تعليقاته..
سبق أن تحدثت عن تبويب الكتاب وعن عناوينه وعن المنهج الذي انتهجه أبو داود في اختياره وأود فيما يأتي أن أتحدث عن تعليقاته، وهذه الأمور - كما أسلفت - هي التي تمثل جهد المؤلف وعلمه. ويحسن أن أبادر إلى بيان أني لا أعني بالتعليقات هنا المصطلح الحديثي لها وإنما أريد بها ما يورد أبو داود من كلام له علاقة بالحديث.
مواضعها ومقدارها:
أما مواضعها فهي إما أن تكون خلال إيراده الحديث، ومن ذلك الحديث رقم 980 فقد مرّ رجلٌ اشتهر أبوه بحادثة مهمة فعرّف بأبيه حرصاً على الفائدة: (حدثنا القعنبي عن مالك عن نعيم بن عبدالله المجمر أن محمد بن عبدالله بن زيد - وعبدالله بن زيد هو الذي أٌري النداء بالصلاة - أخبره عن أبي سعود...)[231]فالتعليق هنا كان في جملة اعتراضية حرصاً على إفادة القارئ والسامع. وقد يعترض بجملة معترضة ليزيل الالتباس، كما لو جاء اسم أحد الرواة كنية فيذكر لنا اسم هذا الراوي كما في الحديث 32 ففيه: (حدثني أبو أيوب - يعني الافريقي - عن عاصم)[232].
وإما أن تكون التعليقات بعد إيراده الحديث. وهذا الغالب عليها. ولا حاجة للتمثيل عليها لأنّ كل الأمثلة القادمة هي من هذا النوع.
وأما مقدارها، فهو يتفاوت من حديث إلى آخر. فبينما يكون التعليق جملة مختصرة إذا بنا نراها تبلغ أحياناً ما يقرب من صفحة.
مضمونها:
يمكن أن تصنف هذه التعليقات حسب الموضوع الذي تدور حوله، وسنورد ما وفقنا عليه من دراستنا لكتاب ((السنن)):
1 - كلامه حول الرجال:
تعتبر هذه التعليقات من الملاحظات الحديثية بوجه عام، ومقدارها في ((السنن)) لا بأس به، ولو جمعت هذه الملاحظات في الرجال والمتون ونسقت لتكوّن منها بحث لطيف.
ونستطيع أن نصنف كلامه في الرجال في زمرتين:
الأولى:
كلامه في التعريف بهم وذكر أنسابهم والتحقيق في المختلف فيه منها وتبيان ما اعتراها من تصحيف وغلط.
والثانية:
كلامه في جرحهم وتعديلهم.
التعريف
من الأمثلة على التعريف بالرجال أنه أورد الحديث 1067 وهو عن الصحابي طارق بن شهاب فقال: (قال أبو داود: طارق بن شهاب قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئاً)[233].
ومن ذلك تعريفه قعنب أحد رواة الحديث 2496 فقد عرّفه تعريفاً مفصلاً فقال: (قال أبو داود: كان قعنب رجلاً صالحاً، وكان ابن أبي ليلى أراد قعنباً على القضاء فأبى عليه، وقال: أنا أريد الحاجة بدرهم فاستعين عليها برجل قال: وأينا لا يستعين في حاجته؟ قال: أخرجوني حتى أنظر، فأخرج، فتوارى. قال سفيان: بينما هو متوارٍ إذ وقع عليه البيت فمات)[234].
ومن ذلك تعريفه بأبي العباس أحد رواة الحديث 2529 وهو (مُحَمّد بنُ كثيرٍ، حَدَّثنَا سُفْيَانُ - عَن حَبيبِ بن أبي ثَابِتْ عَن أبي العبّاسِ عَنْ عَبْدالله بن عمرْ وقَالَ: جَاء رَجُلٌ إلى النّبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أجَاهِدُ؟ قَالَ: ألَكَ أبوانِ؟ قَالَ: نَعمْ. قَالَ: ((فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ)).
قال أبو داود: أبو العباس هذا: الشاعر، اسمه السائب بن فروخ)[235].
ومن ذلك تعريفه سليمان أحد رواة الحديث 975 فقد قال بعد أن أورد الحديث: (قال أبو داود: سليمان بن موسى كوفيّ الأصل كان بدمشق)[236].
ومن ذلك تفسيره نسبة أبي مصبح المقرائي أحد رواة الحديث 938 فقد قال بعد أن أورد الحديث يفسر هذه النسبة: (قال أبو داود: المقراء قبيلٌ من حمير)[237].
