بائعو الشهوات
ومن شياطين الإنس أيضاً: بائعو الشهوات، الذين يروجون المرأة كأنها سلعة، فيجعلونها عارضة أزياء أمام الأمم والشعوب، ويخرجونها من قفصها الذهبي النوراني الرباني إلى أن تكون معروضة على الرصيف لكل من يشتهيها.إذا وقع الذباب على طعامٍِ رفعتُ يدي ونفسي تشتهيهِ وتجتنب الأسودُ ورودَ ماءٍ إذا كنَّ الكلابُ ولغن فيهِ فهؤلاء الشياطين -أهل الشهوات من شياطين الإنس- يريدون أن تخرج المرأة عارية، وأن تكون جندية، وأن تكون المرأة شرطي مرور، وأن تكون بائعة، وأن تكون مباشرة في الفنادق، وعلى أبواب السكك، وفي مجتمعات الناس، وأن تكون في البرلمان. فهؤلاء من شياطين الإنس. قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان:44].وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ [الجاثية:23].
مروجو الأفلام الخليعة
ومن شياطين الإنس أيضاً: مروجو الأفلام التي يهدم الفيلم منها شعباً كاملاً، ووجد في بعض النواحي مئات الأفلام في بيت واحد.
مروجو المجلات الخليعة والدعايات الساقطة
ومنهم أيضاً: من يروج المجلة الخليعة، والدعاية الساقطة؛ للخروج عن دين الله عز وجل، فهؤلاء من شياطين الإنس.
رءوس القبائل المتحاكمون إلى غير الله
ومن شياطين الإنس: رءوس القبائل الذين يتحاكمون لغير منهج الله وشريعته، فيأتي أحدهم إلى قبيلته، فيرفض الشريعة جملة وتفصيلاً، ويُجْمع معهم على الكفر بالقرآن والسنة، ولو لم يتلفظ بذلك، لكن ربما يقول: سلوكياتنا، وعاداتنا، وأخلاقنا، وتراثنا، وتقاليدنا، وجعلها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله والشيخ محمد بن إبراهيم من رءوس الطواغيت: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50].فتجد في بعض القبائل رجلاً متصدراً، وهو شيطان من شياطين الإنس، إذا دعوتَه للشريعة، قال: لا. أنا وقبيلتي على هذا إلى آخر قطرة من دمائنا، فتدعوه إلى الحجاب الشرعي، يقول: لا. قلوبنا نظيفة.. نشَأْنا على هذا.. آباؤنا وأجدادنا...، ويعترض على الشرع، تدعوه إلى أن يسلم الميراث للمرأة الضعيفة المسكينة الذي ذكره الله في كتابه وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يقول: لا. عيب عندنا على المرأة أن تطلبت الميراث، وهذه شريعة غير شريعة الله عز وجل. وتجده يجعل مراسيم لأخذ الأموال ظلماً من الناس، والرشوة، وغير ذلك، وتجده أحياناً قد يحارب الدعاة في قبيلته، فيضطهدهم، ولا يقبل كلامهم، ويعارضهم، ولا يسمح بالندوات والمحاضرات والدروس، فهو شيطان من شياطين الإنس، وتجده أحياناً قد يعترض على فتاوى أهل العلم، كأن تقول له: الاجتماع في وقت العزاء من أمور الجاهلية، وقد حرمه أهل العلم، فيقول: ومن هم أهل العلم؟ وما يدريهم؟ لا بد من هذا! لا تصلح الأمور إلا بهذا، لنا عادات وتقاليد لا بد أن نستمر عليها... فهذا طاغوت، وشيطان من شياطين الإنس.
أهل رءوس الأموال العصاة
ومن شياطين الإنس أيضاً: أهل رءوس الأموال العصاة، الذين يصرفون أموالهم فيما يغضب الله عز وجل ويجعلون أموالهم رصيداً لمحاربة الله ورسوله، ودعاة وعلماء الإسلام، وقلتُ لكم: فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ [الأنفال:36] وهم الذين يروجون الربا في البلاد، وهم الذين يسببون أزمة مالية، ويضطرون الناس إلى أن يتعاملوا معهم بالربا، وإلاَّ فسوف تقع الأمة في خسارة مالية.
الأساتذة الضالون المضلون
ومن شياطين الإنس أيضاً: الأساتذة الضالون المضلون في كثير من المدارس، الذين لا يحملون مبدأ الرسول عليه الصلاة والسلام ولا دعوته، بل يكونون سبباً في غواية هذا الجيل وهذا النشء، فيحببون إليه الفاحشة، والصد عن منهج الله، والجريمة، والمعصية، والمنكر.
