علو الهمة في الطاعات " د.خالد متولى

علو الهمة في الطاعات " د.خالد متولى
علو الهمة في الطاعات " د.خالد متولى
علو الهمة في الطاعات " د.خالد متولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } ، { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } ، { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} .
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .

يقول ربنا جل وعلا : " ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا " ، إذا كان الفضل في ديننا لمن صدق لا لمن سبق ، فإن أبا بكر قد سبق وصدق ، وما من باب لله فيه طاعة ورضا ومحبة إلا وترى أبا بكر أول المسارعين إليه ، روي مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أصبح منكم اليوم صائما ؟" قال أبو بكر : أنا. قال "فمن تبع منكم اليوم جنازة." قال أبو بكر : أنا. قال فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟" قال أبو بكر أنا. قال : " فمن عاد منكم اليوم مريضا." قال أبو بكر : أنا. فقال رسول الله : " ما اجتمعن في أمريء إلا دخل الجنة " .
الإسلام علَّم المسلم كيف يعيش وكيف يموت ، فمن عاش علي شيء مات عليه ، ومن مات علي شيء بعث عليه ، من عاش مؤمنا مسلما طاهرا مستقيما طائعا تقيا خاشعا فسيموت موحدا طيبا طاهرا
علمنا الإسلام علو الهمة وصدق العزيمة والمسارعة إلى الخيرات والسبق إلى الطاعات ، فالحياة ليست نزهة ، وإنما هي ميدان صبر ومجاهدة وتضحية ، ومن لم يمرن نفسه علي صعود الجبال عاش طيلة حياته بين الحفر . قال الحسن : من نافسك في دينك فنافسه ، ومن نافسك في دنياه فألقها في نحره . وقال وهيب بن الورد : إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل .

* كيف تعلو الهمة في الإقبال على الله ؟ ولماذا تضعف الهمم وتخور العزائم ويتثاقل المسلم ويرضى بالمتاع الزائل والشهوات العاجلة عما وعده ربه من نعيم مقيم ولذة باقية لا تفنى ولا تزول ؟ ما بال بعض الناس إذا دُعي إلى الصلاة أو إلى عيادة مريض أو زيارة مسلم أو دُعي لحضور جنازة تراه متثاقلا إلى الأرض يجر أقدامه جرا وكأنه مقيد بسلاسل وأغلال ويتعلل بكثرة المشاغل وعدم الفراغ ؟ هل ينتظر يوم موته حيث لا يمشي في جنازته أحد ؟ أو يكون طريح الفراش لا يعوده ولا يدعو له أحد ؟ بينما ترى الهمم العالية والعزائم القوية والطاقة الهائلة إذا دُعي إلى شهوة أو مصلحة أو لذة للنفس فيها حظ ونصيب ؟
ما هي هموم القلوب ؟ وما هي ميادين التنافس التي دعانا إليها ديننا ؟ هل نتنافس في حطام وتراب عما قليل سنتركه وراء ظهورنا ونحاسب عليه كله ؟ أم نتنافس فيما نفرح به يوم نلقاه في صحائفنا المنشورة بين أيدينا يوم القيامة عندما يُقال لأحدنا : " اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا " . روي الطبراني عن الحسين بن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها " صححه الألباني في صحيح الجامع (1890) .

* كم في القرآن من نداء وأمر وترغيب للمسارعة والسبق في الخيرات :
1- " وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين " .
2- " فاستبقوا الخيرات " .
3- " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون " .
4- " ففروا إلي الله إني لكم منه نذير مبين " .
5- " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار " .
6- وقال في شأن زكريا : " وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين، فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين " .
ليس لدى المسلم وقت فراغ يتحير فيه كيف يقضيه ؟ فالوقت هو الحياة ومن يقتل وقته فكأنما يقتل نفسه ، فأنفاسنا هي خطانا إلى قبورنا ، وإذا ضاع العمر في شهوة وغفلة وأكلة ولذة فمن يأتينا بعمر جديد ؟ روي البخاري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ " . قال عبد الله بن مسعود : إني لأبغض الرجل أن أراه فارغًا ، ليس في شيء من عمل الدنيا، ولا عمل الآخرة . وقال بعض السلف الصالح : من أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه ، أو فرض أداه ، أو مجد أثله ، أو حمد حصله ، أو خير أسسه أو علم اقتبسه ؛ فقد عق يومه وظلم نفسه .

