بعد مماته.
الثالث: ما كان طاهراً في الحياة؛ فهو نجس ؛ سوى أنه يباح الانتفاع بجلده في يابس بعد دبغه، وشعره ونحوه طاهر.
فصار هذا القسم ثلاثة أنواع:
نجس: لا يباح الانتفاع به، وهو ما سوى الجلد والشعر.
ونجس: يباح الانتفاع به، وهو الجلد ، والمصران، والكرش إذا جعلا وتراً.
وطاهر: وهو الشعر ، ونحوه.
القسم الثالث من أنواع النجس: الخارج من الحيوان، وهو نوعان:
الأول: أن يكون من نجس في الحياة؛ فجميع ما يخرج منه نجس.
الثاني: أن يكون من طاهر في الحياة؛ فهذا ثلاثة أقسام:
الأول: العرق، والريق، والخارج من الأنف ؛ فطاهر.
الثاني: الدم وما تولد منه من قيح ونحوه:
فإن كان مما ميتته طاهرة، أو بقي بعد الذبح في العروق: فطاهر إلا من الآدمي.
وإن كان مما سوى ذلك ، أو آدمي: فنجس ، يعفى عن يسيره في غير مائع ومطعوم.
الثالث: ما خرج من جوفه من بول، وروث ، ولبن، ونحوها؛ فإن كان من مباح الأكل: فطاهر، وإلا فنجس إلا مني الآدمي ولبنه.
القسم الرابع من أنواع النجس: ما أُبِين من حي؛ فهو كميتته سوى المسك ، وفأرته ، والطريدة.
فائدة
النفاس يفارق الحيض في سبعة أشياء
الأول: أنه لا يحصل به البلوغ.
الثاني: لا تحتسب مدته على المُولي.
الثالث: أنه يكره الوطء في مدته بعد الطهر.
الرابع: أنه إذا عاد بعد انقطاعه في مدته، فمشكوك فيه.
الخامس: أنه لا يحتسب به في العدة.
السادس: أنه لا حد لأقله.
السابع: ليس له سن معينة.
فائدة
الناس في الجمعة أربعة أقسام
الأول: من تلزمه بنفسه، وهو كل ذكر، مكلف، مسلم ، حر، مقيم ببلد أقيمت فيه إقامة استيطان.
الثاني: من تلزمه بغيره، وهو كل مسافر لا يقصر ، ومن خارج البلد وبينه وبين موضعها فرسخ فأقل، وحكمه كالأول إلا أنها لا تنعقد به، ولا يصح أن يؤمّ فيها.
القسم الثالث: من يلزمه فعلها إن حضرها وهو من تلزمه بنفسه أو بغيره إذا قام به عذر يمنع وجوبها.
الرابع: من لا تلزمه بنفسه، ولا بغيره، وهم من سوى هؤلاء.
فائدة
الدَّيْن المضاف إلى العبد أنواع
الأول: ما تعلق بذمته، وهو ما أقر به ولم يصدقه السيد، فيطالب به بعد العتق.
ومن ذلك : ما إذا غرّ برقيقة تزوجها ظاناً أو شارطاً حريتها؛ فولدت منه؛ فولده حر يفديه بقيمته يوم ولادتها إذا عتق؛ لتعلقه بذمته؛ كما صرحوا به في الشروط في النكاح.
ومن ذلك أيضاً : ما إذا زوّج عبده بأمته؛ فإن للسيد المهر يؤديه إذا عتق على المذهب ، وعنه: لا مهر ، وعنه: يجب ، ويسقط ، ذكروا ذلك في الصداق.
الثاني: ما تعلق بذمة سيده، وهو ما استدانه بإذنه أو صدّقه فيه؛ فيطالَب به السيد.
الثالث: ما تعلق برقبة العبد ، وهو ما استدانه بلا إذن سيده، أو لزمه بجناية ؛ فهذا النوع يخير فيه السيد بين ثلاثة أمور:
الأول: أن يبيعه ويسلّم الثمن صاحب الدين.
الثاني: أن يفديه بأقل الأمرين من قيمته وجنايته.
الثالث: أن يسلّمه إلى ولي الجناية ؛ فيملكه.