القائمون على الأندية
ومن شياطين الإنس: من يقومون على الأندية، فيعرضوا بها إعراضاً عظيماً عن منهج الله: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً [النساء:27] فيجعل ما سخره الله له من الطاقة محاربة لشريعة الله عز وجل. فيجعل الوقت في المعصية، واللهو، واللغو، والضياع، والمسلسلات، والتمثيليات، والأغنيات، والسخافات، والملهيات، والمشغلات، والساقطات، ثم لا يسمح للصوت الحي النوراني أن يُتَكَلَّم به، أو يقال، أو يُفْرَض، أو يُسْمَع، وهذا من شياطين الإنس.
أسباب الوقاية من شياطين الإنس
أما أسباب الوقاية من شياطين الإنس فأمور:
الأمر الأول: اتخاذ الصحبة الصالحة
وهو أن تتخذ لك أولياء يخافون الله عز وجل فيكونون أصحابك، قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي بسند لا بأس به: {لا تصاحب إلا مؤمناً، ولا يأكل طعامك إلا تقي} فتحبهم، وتزورهم، وتسأل دعاءهم، وتدعو لهم بظهر الغيب، وتستشيرهم، وتطلب الفائدة منهم، وتتفقد أحوالهم، حتى يحشرك الله في زمرتهم: و{المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخالِل} وهذا حديث صحيح، علَّقه مسلم.
الأمر الثاني: اختيار الجليس الصالح
الجليس الصالح يجب أن يكون فيه خصلتان:الأولى: أن يحب الله ورسوله:وذلك بأن يعمل بطاعة الله ورسوله، وينتهي عمَّا نهى الله ورسوله عنه.الثانية: أن يكون ذا مروءة:بأن تكون مروءته ظاهرة في معاملاته بعقل وحكمة. وإن شئتَ قلتَ: يجب أن يكون:1- تام الدين.2-كامل المروءة.لأن بعض الناس عنده دين؛ لكن تنقصه المروءة، بقلة عقله، فلا بد من العقل، ولا بد من الدين، حتى تصاحبه على بصيرة.
الأمر الثالث: التفقه في دين الله - عز وجل -
وهذا أعظم ما يحصنك من شياطين الإنس -أن تكون بصيراً بالدين- وأنا أدعو الإخوة، خاصةً شباب الصحوة، أن يتفقهوا في أمور دينهم، وأنا أعتقد أن درساً من دروس الفقه في دين الله أعظم من عشرات المواعظ والخطب، ولا بد من هذا ولا بد من ذاك، ولكن حاجتنا الآن إلى الفقه حاجةٌ مُلِحَّة إلى أن نأمر على بصيرة، وننهى على بصيرة.قال بعض الفضلاء: ليكن أمرك بالمعروف بالمعروف، ونهيك عن المنكر بلا منكر.وفي الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {من يُرِدِ اللهُ به خيراً يفقهه في الدين} ومفهوم المخالفة: أن من لا يريد الله به خيراً لا يفقهه في الدين.فرجائي من الإخوة: أن يجتمع كل مجموعة من الإخوة في كل بلدة، أو قرية، أو مدينة، يجتمعوا في يوم من الأسبوع بدرس في مادة الفقه، فيتدارسوه حتى يكونون على بصيرة من دينهم.
الأمر الرابع: السماع لأهل العلم
ومن وسائل الوقاية من شياطين الإنس: السماع لأهل العلم، والتعرف على الدعاة، والقرب منهم، واستشارتهم، والتعرف عليهم، وزيارتهم، والاتصال بهم، والدعاء لهم بظهر الغيب، فإن صمام الأمان في هذه الأمة: العلماء والدعاة. وإن سفينة النجاة: العلماء والدعاة، وإن نجوم الأمان: العلماء والدعاة، وإن أسباب الخير للأمة وللمسيرة: العلماء والدعاة، الذين يرثون منهج محمد عليه الصلاة والسلام ويبلغونه للناس. ولكن من النقص العجيب أن تفاجأ في الحي الذي تسكنُه، وأنت داعية أو طالب علم أن كثيراً من الشباب لا تعرفهم بأسمائهم، وأنت لا تستطيع أن تتعرف على كل شاب، ولكنه هو لم يأتِ يوماً من الأيام، ولم يعرفْكَ على نفسه، أو يسألك سؤالاً، أو يستشيرك في مشورة، أو يعرض عليك اقتراحاً، أو يقدم لك رسالة، وهذا من النقص العجيب، وهو انفصام خطير لابد أن يُتَلافَى.
