نصائح أبو بكر الـرازي لصحة أفضل
نصائح أبو بكر الـرازي لصحة أفضل
نصائح أبو بكر الـرازي لصحة أفضل
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم رحمة الله و بركاته
هي نصائح طويلة شوي لكنها الافضل لحياة صحية مثالية
خصّص الرازي في كتابه المنصوري المقالة الرابعة لحفظ الصحة، وقال مقدماً لها: "ذكر جمل حفظ الصحة وجوامعها: أركان حفظ الصحة: حسن تقدير الحركة والسكون والمطعم والمشرب وإخراج الفضول، ونعديل المساكن، وتلاحق الحوادث الرديئة قبل أن تَعْظُم، وموافقة الهمم النفسية، والتحفظ بالعادات". ومن الملاحظ أن جميع ما ورد في المقالة يخص التدابير الصحية الوقائية.
في تقدير الحركة وحالها ووقتها:
يجب أن تستعمل الحركة قبل الطعام إما بالمشي أو الركوب، دون الوصول إلى حالة الاستثقال أو الإعياء. فمن شأن الحركة قبل الطعام أن تذكي الحرارة الغريزية في البدن الذي يكتسب خصبا"وجلدا"وشدّة،وينبغي التحرك بتدرج ودون مفاجئة العصب بغتة.
ويجب تجنب الحركة القوية بعد الطعام لأنها جالبة للأمراض على عكس الحركة قبل الطعام.
في تقدير النوم ووقته ومنافعه ومضاره:
ليكن النوم بعد الطعام بمدة بمقدار ما ينزل عن فم المعدة . و يحسّ بأن النفخ و الانتفاخ قد قلّ وخف. وإ ن أبطأ ذلك فلا ضير أن يعاود بالمشي الرقيق حتى ينحط عنها .وينبغي أن لا يكثر التقلب من جنب إلى جنب. فإنه يبطئ بالهضم و يثير النفخ والقراقر. ولتكن المخدّة مرتفعة وخاصة إذا كان الطعام لم ينزل عن فم المعدة. و من منافع النوم أنه يريح النفس ويوقظ و يشحذ ويجدد الرأي والفكر الذي قد تلّبد. ويسكن الإعياء ويجدد الهضم ويخصب البدن. ولإفراط في النوم يرهل البدن ويرخيه ويكثر فيه البلغم ويبرّده ولاسيما في الأبدان العبلة السمينة. والسهر المفرط يهيج الحرارة ويفسد السحنة ويجفف البدن ويكثر فيه الأمراض ولاسيما في الأبدان النحيفة وينبغي أن لا يجبر النفس على السهر وقد استرخت وتبلّدت. ولا يستدعي للنوم والنفس يقظة ذكية والحواس والحركات قويّة خفيفة .
في تدبير المطعم :
ينبغي أن يطعم الإنسان إذا نزل ثقل الطعام المتقدم وخفت الناحية السفلى من البطن ولم يبق فيها تمدد وتحرك حركة موافقة وثارت الشهوة. وينبغي أن لا يدافع بالأكل إذا هاجت الشهوة إلا أن تكون شهوة كاذبة كالتي تهيج بالسكارى والمتخمين. فأما إذا اشتهى الإنسان الطعام وليس بسكران ولا كان ما تقدم من غذائه كثيراً غليظا فليأكل وقته ذلك ولا يدافع به فإنه أجود .فإن اتفق ذلك في حالة ما أن يتدافع له بالأكل حتى تسقط شهوته و بعد أن كانت قد ثارت فينبغي أن يشرب جلاّباً أو سكنجبيناً أو ماء ً حاراً ويؤخر الغذاء ساعة حتى يتقيأ أو يستطلق البطن أو تهيج الشهوة ثم يعاود و يأكل. ولا ينبغي أن يتملأ من الطعام حتى تتمدد المعدة وتثقل ويضيق النفس. بل إن عرض مثل هذا في يوم فينبغي أن يقيئ ذلك قبل أن ينحدر وإن لم يتفق ذلك فليزد في النوم ثم في الحركة. وليأخذ ما يحدر ما في البطن ويقل مقدار الغذاء من غدٍ. وليغتذي كل إنسان من الأغذية المألوفة بمقدار ما جرت به عادته من المرات إلا أن تكون عادته رديئة فيحتاج أن ينتقل عنها ، واقل ما يكون الأكل في اليوم والليلة للأصحاء مرة واحدة وأكثره مرتين وأعدله أن يكون ثلاث اكلات في اليومين. والأكل مرة واحدة يضر بأصحاب الأبدان النحيفة اليابسة. والأكل مرتين يضر بأصحاب الجثث الغليظة الخصبة .