ومن ذلك تعريفه بأبي زيد أحد رواة الحديث رقم 10 فقد رأى أن ذكر الكنية وحدها لا يكفي فقال بعد أن أورد الحديث: (قال أبو داود: وأبو زيد هو مولى بني ثعلبة)[238].
ومن ذلك تبيينه المراد من أبي شجرة أحد رواة الحديث رقم 666 فقد قال بعد أن أورد الحديث: (قال أبو داود: أبو شجرة كثير بن مرة)[239].
وقد يبين بالتعليق بلد الراوي كما فعل في جعفر بن يحيى بن ثوبان أحد رواة الحديث 672. فقد قال (قال أبو داود: جعفر بن يحيى من أهل مكة)[240].
وقد يكون حديثه عن الرجل في هذه التعليقات تصويباً لخطأ وتصحيف أو تحقيقاً لاسم اختلف فيه:
فمن ذلك تصويبه لاسم أحد رواة الحديث 2522 وهو رباح بن الوليد الذي ورد مقلوباً مغلوطاً كما يلي: (حدثنا أحمد بن صالح، ثنا يحيى بن حسان، ثنا الوليد بن رباح الذماري حدثني عمي نمران ابن عتبة الذماري قال: دخلنا على أم الدرداء...) فقد قال مصوباً هذا الخطأ: (قال أبو داود: صوابه رباح بن الوليد)[241].
ومن ذلك اشارته إلى قول آخر في اسم الرجل الوارد في الحديث وقد يكون أحدهما تصحيفاً للآخر، كما في الحديث 1007 الذي جاء فيه: (صلى بنا إمام لنا يكنى أبا رِمْثَه فقال: صليت هذه الصلاة أو مثل هذه الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم..) قال أبو داود عقب الحديث:
(قال أبو داود: وقد قيل (أبو أمية) مكان (أبي رمثة)[242].
ومن ذلك تحقيقه اسم أحد الرواة الحديث 63 وهو محمد بن عباد بن جعفر فقد ورد في رواية مغلوطاً فذكر القولين ثم رجح الصواب. وهذا الحديث رواه عن ثلاثة شيوخ وهم محمد بن العلاء، وعثمان بن أبي شيبة والحسن بن علي. وجاء اسم الراوي في سنده هكذا (محمد بن جعفر بن الزبير) ثم قال: (قال أبو داود: وهذا لفظ ابن العلاء. وقال عثمان والحسن بن علي: عن محمد بن عباد بن جعفر. قال أبو داود: وهو الصواب)[243].
وقد يورد أقوالاً مختلفة في اسم راوٍ ولا يرجح. كما في الحديث 888 فقد جاء في سنده اسم أحد الرواة: وهب ابن فانوس. وبعد أن أورد الحديث قال: (قال أبو داود: قال أحمد بن صالح: قلت له: مأنوس أو مأبوس. قال: أما عبدالرزاق فيقول: مأبوس، وأما حفظي فمأنوس)[244] ولم يرجح.
الجرح والتعديل
إن تعليقات أبي داود التي تتناول الرجال جرحاً وتعديلاً كثيرة لن نستطيع استقصائها وسترد أمثلة كثيرة منها الفقرة الآتية التي نتحدث فيها عن كلامه في تضعيف الحديث، ومن أجل ذلك فسأورد بعض الأمثلة هنا اكتفاء بما سيمر بنا في تضعيفه الحديث.
وهو - في جرحه للرجال - إما أن يورد قوله فيهم فقط دون أن ينقل عن بعض العلماء وإما أن يكون الحكم عليهم منقولاً عن الأئمة الذين تقدموه.
فمن الأمثلة على جرحه الرجال قوله في (عبدالسلام بن حرب) أحد رواة الحديث رقم 14: (وهو ضعيف)[245].
ومن ذلك قوله في (أبان بن طارق) أحد رواة الحديث رقم 3741: (إنه مجهول)[246].
وقد يورد الحكم على الرجال منقولاً عن العلماء كما فعل في الحكم على (عبدالرحمن بن اسحاق) أحد رواة الحديث 758 فقد نقل عن الامام أحمد تضعيفه إياه قال: (قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يضعف عبدالرحمن بن اسحاق الكوفي)[247].
2 - كلامه في تضعيف الحديث
لو ذهبت أستقصي تعليقاته في تضعيف الحديث لخرجت عن حدود البحث التي رسمتها لكثرتها مع تنوعها، ولكنني أذكر ما يعطي الفكرة النيرة عن تعليقاته في هذا الموضوع.