الأمر الخامس: إيجاد البدائل الإيمانية
ومن وسائل الوقاية من شياطين الإنس: أن نوجد البدائل الإيمانية، فنجعل المسجد منتدىً ونادياً ومحلاً لإلقاء المحاضرات، ومحلاً لإلقاء الندوات، ولعقد المشورات، ولإبداء الآراء والاقتراحات، ولمدارسة شئون المسلمين، حتى يكون بديلاً عن الأماكن اللاغية، التي يُنْتَهَك فيها الدين، ويُذَلُّ فيها شرع رب العالمين.
الأمر السادس: التأثير في الغير بالخير
من الوسائل أيضاً -أيها الإخوة- أن نكون مؤثرين، بأن لا نكون سلبيين.عجباً للمهتدي كيف اهتدى! وعجيب كيف ضل المستضل! فالعجيب كل العجيب: أن تجد الضال ينحت في أفكار الناس، ويقدم دعوته لهم. والعجيب: أن تجد الضال يسهر إلى الثانية ليلاً يكتب مقالاً يحارب به الله ورسوله، ثم يُنشَر في الصحف والمجلات. والعجيب: أن تجد الألوف تصرف على دبلجة ومونتاج أغنية لتخرج للناس في آخر مونتاجها ودبلجتها وعرضها.والعجيب: أن تجد الألوف وهي تُصْرَف في مسلسل يهدم الأخلاق، ويحرك غرائز الأمة، ويفسد الجيل.والعجيب: أن تجد أماكن يُحارَب فيها المعروفُ، ويُقام فيها المنكرُ، وتُصْرَف فيها الأموال.ثم مع ذلك، تجد أهل الخير سلبيين إلى أبعد الحدود، أحدهم يتوجس خيفة، لا يقول الكلمة، ولا يكتب المقالة، ولا يوزع الشريط الإسلامي، ولا يؤثر بكلمة، ولا يدعو إلى الله، ولا يقدم ضريبة محمد عليه الصلاة والسلام التي عليه، هو على الحق وغيره على الباطل، وأهل الباطل أقوى منه، وأشجع منه، وأكثر تأثيراً منه، ومع ذلك تجده خائفاً متأخراً متخلفاً سلبياً لا يقدم شيئاً للإسلام.لا بد لكل واحد منا أن يسأل نفسه في المساء: ماذا قدمتُ لهذا الدين؟ عندما تَنَمْ سَلْ نفسك: ماذا قدَّمت؟ أنا أعرف أنك صليت الصلوات الخمس اليوم، وأنا أدري أنك قرأت شيئاً من القرآن, وأنا أعرف أنك سبَّحت؛ لكن أسألُك بالله! هل سألتَ نفسك هذه الأسئلة: هل كنتُ سبباً في هداية شخص؟ هل أمرتُ اليوم بمعروف؟ هل نهيتُ عن منكر؟ هل أهديتُ لصديق كتيباً نافعاً؟ هل أهديتُ شريطاً إسلامياً؟ هل وقفتُ مع من يرتكب منكراً فنبهته على منكره؟ هل تحدثتُ إلى من خالف سنة بيني وبينه بأدب ولين، ونبهتُه على مخالفته للسنة؟ هل وعظتُ أحداً؟! لا بد أن تسأل نفسك، وإن لَمْ تفعلْ فاعلم أن فيك نقصاً كبيراً، وأنك لا بد أن تركب في مركب محمد صلى الله عليه وسلم وهو مركب الدعوة، حتى تكون مؤثراً وداعية إلى سبيل الله.يقال: لماذا ينتشر الباطل أكثر من الحق، والضلال أكثر من الرشد؟ قلنا: سبحان الله! ألفُ هادمٍ وبانٍ واحد، فخطبة جمعة تلقى يوم الجمعة فقط، ودرس أحياناً في الأسبوع في مواجهة آلاف الأغنيات، والمسلسلات، والتمثيليات، والأفلام، والأشرطة، والمجلات، ألا تفْسُد بها الأمةُ، ألا تضيع بها الأمةُ، ألا تضل بها الأمةُ.أرى ألف بانٍ لم يقوموا لهادمٍ فكيف ببانٍ خلفه ألف هادمِ فهذه هي قضايا: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ... [الناس:1].
