اولياء الله وعلاماتهم للعلامة ابن باز رحمه الله
اولياء الله وعلاماتهم للعلامة ابن باز رحمه الله
اولياء الله وعلاماتهم للعلامة ابن باز رحمه الله
هذه اجابة الشيخ بن باز عندما سئل عن علامات أولياء الله
صيغة السؤال
أرجو تعريفاً كاملاً لأولياء الله، ومن هم، وهل عندهم علامات مميزة، وهل تصح زيارتهم للتبرك وقضاء الحوائج سواء كانوا أحياء أم أموات؟ جزاكم الله خيراً.
اجابة سماحة الشيخ بن باز رحمه الله :
أولياء الله هم أهل التقوى والإيمان، وأهل الصلاح والاستقامة على دين الله وعلى ما جاء به رسوله عليه الصلاة والسلام، هؤلاء هم أولياء الله، هم أهل التقوى والإيمان كما قال الله سبحانه: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ثم فسرهم وقال: الذين آمنوا وكانوا يتقون، هؤلاء هم أولياء الله، هكذا في سورة يونس، وقال في سورة الأنفال: وما كانوا أوليائه إن أولياؤه إلا المتقون
فأولياء الله هم أهل التقوى، هم أهل الإيمان، هم الذين أطاعوا الله ورسوله، واستقاموا على دين الله، وتركوا الشرك والمعاصي هؤلاء هم أولياء الله، يجب حبهم في الله، ولكن لا يجوز دعاءهم من الله ولا الاستغاثة بهم، ولا البناء على قبورهم، هذا منكر، ولا البناء على قبور الأنبياء
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن من كان قبلكم -يعني من الأمم- كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك). رواه مسلم في الصحيح، فنهى عن اتخاذ المساجد على قبور الأنبياء والصالحين، وحذرهم من ذلك ولعن من فعل هذا، وروى مسلم في الصحيح عن جابر رضي الله عنه قال:"نهى رسول الله أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه"، فلا يبنى عليه قبة ولا غرفة، ولا مسجد، بل يجب الحذر من ذلك، بل تترك القبور بارزةً شامسة، كما كانت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم-كالبقيع من غيره في الأرض الواضحة التي ليس فيها بناء، يكون القبر بارزاً على الأرض قدر شبر ونحوه حتى يعرف أنه قبر ولا يبنى عليه، ولا يجصص، ولا يجعل عليه قبة ولا مسجد، كل هذا لا يجوز، وهذه القباب والمساجد التي توضع على القبور من أسباب الشرك، إذا رآها العامي معظمة بالقباب والمساجد وربما فرشوها وربما طيبوها صار هذا من أسباب الشرك، بدعة يترتب عليها شرك أكبر نسأل الله العافية، فإن العامة إذا رأوا هذا العمل دعوها من دون الله واستغاثوا بها وتمسحوا بها إلى غير ذلك،
أما زيارة المؤمن أن يسلم على أخيه، يعني على قبره إذا كان ظاهراً بارزاً ليس فيه قبة ولا مسجد فلا بأس، بل سنة، النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، فإذا زار القبور وسلم عليهم ليدعو لهم فهذا مشكور وهو سنة، أما أن يزورهم ليدعوهم من دون الله أو يستغيث بهم أو يطلبهم المدد هذا شرك أكبر ولا يجوز،
كأن يقول لصاحب القبر: المدد المدد، أو يا سيدي فلان أغثني أو انصرني أو اشف مريضي، أو أنا في جوارك، أو أنا في حسبك هذا دعاء لغير الله، وشرك بالله سبحانه وتعالى، وهذا من جنس عمل الجاهلية الأولى، أبي جهلٍ وأشباهه
فالواجب على المسلمين أن يحذروا هذه الأمور، وأن يتواصوا ويتناصحوا بتركها أينما كانوا وأما الأحياء منهم إذا زارهم ليسلم عليهم لحبهم في الله فلا بأس، يزورهم لحبهم في الله، لا للتبرك بهم، والذي يزورهم يسلم عليهم ويعرف أحوالهم ويتذاكر معهم في الخير أو في العلم كل هذا طيب، أو يدعو له يستغفروا له، لا بأس، إن قال : استغفروا لي أو ادعوا لي لا بأس
