وأما معوقات التوبة:
فأولاً: الإصرار على الذنب: قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ* أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ} [(135-136) سورة آل عمران]، فبقاء الإنسان على الذنب مشكلة، وتعلق قلب العبد بالماضي وبممارساته القبلية هذه من أصعب المعوقات التي تواجه الإنسان، ولا سبيل للخلاص من هذا المعوق بعد توفيق الله -جل وعز- إلا بإرادة قوية وتصميم جازم وضغط على النفس، وإلا فسيبقى الإنسان أسير هواه، وستبقى هذه الذنوب كالأغلال والسلاسل في يديه ورجليه.
المعوق الثاني: استصغار الذنب: إذا كان الإنسان يرى أن ما يفعله بسيط وسهل خصوصاً إذا قام يقارن نفسه بمن هو غارق إلى أذنيه في الخطايا والمخالفات، فهذا الإنسان لن يتوب بسهولة، لا تنظر إلى مقدار الذنب، ولا تنظر إلى صغر الذنب، لكن أنظر إلى عظمة من عصيت.
إنك وأنت تتلبس بالمعصية أو الزلل، اعلم -أخي المسلم- أنك مخالف لله -جل وتعالى- وبدون استشعار هذه القضية وامتلاء القلب بعظمة المولى فلن تتخلص من أسر المعصية، ومع استمرار استصغار الذنب عندك فسيبقى هذا المانع معلق في رقبتك، لا تنظر إلى من هلك كيف هلك، ولكن انظر إلى من نجا كيف نجا.
المعوق الثالث: المجاهرة: قال -صلى الله عليه وسلم-: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرون، وإن من المجاهرة أن يعمل العبد بالليل عملاً ثم يصبح قد ستره ربه، فيقول: يا فلان، قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، فيصبح يكشف ستر الله عليه)) [أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة].
مصيبة أن يصل العبد إلى هذه الدرجة من قلة الحياء وعدم المبالاة؛ بفعل المخالفات ويقتحم المنكرات، ثم يأتي ويتحدث بها أمام زملائه وأصحابه.
الإنسان إذا كان يعصي لكن بحياء ولا يريد أن يعرف عنه أحد، فهذا بذرة الخير مازالت موجودة في قلبه، أما إذا وصل إلى حد المجاهرة والعلانية والتحدث بما يفعل دون خجل ولا حياء فهذا الذي لا يعافى، وهذا الذي لا يسلم، وسيبقى أسير معصيته، وسيبقى هذا المعوق حائلاً دونه ودون التوبة، نسأل الله -جل وتعالى- أن لا يفضحنا لا في الدنيا ولا في الآخرة، وأن يسترنا بستره، إنه خير مسؤول.
المعوق الرابع: التسويف بالتوبة: فالعبد يعلم بأنه الآن هو على خطأ ومتلبس بالزلل والمخالفة، لكنه يؤخر التوبة ويعطي نفسه مدة أطول؛ لكي يتشبع ويكتفي ويأخذ حظاً أوفر مما يفعله، فليعلم بأن الذي يقول: سوف أتوب، وسوف أرجع أموال الناس، وسوف أترك ما أنا فيه ونحو هذه (السوفيات) أنه على خطر عظيم، ويصعب على مثل هذا النوع التوبة والرجوع، إلا بالتخلص من معوق (سوف)، وليعلم أيضاً بأن الموت قد يأتيه وهو لم يصل بعد إلى (سوف)، فماذا يكون جوابه أمام ربه؟؟!
المعوق الخامس: الصحبة السيئة وقرناء السوء: من أكبر الأمور التي تعين الإنسان على فعل الخير واتباع سبيل المؤمنين، أهل الخير والصلاح، وزملاء التقوى والورع، فالذي يعمل السوء ويرتكب المعاصي في الغالب أنه ليس لوحده وإن كان يمارس بعض الأشياء لوحده؛ تجد أن له أصحاب يحرضونه ويشجع كل منهم الآخر، فما دام أن علاقته وصلته مازالت مستمرة مع هؤلاء، فالتوبة والحالة هذه صعبة؛ {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [(11) سورة الرعد]، فإذا أردت التغيير من حال الفساد إلى الصلاح فعليك أن تغير الأصحاب، وإلا فهم مانع لك من دخول باب التوبة.
