هيكل ولغز استقالة أحمد شفيق تاريخ النشر : 2011-03-04
غزة - دنيا الوطن
ما أن أعلن عن تكليف وزير النقل والمواصلات السابق عصام شرف بتشكيل حكومة
جديدة في مصر ، إلا وسارع كثيرون للترحيب بتلك الخطوة باعتبارها مؤشرا قويا
على أن الثورة تسير في طريقها الصحيح .
فقد أعرب المعتصمون في ميدان التحرير وسط القاهرة عن سعادتهم باستقالة رئيس
حكومة تصريف الأعمال أحمد شفيق وتكليف شرف بدلا منه بل واعتبروا أن المجلس
الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شئون البلاد حاليا يكون بقبول استقالة
شفيق قد "استجاب لإرادة الشعب".
وأكد المعتصمون أيضا ثقتهم في رئيس الوزراء المكلف وفي "قدرته على تشكيل
حكومة جديدة تستجيب لمطالب الجماهير"، وذلك بعد أن طالبوا بإقالة أحمد شفيق
وحكومته التي عينها الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك أياما قليلة قبل
إجباره على التنحي عن السلطة في 11 فبراير/شباط الماضي.
وأصدر مجلس أمناء ثورة 25 يناير في هذا الصدد بيانا رحب فيه باستقالة حكومة
شفيق وأعرب عن ثقته في الحكومة التي سيشكلها شرف باعتبارها "كانت مطلبا من
مطالب الثورة".
واعتبر البيان أن حكومة شرف "ستكون أمينة على تنفيذ مطالب الثورة"، مؤكدا
استعداده لدعم الحكومة الجديدة بهدف عودة الاستقرار إلى البلاد.
وتوقع البيان أيضا أن يستعين شرف بحكومة من الخبراء والمستقلين، وألا يستعين بأي من وجوه النظام السابق.
وفي السياق ذاته ، رحبت حركة شباب 6 إبريل باستقالة حكومة شفيق واعتبرت ذلك
"استجابة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمطالب شباب الثورة".
وأعلنت الحركة أنها ستنهي الاعتصام الذي بدأه عشرات الشباب في ميدان
التحرير لإسقاط حكومة شفيق ، غير أنها أكدت استمرارها في تنظيم مسيرات
مليونية في يوم الجمعة من كل أسبوع.
ونقلت قناة "الجزيرة" عن المتحدث باسم الحركة أحمد ماهر القول إن :" إقالة
حكومة شفيق تعد تنفيذا للوعد الذي قطعه المجلس على نفسه بإقالة الحكومة
خلال أسبوع ".
وأكد ماهر أن خبر استقالة شفيق كان متوقعا بعد أن تزايد الضغط على المجلس
الأعلى من قبل شباب الثورة وكشف عن وجود اتصالات مستمرة مع شرف، الذي وصفه
بأنه شخصية وطنية ذات كفاءة عالية.
وأضاف أن هناك لقاء بين رئيس الوزراء الجديد وشباب الثورة يتم خلاله طرح
قائمة الأسماء التي يقترحها الشباب لتولي الحقائب الوزارية وهي أسماء قال
ماهر إنها "شخصيات تكنوقراط".
وشدد على أن أحد أهم مطالب الشباب هي أن تتولى حقيبة وزارة الداخلية شخصية مدنية مشهود لها بالنزاهة والكفاءة.
وقال ماهر إن الدعوة لا تزال قائمة لتنظيم مظاهرة مليونية يوم الجمعة
الموافق 4 مارس للاحتفال بأربعينية شهداء الثورة وللتأكيد على ضرورة وضع
جدول زمني لتنفيذ بقية مطالب الثورة.
وأشار إلى أن أهم هذه المطالب حل جهاز أمن الدولة وإعادة هيكلة جهاز الشرطة
بكامله والإطاحة بالمحافظين ورؤساء الأحياء والمدن والإفراج عن المعتقلين
السياسيين.
وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة أعلن يوم الخميس الموافق 3 مارس عبر
رسالة بثها على صفحته على موقع الفيسبوك قبول استقالة شفيق وتكليف شرف
بتشكيل حكومة جديدة.
وطالب شباب الثورة في أكثر من مناسبة بقطيعة صريحة مع نظام مبارك ورموزه
وتعيين حكومة تكنوقراط لفترة مؤقتة تتولى المرحلة الانتقالية قبل إجراء
انتخابات عامة رئاسية وبرلمانية نهاية العام الجاري.
وعلى الرغم من أن شفيق أجرى تعديلا على حكومته فإن الرفض الشعبي لها استمر خصوصا أنها احتفظت بوزراء ممن عينهم مبارك.
شفيق يخرج عن صمته
ويبدو أن النقطة الأخيرة تحديدا هي السبب في استقالة شفيق ، حيث أنه معروف
عنه الكفاءة إلا أنه جاء في توقيت سييء جدا ، بل وهناك من ذهب إلى أنه هو
الآخر ضحية نظام مبارك وكان يمكن أن محل ترحيب واسع من الجميع في حال لم
يختاره الرئيس السابق رئيسا للحكومة في الأيام الأخيرة من حكمه.