فمن الأمثلة على تضعيفه للحديث وبيانه سبَب الضعف ما رواه عن شيخه محمد بن اسماعيل بن أبي سمينة البصري في الحديث رقم 704 وَنصُّه:
(عن ابن عباس - قال أحسبه - عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذَا صَلّى أحَدُكُمْ إلى غَير سترةٍ فإنّهُ يَقْطٌَعُ صَلاتَهُ الكلبُ والحمارُ والخنزيرُ واليَهُوديُّ والمجُوسِيُّ والمرأة، ويُجزِئ عَنْهُ إذا مَرّوا بينَ يديهِ على قَذْفَةٍ بحجَرْ))[248].
ثم قال المؤلف معلقاً:
قال أبو دواد: في نفسي من هذا الحديث شيء، كنتُ أذاكر به إبراهيم وغيره، فلم أر أحداً جاء به عن هشام ولا يعرفه، ولم أر أحداً جاء به عن هشام. وأحسب الوهم من ابن أبي سمينة يعني محمد بن اسماعيل البصري مولى بني هاشم. والمنكر فيه ذكر المجوسي، وفيه: على قذفة بحجر، وذكر الخنزير. وفيه نكارة قال أبو داود: ولم أسمع هذا الحديث إلا من محمد بن اسماعيل بن أبي سمينة، وأحسبه وهم؛ لأنه كان يحدثنا من حفظه)[249].
ومن الأمثلة على ذلك تعليقه على الحديث 19 فقد بين درجته ثم ذكر سبب الضعف ونصه: (عن همام، عن ابن جريج عن الزهري عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء وضع خاتمه). قال: (قال أبو داود: هذا حديث منكر) ثما قال ذاكراً سبب الضعف: (وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس أنّ النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ورق ثم ألقاه. والوهم فيه من همام، ولم يروه إلا همام)[250].
ومن الأمثلة على ذلك تعليقه على الحديث رقم 132 فقد نقل إنكار أحمد وابن عيينة للحديث؛ وفي سنده (عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده) (قال أبو داود: قال مسدّد: فحدثت به يحيى فأنكره، وقال أبو داود: وسمعت أحمد يقول: إن ابن عيينة زعموا أنه كان ينكره ويقول: إيش هذا: طلحة عن أبيه عن جده)[251].
ومن الأمثلة على ذلك تضعيفه للحديث ببيان انقطاعه أي أن أحد الرواة لم يدرك الآخر، وهذا ما يعبر عن علماء الحديث بالانقطاع كما في الحديث 616 الذي جاء في سنده: (..عبدالعزيز بن عبدالملك ثنا عطاء الخراساني، عن المغيرة بن شعبة).
ومن ذلك تعليقه على الحديث 1978 وقد جاء في سنده أن الحجاج يروي عن الزهري فقال في نقده: (قال أبو داود: هذا حديث ضعيف، الحجاج لم ير الزهري ولم يسمع منه)[253].
ومن ذلك تعليقه على الحديث رقم 165 وفي سنده (.. أخبرنا ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة..) فقال أبو داود يضعفه (وقال أبو داود: وبلغني أنه لم يسمع ثورٌ هذا الحديث من رجاء)[254].
ومن ذلك تضعيفه للحديث بنقل أقوال بعض العلماء في توهين الحديث كما في الحديث 1004 وهو: ((حذف السلام سنة)) فقد قال عقبه:
(قال عيسى: نهاني ابن المبارك عن رفع هذا الحديث. قال أبو داود: سمعتُ أبا عمير عيسى بن يونس الفاخوري الرملي قال: لما رجع الفرياني (وهو أحد رواة الحديث) من مكة ترك رفع هذا الحديث وقال: نهاه أحمد بن حنبل عن رفعه)[255].
ومن تضعيفه للحديث نقلاً عن بعض العلماء تعليقه على الحديث رقم 202 فقد قال عقبه: (قال أبو داود: قوله: الوضوء على من نال مضطجعاً هو حديث منكر لم يروه إلاّ يزيد أبو خالد الدالاني عن قتادة) ثم قال: (قال أبو داود: وذكرت حديث يزيد الدالاني
[256].
بالحكم عليه بأنه وهم دون أن يذكر سبب حكمه كما في فعل في الحديث 944 ((التّسْبيحُ لِلرِّجالِ والتّصْفِيقُ للنِسّاء، مَنْ أشار في صَلاتِهِ إشَارَةً تُفْهَمُ عَنْهُ فَلْيُعِدلَها)). يعني الصلاة قال أبو داود: هذا الحديث رقم)[257].
