حر الصيف الشديد .. العبر والعظات والأحكام محمد رفيق مؤمن الشوبكي
حر الصيف الشديد .. العبر والعظات والأحكام محمد رفيق مؤمن الشوبكي
حر الصيف الشديد .. العبر والعظات والأحكام محمد رفيق مؤمن الشوبكي
حر الصيف الشديد .. العبر والعظات والأحكام محمد رفيق مؤمن الشوبكي
الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولداً، ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيءٍ فقدره تقديراً، والصلاة والسلام على من بعثه الرحمن رحمة للعالمين وهادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد سبحانه إنه كان على كل شيء قديراً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
صلى عليك الله يا علم الهدى واستبشرت بقدومك الأيام
هتفت لك الأرواح من أشواقها وازينت بحديثك الأقلام
أما بعد:
عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى ولزوم طاعته، وأحذركم وإياها من عصيانه ومخالفة أمره، فالتقوى هي أمر من الله للناس أجمعين، قال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً " (سورة النساء:1)، وهي أمر من الله لعباده المؤمنين، قال تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ " (سورة آل عمران:102)، وهي أمر من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً " (سورة الأحزاب:1).
ثم أما بعد؛
نعيش في هذه الأيام في أشد فصول العام حرارة، بل نعيش في أشد أيام الصيف حرارة، حرٌ شديدٌ يعاني منه الناس معاناة شديدة، خاصة في بلادنا التي نعاني فيها من الحصار وانقطاع الكهرباء، نسأل الله أن يكتب لنا أجر الصابرين الذين يوفون أجورهم بغير حساب.
وإن المؤمن يعيش حياته دائم التفكر والاعتبار، فعندما يتفكر في تقلب الليل والنهار، والشهور والأعوام، والصيف والشتاء والخريف والربيع، يؤدي عبادة عظيمة يُؤجر عليها، ألا وهي عبادة (التفكر في خلق الله تعالى).
وإن التفكر والاعتبار من صفات أولي الأبصار والألباب، قال تعالى: " يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ" (سورة النور:44)، وقد ذكر الله لنا في كتابه صفات أولي الألباب أي أصحاب العقول والأفهام والنيرة ومنها التفكر في خلق الله تعالى، قال الله جل وعلا: " الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" (سورة آل عمران:191).
وإن شد حر الصيف الذي نعيشه يذكرنا بموقفين عظيمين، وهما:
الموقف الأول: إن شدة حر الصيف يذكرنا بِحَرِّ موقف يوم القيامة:
يوم القيامة ذلك اليوم العظيم الذي مقداره خمسون ألف سنة، في ذلك اليوم تدنو الشمس من رؤوس الخلائق، كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَد رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " تُدْنَى الشَّمْسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْخَلْقِ حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ"، قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ –وهو التابعي الذي روى الحديث عن المقداد بن الأسود: فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يَعْنِي بِالْمِيلِ أَمَسَافَةَ الْأَرْضِ أَمْ الْمِيلَ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ، قَالَ: "فَيَكُونُ النَّاسُ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِي الْعَرَقِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيْهِ –أي خاصرتيه-، وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ الْعَرَقُ إِلْجَامًا "، قَالَ : وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ ".
والميل عباد الله لو كان بمسافة الأرض فإنه يقدر بــــــ(1848 متراً)، أما الميل الذي تكتحل فيه العين فهو الحديدة التي توضع في المكحلة وهي (أقل من إصبع)، وعلى كلا الحالين فإن المسافة قريبة جداً، فالشمس تبعد عنا ما يقرب من (000,600,149كم)، وعلماء الفلك يقولون: لو أن الشمس اقتربت بمقدار يسير لاحترق كل ما على الأرض، ولو ارتفعت قليلاً لتجمد كل ما على الأرض، فسبحان الله العظيم.
وفي يوم القيامة عندما تقترب الشمس من رؤوس الخلائق لا يموتون بأمر الله تعالى، وإنما يكون العرق منهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حَقْوَيْهِ –أي خاصرتيه-، ومنهم من يُلجمه العرق إلجاماً )وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه(، أي: يصل عرقهم إلى الفم وحدود الأذنين، نسأل الله العافية.
وأخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الْأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ ".
وفي معنى (يذهب عرقهم في الأرض): قيل: أي يغور ويغوص في الأرض، وتشربه الأرض إلى سبعين ذراعاً أي ما يزيد عن ثلاثين متراً. وقيل: أي يسيل على وجه الأرض سبعين ذراعاً، والمعنى الأول أشهر.
وفي أثناء هذا الموقف العصيب يكون أناس في ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، أصناف تكون في ظل ظليل يوم أن تدنو الشمس من رؤوس الخلائق، أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ –ويشمل الحاكم والسلطان والوزير والقاضي والمدير وكل من ولي من أمر المسلمين شيئاً فعدل-، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ".
ومن الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، من أَنْظَرَ مدينه المعسر الذي لا يستطيع السداد، أو أسقط الدين من ذمته، أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي اليَسَر الأنصاري رضي الله عنه، أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: " مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ "، وفي رواية أخرى بزيادة: (يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ).
فيا أيها المؤمنون من كان له دين على أخيه المعسر فليسامحه لوجه الله تعالى، أو ليؤخره حتى يوسر فيسد الدين، طمعاً في أن يكون من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
الموقف الثاني: إن شدة حر الصيف يذكرنا بشدة حر نار جهنم:
أتعلمون عباد الله ما السبب الشرعي لشدة حر الصيف الذي نلقاه، إن شدة ما نجد من الحر في الصيف هو من نَفَس جهنم والعياذ بالله، أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا، فَقَالَتْ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الْحَرِّ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنَ الزَّمْهَرِيرِ ".
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ " (رواه البخاري ومسلم).
إذا كانت شدة الحر في الصيف من نفس جهنم، فكيف يكون لهيبها وعذابها؟ وكيف يكون حال من كانت النار مسكنه ومقامه ومستقره، والعياذ بالله؟
رغم ما نجد من شدة الحر في دنيانا، علينا أن نتذكر أن نار جهنم -والعياذ بالله- هي أشد حراً، قال تعالى: "وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ" (سورة التوبة:81)، بين الله -تعالى- لنا في هذه الآية كيف كان المنافقون في غزوة تبوك يثبطون بعضهم بعضاً عن الخروج للجهاد، ويقول بعضهم لبعض: " لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ"، فقال الله لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: قل لهم، يا محمد أن نار جهنم أشد حرًّا من هذا الحرّ الذي تتواصون بينكم أن لا تنفروا للجهاد فيه.
إن نار جهنم -والعياذ بالله- ليس كنار الدنيا، بل إن نار الدنيا هي جزء من سبعين جزءاً من نار الآخرة، أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " نَارُكُمْ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً، قَالَ: فُضِّلَتْ عَلَيْهِنَّ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّهُنَّ مِثْلُ حَرِّهَا ".
وإن نار جهنم ليست كنار الدنيا حمراء، بل هي سوداء قاتمة مظلمة أشد سواداً من الزفت -والعياذ بالله-، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: " تَحْسَبُونَ أَنَّ نَارَ جَهَنَّمَ مِثْلُ نَارِكُمْ هَذِهِ، هِيَ أَشَدُّ سَوَادًا مِنَ الْقَارِ " (رواه البيهقي وصححه الألباني).
ونحن في شدة الحر أيها الكرام عن ماذا نبحث ؟ ، نبحث عن الهواء البارد، والماء البارد، وظل نستظل فيه من حرارة الشمس، أتعلمون -عباد الله- ما هواء أهل النار وماؤهم وظلهم؟ الجواب في قوله تعالى: " وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ، فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ، وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ، لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ " (سورة الواقعة:41-44).
والسموم -عباد الله-: هو هواء ساخن حارق يلفح الوجوه، ويشوي الأجسام.
والحميم: هو ماء شديد الغليان لا يروي ولا يبرد، ماء يقطع الأمعاء، قال الله -تعالى-: "وسٍقٍوا مّاءْ حّمٌيمْا فّقّطَّعّ أّمًعّاءّهٍمً "(سورة محمد:15).
واليحموم: هو الدخان الأسود الحار اللافح الخانق، والعياذ بالله.