المعوق السادس: الابتداع في الدين: البدعة في الدين شأنها خطير، ومشكلة صاحب البدعة أنه يعتقد أن ما يفعله من الدين، إما بالتعبد بما لم يأذن به الله، وإما باعتقاد خلاف الحق الذي أرسل الله به رسوله، وأنزل به كتابه، وهاتان البدعتان في الغالب أنهما متلازمتان، قلَّ أن تنفك أحداهما عن الأخرى، كما قال بعضهم: تزوجت بدعة الأقوال ببدعة الأعمال.
والبدعة -أيها الأخوة- من أعظم معوقات التوبة، ولا خلاص منها إلا بنور السنة والاعتصام بحقيقة المتابعة، وما مضى عليه السلف الأخيار من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.
المعوق السابع: الإعراض عن مواطن العبر: الذي يبحث عن التوبة ويريدها فعليه أن يكثر من حضور مواطن العبر وأن يغشاها دائماً، المواطن التي تذكره بالله وبآياته، وتذكره بأحكام الدين وتعلمه الخير وما يجهل، وهي مجالس العلم وحلق الذكر وحضور المحاضرات والدروس؛ فإن تعويد المرء نفسه بارتياد هذه الأماكن يرقق قلبه ويجعله قريباً من ربه، فإذا ما وقع في معصية أو حصلت منه مخالفة فإنه سرعان ما يرجع؛ لأن القلب موصول بالله من خلال هذه المواطن، وغالباً ما يسمع في هذه المواطن كلاماً حول ما بدر منه، وفي المقابل الإعراض عن مواطن العبر يكون معوقاً من معوقات التوبة.
خامساً: من أحكام التوبة:
إن أحكام التوبة كثيرة والحاجة إليها شديدة، ولضيق الوقت وعدم الإطالة نختار منها عشرة أحكام فقط:
أولها:هل تصح التوبة من ذنب مع الإصرار على غيره: فيه قولان لأهل العلم، وهما روايتان عن الإمام أحمد، والصواب أن التوبة تصح من ذنب مع بقاء الإصرار على غيره، بشرط ألا يكون من جنسه، وإليك البيان:
إن التوبة تتفاضل في كيفيتها، كما أنها تتفاضل في كميتها، فلو أتى العبد بفرض وترك فرضاً آخر لاستحق العقوبة على ما تركه دون ما فعله، فهكذا التوبة، فإذا تاب من ذنب وأصر على آخر، قبل الذي تاب منه وبقى محاسباً عن الآخر، فإذا تاب من الربا –مثلاً- ولم يتب من شرب الخمر، فإن توبته من الربا مقبولة صحيحة وبقي عليه وزر شرب الخمر، لكن قلنا بشرط ألا يكون من جنسه، كمن تاب من ربا الفضل ولم يتب من ربا النسيئة، أو تاب من شرب الخمر وما زال يتعاطى المخدرات، فهذا لا تصح توبته؛ لأن الجنس واحد، وهو كمن يتوب عن الزنا بامرأة وهو مصر على الزنا بغيرها؛ فهذا في الحقيقة لم يتب من الذنب، وإنما عدل عن نوع منه إلى نوع آخر.
ثانياً من الأحكام: هل العود إلى الذنب يبطل التوبة؟: بمعنى هل يشترط في صحتها أن لا يعود إلى الذنب أبداً، أم ليس ذلك بشرط؟
فيه خلاف بين أهل العلم، قال بعضهم: يعود إليه إثم الذنب الأول؛ لفساد توبته وبطلانها بالمعاودة، لكن الصحيح أنه لا يعود إليه إثم الذنب الذي تاب منه بنقض التوبة؛ لأن ذلك الإثم قد ارتفع بالتوبة، وصار بمنـزلة ما لم يعمله، وكأنه لم يكن فلا يعود إليه بعد ذلك، وإنما العائد إثم المستأنف لا الماضي؛ ونكتة هذه المسألة كما يقول ابن القيم -رحمه الله-: إن التوبة المتقدمة حسنة ومعاودة الذنب سيئة، فلا تبطل معاودته هذه الحسنة، كما لا تبطل ما قارنها من الحسنات.
