﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
ثناء رباني للذين حفظوا فروجهم:
أيها الأخوة الكرام, في سلسلة دروس مكارم الأخلاق, ننتقل إلى موضوع كثر ذكره في القرآن الكريم، ألا وهو حفظ الفرج، فالله سبحانه وتعالى يصف المؤمنين الفالحين بأنهم:
﴿لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾
[سورة المؤمنون الآية: 5]
ويصف في آية ثانية المؤمنين –أيضاً- بأنهم يحفظون فروجهم، ويأمرهم –أيضاً- فيقول:
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾
[سورة النور الآية: 30]
غض البصر وحفظ الفرج يحفظان المجتمع من الانهيار:
أيها الأخوة, آيات كثيرة تتحدث عن حفظ الفرج.
أولاً: حفظ الفرج يلزمه غض البصر, لأن الله سبحانه وتعالى بدأ بغض البصر، وثنى بحفظ الفرج:
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾
[سورة النور الآية:30]
طبعاً حينما يغض البصر ويحفظ الفرج, يتماسك المجتمع ويقوى، وكأن في الشريعة كلها قضيتين خطيرتين؛ كسب المال وحفظ الفرج، وإذا أردت أن تسأل عن أشد المجتمعات فساداً, ما خصائص هذا الفساد العريض؟ تفلت في العلاقة مع المرأة، وكسب للمال بغير ضوابط.
أيها الأخوة, يحفظ الفرج بالبعد عن الزنا، وما يشبهه من سفاح وبغاء وشذوذ، وما إلى ذلك ....، وقد قال الله عز وجل:
﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾
[سورة المعارج الآية: 29-30]
منافذ الشريعة الإسلامية:
والحقيقة الدقيقة: أنه ما من شهوة أودعها الله في الإنسان, إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها، فحينما أمر الله بحفظ الفرج شرع الزواج، وحينما أمر الله بغض البصر سمح له أن يطلق بصره فيمن تحل له، وحينما تصور الصحابة الكرام خطأ أن القرب من الله عز يستلزم الزهد في الدنيا, فقال أحدهم: أما أنا فلا أتزوج النساء، فرد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-:
فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِي اللَّه عَنْه- يَقُولُ:
((جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-, فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا, فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا, وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ, وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا, فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِمْ, فَقَالَ: أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا وَاللَّهِ, إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ, لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ, وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ, وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ, فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي))
مقاصد الزواج:
أيها الأخوة, الإمام الغزالي -رحمه الله تعالى- آراء لطيفة في هذا الموضوع, يقول: المقصد الأول للزواج: تكثير النسل -إنجاب الذرية-، والمقصد الثاني للزواج: حفظ الفرج.
أيها الأخوة, لحفظ الفرج منافع كثيرة، أولها أنه الأصل، وله شرّع أن يرزقك الله ولداً صالحاً ينفع الناس من بعدك، الزواج في أهدافه البعيدة: أن يكون لك عمل مستمر إلى يوم القيامة، والدليل: قول الله عز وجل:
﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾
[سورة الطور الآية: 21]
ذريتك بأعمالها الصالحة إلى يوم القيامة في صحيفتك، معنى ذلك: أن الإنسان ينقطع عمله بالموت؛ ولكن إذا تزوج، وأنجب ولداً صالحاً, يستمر عمله في ابنه, وفي ابن ابنه, وفي ذريته إلى يوم القيامة، فهذا هو المقصد الأول، أن تزداد دوائر الحق، وتتقلص دوائر الباطل.
والمقصد الثاني: كسر الشهوة، لأن الإنسان حينما تسكن نفسه يلتفت إلى ربه، شيء ثالث من مقاصد الزواج كما يقول الإمام الغزالي: ترويح النفس، وإيناسها بالمجالسة، والنظر ولهوهما، وهذه المؤانسة تعينه على طاعة الله فيما بعد.