النوع الرابع: ما تعلق بكسبه ، وذكروه في جناية الموقوف على غير معين خطأ.
الخامس: ما لا يجب في شيء من ذلك؛ بل في أمر خارج ، وهو جناية المغصوب؛ فإنها تلزم الغاصب.
السادس:أن تكون هدراً ، وهي جناية المغصوب على مال غاصبه أو نفسه في غير قوَدٍ.
فائدة
السائمة تفارق غيرها في أمور
الأول: تقدير أنصبائها ابتداء وانتهاء، ويتفرع على ذلك.
الثاني: أنه لاشيء في الوقص ، وهو ما بين الفرضين، ويسمي العفو.
الثالث: أنه إذا فرقها مسافة قصر ولا فرار، فلكل مكان حكم منفرد: فلو فرق مائة وعشرين شاة في أربعة مواضع ، بين كل واحد منها المسافة، فلا زكاة فيها.. وإن فرقها في ثلاثةٍ كذلك: ففيها ثلاث شياه ، وإن لم يفرقها كذلك كذلك: ففيها شاة واحدة.
الرابع: أن الخلطة تؤثر فيها، بخلاف غيرها.
فائدة
يختص كل نوع من أنواع السائمة بخصيصة
أما الإبل : فتختص بالجبران، وهو ما يدفع جبراً لنقصان السن عن الواجب إذا لم يكن في ماله، أو يؤخذ في مقابلة زيادة سن.
فلو دفع عن بنت مخاض بنت لبون: فله الجبران.. وإن كان بالعكس: دفعها ودفع الجبران، لكن لو دفع عما عليه سنا لا يجب مثله في الزكاة، كما لو دفع ثنية عن جذعة: فلا جبران.
وأما البقر: فتختص بإجزاء الذكر فيها في الثلاثين وما تكرر منها، ولو مع وجود الأنثى وأما الغنم : فتختص بأجزاء الصغار منها إذا كان النصاب كله صغاراً، أما الإبل والبقر:فقد قدر الشارع فيها أسنان الواجب، فلا نتعداه.فائدة
الخلطة نوعان
الأول : خلطة أعيان؛ بأن تكون السائمة لاثنين فأكثر على وجه الشيوع.
الثاني: خلطة أوصاف ، بأن يتميز ما لكل واحد، ويشتركان في خمسة أمور جمعت في قوله:
إن اتفاق فحل مسرح ومرعى°°° ومحلب المراح خلْط قطعا
الأول: الاشتراك في الفحل بأن لا يختص بطرق أحد المالين إذا كانا من نوع.
الثاني: المسرح، وهو ما تجتمع فيه للذهاب إلى المرعى.
الثالث: المرعى، وهو موضع الرعي ووقته.
الرابع: المحلب، وهو موضع الحلب.
الخامس: المَراح، وهو المبيت والمأوى.
فائدة
شروط الخلطة نوعان
عامة، وخاصة:
فالعامة ستة:
الأول: أن تكون في ماشية؛ فلا أثر لها في غيرها على المذهب، ورجح الشيخ عبد العزيز بن باز تأثيرها في غيرها، قلت: وهذا أظهر؛ ولكن في الأموال الظاهرة فقط.
الثاني: أن يبلغ المجموع نصاباً.
الثالث: أن يكون الخلط بفعل مالك، وظاهر كلامهم: ولو مكرهاً، وقد صرحوا بصحته ولو مع جهل المالك، كما لو اختلطت بفعل راع ولم يعلم المالك.
الرابع: أن يستمر الخلط جميع الحول، فلو ثبت لأحدهما حكم الانفراد ولو في بعض الحول، انقطعت الخلطة، فلو مات الخليط في أثناء الحول، ابتدأ حولاً جديداً في الخلطة، فإذا تم حولها الأول، زكاها زكاة انفراد.
الخامس: أن يكون الخليطان من أهل وجوب الزكاة.
السادس: أن لا يكون فراراً.
أما الشروط الخاصة: فهي شروط خلطة الأوصاف ، وقد تقدمت.