ومن كان كثير الحركة والتعب احتاج من الغذاء إلى ما هو أكثر وأمتن وبالضد .و ينبغي أن يتناول الإنسان من الأغذية الملائمة له .فإنه ربما لاءمت أحد الأغذية بعض الناس وكانت رديئة فلا يحتاج أن يتوقاها. وربما كانت بعض الأغذية الحميدة غير ملائمة لواحد من الناس يحتاج أن يتوقاها. والأغذية المألوفة التي تميل إليها الشهوة وإن كانت أردأ فإنها أوفق. غلا أن تكون مفرطة الرداءة. ولا ينبغي أن تدمن الأغذية الرديئة. فإن أدمنت فليتعاهد بدواء مسهل. وأما في وقت أكلها فينبغي أن يوكل معها أويشرب بعدها شيء يعدلها.
ومما يسوء به الهضم ويفسد أن تؤكل أغذية مختلفة في وقت واحد ،و أن يتقدم الغذاء الأغلظ قبل الأرق الألطف. أو أن يكثر الألوان ويطول الأكل جداً حتى يسبق اوله آخره بوقت طويل .وليكن الطعام في الشتاء حاراً وفي الصيف بارداً على أنه ينبغي أن ينحدر الطعام الشديد الحر الذي أنزل عن النار و الشديد البرد كالأطعمة المبردة بالثلج. فإن هذه أيضا ًلا ينبغي أن تدمن بل تؤخذ في وقت شديد الحر و في حالة التهاب البدن. وأفضل أوقات الأكل هي الأوقات الباردة .
في ذكر الفواكه الرطبة وتدبيرها :
أما الفواكه الرطبة فلتقدم قبل الطعام إلا ما كان منها إبطاء ووقوف طويل في المعدة. وفيه قبض وحموضة كالسفرجل والرمان والتفاح. ويصلح أن يؤكل من الفواكه الرطبة في يوم يتفق فيه تعب شديد والتهاب في المعدة ،فإنه يصلح في هذه الحال أن تؤكل الفواكه الرطبة مثل العنب والتين والأجاص والتوت والمشمش المبرد بالماء والثلج ثم يطعم بعدها بمديدة. و ينبغي أن يتوقى التخم، فإن ثقل الطعام في وقت ما يخفف في الذي يليه. فإن اتفق ذلك أيام متوالية فليشرب دواء مسهل ومن الناس من يستمرئ الأغذية الغليظة فتفسد في معدهم الأغذية اللطيفة. فليغذى هؤلاء بما لا يفسد في معدهم وبما لا يفسد في معدهم و بما يستمرئونه، وبالضد فليفعل فيمن حاله ضد حال هؤلاء ومن يكثر فيه تولد خلط ما يتأذى به فليجعل أكثر أغذيتهم ضد ذلك الخلط ويمنع تولده.
في تدبير المشرب :
ينبغي أن لا يشرب من الماء على المائدة ولا بعد الأكل إلى أن يخف أعلى البطن. وإن كان لابد فبقدر ما يسكن به العطش, و ينبغي أن لا يشرب ماء الثلج بكثرة، ولحذر شرب ماء الثلج من به ضعف في العصب. و من كان معدته وكبده باردان. فأما من كان كثير اللحم والدم ،أحمر اللون ،قوي الشهوة فلا ينبغي أن يخاف منه. وليس بصالح أن يشرب الماء البارد على الريق إلا من به التهاب شديد أو خمار. وليتوق الشرب الكثير من الماء البارد في دفعة واحدة بعقب الجماع أو الحمام و الحركة العنيفة التي تبهر الإنسان، ولا يشرب بالليل إذا كان كاذباً وآية ذلك أن يكون سكراناً، أو يكون قد روي من الماء قبل نومه كفايته وعادته. كما ينبغي عدم الشرب على الخلاء و الجوع ولا على طعام حريف ولا بعقب الحمام أو الحركة العنيفة ولا على الطعام إلا بعد انحداره.