من مقاصد الزواج: تفريغ القلب والبدن من تدبير المنزل، وتهيئة أسباب المعيشة، تنظيف البيت، وكي الملابس وغسلها، وصنع الطعام يحتاج لصنع كبير، فلو أنك تعمل عملاً خارج البيت، وأنت مكلف بهذه الأعمال لضاع الوقت كله، فهناك تكامل بين الرجل والمرأة، هي في البيت، وهو خارج البيت.
الزواج عن طريق رعاية المرأة، وعن طريق رعاية الأولاد يحقق أعمالا صالحة كثيرة جداً، وأنت في الدنيا من أجل العمل الصالح، بالزواج فرصة كبيرة، لأن تكون زوجاً وفياً، وأباً ناصحاً، وأخاً، ففي الزواج طرق كثيرة جداً.
ما قيل عن النكاح:
أحد الأئمة يقول: النكاح مأمور به شرعاً، وهو مستحسن وضعاً وطبعاً، لأن به بقاء النسل، وعمارة الأرض، وعبادة الله والقيام بالأحكام، هو سنة للذي يشتهيه، ولا يخاف الزنا، ولو كان فقيراً، والاشتغال به أفضل من التخلي لنوافل العبادة.
عنده زوجة وأولاد، يعمل، ويتعب، وتنجب زوجته، ويهتم بالصغير، ويأخذه للطبيب، الاشتغال بالزوجة والولد عند هذا الإمام أفضل من نوافل العبادات، هو مباح لمن لا يشتهيه، ولا يخاف على نفسه الزنا، لكن يقدم الزواج على الحج، إذا تاقت نفس الشاب للزواج يقدم على الحج، ولكن الزواج مكروه على إنسان غير مؤهل للزواج، وغير كفء له، لأن هذه التي تزوجها, أعطاها فرصة سيئة كي تكون مع زوج ليس مؤهلاً ليقودها إلى طريق الله عز وجل، منعها من زوج أكفأ منها، على كل؛ الزواج سنة الله في خلقه، والإنسان أودع الله فيه شهوة الطعام والشراب ليحافظ على وجوده، وأودع فيه شهوة النساء ليحافظ الجنس البشري على وجوده، وأودع في الإنسان شهوة التفوق ليؤكد الإنسان ذاته.
باب حق الزوج على الزوجة وما يتعلق بالحدود:
الآن: حديث لطيف جداً يؤكد للمرأة أن دينها سهل جداً: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ عَوْفٍ قَالَ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا, وَصَامَتْ شَهْرَهَا, وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا, وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا, قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ))
عَنِ الْمُطَّلِبِ, عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ, أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
((اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ, أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ, وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ, وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ, وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ, وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ, وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ))
[أخرجه ابن حبان في صحيحه, والحاكم في مستدركه]
وفي حديث رائع جداً يقول عليه الصلاة والسلام:
((من حفظ فرجه فله الجنة))
[أخرجه الحاكم في مستدركه]
ليس من السهل أن ينضبط الإنسان هذا الانضباط، لأنه ما من شهوة أودعت في الإنسان متغلغلة في أعمق أعماقه كهذه الشهوة، فإذا ضبطت فهو في خير.
الحث على النكاح وما يتعلق بأهل البدع والأهواء:
وهناك أحاديث تحض على الزواج ولكن بشكل غير مباشر، فهذا الشاب الذي جاء النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، -الحقيقة لا يحتملها شيخ من الدرجة العاشرة لسيد الخلق-، وقد قام الصحابة إليه لتجرئه على سيد الخلق قال: دعوه, تعال أيها الشاب, تعال يا عبد الله: أتريده لأمك؟ تصور الشاب أمه تزني فاحمر وجهه قال: لا، قال: ولا الناس يريدونه لأمهاتهم، أتريده لأختك, لابنتك, لعمتك, لخالتك؟ فيقول هذا الشاب: دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس شيء أحب إلي من الزنا, وخرجت من عنده وليس شيء أبغض إلي من الزنا.