وقد يضعف الحديث والحكم عليه بأنه ليس بالقوي، كما فعل في الحديث 158 فقد قال في عقبه: (قال أبو داود: وقد اختلف في إسناده، وليس هو بالقوي. ورواه ابن ابي مريم ويحيى بن اسحاق والسليمي عن يحيى بن أيوب، وقد اختلف في إسناده) [258].
وكما في الحديث رقم 159 فقد قال عقبه:
3 - فوائد حديثية
في تعليقات أبي داود فوائد حديثية أخرى ليست مقصورة على مبحث التصحيح والتضعيف، وسنذكر بعضاً منها:
فمن هذه الفوائد تعليقه على بعض الأحاديث بأن ينبه بأن رواة هذا الحديث كلهم مثلاً من بلد معين، وهذه مزية خاصة للسند ويدعو بعضهم الحديث الذي يكون سنده كذلك بالحديث المسلسل[260] فمن ذلك تعليقه على الحديث رقم 91 حيث قال:
(قال أبو داود: هذا من سنن أهل الشام لم يشركهم فيها أحد)[261].
ومن ذلك تعليقه على الحديث رقم 155 حيث قال:
(قال أبو داود: هذا مما تفرد به أهل البصرة)[262].
ومن ذلك تعليقه على الحديث رقم 870 حيث قال بعده:
(قال أبو داود: وهذه الزيادة تخاف ألاّ تكون محفوظة. قال أبو داود انفرد أهل مصر باسناد هذين الحديثين: حديث الربيع وحديث أحمد بن يونس)[263].
ومن هذه الفوائد الحديثية: إشارته إلى أنَّ هذا الحديث لم يسند إلا من هذا الطريق كما جاء في تعليقه على الحديث رقم 15 حيث قال: (قال أبو داود: هذا لم يسنده إلا عكرمة بن عمار)[264].
ومن الفوائد الحديثية ما يجريه من الموازنة بين روايتين يوردهما.
فقد أورد الحديثين 1053 و 1054؛ أحدهما في أنّ كفارة من ترك الجمعة دينار، وهو عن همّام. وثانيهما في أن كفارة من ترك الجمعة درهم - وهو عن أبي العلاء أيوب. وقال بعد أن أوردهما:
(قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يُسأل عن اختلاف هذا الحديث فقال: همّامٌ عندي أحفظ من أيوب يعني أبا العلاء)[265].
وكذلك فقد أورد الحديث 1024 وهو:
(حَدَّثَنَا مُحَمّدُ بنُ العَلاء، ثنا أبو خالِدٍ، عَن ابنِ عَجْلانَ، عَنْ زَيْد بنِ اسْلَم، عَنْ عَطَاء بنِ يَسَارٍ، عَنْ أبي سَعيد الخُدريّ قالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إذاً شَكَ أحَدُكُمْ في صَلاتِهِ فَلْيُلْقِ الشَكَّ وليبن على اليقين، فإذَا اسْتَيْقَنَ التّمامَ سَجَدَ سَجْدَتَينِ فإن كانت صَلاتُهُ تَامّةً كانَتْ الركْعَةُ نافِلَة والسّجْدتَان. وإنْ كَانَتْ نَاقِصَة كَانت الركعةُ تماماً لِصلاتِهِ وكانَت السّجْدتَانِ مُرْغمتيْ الشّيْطَان)).
قال أبو داود: رواه هشام بن سعد ومحمد بن مطرف عن زيد عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحديث أبي خالد أشبع)[266].
واكتفى بهذه الموازنة ولم يورد حديث ابن سعد ولا ابن مطرف.
وقد يعبر عن تفضيله لاحدى الروايتين بأن حديث فلان أتم، كما صنع في الحديث رقم 45 حيث قال:
(قال أبو داود: وحديث الأسود بن عام أتم)[267] وكما صنع في الحديث رقم 62 فقد رواه عن محمد بن يحيى عن عبدالله بن يزيد ثم أورد تحويلاً فقال: (ح وحدثنا مسدد، ثنا عيسى بن يونس قالا: ثنا عبدالرحمن ابن زياد. قال أبو داود: وأنا لحديث ابن يحيى أتقن) وبعد أن أورد الحديث قال:
(قال أبو داود: وهذا حديث مسدد وهو أتم)[268].
ومن الفوائد الحديثة التي نجدها في التعليقات ما يتصل بمفهوم المصطلحات كالمرسل، فإنّ المرسل عند جمهور العلماء هو الحديث الذي سقط منه الصحابي ومنهم من يعم فيطلق المرسل على كل حديث سقط منه راو، ويبدو أن أبا داود من هؤلاء؛ يدل على ذلك تعليقه على الحديث 886 وسنده: (حدثنا عبدالملك بن مروان الأهوازي، ثنا أبو عامر وأبو داود عن ابن أبي ذئب عن اسحاق بن يزيد الهذلي، عن عون بن عبدالله عن عبدالله بن مسعود... الخ..).