في تنقية البدن من الفضول:
ينبغي أن يعنى بتنقية البدن من الفضول بأن يدوم لنا البدن نقياً ،وذلك بإسهال البدن و إدرار البول واستعمال الحركة والرياضة .فإن كل واحد هذه يخرج من البدن نوعاً من الفضول.
وإذا نحن أدمنا غذاء من شأنه توليد الصفراء لم ندع الأخذ لهل بما يخرجها باعتدال كالهليج الأصفر و الأجاص والتمر الهندي فإن وقع في ذلك سرف حتى يجتمع في أبداننا من هذا الخلط مقدار كثير فزعنا حينئذ إلى الأدوية القوية بحسب ما ينبغي أن يستعمل في مداواة الأسقام لا في حفظ الصحة و متى رأينا المعدة قد تبلّدت و الشهوة قد سقطت حتى لا يكاد الإنسان يشتهي إلا الأشياء الحرّيفة ويثقل عليه سائر الأغذية ينبغي أن يستعمل القيء بعد الأكل من المالح والخردل و السلق والفجل أو ماء العسل التي تسهل باعتدال مما قد ذكرنا.
وإذا رأينا البدن منتفخا ًثقيل الحركات أحمر اللون ممتلئ العروق بادرنا إلى إخراج شيء من الدم وقللنا مقدار الغذاء.
وقد ينبغي أن يستعمل الجماع باعتدال النساء والرجال إذا كانوا يشتهون ذلك، وإن كره الصبر على ذلك يورث أمراضاً رديئة في ناحية الكلى والمثانة وفي الرأس وفي المعدة، و يورث أيضاً النساء اختناق الارحام.
ويستعمل أيضا السواك والغرغرة والتعطس في بعض الأحوال. ولا ينبغي أن يحبس شي ء من الأبوال والأثفال.
في اختيار المجالس والمراقد وتعديلها :
ينبغي أن لا يكون لهذه المواضع من الحر ما يعرّق فيه البدن أو يرشح. ولا من البرد ما يقشعر منه البدن. ولا تربته رطبة ولا قحلة. ومثل هذه المجالس المعتدلة يصلح للأبدان الكاملة الصحة. وأما الأبدان المضادة لهذه والنحيفة المرارية ،فإنها تنتفع بالمجالس والمراقد الندية الرطبة .
في الإنذار بالحوادث الرديئة وتلاحقها قبل أن تقوى وتعظم :
إن هذا الباب ركن جليل من أركان حفظ الصحة . نذكر منه عيوناً و نكتاً فنقول: إن الصداع الدائم الشديد والشقيقة يخشى منها نزول الماء في العين والانتشار. فلذلك ينبغي إن دام الصداع واشتد ولم تغن عنه الأدوية شيئاً أن يتلاحق العليل بسلّ شرياني الصدغ.
واختلاج جميع البدن إذا كثر ودام ينذر بالتشنج. فينبغي أن يستعمل النفض القوي والدلك البليغ ويلطف التدبير وأخذ الأدوية الحارة.
إذا كان الإنسان يرى كأن بقّاً يطير أمام عينيه أو كان يرى أشعة أمامها فإنه ربما كان ذلك لابتداء نزول الماء.
تواتر النزل والزكام يخاف منه السل والربو و علل الرئة .فينبغي أن يتلاحق بعلاجه.
نتن البول ينذر بعفونة وحمى ستحدث.
ذهاب الشهوة مع الغثي والنفخ ووجه الأطراف ينذر بالقولنج فيتلاحق بالنوم الطويل والإمساك عن الطعام والغذاء. ثم العلاج بالأدوية الموصوفة.
في الهمم النفسية :
ما كان من هذه سارة مفرحة للنفس، قوّت القوة وأثارت الطبيعة وأعانتها في أفعالها و نفعت الأصحاء وضد هذه الأشياء مما يغم فإنه ضار بجميع الأصحاء .