إذن: نقول بأن العبد إذا تاب توبة صحيحة بشروطها، ثم عاود الذنب، كتب عليه ذلك الذنب الثاني، ولم تبطل توبته، وهذا مذهب أهل السنة في هذه المسألة، خلافاً للمعتزلة.
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يحكي عن ربه -عز وجل- قال: ((أذنب عبد ذنباً، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال -تبارك وتعالى-: أذنب عبدي، فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال -تبارك وتعالى-: أذنب عبدي ذنباً فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال -تبارك وتعالى-: أذنب عبدي ذنباً، فعلم أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك)).
ومن الأحكام أيضاً -وهذا ثالثها-: وتأملوا هذه المسألة: أن من كانت له حسنات، ثم استحدث بعدها سيئات فاستغرقت سيئاتُه الحديثات حسناته القديمات وأبطلته،ا ثم تاب هذا الرجل من هذه السيئات توبة خالصةً نصوحاً، فإن حسناته تعود إليه، ولم يكن حكمه حكم المستأنف لها، بل يقال له: تبت على ما أسلفت من خير، وهذا من رحمة الله -جل وعلا-؛ وذلك لأن الإساءة المتخللة بين الطاعتين قد ارتفعت بالتوبة، وصارت كأنها لم تكن فتلاقت الطاعتان واجتمعتا.، فتأمل.
ومن أحكام التوبة -وهذا رابعها-: أنّ من توغل في ذنب، ثم عزم على التوبة منه، لكنه لا يمكنه التوبة منه إلا بارتكاب بعضه، كمن توسط أرضاً مغصوبة، ثم عزم على التوبة ولا يمكنه إلا بالخروج الذي هو مشى فيها وتصرف، فكيف يتوب من الحرام بحرام مثله؟ وهل تعقل التوبة من الحرام بحرام؟
الجواب: بأن التوبة بخروجه من الأرض ليس بحرام، إذ هو مأمور به، وإنما تكون الحركة والتصرف في ملك الغير حراماً إذا كان على وجه الانتفاع بها المتضمن لإضرار مالكها، أما إذا كان القصد ترك الانتفاع، وإزالة الضرر عن المالك فلم يحرم الله ولا رسوله ذلك، ولا دل على تحريمه نظر صحيح ولا قياس صحيح، فتأمل هذا المثال وقس أنت عليه غيره.
خامس هذه الأحكام: إذا كانت متضمنة لحق آدمي: فهذا على الإنسان أن يخرج من هذا الحق بتوبة يؤدي فيها حقوق الناس، أو باستحلاله منه بعد إعلامه به إذا كان حقاً مالياً أو جناية على بدنه؛ كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث أبي هريرة عند الإمام أحمد أنه قال: ((من كان لأخيه عنده مظلمة من مال أو عرض فليتحلله اليوم قبل أن لا يكون ديناراً ولا درهماً إلا الحسنات والسيئات)).
أما إن كانت المظلمة بقدح فيه -بغيبة أو قذف- وكان يخشى إن أخبره بذلك فيحصل بسبب ذلك مفسدة، أو أن إخباره يزيده حنقاً وغماً فالذي اختاره شيخ الإسلام أنه لا يعلمه بما نال من عرضه وقذفه واغتيابه، بل يكفى توبته بينه وبين الله، وأن يذكر المغتاب والمقذوف في مواضع غيبته وقذفه بضد ما ذكره به من الغيبة، فيبدل غيبته بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه، وقذفه بذكر عفته وإحصانه ويستغفر له بقدر ما اغتابه.
