لماذا التعذيب بالنار؟

لماذا التعذيب بالنار؟
لماذا التعذيب بالنار؟

ذكرنا في فصل سابق بيانا مهما أن الخلود في النار جزاء وفاق، وأوضحنا أن هذا هو جزاء الكافر في الآخرة، وقد شرحنا جانبا يتعلق بالعدل الإلهي، وكيفية التفكير في مثل تلك القضية فراجعه،
ولعلي ألخص بأهم النقاط التالية:

أولا: أنه عقاب وجزاء وفاق عدل على الجريمة الكبرى التي ارتكبها، وهي استعلاؤه على خالقه ورازقه، سواء الاستعلاء على المنهج ورده على الخالق سبحانه، أو إنكاره لوجود الخالق، أو اتخاذ غير الله ندا له.
ثانيا: ولقد أخبرنا رب العالمين وهو أصدق القائلين أن عذابه وفاق الجريمة التي اقترفها من يعذبه في النار فقال: ﴿جزاء وفاقا﴾، ومعلوم أن الجرائم، تتناسب مع عقوباتها، والعبرة فيها عظم الجريمة، وقوة الرادع عن ارتكابها، ليستقيم ميزان الحق قبل اقتراف الجريمة، فتكون العقوبة نصب عين المجرم تمنعه عن ارتكاب جرمه، وتدفعه للتفكر في أمره فيُقبِلَ ويحجِم!

والعقوبات تتفاوت حسب عظم الجريمة، وتقدير فظاعة الجريمة يتفاوت، ما بين جرائم سرقة، قتل، زنا، خمر، مخدرات، ظلم يقع على فرد أو ظلم يقع على أمة بأسرها... الخ
فتقدير فظاعة الجريمة، إذا كانت في حق المجتمع فهي أفظع منها إن كانت متعلقة فقط بحق شخص، وإن كانت في حق الشخص متعلقة بماله، ليست بفظاعة تعلقها بنفسه وهكذا، فالجرائم التي تتعلق بجنب الله تبارك وتعالى، أفظع وأفظع! فالجريمة المتعلقة بحق الله تعالى بعظمته، وجلاله، ومقامه سبحانه وتعالى، لا شك أنها لا تكافؤها جريمة في حق غيره مهما كان!

ولو نظرت من حولك إلى السموات بعظمتها وعظمة خلق الله تبارك وتعالى وتفكرت لحظة في عظمة هذا الخالق سبحانه وتعالى لعلمت أن جلاله وعزته وعظمته بمكانة تجعل كل البشر لو عبدوا الله كل حياتهم، قضوها ساجدين، ما كافأوا على نعمة من نعمه، ومن قصر في شكر النعم، استحق أن يكافأ بعقوبة.
فكيف ورب العالمين يرضى بقليل من الشكر مقارنة بما أسبغ من نعم، ويعطي عليه الجزاء العظيم
أما ذلك الشقي الذي كافأ النعماء بالكفر والرزايا العظام والجحود، فما تقول فيه؟

ثالثا: ثم إن الله تعالى قبل أن يحرم الظلم في منهجه القويم، حرمه على نفسه، وأقام السموات والأرض والملكوت الأعلى كله على أساس الحق والعدل، فأن يأتي أخرق أبله فيخرق هذا ويبيح الظلم والبغي بغير الحق في الأرض، وقد حرمها الله في السموات والأرض، فهذه جريمة ليست بعدها جريمة!

رابعا: ثم إن الله تعالى قد خلقك ورزقك وأعطاك نعمه ظاهرة وباطنة، لا تكاد تتفكر في نعمة من نعمه وتقارن نفسك وقد وهبك إياها بمن حرمه منها، إلا وجدته مستحقا من الشكر منك ما لا يسعك العمر كله أن تكافئه فيه على نعمة واحدة، فكيف وقد أسبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة!

ثم يأتي المشرك فينكر وجوده، ويسبه، ويقول عنه أن له ولدا، أو أن له أندادا، أو شركاء!

خامسا: وكما قال رب العالمين: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾
ولله المثل الأعلى، لو أسأت بحق ملك، فإن غضبه سيكون كبيرا، فما بالك برب العالمين!! ذي العزة والجلال!
أنت أيها القارئ الكريم لا شك تغضب إن مس أحد عرضك، أو سب والديك، أو أغلظ عليك بفاحش القول، والله أحق منك بأن يكون غضبه أعظم وأعظم، ﴿وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ لذلك فمن سأل هذا السؤال، واتهم عدل الله، ما قدر الله حق قدره!