في العادات:
ينبغي أن يتحفظ في العادات إلا أن تكون مفرطة الرداءة .وليعتد الإنسان ويمرّن نفسه على لقاء الحر والبرد والحركة والأغذية التي لابد له منها وتبديل أوقات النوم واليقظة والتبرز والثبوت التي ربما اضطر إلى تبدياها .
فيما يمنع ضرر الأغذية غير الموافقة:
يسلم من شر هذه بأن لا تدمن .فإن أدمنت فبأن تتلاحق بالإسهال، وقد يسلم من ضررها بأن تمزج بغيرها أو يؤكل قبلها وبعدها ما يكسر من عاديتها ويعدلها ويصلحها.
فمن كان يسخنه الحلو أو يتأذى به فليشرب عليه سكنجبيناًحامضاً أوخلاً. وبالجملة ليأخذ من الأشياء ء الحامضة وليتعاهد الفصد والإسهال للصفراء. ومن أدمن من شرب ماء الثلج فليدمن التعرّق في الحمام .
فيما يدفع ضرر الشراب :
إذا كان الشراب يهيج الصداع و يولد في الرأس سدراً فليشرب رقيقه ومروّقه ويكثر مزاجه ويتنقل عليه بالسفرجل ونحوه .
وإذا كان يهيج منه في البطن نفخ ووجع فليشربه قويّاً صرفا أو قليل المزاج جداً.
صفة شراب يسخن المعدة ويحلل النفخ ويعين على الهضم و ينفذ الغذاء: يؤخذ من عسل النحل رطل و من الماء ستة أرطال فيطبخ طويلاً برفق ثم يؤخذ لكل رطل مما حصل درهم من الزنجبيل والفلفل والدار فلفل.شراب يطلق البطن :
يؤخذ من التين الأبيض فيصب عليه عشرة أمثال ماء ويطبخ، ويلقى عليه مثل نصفه عسل و يطبخ.
في منافع إخراج الدم ومضاره:
قد يحدث عن النزف في إخراج الدم سوء المزاج واستسقاء وسقوط الشهوة وبالجملة تضعف القوة الطبيعية كلها .
ويعرض عن ترك إخراجه مع الحاجة إليه دماميل وصنوف الأورام وخراجات وحميات مطبقة. والفصد علاج عظيم في حفظ الصحة وشفاء الأمراض إذا أصيب في موضعه.
من منافع الإسهال ومضاره وجهة استعماله :
الإسهال ينقّى البدن من الخلط الذي يتولد عن الخطأ في استعمال الأغذية وترك الحمية، وأحوج الناس إلى الإسهال من جثته عبلة غليظة ومن هو نهم كثير الزّرّ من الأطعمة والفواكه قليل الحركة والرياضة، وينبغي أن لا يؤخذ الدواء المسهل إلا بعد تليين الطبيعة بالأمراق الدسمة. وليتوق المسهلة القوية في الأزمان الحارة والباردة جداً.
في استعمال القيء :
أن القيء إذا استعمل باعتدال نقّى المعدة وأجاد الهضم وخصّب البدن. ويخفف الرأس ويجلو البصر. وإذا أفرط منه أنحف البدن وأضر بالكبد والصدر والرئة والمعدة و العين وربما شق العروق وخرقها وأهاج نفث الدم.
ويحتاج إلى من يجتمع في معدته بلغم كثير .فليقيأ هؤلاء مرة واحدة أو مرتين.
ولا ينبغي أن يكثر من القيء و يدمنه ،فإنه يفسد المعدة ويسقط قوتها.
في منافع الجماع ومضاره وجهة استعماله :
الجماع يخفف عن البدن الممتلئ وينشط النفس ويسرها ويزيد في النشاط ويسكن عشق العشاق إذا أكثر منه ولو كان مع غير من يهواه ويخفف عن الرأس والحواس.
وينبغي أن يحذر الإكثار منه من يسرع إليه عند ذلك الإستسقاط وذهاب الشهوة وغؤور العين وليحذره أصحاب الأبدان اليابسة فإنه يؤدي بهم على الدق إن أكثروا منه،وليذره النقه والمرضى والضعفاء و النحفاء فإن الجماع الكثير الدائم يضر بالعصب والعين وينهك الجسد. وتقل هذه المضار منه بأصحاب الأبدان القوية.