سادساً هذه الأحكام -وهذا مهم فتنبه-: وهو أن العبد إذا تاب من الذنب، فهل يرجع إلى ما كان عليه قبل الذنب من الدرجة التي حطه عنها الذنب أو لا يرجع إليها؟
فصل النـزاع في هذه المسألة: أنه يختلف بحسب حال التائب، فمن التائبين من لا يعود إلى درجته، ومنهم من يعود إليها، ومنهم من يعود إلى أعلى منها، فيصير خيراً مما كان قبل الذنب، وهذا بحسب حال التائب بعد توبته وجدّه وعزمه وحذره وتشميره، فإن كان في الجدّ والعزم والرجوع أعظم مما كان له قبل الذنب عاد خيراً مما كان وأعلى درجة، وإن كان مثله عاد إلى مثل حاله، وإن كان دونه لم يعد إلى درجته والله المستعان.
ومن أحكام التوبة -وهذه سابعها-: هل هناك فرق بين تكفير السيئات ومغفرة الذنوب؟ قال الله تعالى حاكياً عن عباده المؤمنين: {رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ} [(193) سورة آل عمران]، فههنا أربعة أمور: ذنوب وسيئات ومغفرة وتكفير، فالذنوب المراد بها الكبائر، والمراد بالسيئات الصغائر، ولفظ المغفرة أكمل من لفظ التكفير ولهذا كان مع الكبائر، والتكفير مع الصغائر، وهذا التفصيل حال الاقتران وعند الإفراد فيدخل كل منهما في الآخر كما هو معلوم.
ومن أحكام التوبة -وهي ثامنها-: أن المصائب التي تصيب العبد والهموم والغموم والنصب والوصب نهر من الله -عز وجل- يسوقه ويجريه في الدنيا لتكفير سيئات العباد؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ)) [رواه البخاري].
إذا علمت هذا فاعلم بأن هناك نهر آخر أجراه الله -جل وتعالى- أيضاً هنا في الدنيا لتكفير السيئات، وهو نهر الحسنات التي تتضاءل وتتلاشى فيها الذنوب فتغمرها، والماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخبث، وفوق هذا كله النهر الأعظم والرافد الأكبر نهر التوبة النصوح.
فلأهل الذنوب ثلاثة أنهار عظام يتطهرون بها في الدنيا: نهر التوبة النصوح، ونهر الحسنات المستغرقة للأوزار المحيطة بها، ونهر المصائب المكفرة، فإن لم تف بتطهيرهم طهروا بالنهر الرابع، ويكون يوم القيامة وهو نهر الجحيم -عافانا الله وإياكم منه- فإذا أراد الله بعبده خيراً أدخله أحد هذه الأنهار الثلاثة، فورد القيامة طيباً طاهراً فلم يحتج إلى التطهير الرابع.
تاسع هذه الأحكام: توبة العبد إلى الله محفوفة بتوبتين من الله: توبة من الله عليه قبلها، وتوبة منه بعدها، توبته بين توبتين من ربه سابقة ولاحقة، فإنه تاب عليه أولاً إذناً وتوفيقاً وإلهاماً فتاب العبد فتاب الله عليه، ثانياً قبولاً وإثابة، فتأمل -يا عبد الله- في هذا الكلام وتفكر فيه، فإن فيه بعض أسرار اسميه -جل وتعالى- "الأول والآخر"؛ فهو المعد وهو الممد، ومنه السبب والمسبب، وهو الذي يعيذ من نفسه بنفسه كما قال اعرف الخلق به: ((وأعوذ بك منك)).
والعبد توّاب والله توّاب، فتوبة العبد رجوعه إلى سيده بعد الإباق والشرود، وتوبة الله نوعان: إذن وتوفيق، وقبول وإمداد، فتأمل
أختم هذه الأحكام خشية الإطالة والملل بالعاشر: وهو أن على التائب أن يتفطن لقلبه ويهتمّ به أكثر من آثار الذنب على الجوارح؛ فإن الكبيرة قد يقترن بها من الحياء والخوف والاستعظام بها ما يلحقها بالصغائر، وقد يقترن بالصغيرة من قلة الحياء وعدم المبالاة وترك الخوف والاستهانة بها ما يلحقها بالكبائر، بل يجعلها في أعلى رتبها، وهذا أمر مرجعه إلى ما يقوم بالقلب، وهو قدر زائد على مجرد الفعل، والإنسان يعرف ذلك من نفسه ومن غيره.