المقصود من قراءة القرآن
ما المقصود من قراءة هذا القرآن؟المقصود -أيها الإخوة- من قراءة هذا القرآن أمور:أولاً: التبرك بالقرآن:فمن أعظم الأجور: تلاوة القرآن، والتبرك به.ثانياً: التدبر في القرآن:بأن تُجْعل قراءةُ القرآن طريقاً إلى التدبر والتفهم والتفقه، ليُعْرَف ماذا يريد الله عز وجل منا بهذا القرآن.ثالثاً: العمل بالقرآن:بأن يُجْعَل التدبر والفقه طريقاً إلى العمل بهذا القرآن، وتطبيقه في الحياة.رابعاً: الصلاح في القرآن:بأن يُعْلَم أن القرآن والسنة فيهما صلاح العباد ظاهراً وباطناً، في كل قضية من قضايا الحياة.خامساً: شمول القرآن:أن لا يُزَوَّى القرآنُ عن حياة الناس، وأدبهم ومشاركتهم، وعن اقتصادهم، وألاَّ يُجعَل في زاوية، أو فقط لافتتاح الحفل، وإذا مات الميت قرئ عليه، أو لصلاة الاستسقاء فقط، وللمآتم، ثم يُنَحَّى عن الحياة. فهذا ظلم ظلمنا به كتاب الله عز وجل الذي قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى في دينه وشرعه: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162].سادساً: تفهيم القرآن:وأحبذ من الإخوة أن يقربوا أبناءهم إلى القرآن, وإلى التفسير المعروض بالأشرطة أو الكتيبات؛ لأن هناك في المكتبة الإسلامية تقصيراً في جانب الطفل، في كتيبات الطفل وأشرطته، وأن يقربوا له مثل هذا الشرح، أو غيره مما يرون، فإذا حفظ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ... [الناس:1] سمع ماذا يريد الله من هذا الكلام، حتى يحفظ على بصيرة وعلم ونور.سابعاً: مرونة القرآن:وأحبذ من الإخوة أيضاً أن يربطوا واقع الناس بكتاب الله عز وجل وأن يعلموا أن هذا القرآن باقٍ لهذه الأمة حتى يُنْهِي الله هذه الأرض ويرثها سُبحَانَهُ وَتَعَالى وأنه ليس خاصاً بفترة من فترات التاريخ قد انتهت ومرت، أو كما يقول العلمانيون: أنه لا يواكب التطور، أو كما يقولون: بأنه لا يواكب الأمور العصرية، أو أنه لا يستطيع أن يواكب هذا الزخَم الهائل القادم من الغزو الفكري وأمثاله، وهم لا يُسَمُّونه غزواً فكرياً، بل رافداً فكرياً، وحواراً عالمياً، ونحن نسمية غزواً.ثامناً: تحفيظ القرآن:وعلينا أيضاً أن نحصن أبناءنا بالقرآن، وأن نحفظهم من الصغر، ولا نستجيب لدعوات بعض الناس، وقد قرأتُ مقالة في مقابلة في مجلة الدعوة قبل ثلاثة أسابيع لأحد الفضلاء، هو فاضل ولكن لكل جواد كبوة.يقترح في هذه المقابلة: ألاَّ يَحْفَظ الطلاب الصغار؛ لأنهم لو حفظوا القرآن صدَّهم حفظُه عن فهمه.قلنا: سبحان الله! تريده أن يكون مثل الفقير اليهودي، حيث لا دين ولا دنيا. الطفل أصلاً لا يعرف أن يفقه أو يفهم، فلو أتيتَ بالطفل الصغير في السابعة أو في السادسة، وحفَّظته السور، وقلتَ له: استنبط، فإنه لا يفهم؛ لكنه يحفظ، ففي سن الحفظ نحفظه، حتى يصل إلى سن الفهم لنفهمَه، ثم إنه إذا حفظ القرآن استدرج النبوة، غير أنه لا يوحى إليه، ثم إنه إذا حفظ القرآن صار رصيده عند الله عز وجل عظيماً، أن يُغرَس القرآن أو يُمْشَق في لحمه ودمه، أو يسري القرآن في عروقه وشرايينه.