أيها الأخوة الكرام, كيف أن النبي الكريم: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقَيْلٍ, أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ:
((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ))
[أخرجه الترمذي في سننه]
كذلك: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
((إِنَّ مِمَّا أَخْشَى عَلَيْكُمْ شَهَوَاتِ الْغَيِّ فِي بُطُونِكُمْ وَفُرُوجِكُمْ وَمُضِلَّاتِ الْفِتَنِ))
أكثر شيء خطير يهلك الإنسان: شهوة البطن والفرج، مضلات الهوى: أن يكون لك أهواء تسيطر على الآخرين، هذه الشهوات الثلاث؛ تأكل لتبقى، تتزوج ليبقى النوع، تتفوق كي تؤكد ذاتك.
أحاديث مشتركة تبين آداب النفس:
والحقيقة: يوجد تعليق لطيف:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
((سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ فَقَالَ: تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ, وَسُئِلَ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ فَقَالَ: الْفَمُ وَالْفَرْجُ))
أكثر شيء يدخل الناس الجنة: لو أنك تساهلت في كسب المال والعلاقة بالنساء, هذا هو الفساد بعينه من دون استثناء.
أيها الأخوة, عَنْ سَهْلِ ابْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ, قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
((مَنْ تَوَكَّلَ لِي مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ, تَوَكَّلْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ))
إذا ضبط لسانه وفرجه, تكفل الله له بالجنة!.
عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ:
((كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ بِمِنًى, فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْد ِالرَّحْمَنِ, إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَخَلَوَا, فَقَالَ عُثْمَانُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا عَبْد ِالرَّحْمَنِ فِي أَنْ نُزَوِّجَكَ بِكْرًا تُذَكِّرُكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ؟ فَلَمَّا رَأَى عَبْد ُاللَّهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى هَذَا أَشَارَ إِلَيَّ, فَقَالَ: يَا عَلْقَمَةُ, فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ, لَقَدْ قَالَ لَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ, مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ, وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ))
أي حصن له.
النبي فيقول:
((فإنهن يذهبن بوحر الصدر))
كالاضطراب، والحقد، الغضب الشديد، الميل للعنف، هكذا علمنا النبي عليه الصلاة والسلام.
ويجب أن نتأكد أن قول النبي: لا علاقة له لا بثقافته, ولا بمعطيات البيئة، ولا بخبرته، ولا بمعلومات تلقاها عن غيره:
﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾
[سورة النجم الآية: 4]
والحقيقة: أن الله سبحانه وتعالى وحده هو الخبير:
﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾
[سورة فاطر الآية: 14]
((يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ, مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ -الباءة هي القدرة على الزواج مالياً وجس- وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ))
أي وقاية.
يوجد حديث شريف آخر: عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ:
((قَالَ جَابِرٌ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إِذَا أَحَدُكُمْ أَعْجَبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِهِ, فَلْيَعْمِدْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَلْيُوَاقِعْهَا, فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ))
[أخرجه مسلم في الصحيح]
هناك كبير بين النساء والشيطان، أحياناً يبالغ بإلقاء الإعجاب لمن لا تحل للإنسان، ويبالغ بتزهيد الإنسان لمن تحل له، وهذا مرض يزهده بمن تحل له، ويرغبه بمن لا تحل له، وهذا من فعل الشيطان، لأن الشيطان دأبه أن يفرق بين المرء وزوجه, لذلك: النساء سواء, هكذا أشار النبي عليه الصلاة والسلام.
اتق الله يا أمة الله ولا تتبرجي بمفاتنك لتفسدي الشباب:
أذكر أن أخاً كريماً حدثني عن ندوة رآها في فضائية إسلامية: أن شاباً قتل أكثر من عشر فتيات قاصرات, بعد اغتصابهن أودع في السجن.