ولعل التصريحات التي أدلى بها لبرنامج "الحياة اليوم" على قناة "الحياة"
بعد ساعات من استقالته ترجح صحة ما سبق ، حيث وجه التحية لشباب الثورة
وأبدى إعجابه الشديد بهم ، ولم ينس هموم الوطن رغم رحيله عن منصبه ، مطالبا
جميع المصريين وخاصة أصحاب المصانع بسرعة العودة لأعمالهم لأنه لم يبق سوى
شهر أو شهرين ويجد البعض صعوبة حتى في الحصول على رغيف العيش .
وتابع " التغيير فيه بركة وهو سنة الحياة "، وأشار إلى أنه تعرض لظلم كثير
خلال الأيام الأخيرة واستشعر أنه آن الأوان للرحيل خاصة بعد أن أزعجه كثيرا
أن يتهمه كاتب كبير "الأستاذ محمد حسنين هيكل" بأنه "واخد الطيارة رايح
جاي"، في إشارة إلى شرم الشيخ التي يوجد فيها الرئيس السابق حسني مبارك .
وأضاف أن هذه الانتقادات تكررت كثيرا في الفترة الأخيرة على لسان كثيرين
لكنه لم يشتك لأنه لم يعتد على الشكوى، مؤكدا أنه يربأ بمثل هذه الشخصيات
أن تقول عليه بدون أساس أو مبرر.
وفي تأكيد على أنه شخصية تتمتع بالوطنية والأخلاق الجمة ، أوضح شفيق أنه
متأكد من أن رئيس الوزراء الجديد عصام شرف سيحقق الأهداف المرجوة بخطوات
أسرع من خطوات حكومته.
واستطرد " لقد قضيت مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة سنين طويلة وعلاقتنا
كانت على أحسن ما يرام، وإذا كان قد حدث خلاف فإنه لا يفسد للود قضية ".
وعن خططه المستقبلية ، قال شفيق : " ليس هناك في ذهني الآن خيار محدد، لكن
أنا معروف بالحركة والنشاط ، وسأجد لنفسي سبيلا للعمل والوجود ".
وفيما أعلن الدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء في الحكومة المستقيلة في
البرنامج ذاته أن اجتماع مجلس الوزراء الأخير في 3 مارس كان مظاهرة حب
لشفيق وأن كل الوزراء والموظفين والعمال في المجلس ودعوه بالحب والدموع ،
فإن هناك بعض الآراء التي ترى أن شفيق وخلفه عصام شرف معروف عنهما الكفاءة
وهذا ما تحاجه مصر في الوقت الراهن ، ولعل إلقاء نبذة على السيرة الذاتية
لرئيس حكومة تصريف الأعمال الجديد ترجح صحة ما سبق .
عصام شرف في سطور
فمعروف أن عصام عبد العزيز شرف الذي تم تكليفه في 3 مارس/آذار2011 من قبل
المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتشكيل الحكومة المصرية الجديدة هو أكاديمي
وسياسي حصل على شهادة الماجستير والدكتوراه من الولايات المتحدة في
ثمانينيات القرن الماضي في اختصاص هندسة وإدارة الطرق ويعتبر من الخبراء
العرب والدوليين في مجال النقل, وله أبحاث في هذا المجال قاربت 160 بحثا.
وتولى شرف وزارة النقل في حكومة أحمد نظيف في العام 2002 قبل أن يخرج منها
في 2005 احتجاجا على غياب الإرادة السياسية لحل مشاكل النقل والمواصلات في
مصر في أعقاب حادث تحطم قطار القليوبية.
وإثر استقالته عاد شرف إلى موقعه الأكاديمي كأستاذ في كلية الهندسة بجامعة
القاهرة, كما تولى رئاسة لجنة التسيير بنقابة المهندسين بمصر.
وأسس مع أعضاء آخرين جمعية "عصر العلم" التي يشارك في عضويتها الدكتور أحمد
زويل -الحائز على جائزة نوبل- والدكتور محمد البرادعي، الرئيس السابق
للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وشارك شرف في اعتصامات ميدان التحرير التي كانت السبب في إجبار الرئيس حسني
مبارك على التنحي بما يجعله أحد الوزراء السابقين القلائل الذين أعلنوا
تأييدهم لثورة 25 يناير/كانون الثاني منذ أيامها الأولى.
كما ترددت أنباء عن ترشيحه من قبل شباب ثورة يناير لتولي رئاسة الحكومة الانتقالية بعد تنحي الرئيس مبارك في فبراير/شباط 2011.
والآن وبعد تحقيق هذا المطلب ، فإن على الجميع أن يساعد شرف في أداء مهمته
الشاقة جدا عبر وضع الحسابات الشخصية جانبا والتركيز فقط في تلك المرحلة
على العمل الجاد والتصدي للانفلات الأمني وإعادة الهدوء إلى البلاد للوصول
إلى أهداف الثورة المبتغاة