قال أبو داود: (هذا مرسل: عونٌ لم يدرك عبدالله)[269].
ومن الفوائد الحديثية أنه يذكر أحياناً أنّ هذا الراوي لم يخرج له في كتابه إلا هذا الحديث كما صنع في الحديث 1036 فقد أخرجه عن جابر الجعفي وهو رافضي كذاب، فقال بعد أن أورده:
(قال أبو داود: وليس في كتابي عن جابر إلا هذا الحديث)[270].
وكأنه يعتذر بذلك لضعف جابر، وأظنُّ أن مثل هذا التعليق إنما كان من أبي داود في قراءاته المتأخرة للكتاب وليس من تأليفه الأول.
4 - التعريف بالأمكنة
ويشغل هذا المقصد حيزاً ليس بالقليل من التعليقات، ويبحث أبو داود في هذا الأمر بحثاً موضوعياً ميدانياً - على التعبير الشائع - فيقوم بنفسه بقياس الأمكنة المذكورة في الحديث ورؤيتها والبحث في التطورات التي حصلت عليها ويصفها كما رآها.
وهذا تفكير علمي صحيح وأسلوب من التحقيق اليقيني في مثل هذه الموضوعات، ومن الأمثلة على ذلك تحقيقه لموضع (بئر بُضاعة) وقياسها ووصفها؛ فهو بعد أن أورد الحديث المشهور عن هذه البئر التي سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء فيها على الرغم مما يطرح فيها من الفضلات فقال صلى الله عليه وسلم: ((الماءُ طهورٌ لا ينجسه شيء)). وبعد أن أورد المؤلف روايتين للحديث قال:
(قال أبو داود: وسمعت قتيبة بن سعد قال: سألتُ قَيِّمَ بئر بضاعة عن عمقها. قال: أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة. قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة.
قال أبو داود: وقدرت أنا بئر بضاعة بردائي مددته عليها ثم ذرعته، فإذا عرضها ستة أذرع. وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه: هل غُيّر بناؤها عما كانت عليه؟ قال: لا. ورأيت فيها ماء متغير اللون)[271] فهو أولا يروي ما سمعه عن قتيبة بن سعد ويقره عليه؛ لأنه بعد أن زار البئر لم يذكر لنا خلاف ما روى.
ثم يذكر أنه هو بنفسه قاسها فوجد عرضها ستة أذرع، ويحكي لنا الطريقة التي استخدمها في هذا القياس وهي مدّ ردائه ثم ذرعه، ويحكي لنا أنه خشي أن يكون بناؤها قد غير عما كان عليه زمن الرسول، فسأل المشرف عليها الذي فتح له باب البستان الذي يضمها. فتأكد من أنها على حالها ثم وصف الماء الذي فيها بأنه متغير اللون.
وهذا صنيع علمي دقيق محمود.
وكذلك فقد عرَّف المكان الوارد في الحديث 37 وهو حصن باب أليون فقال: (قال أبو داود: حصن أليون بالفسطاط على جبل)[272].
5 - ذكر مناسبة ورود الحديث
من التعليقات إيراده مناسبة الحديث وغالباً ما يفعل ذلك إذا كان فيه تعارض مع حديث آخر. مثال ذلك أنه أورد حديثاً يمنع الالتفات في الصلاة[273] وهو برقم 909 ثم جاء بحديث آخر برقم 916 يرخص في ذلك، وفيه (فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ يُصَلَّي وَهُوَ يَلتفِتُ إلى الشَّعبْ)[274].
قال أبو داود: (وكان أرسل فارساً إلى الشعب من الليل)[275] وقد أورد الحديث مفصلاً[276] برقم 2501 وكأني به يريد أن يقول إن الأصل عدم الالتفات إلا أن يكون هناك داعٍ تحتمه المصلحة كما في هذا الحديث؛ إذ أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل فارساً إلى الشعب ليلاً يحرس، فلما وقف صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح جعل يلتفت، لهذا الاعتبار.
ومن المفيد أن نشير إلى أن هناك كتباً ألفت في بيان مناسبات الحديث من أشهرها كتاب ((البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف))[277] للعلامة المحدث السيد إبراهيم بن محمد كمال الدين نقيب مصر ثم الشام الشهير بابن حمزة الحسيني المتوفى سنة 1120هـ.