اقتراح وسائل للاستفادة من الدرس
ربما أقترح أنا اقتراحاً بسيطاً: أن من كان عنده من الإخوة نشاطٌ أو قدرة على تفريغ مثل هذا الشريط وتصحيحه وعرضه عليَّ فليفعل، وأنا بدروي أدعو لـه بظهر الغيب، وفي حضوره، وفي غيابه، بأن يحفظه الله ويأجره ويثيبه، حتى يُقَدَّم هذا في كتيب بعد تصحيحه وعرضه على أهل العلم، يُقَدَّم كتبسيط وتفسير ميسر إلى الناس، وإلاَّ فإن السلف قد كتبوا تفاسير؛ لكنهم أقسام: - فمنهم من اعتنى بالجوانب اللغوية والنحوية. والقرآن مقصده أعظم.- ومنهم من أتى بِخُزَعْبَلات بني إسرائيل وكَذَباتهم وافتراءاتهم. والقرآن أجلُّ. - ومنهم من نحا نحو الواقع، وترك مناهج السلف الصالح، ومنهج أهل السنة والجماعة. ولا بد من عرض ذلك.- ومنهم من تساهل في الأحاديث الضعيفة. ومن أمثل ما يوجد: تفسير ابن كثير؛ لكن ينقصه ربطه بواقع الأمة، فيحتاج من يقرؤه إلى أن يربط تفسير ابن كثير بواقع الناس وحياتهم ومعايشاتهم، حتى إذا قرأ الإنسان السورة في الصلاة تذكَّر واقعَه الذي يعايشه أربعاً وعشرين ساعة، وتذكرَ ماذا يمكن أن يغير إذا خرج من المسجد، وما هي صور الجاهلية التي نعيشها صباح مساء، الجاهلية التي تجدها في السوق، والدكان، والمدرسة، والجامعة، والنادي، والطريق، والبيت.الجاهلية التي تعرض لك في كتيب، أو دعاية، أو برواز، أو لافتة، أو ورقة، أو صحيفة، أو مجلة، أو شريط، أو فيلم.الجاهلية التي تُعْرَض لك في أشخاص، تجدهم من داخلهم مُبَرْمَجِين، أي: بُرْمِجُوا وانتهتْ بَرْمَجَتُهُم (هناك) ثم قُدِّمُوا للأمة لِيُبَرْمِجُوا الأمةَ كما بُرْمِجُوا هُم.. ليُؤَثِّروا على الأمة كما أُثِّرَ عليهم، فمن داخلهم مُنْتَهون، مُسْتَهَلَكَةٌ في ذواتهم المبادئُ الأصيلة التي أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم يريدون كذلك إغواء الأمة في التالي. تجد الجاهلية في أشخاص يتصورون أن الدين صلاة فقط، وإذا ما خرجتَ فلا تشارك في الحياة ولا تدخل الدين في كل شيء، وينادون بذلك في الصحف والمجلات، ويقولون: تريدون إدخال الدين في كل شيء؟ وما دخل الدين في هذا؟ ما لكم وللدين، الدين لكم، تركنا لكم المسجد اعملوا ما شئتم، أما خارج المسجد فالحذر الحذر، ليس للدين دخل!وبهذا فقد ازدادوا ديناً ما أتى به عليه الصلاة والسلام، هذا دين ما أراده أبو بكر، وعمر وعثمان، وعلي. هذا دين يخالف دين المسلمين، هذا دين أهل التصوف الهندوكي والهندوسي. وهذا دين الذين وَلَغُوا في شرع الله عز وجل بالإثم، أو أنكروا معالم الدين. فهذا الدين لا نريده. نحن نريد الدين الذي بُعِث به محمد صلى الله عليه وسلم أن يكون في المسجد، والمقهى، والمنتدى، والمكان، والجامعة، والدكان، والبيت، وعلى الرصيف، حتى نعيش الإسلام قضية واحدة. هذا ما يُراد.والدرس المقبل إن شاء الله سوف يكون بعنوان: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] وبعده: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ونستمر مع هذه السور - كما قلتُ لكم - في زحف مبارك مقدس، سائلين المولى أن يعيد علينا وعليكم بركات القرآن، وأن ينفعنا وهذا الجيل به، وبأسراره وكنوزه.وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً.