* أبواب علو الهمة كثيرة ، فالمشغول بالله يعرف طريقه إلى مرضاة ربه ، لا يشغله القيل والقال ولا اللغو والفراغ ولا صراع على دنيا لن تبقى ونحن عنها راحلون ، فعنده ما يشغله من معالي الأمور وعزائم الخير ، ومن أبواب علو الهمة الشغف بطلب العلم والتلذذ بالعبادة وحب الإنفاق والجود والكرم والتضحية بالغوالي :
1- الشغف بطلب العلم : أفضل ما تقربنا به إلى الله طلب العلم ، روي البزار عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا " صححه الألباني في صحيح الجامع (6624) ، فطالب الدنيا دائما يقول هل من مزيد فلا نفسه تشبع ولا قلبه يقنع فالدنيا معشوقة الغافلين وطالب العلم شغفه أشد من طالب الدنيا ويقول كما قال الإمام احمد : المحبرة إلى المقبرة ، يزداد علما فيزداد لله حبا وتعلقا وقربا . قال عبد الله بن مسعود : لو أعلم أن أحدا أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لأتيته .
روى الحاكم عن ابن عباس قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب رسول الله فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجبًا لك يا ابن عباس! أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله من فيهم ؟ قال: فتركت ذاك وأقبلت أسأل أصحاب رسول الله ، وإن كان يبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه يسفي الريح علي من التراب، فيخرج فيراني فيقول: يا ابن عم رسول الله ما جاء بك ؟ هلا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: لا، أنا أحقُّ أن آتيك، قال: فأسأله عن الحديث، فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألوني، فيقول: هذا الفتى كان أعقل مني .
ومن عجائب الهمم العالية في استيعاب علوم العصر ، ما حدث لزيد بن ثابت ، هل حاولتم يوماً أن تتعلموا لغة جديدة كالإنجليزية أو الفرنسية فتعلمتموها بل وأتقنتموها في أسبوعين فقط ؟ روي أبو داود والترمذي عن زيد بن ثابت قال : أمرني رسول اللّه فتعلمت له كتاب يهود وقال : " إني واللّه ما آمن يهود على كتابي " ، قال : فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له ، قال : فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت اليهم ، وإذا كتبوا اليه قرأت له كتابهم " .
وروى أحمد عن جابر بن عبد الله يقول : بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله ، فاشتريت بعيرًا، ثم شددت عليه رحلي، فسرت إليه شهرًا، حتى قدمت عليه الشام فإذا عبد الله ابن أنيس ، فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب، فقال ابن عبد الله؟ قلت: نعم، فخرج يطأ ثوبه فاعتنقني، واعتنقته، فقلت: حديثًا بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله في القصاص، فخشيت أن تموت، أو أموت قبل أن أسمعه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يحشر الناس يوم القيامة - أو قال: العباد - عراة غرلًا بُهمًا. قال: قلنا: وما بهما؟ قال: ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك، أنا الديان، ولا ينبغي لأحد من أهل النار، أن يدخل النار، وله عند أحد من أهل الجنة حقٌّ، حتى أقصه منه، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة، ولأحد من أهل النار عنده حق، حتى أقصه منه، حتى اللطمة قال: قلنا: كيف وإنا إنما نأتي الله عزَّ وجلَّ عراة غرلًا بهما؟ قال: بالحسنات والسيئات " .
ومن عجائب هذه الأمة وعلو همتها في حب العلم أنها يوم كانت مستقيمة على دينها حقيقة لا صورة كانت سباقة لجميع الأمم بلا منازع ، في كل ميادين الحياة . لقد أرست مبادئ العلوم : كالجبر والهندسة والفلك والكيمياء والفيزياء والطب وحتى الجغرافيا والتاريخ .
1) المنهج التجريبي أول من قال به علماء العرب والمسلمين : ابن الهيثم / الرازي .
2) الجاذبية/ الطفو بالسوائل / ضغط الهواء / ومراكز الأثقال .ذكرها الخازن في كتاب "ميزان الحكمة ".
3) دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس : أول من اكتشفها البيروني .
4) مكتشف الدورة الدموية الصغرى هو : ابن النفيس .
5) المرقد وأسفنجة التخدير وسائل الكحول إختراع عربي 100 % .
6) واضع علم الجبر فقيه مسلم هو الخوارزمي كان يعالج بعض مسائل الميراث .
دائما قل الحمد على نعمة الإسلام . على نعمة القرآن . على نعمة رسول الله . على نعمة الهداية . على نعمة الطاعة . قل الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام :
في التاريخ العربي تعد ساعة "شارلمان" أبرز حدث يؤرخ لبداية الابتكار والاختراع ، وهي الساعة المائية التي أهداها هارون الرشيد إلى الملك الفرنسي شارلمان ، والذي أصابته الدهشة وهي أول ساعة عرفت في أوروبا وكان ذلك عام 807م ، إذ كانت ساعة جميلة ودقيقة الصنع .وهي من أروع الساعات المائية التي صنعها العرب، وكانت مصنوعة من البرونز المطعَّم بالذهب، وكان بمينائها اثنا عشر باباً صغيراً يمثل كل منها ساعة من الساعات، بحيث ينفتح كل باب إذا حلت الساعة، ويصحب ذلك كل مرة سقوط كرات من النحاس الأصفر على قرص من النحاس الرقيق، بحيث يدل عدد الكرات على الساعة التي حلت بها من النهار أو الليل . واجتمع علماء شرلمان للنظر إلى هذا الاختراع الخطير في حينه، وقالوا إن هذه الساعة المائية بداخلها الجن، حيث يقومون بنقل الماء من طرف إلى آخر فيسمعون بذلك دقات الساعة المائية، واستمرت حالة الذهول والانبهار لعلماء الغرب من هذه الساعة المائية السحرية، إلى أن حضر إليهم أحد علماء العرب من بغداد ليشرح لهم عنها .