6 - شرح الكلمات
من أكثر التعليقات وروداً شرحه الكلمات الواردة في الأحاديث وهو على أنواع: فمنها شرحه المفردة دون أن يذكر في الشرح أحداً من العلماء والشرح كما فعل في الحديث 132 حيث قال: (حَتّى بَلَغَ القَذَالَ وَهُو أوَّلُ القَفَا)[278] وكذلك فعل في الحديث 142 قال: (فأتينَا بِقِنَاعٍ والقِنَاعُ الطّبَقُ فِيهِ تَمْر)[279]ومن الملاحظ أنّ هذه الشروح وردت خلال النصّ، وأحياناً يكون الشرح عقبه، وهكذا فعل في الحديث 947 وهو: (عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن الاخْتِصَار في الصَّلاة، قَالَ أبو داوُد يَعني يَضعُ يَدَهُ عَلى خَاصِرتِه)[280].
وكذلك فعل في الحديث 3715 وهو: (قَالَت سَوْدَة: بَل أكَلْتَ مَغَافِير. قَالَ: بل شَرِبْتُ عَسَلاً سَقَتْني حَفْصَةُ، فقُلْتُ: جَرَسْتُ نحُله العُرْفُطَ. (قال أبو داود: المغافير: مقلة، وهي صمغة. وجرست: رعت العرفط: نبت من نبت النحل)[281].
وقد ينقل هذا الشرح عن عالم من علماء غريب الحديث:
كما في الحديث 3685 وهو: نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنِ الحمْرِ والمَيْسِر والغُبَيراء وَقَالَ: ((كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَام)). قال أبو داود: (قال ابن سلام أبو عبيد: الغبيراء السكركة تعمل من الذرة، شراب يعمله الحبشة)[282].
وقد تكون الكلمة واضحة المعنى في ذاتها غير أن المراد منها يحتاج إلى إيضاح فيتولى شرح ذلك.
كما في الحديث 666 الذي ورد فيه قوله صلى الله عليه وسلم: ((وَلِينُواْ بأيْدي إخْوانِكُم)) فقال في شرحها: (قال أبو داود: ومعنى ((وَلِينُواْ بأيْدي إخْوانِكُم)). إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه، فينبغي أن يلين له كل رجل منكبيه حتى يدخل في الصف)[283].
وكما في حديث أنس برقم 413 الذي فيه (حتى إذا اصفرت الشمس) فقد أورد بعد ذلك شرحاً لهذه الجملة مسبوقاً بسند ينتهي إلى الأوزاعي صاحب الشرح فقال:
(حدثنا محمود بن خالد، ثنا الوليد، قال: قال أبو عمرو - يعني الأوزاعي -: وذلك أن ترى ما على الأرض من الشمي صفراء)[284].
وقد يكون شرحه للكلمة بياناً للحكم الفقهي. مثال ذلك شرحه لكلمة (عجماء) الواردة في الحديث 4593 من قوله صلى الله عليه وسلم: ((الْعَجْماءُ جرْحُها جُبَار)). فقال:
(قال أبو داود: العجماء: المنفلتة التي لا يكون معها أحد وتكون بالنهار لا تكون بالليل)[285].
فهو في هذا الشرح إنما يبين المراد من كلمة العجماء في الحديث ممزوجاً بالحكم الفقهي ولا يشرح الكلمة من الناحية اللغوية، فبيّن أنّ جرحها جبار عندما تكون منفلتة ليس معها أحد، وهذا خاص بالنهار. أما في الليل فلابد من مسؤولية تترتب على صاحبها إن فرط[286].
7 - آراء فقهية
سبق أن رأينا أن آراء الرجل الفقهية نستطيع أن نجدها في عناوين الأبواب من كتابه ونود هنا أن نتحدث عن الآراء الفقهية الكثيرة التي نقف عليها خلال تعليقاته على الأحاديث في كتاب السنن. ويمكن أن تصنّف آراؤه أنواعاً عدة:
فمن هذه الآراء الفقهية آراء ينسبها لجماعة من الصحابة أو التابعين.
فهو يقول بعد الحديث 159:
(قال أبو داود: ومَسَح على الجوربين عليُّ بن أبي طالب وابن مسعود، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك وأبو أمامة، وسهل بن سعد وعمرو بن حريث، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس)[287] وهو في هذا يؤيد القول بالمسح على الجوربين بنقله عن هؤلاء الصحابة الذين يرون هذا الرأي.
ويقول في باب سجود السهو تعليقاً على الحديث 1035 (قال أبو داود: وكذلك سجدهما ابن الزبير قام من ثنتين قبل التسليم، وهو قول الزهري)[288].