الأسئلة
بين يدي رسالة خطيرة ومهمة وصعبة، سوف أعرضها بخط صاحبها، وهي من أحد المواطنين من أهل أبها، ولئلا أكون كتوماً للعلم، أو جحوداً للأدلة والبراهين سوف أجيب عليها هذه الليلة بشجاعة، وسوف أعرضها عليكم وأنتم رسل للدعوة في كل مكان، وأنتم حملة للمبادئ في كل زمان، وأنتم مشرفون بخدمة دعوة محمد عليه الصلاة والسلام يقول:
حكم تزويج القبلي لغير القبلي
بسم الله الرحمن الرحيم.ثم بدأ بمقدمة يخاطبني، وبَجَّلَ -جزاه الله خيراً- وذكَر وأثنى، ثم قال:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.الحمد لله العلي العظيم، القائل في محكم التنـزيل: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] وقال عليه الصلاة والسلام: {لا فضل لعربي على أعجمي، ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى} وقال الصادق الأمـين عليه الصلاة والسلام: {إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير}.أيها الحبيب الفاضل: أنا أتقدم بسؤالي أريد أن أفهم بعض الأمور الدنيوية من خلال الإجابة، وأرجو أن تجيب ولا تكتم الحق، وأن توضح لنا البرهان، وأن تتقي الله فيما تقول، فقد وثقنا فيما تقول.السؤال: هل الإسلام حرم الزواج من المرأة أو الرجل الغير قبلي للقبلي؟ ومقصوده: هل يحرُم أن يتزوج القبلي من غير القبلي؟ -أو العكس، أي: بمعنى أصح: الطرف من الأصل أو العكس وربما سماه بعض الناس خط مائتين وعشرين, وخط مائة وعشرة. وسمعتُ حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه: {تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس} وحديثاً آخر، يقول صلى الله عليه وسلم: {تنكح المرأة لأربع: لجمالها، ولمالها، ولنسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك} فهل يعني اختيار النسب هنا: أن نمنع زواج القبليين من غير القبليين من أهل الحرف الموجودين في مجتمعنا المسلم الذين يصلون ويصومون ويتبعون الرسول عليه الصلاة والسلام؟ وما معنى ذلك إذاً؟ أرجو أن توضح، وأن تتقي الله في التوضيح.الجواب: في هذا السؤال صراحة وشجاعة وتهديد.أولاً: قبل أن أبدأ أفصل لكم الحكم على الأحاديث التي وردت في الرسالة:حديث: { لا فضل لعربي على أعجمي} حديث حسن.حديث: { إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه} حديث صحيح، رواه: الترمذي.حديث: {تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس} لا يصح عنه عليه الصلاة والسلام وليس من كلامه.حديث: {تنكح المرأة لأربع} متفق عليه وهو في الصحيحين.ثانياً: أقول لهذا الأخ: حيَّاك الله وبيَّاك، وأبشر ثم أبشر أني سأقول الحق، الذي أعتقد أنه الصواب، وأقول باختصار، ثم أفصل: من زعم أنه لا يجوز للقبلي أن يتزوج من غير القبلي فقد أخطأ، وقد خالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والنسب هو الدين، وإن من اتقى الله، وعمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان أقرب إلى الله فهو أقربنا إليه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وهو أكرمنا وأحبنا إليه، قال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13] وقد هدد عليه الصلاة والسلام وندد، وشجب التمييز العنصري، وحارب صلى الله عليه وسلم من أراد ذلك في الأمة، ونادى يوم عرفة: أن: {لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أحمر إلا بالتقوى} وقرب صلى الله عليه وسلم أجناس الناس بـ(لا إله إلا الله) قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال:63] ودخل بلال وهو عبد حبشي الجنة بـ(لا إله إلا الله) وأما أبو لهب وهو سيد قرشي، وأبو جهل، وهو أصيل قرشي، فقد دخلا النار لأنهما كفرا بهذا الدين. وقد زوج صلى الله عليه وسلم بعض الموالي من أسر قريش، وتزوج بعض أسر قريش من الموالي زواجاً شرعياً صحيحاً، على ملة الله عز وجل وعلى كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.