ولا ينبغي أن يكون الجماع على الجوع ولا على الامتلاء من الطعام والشراب ولا في الحمام ولا بعقب قيء أو إسهال.
من منافع الحمام ومضاره وجهة استعماله :
الحمام يمكن أن يرطب به البدن وأن يجفف. ويحتاج إلى الترطيب الأبدان النحيفة اليابسة وهؤلاء ينبغي أن لا يتعرّقوا فيه بل يكونوا منه في مكان معتدل ويصبون فيه ماءًحارا ًكثيراً ليكثر البخار الرطب حواليهم . وأما من يريد التجفيف والتخفيف عن البدن فليكثر التعرّق فيه والتدلك بدقيق الباقلّي والحمص أو البورق.
ومن منافع الحمام أنه يطري البدن ويفتح المسام ويجلي الأوساخ ويخفف الامتلاء ويفش الرياح ويجلب النوم ويسكن الأوجاع.
ومن مضاره إنه يسقط القوة ويسخن القلب حتى أنه ربما جلب الغثي.
ويحذر الحمام من به حمى أو قرحة . ولحذر دخوله على شبع إلا من يريد السمن.
في سحنة البدن المحمودة :
إنا لانمدح البدن المفرط الخصب و لا البدن النحيف. لأن فرط خصب البدن مقرون بآفات كثيرة، منها عسر النفس و الموت فجأة وانشقاق العروق وصعوبة الحركة .
و أما الأبدان النحيفة فمستعدة للسل و الدق ومبادرة للإسقاط وانحلال القوة في الأمراض وسريعة التأثر من الحر و البرد الخارجين عن الاعتدال. لكننا نمدح البدن الحسن اللحم المائل إلى الخصب قليلاً.
في السواك :
السواك يجلو الأسنان ويقويها إذا كان باعتدال ويشدّ اللثة ويسمنها ويمنع الحفر ويعين على طيب النكهة ويخفف عن الرأس والفم وقم المعدة بعض التخفيف و أن يستاك بخشب فيه قبض ومرارة.
في حفظ الأسنان :
ينبغي أن يجتنب كسر الأشياء الصلبة بها. ويجتنب كثرة المضغ من الأشياء الغلظة كالتمر والناطف ونحوها. ويحذر الأشياء التي تضرّسها و الأشياء التي تخدرها كالثلج ومائه وخاصة بعقب ماء حار.
في حفظ العين وجلائها :
ليتوق من الشمس الصيفية و الغبار والدخان، وإدمان النظر إلى الألوان البرّاقة وطول النظر إلى شيء واحد كالباهت والإنكباب على الخط والنقوش الدقيقة وكثرة البكاء والنوم الطويل على القفا واستقبال الريح الباردة زماناً، والأغذية المجففة جدا كالعدس والملح، والإلحاح على الجماع، ويضر بالبصر أيضا السكر الدائم والشراب والأغذية الغليظة والحرّيفة كالبصل و الخردل والثوم والإكثار من النوم أو السهر. وينفع البصر أن يستعمل في بعض الأحوال الاكتحال التي تدر الدمع
صفة كحل يحفظ على العين صحتها :
يؤخذ الإثمد فيغسل في الهاون بالماء مرات ثم يسحق بماء المطر أسبوعا وكذلك يفعل بالتوتيا ثم يؤخذ من ذلك الكحل وزن عشرين درهماً، ومن تلك التوتيا ومن اقليميا مغسولة من كل واحد اثنا عشر درهماً ومن المرقشيثا المغسولة ثمانية دراهم ومن اللؤلؤ الصغار ومن البسد من كل واحد درهمين، تسحق الأحجار إذا جمعت ثلاثة أيام بماء المطر ثم يجمع الجميع ويعاد سحقه ويرفع ويمرّ منه على الأجفان غدوة وعشية.
في حفظ السمع :
ينبغي أن يعنى بتنقية الوسخ منه على ما ذكرنا في بابه.
وتجتنب الأغذية الغليظة ويقطر فيها كل أسبوع من الدهن اللوز المر.
ومما يحفظ به الأذن من الوجع أن لا يستقبل بها الريح مدة طويلة.