وفي باب الاحتباء والامام يخطب أورد حديثين:
أولهما: برقم 1110
عَن مُعَاذِ بنِ أنَس أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى عنِ الحبْوَةِ يَوْمَ الجُمْعَةِ والإمَامُ يَخْطُبْ، وفي سند هذا الحديث سهل بن معاذ وأبو مرحوم، وقد تكلم فيهما.
ثانيهما: برقم 111
عَن يَعْلى بن شَدَّاد قالَ: شَهدتُّ مَع مُعاوِيةَ بَيْتَ المقْدِسِ فَجَمّعَ بِنَا، فَنَظَرْتُ فَإذا جُلُّ مَنْ في المسْجِدِ أصحَابُ النَبيِّ صلى الله عليه وسلم فَرَأيْتُهُمْ مُحْتَبينَ والإمامُ يخطُبُ قال أبو داود: كان ابن عمر يحتبي والامام يخطب وأنس بن مالك وشريح وصعصعة بن صوحان، وسعيد بن المسيب وابراهيم النخعي، ومكحول، واسماعيل بن محمد بن سعد، ونعيم بن سلامة قال: لا بأس بها.
قال أبو داود: ولم يبلغني أنّ أحداً كرهها إلا عبادة بن نُسَيّ)[289].
وكأن إيراده ذلك عنهم بعد أن أورد حديثين متعارضين تأييد لأحدهما ورد للآخر، وقد رأينا أنّه ردّ حديث النهي عن الحبوة بأن في سنده رجلين تكلم فيهما.
وكذلك فعل بعد الحديث 152 قال:
(قال أبو داود: أبو سعيد الخدري وابن الزبير وابن عمر يقولون من أدرك الفرد من الصلاة عليه سجدتا السهو)[290].
وقد يورد آراء بعض التابعين، والأمثلة كثيرة يطول ذكرها.
وقد ينقل آراء العلماء التي تتضمن آراء فقهية، فمن ذلك نقله أقوال العلماء في تحديد بعض المقادير.
كما فعل بعد أن أورد حديث اغتسال النبي صلى الله عليه وسلم بالصاع ووضوئه بالمدّ رقم95 قال:
(قال أبو داود: وسمعت أحمد بن حنبل يقول: الصاع خمسة أرطال، وهو صاع ابن أبي ذئب وهو صاع النبي صلى الله عليه وسلم)[291].
ومن أمثلة نقله آراء العلماء الفقهية تعليقه على الحديث 884 قال:
(قال أبو داود: قال أحمد: يعجبني في الفريضة أن يدعو بما في القرآن)[292].
وقد وجدت أبا داود في نقله آراء العلماء الفقهية يغلب عليه الاختصار والايجاز، وقد وجدته مرة يطيل في نقل ذلك إطالة تلفت النظر، وذلك في باب (من قال إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة)[293].
ومن هذه الآراء الفقهية آراء اجتهادية تثبت لنا مقدرته الفقهية ووزنه الراجح في ذلك هذا كثير ونكتفي بالاشارة إلى بعض الأمثلة.
علق على الحديث رقم 342 التعليق الآتي:
(قال أبو داود: إذا اغتسل الرجل بعد طلوع الفجر أجزأه من غسل الجمعة وإن أجنب)[294].
وأورد حديثين في قراءة صلاة المغرب أحدهما يدل على الاطالة وهو برقم 812 والآخر يدل على التخفيف وهو برقم 813 ثم ذهب إلى أن حديث التخفيف في القراءة نسخ حديث الاطالة فقال: (قال أبو داود: هذا يدل على أن ذاك منسوخ وهذا أصح)[295].
وأورد عدداً من الأحاديث الصحيحة عن عثمان رضي الله عنه في مسح الرأس فقال:
(قال أبو داود: أحاديث عثمان رضي الله عنه الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة، فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثاً،
وقالوا فيها: (ومسح رأسه) ولم يذكروا عدداً كما ذكروا في غيره)[296].
ففي هذا التعليق رأي أبي داود الفقهي في مسألة مسح الرأس في الوضوء وأنه مرة واحدة.
وفيه طريقة الاستنتاج وهي المقارنة بين المغسول والممسوح، فقد ذكروا العدد في غير المسح ولم يذكروه في المسح.