سادساً: نماذج تائبة:
إن قصص وأخبار التائبين على مر العصور كثيرة وكثيرة جداً، ولا يكفي في مثل هذه العجالة، إلا بذكر نتف يسيرة ونماذج سريعة للعبر، وما زال الناس منذ القديم حتى وقتنا هذا يذنبون ويستغفرون، يعصون ثم يتوبون، والتاريخ يسجل ذلك كله، وإذا فات التاريخ شيء من ذلك فهو عند الله مكتوب محفوظ؛{فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى} [(52) سورة طـه].
وقد اخترت لكم لعدم الإطالة نموذجين:
النموذج الأول:
توبة أبي محجن الثقفي -رضي الله عنه- وكان مبتلىً بشرب الخمر وقصته، أنه خرج مع المجاهدين في معركة القادسية -والتي كان أميرها سعد بن أبي وقاص- وقد حبسه سعد في المعركة ومنعه من القتال من أجل المسكر، فلما اشتد القتال، وكان أبو محجن قد حبس وقُيّد في القصر، فأتى سلمى بنت حفصة امرأة سعد، فقال: يا بنت آل حفصة، هل لك إلى خير؟ قالت: وما ذاك؟ قال: تخلين عنّي وتعيرينني البلقاء -وهو فرس لسعد بن أبي وقاص- قال: فلله عليّ إن سلمني الله أن أرجع حتى أضع رجلي في قيدي، وإن أُصبت فما أكثر من أفلت. فقالت: ما أنا وذاك.
فرجع أبو محجن إلى قيوده وصار يردد:
كفى حُزناً أن تُرد الخيل بالقنا *** وأُترك مشدوداً عليّ وثاقيا
إذا قُمت عنّاني الحديد وغُلقت *** مصاريع دوني قد تصمّ المناديا
وقد كنت ذا مالٍ كثيرٍ وإخوة *** فقد تركوني واحداً لا أخا لِيا
وقد شق جسمي أنني كلَّ شارفٍ *** أعالج كبلاً مصمتاً قد برانيا
فلله درّي يوم أُتركَ موثقاً *** ويذهل عنّي أثرتي ورجاليا
حبست عن الحرب العوان وقد بدت *** أعمال غيري يوم ذاك العواليا
ولله عهد لا أخيس بعهده *** لئن فُرّجت أن لا أزور الحوانيا
فسمعت سلمى منه وهو يردد هذه الأبيات فقالت: إني استخرت الله، ورضيت بعهدك، فأطلقته، فاقتاد الفرس، وأخرجها من باب القصر فركبها، ثم دب عليها حتى إذا كان بحيال الميمنة كبر، ثم حمل على ميسرة القوم يلعب برمحه وسلاحه بين الصفين، ثم رجع من خلف المسلمين إلى الميسرة، فكبر على ميمنة القوم يلعب بين الصفين برمحه وسلاحه، فلما انتصف الليل تحاجز الناس وتراجع المسلمون، وأقبل أبو محجن حتى دخل من حيث خرج، فوضع عن نفسه ودابته، وأعاد رجليه في قيوده، فجاء سعد، فقالت له امرأته: كيف كان قتالكم؟.
فجعل يخبرها، ويقول: لقينا ولقينا، حتى بعث الله رجلاً على فرس أبلق، لولا أني تركت أبا محجن في القيود لقلت: إنها بعض شمائل أبي محجن، فقالت: والله إنه لأبو محجن، كان من أمره كذا وكذا. فقصت عليه قصته، فدعا به فحلّ قيوده، وقال: لا نجلدك على الخمر أبداً، قال أبو محجن: وأنا والله لا أشربها أبداً فلم يشربها بعد ذلك.