سادسا: ما تقول فيمن قضى حياته يقتل الناس ويفسد في الأرض، كهتلر وستالين ونظرائهم ماتوا وفي أعناقهم ملايين القتلى، والأرامل والأيتام، والخراب في البلاد والعمران!
ما قولك في فرعون إذ قال عن نفسه أنه هو رب العالمين؟

ما قولك في البابا؟ فيمن يضل الناس، في بوش في رمسفيلد؟ في شارون؟ في حبيقة؟ في الحسين بن طلال؟ في حسني مبارك؟

سابعا: فها أنت ترى أن رب العالمين يسبغ نعمه حتى على من يعبد الفأر والبقرة من دونه، ومع ذلك فهو يعطيهم الأدلة الواضحة الجلية على وجوده، ولكنهم لا يستعملون هذه العقول، هم كالأنعام بل هم أضل،
كمثل الأب يعطي ابنه أفضل ما عنده، ويبذر الابن يصرفها على الخنا والموبقات، وما يضر صحته، فهل ترى من بأس في عقوبة من هذا الاب لابنه؟

ثامنا: إن ترك المجرم من غير عقوبة، لا يردع عن ارتكاب الجرائم، لذلك لو ترك الناس من غير تحذير وإنذار من العقوبة، لسادت الفوضى الأرض، ولعم الفساد، وحكمت شرعة الغاب في الأرض، يأكل القوي الضعيف، فلا بد من الانتصاف، ولا بد من العقوبة، ليستقيم ميزان الحق والعدل الذي قامت عليه السموات والأرض
.
لذلك فإنك لا ترى مجتمعا متحضرا، إلا وقوانينه محمية بسلسلة من العقوبات إن خالف تلك القوانين أحد، بل ويقيمون الشرطة، ويحرسون هذا النظام بكل صرامة، حتى تستقيم حياة الناس بما يتوافق مع تلك القوانين، ولئن سأل أحد الناس أحد القضاة أن يلغي العقوبات كلها من التشريع، لما كان منه إلا أن يظن السائل مخبولا، وحين يرى القضاة أن العقوبة غير رادعة يبحثون تشديدها عصمة للمجتمع، وحماية للقانون، فالعقوبات لا بد أن تكون زواجر وجوابر.

تاسعا: إن وضع السيف موضع الندى مضر ومفسد كوضع الندى موضع السيف، فلا بد من الشدة لتستقيم أحوال ناس، لا ينفع معهم إلا الشدة، ولا بد من الرحمة مع أناس تستقيم أمورهم بالرحمة، فها أنت ترى، أن عبادا لله يرتكبون المعاصي، ويتوبون، ويعرفون الله تعالى، فينشلهم من غفلتهم، ويرحمهم، ويقربهم منه، ويتجاوز عنهم، وحتى الكافرين، فإنه رحيم بهم، سواء في أمر الدنيا بإسباغ النعم عليهم ظاهرة وباطنة، أو في أمر الآخرة، بإنزال الهدى إليهم واضحا جليا، أقام عليه ملايين الأدلة، رحمة بهم، فإن استعملوا عقولهم وفتحوها للحق نجوا، ولم يجعل بينهم وبين الحق بابا موصدا، أو أدلة معقدة، بل حتى إنه جهزهم وأعدهم بأعظم جهاز وجد في الكون ألا وهو العقل، ليستعملوه!

عاشرا: إن فكرة الخلاص عند النصارى، وأن المسيح افتدى الناس وذنوبهم بدمه على الصليب، وفكرة منح الغفران من قبل البابوات ومندوبيهم، تركت الناس بعيدين عن منهج الله تعالى، يحتكمون في حياتهم لمنهج قيصر، الذي وضعه البشر، واقتصرت علاقتهم بالله على صلوات وعبادات، وتركوا أمر الدنيا كلها لقيصر، ولقوانين البشر، فكان ما نرى من فساد في الأرض، يأكل القوي فيها الضعيف، وتعتدي البلدان القوية مثل أمريكا وبريطانيا على البلاد الضعيفة تستعبد الناس وتنهب خيراتهم، فلم يغن الخلاص الأرضَ، ولم يرحها من شرور الناس، بل إنهم إذ يرون أنفسهم مُخَلَّصين، مغفورا لهم، فإنهم يستمرءون فعلتهم، ويتمادون فيها لا رادع يردعهم، فأي الفريقين أحق بالأمن؟
وأيَّ رادع عظيم تركته النصارى كان ليمنع الفساد في الأرض، وكان ليجعل المتمادي في غيه لو تفكر في عقوبته الشديدة واستعمل عقله، كان لينصرف عن قبيح فعاله!
وبعد نقول: الآخرة أمرها موكول لرب العالمين، يعذب من يشاء ويرحم من يشاء، ويدخل الجنة أقواما ما عندهم إلا ذرة من إيمان، فدع أمر الآخرة لله تبارك وتعالى واعمل لتنجو من عذابه ودع تصريف الخلق له يحكم بينهم بعدله وحكمته، برحمته وبطشه وقوته وهيبته، بكرمه وتفضله.
واعلم أنه العدل، حرم الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرما
فإن اطمأنت نفسك إلى هذه الحقيقة القطعية، علمت أنه العدل وزالت كل وساوس الشيطان من نفسك.

‗۩‗°¨_‗ـ المصدر:#منتدي_المركز_الدولى ـ‗_¨°‗۩‗

» لماذا تتكون الساعة من 60 دقيقة , لماذا قسمت الدقيقة أيضا إلي 60 ثانية , ما هو سر الرقم 60؟
» لماذا يراهق الاربعيني‎ ؟ لماذا يفكر بالزواج بأخرى ؟
» لماذا الاسلام ؟
» لماذا لا ننتصر؟!
» لماذا يتراجعون؟