وأما الذين يدعون أن هذا مخالفة شرعية، ويستدلون ببعض الأحاديث الضعيفة، فما صدقوا في هذا، وقد أخطئوا خطأً بيناً، وهذه حرب شعواء يستغلها أعداء الله عز وجل من الكفرة والملاحدة، فيهجمون على هذا الدين، ويقولوا: انظروا لدين المساواة والعدل والفضيلة، يأتي فيميز بين القبلي وغير القبلي، ومن قال لنا: أن هناك قبلياً وغير قبلي؟! إلى من ينتهي السند؟! من هو الأب الأكبر؟! من أين أتانا القبلي وغير القبلي؟! من آدم وحواء.إذا فخرت بآباء لهم شرف نعم صدقتَ ولكن بئسما ولدوا أتى سلمان وهو فارسي، وتزوج من قريش، ويروى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: {سلمان مِنَّا آل البيت}.ولما بُعِثَ محمد عليه الصلاة والسلام كانت الأسر تفخر بأسرها، والقبائل تفخر بقبائلها، وأهل المجد يفخرون بأمجادهم، الآثم منهم والجاهلي، فلما أتى صلى الله عليه وسلم أتى بشمس: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13].فالفضل فضل التقوى، والحسب حسب الدين.فيا أيتها القبائل: اتقي الله في هذه الأسطورة الجاهلية، والطاغوت الذي فعلتموه، ورضيتم به، وهو عدم التزاوج بين القبلي وغير القبلي.أنا أعرف أن الناس يستصعبون ذلك، لكنه لو قام أهل العلم والدعوة والتوجيه والرأي، وأهل الحل والعقد، فإنهم سوف ينهون هذه المسألة التي تخالف الدين الإسلامي الحنيف الذي بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم حتى لا نُضْحِكَ العالَمَ علينا.العالم الغربي الآن، خاصة الرأسمالي يدعو إلى إنقاذ الإنسان، وإلى محاربة التمييز العنصري، ويحاصرون جنوب أفريقيا، ويسبونها عبر وسائل الإعلام؛ لأنها تمايز بين الجنسين الأسود والأبيض، ونحن نكرر هذه في قبائل اتبعت الرسول عليه الصلاة والسلام واعتنق أجدادها الإسلام، بل كانوا في فترة من فترات التاريخ، هم الذين نصروا دين الرسول عليه الصلاة والسلام.أنا ابن أنصارك الغر الأُلَى سحقوا جيشَ الطغاة بجيش منك جرار فما جزاؤها الآن إلا أن تعود إلى سنته عليه الصلاة والسلام.قال الإمام مالك رحمه الله: "الكفاءة في النكاح: الدين". قال أهل العلم: "وصدق الإمام مالك "، ورجح ذلك الشوكاني، وغيره من العلماء الجهابذة الأجلاء، وارتضوه، واعتبروه الصحيح.فيا أيها الإخوة: الكفاءة: الدين، ليس القبلي وغير القبلي، فأرجو أن تزال هذه، وأرجو من الدعاة أو المتكلمين أو الناطقين أو المؤثرين، ألا يجرحوا شعور الناس في المجالس بذكر هذه الجاهليات التي أتى صلى الله عليه وسلم بسحقها، وقد سحقها يوم عرفة، وأزالها، واعتبرها لاغية من سجله صلى الله عليه وسلم.فهذه المسألة أردتُ أن أعرضها، وقد عرضتُها بما أعتقد أنه الصواب، وأرجو صراحةً أن تُدْرَس دراسة وافية، فلا يكفي فيها مثل هذه الكلمة؛ لكني أطالب العلماء، والدعاة، والمشايخ، والكتبة، ومن يُسْمَع لهم، أن يبحثوها بحثاً إسلامياً شرعياً، ثم ينشرونها بين الناس؛ لئلا نوجِد هذه الطبقية الممقوتة البغيضة، التي أوجدت الحزازيات والحساسات والجراحات بين الناس بشيء لا يرضاه الله ولا رسوله عليه الصلاة والسلام.
التعاون على البر والتقوى
السؤال: ما هي الطريقة المثلى في التعاون على البر والتقوى في الدعوة؟الجواب: أقول لهؤلاء: عليهم أن يفعلوا كما فعل كثير من الفضلاء في بعض المدن، كمدن القصيم، وهي أن يوجد مجموعة من الدعاة الفُطَناء النابهين، المحبين لله ورسوله، العقلاء، أهل الحكمة، وأهل الرشد والصواب، فيجتمعوا في تنسيق ندوات في أماكنهم هذه، كأن يكون هناك ندوة في كل أسبوع، في مثل: تنومة والنماص، وسراة عبيدة، ومحايل، وغيرها من المناطق الآهِلَة، كـالواديين والدرب وبيش، وغيرها الكثير، فيوجدوا محاضرة في كل أسبوع، ثم يكون همهم أن يأتوا بالدعاة من الرياض والقصيم وجدة والشرقية وأبها ومكة المكرمة، ومن كل مكان، وهذا الدرس يكون أسبوعياً في هذا البلد، فهذا من مهمة هذه المجموعة.ومن مهمة هذه المجموعة أيضاً: جمع التبرعات من الناس، أو اشتراك شهري في صندوق يسمى: (صندوق الشريط الإسلامي) سيصرفون في كل شهر، أو في كل أسبوع شريطاً ويوزعونه على أهل هذه البلدة.