باحثة اجتماعية استأذنت النائب العام أن تلتقي به، وكان هذا اللقاء في هذه الفضائية، شيء لا يصدق، هذا الشاب جاهل جهل مطبق, الدليل: أن الباحثة سألته: هل تقرأ وتكتب؟ قالت له: هل تقرأ القرآن؟ طبعاً لا! ألم تحفظ منه شيئاً غيباً؟ قال: لا! قالت: هل تنطق بالشهادة؟ قال لها: وما الشهادة؟ قالت له: لا إله إلا الله كلمة كلمة.
الذي رأى هذه الندوة, يؤكد أنه حتى أتقن لفظ لا إله إلا الله, مر دقائق, ملخص الكلام: إنه جاهل جهلاً لا يوصف، ثم جاء السؤال المتعلق بموضوع الندوة: لم اغتصبت هؤلاء الفتيات وقتلتهن؟ بماذا أجاب؟ قال: السبب من ثيابهن، فلما سألته الباحثة: لو أنك رأيت فتاة محجبة ماذا تفعل؟ قال هذا الجاهل المجرم: والله الذي يتكلم معها كلمة أقتله!.
أنا لا أرى إنسانا أجهل من هذا الإنسان، ومع ذلك نطق بالحكمة! السبب: هذا التفلت الذي في ثياب المرأة، حينما تبرز المرأة مفاتنها في الطريق تقوم الدنيا ولا تقعد, كأنها تلقي بالقنابل في الطريق! لأن الشاب بينه وبين الزواج سنوات وسنوات، وقد تزيد عن عشرين عاما، هي تبرز كل ما عندها من فتنة أكرمها الله بها كي تكون مؤنسة لزوجها، خرجت عن منهج الله عز وجل، لذلك قال: أما المحجبة لو أن أحداً كلمها كلمة لقتلته، لكن هذا العمل بسبب ثياب الفتيات الفاضحات.
المرأة تتحرش بالرجل حين تلبس ثيابا فاضحة:
وجدت مصطلح جديد رائع: كيف يتحرش الرجل بالمرأة؟ يسمعها بعض الكلمات, كما أن هناك تحرشاً من الرجل بالمرأة، هناك تحرش من المرأة بالرجل، لكن لا بالكلام، بل بالثياب فقط، ثياب المرأة الفاضحة تعد تحرشاً بالرجل، لذلك ثياب المرأة متعلقة بدينها، كل سنتيمتر من ثيابها، وبالتعبير الديناميكي: كل سماكة ثيابها، وكل اتساع أو تضييق في ثيابها متعلق بدينها، تفصيل الثوب واسع أم ضيق، وسماكة الثوب سميك أم رقيق، ومساحة الثوب ضاف أو منحسر المساحة، والسماكة، والتفصيل متعلق بدينها، وهذا الثوب الذي ترتديه المرأة، وهو سابغ، وثخين، وواسع، وبلون لا يلفت النظر هو جزء من دينها، بل إن سلوك المرأة المؤمنة الشريفة التي تخاف الله عز وجل أنا أعده عبادة هذا العصر.
إن سألت أخت كريمة عن عبادة خاصة بالنساء أقول لها: التستر هو العبادة الأولى للمرأة, هذه العبادة يمكن أن تسمى إعفاف الشباب، عبادة إعفاف الشباب.
الثمار التي نجنيها من غض البصر وحفظ الفرج:
من فوائد غض البصر: الفلاح والفوز برضوان الله تعالى، ومن فوائد حفظ الفرج: حفظ النسل، وطهارة الإنجاب، وبه ينشأ المجتمع النقي من الدنس، وأدران الزنا، ويحفظ القلوب من التعلق بالمحرمات، ويحفظ المسلمين من أن يسري فيهم داء الزنا، وما يتبعه من أوبئة، ويحفظ الصحة العامة من عاديات الأمراض الفتاكة كالزهر والإيدز، ويمنع المفاسد، ويطهر الذمم، ويؤلف القلوب، وينشر الأمن، ويحفظ الأعراض بين أفراد المجتمع.
والحمد لله رب العالمين