فائدة
أما نصاب الحبوب والثمار : فإنه أربعمائة وزنة، وإحدى وستين وزنة، ونصف وزنة، ووزن ريالين من الفرانسا، ويعتبر هذا الوزن بالبر الرزين؛ فيُجعل أوعيةً تسَع هذا المقدار ، ثم يكيل بها.
وأما نصاب العسل : فست وأربعون وزنة، ووزن ثمانيةأرْيِل فرانسية.
وأما نصاب الذهب: فإنه أحد عشر جنيهاً عربياً وثلاثة أسباع جنيه، أو وزن ذلك؛ فإن زنة الجنيه الواحد مثقالان إلا ربعاً(13) ، ولا غش فيه على ما ذكره الشيخ ابن باز نقلاً عن الخبراء بذلك.
وقيل: بل فيه غش ومقدار هذا المبلغ في الدراهم زنة ثمانية أريل عرية.
وأما نصاب الفضة: فهو من الفرانسي ثمانية وعشرون ، ومن العربي اثنان وستون ريالاً وتُسْع ريال، لأن مقدار الغش في الأول : سدس ، وفي الثاني: عشر ، وزنة الأول بغشه: ستة مثاقيل ، والثاني بغشه: مثقالان ونصف(14).
_____
(13) وزنة الجنيه بالدراهم الإسلامية: درهمان ونصف، وقد حررته بالدراهم والمثاقيل، فبلغ النصاب- كما في الأصل-: أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع جنيه، ولله الحمد.
(14) هذا ما كنا نذهب إليه من قبل في مقدار نصاب الذهب والفضة، ثم تبين لي - بعد- صحة كلام شيخ الإسلام في أن النصاب معتبر بالعدد لا بالوزن، وهو عشرون ديناراً في الذهب، ومائتا درهم في الفضة في كل زمان بحسبه.
فائدة
الحبوب إذا تلفت فلها ثلاث حالات
الأولى: أن يكون قبل وقت الوجوب؛ فلا زكاة فيها إلا أن تكون من فعل المالك فراراً.
الثانية: أن يكون بعد وقت الوجوب؛ وقبل الاستقرار ، فإن كان بتفريطه، لزمته الزكاة؛ وإلا فلا.
الثالثة: أن يكون بعد الاستقرار؛ فلا تسقط الزكاة بحال.
فائدة
من الفروق بين الركاز وغيره
(أ) لا يشترط لوجوبه الإسلام؛ فيجب على الذمي إخراج ما وجب فيه.
(ب) لا يشترط فيه الحرية، فيجب على المكاتَب.
(ج) لا يشترط بلوغه نصاباً.
(د) أن الدّيْن لا يؤثر فيه ولو كان مستغرقاً.
(هـ) أنه يصرف في المصالح ما وجب فيه.
(و) أنه عام في جميع الأموال؛ وهذا فيه نظر؛ فإن المعدن مثله.
فائدة
الناس في صيام رمضان أقسام
الأول: من يلزمه أداءً، وهو المسلم ، المكلف ، القادر شرعاً وحساً.
الثاني: من يلزمه القضاء ، وهو من قام به عجز حسي؛ كمرض ، أو شرعي، كحيض، ونفاس، ومن مظنة الحسي السفر.
الثالث: من يلزمه الإطعام فقط، وهو الكبير، ومن به عجز لا يُرجى زواله.
الرابع: من يلزمه الإطعام والقضاء ؛ وذلك في صورتين:
الأولى: إذا أفطرت الحامل أو المرضع خوفاً على الولد فقط ؛ فعليهما القضاء ، وعلى من يمون الولدَ الإطعامُ.
الثانية: إذا أخر قضاء رمضان إلى ما بعد رمضان آخر بلا عذر، فإن مات في هذه الحال، لم يلزم إلا إطعام واحد فقط على المذهب.
الخامس: من لا يلزمه شيء، وذلك إذا سافر أهل القسم الثالث؛ قاله الأصحاب؛ وفيه نظر ظاهر، وهو مخالف للكتاب والسنة ، والصواب في ذلك : أن عليهم الإطعام فقط؛ كما لو لم يسافروا؛ هذا هو الحق بلا ريب، والله أعلم .
------------
(12)رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء(3478، 3479)، ومسلم، كتاب التوبة (2756،2757).