ومن مهمتهم أيضاً: أن يجتمعوا بالقاضي والأمير في البلدة والمسئولين، فيفهمونهم بعض الأخطاء التي يقع فيها المجتمع، ويناصحونهم، ويكتبون لهم المنكرات.ومن مهمتهم أيضاً: أن يوزعوا الكتاب الإسلامي.ومن مهمتهم أيضاً: أن يُلْقوا دروساً خفيفة، من ربع ساعة إلى ثلث ساعة في المساجد في بلدتهم، يشتغلوا بها، فيعظون الناس ويرشدونهم.ومن مهمتهم أيضاً: أن يكاتبوا العلماء عما يحصل من مشاكل في بلدتهم، ليأتوا بفتاوى ينشرونها بين الناس في المسائل التي تقع فيها الأخطاء.ومن مهمتهم أيضاً: أن يقوم منهم مجموعة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، بالحكمة، واللين، والمعروف، فتنبه الناس على أخطائهم.هذه المجموعة، أنا أرى أن لو تُشَكَّل في كل منطقة فسوف يُرَى بعد سنة الخير وقد عَمَّ هذه المنطقة، والفضل، والنور، والفقه، والفهم، أما قضية أن تقف سلبياً وحدك في منطقتك أو قريتك، ثم تجد الناس يتفاعلون في قراهم ومدنهم، وأنت لا تقدم شيئاً لبني قريتك أو مدينتك فإنك تكون سلبياً مخطئاً غير موفٍٍ في أداء رسالتك التي أوكلها الله إليك.هذا اقتراح أكرره وأعيده، عسى أن يكون هناك من يلبي، لأني رأيتُ بعضَ الناس، حتى من سنتين ومن ثلاث سنوات يأتي أحدهم من المناطق المذكورة فيطلب الداعية، فإذا اعتذر الداعية، قال: ماذا نفعل إذاً؟ أتعتذر؟ الذنب ذنبكم والتقصير تقصيركم؛ لأنكم ما جئتمونا. هكذا يقول. وأنتَ والأساتذة الذين معك بالعشرات في المدينة التي أنت فيها، وفي الضاحية، وفي القرية، أنت والقضاة الذين عندك، والمدرسون، والدعاة، والفضلاء، لماذا لا تجمع؟ ولماذا لا تنظر؟ ولماذا لا تؤثر؟ ولماذا لا تتفاعل؟ هذه هي المسئولية.أردتُ أن أعرض هذا الرأي؛ لأنه صراحةً لا يستطيع الإنسان مهما أوتي من قوة أن يصل كل ضاحية وقرية، وكل مكان ليلقي محاضرة، ثم إن المحاضرات العامة إذا أتت في السنة مرة فخير كثير؛ لأنها مثل أسبوع الشجرة، هذه المحاضرات العامة مثل أسبوع الشجرة، تُزْرَع الشجرة في السنة مرة؛ لكن مَن الذي يَسْقِي الشجرة؟ مَن الذي يقلمها؟ مَن الذي يهذبها؟ مَن الذي يمنع الآفات عنها؟ هم أهل المنطقة، وأهل القرية، والضاحية.فهذه أمانة أقدمها بين أيديكم، وليتأمل كل منكم إذا أتى من بلدة، أو من قرية، أو من ضاحية، ليتأمل: ماذا يقدم لقريته وضاحيته، وماذا سوف يجيب الله يوم القيامة، إذا سأله: ماذا فعلتَ بقريتك؟ وليحفظ قوله تبارك وتعالى: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء:214].أسأل الله لي ولكم السداد، والهداية، والرشد، والتوفيق.والإخوة الذين قدموا أسئلتهم -كما يرون- ليس عندنا وقت للإجابة الآن؛ ولكن أعدهم لا كمواعيد عرقوب أن أجيب عنها في المستقبل إن شاء الله. ومواعيد عرقوب: كان لأحد الناس عليه دين، فأتى صاحب الدين، فقال: أعطني مالي. فقال: ما عندي لك مال؛ لكن هذه النخلة تثمر إن شاء الله فإذا أطلعت خذ طلعها. فأطلعت النخلة، قال: اتركها حتى تصبح بُسراً، فتركها، فلما أصبحت بُسراً، قال: أعطني. قال: حتى تصبح بلَحاً، فلما أصبحت بلَحاً (رُطَباً) قال: اتركها حتى تصبح تمراً. فلما أصبحت تمراً اخْتَرَطَها عرقوب في الليل، وترك الدَّيَّان.أعوذ بالله أن أكون مثل عرقوب.كانت مواعيد عرقوب لها مثلاً وما مواعيده إلا الأباطيلُ لكنَّ مواعيدنا مواعيد محمد صلى الله عليه وسلم: يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [المائدة:119]. فإن قُصِّرَ في شيء فالإنسان مصدر نقص؛ لكن الوقت لا يمكن أن يُزاد فيه.قد يضيق العمر إلا ساعةً وتضيق الأرض إلا موضعا فنسأل الله إذا قَصُرَ هنا اللقاء أو ضاق بنا الوقت أن يجمعنا في وقت طويل: فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:55] يوم يتقبل الله منا ما عملنا، ويتجاوز عن سيئاتنا: فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ [الأحقاف:16].وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه، وسلَّم تسليماً كثيراً.
‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