وأن يحفظ أن يدخلها شيء أو يخرج فيها بثر. وليحذر التخم و النوم على التملّي.
في الاحتراس من الأمراض المعدية :
ينبغي أن يفرّ من البلاد التي فيها الطاعون والموتان . فإن كان منزلاً أو عسكراً فليكن في علو وفوق الريح.
ومما يعدي الجذام والجرب والحمى الوبائية والسل والنقرس إذا جلس مع أصحابها في البيوت الضيقة وعلى الريح .والرمد ربما أعد بالنظر إليه.
في الوباء والاحتراس منه :
إن الوباء يحدث في آخر الصيف وفي الخريف. فإذا كانت في الصيف أمطار كثيرة ودام فيه الغيم بالليل والنهار، فليحذر اللحم والشراب والحلواء والفاكهة الحلوة الرطبة والحمام وليكثر الخل وما يعمل منه. وإن رأى في البدن أدنى حركة للدم أخرج على المكان ولم يدافع به ويلزم الأماكن الباردة. وليحرص الصبيان وأصحاب الأبدان الخصبة الحمر الألوان أكثر من غيرهم. وإذا كان في آخر الصيف حر شديد و كان الخريف شديد اليبس كثير الغبار وأبطأ المطر و البرد فينبغي أن يبرد المجلس و ليلزم الدّعة و الراحة,وليحذر التعب والجماع. وليكثر أكل الخيار والقرع ونحوها من الأغذية المبردة.
وربما كثرت الخوانيق في الربيع في بعض السنين و كانت مع ذلك رديئة قاتلة،فينبغي أن يتقدم بالفصد وحجامة الساق وإسهال البطن.
في تدبير البدن بحسب الأزمنة :
ينبغي أن يتقدم في الربيع بالفصد والإسهال قبل اشتداد الحر. ويقلل فيه من الشراب وأكل اللحم و الحلواء لا سيما من كان يعتاده أمراض امتلائية. وإذا جاء الصيف فليقلل من الحركة والتعب و التعرض للشمس. وترك الأغذية الحارة والغليظة و لايمتلىء من الطعام .وأما في الخريف فليقل من أكل الفواكه ما أمكن و من التعرض للشمس عند انتصاف النهار ويحترس من شرب الماء البارد والاغتسال به ومن التعب والجماع. ولا ينبغي أن يتعرض فيه للقيء فإنه يجلب الحمى.
وأما الشتاء فإنه الخطأ في التدبير والإكثار من الأغذية الغليظة ومن اللحم. وليتوق فيه من الإسهال المفرط.
ومن كان بارد المزاج فإنه يحتمل أن يغتذي بالأغذية الحارة و بالثوم و البصل و التوابل. واما من كان شاباً حار المزاج فالأصلح أن يقلل منها أو يدعها.
في تدبير المرأة الحامل وحفظ الجنين :
ينبغي أن تتوقى الحبلى جميع الأغذية التي فيها حرافة ومرارة كالكبر و الترمس و الزيتون الفجّ ونحوها وجميع ما يدر البول والطمث كالحمص واللوبيا و السذاب خاصة. ويحذر عليها من وثبة أو سقطة أو ضربة وخاصة في أول الحمل و آخره ومن الجماع.
ولتغتذي الأغذية اللطيفة الجيدة الخلط والمسكنة للغثي والمقوية لفم المعدة كلحوم الدجاج و الدراج و الجدي. ولتسقى شرابا ًريحانيا يسير المقدار. وتشرب على الريق من ربوب الفواكه الحامضة و القابضة. ولتزيد من النوم والطيب. وتأكل من السفرجل والرمان.
في تسهيل الولادة وتدبير النفساء :
إذا قرب أوان الولادة ،ينبغي أن تدخل الحمام وتجلس في الأبزن كل يوم ساعة ويمرخ بطنها وظهرها بالدهن. وتطعم من الأغذية اللينة اللذيذة كالحلواء المعمول بالسكر ودهن اللوز. حتى إذا جاءها الطلق فليمرخ ظهرها بدهن الخيري و الزئبق و هو مسخن، وتتمشى برفق وتردد. ومتى اشتد الطلق أمسكت النفس وترخت ورفعت القابلة ظهرها وغمزت خواصرها و مرافقها إلى أسفل.