أما أن يزوره لاعتقاده فيه أنه يدعى من دون الله وأنه يصلح أن يعبد من دون الله حياً وميتاً لأنه ينفع أو يضر أو يتصرف في الكون أو ما أشبه ذلك من اعتقاد الجهلة فهذا لا يجوز، يقول الله جل وعلا لنبيه - صلى الله عليه وسلم- : قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن إنا إلا نذير وبشير لقومٍ يؤمنون، فإذا كان - صلى الله عليه وسلم- وهو سيد الخلق وأفضل الخلق لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ولا يعلم الغيب فكيف بغيره من الناس؟ لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى وهو النافع الضار المعطي المانع جل وعلا
فليس لأحدٍ أن يدعو غير الله بالأموات أو الغائبين أو الأحجار أو الأشجار أو الجن أو الملائكة بل هذا من الشرك بالله سبحانه وتعالى، وليس لأحدٍ أن يعتقد بأنه قادر وبأنه ينفع أو يضر دون الله أو أنه يصلح أن يعبد من دون الله ويدعى من دون الله كل هذا اعتقاد باطل وكفر، نسأل الله العافية
أما الحي الحاضر القادر، يقول يا أخي أعني على كذا لا بأس، الحي الحاضر يقوله له ساعدني على إصلاح سيارتي، على عمارة بيتي، على مزرعتي وهو قادر يسمعه ويستطيع أن يساعده بما يسر الله لا بأس، هذه أمور جائزة فيما بين الناس، قال تعالى في قصة موسى:فاستغاثه الذين من شيعته على الذين من عدوه لأنه حي يسمع كلامه، وموسى يغيث فلا بأس.
أما دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أو الغائبين يعتقد فيهم أنهم يسمعون دعائه أو ينفعون أو يضرون هذا هو الشرك الأكبر، هذا عمل الجاهلية الأولى، نسأل الله العافية، ولو قال:ما قصدت أنهم ينفعون أو يضرون، ولو قال: أقصد أنهم شفعاء عند الله، هذا شرك المشركين، المشركون ما قصدوا أنهم ينفعون أو يضرون بل أرادوهم شفعاء عند الله وأرادوهم أن يقربوهم إلى الله، كما قال تعالى: ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله. وقال سبحانه: قل أتبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون.
فسماه شرك، وقال سبحانه وتعالى في سورة الزمر: والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، ما قالوا لأنهم ينفعون أو يضرون، قالوا يقربونا إلى الله زلفى، هذه عقيدتهم يعلمون أن النافع والضار هو الله وحده، ولكنهم يطلبون من الأولياء أو من الأنبياء أو من غيرهم الشفاعة إلى الله أن يعطيهم مطالبهم ويزعمون أنهم شفعاء وأنهم يقربون إلى الله ولا يعتقدون أنهم يتصرفون في الكون أو ينفعون أو يضرون لا، ليس هذا من اعتقاد الجاهلية، ومع هذا كفرهم الله وقاتلهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- على شركهم هذا، فالواجب على كل من يدعي الإسلام أن يتبصر وأن يتفقه في دينه، وأن يحذر التعلق بأهل القبور، ودعاءهم من دون الله والاستغاثة بهم، والنذر لهم والذبح لهم، لأن هذا هو شرك الجاهلية كما يفعل هذا بعض الناس عند قبر السيد البدوي أو السيد الحسين أو الشيخ عبد القادر في العراق أو غيرهم، كل هذا شرك بالله لا يجوز، لا مع الحسين ولا مع البدوي ولا مع الشيخ عبد القادر الجيلاني، ولا مع غيرهم من الناس، ولا مع ابن عربي في الشام، ولا مع غيرهم، فالواجب الإخلاص لله في العبادة، لأنه حقه سبحانه وتعالى، قال تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء، وقال سبحانه: وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه -يعني أمر وأوصى- أن لا تعبدوا إلا إياه، وقال سبحانه: يا أيها الناس اعبدوا ربكم، وقال جل وعلا: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، هذا أصل الدين وأساس الملة