وبالمقابل أهل الجنة في نعيم مقيم لا يضرُّهم حرٌّ ولا برد، بل جميع أوقاتهم في ظل ظَلِيل، ونعيم دائم لا ينقطع، قال -تعالى- في حقهم: " وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا " (سورة النساء:57)، وقال في وصف جنتهم: " مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلاَ زَمْهَرِيرًا " (سورة الإنسان:13)، وقال -تعالى- أيضاً: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ" (المراسلات:41)، وقال أيضاً: "تلك الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّار" (سورة الرعد:35).
وإن من نعيم الجنة العظيم الظل الممدود الذي فيها، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا، وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) سورة الواقعة آية 30 " (رواه البخاري ومسلم).
سبحان الله العظيم شجرة يسير الراكب الجواد السريع في ظلها مائة عام ولا يقطعها، نعيم لا تستطيع عقولنا القاصرة تخيله وتصوره.
عباد الله، الجنة والنار محلان ما للمرء غيرهما ، فاختر لنفسك أي الدار تختار ؟
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم ...
يتبع الخطبة الثانية بإذن الله -تعالى-.
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن سار على الدرب واقتفى، ثم أما بعد؛
عباد الله تعالى، في شدة هذا الحر أذكر نفسي وأذكركم بأعمال وطاعات تنفعنا عند الله تعالى:
أولاً: الإكثار من الاستعاذة بالله من عذاب النار:
فإن نبيكم -صلى الله عليه وسلم-، كان يكثر الاستعاذة من النار، ويدعو بأن يقيه الله منها، فعَنْ أَنَسٍ بن مالك -رَضي اللَّه عنْهُ-، قَالَ: " كانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النبيِّ -صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم-: اللَّهُمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وفي الآخِرةِ حَسنَةً، وَقِنَا عَذابَ النَّار " (رواه البخاري ومسلم).
وقد جاء في حديث صحيح أن مَن سأل اللهَ الجنةَ ثلاث مرات دعت له الجنة بأن يدخله إياها، وأن من استجار بالله من النار ثلاث مرات دعت له النار بأن يجيره منها، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَتِ الْجَنَّةُ: اللَّهُمَّ أَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَمَنِ اسْتَجَارَ مِنَ النَّارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَتِ النَّارُ: اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنَ النَّارِ " (رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني).
وإن من صفات عباد الرحمن الذين مأواهم الجنان، أنهم يدعون الله تعالى أن يصرف عنهم عذاب جهنم، قال -تعالى-: " وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً، إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا " (سورة الفرقان:65-66).
وإن الدعاء بسؤال الجنة والاستعاذة من النار هو من الأدعية التي يسن قولها بعد التشهد في الصلاة وقبل التسليم، فعن أبي هريرة -رضى الله عنه- قال: قالَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- لرجلٍ: "ما تقولُ في الصَّلاةِ"، قالَ: أتشَهَّدُ ثمَّ أسألُ اللَّهَ الجنَّةَ وأعوذُ بِهِ منَ النَّار، أما واللَّهِ ما أُحسنُ دندنتَكَ ولا دندنةَ مُعاذٍ، قال: حولَها نُدَنْدنُ " (رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني). والدَّندنة: أن يتكلَّم الرَّجُل بكلام تُسمع نغمته ولا يُفهَم.
و النبي -صلى الله عليه وسلم- أيضاً أرشدنا إلى الاستعاذة بالله من عذاب النار بعد التشهد في الصلاة وقبل التسليم كذلك، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى -اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ " (رواه مسلم).
ثانياً: الصيام في أيام الحر الشديدة (ظمأ الهواجر):
إن من العبادات العظيمة في الأيام شديدة الحرارة الصيام؛ فالأجر على قدر المشقة، والمشقة تكون كبيرة لمن صام يوماً شديداً حره، قال الحافظ ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في كتابه لطائف المعارف: " مما يضاعف ثوابه في شدة الحر من الطاعات: الصيام لما فيه من ظمأ الهواجر ".
وإن من صام يوماً واحداً لله تعالى باعده الله عن النار مسيرة سبعين سنة، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ضلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا " (رواه البخاري ومسلم).