النموذج الثاني:
توبة ماعز بن مالك -رضي الله عنه- وملخصها، أن ماعز بن مالك زل به القدم، وأخطأ كما يخطأ غيره، فوقع في الزنا -رضي الله تبارك وتعالى عنه وأرضاه- فأتى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفسه وطلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يطهره فقال له: ((ويحك، ارجع فاستغفر الله وتب إليه))، فرجع غير بعيد ثم جاء، فقال: "يا رسول الله، طهرني"، فقال: ويحك، ارجع فاستغفر الله وتب إليه))، قال: فرجع غير بعيد ثم جاء، فقال: "يا رسول الله، طهرني"، فشهد -رضي الله عنه- على نفسه أربع مرات بأنه فعل الزنا، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أبه جنون؟))، فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: اشرب خمراً، فقام رجل فاستنكهه، فلم يجد منه ريح خمر، فبعدها أمر به المصطفى -عليه الصلاة والسلام- فرجم.
وفي رواية للحديث: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لماعز بن مالك: ((أحق ما بلغني عنك؟))، قال: "وما بلغك عني؟"، قال: ((بلغني أنك وقعت بجارية آل فلان)) قال: "نعم"، فشهد أربع شهادات، ثم أمر به فرجم.
يقول راوي الحديث: "فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد"، يقول: "فما أوثقناه ولا حفرنا له، ثم صار الصحابة يرجمونه -رضي الله عنه- تنفيذاً لحكم الله وحكم رسوله بالحجارة والعظم والمدر والخزف، فلما أوجعته ضرب الحجارة -رضي الله عنه- تقول الرواية -وهي في صحيح مسلم-: إنه اشتد، أي هرب، يقول أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: "فاشتددنا خلفه"، يقول: "فأدركناه في الحرّة، فانتصب لنا، فرميناه بجلاميد الحرّة -يعني حجارة الحرّة- حتى سكت" رضي الله تبارك وتعالى عنه، أي: مات.
فبعد ما رجم صار الناس فيه فرقتين؛ قائل يقول: لقد هلك؛ لقد أحاطت به خطيئته، وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز؛ إنه جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فوضع يده في يده، ثم قال: "اقتلني بالحجارة"، قال: فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة، ثم جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم جلوس، فسلّم ثم جلس، فقال: ((استغفروا لماعز بن مالك))، قالوا: غفر الله لماعز بن مالك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم))، رضي الله عنه وأرضاه.
اللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا من المتطهرين، اللهم اغسلنا من خطايانا بالماء والثلج والبرد، اللهم نقنا من خطايانا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمينوفى الختام اشكر اخواننا فى المواقع الاسلامية الاخرى فى تسهيل مهمتنا
وارجو منكم. المشاركةولاتنسوا الناقل والمنقول عنه من الدعاء
أردت أن أضع الموضوع بين ايديكم بتصرف وتنسيق بسيط وإضافات.بسيطة مني اسأل الله العلي القدير أن يجعله في موازين. حسنات كاتبه .الأصلي .وناقله وقارئه
.ولا تنسونا من صالح دعائكم.واسأل الله.تعالى أن ينفع بها، وأن يجعل.العمل. خالصا لله موافقا لمرضاة الله،وان.يجعل من هذه الأمة جيلا عالما بأحكام .الله، حافظا لحدود الله،قائما بأمرالله، هاديا لعباد الله .
اللَّهُمَّ. حَبِّبْ إِلَيْنَا الإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ. إِلَيْنَا الكُفْرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصْيَانَ وَاجْعَلْنَا مِنَ .الرَّاشِدِينَ.
اللَّهُمَّ. ارْفَعْ مَقْتَكَ وَغَضَبَكَ عَنَّا، وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا بِذُنُوبِنَا مَنْ لاَ يَخَافُكَ فِينَا وَلاَ يَرْحَمُنَا
. اللَّهُمَّ .اسْتُرْنَا وَأَهْلِينَا وَالمُسْلِمِينَ فَوْقَ الأَرْضِ وَتَحْتَ الأَرْضِ وَيَوْمَ العَرْضِ عَلَيْكَ.