* 2- التلذذ بالعبادة : لا نعلم همة في العبادة أعلى من همة نبينا حتى تورمت أقدامه من طول التهجد وقيام الليل ، ولما سألته عائشة أن يرفق بنفسه فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال لها : " أفلا أكون عبدا شكورا " .
وعلمنا نبينا علو الهمة حتى في الدعاء فإذا دعا فلا يقول اللهم أدخلني الجنة إن شئت أو اللهم اغفر لي إن شئت أو اللهم ارزقني إن شئت ولكن يعزم في المسألة فإنه يدعو ربا كريما وخزائنه ملآى وهو يحب العطاء ، روى البخاري ومسلم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة ولا يقولن اللهم إن شئت فأعطني فإنه لا مستكره له " ، وروى أحمد عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة، ومن فوقها يكون العرش؛ فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس " .
أصحاب الهمم العالية هذا حالهم مع الله في الليل ، " أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون " ، مَنْ سيقوم الليل عنك بعد الموت ؟ مَنْ سيصلي الفجر حاضرا بالمسجد عنك بعد الموت ؟ مَنْ سيتلو القرآن عنك بعد الموت ؟ مَنْ سيعمر بيوت الله عنك بعد الموت ؟ إذا مات ابن آدم بكى عليه موضعان : موضع سجوده من الأرض ، وموضع مصعد أعماله من السماء . وأما مَنْ لا عمل له ولا طاعة له " فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين " .
روى مسلم عن أبي فراس ربيعة بن كعب الأسلمي خادم رسول الله ومن أهل الصفة ـ قال : كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآتيه بوضوئه وحاجته ، فقال : " سلني " ، فقلت : أسألك مرافقتك في الجنة ، فقال : " أو غير ذلك ؟ " قلت : هو ذاك ، قال : " فأعني على نفسك بكثرة السجود " .
انظر إلى الهمة في الطلب والمسألة ، لم يسأل مالا ولا عقارا ولا متاعا مما يتنافس فيه صغار الهمم وإنما عينه على ما هو صائر إليه ، هل رأيتم همة في الدعاء أعلى من هذه الهمة ؟