وإن صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانوا يجتهدون في طاعة الله -تعالى-، ومن الأعمال التي كانوا يحرصون عليها، الصوم في أيام الحر الشديدة، وهو ما يعرف بــــ (ظمأ الهواجر).
فهذا أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- كان يصوم في الصيف، وأم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- كانت تصوم في الحر الشديد، وكذا أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- وغيرهم.
وهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عند موته يوصي ابنه عبد الله، فيقول له: (عليك بخصال الإيمان)، وذكر أولها: (الصيام في شدة الحر في الصيف).
وهذا أبو الدرداء -رضي الله عنه- كان يقول: " صوموا يوماً شديداً حره لحر يوم النشور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور ".
وقد بكى مُعَاذ بْن جَبَلٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عِنْدَ الاحْتِضَارِ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَجْزَعُ مِنَ الْمَوْتِ وَتَبْكِي؟! فقَالَ: " مالِي لا أَبْكِي، وَمَنْ أَحَقُّ بِذلكَ مِنِّي؟ واللهِ مَا أَبْكِي جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ، وَلا حِرْصاً عَلَى دُنْيَاكُمْ، وَلَكِنِّي أَبْكِي عَلَى ظَمَإِ الهَوَاجِرِ –أي الصوم في شدة الحر- وَقِيَامِ لَيْلِ الشِّتَاءِ ".
وقال التابعي الجليل مِعْضَدٌ أَبُو زَيْدٍ الْعِجْلِيُّ -رحمه الله-: " لَوْلا ثَلاثٌ: ظَمَأُ الْهَوَاجِرِ، وَطُولُ لَيْلِ الشِّتَاءِ، وَلَذَاذَةُ التَّهَجُّدِ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا بَالَيْتُ أَنْ أَكُونَ يَعْسُوباً ". (أي ما تمنيت أن أكون شيئاً ولو يعسوب، واليعسوب: ذَكَر النحل).
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه لطائف المعارف:" كانت بعض الصالحات تتوخى أشدّ الأيام حرّاً فتصومه، فيقال لها في ذلك، فتقول: إنّ السعر إذا رخص اشتراه كل أحد؛ تشير إلى أنها لا تُؤثِر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل من الناس؛ لشدته عليهم، وهذا من علوّ الهمة".
فيا عباد الله من كان يقوى على الصيام في شدة الحر ليصم من الأيام شديدة الحرارة؛ حتى يقيه الله من جهنم وحرها، ويقيه حر يوم القيامة يوم الحسرة والندامة.
ثالثاً: الصدقة وأفضلها (سقي الماء):
وفي ظل الحصار الذي نعيشه في بلادنا، وكثرة الفقراء، وضيق الحال على المسلمين، إن من أجل العبادات التصدق على الفقراء والمساكين، فالصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، فعن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-، أَنّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: " سَأُنَبِّئُكَ بِأَبْوَابٍ مِنَ الْخَيْرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ " (رواه أحمد وحسنه الألباني).
وقد سبق أن ذكرنا من أصناف الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، وفي هذا كناية عن الإخلاص والبعد عن الرياء. وقد ثبت في حديث صحيح أن الصدقة تكون ظلاً لصاحبها من حر يوم القيامة، فعن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ -رضي الله عنه-، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، يَقُولُ: " كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُقضى بَيْنَ النَّاسِ " (رواه أحمد وابن حبان وصححه الألباني).
وإن من أفضل الصدقات سقي الماء، فعَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا، قَالَ : " نَعَمْ " ، قُلْتُ : فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ ؟ ، قَالَ : " سَقْيُ الْمَاءِ " (رواه أحمد والنسائي وحسنه الألباني).
وقال الإمام القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: " سقي الماء من أعظم القربات عند الله -تعالى-، وقد قال بعض التابعين: من كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء، وقد غفر الله ذنوب الذي سقى الكلب، فكيف بمن سقى رجلاً مؤمناً موحداً "؟
نعم أيها الكرام لقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم أن الله غفر لرجل بسقياه لكلب، وفي رواية أخرى غفر لبغي (امرأة زانية) من بغايا بني إسرائيل بسقياها لكلب، فكيف بمن يسقي رجلاً مؤمناً؟ فمن استطاع أيها الكرام أن يتبرع بماء سبيل في مسجد أو طريق أو نحو ذلك، فلا يحرم نفسه من هذا الأجر العظيم.