اللَّهُمَّ. اجْعَلْنَا مِنَ الحَامِدِينَ الشَّاكِرِينَ الصَّابِرِينَ. المُحْتَسِبِينَ الرَّاضِينَ بِقَضَائِكَ وَقَدَرِكَ وَالْطُفْ بِنَا يَا رَبَّ العَالَمِينَ
. اللَّهُمَّ. أَحْسِنْ خِتَامَنَا عِنْدَ انْقِضَاءِ آجَالِنَا وَاجْعَلْ قُبُورَنَا رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ يَا الله.
اللَّهُمَّ. بَارِكْ لَنا فِي السَّاعَاتِ وَالأَوْقَاتِ.. وَبَارِكْ لَنا فِي أَعْمَارِنا وَأَعْمَالِنا
تَقَبَّلْ مِنَّا صَالِحَ الأَعْمَالِ وَاجْعَلهَا خَالِصةً لِوَجْهِكَ الكَرِيمِ
.ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب
.ربنا آتينا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار
..وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم
.وإلى لقاء جديد في الحلقة القادمة إن شاء الله،والحمد لله رب العالمين.* اللهم اجعل ما كتبناهُ حُجة ً لنا لا علينا يوم نلقاك ** وأستغفر الله * فاللهم أعنى على. نفسى اللهم قنا شر أنفسنا وسيئات أعمالناوتوفنا وأنت راضٍ عنا
وصلي الله على سيدنا محمد واجعلنا من اتباعه يوم القيامة يوم لا تنفع الشفاعة الا لمن اذن له الرحمن واجعلنا اللهم من اتباع سنته واجعلنا من رفاقه في. الجنة اللهم امين
اللهم. انا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ... ونسألك ربي العفو والعافية في الدنيا والاخرة ..
اللهم .أحسن خاتمتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة
اللهم. أحينا على الشهادة وأمتنا عليها وابعثنا عليها
الهنا قد علمنا أنا عن الدنيا راحلون، وللأهل وللأحباب مفارقون، ويوم القيامة مبعوثون، وبأعمالنا مجزيون، وعلى تفريطنا نادمون، اللهم فوفقنا للاستدراك قبل الفوات، وللتوبة قبل الممات، وارزقنا عيشة هنية، وميتة سوية، ومرداً غير مخز ولا فاضح، واجعل خير أعمارنا أواخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم نلقاك، برحمتك يا أرحم الراحمين!وصلِّ اللهم على محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأبرار، وصلِّ اللهم على محمد ما تعاقب ليل ونهار، وعلى آله وصحبه من المهاجرين والأنصار، وسلِّم تسليماً كثيراً، برحمتك يا عزيز يا غفار!
اللهم ارزق ناقل الموضوع و قارئ الموضوع جنانك , وشربه من حوض نبيك واسكنه دار تضيء بنور وجهك أسأل الله جل وعلى أن يوفق جميع من في المنتدى والقائمين عليه , وأسأله تعالى ألا يحرمكم أجر المتابعة والتنسيق ,
قال جل ثنائه وتقدست أسمائه { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } المائدة
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً , ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً } رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه
وقال صلى الله عليه وسلم " فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب " يعني صلى الله عليه وسلم أن الذي يمشي في ظلمة الليل فالقمر خير له من سائر الكواكب , فهو يهتدي بنوره
يقول الشافعي رحمه الله " تعلم العلم أفضل من صلاة النافلة " ذكرها الذهبي رحمه الله في سيره
أقول يأخواني أنتم على ثغر عظيم , نسأل الله أن يثبتنا ولا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا , ونسأله تعالى أن يهدينا لأحسن الأقوال والأعمال إنه ولي ذلك والقادر عليه ,
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين
ونسال الله تعالى أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل
والحمد لله رب العالمين