* 3- الإنفاق والتضحية بالغوالي : أصحاب الهمة العالية يرون ببصيرة قلوبهم أن المال وديعة وأمانة لله عندهم ، فلا يفرحون بكثرته وتعداده كالذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده ، وإنما للأمة نصيب فيما رزقهم الله ، فالإيمان كله عطاء كله سخاء كله كرم وجود ، ولا يجتمع في قلب مؤمن إيمان وشُحُّ أبدا .
صاحب الهمة العالية يفرح إذا وفقه الله للنفقة فيما يرضيه ، ويرى من نعم الله عليه أن يحبب الله إليه الإنفاق عن الادخار والكنز حتى يتحرر من رق العبودية للمال ، فالإسلام لا يمنع أن يكون لك ملايين ولكنها في يدك وليس في قلبك ، وعلامة أنها في يدك أن تنفقها ونفسك بذلك طيبة ترى أن الله حبب إليك الجود والسخاء والكرم ، فالسخي الكريم قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة بعيد من النار ، أما الأناني البخيل فهو بعيد من الله بعيد من الناس بعيد من الجنة قريب من النار ، نعم وأي داء أدوا من البخل ؟
روي أبو داود عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ". فقال قائل: ومن قِلّةٍ نحن يومئذٍ ؟ قال : " بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنكم غثاءٌ كغثاء السيل ، ولينزعنَّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوهن" . فقال قائل : يا رسول اللّه ، وما الوهن ؟ . قال : " حبُّ الدنيا وكراهية الموت " .
أقبل طلحة بن عبد الله بن عوف من سفر فلقيه أعرابي عند دخول المدينة ، فقال : أفض علينا مما رزقك الله ، فقال لغلام له : ما بقي معك من المال فأعطه إياه ، قال : فصب في ثوبه شيئا ثقل عليه ، قال : فجلس وبكى ، فقال أستقللت ؟ ويحك ، قال : لا ، ولكني أبكي على الأرض أن تأكل مثلك !!! ، قال : هذا والله خير من قصيدة ، لا تبرحنا ومعنا درهم إلا أخذته ، فأخذ كل ما كان مع أصحابه فأعطاه إياه .

* أين المشمرون إلى سلعة الله الغالية ؟ روي الترمذي عن أبي هريرة عن النبي قال : " من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ، ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة " .
السابقون هم الذاكرون الله الواقفون عند حدوده القائمون بأمره الذين لا يغفلون عنه طرفة عين . وأنت كن سباقا لكل خير . إذا دعيت إلي الصلاة فأجب . إذا دعيت إلي حلق العلم فسارع . إذا دعيت إلي الإنفاق وإغاثة الملهوف فأنفق . إذا دعيت إلي زيارة مسلم وعيادة مريض فأقبل . إذا دعيت إلي كل بر وخير ومعروف فسارع . وقل أجتهد ألا يسبقني إلي الله أحد ، سأكون بعون الله سباقا لكل خير ليجعلك الله مع السابقين المقربين ، نسأل الله بمنه وكرمه أن يجعلنا جميعا منهم .
كن على يقين أن الإنسان لا يصلحه إلا همة ترقيه وعلم يبصره ويهديه .

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام علي نبينا محمد ، وعلي آله وأصحابه وأزواجه أمهات المؤمنين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم .

روي مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، لكن قل: قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان " .
الهمم أرزاق ، فكيف تعلو الهمم وتشتاق إلي المنازل العالية ؟ المؤمن الصادق لا يقنع بما هو عليه من طاعة وإيمان بل دائما تهفو نفسه إلي المنافسة لأعلي الدرجات وبلوغ القمة فيما يقربه من الله وينال به رضوانه ورضاه ، " وفي ذلك فليتنافس المتنافسون " .
وعلو الهمة له أسبابه ومنها :
1- صحبة الصالحين ذوي الهمم العالية ، فإن رؤية الصادقين المجتهدين تقدح في النفس الغيرة للمنافسة وحسن الاقتداء ، فالسماع يختلف عن الرؤية ، فمهما سمع الإنسان عن الصدق والأمانة لن يتأثر قلبه كما لو رأي موقفا من إنسان فيه صدق وأمانة ، فلسان الحال أبلغ دائما من لسان المقال . قال ابن عطاء الله : لا تصحب إلا من ينهضك حاله و، ويدلك علي الله مقاله .
2- طلب العلم النافع الذي يدفع إلي العمل الصالح ، فالنفس مجبولة علي التأثر بما تسمعه من ترغيب وتشويق ، فتعلو فيها الهمة لحصول الموعود من الأجر والثواب ، وهذه هي بركة العلم في تغيير النفوس وإصلاح الأحوال وخشية القلوب ، " إنما يخشى الله من عباده العلماء " .
3- الدعاء الصادق من قلب خاشع والتملق والبكاء أمام الله ليمن علينا برزق الطاعة فهو أطيب الرزق وأحلاه وأدومه وأبقاه ، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم إني أسألك علما نافعا وعملا متقبلا " رواه الطبراني عن جابر .

url=

علو الهمة في الطاعات " د.خالد متولى 1484542290071

‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗

علو الهمة في الطاعات " د.خالد متولى <a href=

علو الهمة في الطاعات " د.خالد متولى 149918296993921

" />

» القارىء الواعد الشيخ خالد الجليل امام مسجد الملك خالد بالرياض
» رمضان شهر علو الهمة
» علو الهمة في حب الله
» الطاعات وكيفية استغلالها
» تغريدات فقهية للشيخ خالد البليهد في باب المياه خالد بن سعود البليهد