وأختم خطبتي بأمرين مهمين:
الأمر الأول: أيها المؤمنون لا يجوز سب الحر أو سب الصيف؛ فالحر قدر من أقدار الله -تعالى-، ولا يجوز أن نسخط على قدر الله -تعالى-، وكذلك الصيف زمان من الأزمنة التي خلقها الله تعالى، ولا يجوز سبه؛ فإن سب الصيف سب لخالقه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : " قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- : يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ ، وَأَنَا الدَّهْرُ بِيَدِي الْأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ " (رواه البخاري ومسلم).
وعَنْ عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، أَنَّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: " وَإِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ " (رواه الترمذي وصححه الألباني).
ولكن إذا قال المسلم -متألماً لكنه راضٍ-: هذا اليوم شديد الحرارة، أو تعِبْنا اليوم من شدَّة الحرارة، فهذا لا بأس به، قال الله عن نبيِّه لوط عليه السلام: " وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ " (سورة هود:77)، فقول سيدنا لوط عليه السلام: (هذا يوم عصيب) من باب وصف ما كان فيه من حال، وليس من باب السخط.
الأمر الثاني: يسن للمسلم أن يغتسل إن أصابه العرق، حتى لا يؤدي إخوانه برائحته، ويؤذي الملائكة؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، قال الإمام الشافعي -رحمه الله- في كتابه الأم: " وأستحب الغسل عند تغير البدن بالعرق وغيره تنظيفًا للبدن ".
بل إن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قال في كتابه الفتاوى الكبرى: " ويجب غسل الجمعة على من له عرق أو ريح يتأذى به غيره ".
وإن أساس سن النبي -صلى الله عليه وسلم- غسل الجمعة، ما كان يصيب المسلمين من العرق؛ الذي يؤذي بعضهم بعضاً، ويؤذي الملائكة، فعَنْ عِكْرِمَةَ مولى ابن عباس، أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ جَاءُوا ، فَقَالُوا: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَتَرَى الْغُسْلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبًا ؟ قَالَ : لَا ، وَلَكِنَّهُ أَطْهَرُ وَخَيْرٌ لمن اغتسل، ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب، وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيْفَ بَدْءُ الْغُسْلِ، كَانَ النَّاسُ مَجْهُودِينَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَيَعْمَلُونَ عَلَى ظُهُورِهِمْ وَكَانَ مَسْجِدُهُمْ ضَيِّقًا مُقَارِبَ السَّقْفِ إِنَّمَا هُوَ عَرِيشٌ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي يَوْمٍ حَارٍّ وَعَرِقَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الصُّوفِ حَتَّى ثَارَتْ مِنْهُمْ رِيَاحٌ آذَى بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَلَمَّا وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تِلْكَ الرِّيحَ، قَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، إِذَا كَانَ هَذَا الْيَوْمَ فَاغْتَسِلُوا وَلْيَمَسَّ أَحَدُكُمْ أَفْضَلَ مَا يَجِدُ مِنْ دُهْنِهِ وَطِيبِهِ " (رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني).
وعنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه-، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: " ... إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ " (رواه مسلم).
فليتعاهد المسلم نفسه دائماً، وليكن حسن المنظر طيب الرائحة، لا يُرى منه إلا ما يَسُّر.
ختاماً أسأل الله تعالى أن يجيرنا من النار، وأن يظلنا تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة، اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة.
اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار، اللهم أجرنا من النار.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
اللهم اكتب لنا أجر الصابرين.
اللهم فك عنا الحصار، وأنزل علينا بركات من السماوات والأرض.
اللهم حرر أقصانا من دنس اليهود الغاصبين.
اللهم تقبل شهداءنا، واشف جرحانا، وفك قيد أسرانا.
ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولوالدي والدينا ولمشايخنا وللمسلمين أجمعين.
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وصل اللَّهُم على سيدنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آله وَصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.