وهذا أعظم واجب وأهم واجب أن تعبد الله وحده بدعائك ونذرك وذبحك وصلاتك وصومك وغير ذلك، وقال تعالى:قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، والنسك يطلق على الذبح وعلى العبادة، فكما أن الصلاة لله هكذا الذبح لله، الذي يذبح للجن أو يتقرب لأصحاب القبور أو للأشجار أو الأصنام بالذبائح هذا شرك بالله تعالى، وهكذا دعاؤهم والاستغاثة بهم وطلب المدد كأن يقف على القبر ويقول: المدد المدد، أو يدعوهم من قريب يا سيدي البدوي أو سيدي الحسين المدد المدد، أو سيدي عبد القادر المدد المدد، هذا شرك أكبر، شرك بالله عز وجل وعبادة لغيره، قال سبحانه وتعالى: وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحداً، فهذا عام يعم الأنبياء وغيرهم ذكر في سياق النهي تعم الأنبياء والملائكة والجن والإنس
وقال سبحانه وتعالى: ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذاً من الظالمين، يعني المشركين، وقال سبحانه :ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون، فسمى دعاة غير الله كفاراً، ولو قال ما نسميهم إله، ولو قال نسميهم سادة، أو نسميهم أولياء وتدعوهم واستغاثوا بهم فقد جعلوهم آلهة، وإن لم يسموهم آلهة فلا عبرة بالأسماء العبرة بالحقائق، فالذي يعبده من دون الله، ويستغيث به قد جعله إلهاً، وإن لم يسمه إلهاً، وإن قال السيد أو الولي أو كذا أو كذا بأسماءٍ أخرى، الاعتبار في الأمور بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ، نسأل الله أن يهدي إخواننا جميعاً والمسلمين، وأن يرشد الجاهل للحق والهدى وأن يكثر في المسلمين علماء الحق وعلماء الهدى حتى يبصروا الناس وحتى يرشدوهم إلى توحيد الله وإلى الحق الذي بعث الله به نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم-، ونسأل الله أن يهدي الجاهل إلى أن يتعلم ويسأل ويتصبر ولا يرضى بالتقليد الأعمى، نصيحتي لجميع من يتصلون بالقبور أو يدعو القبور أو يجهل أحكام الله
نصيحتي للجميع أن يسألوا العلماء، علماء الحق، علماء السنة، أهل البصيرة يسألوهم مثل من عاصر السنة في الشام مثل الشيخ الأزهر، مثل علماء السنة في الشام في الأردن في أي مكان، علماء الحق المعروفين بالسنة والتوحيد والإخلاص والبصيرة، وهكذا في كل مكان في أفريقيا في أوروبا في أمريكا في كل مكان، الواجب على من جهل الحق أن يسأل، ولا يقدم على شيء على غير بصيرة، والله يقول سبحانه في كتابه العظيم: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، ويروى عنه عليه السلام لقومٍ أفتوا بغير علم (ألا سألوا إذا لم يعلموا؟ إنما شفاء العي السؤال)،
وكان الصحابة يسألونه عليه الصلاة والسلام فيعلمهم ويجيبهم حتى النساء يسألونه ويجيبهم، وقال له بعض النساء: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا يوماً نسألك ونتحدث إليك فوعدهم وجمعهم في مكان وأتاهم وسألوه عن حاجاتهم عليه الصلاة والسلام
فالواجب على العلماء أن ينبسطوا للجهلة حتى يعلموهم، وأن يعتنوا بالكتاب والسنة وأن تكون الفتاوى من الكتاب والسنة لا من التقليد الأعمى، من كتاب الله العظيم وسنة رسوله الأمين، على العالم أن يتبصر من طريق كتاب الله والسنة، وأن يعلم الناس على ضوء الكتاب والسنة ويرشدهم إلى أحكام الله التي دل عليها كتابه العظيم وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام وأن يحذر التساهل في هذه الأمور، رزق الله الجميع للهداية والتوفيق.
وهذا رابط السؤال والجواب من موقع الشيخ رحمه الله
http://www.binbaz.org.sa/mat/18002
__________________