ومن هذه التعليقات تعليقات أصولية كما ترى في تعليقه على الحديث رقم 720 فقد أورد أبو داود أحاديث متعارضة في قطع الصلاة، وذكر عقب ذلك الخطة التي ينبغي أن تنتهجها إزاء ذلك فقال:
فقد جاء بحديث عبدالله بن سرجس وهو برقم 29 أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أن يُبالَ في الجُحْر. قال[298]: قالوا لقتادة: ما يكره[299] من البول في الجحر؟
فنحن نرى أنّ أبا داود يورد كلام قتادة كتعليل للحكم، وقتادة يورده على صيغة لا تدل على الجزم: (كان يقال...).
8 - المصطلحات:
في تعليقات أبي داود عدد من المصطلحات نذكر منها ما يلي:
(وذكر الحديث) (ساق قريباً من حديث فلان) (ساق الحديث نحوه) (باسناده ومعناه) (بمعناه).
وانظر الأحاديث 111 - 112 - 113 - 183 - 34 ويبدو أنّ مقتضى الاختصار مع الدقة والوضوح هو السبب في استعمال المؤلف لهذه المصطلحات، لأن هذه المصطلحات أنما يوردها أبو داود بعد أن يأتي بحديث ويريد أن يأتي بآخر.
ورأيته مرة استعمل كلمة (مقصور) بدل كلمة (موقوف) وكلمة (أسنده) بدل (رفعه).
وذلك في الحديث 1056 وهو: (حدثنا مُحَمْد بن يَحيى بن فارس، ثنا قَبِيصَه، ثنا سُفْيانُ، عن مُحَمّد بن سَعيد، عن أبي سَلمَة بن نبيه عن عَبدالله بن هارُون عن عَبدالله بن عَمْرو، عَنِ النَبيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: ((الجُمعةُ على كُلِّ مَنْ سَمعَ النّداء)). ثم قال: (قال أبو داود: روى هذا الحديث جماعة عن سفيان مقصوراً على عبدالله بن عمرو. ولم يرفعوه وإنما أسنده قبيصة)[301].
تعليقات غامضة
وهناك بعض التعليقات الغامضة التي لا تفهم إلا بعد طول نظر وتأمل، ومن ذلك التعليق الآتي مع سند الحديث رقم 975.
(حَدَّثَنَا مَحْمُود بنُ دَاود بن سُفْيَان، ثَنَا يحيى بن حَسّان ثَنَا سُليْمان بن موسى أبو داود، ثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب، حدثني خبيب بن سُلَيمانَ بنِ سَمُرة عَنْ أبيهِ سُليمَانَ بن سَمُرة. عَنْ سَمُرةَ بن جُنْدُبْ أمّا بَعْدُ أمَرنَا رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا كانَ في وَسَطِ الصَّلاةِ أو حِين انقِضَائِها فابدؤوا قَبْل التّسْليمِ فقُولُوا: التّحِيّاتُ الطّيِّبَاتُ والصَّلَواتُ والمُلْكُ للهِ ثم سَلِّموا عَلى اليَمين ثمَّ سَلِّموا عَلى قَارِئِكُمْ وعَلى أنْفُسِكُمْ.
قال أبو داود: سليمان بن موسى كوفي الأصل كان بدمشق.
قال أبو داود: دلت هذه الصحيفة على أن الحسن سمع من سمرة)[302].
وغموض التعليق جاء من أنه لم يرد للحسن ولا للصحيفة ذكر.
وشرح هذا التعليق كما يأتي: قال في ((عون المعبود)):
(وفي سنن أبي داود في باب اتخاذ المساجد في الدور: عن سمرة بن جندب أنه كتب بنيه: (أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم...) الحديث أنه كان عند أبناء سمرة صحيفة من سمرة، وأنهم جمعوا ما كتب إليهم سمرة فصارت هذه المكاتيب بمنزلة الصحيفة والكتاب.
وأما قول المؤلف: (دلت هذه الصحيفة...) فوجه دلالتها وتعلقها بالباب أن هذا اللفظ الذي رواه سليمان بن سمرة عن أبيه بقوله (أما بعد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم..) من ألفاظ الصحيفة التي أملاها سمرة ورواها عنه ولده سليمان، فأراد أبو داود أن سليمان بن سمرة كما صح سماعه من أبيه بهذه الصحيفة وغيرها كذلك الحسن البصري صح سماعُه بهذه الصحيفة وغيرها من سمرة لأن كلاً منهما أي سليمان ابن سمرة وكذا الحسن بن يسار من الطبقة الثالثة، فدل ذلك أن الحسن سمع من سمرة كما أن سليمان بن سمرة سمع من أبيه سمرة لأنهما من الطبقة الثالثة فلما سمع سليمان من أبيه سمرة فلا مانع أن يكون الحسن سمع منه وأن أبا داود من القائلين بأن الحسن البصري ثبت سماعه من سمرة..)[303].