فإن عسرت الولادة وخيف عليها فلتسقى ماء الحلبة والتمر المطبوخين.
فإن رأت بعد الولادة دماً كثيراً فلتعالج بما ذكرنا في باب إمساك الطمث. ولتقوى بماء اللحم والشراب والطيب وإن لم ترى دماً .
في تدبير الطفل :
ينبغي أن تمص أذان الطفل كما يولد. ويحذر أن يدخلها عند الرضاع لبن،وليحنك الطفل بالعسل. ويتعاهد تنقية أنفه بالدلك بالماء الحار والدهن والتمخيط. ويتعاهد بالدلك والتمريخ وتمديد الأعضاء في الجهات .
وليرضع بمقدار مالا يتمدد بطنه و لا يخرج منه ريح ولا يصيبه فتور ولا كسل وطول نوم وتقلب وبكاء وقيء. وليلق على عينيه في الأيام الأولى من ولادته خرقة. ولا يكون في مكان كثير الضوء والشعاع وليعلق أمام عينيه خرقا ذات ألوان مصبغّة ويترّنم بها حتى إذا قرب وقت الكلام فلتكثر الحاضنة دلك لسانه والعبث به ويدلك أسفل لسانه بعسل وملح أندراني ولاسيما إذا كان يبطىء الكلام. وإذا قرب وقت نبات الأسنان فلتدلك لثته كل يوم بالزبد وشحم الدجاج ويمر عليه شعير
وإن انطق بطنه يأخذ كمون وورد قد بل بقليل خل وماء،وضمّد به بطنه .
وإذا حضر وقت الفطام ،فليتخذ له بلاليط من دقيق سميذ ولبن وسكر. وتدفع في يديه ليعبث بها ويمصها ويمضغها ويدفع إليه من صدر فروج .فإن استطاب ذلك قصر عن الرضاع قليلاً قليلاً.
ثم يترك إلى أن يرضع باليل البتة ثم يدرج إلى أن لا يرضع بالنهار أيضاً. ولا يفطم في الحر أبداً.
في اختيار الظئر وتدبيرها :
لتكن الظئر فتية نقية اللون بيضاء مشرّبة الحمرة ولا تكون قريبة العهد بالولادة ولا بعيدة العهد به ولا ممراضة. ولتكن عظيمة الثدي واسعة الصدر معتدلة في خصب البدن، وليحذر عليها المالح والحرّيف والحامض والقابض و التوابل القوية الإسخان كالبصل والثوم والجرجير والكرفس خاصة ولتقتصر من الأطعمة على الحنطة و الرز واللحم. ولتحذر الجماع ودرور الطمث. وإن قلّ لبنها أعطيت الأحساء المتخذة من دقيق الباقلي و الأرز و الخبز والسميد المجفف واللبن والسكر.
وإن كان بطن الطفل يستطلق فلتطعم الأشياء الماسكة للبطن وتجتنب الحلواء والدسم. وإن كان بثر بدنه سقيت ماء شعير وحميت من الحلاوة والأشياء الحارة. وفصدت وحجم الطفل إن كان قد أتى غليه أربعة أشهر.
في جمل تدبير سائر الإنسان :
أما الصبيان فليس يعالجون لابفصد ولا بإسهال قوي. بل يستعمل فيهم الحجامة ويسهلون بماء الفاكهة. وينبغي أن لا يطلق لهم الإكثار من الحلواء والفواكه لئلا تكثر أمراضهم ولا من الألبان والأجبان والأغذية الغليظة لئلا تولد الحصا في مثاتهم .
أما الفتيان والشباب فليحذر عليهم من الأمراض الحارة ويستعمل فيهم الفصد والإسهال والمطفّيات القوية حين تبدو بهم إمارات العلل .
وأما الكهول فليكن ميلهم إلى الاستفراغ بالأدوية. وأكثر منه إلى إخراج الدم وليبقوا على أنفسهم بأن يقللوا الكدّ والجماع.
وأما المشايخ فليدعوا الكدّ والتعب والجماع و إخراج الدم البتة وليغتذوا بالأغذية السهلة الهضم.
مع تمنياتي للجميع بوافر الصحة و العافية
و لا تنسوني من صالح دعائكم